الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: سياحه - الملك الحاجب المنصور الأربعاء 17 مايو - 0:28
إسم بارز في تاريخ المسلمين عامة وفي تاريخ الأندلس خاصة .... رجل ملك من الهمة ماعجز على أن يحمله أحد ... رجل قوي الإيمان ، قوي الإرادة ... ذا طموح عال ..
رجل جعل العدل نصب عينيه ... رجل حيّر أعدائه ... بل أعجزهم .. فليت شعري ماذا أقول عن هذا الفارس المسلم .
من هو .... نسبه :
كان معروف بأبي عامر وهو محمد بن عبدالله بن أبي عامر محمد بن الوليد بن يزيد بن عبدالملك المعافري ، دخل جده عبدالملك إلى الأندلس مع القائد طارق بن زياد فأظهر شجاعة وبسالة .
مولـــــــــده : ولد محمد سنة 326 هــ في منطقة الجزيرة الخضراء في بلدة طرش .
نشأتــــه : تربى محمد تربية حسنة فلما بلغ الرشد اتجه إلى قرطبة وأخذ يدرس في جامعها كافة العلوم ، وكان حريصا على العلم بالرغم من فقره ، فقد كان يعمل أكّارا يحمل أمتعة الناس .
بدايــــة حياته السياسيــــة : اشترك في جيش الدولة في عهد الخليفة الأموي الحكم المستنصر كجندي وأظهر شجاعة عظيمة مما أدى إلى تدرجه السريع في المناصب فتولى قيادة الشرطة وأمانة السكة وتولى قضاء بعض
النواحي بكورة ريّه ثم الإشراف على أموال الزكاة والمواريث في اشبيلية ثم جعله الخليفة الحكم وكيلا لولده هشام المؤيد بالله ولي العهد فازداد نبوغ هذا الفتى واستمر بترقّي المناصب إلى أن
أصبح في عداد الوزراء (( لا ننسى دور السيدة صبح جارية الخليفة الحكم وأم ولده هشام لأنها أعجبت بكفاءة أبي عامر وفطنته وذكائه واتقانه لعمله ، فكان لها دور عظيم في تقوية مركزه
لدى الخليفة )) .
عندما توفي الحكم رحمه الله تولى ابنه الصغير هشام المؤيد بالله الخلافة وكان عمره 11 سنة فقط (( انظروا سوء التصرف والغفلة من الحكم سامحه الله ولّى أمر البلاد لابنه البالغ 11
سنة فهو لم يحسب للقادم حساب فهذا من الأسباب الرئيسية التي سرّعت سقوط الأندلس فكما فعلها الحكم المستنصر فعلها آخرون من بعده ولا حول ولا قوة إلا بالله ألا وهو تولية البلاد لمن
ليس بكفئ لها كصغرسنه ، وقلة عقله ، وعدم صلاحه )) .
تشكل مجلس وصاية فورا مكون من ثلاثة أشخاص ليسوا من البيت الأموي هم :
1- جعفر بن عثمان المصحفي وزير الدولة الأموية والحاجب
2- غالب بن عبدالرحمن الناصري قائد الجيوش الأموية
3- محمد بن أبي عامر قائد الشرطة في قرطبة ووكيل الخليفة هشام .
هناك عدة أمور حدثت دلت على ذكاء أبي عامر وحسن تصرفه فكانت سببا في صعوده على عرش الاندلس : 1- حدث أمر خطير بعد وفاة الحكم ، فالحرس الخاص للخلافة وكانوا يدعون الصقالبة لم يرضوا أن يولّى هشام الخلافة بحجة صغر سنة وخوفا على نفوذهم بالقصر (( والله أعلم ))
واجمعوا على اختيار المغيرة بن عبدالرحمن الناصر عم هشام الذي يبلغ من العمر 27 عاما ومن ثم يكون هشام ولي لعهده ، فعلم أبو عامر بالمؤامرة فاتجه مع مجموعة من شرطته إلى منزل
المغيرة فقتله وبدّل حرس الخليفة بجنود موالين له .
2- لما مات الحكم هاجم نصارى الشمال قلعة رباح فارتكبوا فيها الجرائم من قتل وذبح وسلب ونهب ، ولم يقم الحاجب المصحفي بأي أمر حيال ذلك ، فتكفل أبو عامر بقيادة جيش لردع
النصارى ودحرهم ، فاتجه إلى ديار النصارى إلى قلعة الحامة من حصون جليقية فصال وجال فيها ثلاث وخمسين يوما غنم الأموال وسبى الكثير فأخذ يوزع الغنائم على جنوده فانتشر أمره
وذاع صيته بين العامة .
