بحث فى دعوى مسئولية الدولة عن اعمالها الضارة كامل وجاهز بالتنسيق
ألمسئولية ألقائمة على ألمخاطر
أذا كانت القاعدة العامة التي لازالت سائدة هي وجوب قيام مسئولية الادارة على ألخطأ فأن هذه القاعدة قد تصدعت في ظروف المجتمعات المعاصرة بفعل التقدم الصناعي والتطور التقني الذي بدأ في القرن التاسع عشر ومانشأ عنهما من أزدياد الحوادث والمخاطر ، حيث بدأت الحركة الفقهية وبضغط من القوى الاجتماعية المختلفة تطالب بأطلاق المسئولية وعدم تقييدها بالخطأ، فتحرك القضاء وتدخل المشرع لبناء مسئولية غير خطئية في مجالات محددة . ولم يكن القضاء الاداري في بعض دول النظام القضائي المزدوج بعيدا عن هذا التطور في مجال المسئولية
.حيث أقر هذا القضاء مسئولية الادارة القائمة على المخاطر كأستثناء من القاعدة العامة اعلاه .واستمر هذا القضاء على هذا النهج لاعتبارات متعددة سنشير اليها لاحقا .
أن أقرار القضاء الاداري لهذا النوع الجديد من المسئولية لم يكن منفصلا عن الاتجاه العام الذي سلكته التشريعات المدنية والقضاء المدني سواء في النظام اللاتيني أو النظام الانكلوسكسوني في هذا المجال . لذلك يبدو من المفيد مراجعة التطور التاريخي للمسئولية غير الخطئية والقائمة على المخاطر ليكون ذلك مدخلا لمعرفة موقف القضاء الاداري في دول النظام المزدوج وموقف التشريع الجزائري من هذا الموضوع .
(أ)- في النظام الفرنسي:- تدخل ألمشرع الفرنسي منذ بداية ألقرن التاسع عشر بموجب تشريعات خاصة أقر فيها المسئولية غير القائمة على الخطأ بعد أن أتضح له عدم جدوى ألمسئولية ألخطئية في ظل ظروف التقدم الصناعي وتطور الوسائل التكنولوجية التي نتج عنها أزدياد مخاطر العمل والحوادث الضارة .ألا أن هذا التدخل التشريعي لم يأت الا بضغط من القوى الاجتماعية المتضررة من هذه المخاطر والحوادث وخصوصا الطبقة العاملة .أن أهم الميادين التي تدخل فيها المشرع الفرنسي لاقرار المسئولية غير الخطئية هي تلك التي تتعلق بأستغلال المناجم ،حيث صدر القانون الخاص بهذا المجال في 21-4-1810 الذي قرر في المادة 15 منه مسئولية مستغل المنجم عن الاضرار التي تصيب المستغلين المجاورين له أو ملاك السطح دون ان يستند في هذه المسئولية الى الخطأ."1". أن المجال الحيوي لهذه المسئولية يتمثل بأصابات وحوادث العمل ،حيث تدخل المشرع بقانون 9-4-1898 لالزام رب العمل بتعويض العامل عن الاصابات التي يتعرض لها أثناء العمل أو بسببه دون حاجة الى أثبات خطأ من جانبه أو في جانب تابعيه بعد ان كانت هذه المسئولية قائمة على الخطأ الثابت قبل هذا التاريخ .بل أصبح رب العمل بموجب هذا القانون يسأل حتى لو كان الفعل ألضار راجعا الى القوة القاهرة أو الى حادث فجائي ولايعفى من المسئولية الا اذا أثبت الخطأ العمدي للعامل المصاب "2".
لم يقتصر تدخل المشرع الفرنسي على تلك المجالات وانما أمتد نطاق أعترافه بالمسئولية غير الخطئية الى مجالات عديدة أخرى كالانشطة المتعلقة بالاستغلال الجوي والملاحة الجوية وحوادث السيارات ومجالات استغلال المنشأت النووية وغيرها"3".
وعلى الرغم من كثرة التشريعات الخاصة التي تعالج بعض مجالات المسئولية غير القائمة على الخطأ الا ان ذلك لم يجعلها تشترك في بناء أسس وأحكام عامة لهذه المسئولية وانما بقي كل تشريع من هذه التشريعات يعالج شروط واحكام المسئولية بشكل قد يختلف عن بقية التشريعات الاخرى.
