بحث عن القضاء - بحث تعليمى عن القضاء وتعريفة كامل بالتنسيق
تعريف القضاء
مقدمة
شرع الإسلام القضاء؛ لأنه وسيلة لتحقيق العدل والعدالة، ورد الحقوق إلي أصحابها، فينتشر الأمان بين الناس، وتصان دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، والقضاء لا يكون في حقوق الناس فقط، بل يكون كذلك في حقوق الله تعالى.
ولأهمية القضاء وجب علي الحاكم تعيين قضاة له في كل أنحاء البلاد التي يحكمها.
هذا قد قسمنا هذا الفصل إلى مباحث أربعة.
المبحث الأول: تعريف القضاء في اللغة والاصطلاح
أولا
القضاء في اللغة:
يعدّ لفظ القضاء من الألفاظ التي تحمل أكثر من معنى ، إذ وضع العرب - كعادتهم- للفظ القضاء أكثر من معنى فحينما نطلق لفظ القضاء فإنه ينصرف إلى معاني عديدة ، وترجع هذه المعاني كلها إلى لفظ القضاء ؛ على النحو التالي:-
- بمعنى الأمر ، مثل قوله تعالى (وقضى ربك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه …) .
-وهو بمعنى فرغ مثل قوله تعالى (فاقض ما أنت قاض) ، وقُضِيَ قَضَاؤكَ: أي فُرِغَ من أمْرِكَ. وهو بمعنى انتهى أجله وانقضى مثل قول العرب عن فلان (قضى نحبه ) أي انتهت حياته .
-وهو بمعنى الارادة مثل قوله تعالى : (فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) .
-والقضاء بمعنى الحكم والإلزام مثل : قضيت عليك بكذا ، وقضيت بين الخصمين وعليهما. والقضاء بمعنى الأداء مثل قوله تعالى : (فإذا قضَيْتُم مناسِكَكُم) أي أديتموها.
-ويطلق لفظ القضاء على الصنع والتقدير كقوله تعالى : (فقضاهنّ سبْعَ سَمَواتٍ في يوْميْن) .
-وبمعنى أعلمناهم ، كقولُه سُبْحانَه وتعالى: "وقَضَيْنا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ" أي أعْلَمْناهم.
ولهذا فالقضاء في اللغة يعدّ من الألفاظ ذات المعاني المتعددة والتي يعرّفها العلماء بأنها من المشترك اللفظي.
ثانيا
القضاء في الاصطلاح:
ينصرف معنى القضاء إصطلاحا إلى ثلاث مجالات: أولها : في التوحيد والعقيدة : بمعنى أن القضاء من خصائص الألوهية وثانيها في فقه العبادات ،
القضاء : التي وقعت بعد وقتها ، ووجد فيه سبب وجوبها ، وقيل : إتيان العبادة بعد وقتها المقدر استدراكا لما فات . بمعنى قضاء الفوائت من العبادات ، ثالثهما في مجال الفصل بين الناس في الخصومات لحسم النزاع بالأحكام الشرعية من الكتاب والسنة . والأخير هو نطاق بحثنا و ما سوف نقصده- إن شاء الله تعالى - بالبحث في هذه الدراسة.
ثالثا
القضاء في الفقه المذهبي:
والقضاء بمعنى الحُكم بين الناس له تعريفاتٌ متعددة نذكر منها:-
أولا
تعريف القضاء عند الحنفية:-
عرّفه ابن عابدين بأنه:- " الفصل ين الناس في الخصومات ، حسما للتداعي وقطعا للنزاع بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة "
ثانيا
تعريف القضاء عند المالكية :-
عرّفه ابن عرفة من علماء المالكية بأنه" صفة حكميّة ، توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح ، لا في عموم مصالح المسلمين."
وعرفه ابن الدردير من علماء المالكية تعريفا طويلا غير مختصر فقال: " حكم حاكم أو محكم بأمر ثبت عنده كدين أو حبس ، وقتل ، وجرح وضرب وسب وترك صلاة ونحوها ، وقذف وشرب وزنا ، وسرقة وغصب وعدالة ، وضدها وذكورة وأنوثة وموت وحياة ، وجنون وعقل وسفه ورشد وصغر وكبر ونكاح ، وطلاق ، ونحو ذلك ، ليرتب على ماثبت عنده مقتضاه ، أو حكمه بذلك المقتضى."
وعرّفه ابن رشد – أحد فقهاء المالكية – بأنه " الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام "
ثالثا
تعريف القضاء عند الشافعية:-
عرّفه بعض فقهاء الشافعية بأنه " فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى ." كما عرفوه أيضا بانه :- " إلزام من له الإلزام بحكم الشرع." وهما تعريفان غير مانعين ، لأنهما يشملان رياسة الدولة والتعريف الأول ينطبق اكثر ويشمل حكم المحكّم أيضا. كما أن سلطة الإلزام ملاحظة في تعريف القاضي بخلاف المفتي ، لأن المفتي وغن كان يتفق مع القاضي في ان كلا منهما مظهر ومبيّن لحكم الشرع ، إلا ان القاضي له سلطة الالزام والإمضاء ، أي تنفيذ الحكم بجانب إظهاره لحكم الشرع ، وأما المفتي فليس له سلطة الإلزام والإمضاء ، وإنما هو مظهر لحكم الشرع في المسألة التي يستفتى فيها ، ولذلك قال بعض العلماء :إن القيام بحق القضاء أفضل من الإفتاء ، وإن كان المفتي أقرب للسلامة وأبعد من القاضي عن الإثم.
رابعا
تعريف القضاء عند الحنابلة:-
قد عرفه بعض فقهاء الحنابلة بأنه :" الإلزام بالحكم الشرعي وفصل الخصومات ". كما عرفوه أيضا بانه: " تبيين الحكم الشرعي والإلزام به ، وفصل الخصومات."
وعرفه الصنعاني بأنه:- " إلزام ذي الولاية بعد الترافع".
وقد ذكر الصنعاني تعريفا آخر لغيره من العلماء هو انه:" الإكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة ". ثم أوضح الصنعاني أن المقصود بالجهة كما لوحكم القاضي لبيت المال (الخزانة العامة للدولة) أو عليه.
المبحث الثاني:المبادئ التي يقوم عليها القضاء في الإسلام
مقدمة
يقوم القضاء في الإسلام على الشخص الذي يؤدي مهمة الفصل بين الناس، ألا وهو القاضي الذي يشترط فيه عددا من الشروط ليكون صالحا للامساك بزمام الولاية العامة لمنصب القضاء والحكم بين الناس،و لأهمية القاضي اجتهد علماؤنا في بيان الشروط الواجبة في شخص القاضي وبيان ما له من الاختصاصات التي هي في الواقع حقوق و التزامات ترتبط بطبيعة ولاية القضاء العامة.وما اجتهد فيه علماؤنا هو في الحقيقة تبيين للمبادئ الأساسية التي لا يقوم القضاء إلا بها كما ذكر الحافظ السيوطي في مقاليد مفاتيح العلوم:« المبادئ ما يتوقف عليها البحث عن ذلك العلم » ولذا ندرسها بقدر مناسب من الإيجاز في مطلبين:أولهما في صلاحية القاضي لتولي منصب القضاء، وثانيهما في اختصاصات القاضي والتزاماته.
المطلب الأول:في صلاحية القاضي لتولي منصب القضاء
حتى يكون القاضي المنوط به مهمة ولاية القضاء صالحا لهذه الولاية يلزم أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط. فالقاضي هو من يوصف بالإسلام والبلوغ والعقل والحرية والعدالة والذكورة والكفاية والاجتهاد وذي سمع وبصر ونطق غير أمي غير راشي بمال ليتولى القضاء. و هي الشروط اللازمة في حد ذاتها لتولي ولاية القضاء، ويمكن أن يقال عنها بأنها المبادئ الأساسية التي يتوقف عليها البحث في علم القضاء وننقل ما ذكر الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب آداب القضاء. ونقله عنه الحافظ بن حجر العسقلاني – نفعنا الله بعلمه- ببيان متى يستحق الشخص أن يكون قاضيا... قال الكرابيسي –رحمه الله-
«لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقع وعلمه، وورعه، قارئا لكتاب الله، عالما بأكثر أحكامه، عالما بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حافظا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة، عالما بالوفاق والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم، يتبع في النوازل الكتاب، فإن لم يجد فالسنن ، فإن لم يجد عمل بما اتفق علي الصحابة، فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن ثم بالسنة، ثم بفتوى أكابر الصحابة عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم، والمشاورة لهم، مع فضل وورع، ويكون حافظا للسانه، وبطنه وفرجه، فهما بكلام الخصوم، ثم لابد أن يكون عاقلا مائلا عن الهوى.»ثم استطرد الكرابيسي فقال: «هذا وان كنا نعلم انه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم».
