حكم الجهاد في العصر الحالي ؟؟؟

حكم الجهاد في العصر الحالي ؟؟؟




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

بالنسبة لسؤالكِ أخي الحبيب ( أبو عبيدة ) ، حول حكم الجهاد في العصر الحاضر ، فاعلم يا رعاك الله أن الحديث يطول حول هذه المسألة ، ولكني سوف أذكر لكَ ما ذكره أهل العلم بخصوص حكم الجهاد بشكل عام ، ثم أعرج على مسألة حكم الجهاد في العراق فأقول وبالله التوفيق :

يقول الشيخ السيد سابق – رحمه الله - في كتابه الموسوم ( فقه السنة 3 / 11 ، 12 ) : ( متى يكون الجهاد فرض عين ؟؟؟

ولا يكون الجهاد فرض عين إلا في الصور التالية :

1- أن يحضر المكلف صف القتال ؛ فإن الجهاد يتعين في هذه الحال 0
يقول الله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) ( سورة الأنفال – الآية 45 ) 0
ويقول الله تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ) ( سورة الأنفال – الآية 15 ) 0

2- إذا حضر العدو المكان أو البلد الذي يقيم به المسلمون ، فإنه يجب على أهل البلد جميعاً أن يخرجوا لقتاله ، ولا يحل لأحد أن يتخلى عن القيام بواجبه نحو مقاتلته إذا كان لا يمكن دفعه إلا بتكتلهم عامة ، ومناجزتهم إياه 0

يقول الله سبحانه وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ) ( سورة التوبة – الآية 123 ) 0

3- إذا استنفر الحاكم أحداً من المكلفين ، فإنه لا يسعه أن يتخلى عن الاستجابة إليه 0 لما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ) ( رواه الإمام البخاري ، والحديث ورد عائشة ، وصفوان بن أمية – رضي الله عنهم أجمعين – أنظر صحيح الجامع 7563 ) 0

أي إذا طلب منكم الخروج إلى الحرب فاخرجوا 0

يقول الله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) ( سورة التوبة – الآية 38 ) 0

قال ابن النحاس : ( ولو كان في أهل تلك البقعة التي نزل بها العدو كثرة فخرج منهم من فيه كفاية فالأصح وجوب المساعدة على الباقين ومن كان في مكان فنزل العدو منه دون مسافة القصر تعين فرض القتال عليه كتعيينه على أهل البلدة التي نزل بها العدو ) ( مشارع الأشواق إلى مصانع العشاق – 1 / 102 ) 0

وقال أيضاً : قال الماوردي : ( لأنه قتال دفاع وليس قتال غزو فيصير فرضه على كل مطيق 0 انتهى ) ( مشارع الأشواق إلى مصانع العشاق – 1 / 102 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( ومن كان على مسافة القصر وجب عليه المسير إلى البلد الذي نزل به العدو إن لم يكن من أهل ذلك البلد ومن يليهم كفاية فإن خرج إليهم من تحصل بهم الكفاية سقط الحرج عن الباقين وفاتهم الأجر العظيم 0
وقيل : لايسقط عنهم الحرج وتجب عليهم المساعدة والمسارعة، وأما الذين فوق مسافة القصر إن كان فيمن دونهم كفاية لا تجب عليهم المساعدة في أصح الوجهين 0
والثاني : تجب على الأقربين فالأقربين بلا ضبط حتى يبلغ الخبر بأن الكفار قد دفعوا وأخرجوا وليس لأهل البلد ثم الأقربين فالأقربين إذا قدروا على القتال أن يلبثوا إلى لحوق الآخرين ولا يشترط وجود المركوب فيمن دون مسافة القصر 0
وفيمن على مسافة القصر فما فوقها قولان: أصحهما الإشتراط والثاني لا يشترط لشدة الخطب ويشترط فيمن فوق مسافة القصر ودونها وجود الزاد على الأصح 0
فلو نزل الكفار على خراب أو جبل في دار الإسلام بعيد عن البلدان والأوطان ففي نزوله منزلة دخول البلد وجهان أطلقهما الغزالي 0
والذي نقله إمام الحرمين عن الأصحاب أنه ينزل منزلته لأنه من دار الإسلام واختار هو المنع لأن الدار تشرف بسكن المسلمين فإذا لم تكن مسكناً لأحد فتكليف المسلمين التهاوي على المتالف بعيد ) ( مشارع الأشواق إلى مصانع العشاق – 1 / 102 ، 103 ) 0

قال النووي : ( هذا الذي اختاره الإمام ليس بشيء وكيف يجوز تمكين الكفار من الإستيلاء على دار الإسلام مع إمكان الدفع والله أعلم ) ( روضة الطالين – 10 / 216 ) 0

وقال القرطبي : ( لو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه حتى يظهر دين الله وتحمي البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ولا خلاف في هذا ) ( الجامع لأحكام القرآن – 8 / 151 ، 152 ) 0

قال : البغوي : ( إذا دخل الكفار دار الإسلام فالجهاد فرض عين على من قرب وفرض كفاية على من في حق من بعد وقد تقدمت هذه المسألة والله أعلم ) ( شرح السنة – 10 / 374 ) 0

ومن خلال نقولات أهل العلم يتضح الآتي :

أولاً : أن الجهاد في البلد المحتل فرض عين على أهلها 0

ثانياً : أما في غير البلد المحتل فهو على التخيير 0

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يجاهد في سبيله مقبلين غير مدبرين ، كي تكون كلمة الله هيَّ العليا وكلمة الذين كفروا هيَّ السفلى ، وأن يرزقنا شهادة في سبيله ، إنه على ذلك سميع قدير 0 مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني