فاشكرْ صَنِيعَ الله فيك فإنَّه سبحانه ضمن المزيدَ لمن شَكَرْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً دَائِمَاً أبَدَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَاحِدَاً صَمَدَا
وَلا إِلَه سِوْاهُ حَسْبُنَا وَكَفَى واللهُ أَكبَرُ لَمْ يُولَدْ وَلا وَلَدَا
قال الإمام أحمد (2/388) : حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْجُمَحِىُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ )) .
وما أجمله تعليقاً ؛ ذاك الذى علَّقه الإمام الجهبذ أبو حاتم بن حبان البستى حيث قال :
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ الشُّكْرِ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الإِحْسَانِ إِلَيْهِ
(3398) سَمِعْتُ أبا خليفة يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ بَكْرِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أبَا هُرِيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ )) .
وقد أحسن ، وأجاد ، وبلغ غاية المراد ؛ مَنْ قَالَ :
اِعْلَمْ وَأَنتَ الْمَرْءُ غَـيرَ مُعَلَّمِ ... وَاِفهَم جُعِلتُ فِدَاكَ غَـيرَ مُفَهَّمِ
أَنَّ اِصطِناعَ الْعُرْفِ مَا لَمْ تولِهِ ... مُستَكمَلاً كَالبُـرْدِ مَا لَمْ يُعْلَمِ
وَالشُكرُ مَا لَمْ تَسـتَتِرْ بِصَنِيعِهِ ... كَالخَطِّ تَقرَؤُهُ وَلَيْـسَ بِمُعْجَمِ
وَتَفَنُّني في القَـوْلِ إِكْثـَارٌ وَقَدْ ... أَسرَجتُ في كَرَمِ الفَعالِ فَأَلجِمِ
وقد أربى على الغاية من أنشد :
إِنَّ الْمَكَارِمَ أَخْـلاقٌ مُطَـهَّرةٌ ... فَالدّيـنُ أَوَلُّها وَالعَقْـلُ ثَـانِيهَا
وَالْعِلْمُ ثَالِثُها وَالحِْلْـمُ رَابِعُها ... وَالْجُودُ خَامِسُها وَالْفَضْلُ سَادِيهَا
وَالْبِرُّ سَابِعُها وَالصَّـبْرُ ثَامِنُها ... وَالشُكرُ تاسِـعُها وَاللَينُ بَـاقِيهَا
وَالنَفسُ تَعلَم أَنّي لا أُصادِقُها ... وَلَسْتُ أَرشُدُ إِلا حِـيْنَ أَعْصِيهَا
وَالعَينُ تَعلَمُ مِن عَينَي مُحدِّثِها ... إِن كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مَنْ يُعَادِيهَا
ولله درُّك يا أبا الفتح البستى ، حيث قلت :
يَا رَاغِباً في الْحَمْدِ والشُّكْرِ ... ومُتيـمَّاً بعَقيلَةِ الذِّكْـرِ
قَيـِّدْ بِبِرِّكَ شُكْرَ ذي أمَلٍ ... فالبِرُّ قَيْدُ أَوْابِـدِ الشُّكْرِ
وقد أحسن من قال :
فَاسْمَعْ مَقالَةَ صَادِقٍ لَمْ يَنْتَسِبْ ... لِسِـوَاكَ في أَدَبٍ وَلا تَهْذِيبِ
أَوْلَيْتَهُ خَيْـراً فَقَـامَ بِشُـكْرِهِ ... وَالشُّكْرُ لِلإِحْسَانِ خَيْرُ ضَرِيبِ
ومن ذا الذى آسفك يا أبا هلال ، حتى ظننتَ دهرَكَ قدْ خَلا مِنْ أهل الشُّكر ، فقلتَ مغاضبا :
قَدْ رُفِعَـتْ أَلْـويَةُ الْغَدْرِ ... وَسُدَّ بَـابُ الْحَمْدِ والشُّكْرِ
وَآيَةُ الإِحْسَـانِ مَنْسُوخَةٌ ... قَدْ أُسْقِطَتْ مِنْ صُحُفِ الدَّهْرِ
لا تَطَلُبِ الْخَيْرَ وَلا تَرْجُهُ ... فَإِنَّ هَـذِي دَوْلَــةُ الشَّـرِّ
سَمِعْتُ بِالْحُرِّ وَلَمْ أَلْـقَهُ ... يا طُـوْلَ أَشْـواقِي إلى الحُرِّ
والحمد لله على كل حال .
و كتب أبو محمد الألفي