إذا انتفت هذه الموانع فإنَّه يجوز التصريح والتعريض في خِطبة الخالية من الموانع، وهذه الموانع هي:
أ-النكاح: وهي أن تكون ذات زوج.
ب-المحَرَم: وهي أن تكون محرماً للخاطب؛ أخته من الرضاع مثلاً، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَاطِبُ لَمْ يَرْتَضِعْ مِنْ أُمِّ الْمَخْطُوبَةِ وَلَا هِيَ رَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ إخْوَتُهما تَرَاضَعَا
ت-المعتدة: لا تجوز خطبة المعتدة الرجعية تعريضاً أو تصريحاً؛ أما غيرها كالمعتدة البائن، أو من اعتدت لفسخ أو انفساخ، أو موت فإنه لا يجوز أن تُخطب تصريحاً، وإنَّما يجوز ذلك تعريضاً؛ ويجب أن تجيب المخطوبة تعريضاً لا تصريحاً أيضاً.
ث-الخطبة: بأنَّ تكون مخطوبة ركنت إلى الخاطب وأجابته بالموافقة، فلا يجوز للمسلم الخطبة على خطبة أخيه، للحديث الصحيح في ذلك
مسألة: هل الفسق مانع من موانع الخطبة؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع: " إذَا كَانَ مُصِرًّا عَلَى الْفِسْقِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهَا لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنَّ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاجِرٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا. لَكِنْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَابَ؛ فَتُزَوَّجُ بِهِ إذَا كَانَ كُفُؤًا لَهَا وَهِيَ رَاضِيَةٌ بِهِ" اهـ
ولكنه ليس من موانع الخطبة بمعنى أنَّها تنفسخ أو أنها محرمة كما هو ظاهر أعلاه؛ ولكن الأولى ألا تُزوج إلا لذي الخلق والدين؛ فإن كان للخاطب خلل في دينه بترك واجب أو فعل محرَّم فلا يُزوج إلاَّ أن لا نجد خيراً منه، ويُراعى في ذلك حال المخطوبة، فإن كانت صغيرة في السن، ويتوارد عليها الخُطَّاب فلا يوافق عليه؛ أمَّا إن كانت كبيرة ويُخشى عليها أن تصبح عانساً فإنها تُزوَّج، على أن يشترطوا أن ينتهي عما هو فيه من نقص؛ وإن لم يتوقف بعد ذلك، كأن يكون مدخناً -والعياذ بالله- فإنَّه يُشترط عليه ألا يُدخن أمامها أو أمام أولادها.
وماذا إن كان الخاطب رافضيًا؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: " الرَّافِضَةُ الْمَحْضَةُ هُمْ أَهْلُ أَهْوَاءٍ وَبِدَعٍ وَضَلَالٍ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ مِنْ رافضي وَإِنْ تَزَوَّجَ هُوَ رافضية صَحَّ النِّكَاحُ إنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ تَتُوبَ وَإِلَّا فَتَرْكُ نِكَاحِهَا أَفْضَلُ لِئَلَّا تُفْسِدَ عَلَيْهِ وَلَدَهُ" اهـ
وقال في موضع آخر: " لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يُنْكِحَ مُوَلِّيَتَهُ رافضيا وَلَا مَنْ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ . وَمَتَى زَوَّجُوهُ عَلَى أَنَّهُ سُنِّيٌّ فَصَلَّى الْخَمْسَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ رافضي لَا يُصَلِّي أَوْ عَادَ إلَى الرَّفْضِ وَتَرَكَ الصَّلَاةَ : فَإِنَّهُمْ يَفْسَخُونَ النِّكَاحَ" اهـ
هل الفقر من موانع الخِطبة؟
قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النــور: 32].
قال المفسرون: والمعنى، لا يمنعن فقر الخاطب أو المخطوبة من المناكحة؛ فإن في فضل الله غنية عن المال، فإنه غاد ورائح، أو وعد من الله بالإِغناء، لكنه مشروط بالمشيئة كقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَاء} .