ولهذا نعرضها من جهة كونها مبادئ فقط ، بالمناسبة لمنهجنا التقديمي في هذه الدراسة حيث لن يتسع المقام لنا لولوجها باستفاضة تُرضي نهم العلم بعمق مباحثها ولهذا نوجز محتواها على النحو التالي:
شروط صلاحية القاضي لتولي القضاء
1- أن يكون القاضي بالغًا عاقلا: فلا يصح أن يتولي القضاء طفل أو مجنون.
2- أن يكون القاضي مسلمًا: فلا يجوز تولية الكافر القضاء بين المسلمين.(ونورد لها بيانا في فرع مستقل)
3- أن يكون رجلا: فلا يتولي القضاء امرأة، قال ( عندما علم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسري لتحكم: "لن يفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة"[البخاري والترمذي والنسائي وأحمد].
ولكن أجاز كثير من الفقهاء قديمًا وحديثًا تولي المرأة القضاء علي أساس أن الولاية المقصودة في الحديث هي الولاية العامة، ولكن لم يُسمع أن امرأة تولت القضاء في عصور الخلافة في الإسلام، وذلك أن القضاء يطلب فيه تحكيم العقل، أما المرأة فغالبًا ما تُحَكِّم الهوي.
4- أن يكون سليم الحواس: فيسمع ويري ويتكلم، فلا يجوز أن يتولي القضاء أصم أو أعمي أو أبكم.
5- أن يشهد له بالفطنة والذكاء والخبرة بأحوال الناس: حتى لا يخدعه الظالم، أو أحد المتنازعين.
6- أن يكون تقيًا عدلا: فلا يتولي القضاء الفاسق، وإلا ضاعت حقوق الناس.
7- أن يكون عالـمًا: بالقرآن وبالسنة، وبآيات الأحكام وبأحاديثها، وأقوال السلف وما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه، وباللغة، وبالقياس وبآراء الفقهاء.
8- أن يكون أهلا للقضاء: بمعني أن يكون قويًا قادرًا علي تحمل هذه المسئولية الجسيمة. قال : "من وَليَ القضاء فقد ذُبح بغير سكين" [أبو داود].
وطلب أبو ذر من النبي ( أن يُأَمِّره علي بعض البلاد، فقال له النبي: ("يا أبا ذر! إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدي الذي عليه فيها" [مسلم وأحمد]. وعلي القاضي أن يتخلي عن أهوائه، وأن يتجنب القضاء في بعض الحالات، فيتجنب القضاء في حالة الغضب أو القلق أو الجوع الشديد، أو في حالة الخوف المفزع، أو في الحر الشديد أو البرد الشديد، ففي كل هذه الأحوال يكون فكر القاضي مشوشًا، وذهنه غير صاف، فيمكن أن يخطئ في القضاء. قال (: "لا يَقْضِيَنَّ حَكَم بين اثنين وهو غضبان" [رواه الجماعة].
9-اجتهاد القاضي:
وللقاضي أن يُعْمل عقله في الأمور التي ليس فيها نص من القرآن أو السنة أو القياس أو اجتهاد من له حق الاجتهاد، فعندئذٍ يجتهد القاضي برأيه، وله أجر الاجتهاد، قال (:"إن حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ؛ فله أجر" [الجماعة].
والمقصود بالأجرين: أجر الاجتهاد في معرفة الحق، وأجر التوصل إلي الحق ومعرفته، فإن أخطأ فله أجر واحد وهو أجر الاجتهاد في محاولة الوصول للحق. وليس عليه ذنب إن أخطأ ما دامت نيته معرفة الحق، إذا كان مالكًا لأدوات الاجتهاد، قال تعالي:{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا}[الأحزاب: 5].