أما موقف القانون المدني الفرنسي فأن بعض الفقه يرى بأنه أجاز المسئولية غير الخطئية في مجال مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه المقررة في الفقرة الخامسة من المادة (1384) بأعتبار أن قرينة أثبات الخطأ قرينة أفتراضية غير قابلة لأثبات العكس "1" . كما يرى البعض ان القضاء المدني الفرنسي استطاع من ألاستناد الى الفقرة الاولى من المادة اعلاه لتأسيس المسئولية غير القائمة على الخطأ في مجال الاضرار الناشئة عن الاشياء غير الحية "2".
(ب)- في النظام الانكلوامريكي:- أذا كان المشرع الامريكي قد تدخل في بعض المجالات المحددة لاقرار المسئولية غير القائمة على الخطأ فأن القضاء الانكلوامريكي لعب دورا كبيرا في أرساء بعض القواعد لهذا النمط من المسئولية .وتعتبر مسئولية حائز الاشياء الخطرة من أولى ألمجالات التي طبق فيها هذا القضاء فكرة المسئولية غير الخطئية ، حيث ترجع هذه المسئولية الى حكم صادر من المحكمة المالية (أكسشكر) سنة 1866 الذي أيده مجلس اللوردات في 1868 في قضية (ريلاندز ضد فلتشر ) الشهيرة"3".،كما تعتبر المسئولية عن المنتجات الضارة أحدى النماذج للمسئولية غير المقيّدة بالخطأ في القانون الامريكي "4". ففي العديد من القضايا أصبح المنتج أو الصانع للسلعة مسئولا عن الاضرار التي تنشأ عن منتجاته دون حاجة الى قيام الخطأ ،وعلى هذا الاساس تضمنت المجموعة غير الرسمية التي أعدها معهد القانون الامريكي بشأن مسئولية المنتج غير الخطئية مايلي :
للتفصيل في هذه القضية راجع ابراهيم ابو الليل ، مرجع سابق ، ص249 ومابعدها . كما انظر تطور هذا المبدأ في القضاء الامريكي :
(ج)- في النظام السوفيتي السابق :- عالج المشرع السوفيتي منذ صدور القانون المدني الاول في عام 1922 المسئولية القائمة على المخاطر فألزم المشروعات ....والاشخاص الذين يؤدي نشاطهم الى خطر متزايد على من حولهم بتعويض الضرر المتسبب عن مصدر الخطر مالم يقيموا الدليل على ان الضرر نشأ من جراء القوة القاهرة أو تعمد المضرور "1". وقد سلك اسس التشريع المدني السوفيتي الصادر عام 1961 نفس المسلك حيث نصت المادة (90) منه على انه (( يجب على الهيئات والمواطنين الذين يرتبط نشاطهم بخطر مشدد لمن يحيط بهم كهيئات النقل ،المشاريع الصناعية ،ورشات البناء،اصحاب السيارات .....الخ أن يعوضوا الضرر المتسبب عن مصدر الخطر المشدد مالم يقيموا الدليل على ان الضرر نشأ من جراء قوة قاهرة أو تعمد المصاب ))"2". وأستنادا الى هذا النص فأن المسؤول يتحمل تبعة الحادث الفجائي كما لايعفيه من المسئولية خطأ المضرور اليسير ولا حتى خطأه الجسيم وانما يتعّين أقامة الدليل على تعمد المضرور في ألحاق ألضرر بنفسه . بناء على ذلك يرى بعض الفقه السوفيتي أن التشريع المدني قد أخذ بمبدأين أولهما يتمثل بتأسيس ألمسئولية على الخطأ المفترض والاخر يتمثل بتأسيس المسئولية على المخاطر ،غير أن جانبا من هذا الفقه يرى أن المسئولية في هذا التشريع تستند جميعا على مبدأ عام هو المسئولية الموضوعية حيث يلتزم المسئول في كل الاحوال بمجرد وقوع الضرر، وعليه دفع المسئولية تارة عن طريق اثبات انتفاء الخطأ وتارة بأقامة الدليل على القوة القاهرة أو تعمد ألمضرور "3".
