عبد الله بن جبير
شهيد الرماة في غزوة أحد
*****************
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عبأ جيشه وهيأ الصفوف للقتال وانتخب فصيلة من الرماة الماهرين ، قوامهم خمسون مقاتلاً ، وأعطى قيادتها لعبد الله بن جبير بن النعمان الانصاري ، وقال صلى الله عليه وسلم له : (( انضح الخيل عنا بالنبل ، لا يأتون من خلفنا ، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك ))4 .
ثم قال للرماة (( احموا ظهورنا ، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا )) ، لكن على الرغم من هذه الأوامر المشددة ؛ لما رأى هؤلاء الرماة أن المسلمين ينتهبون غنائم العدو غلبت عليهم أثارة من حب الدنيا ، فقال بعضهم لبعض : الغنيمة ، الغنيمة ، ظهر أصحابكم ، فما تنتظرون؟ أما عبد الله بن جبير ، فقد ذكرهم أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولكن الأغلبية لم تلق بالأً لهذا التذكير ، ثم غادر أربعون رجلاً من هؤلاء الرماة مواقعهم ، وهكذا خلت ظهور المسلمين ، ولم يبق إلا ابن جبير وتسعة من أصحابه التزموا مواقعهم مصممين على البقاء حتى يؤذن لهم أو يبادوا . وانتهز خالد بن الوليد الفرصة وانقض على عبد الله بن جبير وأصحابهم فأبادهم وانقض على المسلمين من
خلفهم 5 .
4 ـ السيرة النبوية لابن هشام ، ج3 ، ص10 .
5 ـ الرحيق المختوم : 309 .