وإذا رأى كأنه يقضي ما فاته من الفروض دل على استدراك ما فاته من
الفوائد ؛ كالخاسر في مكاسبه دل على الخلف عليه مما فات ، وكالغافل عن زكاته وحفظ ماله دل على براءة ذمته بعد شغلها وحرز ماله بعد ضياعه ، وإيصاله بالخدم والأكابر بعد انقطاعه عنهم وإدراك من سبقه في العمل. حتى قال لي إنسان : رأيت كأنني أقضي فوائت كثيرة ، قلت : تهاونت في عمارة مكان حتى سبقك خصمك وعمر ، قال : نعم ، قلت : عزمت على العمارة ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ، قلت : طلبت سفراً وكسلت فسبقك القوم ثم تجهزت للسفر ، قال : تعم ، فلت : يحصل لك. ومثله قالت جارية ، قلت لها : كنتِ بعيدة من مولاكِ مهجورة غافلة عن خدمته ، قالت : صحيح ، قلت : تُقربين بَعد ، وتُوصَلِين بعد هجر.
والنوافل دالة على زيادة الخيرات لأن الفروض رؤوس الأموال والنوافل زيادة على ذلك فهو ربح ، ودفع البلايا ، فإن كان له أولاد رزق عليهم ولدين ذكرين ، وربما يكونان توأماً ؛ لقوله تعالى وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً
] الأنبياء:72[ ، ودل على باقي الخيرات لكثرة ما ورد عن الله تعالى في ثواب ذلك.