اذا كان المدجنون يمثلون الاسلام الذي يحافظ على كيانه في نطاق المجتمع المسيحي فان الموريسكيين تقلبت بهم الأحوال فتنصر منهم من تنصر وحافظ
بعضهم على دينه مظهرا النصرانية ومبطنا الاسلام دون أن يروا في ذلك غضاضة اذ كانوا يذهبون التقيه أخذا من قوله تعالى (الا من أكره وقلبه مطمئن
بالايمان ). وتاريخ الموريسكيين هو تاريخ الصراع بين اسبانيا الغالبة الموحدة وفلول العنصر العربي المغلوب بعد سقوط غرناطة وقد بدأ أول فصل منفصول ذا
التاريخ في القرن السادس عشر حين رأىالمدجنون أنفسهم وقد أكرهوا على التنصر والا تعرضوا للتعذيب أوالنفي بذلك ظهرت المشكلة الموريسكية التي شغلت
ملوك اسبانيا نحو قرن من الزمان واهتز لها كيان المجتمع الاسباني اذ لم يندمجوا فيه الاندماج الكامل الذي يجعلهم يفنون فيه بل كانوا يشعرون بأنهم
ورثة حضارة أصيلة لها أمجادها الذكورة في شبه الجزيرة فظلوا لذلك شجى في حلق السلطات الحاكمة لاتكاد تخبو نار ثورتهم حتى تشتعل مرة أخرى .
والموريسكيون على صنفين صنف الأحرار وجلهم من أهل غرناطة يعيشون بين ظهراني المسيحيين ويتزينون بأزيائهم ويتكلمون لغتهم ثم صنف الأتباع
وأكثر هؤلاء كانوا يقيمون في بلنسيه وأرغون وكانوا يستمتون بقدر من الحرية الدينيةلايستمتع به أولئك .وأول حركة قام بها الموريسكيون تمثلت في ثورة
وبسطة ووادى اش وغيرها حتى اضطر الملك فرناندو أن يتدخل بنفسه لقمعها وعلى اثرها صدر في الحادي عشر من فبراير سنة 1502أمر يقضى على
المسلمين بأن يخرجوا من أسبانيا أو يتركوا دينهم مما أفضى بكثير منهم الى اظهار النصرانية .وفي عهد دنيا خوانا ضربت لهم الحاكمة أجلا أمده ستة أعوام
يكفون بعده عن ليس ثيابهم ثم مد الاجل عشرة أعوام أخرة وصدر مثله في عهدكارلويدس الأول (1518) ولكنهم لم يعبأوا بذلك كله فأخذوا بالشدة
وحرم عليهم في سنة 1525 الخروج من الأحياء التي يقيمون فيها والعمل في أيام الأعياد والأذان للصلاة ثم ألزموا بأن يحملوا علامات تدل عليهم كأن
يضعوا في قبعاتهم قطعة من القماش الأزرق في صورة هلال وفرض عليهم التعميد في اليوم الثامن من شهر ديسمبر من ارتفعت الأصوات تلك السنة وكان على
أهل بلنسية أن يخرجوا من أسبانيا يوم 31 ديسمبر أما سكان سائر الامصار فضرب لهم أجل في يناير سنة 1526 وعند ئذ سألوا انتهى الأجل عقد في
مدريد اجتماع لبحث المشكلة المور يسكية وكان من نتائجه أن حرم عليهم التكلم بالعربية واستخدم الحمامات واقامة الحفلات غير أن هذا أفضى بهم الى
ثورة أشعلوها في البشرات كانت الحرب فيها سجالا بينهم وبين الجيش الأسباني وانهزم فيها القائد بحيث لم يطفىء جذوتها الا دون خوان دي أوستريا
.وعلى الرغم من ذلك كله لم يقرر الملك فيليب الثاني طردهم وان كان قدحاول ذلك وظل الأمر على هذا النحو الى أن اصدر فيليب الثالث في1609
مرسوما بهذا المعنى أشار اليه به دوق دي ليرما والقس خوان دي ربيرا مؤثرا بذلك التضحية بالثروة التي يمد بها الموريسكيون البلاد في سبيل الوحدة
الدينية المزعومة وتوطيد سلطان الملكية وقد كان لهذه الحركة وقعها في النفوس مما تدل عليه الكتب والرسائل التي كتبت فيما بين سنتي 1610 و
1613 ذلك أن الموريسكيين كانوا يعدون جزءا من اسبانيا وامتداد لشعبها وقد ورثوا عن المدجنين البراعة في الصناعات اليدوية والولع بزراعة الأرض وفي
القرن السادس عشر ارتفعت الأصوات باستنكار اجراءات التفتيش وخاصة منأصحاب الآراضي في أرغون لأن الموريسكيين كانوا عمد الزراعة والقائمين عليها
.ومن الذين اشتهر ذكرهم بالاحتجاج على ماتعرض له القوم دون سانشو دي كاردونا أمير أرغون الذي أدانه المجتمع المقدس لافراطه في التسامح مع
الموريسكيين حيث اذن لهم باقامة مسجد في ادزانيتا Adzaneta وقيل انه فكر في أن يلجأ الى البابا بل الى سلطان تركيا ليحتج على ماكانت تعمد
السلطات الحاكمة اليه من تعميد الموريسكيين في بلنسيه رغم أنوفهم