قصة سراقة بن مالك في مواجهة هجرة رسول الله ********************** عن سراقة قال : بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج في قديد قرب رابغ ، أقبل رجل منهم فقال: يا سراقة! إني رأيت أسودة ، أي أشخاصاً بالسواحل ، أراه محمداً وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت: إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا (( بمعرفتنا )) يطلبون ضالة لهم . فلبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت إلى منزلي ، فأمرت جاريتي أن تخرج فرسي خفية إلى بطن الوادي ، وتحبسها علي ، وأحضرت رمحي ، وخرجت به من ظهر البيت . فخططت بزجه في الأرض (( الزج : الحديدة التي تكون في أسفل الرمح )) وخفضت عاليه وجعلت أسفله في الأرض لئلا يراه أحد ، (( فعل ذلك ليفوز بالجعل المتقدم ذكره وحده، ولا يشركه فيه أحد من قومه بخروجه معه لقتلهما أو أسرهما )) . ثم انطلقت فلبست لأمتي ، وجعلت أجر الرمح ، حتى أتيت فرسي ، وكان يقال لها( العود ) فركبتها وبالغت في إجرائها ، حتى دنوت منهم ، فعثرت بي ، فوقعت لمنخريها ، ثم قامت تحمحم ، فخررت عنها ، فقمت فأهويت بيدي على كنانتي ، فاستخرجت الأزلام أستقسم بها ، أضرّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره ، وهو عدم إضرارهم ، فركبت فرسي وعصيت الأزلام، وما زالت تقرب بي ، حتى سمعت قراءة رسول الله، وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الإلتفات، فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين . وكانت الأرض صلدة ، فخررت عنها ، ثم زجرتها ، فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، واستوت قائمة ، فاستقسمت مرة ثانية ، فخرج أيضاً الذي أكره فناديتهم بالأمان ، وقلت : انظروني ، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه ، وقلت : أنا سراقة بن مالك ، أنا لكم نافع غير ضار، وإني لا أدري لعل الحي فزعوا لركوبي ، إن بلغهم ذلك ، وأنا راجع ، رادهم عنكم ، فقال رسول الله لأبي بكر : (( قل له : ما تبتغي؟ )) فأخبرتهم بما يريد الناس منهم ، فقلت : إن قومك جعلوا فيك الدية ، مئة ناقة ، لمن قتلك أو أسرك ، ثم عرضت عليهما الزاد والمتاع ، فقال لهما : خذا هذا السهم من كنانتي ، وغنمي وإبلي محل كذا وكذا ، فخذا منهما ما شئتما ، فقالا : اكفنا نفسك ، فقلت : كفيتكماها . وسأل سراقة أن يكتب له النبي كتاباً ، ففي ( السبعينات ) قال سراقة : يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر أمرك في العالم ، وتملك رقاب الناس ، فعاهدني أني إذا أتيتك يوم ملكك ، فأكرمني ، فأمر أبا بكر فكتب لي كتاباً في رقعة من أدم . فعاد سراقة وصار يرد عنهم الطلب ، لا يلقى أحداً إلا ردّه ، قال سراقة : خرجت وأنا أحب الناس في تحصيلهما ، ورجعت وأنا أحب الناس ألا يعلم بهما أحد ، فكان يقول لمن يطلبهما : سرت الطريق فلم أر أحدا3ً . أسلم سراقة بالجعرانة . قال : لما فرغ رسول الله من حنين والطائف خرجت ومعي الكتاب لألقاه ، فلقيته بالجعرانة ، فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار ، فجعلوا يقرعونني بالرماح ، ويقولون : إليك ، ماذا تريد؟ فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته ، فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت : يا رسول الله! هذا كتابي ، وأنا سراقة ، فقال : (( يوم وفاء وبرّ . ادنه )) ، فدنوت ، وأسلمت .