لازال القضاء الاداري في دول النظام المزدوج يتمسك بالخطأ كأساس عام لمسئولية الادارة ،ألا أنه خرج على هذا الاساس في بعض الحالات فأقر مسئولية الادارة على أساس المخاطر بصفة أستثنائية أو تكميلية .وقد أفرز هذا التطبيق لهذا النمط من المسئولية عدة مواقف فقهية،بعضها يؤيد هذا التطبيق بينما يعارض البعض الاخر هذا الاتجاه القضائي وينكره . لذلك سنحاول دراسة هذه المسألة في النقاط التالية :
(أ)- موقف القضاء الاداري من نطاق تطبيق ألمسئولية ألقائمة على ألمخاطر
حاول القضاءالاداري الفرنسي الاذعان لظروف تطور وظيفة الدولة ولضغوط القوى الاجتماعية المتضررة من نشاط الادارة المتزايد ،لذلك لم يبق متمسكا بالمسئولية الخطئية على وجه الاطلاق انما قرر في بعض أحكامه أمكانية قيام مسئولية الادارة رغم أنتفاء ألخطأ وذلك في الاحوال التي يسبب فيها نشاط الادارة ضررا بالغير . وقد وجد هذا القضاء تبريرات هذا النمط من المسئولية في قاعدة الغرم بالغنم ومبدأ المساواة أمام الاعباء العامة .
غير ان نطاق تطبيق هذه المسئولية القائمة على المخاطر ،وفقا لاحكام هذا القضاء ،بقي محدودا جدا وتم حصره في مجال ضيّق لايلغي ألمبدأ العام لمسئولية الادارة القائمة على الخطأ، وذلك لأن هذا القضاء بقيّ متمسكا بالصفة الأستثنائية والتكميلية للمسئولية القائمة على المخاطر،الامر الذي جعله يتشدد في عناصر تحققها وخاصة في عنصر الضرر، حيث يشترط ان يكون الضرر الواقع قد أنصب على شخص معيّن أو على أشخاص معينين بذواتهم بحيث تكون للضرر صفة خاصة بالمضرور لايشاركه فيها أحد ، كما يشترط هذا القضاء أن يتميز هذا الضرر بجسامة أستثنائية ويكون من غير الممكن أعتباره من المخاطر العادية التي يمكن أرجاعها الى خطأ مرفقي محدد"4" . أن هذين الشرطين ،الضرر الخاص والجسامة ألاستثنائية لهذا الضرر، يؤديان في التطبيق العملي الى الحيلولة دون توسع نطاق نظرية المخاطر في مسئولية الادارة كما لايمكن بموجبهما ان تكون المخاطر أساسا قانونيا عاما أو مساويا للخطأ في مجال هذه المسئولية .
---------------------------------------------------
أما القضاء الاداري المصري فأنه كان أكثر تشددا من القضاء الاداري الفرنسي في تطبيق نظرية المخاطر على مسئولية الادارة ، ففي حكم للمحكمة الادارية العليا صدر في 19.5.1962 تقرر فيه (( أن المسئولية على أساس المخاطر هي ضرب من التأمين ، ومثل هذا التأمين يجب أن يكون مرجعه الى القانون ومن ثم لزم تدخل الشارع للنص على التعويض في هذه الحالة وبيان حدود وقواعد تقديره.الامر الذي لايمكن ان يكون مرده الى نظرية قضائية غامضة المعالم تأسيسا على قواعد العدالة المجردة لما في ذلك من خطورة تبهظ كاهل الخزانة العامة .وقد تؤدي بميزانية الدولة الى البوار ،وقد أخذ الشارع المصري في التقنين المدني الجديد بما جرى عليه القضاء في ظل التقنين المدني السابق من أن ترتيب مسئولية الحكومة على هذه النظرية ينطوي على أنشاء لنوع من المسئولية لم يقره الشارع ولم يرده،فنص صراحة في المذكرة الايضاحية على ان المسئولية على أساس تبعة المخاطر المستحدثة لاتوجد بشأنها سوى تشريعات خاصة تناولت تنظيم مسائل بلغت من النضج مايؤهلها لهذا الضرب من التنظيم .وفي مجال القانون الاداري لايمكن ترتيب المسئولية على أساس تبعة المخاطر كأصل عام مقرر بل يلزم لذلك نص تشريعي خاص ، وقد أخذ التشريع المصري في حالات معينة على سبيل الاستثناء لهذه الفكرة .))"1"
وبهذا الشكل ضيّق القضاء المصري الى حد كبير من نطاق تطبيق نظرية المخاطر في مجال مسئولية الادارة وقصرها على تلك الحالات التي ورد فيها نص تشريعي خاص فقط ،وقد ألتزم هذا القضاء بهذا الخط الفكري في العديد من أحكامه "2".
