من المعروف أنه من الناحية الأكاديمية توجد ثمة مجموعات معينة من العلوم يختص كل منها بدراسة نوع معين من البيئات الفرعية المكونة للكون الذي نعيش فيه وهي البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية والبيئة الميتافيزيقية، إذ تقوم مجموعة العلوم الطبيعية بدراسة البيئة الطبيعية، وتقوم مجموعة العلوم الاجتماعية بدراسة البيئة الاجتماعية، وتقوم مجموعة العلوم الميتافيزيقية بدراسة البيئة الميتافيزيقية. وتنطوي العلوم الطبيعية على الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والحيوان والنبات والفسيولوجي.
علم الاجتماع الريفى Rural Sociology هو أحد الفروع التطبيقية لعلم الاجتماع العام, نشأ بداعى الحاجة التطبيقية اليه أولا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واجهت أمريكا في نهايات الفرن التاسع عشر وبدايات الفرن العشرين مشاكل كبيرة في ريفها المتنامى لم تستطع السياسات ولا التنظيمات الإدارية ولا وسائل الدعم التقنى ولا جهود الخدمة الاجتماعية القيام يها. وتطلب الأمر لجنة برلمانية من الكونجرس لدراسة الأوضاع في الريف لتوصى باستحداث تخصص أكاديمى يعنى بشئون السكان الريفين بأمريكا، وقد حدث ثم انتقل العلم بعد الحرب العالمية الأولى إلى أوروبا. ثم إلى العالم الثالث ومصر التي دخلها كذلك من باب العمل الاجتماعى والخيرى ثم الخدمة الاجتماعية وقد لعب الدكتور / أحمد حسين وزير الشئون الاجتماعية المصري ثم وزير الخارجية دورا رائدا في ذلك مستغلا علاقاته الطيبة مع الأمريكيين، ثم تم تأسيسة اكاديميا ليقدم اطارا تنظيريا للتنمية في الريف.ولم يلبث أن أنتقل إلى العالم العربى متداخلا مع الساسة والعمل الاجتماعى والخدمة أو اكاديميا منفردا أو متداخلا مع علم اجتماع التنمية أو مرتديا مسمى علم الاجتماع القروى - كما في المغرب العربى - أو أحيانا علم الاجتماع البدوى كما في المشرق ومصر.
هذا ويمكن تعريفة ببساطة على أنه "الدراسة العلمية للعلاقات الإنسانيه في البيئة الريفية", وقد أوضح العالم الأمريكي لورى نلسون Lory Nelson أحد رواد المجال أن علم الاجتماع الريفي يمكن تصور ثلاث أبعاد له هي العرض –الطول - العمق: 1.العرض : هو تصنيف العلاقات والاتصالات المحددة في المجتمع أفقيا، آي تلك الوظائف التي تصنع الحياة الاجتماعية للإنسان الريفي، أي صور العلافات والاتصالات المتنوعة.
2.الطول: هو وصف وتحليل المجتمع عبر الزمن أي أن يدرك الدارس أن المجتمع المحلى في وضعه القائم هو نتاج فترة طويلة من التغيير والتراكم الثقافي، وهو يتطلب معارف عن القوى - الداخلية والخارجية - التي ساعدت في الماضي في تشكيل الظواهر بالصورة الحالية.
3.العمق(الارتفاع) : وهو فهم ما وراء الحياة الكلية للبشر من دوافع واتجاهات واحتياجات وسلوك غير ظاهر للفرد ودوافعه الاجتماعية، وغيرها من أشكال السلوك الغير ظاهر والذي ينتج عنه تنوع الاستجابات. مؤخرا بدأ علم الاجتماع الريفى يقترب من علم اجتماع التنمية وأدارة التنمية كما بدأ يهتم بالتطبيقية الأكثر تخططا طارجا فكرة علم اجتماع الزراعة.
