الالتزام بالكتاب والسنّة
أعظم سبيل للحماية من الشيطان هو الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً،فالكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم،والشيطان يجاهد كي يخرجنا عن هذا الصراط قال تعالى:{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام:153].
لقد دَلَّ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ المُوصِلِ إِلَيْهِ تَعَالَى،وَدَعَاهُمْ إلى اتِّبَاعِهِ،فَقَالَ لَهُمْ:إنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً لاَ عِوَجَ فِيهِ،فَعَلَيْكُمْ أِنْ تَتَّبِعُوهُ إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الهِدَايَةَ،وَالفَوْزَ بِرِضَا رَبِّكُمْ وَرِضْوَانِهِ.
فَاتَّبِعُوا سَبِيلَ اللهِ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ،لأنَّهُ سَبيلٌ وَاضِحٌ وَاحِدٌ،وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ المُتَفَرِّقَةَ المُضِلَّةَ،حَتَّى لا تَتَفَرَّقُوا شِيَعاً وَأَحْزَاباً،وَتَبْعُدُوا عَنْ صِرَاطِ اللهِ السَّوِيِّ.[1]
عَنْ عَبْدِ اللهِ،قَالَ:خَطَّ رَسُولُ اللهِ r،خَطًّا بِيَدِهِ،ثُمَّ قَالَ:" هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيمًا "،قَالَ:ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ،وَشِمَالِهِ،ثُمَّ قَالَ:" هَذِهِ السُّبُلُ،لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ " ثُمَّ قَرَأَ
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) [الأنعام:153] [2]
وعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ،عَنْ رَسُولِ اللهِ r قَالَ:" ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا،وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ،فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ،وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ،وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ:أَيُّهَا النَّاسُ،ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا،وَلَا تَتَعَرَّجُوا،وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ،فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ،قَالَ:وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ،فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ،وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ،وَالسُّورَانِ:حُدُودُ اللهِ،وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ:مَحَارِمُ اللهِ،وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ:كِتَابُ اللهِ،وَالدَّاعِي مِنِ فَوْقَ الصِّرَاطِ:وَاعِظُ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ "[3]
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:" كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r فَخَطَّ خَطًّا،وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ،وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ،ثُمَّ وَضَعَ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ،فَقَالَ:«هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»،ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام:153] "[4]
إن هذا الدين شريعته كعقيدته في تقرير صفة الشرك أو صفة الإسلام.بل إن شريعته من عقيدته في هذه الدلالة..بل إن شريعته هي عقيدته..إذ هي الترجمة الواقعية لها..كما تتجلى هذه الحقيقة الأساسية من خلال النصوص القرآنية،وعرضها في المنهج القرآني..
وهذه هي الحقيقة التي زحزح مفهوم «الدين» في نفوس أهل هذا الدين عنها زحزحة مطردة خلال قرون طويلة،بشتى الأساليب الجهنمية الخبيثة..حتى انتهى الأمر بأكثر المتحمسين لهذا الدين - ودعك من أعدائه والمستهترين الذين لا يحفلونه - أن تصبح قضية الحاكمية في نفوسهم قضية منفصلة عن قضية العقيدة! لا تجيش لها نفوسهم كما تجيش للعقيدة! ولا يعدون المروق منها مروقا من الدين،كالذي يمرق من عقيدة أو عبادة! وهذا الدين لا يعرف الفصل بين العقيدة والعبادة والشريعة.إنما هي الزحزحة التي زاولتها أجهزة مدربة،قرونا طويلة،حتى انتهت مسألة الحاكمية إلى هذه الصورة الباهتة حتى في حس أشد المتحمسين لهذا الدين! وهي هي القضية التي تحتشد لها سورة مكية - موضوعها ليس هو النظام وليس هو الشريعة،إنما موضوعها هو العقيدة - وتحشد لها كل هذه المؤثرات،وكل هذه التقريرات بينما هي تتصدى لجزئية تطبيقية من تقاليد الحياة الاجتماعية.ذلك أنها تتعلق بالأصل الكبير..أصل الحاكمية..وذلك أن هذا الأصل الكبير يتعلق بقاعدة هذا الدين وبوجوده الحقيقي..
إن الذين يحكمون على عابد الوثن بالشرك،ولا يحكمون على المتحاكم إلى الطاغوت بالشرك.ويتحرجون من هذه ولا يتحرجون من تلك..إن هؤلاء لا يقرأون القرآن.ولا
[1] - أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص:943،بترقيم الشاملة آليا)
[2] - مسند أحمد ط الرسالة (7/ 436) (4437 ) صحيح
[3] - مسند أحمد ط الرسالة (29/ 181)(17634 ) صحيح لغيره
[4] - تفسير ابن أبي حاتم،الأصيل - مخرجا (5/ 1421)(8101 ) صحيح لغيره