قال الحافظ في الفتح: " الْفَقْر فِي الْحَال لَا يَمْنَع التَّزْوِيج، لِاحْتِمَالِ حُصُول الْمَال فِي الْمَآل" اهـ
الفارق في السن بين الطرفين
السِنُّ ليس من موانع الخطبة ويكفيك أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تزوَّج خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وكانت تكبره بسنوات وكانت من أحبّ الناس إليه وهي التي ولدت له الأولاد دون سائر نسائه والتي كان من نسلها الحسن والحسين رضي الله عنهما، لذلك كان السنُّ ليس مانعًا من اختيار الزوجة الصالحة التي تعينه على إقامة الدين وتحقيق المودَّة والرَّحمة والسكون التي ذكرت في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
وكذلك العكس كأن يكون الفارق العمري بين الخاطب والمخطوبة كبيرًا جدًا، والخاطب هو الأكبر، فإنَّه لا يوجد في الإسلام ما يمنع ذلك إذا لم يقترن بذلك محرم
فقد أشار إلى ذلك العلاَّمة الفوزان، وألمح إلى زواج النبي –صلى الله عليه وسلَّم- بعائشة وغير ذلك من الوقائع في عهد الصحابة، واستدل بهذه الوقائع من السنة النبوية على تزويج الكبير بالشابة، فقال: " والآن ينادون ويحذرون منه،
ويشنّعون على تزويج الكبير، ويعتبرونه جريمة، ووحشية، وينددون بما فعله في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام، بل ربما في الخطب والمحاضرات، و هذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيد الخلق تزوج عائشة وهو في سن الخمسين تقريبًا، وهي في سن السابعة، فدلّ على أنه لا بأس به، بل يُرغب في تزويج الكبير من الشابة إذا كانت هناك مصلحة في ذلك، وأنهذه سنة نبوية، فمن أنكر تزويج الكبير من الشابة فإنه أنكر سنة نبوية، هذا إذا كانت المصلحة في ذلك.
أما إذا لم يكن هناك مصلحة، وإنما هو استغلال من وليّ هذهالطفلة من أجل أن يستغل تزويجها، وهي ليس لها مصلحة فهذا لا يجوز
إنما نقول : إذا كانت المصلحة في ذلك فلا حرج في تزويج الكبير من الشابة، إذا كان في ذلك مصلحة وخير، وأن هذا من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-"([3]) اهـ
أمَّا إن كان جواز الشيخ بالصبية يؤدي إلى عدم قضائها المتعة من الزواج ويؤدي إلى زيغ عينها وعدم إعفافها، فإنَّ تزويجها بالشيخ فيه ضرر لها، وهو معنى قول ابن مفلح في الفروع: " وَمِنْ التَّغْفِيلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الشَّيْخُ صَبِيَّةً" اهـ .
خِطبة القريبة، وزواج الأقارب
ذهب بعض العلماء إلى تفضيل زواج الأباعد لفائدتين:
الفائدة الأولى: أنَّه أنجب للولد، بمعنى أنَّه يجذبه عرق أمه إذا كان من قبيلة، وعرق أبيه إذا كان من قبيلة أخرى، فتكون في هذا الطفل أخلاق هؤلاء وهؤلاء.
الفائدة الثانية: عدم حصول القطيعة بين الأرحام، لأنَّه قد يحصل بينه وبين زوجته خلاف يؤدي إلى تقاطع الأرحام ليس بين الزوجين فقط، بل بين الأقارب كلهم من هؤلاء وهؤلاء
ولكنَّ عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ((تنكح المرأة على إحدى خصال ثلاثة، تنكح المرأة على مالها، و تنكح المرأة على جمالها، و تنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق تربت يمينك يشمل القريبة والبعيدة، ولا يخفى علينا أنَّ علي ابن أبي طالب تزوج بفاطمة –رضي الله عنهما- وهي بنت عمه، فعم الرسول عليه الصلاة والسلام، عم علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- ؛ فالصواب أنَّه لا تضر القرابة والبعد، ولكن نتجه إلى ما أرشد إليه النبي –عليه الصلاة والسلام
فاظفر بذات الدين تربت يداك
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب، وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره، وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع([4])، ولا يجوز منع الإنجاب خوفا من الإعاقة، بل يجب التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به([5])" اهـ.
فالخلاصة أنَّ زواج الأقارب([6]) لم يرد به نهي صريح في الإسلام، ولا حث عليه، فهو متروك لاختيار الناس وما هو أنسب لهم، ولعل هذا النهج يؤكد ما توصل إليه الطب الحديث في هذا الموضوع،
وهو أن زواج الأقارب ليس ضارًا على طول الخط، فقد يكون نافعًا في حالة ارتفاع نسبة الذكاء والجمال والقوة في العائلة، وبالتالي فالقول بأن زواج الأقارب كله ضرر، مع كون الإسلام أباحه، كلام تعوزه الصحة العلمية.
