كان لا بد من إدارة المدرسة أن تقوم برحلة مدرسية بعيداً عن جو مدرستنا الكئيب الذي يثير في المرء الرغبة في الموت . لم أشجع كثيراً الرحلة إلا أنني وافقت على الذهاب لأن أكبر رحلة أقوم بها في الظروف العادية لا تتجاوز المسافة بين منزلنا وبائع الحلوى الذي يبعد عنا أمتار خمسة !! وبالفعل في يوم الرحلة ، الأحد الموافق 25 من شهر مارس من لعام 2007 ، انطلقنا في الحافلة الضخمة التي تذكرك بتابوت مجهز ليحمل جثتك ! .لم أكن أعرف الأماكن التي سنذهب عليها ، ولكم دهشت عندما علمت أننا سنزور شركة المطاحن الفلسطينية التي تبدو من الخارج وكأنها (شبر وفتر) كما يقال باللهجة العامية !!.
وعندما دخلنا إلى الشركة أدركت أننا لا يجب أن نحكم من الشكل الخارجي ، فقد كانت واسعة جداً وأثار فضولي نفق عجيب تحت أقدامنا ، وأضمرت في نفسي أن أسأل شخصاً ما عنه إذا ما أتيحت لي الفرصة .
أتي شخص لا أعرف يرتدي جاكيت أبيض كالأطباء ، وبدأ يتحدث عن شركة المطاحن الفلسطينية .
شركة المطاحن الفلسطينية أو (Palestinian flour wills company ) مقامة على مساحة 25 كم2 ، وضع حجر الأساس فيها عام 1995 م ، إلا أن االعمل فيها بدأ في العام 1999 م . يعمل في الشركة حوالي 50 عاملاً (وقد يستغرب المرء هذا لأول وهلة إلا أن السبب في رأيي هو اعتمادهم على الآلات أكبر من اعتمادهم على الأيدي البشرية ) .وشركة المطاحن أضخم شركة من نوعها ، وهي تقوم بجلب 250 طن من القمح يصنع منه 250 طن دقيق يومياً ، أي ما يقرب من 5000 شوال دقيق في اليوم الواحد .
أشار لنا الشخص ذو المعطف الأبيض إلى بناء معدني ضخم وقال أن هذه هي الصوامع التي يخزّن فيها القمح ، وهم 3 صوامع ، تستوعب الصومعة الصغيرة 1000 طن من القمح ، والكبيرة تستوعب 5000 طن من القمح . ويستخدم في هذه الصوامع نظام ال (GSI) لتخزين القمح ، وهو نظام خاص للتخزين للمحافظة على الحبوب وقد تظل 5 سنوات دون أن تتلف أو تتعفن .
وقبل إنشاء المطاحن كان هناك غلاء في الأسعار ، وتم القضاء عليه كما يقولون بإنشاء شركة المطاحن ؟؟؟!.
تقوم شركة المطاحن الفلسطينية وبقية الشركات في القطاع بإنتاج 600 طن من الدقيق يومياً ، في حين أن قطاع غزة يستهلك 450 طن من الدقيق يوميً وهي أعلى نسبة مقارنة بادول الأخرى .
أما عن منتجات الشركة فهي : الدقيق الفاخر (الأبيض ) ، الدقيق الأسمر ، دقيق القمح ، سميد ، دقيق خاص (مثل السوبر لوكس) ، نواة القمح ( نوع من الفيتامينات يباع على شكمل كبسولات في الصيدليات ) والردّة التي تباع إلى شركات الأعلاف ومزارع المواشي . يستخرج القمح من الخارج بواسطة البواخر ، وتحمل الباخرة الواحدة (20 ألف طن ) من القمح ، والقمح الأمريكي هو أجود الأنواع ، ويستورد كذلك من أستراليا وغيرها .
أما عن آلية العمل فهم يقومون بدفع القمح إلى نفق (_النفق ذاته الذي أصابني بالجنون!) ثم إلى الصوامع ، ثم يتم هناك تنظيف القمح من الشوائب ، ثم غسيله ثم التجفيف وأخيراً الطحن .
وللدقيق المصنوع أوزان مختلفة فهناك 60 كجم ، 30 كجم ، 25 كجم و1 كجم .
وأنواع القمح مختلفة فهناك الأبيض والأسود والقمح البلدي وهو أجود الأنواع إلا أنه غير متوفر ، وأهم عناصر القمح هما ( البروتين و الجلوتين ) أو كما هو شائع (العرق ) ، وعندما تصل شحنات القمح يتم فحصها في المختبر الموجود في الشركة . والقمح الجيد يكون نسبة البروتين فيه 11% والجلوتين 26% ، أما القمح الغير جيد فتكون نسبة البروتين 10% والجلوتين 22% تقريباً .
وبعد أن انتهى سألت السؤال تقرير عن رحلة مدرسية - مقال عن رحلة مدرسية - بحث عن رحلة مدرسية icon_sad.gif كيف يتم توصيل القمح من النفق إلى الصوامع ؟) فأجاب :" القمح الذي يصل يوضع في الصندوق الذي وراءكم ، ثم إلى النفق حيث يتم سحبه بواسطة ال (تشيكون فير) وهو شيء ما يشبه الجنازير ، ثم يوصل إلى صندوق آخر ، ثم يرفع إلى الطابق السادس حيث يتم وضعه في صندوق آخر ثم عبر الجسر الواصل بين الصوامع الثلاث ، التي يتم التحكم في بواباتها إليكترونياً .
يتبع