بحث عن حق الطفل فى التعليم - بحث علمى عن حق الطفل فى التعليم كامل بالتنسيق
لما كانت مرحلة الطفولة هى مجال إعداد وتدريب الطفل للقيام بالدور المطلوب منه فى الحياة، ولما كانت وظيفة الإنسان هى أكبر وظيفة، ودوره فى الأرض وهو أضخم دور، اقتضت طفولته مدة أطول، ليحسن إعداده وتدريبه للمستقبل، ومن هنا كانت حاجة الطفل شديدة لملازمة أبويه فى هذه المرحلة.
ولما كان الأطفال هم أغلى ذخيرة على وجه الأرض وهم عدة المستقبل، فقد جاءت السنة تحض الأبوين على العناية بهم، وحسن تربيتهم وتأديبهم وتهذيبهم، والرفق بهم والعطف عليهم.
كما جاء الأمر فى السنُّة، بتعليم الأطفال كل ما يعود عليهم بالنفع فى الدنيا والآخرة وأول شيء يلقن لهم ويلقى فى أسماعهم، أعذب الكلام وأطيبه وهو ذكر الله سبحانه وتعالى.
ويتعين على الأبوين مواصلة تعليم الطفل وتربيته، بحسب ما تقتضيه مراحل نموه فَيُعَلَّم كيفية النطق، ثم الكلام، ثم يؤخذ بتعليمه القراءة والكتابة ومعرفة أمور دينه، وتدريبه على حفظ القرآن والحديث، لما يحصل به من رسوخ الإيمان فى القلب وتهذيب النفس، فحفظ القرآن هو الأصل الذى ينبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات.
ويحسن تعليم الأطفال كل ما ينفعهم ويعمل على تفتيح أذهانهم وتقوية أبدانهم، ونجد أمير المؤمنين عمر الفاروق رضى الله عنه يقول:"علموا أولادكم السباحة والرمى ومروهم فليثبوا على الخيل وثبا ".
ومن ذلك أنه ينبغى تعليمهم الصلاة وترغيبهم فى العبادة.. قال صلى الله عليه وسلم "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر وفرقوا بينهم فى المضاجع " (105).
والأطفال قبل تعلم القراءة والكتابة ينتحلون كثيرا من الأفكار والآراء، فينبغى للمربى أن يتوخى الحكمة فى تعليم الأطفال، فأول شىء يبتدئ به هو النظر فى اختيار أمثل ما يودعه فى نفوسهم من المعارف، ثم فى اختيار أمثل الطرق لإيصال ذلك إلى أذهانهم الخالية، ونقشه فى ألواح نفوسهم الصقيلة. وعليه أن يتجنب القسوة والشدة وكل ما من شأنه تنفيرهم من التعليم وعزوفهم عنه، بل ينبغى للمعلم فيمن يعلمه، والوالد فى ولده، أن يأخذهم باللين والشفقة والرحمة.
السن الذى يبدأ منه تعليم الطفل وتأديبه:
!ذا كان النبى صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى فى الرأفة والرحمة بالأطفال، فقد أرشد إلى السن التى يبدأ فيها تأديب الطفل وتعليمه، فقال فى حديث طويل: "فإذا بلغ ست سنين أُدب " (106).
وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تأديب الطفل حق من حقوقه على والده فقال: "من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه" (107).
وعن أبى سعيد وابن عباس- رضى الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه، فإذا بلغ فليزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما ، فإنما إثمه على أبيه " (108).
وقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام مدى رسوخ العلم فى الصغر ومدى ما يكون له من أثر، وأوضح الفرق بين التعلم فى الصغر والتعلم فى الكبر. فقال صلى الله عليه وسلم " من تعلم وهو شاب كان كوشم فى حجر؛ ومن تعلم العلم بعدما يدخل فى السن، كان كالكاتب على ظهر الماء " (109) .
والمصطفى عليه الصلاة والسلام يزف البشري لكل من يقبل على العلم والمعرفة عند أول نشأته، فيبين ما أعد الله له من الثواب العظيم والدرجات العلا والشرف الرفيع، فقد روى أبو أُمامة الباهلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما ناشىء نشأ فى طلب العلم والعبادة حتى يكبر وهو على ذلك كتب الله له أجر سبعين صديقا " (110).
وهذا الفضل العظيم والثواب الجزيل، والمكتمل فى أسمى الدرجات وأعلى المراتب ليس مقصورا على الناشئ فى العلم وحده، فإن لمن يقوم على تعليمه الكثير من الفضل والأجر، حيث قال صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها وأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، وأعتقها فتزوجها، فله أجران …" الحديث (111).
والنبى صلى الله عليه وسلم يهتم بنشر العلم والمعرفة للكبار والصغار والنساء والرجال، ولكنه يحرص على تعليم الصغار، ويظهر ذلك جليا فى فداء أسرى بدر حيث جعل فداء الأسير الذى لا يجد مالا، تعليم عشرة من أبناء الأنصار.
فقد جاء فى الطبقات الكبرى لابن سعد: أن النبى صلى الله عليه وسلم أسر يوم بدر سبعين أسيرا وكان يفادى بهم على قدر أموالهم وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم فإذا حذقوا فهو فداؤه (112).
1. احمد بدوي/ معجم المصطلحات العلوم الاجتماعية/مكتبة لبنان – بيروت – 1978
2. ابن منظور محمد /لسان العرب/حرف الفاء/فصل الثاء المثلثة
3. /محمد عبد الكريم الجزائري، الثقافة ومآسي رجالها، شركة الشهاب، الجزائر، ص:9-11
4. سامية حسن الساعاتي ،الثقافة والشخصية ،دار النهضة العربية،بيروت 1983 سامية حسن الساعاتي ،الثقافة والشخصية ،دار النهضة العربية،بيروت 1983 سامية حسن الساعاتي ،الثقافة والشخصية ،دار النهضة العربية،بيروت 1983 م