ولعل من المناسب إيراد رأي الأطباء في هذه المسألة، يقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم استشاري الأمراض الباطنية
إذا نظر أي عالم نظرة متأنية في أبعاد هذا الموضوع؛ لوجد أن القول: " بأن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية " ليس قولاً صحيحًا في كل الأحوال
قد يكون صحيحا في حالات معينة ولكنه ليس صحيحا في كل الحالات، وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانونا عاما أو قاعدة عامة.
وهناك بعض الحقائق الأساسية في هذا الموضوع :
زيادة نسبة ظهور الأمراض الوراثية في الذرية الناتجة من العوامل الوراثية المتنحية من كلا الأبوين ليست معتمدة على زواج الأقارب في كل الأحوال ولكنها تعتمد أساسًا على مدى انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي بين أفراد المجتمع ككل
فإذا كان منتشرا بنسبة أكثر من 1 : 8 في المجتمع؛ فإن زواج الأباعد لا يكون ضمانًا لإنجاب أصحاء وراثيًا
نفهم من ذلك أن ظهور بعض الأمراض الوراثية في المجتمعات التي تنتشر بين أفرادها العوامل الوراثية المرضية المتنحية انتشارا نحو 1 :8 تتساوى نسبة ظهورها في الذرية في زواج الأقارب وزواج الأباعد على سواء
وهناك فرض آخر إذا كانت نسبة انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي في المجتمع أكثر من 12 % وكانت أسرة في هذا المجتمع نقية وراثيا في هذه الحالة فإن الزواج بين الأقارب في هذه الأسرة أفضل كثيرا وأكثر ضمانا من زواج الأباعد
ومن أمثلة تلك الأمراض
مرض الأنيميا المنجلية
إذا كان العامل الوراثي المتنحي منحصرًا في أفراد أسرة معينة أكثر مما هو في أفراد المجتمع من حولهم فإن زواج الأباعد يكون أفضل من زواج الأقارب؛ أما إذا كان العكس هو الصحيح وكان أفراد الأسرة أنقياء وراثيًا وأفراد المجتمع من حولهم ينتشر فيهم العامل الوراثي المتنحي،
ففي هذه الحالة يكون زواج الأقارب أكثر ضمانًا وأمنًا من زواج الأباعد، فمثلا في بعض مناطق إيطاليا وصقلية يوجد العامل الوراثي المتنحي لمرض الأنيميا المنجلية منتشرا في أفراد المجتمع بنسبة تصل 10% والنسبة أعلى في مجتمعات أخرى مثل بعض مناطق كينيا حيث تصل النسبة إلى 40% في أفراد المجتمع، فإذا افترضنا أن أسرة هاجرت إلي هناك وكان أفرادها أنقياء وراثيا من هذا العامل الوراثي. أفلا يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد ؟
و لا يجوز أن ننسى أن زواج الأقارب
له جوانب إيجابية
أ - إذا كان بالأسرة عوامل وراثية مرغوبة ليست في غيرها من الأسر مثل صفات الجمال والذكاء والقوة أو طول العمر وغيرها، حينئذ يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد، شريطة ألا يستمر الزواج بين الأقارب جيلاً حتى لا تتحول الأسر إلى مجتمعات صغيرة مغلقة، وهو ما ثبت وراثيا أنه مضر
وهكذا تتساوى الاحتمالات فى زواج الأقارب والأباعد في هذه الحالات.
و الجانب الإيجابي الأخر فى زواج الأقارب هو عدم التضحية بجيل من أجل جيل آخر، ولشرح هذه النقطة نفترض أن في مجتمع ما صار الزواج بين أقرباء فقط فى هذه الحالة نجد أن نسبة تواجد الجينات المرضية في هذا المجتمع ستزداد في ذرية هذا الجيل نتيجة عدم التخلص من هذه الجينات المرضية، اذ أن التقاءها في حالة مزدوجة أو نادر الحدوث
والنتيجة أنه بمرور الأجيال سترتفع نسبة تواجد هذه الجينات المرضية في المجتمع، وهذا يؤدي إلى زيادة مطردة في ظهور الأمراض الوراثية المحكومة بهذه الجينات في الأجيال القادمة مثل مرض تليف البنكرياس.
