الصقالبــــــــــــــــــــــة في الأندلـــــــــــــــــس
كان الجغرافيون العرب يطلقون هذه التسمية على سكان البلاد المتاخمة لبحر الخرز بين القسطنطنية وبلاد البلغار ثم اكتسب اللفظ مدلولا خاصا في أسبانيا الاسلامية فصار يطلق اولا على أسرى الحرب الذين كانوا يقعون في أيدي الجرمان ويباعون للمسلمين في شبه الجزيرة وكان لفظ الصقلبي ينسحب في عصر الرحالة ابن حوقل في القرن العاشر على الرقيق الذين من أصل أجنبي سواء في ذلك من كانوا من بلاد أوروبا او من أسبانيا ذاتها وكانوا ينخرطون في سلك الجندية أو يتخذون لخدمة الحرم في القصور فقد كانوا يخصونهم وكان لتجار اليهود على خد تعبير المستشرق الهولندي دوزي معامل للخصى أهمها معمل فردن في فرنسا (1) فكانوا بعد خصيهم يجلبون الى الأندلس ويباعون فيها وينشئون تنشئه خاصة فيتعلمون العربية وفنون الفروسية ويتأدبون بآداب المجتمع الأندلسي .وازداد عددهم زيادة كبيرة بحيث بلغوا في عهد الناصر لدين الله بقرطبة 13750 وفكت رقاب كثير منهم و سمعت منزلهم في المجتمع فأثروا وملكوا الأراضي واتخذوا الحشم والعبيد .ونبغت طائفة منهم في العلم والأدب فكان منهم الشعراء والكتاب وقد خصهم جيب الصقلبي بكتاب ذكر فيه مآثرهم سماه {كتاب الاستظهار والغالبة على من أنكر فضائل الصقالبة } .وعظم شأنهم في أيام الناصر فتولوا المناصب الهامة وقيادة الجيوش ولم يترددالناصر في أن يعهدالى نجدة الصقلبي بقيادة الجيش الذي وجهه الى ملك ليون في سنة 327 . واستثكر منهم الحكم المستنصر فاشتدت شوكتهم وكان لفائق وجؤذر دور هام في عهده وفي عهد ابنه هشام .
على أنهم كانوا شؤما على الخلافة القرطبية كما كان البربر فقد خاضوا غمار الفتن التي اندلعت في اواخر القرن العاشرينصرون فريقا على فريق .ولما توزعت الطوائف في الأندلس استأثر الصقالبة بشرق الأندلس وأنشأوا فيه الممالك ,فكان في بلنسية الصقلبيان مبارك والمظفر وفي طرطوشة لبيب وفي دانية أبو الجيش مجاهد وفي المرية خيران وزهير .
والظاهرؤأن الصقالبة لم يذوبوا في المجتمع الأندلسي بل كان لهم كيانهم الخاص الذي جعل فريقا منهم يتعلقون بالشعوبية ويدعون لها ويمثلهم في تلك النزعة ابن غرسية برسالته التي كتبها في الطعن على العرب .
ويرى المستشرق الأسباني خليان ربيرا أن الصقالبة يمثلون العنصر الأوروبي في المجتمع الأندلسي (1) ومن طريقهم انتقلت بعض الصور الشعرية التي شاعت في الأندلس الى البيئات الاوروبية وأثرت فيها .
ومجمل القول أن الأندلس كانت تؤلف مزيجا من العناصر البشرية المتبانية التي ساهمت بعقلياتها المختلفة في تكوين البيئة الثقافية الأندلسية مما كان له
أثره في النهضة العلمية و الأدبية وتطورها