بحث عن حق الطفل فى النظافة - بحث شامل عن حق الطفل فى النظافة كامل بالتنسيق
تولي الشريعة الإسلامية عنايتها بالطفل، فتدعو إلى القيام بالكثير من الواجبات نحوه، مما يترتب عليه حمايته ووقايته وسلامته من الأمراض، فتؤكد على إزالة كل ما من شأنه التأثير على صحته ونموه.
وإذا كانت الشريعة الإسلامية تدعو إلى النظافة، فلا غرو أن توجب هذه الشريعة أمورا تتعلق بإزالة الأذى عن الطفل منها: الختان، وحلق الرأس، وبذل الوسع فى نظافة بدنه وثوبه. وقد جاء فى الأثر"إن الله نظيف يحب النظافة " ( 42).
أولا: الختان:
الختان هو موضع القطع من الذكر والأنثى، وختن الصبى ختنا وختانة، يقال ختن الصبى يختنه بكسر التاء (أو بكسر عين الفعل فى المضارع) أى قطع قلفته، ويقال ختنت الصبية، فهو مختون وهو وهى ختين(43).
والختان، من محاسن الشرائع التى شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده، الظاهرة والباطنة، فهو مكمل الفطرة التى فطرهم عليها. وقد ورد الكثير من النصوص التى تحث على الختان، وتبين أهميته.. فيما يرويه أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط ، وقص الشارب، وتقليم الأظافر" ( 44).
وقد جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما فى تأويل قوله تعالى: ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) (45)0 أنه ابتلاه بالطهارة، وهى خمس فى الرأس وخمس فى الجسد، فالتى فى الرأس:
1- قص الشارب .
2- المضمضة .
3- الاسشتنشاق.
4- السواك.
5- فرق الرأس.
والتى فى الجسد:
1- تقليم الأظافر.
2- حلق العانة 0
3- الختان.
4- نتف الإبط.
5- غسل أثر الغائط والبول بالماء ( 46).
ولهذا ذهب فريق من الفقهاء إلى القول بأن الختان واجب على كل مسلم. وعندهم أن من لم يختتن ترد شهادته، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يكون للناس إماما (47).
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من أسلم فليختن وإن كان كبيرا " (48).
وروى ابن المنذر، من حديث أبى برزة، عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الأقلف (49) "لا يحج بيت الله حتى يختتن ".
وإذا كانت الشريعة قد أوجبت الختان للذكر.. فإنها قد جعلته مستحبا للأنثى. وقد ورد بيان كيفية ختان الأنثى وجانب من قوله فى حديث أم عطية قالت: أمر النبى صلى الله عليه وسلم الخاتنة فقال: " إذا ختنت فلا تنهكى، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل" (50).
وقد أكد الإسلام على أهمية الختان، لما فيه من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة، وتعديل الشهوة التى إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوان، وإن عدمت بالكلية ألحقته بالجماد.. فالختان يعدلها.
فوائد الختان:
لقد أثبت الطب الحديث فوائد الختان ومنافعه الكبيرة والكثيرة، ومنها:
1- عدم تراكم المفرزات العَرَقية والدهنية بين الحشفة وجلد القضيب التى تؤدى إلى التهابات جلدية أو التهابات تحسسية.
2- عدم تراكم آثار البول، الذى يؤدى إلى احمرار جلدى.
3- عدم تراكم آثار المفرزات المنوية وعودتها من جديد إلى الإحليل، مما يسبب التهابات إحليلية قد تسبب تضييقا فى مجرى البول، أو التهابات تناسلية.
4- يعرى الحشفة فيزيد من حساسية القضيب أثناء الجماع.
5- يمنع انتقال بعض الأمراض الجلدية إلى الأنثى أثناء الجماع (51).
وإذا كان قد ثبت أن للختان فوائد كثيرة للذكور، والتى جاءت ثمرة لأوامر الشريعة، فإنها كذلك فى حق الإناث ومن هذه الفوائد:
أ) اجتناب خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، فقد وجد أن الإصابة بسرطان الرحم تقل بين النساء اللواتى قد ختن أزواجهن، وأظهرت دراسات إحصائية فرقا فى معدل الإصابة بسرطان عنق الرحم بين النساء وفقا لديانات أزواجهن، فإن ظهوره يندر بين النساء اللواتى تم ختان أزواجهن، وفقا لتعاليم الإسلام.