(ب)- حالات المسئولية القائمة على المخاطر في أحكام ألقضاء ألاداري "3"
أذا كان القضاء الاداري الفرنسي لم يضع نظرية عامة او لم يجعل المخاطر مبدأعاما تقوم عليه مسئولية الادارة فأنه يمكن ألاشارة الى بعض الحالات التي طبق فيها المخاطر كأساس لهذه المسئولية وهي تتمثل بمايلي :-
في مجال علاقة الادارة بموظفيها وعمالها :-
تعتبر مسئولية الادارة عن أصابات العمل التي يتعرض لها موظفيها وعمالها أثناء تأديتهم للعمل الصورة المثلى التي بني فيها هذا القضاء هذه المسئولية على أساس المخاطر.وقد تقررت هذه المسئولية في التشريع الفرنسي بعد أن تبناها القضاء الاداري .كما طبق هذا القضاءنظرية المخاطر على الاضرار التي تصيب الافراد العاديين الذين يتعاونون مع الادارة في مجال أداء الخدمات العامة كما لو طلبت الادارة معاونة أحد الافراد من غير موظفيها لمنع شخص من الانتحارفأصابه ضرر من جراء ذلك "4".كما طبق هذا القضاء هذا النمط من مسئولية الادارة في مجال
تعويض الموظفين الذين يتم فصلهم فجاة بسبب ألغاء الوظيفة الغاء قانونيا.فالتعويض هنا غير مرتبط بخطأ الادارة غير أن القضاء الاداري قد أقر مسئولية الادارة رغم ان قرار الفصل كان سليما ،وقد تم الاعتراف بهذه الحالة تشريعيا في فرنسا في عام 1949"5".
في مجال علاقة الادارة بالمنتفعين :-
يمكن الاشارة الى بعض صور هذه الحالة التي وردت في أحكام القضاء الاداري الفرنسي وذلك وفقا لمايلي :
في مجال المسئولية عن أمتناع الادارة عن تنفيذ ألاحكام القضائية:
تعتبر هذه المسئولية نموذجا أخرا يضيفه الفقه الاداري الى حالات المسئولية القائمة على المخاطر .فالاحكام القضائية يمكن أن تكون صادرة لمصلحة الفرد ضد الادارة،ففي هذه الحالة يجب على الادارة تنفيذ مثل هذه الاحكام ويشكل أمتناعها عن التنفيذ خطأ يؤدي الى قيام مسئوليتها ،غير أن مسئولية الادارة يمكن أن تقوم على أساس المخاطر في الاحوال التي تمتنع فيها عن تنفيذ حكم قضائي صادر لصالح أحد الاشخاص ضد شخص أخر لاسباب تتعلق بالنظام العام ،غير أنه أذا كان من شأن هذا الامتناع أحداث ضرر استثنائي وغير مألوف لمن صدر الحكم في صالحه فأن القضاء الاداري يحكم بمسئولية الادارة على اساس المخاطر "4"
أذا كان القضاء الاداري الفرنسي قد أرسى بعض ألاسس التي تبنى عليها مسئولية ألادارة القائمة على المخاطر كأستثناء من الاصل العام المتمثل بالمسئولية القائمة على الخطأ فأن هذا الاعتراف القضائي بنظرية المخاطر قد أفرز عدة مواقف فقهية بعضها يرفض هذا النمط من المسئولية أما ألبعض الاخر فقد أبدى تأييدا لها ،لذلك نتطرق الى هذه المواقف على النحو التالي :
أولهما في غياب النصوص ألتشريعية التي تنص على هذا النمط من المسئولية ، اما السبب الاخر فيتمثل في العيوب التي أكتنفت ألمسئولية ألخطئية وخاصة في المجالات التي يتعذر فيها على المضرور أثبات ألخطأ. لذلك فأن تدخل المشرع الفرنسي في بعض الحالات ليفرض المسئولية القائمة على المخاطر بنصوص صريحة من جهة ، ونجاح القضاء في تلافي عيوب المسئولية الخطئية من خلال أقامة قرائن سواء كانت قرائن بسيطة أو مطلقة من جهة ثانية قد أدى الى الاستغناء عن فكرة المخاطر الى حد كبير .