أيضا في نفس العام اتجه مع غالب الناصري وغزوا معا النصارى في الشمال فانتصرا نصرا عظيما فغنما وسبا الكثير فأصبح أبو عامر هو الرجل الوحيد في أعين العامة وأحبوه حبا شديدا .
3- بدأ أبو عامر في تقوية نفوذه ومركزه فخطب ابنة غالب الناصري (( أسماء )) وتزوجها ليتقرب إلى الناصري .
فغزا مع عمه سنة 367 هـ بلاد النصارى وجالا معا أياما وليالي في بلادهم حققوا فيها انتصارات تلو الأخرى وفتحوا الحصون ومنه حصن (( شلمنقة )) وعندما عاد إلى قرطبة أصدر
الخليفة أمرا بتعيين أبي عامر حاكما على قرطبة ثم أصدر الخليفة أمرا آخرا بتأثير من أمه (( صبح )) على جعل غالب الناصري وزيرا ثانيا مشاركا للمصحفي (( ولربما أراد أبو عامر هنا
أن يقوّي شوكة الناصري على المصحفي كي يتخلّص من الأخير )) .
فأصدر الخليفة أمرا بتنحية المصحفي وسجنه في سجن المطبق في الزهراء لخيانته وتلاعبه بأموال الدولة (( والله أعلم )) وظل في سجنه إلى أن مات ، أيضا عاقب من أبناءه وأصحابه وطالبهم
بالأموال التي أكلوها بالباطل فكانت نكبة عظيمة سميت بنكبة المصاحفة (( فهي تذكرنا بنكبة البرامكة في عهد هارون الرشيد )) ...... التاريخ يعيد نفسه من جديد .....
4- أصدر الخليفة بعدها أمرا بتعيين أبي عامر حاجبا ووزيرا للدولة بديلا عن المصحفي ، هنا ولّى أبو عامر قيادة الجيش لأحد أتباعه : جعفر بن علي بن حمدون الملقب بالأندلسي .
فأصبح أبو عامر هو الحاجب الخاص للخليفة أي كل كبيرة وصغيره تحدث يعلم بها أولا وتلقّب فيما بعد بالمنصور .
5- أنشأ الحاجب المنصور مدينة الزاهرة سنة 368 هـ واكتمل بناؤها في عامين أي سنة 370 هـ فجعله مقرا له ولأنصاره ونقل لها الدواوين فأصبحت منافسة للزهراء .
من هنا أصبح الحاجب المنصور هو الحاكم الفعلي للأندلس وجعل الخليفة اسما فقط أي له السلطة الروحية وتلقب بالملك المنصور .
6- أستطاع المنصور أن يقوي جند الحضرة أي جيش العاصمة وأخذ يغدق عليهم الأموال والنعم حتى صاروا طوعا لإرادته وهكذا صار جيش الدولة مقسما إلى قسمين : الجيش المرابط في
الثغور بقيادة غالب ، والجيش المرابط في العاصمة بقيادة المنصور وهنا رأى المنصور أن يشارك غالب في الحروب الشمالية مع النصارى والتقى القائدان عند حصن من حصون انتيسه في الثغور
الشمالية ، فدعاه غالب إلى وليمة هناك ودار بينهم نقاش سرعان ماتحول إلى سباب فما كان من غالب إلى أن أخرج سيفه وضرب المنصور محاولا قتله فأصابه بجرح ولكن المنصور أستطاع أن
يقفز بفرسه من القلعة وأن ينجو بأعجوبة ، وأيقن غالب أن المنصور لابد وأن يعود بجيشه للانتقام ، فأخذ يستعد لمجابهته وتحالف مع بعض ملوك الدول الاسبانية الشمالية (( انظروا
الخيانة )) وفي سنة 371 هـ وقعت الوقعة الفاصلة بين الرجلين ، أظهر غالب شجاعة وبراعة رغم كبر سنه الذي قارب الثمانين ، وحدثت المعجزة حينما سقط غالب ميتا على فرسه
خلال المعركة ولا أثر لشئ من السلاح في جسده (( رحمه الله وعفا عن )) .
7- تحول المنصور إلى القائد جعفر بن حمدون أكبر معين له على غالب فنادمه ليلة وسقاه خمرا حتى أسكره ثم أرسل من قتله في الطريق وهكذا تخلص المنصور من منافسيه .
سؤال : لماذا لم يتلقب الملك المنصور بالخليفة ولو أراد لفعل ؟ لأنه رجل ذكي خرج من العامة ويعرف مدى تعلق العامة بالخلافة الأموية والتضحية من أجلها لذلك لم يتلقب بالخليفة لئلا يستفز العامة عليه . ثارت في عهده ثورات عدة في المغرب منها ثورة زيري بن بلكين البربري و الحسن بن جنون فأستطاع المنصورإخضاعها والقضاء عليها .
