وعند عودته صلى الله عليه وسلم إلى مكة قال له زيد بن حارثة ـ وكان رفيقه في رحلة الطائف ـ : كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟ يعني قريشاً .فقال : (( يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً ، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه )). ثم انتهى إلى مكة فأرسل رجلاً إلى مطعم بن عدي : أدخل في جوارك؟ فقال : نعم ، ودعا بنيه وقومه ، فقال : البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت ، فإني قد أجرت محمداً فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة ، حتى انتهى عند المسجد الحرام ، فقام المطعم ابن عدي على راحلته ، فنادى : يا معشر قريش إني قد أجرت محمداً فلا يهجه أحد منكم ، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه
وصلى ركعتين ، وانصرف إلى بيته ، والمطعم ابن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته صلى الله عليه وسلم6 وهو في حمايتهم ولم يستطع أي مشرك من قريش أن يحرك ساكناً . فهذا موقف بطولي وإن كان قد حدث من رجل لم يكن قد آمن برسول الله إلا أنه موقف بطولي رائع يدل على عزة العربي وكرامته وحفظه للعهود ويدل على مدى ما كان يتمتع به محمد صلى الله عليه وسلم من خلق عظيم جعل حتى المشرك يقوم بحمايته من أهله وقومه .
6 ـ زاد المعاد ، ج3 ، ص33 ، 34 .