من أبرز الجمعيات العلمية المهتمة بهذا التخصص جمعية علم الاحتماع الريفى الأمريكية Rural Sociological Society (RSS) وتصدر مجلة فصلية في هذا التخصص والجمعية الأوربية وتصدر مجلة Sociologia ruralies كذلك وتوجد جمعية في مصر ولكنها قليلة النشاط حصل على الدكتوراة في هذا المجال رعيل أول أبتعث لأمريكا منهم أد صلاح الدين محمود العبد وعمل أساسا بوزارة الزراعة المصرية ومع الهيئات الدولية وأ د فتح الله سعد هلول وأنشا شعبة بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية لم تلبث أن تحولت في بداية السبعبنات لأول قسم للاجتماع (المجتمع) الريفى في المنطقة وذلك برئاسته وأ.د محى الدين نصرت المؤسس في جامعة القاهرة رحمهم الله وتلاهم كثر معظمهم من الزراعيين كما برزت مدرسة في زراعة عين شمس وهو الآن موجود بكل كليات الزراعة بمصر تقريبا، كما أهتت أقسام الاجتماع بكليات الأداب به ومن أبرز الناس د / محمد عاطف غيث (دراسته للقيطون، ثم مقارنتها بهلا) ومن قبلة شيخ التربويين العرب أ د حامد عمار أطال الله عمره في دراسته الأنثروبولوجية .
اهتمامات واهداف علم الاجتماع الريفى
يهتم علماء الاجتماع الريفي بدراسة العلاقات الاجتماعية القائمة في الجماعة الإنسانية التي تعيش في بيئة ريفية ويدرسها من حيث طبيعتها إذ تواجه الجماعة الريف وجهاً لوجه. إنه يبحث في خصائص المجتمعات الريفية من حيث نمط المعيشة أو نظام الإنتاج السائد بوصفه أكثر بدائية، كما يعنى بتحليل العلاقات الاجتماعية الأولية، والرباط العائلي (رباط الدم أو الزواج الداخلي)، ويحدد السمات والمميزات التي تميز المجتمعات الريفية من المجتمعات الحضرية. إن هذه السمات كانت منطلقاً لعلماء الاجتماع في دراستهم حين حددوا موضوع علم الاجتماع الريفي، وأبرزوا الصفات المحلية لهذا المجتمع من عوامل وتفاعلات اجتماعية، ويتقبل بعضها التقدم ويرفضه بعضها الآخر ويعوقه. ومع أنه، من الناحية النظرية، يدرس أسس البنيان الاجتماعي الريفي، إلا أنه، من الناحية التطبيقية، يستخدم المعلومات التي جمعت عن السكان الريفيين لتحديد المشكلات التي تعوق نموهم وتقدمهم، لإيجاد الوسائل الكفيلة بحل مجمل المشكلات التي يعانون منها ولتحسين مستوى الحياة الاجتماعية الريفية، وأخيراً لرسم سياسة اجتماعية تعمل على رفع إسهام الريف بيئة وسكاناً في الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك.
ومرد الأهمية التي يحظى بها علم الاجتماع الريفي في الوطن العربي، إلى أن قسماً كبيراً من سكانه ريفيون، يعملون في الزراعة، ولهم طريقتهم الخاصة في الحياة التي تتميز عن غيرها، ولقد حظي علم الاجتماع الريفي بمكانة مهمة في ميادين التعليم بالوطن العربي، فأصبح يدرس في الكثير من الجامعات والمعاهد العليا بكليات متعددة وأقسام مختلفة، كالجغرافية، وعلم الاجتماع، والزراعة، وأصبحت له فيها مناهج خاصة للبحث والدراسة.
ولعلم الاجتماع الريفي فروع تدخل في نطاقه منها: التنظيم الريفي، وتنمية المجتمع الريفي، والسياسات الاجتماعية الريفية، والسكان الريفيون، والإرشاد الريفي.
وباختصار، إن موضوع علم الاجتماع الريفي هو المجتمع الريفي، وما يسود فيه من علاقات اجتماعية، وما يحكمه من متغيرات بنيوية اجتماعية، ومن نظم وعادات ترتبط بالزراعة والصناعة الأولية. وتتسم موضوعاته بأنها تنصب على دراسة المجتمعات الأولية، والعوامل التي تساعد على تنمية المجتمع الريفي، وزيادة نسبة إسهام منتجاته في الدخل القومي، كما يبحث في وسائل بناء الريف والمؤسسات والمراكز الاجتماعية العامة فيه، والسياسات التي تعمل على تطويره، والعوامل التي تدفع الريفيين للهجرة إلى المدينة، والوسائل الكفيلة بالحد من هذه الهجرة.