وعلى الرغم من هذه الانتقادات الموجهة الى نظرية المخاطر فأن أغلبية الفقه الاداري لايتفق معها كما ان القضاء الاداري لم يتقيّد بها وذلك للاسباب التالية :
(1)- التطور التاريخي للمسئولية غير ألخطئية ---------------------------------------------------1- د.ابراهيم ابو الليل ،مرجع سابق ،ص178. 2- د.ثروت الاسيوطي ، مبادئ القانون ،ج2،الحق،1974،ص189.وانظر حول تطور القضاء الفرنسي في هذا المجال نفس المرجع ،ص189-191. ومن المفيد الاشارة الى ان هذا القانون كان تطبيقه يقتصر على بعض الصناعات ثم امتد ليشمل قطاعات اخرى .انظر ابو الليل ،مرجع سابق ،ص180 3-بموجب المادة 53 من قانون 31-5-1924 يسأل مستغلي الطائرات عن الاضرار التي تحدث عن هذه الطائرات او عن الاشياء التي تنفصل عنها او تسقط عنها .كما انظر قانون 3-5-1921 الذي يلزم بتعويض الاضرار الناشئة عن الحوادث التي تقع داخل المنشأت الصناعية التي تعمل في مجال الدفاع القومي .كما انظر القانون رقم 955-65 والقانون رقم 956-65 الصادران في 21-11-1965 بشأن المسئولية غير الخطئية لمستغل المنشأت النووية . 1- من باع منتجات في حالة معيبة وكانت خطورتها غير عادية فأنه يسأل عن الاضرار الجسمانية التي تحدث للمستعمل أو للمستهلك لهذه المنتجات أو لامواله بشرط (أ)- أن يكون البائع مختصا ببيع هذه المنتجات .(ب) – أن يكون من غير المتوقع أن تصل هذه المنتجات الى ألمستهلك أو المستعمل لها دون أي تغيير جوهري في حالتها . 2- تطبق القاعدة السابقة على الرغم من ان (أ)- البائع قد قام بكل مايمكنه من عناية في أعداد وبيع منتجاته .............(ب)—وان المستعمل أو المستهلك لم يشتر ولم يدخل في أيّة علاقة تعاقدية مع البائع . 1- وتقتصر مسئولية المتبوع في القانون الفرنسي على اعمال التابع التي يقوم بها حال تأدية وظيفته بينما تمتد هذه المسئولية في القانون الجزائري لتشمل أعمال التابع التي يقوم بها بسبب الوظيفة كذلك (/136). 2-للتفصيل في هذه المسئولية راجع د. محمود جلال حمزة ، العمل غير المشروع بأعتباره مصدر للالتزام ،ديوان المطبوعات ، الجزائر ،ص202 ومابعدها . 3- تتلخص هذه القضية في ان المدعى كان مستأجرا لمنجم بالقرب من طاحونة مملوكة للمدعى عليه .وقد عهد هذا الاخير الى أحد المقاولين لانشاء مستودع للمياه بالقرب من الطاحونة ليمدها بالمياه واثناء قيام المقاول بالحفر في أرض المدعى عليه وجد بئرا من المنجم مهجورا وكذلك بعض الممرات التي تتصل بمنجم الجار ،وعلى الرغم من عدم ملاحظتها حيث كانت مغمورة بالتراب فأن المقاول أهمل في سدها .وحينما أمتلأ المستودع بالمياه تسربت منه الى منجم المدعى المجاور واغرقته .ورغم عدم امكان نسبة الخطأ الى المدعى عليه فقد أيد مجلس اللوردات الحكم الصادر من محكمة اكسشكر بمسائلته مدنيا ،مقررا انه اذا كان الشخص لايسأل عن الاضرار التي تحدث لجيرانه عند أستعمال أرضه استعمالا عاديا فأنه على العكس يسأل أذا كان هذا الاستعمال غير عادي أو غير طبيعي بأن أحضر اليها شيئا لم يكن فيها بحالتها الطبيعية وادخله بباطنها مما ترتب عليه تسرب المياه الى ملك الغير . John M.Kelson –State responsibility and the abnormally dangerous activity ,H.L.L.J,1972,P203 4- للتفصيل ابراهيم ابو الليل ،مرجع سابق ،ص267 ومابعدها . (2)- موقف ألقضاء الاداري من ألمسئولية القائمة على المخاطر : 1- د.