الفرع الأول: مدى تحقق شرط الإسلام في القاضي
لقد اشترط العلماء في القاضي أن يكون مسلما وهو أمر أجمعوا عليه بلا اختلاف ، ولكنهم اختلفوا إذا تولى منصب القضاء شخص من غير المسلمين (أحد الذميين)للفصل في الخصومات بين غير المسلمين ، على رأيين:
الرأي الأول
رأي جمهور العلماء
مايراه جمهور العلماء وهو أنه لايصح تولية القضاء غير المسلم ولو كان سيقضي بين غير المسلمين، استنادا إلى :
أ- ضرورة أن يكون العلو في المجتمع الاسلامي للمسلمين.وإلى أن جواز تنفيذ احكام غير المسلمين التي قضوا بها وهو ما يتنافى مع مفهوم الصغار في الآية 29 من سورة التوبة، وعليه لا يجوز توليهم القضاء.
ب- وعملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الدارقطني في سننه والطبراني في الأوسط، وعلّقه البخاري: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه.وهذا الحديث يفيد انه لا ولاية لغير المسلم في دولة الاسلام.
ت- وأنّ القصد من القضاء فصل الأحكام، وغير المسلم جاهل بالأحكام الشرعية.
ث- عن طريق القياس بالأوْلىَ ، أن العدالة من شروط القاضي ولذلك فالفاسق ممنوعٌ من تولي القضاء، ومن ثم غير المسلم يكون ممنوعا من باب أوْلى،ولأن الفاسق أحسن حالاً من غير المسلم وقد مُنع من تولية القضاء لغياب صفة العدالة في شخصه. فحرمان غير المسلم من هذه السلطة أولى لتمكن علة المنع عنده أكثر من الفاسق.
الرأي الثاني
رأي الحنفية:
ويذهب إلى أن لغير المسلمين ولاية القضاء بعضهم على بعض.استدلالا بطريق قياس القضاء على الشهادة وأن العرف جرى في البلاد الاسلامية على تعيين قضاة من أهل الذمة ليحكموا بينهم.
ترجيح مذهب أبي حنيفة
-أولا:أن العرف الذي استند إليه الحنفية له أصل شرعي، وهو أن عمرو بن العاص بعد ما فتح مصر ولى القضاء قضاة من بين النصاري ليحكموا بين أهل ديانتهم، ولما بلغ ذلك عمر بن الخطاب أقره ولم يعلم لهما مخالف من الصحابة في حينه، وهذا هو أصل القضاء الملي في البلاد المصرية.
- ثانيا: ان المفهوم من كلام فقهاء الحنفية أن القول بجواز تولية غير المسلم القضاء بين أهل ديانته إنما هو نوع من التسامح مع أهل الذمة، فلا ينبغي أن يفهم منه انه يجب على رئيس الدولة الاسلامية أو من له حق تولية القضاة أن يولي غير المسلم، لأن من الأصول المقررة أن كل ولاية عامة في بلاد الاسلام، إنما تستند إلى المسلمين لا إلى غيرهم، كما لا يفهم منها ان غير المسلمين مجبرون على أن يتحاكموا إلى القاضي غير المسلم، لأن لهم الحق في التحاكم إلى القاضي المسلم.
-ثالثا:- أن هذه التولية لاتنفي الصغار عنهم، لأن هذه التولية ليست على المسلمين، وإنما عليهم أنفسهم وعلى بعضهم البعض،كما انه ليس في هذه التولية علو على المسلمين، لأن العلو لا يتحقق إلا إذا شملت التولية الحكم بين المسلمين، وهذا غير حاصل.
الفرع الثاني :من الشروط الخاصة عند بعض الفقهاء في صلاحية القاضي
(شرط ألا يكون قد دفع رشوة لتوليه القضاء)
- قد اشترط المالكية لصحة تولية القاضي الذي لا يتعين عليه القضاء: ألا يكون قد دفع رشوة ليحصل على هذا المنصب، فإن كان ممن لا يجب عليه تولي القضاء ودفع رشوة لكي يحصل على هذا المنصب فلا تنعقد عندهم ولايته، وقضاؤه مردود، حتى ولو وافق الحق، وتوفرت فيه شروط القضاء، هكذا صرح علماء المالكية.
- أما إذا كان يجب عليه تولي القضاء، فقد اختلف المالكية فيه، فهل يجوز له أن يبذل مالاً ليتقلد منصب القضاء أم لا، على رأيين في الفقه المالكي، أحدهما يفيد الجواز، لأنه إنما بذل المال ليحصل على أمر واجب، والرأي الآخر يفيد بعدم الجواز.
- وكذلك يرى الشافعية أنه إذا تعين للقضاء واحد لا يصلح له غيره لزمه طلبه.حتى لو توصل الى ذلك بدفع مال فاضل عن قوته، وقوت من تلزمه نفقته، لأن القضاء يترتب عليه مصلحة عامة للمسلمين، فوجب بذل المال للقيام بهذه المصلحة.