نخرج من هذا بنتيجة هامة، وهي أن زواج الأقارب قد يضحي بالجيل الحاضر من أجل الأجيال القادمة، و زواج الأباعد قد يضحى بالأجيال القادمة من أجل الجيل الحاضر وهكذا نجد في النهاية حتى فى الأمراض المحكومة بجينات متنحية لا تفضيل لزواج الأقارب على زواج الأباعد ولا لزواج الأباعد على زواج الأقارب.
و الاحتمال العلمي لنقل القلة من الأمراض الوراثية الناتجة من جينات متنحية عن طريق زواج الأقارب يقع في حالة واحدة، وهى أن يكون أفراد المجتمع أنقياء وراثيا وأفراد الأسرة غير أنقياء وراثيًا.
قال العرب قديمًا: الغرائب أنجب, وبنات العم أصبر
عرض الوليّ مولّيته على ذوي الصّلاح
يستحبّ للوليّ عرض مولّيته على ذوي الصّلاح والفضل، كما عرض الرّجل الصّالح إحدى ابنتيه على موسى -عليه الصلاة والسلام- المشار إليه في قوله تعالى
: { إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ} الآية، وكما فعل عمر -رضي الله عنه- حيث عرض ابنته حفصة -رضي الله تعالى عنها- على عثمان، ثمّ على أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- .
هل تستحب صلاة الاستخارة للخطبة والزواج؟
الزواج نفسه قد يكون واجبًا، ولكن عليه أن يستخير الله عز وجل فربما تكون هذه المرأة سببًا لصده عن الخير كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إن يك من الشّؤم شيء حقّ ففي المرأة والفرس والدّار))؛ فلا بأس أن يستخير الله -سبحانه وتعالى- أيتزوج هذه المرأة أم يتزوج غيرها؛ فربما تكون تعاسة عليه إذا تزوج بها
خُطبة الخِطبة
جرَت عادة العرب، أهل الفصاحة والبيان على الخطابة في الأمور الجليلة، وهذا منها، وقد عهد عنهم التقديم للخِطبة بخُطبة فيها التماس للصهر والمواصلة، وتكون هذه الخُطبة مبنيةً على وصف الطرفين بما يقتضي الرغبة، ويدل الخاطب عن نفسه بما يؤدي إلى الكفاية والإسعاف بالطلبة([2]) ولم يرد فيها نص صريح .
صفة خُطبة الخِطبة
ليس لها صفة معينة، و لم يرد نص في ذلك كما تقدم، وهي تتبع عرف الناس بما لا يخالف الشرع؛ وقد كان من عرف العرب وعادتهم الخُطبة للخِطبة على مر العصور؛ قال أبو عباد كاتب ابنِ أبي خالد: " وكانت خُطبة قريش في الجاهليّة - يعني في خِطبة النساء - : باسمك اللهم، ذُكِرَتْ فلانةُ وفلانٌ بها مشغوف، باسمك اللهم، لك ما سألت ولنا ما أعطيت
فيبدأ المسلم مثلاً بالحمد والثّناء على اللّه تعالى، ثمّ بالصّلاة على رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ثمّ يوصي بالتّقوى، ثمّ يقول: جئتكم خاطباً كريمتكم، وإن كان وكيلاً قال: جاءكم موكّلي خاطباً كريمتكم أو فتاتكم، ويخطب الوليّ أو نائبه كذلك، ثمّ يقول: لستَ بمرغوبٍ عنكَ أو نحوه مما يفيد الرضا والقبول.
وجاء الإسلام وقد علَّم الرسول -صلى الله وسلَّم- فيه خطبة الحاجة([4])، وقد استحب العلماء أن يبدأ بها بما جاء عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم علّمنا خطبة الحاجة : إنّ الحمد للّه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم
مُّسْلِمُونَ } { يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة} إلى قوله : {رَقِيباً} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} إلى قوله {عَظِيماً} .
وكان القفّال يقول بعدها : " أمّا بعد، فإنّ الأمور كلّها بيد اللّه، يقضي فيها ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا مؤخّر لما قدّم ولا مقدّم لما أخّر، ولا يجتمع اثنان ولا يتفرّقان إلاّ بقضاء وقدر وكتاب قد سبق، وإنّ ممّا قضى اللّه تعالى وقدّر أن خطب فلان بن فلان فلانة بنت فلان . . أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم أجمعين
وأمَّا قراءة الفاتحة فيها وفي العقد بدعة؛ لم تؤثر عن أحد من السلف، وخرافة من خرافات العوام