ب) الإصابة بالالتهابات المهبلية: تعتبر الثنايا الجلدية (القلفة) فى القضيب الذى لم يختن جيبا حاضنا للجراثيم التى قد تجد طريقا إلى داخل المهبل أثناء الجماع، فتحدث التهابات خطيرة لاسيما إن كانت جراثيم مرضية.
جـ) ضعف التحسس الجنسى: هناك بعض التقارير تشير إلى أن الحساسية الجنسية تزداد عند المرأة المتزوجة برجل مختتن أكثر من المتزوجة بغير المختتن.
ومما تقدم من فوائد الختان التى قررها الأطباء المختصون، والأضرار الناشئة من إهماله وعدم القيام به، يتبين لنا سمو تعاليم الإسلام إزاء عملية الختان، وأنها جاءت بهذه السنة قبل أن يكتشف الطب ما اكتشف.
وإن الطب ما زال يكتشف المزيد من الفوائد، مما جاء به الإسلام من تعاليم وحسبك أنها تعاليم الحكيم الخبير.
ثانيا: حلق الرأس:
ومن مظاهر عناية الشريعة بالطفل، الاهتمام بنظافته وإزالة كل ما قد علق به فى بطن أمه، ومن أهمها شعر رأسه، حيث أمرت بإزالته، لأن بقاءه يلحق ضررا به، لأنه يغلق مسام الرأس، ويمنع خروج الأبخرة التى تتصاعد من البدن، فبإزالته تقوى أصول الشعر، وتتفتح المسام ويمنع تكون القشور، وبذلك يحدث تنشيط لفروة الرأس.
ولهذا أمر النبى صلى الله عليه وسلم بحلق رأس المولود يوم سابعه، قالت عائشة- رضى الله عنها- "عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رأسيهما الأذى " (52).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سابع المولود بتسميته وعقيقته ورفع الأذى عنه"(53).
وعن مسرة بن جندب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى" (54).
على أن عناية الشارع لم تكن مقصورة على الطفل فحسب. بل أراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يجعل من قدوم المولود فرصة للبذل والعطاء، وإدخال السرور على المساكين والفقراء، حتى لا تكون الفرحة والسرور مقصورة على أسرة الطفل. بل تتعدى إلى من حولهم من المعوزين والمحتاجين، وليكن فى هذا تعبير من الأسرة عن شكرهم وامتنانهم لله تبارك وتعالى، بما رزقهم من الذرية، فتطيب نفوسهم بهذا النوع من البر والإحسان.
ولهذا.. أمرنا الرسول الكريم- بعد حلق شعر المولود- بالتصدق بزنته من الفضة. وفى هذا يقول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة عندما ولدت الحسن: "يا فاطمة احلقى رأسه وتصدقى بزنة شعره فضة" (55).
وعن أنس بن مالك،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحلق رأس الحسن والحسين يوم سابعهما، فحلقا وتصدق بوزنهما فضة (56).
وعن محمد بن على بن الحسين قال: "وزنت فاطمة بنت رسول الله شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة" (57).
فالسنة الثابتة إذن، إنما جاءت بحلق رؤوس المواليد، والتصدق بوزنها من الفضة لا فرق بين الذكور والإناث، ولا يلتفت إلى ما ذهب إليه بعض الفقهاء، من أن المفضل فى التصدق هو الذهب، فإن لم يوجد فيكون التصدق بوزن الشعر من الفضة (58).
ثالثا: نظافة جسم الطفل بوجه عام:
من المبادئ السامية للشريعة الإسلامية مبدأ النظافة التى يتحقق من خلالها حماية الإنسان من الأمراض، لأن الوقاية خير من العلاج.
وإذا كان الإنسان مأمورا بنظافة جسده، وإزالة الأدران والأوساخ منه بوسائل التنظيف المختلفة، فجاء التشريع بوجوب الغسل وتقليم الأظافر، وحلق الشعر، فلا غرابة أن يحث التشريع على العناية بنظافة الطفل الذى هو نواة الإنسان حتى ينشأ نشأة صحية، ويشب قويا موفور العافية سليم البنية.
ولهذا.. كان نبى الرحمة، ورسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، يشفق على الأطفال ويترفق بهم ويحرص على تنظيفهم... فقد روى عنه، أنه عندما أصيب أسامة بن زيد رضى الله عنه بشجة فى وجهه، أمر عائشة بتنظيفه، فكأنها استقذرت ذلك: فضرب النبى صلى الله عليه وسلم على يدها- وأخذ الطفل منها، وتولى بيده الشريفة تنظيفه وقبله. الحديث ( 59).