ومال بعض الشافعية إلى أنه يجب عليه طلب القضاء وان كان يظن عدم إجابته طلبه، أخذا من قول العلماء: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن علم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عدم الامتثال له.
القضاء في الاسلام
تقرير عن القضاء في الاسلام , القضاء فى الاسلام , نبذة عن القضاء في الاسلام , بحث عن القضاء فى الاسلام , بحث عن القضاء بالاسلام , نبده عن القضاء فى الاسلام , نبدة عن القضاء بالاسلام , انواع القضاء فى الاسلام , انواع القضاء بالاسلام, موضوع عن القضاء فى الاسلام , القضاء فى الاسلام
حكــم القضاء فى الاسلام
يختلف حكم القضاء باعتبار القائمين على تعيين القضاة، وباعتبار المكلفين به، وبحسب هذا الاعتبار الأخير، فإن المكلفين به إما أن يكونوا متعيّنين له، وإما أن يكونوا غير متعيّنين، وإن كانوا غير متعيّنين للقضاء، فإما أن يكونوا متساوين في الأهلية له، وإما أن يكونوا غير متساوين، وإن كانوا متساوين فإما أن يقبلوه جميعاً، وإما أن يقبله بعضهم ويزهد فيه الآخرون، وعليه فسنذكر حكم القضاء في كل حالة من هذه الحالات، من حيث طلبه بشكل عام، ومن حيث طلبه وقبوله في كل حالة منها على حدة.
أولاً: حكم القضاء باعتبار القائمين عليه: ويُقصد بالقائمين على القضاء هم أولياء الأمر، وأصحاب السلطة العليا في الدولة، حيث تعيين القضاة فرض عين على رئيس الدولة أو ولي الأمر،بحيث لا ينبغي أن تخلو مدينة من قاضٍ يفضّ الخصومات بين الناس[1].
ثانياً: حكم القضاء باعتبار المكلفين به: هو فرض كفاية في حق القادر عليه؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما من فروض الكفاية[2].
حكم طلب القضاء وقبوله
إذا كان الشخص أهلاً للقضاء فإنه قد يكون هو وحده المتفرد بهذه الأهلية، أو يكون معه غيره يصلح لتولي هذا المنصب، وبناء على هذا فإن الحال من حيث طلب القضاء وقبوله عند عرضه لا يخـلو من الأمور التالية:
1 ـ إن تعين شخص للقضاء لزمه طلبه وكذلك قبوله.
2 ـ وإن كان يصلح له معه غيره:
فإن كان غيره أصلح منه ويقبل توليه لو عُرض عليه فهل يقبله المفضول أم لا؟ قولان:
ï الأول: له قبولـه، ودليل ذلك أن النبي r ولى عتاب بن أسيد قضاء مكة وكان في الصحابة من هو أفضل منه.
ïالثاني: قيل لا يقبل ويحرم طلبه وتوليته، وكأن صاحب هذا القول استدل بما جاء عن النبي r “من ولى رجلاً على عِصابة وهو يعلم أن فيهم من هو أرضى منه لله ورسوله فقد خان الله ورسوله والمؤمنين“[3].
وعلى الأول يكره طلبه وقيل يحرم، ودليل الكراهة ما رواه أنس عن النبي r أنه قال: “من ابتغى وسأل فيه شفعاء وُكل إلى نفسه، ومن أُكره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدده“[4]، وأما الفاضل فيندب له الطلب، وقيل يلزمه القبول ويستحب له الطلب.
وإن كان الأصلح لا يرغب في تولي القضاء فهو كالمعدوم.
3- وإن تعين شخص للقضاء وكان غيره مثله: فله القبول، ويندب له الطلب إن كان خاملاً يرجو نشر العلم، أو كان محتاجاً إلى الرزق، فإن لم يكن كذلك فالأولى له تركه.
وعند النووي في هذه الصورة أنه يكره له الطلب والقبول على القول الصحيح، ومقابله أنهما خلاف الأولى.
والاعتبار في التعيين وعدمه بمحل السكن؛ أي عند تعيين القضاة ينبغي أن ينظر للبلد الذي يتمّ فيه هذا التعيين، فيقدم القضاة من ساكنيه على غيرهم[5].