جهــــــــــاده ضد النصارى في شمال أسبانيا : كان المنصور رحمه الله يغزو غزوتين في الربيع وفي الخريف ( الصوائف والشواتي ) ، وكان يقود الجيش هو بنفسه ، بلغت غزواته سبعا وخمسين غزوة باشرها كلها بنفسه ولم تهزم له
راية قط طوال فترة حكمه .
حارب المنصور في جبهات النصارى المتعددة : في قشتالة وليون ونبرة وقطالونيا ز وأنزل ببلاد النصارى خسائر فادحة ، ووصل فيها إلى مالم يصل إليه ملك من ملوك المسلمين السابقين فدانت
له أسبانيا شمالا وجنوبا .
ومن أهم غزواته الحملة التي شنها على برشلونة وقطالونيا في شمال شرق اسبانيا سنة 374 هـ والحملة التي شنها على جليقية في شمال غرب اسبانيا سنة 387 هــ .
أما الحملة الأولى حملة برشلونة وقطالونيا ، فقد خرجت من العاصمة قرطبة ولم يجرؤ حاكمه بريل الثاني على مواجهة المنصور وانقاذ المدينة من براثنه .
أما حملة جليقية فكان غرض المنصور منها هو غزو مدينة شنت ياقب ( سنتياجو ) فهي مدينة مقدسة لدى النصارى تأتي بعد القدس وروما في قداستها ولهم أساطير ومزاعم حول هذه المدينة
بأنها تعود إلى أحد الحواريين الاثني عشر وأنه مات ودفن فيها فعندما دخل المنصور المدينة وجدها خالية فقد فرّ سكانها منها فأمر بتدميرها وتدمير كنيستها ولكنه حافظ على مقام
القديس احتراما للتقاليد الاسلامية وعاد المنصور محملا بالأسرى والغنائم التي كان من بينها أبواب الكنيسة ونواقيسها فاستخدمت الأبواب في تسقيف الجزء الذي زاده في جامع قرطبة ،
كما استعمل النواقيس ثريات المسجد .
كان من نتائج هذه الحملات ان اكتسب المنصور شعبية كبيرة بين المسلمين وزادت هيبته وسطوته داخل وخارج البلاد .
ورد عن المنصور أنه كان يجمع الغبار العالق في ثيابه وأسلحته من آثار غزواته وأوصى أن تدفن معه لتكون شاهدة له عند الله يوم الحساب . جزاه الله عن الإسلام والمسلمين كل خير .
أعمال المنصور المعمارية والإدارية : اثبت المنصور بأنه رجل إداري قدير يشرف بنفسه على كل صغيرة وكبيرة من شؤون الدولة وقد اهتم باأمن وضبطه في البلاد واغلق باب الشفاعات في مرتكبي المعاصي والجرائم وأقام فيهم
حدود الله بدون استثناء ، وبذلك قلّت الجرائم والاضطرابات في عهده .
أما أعمال المنصور المعمارية فكثيرة منها مدينة الزهراء وقد تم ذكرها آنفا , أيضا تلك الزيادة بطول المسجد الكبير في قرطبة من جهته الشرقية ، ومن منشآته أيضا قنطرة قرطبة التي بناها
على الوادي الكبير 389 هـ ، وقنطرة استجه على نهر شنيل وسط الجبال ، ولم تقتصر سياسة التعمير على بلاد المسلمين فحسب ، بل شملت أيضا بلاد النصارى التي غزاها ولا سيما
القريبة منها للحدود الاسلامية .
وفي عهده رحمه الله بلغت قرطبة أوجّ حضارتها في كافة النواحي والمجالات .
وفاتـــــه : مات المنصور في 27 رمضان سنة 392 هـ وذلك أثناء رجوعه من حملة له على إمارة قشتالة وقيل بأنه جرح ومات متأثرا بجراحه .
ولاشك أن وفاة المنصور قد أحدثت في الأوساط المسيحية موجة عارمة من الفرح بدليل أن الحوليات اللاتينية التي يكتبها الرهبان في الكنائس والأديرة قد أهتمت بتسجيل هذا الحادث ،
فكتب : (( وفي سنة 1002 م مات المنصور وذهب إلى الجحيم )) والله لن ينساه نصارى الأندلس أبدا .
دفن المنصور بصحن قصره في مدينة سالم وقد استحق هذا البطل المسلم أن ينقش على قبره هذه الأبيات :
آثاره تنبيك عن أخبــاره حتى كأنك بالعيـــان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله أبدا ولا يحمي البلاد سواه رحم الله المنصور وغفرله وأسكنه الفردوس الأعلى والله لإنها سيرة تكتب بالذهب ، سيرة بطل وهب حياته للجهاد في سبيل الله فسبعة وخمسين غزوة في حياته لهي شاهدة له على حفظه