دال عل عكس ما دلت عليه النار ، وعلى تزويج الأعزب ، والأعمال الجيدة ، وتوبة الفاسق ، والتمكن من دور الأكابر.فإن كان معه في الجنة كتاب فتعلمه : دخلها. وإن كان مصلياً ، أو مسبحاً ، أو مؤذناً ، ونحو ذلك من آثار الدين : فبالعبادة دخلها. وإن كان بشيء من العدد : فبالجهاد نالها. ويدل دخولها : على الأمن من الخوف ، والاجتماع بالغياب ، ونحو ذلك. نسأل الله الفوز بالجنة ، والنجاة من النار.
قال المصنف : دخول الجنة دال على الضد مما دلت عليه النار. وأعط كل إنسان ما يليق به. كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملكت الجنة ، قلت : تملك ، أو تحكم على بستان. ومثله قال آخر ، قلت : تحكم على كتاب فيه منافع وفرج. وقال كافر : رأيت أنني طردت من الجنة ، قلت : لك دار مليحة مزوقة فيها نبات ستؤخذ منك وتتنكد عليك دنياك ، لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. وقال إنسان : رأيت أنني عبرت الجنة وأخذت منها شيئاً وهربت ، قلت : عبرت دار جليل القدر ، أو بستاناً وسرقت شيئاً ، قال : صدقت. وقال آخر : رأيت أنني دخلت في الجنة مع أهلها ، قلت : تعبر بلداً فيه مسافرون من كل مكان وتطلع على أخبار غريبة. وقال آخر : رأيت أنني في الجنة وهي متغيرة ، قلت : تعبر مكاناً فيه تزاويق وأصوات حسنة وصور ملاح. وقال لي مريض بالحرارة : رأيت أنني عبرت الجنة ، قلت : تعافى ، فكان كذلك.
نسأل الله الفوز بالجنة والنجاة من النار بفضله وإحسانه.
فصل : من ضرب من هو أكبر منه ، أو أعلى قدراً : تكلم في عرضه ، أو يحصل للضارب نكد. وكذلك إن جلس في موضع لا يليق به الجلوس فيه. وأما إن ضرب الأكبر ، أو الأعلى لمن هو دون – ولم يجرحه ، ولا قطع ثيابه ، ولا كان بين الناس - : فذلك خير ، وفائدة للمضروب ، وربما كان كسوة. وأما إن جرحه ، أو كسر فيه شيئاً ، أو كشف عورته ، ونحو ذلك : نزل بالمضروب آفة.
قال المصنف : كون الضارب يتكلم في عرض المضروب لأنه مما يؤلمه. وحصل النكد للمضروب لكون الأعلى لا يسكت عن مجازاة الضارب في غالب ما يؤذيه. وأما إن كان الضارب هو الأعلى إذا ضرب الأدنى ظلماً : يندم ويحسن إلى المضروب ، ولو بكلام طيب. وكون المضروب يحصل له كسوة – خصوصاً إن كان في الشتاء – لثوران الحرارة وورم البدن ، كالكسوة. فافهم ذلك.