الرد علي من ادعي أن للأولياء تصرفًا
نقل الشيخ عبد الرحمن حسن آل الشيخ رحمه الله في كتابه " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " كلام الشيخ صنع الله الحنفي رحمه الله و هو :
{ فَأَما قَولُهُم : إِن للأَولِيَاءِ تَصَرفَاتٍ فِي حَيَاتِهِم وَ بَعدَ المَمَاتِ .
فَيَرُدهُ قوله تعالي ( أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ) ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) ( وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) و نحوها من الآيات الدالة علي أنه المتفرد بالخلق و التدبير ، و التصرف و التقدير ، و لا شيء لغيره في شيءٍ ما بوجه من الوجوه ، فالكل تحت ملكه و قهره تصرفًا و ملكًا ، و إحياء و إماتة و خلقًا ، و تمدح الرب تبارك و تعالي بانفراده بملكه في آيات من كتابه كقوله ( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ) ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) و ذكر آياتٍ في هذا المعني .
ثم قال : فقوله في الآيات كلها ( مِن دُونِهِ ) أي من غيره ، فإنه عام يدخل فيه من اعتقدته من ولي أو شيطان تستمده ، فإن من لم يقدر علي نصر نفسه كيف يمد غيره ؟
إلي أن قال : إن هَذَا لقَولٌ وَخِيمٌ وَ شِركٌ عَظِيمٌ .
إلي أن قال : وَ أَما القَولُ بِالتصَرفِ بَعدَ المَمَاتِ .
فهو أشنع و أبدع من القول بالتصرف في الحياة ..
قال جل ذكره ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .
و في الحديث ( إِذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عَمَلُهَ إِلا مِن ثَلَاثٍ - الحديث ) .
فجميع ذلك و ما هو نحوه دال علي انقطاع الحس و الحركة عن الميت ، و أن أرواحهم ممسكة و أن أعمالهم منقطعة عن زيادة و نقصان ، فدل ذلك علي أنه ليس للميت تصرفٌ في ذاته فضلًا عن غيره ، فإذا عجز عن حركة نفسه ، فكيف يتصرف في غيره ؟
فالله سبحانه يخبر أن الأرواح عنده ، و هؤلاء الملحدون يقولون : إن الأرواح مطلقة مصرفة ( قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ ) .
و قال : وَ أَما اعتِقَادُهُم أَن هَذِهِ التصَرفَاتِ لَهُم مِنَ الكَرَامَاتِ .
فهو من المغالطة ، لأن الكرامة شيءٌ من عند الله يكرم به أولياءه ، لا قصد لهم فيه ، و لا تحدي و لا قدرة و لا علم كما في قصة مريم بنت عمران و أسيد بن حضير و أبي مسلم الخولاني } ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد : 141 - 142 )
المتن : كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
الشرح : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للعلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله .
راجع حواشيه و صححها و علق عليها : العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله .