آثار عملة اليورو في أسواق النقد العالمية
كوثر العترة
29-01-2005, - 02:31 pm
ملخص : آثار عملة اليورو في أسواق النقد العالمية
الكاتب: الدكتور: ماجد عبد الله المنيف. ( قسم الاقتصاد- جامعة الملك سعود).
مجلة الكويت الاقتصادية- العدد السادس, السنة الثالثة
إن العملة الجديدة ستؤثر في الاقتصاد العالمي والمبادلات والمدفوعات الدولية من خلال ثلاث قنوات:
1- درجة منافستها للدولار كعملة احتياطي ، ووسيط للمبادلات الدولية ، ووسيلة حسابية لتقييم الأصول والمعاملات.
2- إمكانية التأثير في درجة استقرار أسعار الصرف ، وعلى النظام النقدي الدولي .
3- التأثير في الاقتصاديات الأوربية وانعكاساتها عالمياً.
1/ اليورو عملة دولية:إن العملة الجديدة ستغطي أكبر اقتصاد عالمي ، وبمؤشرات حقيقية ، ومالية تفوق الولايات المتحدة الأمريكية ، أو اليابان ، مما يؤهل اليورو ليكون العملة الرئيسية في العالم .
وعلى الرغم من أن الوزن النسبي للاقتصاد الأمريكي في الاقتصاد العالمي قد انخفض تدريجياً ؛إلا أنه لا يزال مهماً بالنظر إلى كثير من المؤشرات الحقيقية والنقدية .خاصة بالمقارنة مع الاقتصاد الياباني ، أو الاقتصاد الألماني (أكبر الاقتصاديات الأوربية).
ولكن إذا أخذ اقتصاد الاتحاد الأوروبي كمجموعة ، يصبح الاقتصاد الأوروبي متفوقاً في بعض المؤشرات .
أما في المقارنات الاقتصادية الكلية ، مثل معدلات البطالة والتضخم , ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو معدل نمو الناتج ، فلا تزال الولايات المتحدة الأمريكية متفوقة على الاتحاد الأوروبي نسبياً.
كذلك فإن الدولار لا يزال يشكل عملة الاحتياط الرئيسية للبنوك المركزية إذ يشكل أكثر من نصف الاحتياطي الرسمي من العملات بما فيها حقوق السحب الخاصة ، ويليه المارك الألماني ، وتأتي اليورو بالمرتبة الرابعة ، التي يتم تغطيتها كاحتياطي من العملات الرئيسية غير الداخلة فيها وأهمها الدولار.
أما بالنسبة إلى خاصية تقويم المعاملات المالية ، فأن المؤشرات مثل القروض والسندات والودائع ، تبين أن الدولار لا يزال العملة الأهم على الرغم من ارتفاع حصة الين في تقويم قروض الدول النامية طويلة الأجل.
أما خاصية العملة كوحدة حسابية ووسيلة للمدفوعات في المبادلات الدولية فلا تتوافر بيانات تاريخية ودقيقة عن دور العملات المختلفة في التقويم المبادلات الدولية.
وعليه فإنه حتى بالنسبة إلى الدول الصناعية التي يمكن اعتبار عملاتها منافسة للدولار، لا يزال الأخير يشكل النسبة الأكبر في تعاملاتها الخارجية. بل إن حصته في معاملات اليابان تتجاوز حصة الين.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة عوامل تساعد الدولار على الاستمرار كأهم عملة مالية ، ومن أهمها:
الوضع التاريخي للعملة ، والزخم الناتج عن التعود على استعمالها ، إضافة إلى أنماط التجارة والمدفوعات العالمية ، وتطور أسواق المال في الدولة التي تصدر العملة ، والثقة بقيمة العملة.
2/ استقرار أسعار الصرف:سوف يعتمد قبول اليورو كعملة دولية على ما إذا كان دخولها كعملة جديدة بديلة من العملات الأوربية الرئيسية يؤدي إلى زيادة الاستقرار ، أو درجة التقلب في أسعار الصرف.
كما يتوقع ألا تتأثر منطقة اليورو بشكل كبير نتيجة تغيرات أسعار الصرف مما يقلل من أهمية سياسة سعر الصرف لدى السلطات النقدية الأوربية مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الاتحاد النقدي.