ثروت الاسيوطي ،مرجع سابق،ص195 ومابعدها. 2- أسس التشريع لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية والجمهوريات المتحدة –ترجمة ثروت الاسيوطي ،دار التقدم،موسكو،1974.كما انظر بنفس المعنى المادة 454 من القانون المدني لجمهورية روسيا السوفيتية ,ترجمة الاسيوطي ،دار التقدم ،موسكو1973. 3- ثروت الاسيوطي،مرجع سابق،ص106-107 وهامش رقم106. وللمقارنة انظر تطور المسئولية المدنية عن الاضرار الصناعية في هنغاريا في مقالة Laszlo Nagy-Civil Liability for industrial injuries in Hungarian Judicial precedents-Rev.of Contemporary Law,10th year.No2/1963.Brussels.Belgium.p 86. 4-للتفصيل راجع الطماوي –مرجع سابق –ص206 ومابعدها .عوابدي عمار –مرجع سابق-ص209 ومابعدها , 1- مجموعة ابو شادي ،ص1134. نلاحظ ان أغرب مافي هذا الحكم والاحكام اللاحقة الصادرة عن القضاء الاداري المصري هو هذا الهجوم على نظرية المخاطر باعتبارها نظرية قضائية غامضة ومبهمة ، بينما نجد نفس القضاء قد تبنى مجموعة كبيرة من النظريات القضائية الغامضة المعالم والتي تبرز خطورتها الاجتماعية والسياسية في اكثر من مجال كنظرية المرفق العام ونظرية السلطة العامة والضبط الاداري والظروف الاستثنائية واعمال السيادة وغيرها من نظريات القانون الاداري الفرنسي ،وهي جميعا من صنع قضاء اجنبي وطبقها في مصر دون ان يلتزم هذا القضاء الاداري المصري بوجود نصوص تشريعية مصرية تسمح بتطبيق هذه النظريات القضائية الفرنسية في مصر .غير انه يبدو واضحا عندما يتعلق الامر بالتأمين الاجتماعي من الاخطار التي تهدد مصالح الطبقات الفقيرة والتي يكون مصدرها نشاط الادارة ذاته ،فان هذا المسلك الطبقي لهذا القضاء الاداري يكون بجانب الطبقات الغنية ويعمل احكامه لصالحها حتى لو كان ذلك متعارضا مع نصوص تشريعية سائدة .للتفصيل في مثل هذا الانحياز الطبقي لهذا القضاء راجع كتابنا –مقدمة في القانون الاداري –مرجع سابق –ص 52،67،79-80 . 2- انظر هذه الاحكام لدى الطماوي –مرجع سابق-ص438. 3-Delaubadere-Droit Administratif special-R.U.F.1970.P147. Philippe Georges-Op.cit-P351 etc. 4- الطماوي –مرجع سابق-ص215-216 .عبدالقادر باينة-مرجع سابق-ص228 5- الطماوي-نفس المرجع ص219 1- مسئولية الادارة عن ألاضرار الناشئة عن الاشغال العامة ،سواء كانت هذه الاشغال تتمثل بالقيام ببناء أو ترميم أو أنشاء أو أي أعداد مادي لعقار يتم لحساب الادارة،فبمجرد القيام بمثل هذه الاشغال وحصول ضرر خاص بأحد الافراد يتسم بجسامة أستثنائية فأن هذا القضاء يقرر مسئولية الادارة "1". 2- مسئولية الادارة عن النشاط الخطر الذي تقوم به : ففي هذه الحالة أكتفى هذا القضاء بأن يكون نشاط الادارة في ذاته خطرا يعرض الافراد الى مخاطر استثنائية ،ففي احدى القضايا التي فصل فيها هذا القضاء والتي تتلخص وقائعها في أنه أثناء الحرب العالمية الاولى جمعت السلطة العسكرية كمية كبيرة من المتفجرات في قلعة قرب ضواحي باريس وقد انفجرت مما تسبب عنها اضرار جسيمة بالمنازل المجاورة فتقدم أصحابها الى القضاء فقرر هذا الاخير مسئولية الادارة في تعويض المتضررين أستنادا الى نظرية المخاطر حيث قرر بأنه كلما زاولت الادارة نشاطا خطرا في ذاته وعرضت من يجاورها من السكان لهذا الخطر فأنها تلتزم بالتعويض بصرف النظر عن الخطأ"2". وفي قضية اخرى مشابهة تتلخص في ان رئيس بلدية مرسيليا قرر أحراق أحد المنازل الموبوئة لكي يتأكد من القضاء على المرض ويمنع أنتشاره ،وخلال عملية التنفيذ أمتدت ألنيران الى منزل مجاور فأصابته بأضرار جسيمة ،فتقدم صاحبه بدعوى المسئولية ،فقرر مجلس الدولة الفرنسي التسليم بشرعية قرار رئيس البلدية وعدم ارتكاب خطأ ما، ومع ذلك قرر الحكم بالتعويض على أساس أن هذه العملية المشروعة في ذاتها تضمنت خطرا يفوق حدود المخاطر العادية "3". 