الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
كاتب الموضوع
رسالة
Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجمعة 26 مايو - 20:50
أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
كتبه الشيخ / أحمد بن عبد العزيز القصيِّر
للعلماء في الجواب عن هذه الحادثة ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن ما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم من سحر ، هو مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، وهذه تجوز على الأنبياء كغيرهم من البشر ، وهي مما لا يُنكر ولا يَقدحُ في النبوة ، ولا يُخِلُّ بالرسالة أو الوحي ، والله سبحانه إنما عصم نبيه صلى الله عليه وسلم مما يحول بينه وبين الرسالة وتبليغها ، وعصمه من القتل ، دون العوارض التي تعرض للبدن . وهذا مذهب : المازري (1) ، وابن القيم ، والعيني (2) ، والسندي (3) ، وابن باز (4) (5) . وحكاه القاضي عياض ، حيث قال :« و أما ما و رد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء و لا يفعله ، فليس في هذا ما يُدْخِلُ عليه داخلةً في شيء من تبليغه أو شريعته ، أو يقدح في صدقه ، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، و إنما هذا فيما يجوز طروُّة عليه في أمر دنياه ، التي لم يُبعث بسببها و لا فُضل من أجلها ، و هو فيها للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ، ثم ينجلي عنه كما كان ، .... و لم يأت في خبرٍ أنه نُقل عنه في ذلك قولٌ بخلاف ما كان أخبر أنه فعله و لم يفعله ، و إنما كانت خواطر و تخيلات ».أهـ (6)
وقال ابن القيم :« السحر الذي أصابه صلى الله عليه وسلم كان مرضاً من الأمراض عارضاً شفاه الله منه ، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما ؛ فإن المرض يجوز على الأنبياء ، وكذلك الإغماء ؛ فقد أغمي عليه صلى الله عليه وسلم في مرضه (7)، ووقع حين انفكت قدمه ، وجُحِشَ ( شِقُّهُ (9) ، وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعة في درجاته ، ونيل كرامته ، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ، فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به ، من القتل والضرب والشتم والحبس ، فليس بِبدْعٍ أن يُبتلى النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أعدائه بنوع من السحر ، كما ابتلي بالذي رماه فشجه ، وابتلي بالذي ألقى على ظهره السلا (10) وهو ساجد (11)، وغير ذلك ، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك ؛ بل هذا من كمالهم وعلو درجاتهم عند الله » . (12)
القول الثاني : أن السحر إنما تسلط على ظاهره و جوارحه ، لا على قلبه و اعتقاده و عقله، ومعنى الآية عصمة القلب والإيمان ، دون عصمة الجسد عما يرد عليه من الحوادث الدنيوية. وهذا اختيار القاضي عياض (13)، وابن حجر الهيتمي (14) .
القول الثالث : أن ما روي ـ من أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِرَ ـ باطل لا يصح ، بل هو من وضع الملحدين . وهذا مذهب المعتزلة (15).
واختيار الجصاص من أهل السنة ، حيث قال :« زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِرَ , وأن السحر عمل فيه ... ، ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين ، تلعباً بالحشو الطغام ، واستجراراً لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام ، والقدح فيها , وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة , وأن جميعه من نوع واحد ، والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم السلام وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة مع قوله تعالى :{ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [ طه : 69] ، فصدق هؤلاء مَنْ كذَّبَهُ الله وأخبر ببطلان دعواه وانتحاله . وجائزٌ أن تكون المرأةُ اليهودية بجهلها فعلتْ ذلك ظناً منها بأن ذلك يعمل في الأجساد . وقصدتْ به النبي صلى الله عليه وسلم ; فأطلعَ اللهُ نبيه على موضع سرها ، وأظهر جهلها فيما ارتكبتْ وظنتْ ؛ ليكون ذلك من دلائل نبوته , لا أن ذلك ضَرَّهُ وخلَّطَ عليه أمره ، ولم يقل كلُ الرواةِ إنه اختلط عليه أمره , وإنما هذا اللفظ زِيدَ في الحديث ولا أصل له " أهـ (16) وحجة هؤلاء أن القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِر يلزم منه :
1. إبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام والقدح فيها . 2. ويلزم منه الخلط بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة . 3. ويلزم منه أن يكون تصديقاً لقول الكفار :{ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا } [ الفرقان : 8 ] ، وقال قوم صالح له : { إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ } [ الشعراء :153] ، وكذا قال قوم شعيب له . 4. قالوا : والأنبياء لا يجوز عليهم أن يُسحروا ؛ لأن ذلك ينافي حماية الله لهم وعصمتهم .(17) وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها – والذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِر – بأنه مما تفرد به هشام بن عروة (18)، عن أبيه ، عن عائشة . وأنه غَلُطَ فيه ، واشتبه عليه الأمر.(19)