فالمتوقع في ظل الوضع الجديد أن تكون الظروف الأوروبية المحلية المحرك الرئيس للسياسة النقدية للبنك المركزي الأوربي.
أما الآثار بعيدة المدى في المؤشرات الاقتصادية الكلية في دول الاتحاد الأوروبي ، والدول الصناعية الأخرى ، والدول النامية، فقد قام صندوق النقد الدولي باختبار نموذج لقياس مدى الانحراف عن التقديرات الأساسية نتيجة الاتحاد النقدي الأوروبي في ظل وضعين ، يتصف الأول:
بسياسات مالية متناسقة بين الدول الأعضاء وإصلاحات هيكلية في أسواق العمل فيها.
ويتصف الثاني: بغياب التناسق والإصلاح.
وعليه فإن إجراءات التناسق المالي والإصلاحات الهيكلية في سوق العمل بدول الاتحاد لن تفيد دولها وتساعد على إنجاح الاتحاد النقدي فحسب، ولكنها ستحسن من معدلات نمو معظم دول العالم وستؤدي إلى تغيرات في الموازيين التجارية، والتغيرات في معدلات التبادل .
أما الوضع الذي يتصف بغياب الإصلاح فسيؤثر سلباً في معدلات النمو في دول الاتحاد والدول النامية ، وسيؤثر إيجاباً في الموازيين التجارية لدول الاتحاد، ويختلف التأثير في الدول النامية باختلاف درجة انفتاح اقتصادياتها، وباختلاف درجة علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
ما وراء السطور:
- يبدوا أن الزخم السياسي لتنفيذ الاتحاد النقدي الأوروبي قد طغى على الشكوك المثارة حوله... وأن التوجه العام في الدول الراغبة في الانضمام إلى الاتحاد هو الوفاء بشروط معاهدة ماسترخت للتأهل ، وإقناع ناخبيها بالمزايا الناتجة عن الاتحاد النقدي على المدى البعيد.
والتعامل فيما بعد مع المشاكل التي تنشأ من جراء توحيد العملة على الاقتصاد في كل دولة على مستوى الاتحاد.
كما أن توسع السوق المالي والنقدي الأوروبي يؤدي إلى تخفيض تكاليف المبادلات وتضيق فر وقات أسعار الفائدة بين الدول الأوروبية وزيادة عرض الأصول المقومة باليورو ، مما يجعلها تحل محل الدولار كعملة احتياطي عالمي للبنوك المركزية الأخرى.
وخصوصاً في الدول النامية حيث قد تعمل تلك البنوك على تنويع موجداتها من العملات بما يتناسب مع تنوع حجم تجارتها وتعاملاتها المالية .
كما سيؤدي تبني اليورو إلى اتساع السوق المالي الأوروبي ، بشكل قد ينافس السوق الأمريكي ، ويزيد من احتمال قبول اليورو كعملة عالمية موازية أو منافسة للدولار.
مع ملاحظة أنه من المبكر الآن إصدار حكم قطعي حول حلول اليورو محل الدولار كعملة عالمية ، إلا أن معظم الدلائل تدل على أنه لا يزال للدولار دور هام مستقبلي في المعاملات الدولية ، وكذلك الين بالنظر إلي دوره كعملة ارتكاز في آسيا.
لذلك يمكن أن يتطور النظام النقدي من نظام يرتكز على عملة واحدة إلى نظام يرتكز على ثلاث عملات هي :اليورو والدولار والين ، مع اختلاف الأهمية النسبية لكل منها في الأسواق الجغرافية ، وفي أسواق السلع أو في الوسائط المالية المختلفة.
كما يشكل الاتحاد النقدي الأوروبي تحدياً آخر للدول النامية ، ومنها الدول العربية ، يتعلق بالدروس المستخلصة من التوجه الأوروبي نحو الاتحاد وتنفيذه.
حيث تنبع أهمية وضرورة التكامل الاقتصادي وإمكانيته للدول العربية في عالم يتجه بشكل سريع إلى التكتلات الاقتصادية ويقويها ، كما يمكن للدول العربية ومجلس التعاون الخليجي الاستفادة من تجربة الاتحاد في كيفية اتخاذ القرارات الاقتصادية انتظاراً لفوائد بعيدة المدى.