3- مسئولية الادارة على أساس المخاطر عن الاضرار التي تحدث بسبب استعمال الالات الخطرة كالسيارات والقطارات والاسلحة النارية واستعمال الادوية الخطيرة وغيرها من الاشياء الخطرة ....الخ. .(3)-موقف الفقه ألاداري من ألمسئولية ألقائمة على المخاطر : (أ)- ألاراء الرافضة للمسئولية القائمة على المخاطر"1":- يعتبر الفقيهان كاريه دي ملبرج وهوريو من الذين تزعموا الاتجاه الذي ينكر بناء مسئولية الادارة على أساس المخاطر ،ويمكن حصر مبررات هذا الاتجاه بمايلي : 1-الطماوي-مرجع سابق-ص223 ومابعدها.وللمقارنة مع المغرب انظر عبد القادر باينة،مرجع سابق،ص233.حيث يميز بين ثلاث فئات من الحالات الناتجة عن أضرار الاشغال العامة فئة الاضرار الدائمة الناتجة عن هذه الاشغال وفئة الاضرار العرضية الحاصلة لغير المستفيدين من هذه الاشغال وفئة الاضرار العرضية الحاصلة للمستفيدين من الاشغال .ويقصر القضاء المغربي تطبيق نظرية المخاطر على الفئتين الاولى والثانية اما الفئة الثالثة فتخضع الى المسئولية القائمة على الخطأ. 2-الطماوي –مرجع سابق-ص232.جورج فيليب-مرجع سابق –ص352. 3-الطماوي –نفس المرجع-ص235. 4- عوابدي عمار –مرجع سابق ص232 ومابعدها 1- أن القضاء الاداري عندما طبق المسئولية القائمة على المخاطر في حالات معينة كان مندفعا لسببين يتمثل 2- يرى هذا الاتجاه أن التسليم بمسئولية الادارة القائمة على المخاطر يؤدي الى أنكار مبدأ سيادة الدولة ومن ثم مخالفة المبادئ الدستورية التي أرست هذا ألمبدأ. 3- أن فكرة ألمخاطر فكرة غامضة وغير واضحة المعالم ولايمكن أرجاعها الى أساس قانوني غير ذلك الاساس الغامض المستمد من قواعد العدالة المجردة ومساواة الافراد أمام ألاعباء ألعامة وهو مايشكل خطورة بالغة . 1- أن ألاحتجاج بقرائن الخطأ البسيطة والمطلقة للدلالة على ألاستغناء عن فكرة المخاطر لايفيد الا عددا من الحالات ،لذلك فأن هذه القرائن لايمكن أن تواجه جميع الحالات التي تطبق فيها هذه الفكرة .أما الحالات التي تدخل فيها المشرع بنصوص صريحة فهي قد جاءت بعد أن أسس القضاء الاداري المسئولية على اساس المخاطر،فهو تسليم من المشرع بهذه الحلول القضائية ولم يكن نفيا لها او استغناءا عن المخاطر لاقامة مسئولية الادارة .ثم ان المعروف عن مسلك القضاء الاداري الفرنسي أنه قضاء أنشائي يسمح له بسد النقص الذي يكتنف النصوص التشريعية كما أنه يملك من السلطات التي تجعله غير ملزم بالتقّيد الحرفي بالنصوص التشريعية خصوصا اذا ما علمنا بأن كل أو أغلب قواعد المسئولية الادارية هي قواعد قضائية من صنع هذا القضاء الذي يمتلك القدرة على تغيير وتعديل هذه القواعد بحسب الظروف. 2- أن القول بوجود تعارض بين هذه المسئولية ومبدأ سيادة الدولة يعتبر من الحجج القديمة التي أستند اليها بعض الفقه لاستبعاد كل أنواع مسئولية الدولة وليست هذه المسئولية القائمة على المخاطر فقط.لقد بينت ظروف تطور وظيفة الدولة أن السيادة والمسئولية مبدأن