بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد،
إن صلاة الضحى هي من السنن المؤكدة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحث عليها أصحابه. حيث دلت الكثير من النصوص الشرعية على حرص الرسول صلى الله عليه وسلم عليها.
يبدأ وقت صلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وقد قدر العلماء وقت دخولها بنحو ربع ساعة من بعد طلوع الشمس، إلى ما قبيل الظهيرة بنحو ربع ساعة أو ثلث ساعة. وتسمى صلاة الضحى إذا صليت بأول وقتها بـ (صلاة الشروق، أو صلاة الإشراق)، وقد وردت هذه التسمية عن الصحابي الجليل: (عبد الله بن عباس) رضي الله عنه.
وقد بين العلماء بأن أفضل وقت لصلاة الضحى هو حين تشتد حرارة الشمس، ويكون ذلك قبل الظهر بنحو ساعة ونصف أو ساعتين. واتفق العلماء على أن أقل صلاة الضحى ركعتان، ولكنهم اختلفوا في أكثرها. فمنهم من أوصلها إلى ثمان ركعات، ومنهم من زاد على ذلك، ومنهم من جعل العدد مفتوحاً. وصلاة الضحى إذا زادت على أربع ركعات، تصلى مثنى مثنى، حيث يصليها المسلم أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثمان ركعات. كما يجب عليه أن يُسَلِّم بين كل ركعتين، عملاً بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولصلاة الضحى فضائل كثيرة، وأجر عظيم، وقد بينت هذه الفضائل الكثير من النصوص الشرعية التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما يدل على أهمية هذه الصلاة وفضلها الكبير أنها قد كانت من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام، حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه: « أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صلاة ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. » [متفق عليه].
ومن الأحاديث التي تدل على الأجر الكبير لمن صلى الضحى، قوله صلى الله عليه وسلم: « يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. » [رواه مسلم]. والسلامى: المِفْصَل.
ومما يدل أيضاً على فضل وأهمية صلاة الضحى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سماها بـ (صلاة الأوابين)، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صلاة الضحى صلاة الأوَّابين. »، [صححه الألباني]، وقد صح أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن صلاة الضحى لا يحافظ عليها إلا أوَّاب. والأوَّابون، جمع أوَّاب، والأوَّاب: هو كثير الرجوع إلى الله تعالى، والتوبة من ذنوبه. فالأوْب أو الإياب في اللغة: هو الرجوع.