واعترض : 1. بأن قولـه تعالى :{ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا } ، وقولـه :{ إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِين َ}: المراد به : من سُحر حتى جُنَّ وصار كالمجنون الذي زال عقله ؛ إذ المسحور الذي لا يُتبع هو من فسد عقله بحيث لا يدري ما يقول فهو كالمجنون ، ولهذا قالوا فيه :{ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } [ الدخان : 14 ] ، وأما من أصيب في بدنه بمرض من الأمراض التي يصاب بها الناس ؛ فإنه لا يمنع ذلك من اتباعه، وأعداء الرسل لم يقذفوهم بأمراض الأبدان ، وإنما قذفوهم بما يُحَذِّرون به سفهاءهم من أتباعهم ، وهو أنهم قد سحروا حتى صاروا لا يعلمون ما يقولون بمنزلة المجانين ، ولهذا قال تعالى :{ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 48]. 2. وأما قولهم : إن سحر الأنبياء ينافي حماية الله تعالى لهم ؛ فإنه سبحانه كما يحميهم ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم ؛ فإنه يبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم ؛ ليستوجبوا كمال كرامته، وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس ، فإنهم إذا رأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم .(20) 3. وأما قولهم : بأن حديث عائشة هو مما تفرد به هشام بن عروة ؛ فجوابه :أن ما قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم ؛ فإن هشاماً من أوثق الناس وأعلمهم ، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه ، وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة ، والقصة مشهورة عند أهل التفسير ، والسنن والحديث ، والتاريخ والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيامه من غيرهم .
والحديث لم يتفرد به هشام ؛ فقد رواه الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه - قال : " سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ ، فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا ؛ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ سَحَرَكَ ، عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا ؛ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَخْرَجُوهَا ، فَجِيءَ بِهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِذَلِكَ الْيَهُودِيِّ ، وَلَا رَآهُ فِي وَجْهِهِ قَط “ (21) (22)
-------------------
هوامش التوثيق
(1) المعلم بفوائد مسلم (3/93). (2) عمدة القاري (15/98). (3) حاشية السندي على سنن النسائي (7/113). (4) مجموع فتاوى ابن باز (***). (5) انظر : فتح الباري (10/237) ، ونيل الأوطار (17/211) (6) الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم (2/113). (7) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الأذان ، حديث (687) ، ومسلم في صحيحه ، في كتاب الصلاة ، حديث (418). ( جحش شقه : أي انخدش جلده . انظر : مشارق الأنوار (1/140)، والنهاية في غريب الحديث (1/241). (9) عن أنس بن مالك قال : " سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَن " . أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الصلاة ، حديث (378) ، ومسلم في صحيحه ، في كتاب الصلاة ، حديث (411). (10) السلى : الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه. انظر : النهاية في غريب الحديث (2/396). (11) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الوضوء ، حديث (240) ، ومسلم في صحيحه ، في كتاب الجهاد والسير ، حديث (1794). (12) بدائع الفوائد (2/192) . وانظر : زاد المعاد (4/124) . (13) الشفا (2/113). (14) الزواجر (2/163 ـ 164). (15) انظر : مفاتيح الغيب (32/172) ، وعمدة القاري (21/280). (16) أحكام القرآن ، للجصاص (1/58-59) . (17) انظر : أحكام القرآن ، للجصاص (1/59) ، ومفاتيح الغيب (32/172) ، وبدائع الفوائد (2/191) . (18) هو : هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، الإمام الثقة ، شيخ الإسلام ، أبو المنذر القرشي الأسدي الزبيري المدني ، قال ابن سعد :كان ثقة ثبتاً كثير الحديث حجة. وقال أبو حاتم الرازي : ثقة إمام في الحديث . وقال يحيى بن معين وجماعة : ثقة .(ت : 146 هـ ) . انظر : سير أعلام النبلاء (6/34). (19) انظر : بدائع الفوائد (2/191). (20) انظر : بدائع الفوائد (2/192-193) ، ومفاتيح الغيب (32/172) . (21) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/40) ، والإمام أحمد في مسنده (4/367)، والنسائي في سننه ، في كتاب تحريم الدم ، حديث (4080) ، جميعهم من طريق الأعمش ، به . وصححه الألباني ، في صحيح سنن النسائي (3/98) ، حديث (4091).
أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم