بحث عن من ثمار تطبيق الشريعة الحياة الكريمة - بحث مفصل عن من ثمار تطبيق الشريعة الحياة الكريمة
الثمرة الأولى: الحياة الكريمة: قال تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] معنى هذا: أن الحياة الكريمة الطيبة الشريفة النظيفة العفيفة في الاستجابة لله ولرسوله إذا دعانا لما يحيينا.
من ثمار تطبيق الشريعة الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم
الثمرة الثانية: الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكومين: لماذا يكثر الناس من نقد القوانين ولومها واعتراضها؟! لأن القانون عندما يكون مصدره بشرياً وليس من وحي إلهي، وإنما من إنتاج بشري، والبشر ينسون ويغفلون، وتتحكم فيهم الشهوة والهوى، ويتحكم فيهم المرض، وتتحكم فيهم الأرض والمصلحة ولجنس، أشياء عظيمة تتحكم في البشر، فعندما يوضع هذا القانون، يظهر قانوناً عاجزاً ناقصاً، لهذا يرقعونه ويزيدونه وينقصونه، ويأخذونه ويقدمونه، ويفسرونه ويؤخرونه؛ لكن كلام الله سبحانه وتعالى كامل، فالله سبحانه وتعالى عندما يشرع ليس له مصلحة في هذا التشريع، فهو الغني الحميد، الغني عن خلقه، عندما يشرع يشرع لمصلحة الإنسان، وهو يعلم السر وأخفى، ويعلم خبايا الأمور، فتشريعه يكون لمطلق الزمان والمكان، ولمطلق البشر، تنتفع منه حتى البهائم، تنتفع منه حتى النمل، النملة في جحرها تنتفع من تشريع الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأن هذا التشريع كما قال الله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]فهو رحمة لعالم الإنس، وعالم الجن، وعالم الملائكة، وعالم الطيور، وعالم النباتات، وعالم الجبال، وعالم الحشرات، فكل العوالم تنتفع بتطبيق هذا التشريع، ويوم يُبتعد عن هذا التشريع، فإن هذه البهائم تتضرر، وأبو هريرة وأبو الدرداء رضي الله عنهما يقولان: [وإن طائر الحُبارى ليهزل في الصحراء ويموت بذنوب العباد] بذنوب العباد يهزل ويموت، مع أنه طائر لا ذنب له؛ لكن إذا عم الذنب والمعصية والسخط عم العقاب: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] فهي تعمُّ. أحبابي في الله: الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم تكون وطيدة ومتأصلة إذا ما قال الحاكم أو المقنن: هذه المادة القانونية كذا، وقالوا له: ما دليلك؟ قال: قال الله ورسوله. فهل يوجد بعد ذلك من يعارض أو يناقش، أو يتفلسف، أو يقول: لا. أنا لا أريده؟ أعوذ بالله، هذا كفر، فإذا قال: الدليل قال الله وقال رسوله؛ فعلى الكل أن يسمع ويخضع، ويكون شعارهم: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] هنا تكون الثقة المتبادلة في تدعيم المواد الدستورية إذا كانت منطلقة من الشريعة الإسلامية. أخي: أنت ألا تسمع الحديث، الحديث الطويل، الحديث الإنشائي، الذي يُتَكَلَّم فيه ساعة وساعتين، وأنت جالس تسمع، وأنت مسترخٍ، فإذا قال المحدث: قال الله، انتبهت واستيقظت، فإذا جاء الدليل من الكتاب والسنة، انتعش قلبك، وصدقت الكلام الطويل هذا كله الذي قاله المتحدث ولكن قبل أن يأتي بالدليل من قول الله ورسوله، فإنك بين مصدق ومكذب؛ لأن هذا الكلام إنشائي. فإذا كانت المواد الدستورية منبثقة من كتاب الله وسنة رسوله أخذت القوة والدعم، والمناعة والتأييد، ولا يملك أحد أن يتفلسف أو يقترح أو يعترض عليها. وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم، بل -والله- أعظم من هذا إبراهيم لما جاء بزوجته وحبيبة قلبه هاجر وليس عنده منها إلا ولد واحد وهو إسماعيل، وهو رضيع، فرماهم في وادٍ غير ذي زرع، قالت: يا إبراهيم ! مَن أمرك بهذا؟ قال: الله. قالت: إذاً.. اذهب، فلن يضيعنا الله أبداً، ثقة بهذا الرب وبهذا الإله العظيم، فهل ضيعهم الله؟! لا بل أطعمهم وسقاهم وأنشأ مدينة عظيمة اسمها مكة ، وجعل فيها بيته العظيم، تهوي إليه النفوس والأفئدة، وهي عامرة بكل الأطعمة والفواكه، وفيها من الأمن ما لا يوجد في بقعة من الدنيا، هذا كله من فضل الله رب العالمين. أخي: وهكذا كلما اقتربت من دين الله وشرع الله اقترب منك الخير، وكلما ابتعدتَ ابتعد عنك الخير، نعم، والخير ليس بالمال، إنما الخير بالبركة، والخير بالرضا والطمأنينة، بالسكينة التي تنتج عن طاعة الله رب العالمين، وإن المال يأتي ويذهب، انظر إلى فلان من الناس يملك الملايين؛ لكن حياته عذاب في عذاب، لم تسعده أمواله، وانظر إلى فلان من الناس، الصالح التقي النقي لا يملك إلا رزق يومه؛ ولكنه أهنأ حياة من حياة هذا الإنسان.
من ثمار
تطبيق الشريعة السلوك الفاضل والأخلاق الطيبة
الثمرة الثالثة: الحياة السلوكية والأخلاقية الطيبة الكريمة، التي تسود بين الناس: اذهب أنت الآن إلى شارع البلاجات حول البحر، واذهب إلى منتزه الخِيْران، واذهب إلى المطاعم، مطعم الدَّوَّار، أو غيره، وانظر أحوال الناس من بعيد، الموسيقى، واختلاط الشباب بالنساء، والمغازلة، لدرجة أن اليوم جاءني إلى المدرسة ولي أمر من عائلات الكويت الكريمة، يقول: يا شيخ! اسمع القصة، أنا لي أحد من أبنائي، جميل ووسيم وأبيض وعيونه واسعة، وبينما هو ذاهب مع زميل له إلى المجمع الشمالي في حَوَلِّي، الذي يباع فيه الملابس وكذا، وبينما هو يدور بسيارته، إذ وقفت سيارة سوداء، محادَّة له، زجاجاتها كلها ملونة، لا يبين ما بداخلها، ففُتح الباب، ونزلت امرأة، وأمسكت ولدي وتريد دفعه إلى داخل السيارة، والتي داخل السيارة تجره إلى الداخل، يردن اختطافه لكي يزني بهن ويفحش فيهن، وهذا في النهار، والناس تنظر، وابني يدفعهن وهُنَّ يسحبنه يقلن: أدخل، نحن نحبك .. نحن نريدك .. نعطيك ما تريد، وصاحبه يسحبه إليه، وهن يسحبنه إليهن، وعندما رأت النساء الناس بدأت تنتبه وتلتفت ركبت المرأة وأغلقت باب السيارة، وفرَّت بالسيارة مع صاحبتها، ثم جاءني ابني وعينه حمراء وهو يرتجف، لأنه في عمره لم يمر عليه موقف مثل هذا الموقف. وهذا الرجل رجل صالح وشاب صالح يقول: بلغت الحال إلى أن البنات بدأن يخطفن الأولاد في النهار والشمس طالعة، هذا كله من ضعف الوازع الديني وبدأت الرذائل تسود، والعياذ بالله، وبدأت النساء لا يتورعن أن تستأجر إحداهن لها شقة -والعياذ بالله- وترتادها بين الحين والحين، مع فلان ومع علان، متى أصبح للنساء شقق مستقلة؟ لأنهن رأين المسألة سهلة وهينة، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، وإذا دخلت (المخفر) وقد فعلت هذا الفعل، فإنها بالتليفون تبرئ نفسها؛ لأنه لا يوجد قانون يحكمها، فهناك توجد شروط عظيمة، لا تصل إلى جريمة الزنا بسهولة، وإن وصلت فهناك محامٍ موجود، يعلم أنها وقعت وأنها مجرمة، وأنها مدانة، ولكن أعطاه الله لساناً فيقف ويقول: يا حضرة القاضي! إن متهمتي هذه بريئة، نقية كنقاوة ماء السماء، طاهرة كطهارة الثوب الأبيض، وإنها..وإنها، ثم تدفع خمسة آلاف دينار وتخرج بريئة، ويا ويل الشرطي أو الضابط لو أنه ضربها بكرباج أو عصا، فسيكون هو الذي سيحقق معه، وهو الذي سيهان ويجر إلى المحكمة، هذا إذا كان ذكياً وأخذ صورة، ولديه إثباتات مادية يخلص نفسه، أما إذا ثبت أنه أهانها إهانة معنوية، أو أدبها تأديباً مادياً أو معنوياً فسيكون هو المجرم وقد جنى على نفسه، فالمحامي سيقوم عليه، والقاضي سيقوم عليه، والقانون سيقوم عليه، فأصبح مسكيناً ما له قيمة، أصبح إذا جاءته المتهمة وأدخلوها إلى (المخفر) قال: يا فلان! أعطني التليفون، لأتصل لأهلك، وأَفْتَكُّ منكِ، أو يأخذك فلان وأَفْتَكُّ منكِ. هو يريد أن يرتاح ويفتك منها فقط، نسأل الله العافية.
من ثمار تطبيق الشريعة المطعم الحلال
الثمرة الرابعة: إحياء المطعم الحلال والمشرب الحلال في نفوس الناس: لأن الشريعة الإسلامية تحرم الربا، كما يقول الله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275] والعياذ بالله! فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] فالحرب قائمة بين المرابي وبين الله ورسوله، وابن عباس يقول: [يُنادى يوم القيامة على رءوس الأشهاد: يا أيها المرابي! خذ سلاحك، فيقول: لماذا آخذ سلاحي؟ فيقال: لكي تحارب الله] فمن يستطيع أن يحارب الله؟ من يستطيع؟ من يستطيع يوم القيامة أن يحارب الله، يوم أن ينادي الجبار: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16] فلا يجيبه أحد، لا ملَك، ولا نبي، ولا مخلوق، فيجيب نفسه بنفسه: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]؟ وعندما تطبق الشريعة الإسلامية يكون المال حلالاً، والتجارة حلالاً، والمطعم حلالاً، وقد أصبح الناس الآن يحلون الربا حتى الذراري وهم في أرحام الأمهات، يصلهم الحليب والدم الممزوج بالربا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما جسد نبت من حرام ومن سحت، فالنار أولى به) وفي رواية: (من سحت). فلهذا تطبيق الدستور الإسلامي يُوجِد مؤسسات إسلامية، واقتصاداً إسلامياً، وخيراً إسلامياً، والبركة تعم من ربك سبحانه وتعالى عندما ينـزِّل الرضوان، وينـزِّل الخير في الاقتصاد الإسلامي الناهض من الشريعة الإسلامية.
من ثمار تطبيق الشريعة الاستقرار الأمني
الثمرة الخامسة: الاستقرار الأمني: عندما يعلم هذا المدمِّر، وهذا المخرِّب أن وراءه حداً، يقطع رأسه أو تقطع يده أو تقطع رجله كحد الحرابة: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ [المائدة:33] إذا عرف أن هذا وراءه فلا يدمِّر، ولا يخرِّب، ولا يزعزع الأمن، خلال أربع وعشرين ساعة فقط يراقب هذه الآية، حتى تنطبق عليه، وهذا الذي حدث، والإحصائيات العالمية تثبت أن المملكة العربية السعودية مع أن التطبيق الشرعي الإسلامي لم يبلغ درجة الكمال، إلا أن نسبة الجريمة فيها تكاد تكون (1%) بالنسبة لجرائم العالم، لماذا؟ كل هذا ببركة الشرع، قد تكون هناك تجاوزات، وقد يكون هناك غض طرف، وقد تكون هناك محسوبيات، وهذا يحدث، ولكن الطابع العام عندما يعرف أن وراءه سيافاً يَنْغَزُه بخاصرتِه، ويَدُكُّ رَقَبَتَه؛ لأنه مخطئ، نعم. فالناس تخاف: (يَزَعْ الله بالسلطان ما لا يَزَعْ بالقرآن) لكن عندما يعلم أن عن يمينه محامياً، وعن شماله رشاوي، ويجلس، وهم يسمِّنونه ويتخمونه، (ويلعب جَنْجَفَة) يأتوه بالعود، حتى المخدرات تصل إليه وهو في سجنه -والعياذ بالله- نسأل الله العافية، حتى المخدرات، إذا أراد فمن الممكن أن يدخلوها عليه، على الطريق حتى الحيل والمخادعة. وهناك من الناس في دول الكفر من يتعمد الجريمة؛ لأنه ليس لديه بيت، فيريدهم أن يسجنوه، هذا كثيراً ما يحدث في أمريكا، فكثيرٌ من السود ليس عندهم بيوت، عاطلين باطلين، فيقتل أو يرتكب أي جريمة فيأخذوه ويضعوه في السجن، يلعب الرياضة في السجن، ويتعلم حرفة، ويأكل ويشرب، وينام ويلبس على حساب الحكومة. بالله عليك، أهذا قانون؟ فهذا الذي نريد أن نفعله في بلادنا، والله سبحانه وتعالى أعطانا هذا الدين العظيم، وهذا التشريع الكريم.
من ثمار تطبيق الشريعة صلة الأرحام
الثمرة السادسة: صلة الأرحام وصلة الرحم واجبة، ما الذي قطع الأرحام؟ قطع الأرحام البُعد عن هذا الدين، نعم. أصبح الإنسان فقط يفكر طوال الوقت بكيفية الاحتيال على القانون، كيف يأتي بفلوس بأكبر قدر ممكن من الفلوس من خلال هذا القانون؛ لأنه يعلم أن هذا القانون ليس من تشريع الله، وما له حرمة، ولا قدسية، هذا القانون وضعه إنجليزي أو فرنسي وترجموه إلى العربية، فلِمَ لا أحتال عليه؟ فيضيف ميلاديات غير ميلادياته، ويضيف أسماء وجنسيات غير جنسياته، أو يأخذ إقامات غير إقاماته، أو يخرج له رخصة مزورة، ويشتغل ويذهب، والقانون هذا لا يخلو من ثغرات، ما دام أنه صنع بشر فهو مملوء بالثغرات، لكن الإنسان عندما يطبق شرع الله تنتشر المحبة وصلة الأرحام؛ لأن الإنسان يبدأ يعرف ما له وما عليه، ويعلم أن بينه وبين أولئك حدود الله فلا يقربها، ولا يعتديها، فيصل أرحامه، ويعرف أولاده, وخير مثال أضربه لكم: ما حدث في سوق المناخ، حيث بلغ قطع الأرحام إلى أبعد حد، المرأة طلقت زوجها، هل المرأة تطلِّق؟ قالت: أنت أخذت أسهمي وأخذت أموالي، أنا لا أريدك. ورفعت عليه قضية في المحكمة وخَلَعَتْه، والولد اشتكى على أمه، والولد اشتكى على أبيه، لدرجة أن بعض الفسقة المارقين الذين لا خلق لهم ولا دين، كما يذكر حضرة المحامي عبد الحميد الصراف، أنه لَمَّا اشتدت القضايا وتَشَبَّكَتْ كان بعض مَن شهد هذه المعارك، يقول له: هل تذكر يوم كنت أحضر لك زوجتي؟! فيقول له: لا. أنت الذي أتيت بزوجتك لي، لكي تغريني، وأتفاهم أنا وإياك، فكانوا يتبادلون بالنساء، ويتبادلون الزوجات، هل هناك قطيعة رحم أعظم من هذا؟ هل هناك أعظم من أن يفرط الإنسان في شرفه وعرضه من أجل المال؟ إذاً: عندما تكون الشريعة موجودة توصل الأرحام، رحم الأم، رحم الزوجة، رحم القريب، رحم الحبيب. وباختصار شديد حتى لا أطيل عليكم، فإن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يقول: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]. فتعمر الدنيا من الجانب السياسي، ومن الجانب الاقتصادي، ومن الجانب التعليمي التربوي، ومن الجانب الجهادي العسكري، ومن الجانب الشعائري التعبدي، الناس يتفرغون لطاعة ربهم، الجانب التشريعي القانوني، الجانب السلوكي الأخلاقي، هذه كلها تعمر إذا كانت الشريعة الإسلامية موجودة، ويصبح الإنسان شُرْطِيُّهُ وقاضيْهِ ومحكمتُهُ فيه، التي هي النفس اللوامة، قال الله سبحانه وتعالى يمدحها ويقسم بها: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [القيامة:1-2] التي تقول لصاحبها: من أين جاءت هذه اللقمة؟ وأنت لماذا ابتسمت لفلان؟ ماذا ترجو من وراء الابتسامة؟ هل ترجو نفاقاً؟ هل ترجو مصلحة؟ هل ترجو غزلاً؟ هل ترجو شهوة؟ هذه النفس اللوامة التي تحاسب صاحبها على كل خطوة، وهي قاضيهِ، وهي محكمتُه، والضمير الإيماني الذي يجعل المرأة المسلمة في عهد عمر بن الخطاب ، لما ذهب زوجها يجاهد في سبيل الله، فصار الليل عليها طويلاً، وضاق صدرها، واشتاقت لزوجها، وجلست بروحها في البيت في الليل تغني، وعمر بن الخطاب يسمعها، وهو يتحسس على الناس، ويتفقد رعيته، وتقول:
لقد طال هذا الليل واسودَّ جانبُه وطال عليّ أن لا حبيبَ ألاعبُه
الليل يطول؛ لأن حبيبي الذي ألاعبه ما عاد هنا.
فوالله لولا الله رباً أراقبُه لحُرِّك من هذا السرير جوانبُه