تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

شاطر
 

  بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

 بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Empty
مُساهمةموضوع: بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق     بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Emptyالجمعة 24 مارس - 18:18

وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي حُلِيِّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ إذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِقْدَارَ الَّذِي ذَكَرْنَا وَأَتَمَّ عِنْدَ مَالِكِهِ عَامًا قَمَرِيًّا . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ وَلَا أَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَا قِيمَتُهُمَا فِي عَرْضٍ أَصْلًا ، وَسَوَاءٌ كَانَ حُلِيَّ امْرَأَةٍ أَوْ حُلِيَّ رَجُلٍ ، وَكَذَلِكَ حِلْيَةُ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ وَكُلِّ مَصُوغِ مِنْهُمَا حَلَّ اتِّخَاذُهُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ : إنْ كَانَ الْحُلِيُّ لِامْرَأَةٍ تَلْبَسُهُ أَوْ تُكْرِيهِ أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ يَعُدُّهُ لِنِسَائِهِ فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ، فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ يَعُدُّهُ لِنَفْسِهِ عِدَّةً فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ ، وَالْمِنْطَقَةِ ، الْمُصْحَفِ ، وَالْخَاتَمِ ؟ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّ ذَهَبٍ ، أَوْ فِضَّةٍ ؟ وَجَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ إيجَابِهِ الزَّكَاةَ فِي حُلِيِّ امْرَأَتِهِ . وَهُوَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : لِي حُلِيٌّ ؟ فَقَالَ لَهَا : إذَا بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ ؟ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى : مُرْ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ - : وَمِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَأْمُرُ بِالزَّكَاةِ فِي حُلِيِّ بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ ؟ وَمِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ كُلَّ عَامٍ ؟ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحُلِيِّ إذَا أُعْطِيت زَكَاتُهُ ؟ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَذَرٍّ الْهَمْدَانِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ ، وَاسْتَحَبَّهُ الْحَسَنُ . قَالَ الزُّهْرِيُّ : مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةَ ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ . وَقَالَ اللَّيْثُ : مَا كَانَ مِنْ حُلِيٍّ يُلْبَسُ وَيُعَارُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ ، وَمَا كَانَ مِنْ حُلِيٍّ اُتُّخِذَ لِيُحْرَزَ مِنْ الزَّكَاةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ ؟ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَابْنُ عُمَرَ : لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ ؟ وَهُوَ قَوْلُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ؛ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ ، وَهُوَ عَنْهُمَا صَحِيحٌ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ؛ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ . وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، فَمَرَّةً رَأَى فِيهِ الزَّكَاةَ ، وَمَرَّةً لَمْ يَرَهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهُنَا قَوْلُ أَنَسٍ : إنَّ الزَّكَاةَ فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ لَا تَعُودُ فِيهِ الزَّكَاةُ . وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ : أَنَّ حِلْيَةَ السَّيْفِ مِنْ الْكُنُوزِ . وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ : لَا زَكَاةَ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ وَلَا فِي مِنْطَقَةٍ مُحَلَّاةٍ وَلَا فِي سَيْفٍ مُحَلًّى . قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَتَقْسِيمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَمَا عِلْمنَا ذَلِكَ التَّقْسِيمَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ ، وَلَا تَقُومُ عَلَى صِحَّتِهِ حُجَّةٌ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا سَقَطَتْ عَنْ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُنَّ ، وَكَذَلِكَ عَنْ الْمِنْطَقَةِ ، وَالسَّيْفِ ، وَحِلْيَةِ الْمُصْحَفِ ، وَالْخَاتَمِ لِلرِّجَالِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَكَانَ هَذَا الِاحْتِجَاجُ عَجَبًا وَلَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَنِقَارَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ - : مُبَاحٌ اتِّخَاذُ كُلِّ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تَسْقُطَ الزَّكَاةُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ ، إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ صَحِيحَةً وَيَلْزَمُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ - مِمَّا لَمْ يُبَحْ لَهُ اتِّخَاذُهُ - أَنْ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ عُقُوبَةً لَهُ ، كَمَا أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا اُتُّخِذَ مِنْهُ حُلِيٌّ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهُ فَإِنْ قَالُوا : إنَّهُ يُشْبِهُ مَتَاعَ الْبَيْتِ الَّذِي لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا ؟ قُلْنَا لَهُمْ : فَأَسْقِطُوا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ نَفْسِهَا - إنْ صَحَّحْتُمُوهَا - الزَّكَاةَ عَنْ الْإِبِلِ الْمُتَّخَذَةِ لِلرُّكُوبِ وَالسَّنِيِّ وَالْحَمْلِ وَالطَّحْنِ ، وَعَنْ الْبَقَرِ الْمُتَّخَذَةِ لِلْحَرْثِ ؟ وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدُ ، فَمَعَ فَسَادِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَتَنَاقُضِهَا ، مِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ بِهَا ؟ وَمِنْ أَيْنَ صَحَّ لَكُمْ أَنَّ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنْ الْحُلِيِّ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ ؟ وَمَا هُوَ إلَّا قَوْلُكُمْ جَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً لِقَوْلِكُمْ وَلَا مَزِيدَ ثُمَّ أَيْنَ وَجَدْتُمْ إبَاحَةَ اتِّخَاذِ الْمِنْطَقَةِ الْمُحَلَّاةِ بِالْفِضَّةِ وَالْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ دُونَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ ، وَالْمَهَامِيزِ الْمُحَلَّاةِ بِالْفِضَّةِ ؟ فَإِنْ ادَّعَوْا فِي ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ السَّلَفِ ادَّعَوْا مَا لَا يَجِدُونَهُ وَأَوْجَدْنَاهُمْ عَنْ السَّلَفِ بِأَصَحِّ طَرِيقٍ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَصُهَيْبٍ خَوَاتِيمَ ذَهَبٍ ؟ وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ . فَأَسْقِطُوا لِهَذَا الزَّكَاةَ عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ لِلرِّجَالِ ؛ أَوْ قِيسُوا حِلْيَةَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ عَلَى الْمِنْطَقَةِ وَالسَّيْفِ ؛ وَإِلَّا فَلَا النُّصُوصَ اتَّبَعْتُمْ ، وَلَا الْقِيَاسَ اسْتَعْمَلْتُمْ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ ؟ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّيْثِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو حُلِيُّ النِّسَاءِ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَفِي كُلِّ حَالٍّ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَمَا عَلِمْنَا عَلَى مَنْ اتَّخَذَ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ لِيُحْرِزَهُ مِنْ الزَّكَاةِ زَكَاةً وَلَوْ كَانَ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى مَنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ دَارًا أَوْ ضَيْعَةً لِيُحْرِزَهَا مِنْ الزَّكَاةِ أَنْ يُزَكِّيَهَا ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِهَذَا ؟ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِالنَّمَاءِ . فَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْ الْحُلِيِّ وَعَنْ الْإِبِلِ ؛ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ غَيْرِ السَّوَائِمِ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا نَظَرٌ صَحِيحٌ ؛ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الثِّمَارَ وَالْخُضَرَ تَنْمِي ، وَهُوَ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا وَكِرَاءُ الْإِبِلِ ، وَعَمَلُ الْبَقَرِ يَنْمِي ، وَهُوَ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا وَالدَّرَاهِمُ لَا تَنْمِي إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ مَالِكِهَا ، وَهُوَ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا ، وَالْحُلِيُّ يَنْمِي كِرَاؤُهُ وَقِيمَتُهُ ، وَهُوَ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِيهِ ؟ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ - فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ ، وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْ الْمُسْتَعْمَلَةِ مِنْ الْإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ ؛ وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِأَنَّ الذَّهَبَ ، وَالْفِضَّةَ قَبْلَ أَنْ يُتَّخَذَ حُلِيًّا كَانَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ ، ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ : قَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا حَقُّ الزَّكَاةِ . وَقَالَ آخَرُونَ : لَمْ يَسْقُطْ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِاخْتِلَافٍ ؟ فَقُلْنَا : هَذِهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ ؛ إلَّا أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَكُمْ فِي غَيْرِ السَّوَائِمِ ؛ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تُعْلَفَ ، فَلَمَّا عُلِفَتْ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ أَوْ تَمَادِيهَا ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِاخْتِلَافٍ ؟ وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَجَدْنَا الْمَعْلُوفَةَ نُنْفِقُ عَلَيْهَا وَنَأْخُذُ مِنْهَا ، وَوَجَدْنَا السَّوَائِمَ نَأْخُذُ مِنْهَا وَلَا نُنْفِقُ عَلَيْهَا ؛ وَالْحُلِيُّ يُؤْخَذُ كِرَاؤُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ أَشْبَهَ بِالسَّوَائِمِ مِنْهُ بِالْمَعْلُوفَةِ ؟ فَقِيلَ لَهُ : وَالسَّائِمَةُ أَيْضًا يُنْفَقُ عَلَيْهَا أَجْرُ الرَّاعِي . وَهَذِهِ كُلُّهَا أَهْوَاسٌ وَتَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالضَّلَالِ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى إيجَابَ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ بِآثَارٍ وَاهِيَةٍ ، لَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِهَا ، إلَّا أَنَّنَا نُنَبِّهُ عَلَيْهَا تَبْكِيتًا لِلْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِمِثْلِهَا وَبِمَا هُوَ دُونَهَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهِيَ - : خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا : أَتُؤَدِّينَ زَكَاةَ هَذَا ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ ؟ فَأَلْقَتْهُمَا ، وَقَالَتْ : هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ } . وَالْمَالِكِيُّونَ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ ، وَلَمْ يَرْوِهِ هَاهُنَا حُجَّةً ؟ - : وَخَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ عَتَّابٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ { أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا لِي مِنْ ذَهَبٍ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ ؟ قَالَ : مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ } . وَعَتَّابٌ مَجْهُولٌ ، إلَّا أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ يَحْتَجُّونَ بِمِثْلِ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ ، وَسَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ ، وَهَذَا خَيْرٌ مِنْهُ ؟ - : وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ - أَخْبَرَهُ [ عَنْ ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ : { دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدِي سِخَابًا مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ : أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُ ؟ قُلْت : لَا ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَقَالَ : هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ } . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ضَعِيفٌ ، وَالْمَالِكِيُّونَ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَتِهِ ، إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ . وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ : أَنْتُمْ قَدْ تَرَكْتُمْ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقٍ لَا خَيْرَ فِيهَا أَنَّهُ خَالَفَ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ الْخَبَرِ الثَّابِتِ إلَّا بِهَذَا ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِرَاوِيَةِ عَائِشَةَ هَذِهِ الَّتِي لَا تَصِحُّ ؛ وَهِيَ قَدْ خَالَفَتْهُ مِنْ أَصَحِّ طَرِيقٍ ، فَمَا هَذَا التَّلَاعُبُ بِالدِّينِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ رُوِيَ عَنْهَا الْأَخْذُ بِمَا رَوَتْ مِنْ هَذَا ؟ قُلْنَا لَهُمْ : وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَخْذُ بِمَا رَوَى فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ رَوَى زَكَاةَ الْحُلِيِّ كَمَا أَوْرَدْتُمْ غَيْرُ عَائِشَةَ ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو . قُلْنَا لَهُمْ : وَقَدْ رَوَى غَسْلَ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ ؛ وَهَذَا مَا لَا انْفِكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هَذِهِ الْآثَارُ لَمَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ ؛ وَلَكِنْ لِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ } { وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ } وَكَانَ الْحُلِيُّ وَرِقًا وَجَبَ فِيهِ حَقُّ الزَّكَاةِ ، لِعُمُومِ هَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ ؟ وَأَمَّا الذَّهَبُ فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ لَا يُؤَدِّي مَا فِيهَا إلَّا جُعِلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ يُكْوَى بِهَا } فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ ذَهَبٍ بِهَذَا النَّصِّ ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ عَمَّنْ لَا بَيَانَ فِي هَذَا النَّصِّ بِإِيجَابِهَا فِيهِ ؛ وَهُوَ الْعَدَدُ وَالْوَقْتُ ، لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا - بِلَا خِلَافٍ مِنْهَا أَصْلًا - عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُوجِبْ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْ الذَّهَبِ ، وَلَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ ، فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ وَالْوَقْتِ وَجَبَ أَنْ لَا يُضَافَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مَا صَحَّ عَنْهُ بِنَقْلِ آحَادٍ أَوْ بِنَقْلِ إجْمَاعٍ ؛ وَلَمْ يَأْتِ إجْمَاعٌ قَطُّ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُرِدْ إلَّا بَعْضَ أَحْوَالِ الذَّهَبِ وَصِفَاتِهِ ، فَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ ؟ فَإِنْ قِيلَ : فَهَلَّا أَخَذْتُمْ بِقَوْلِ أَنَسٍ فِي الْحُلِيِّ بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ ، فَلَمْ تُوجِبُوا فِيهِ الزَّكَاةَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الدَّهْرِ ؟ قُلْنَا لَهُمْ : لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ عُمُومًا ، وَلَمْ يَخُصَّ الْحُلِيَّ مِنْهُ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ فِيهِ ، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِجْمَاعٍ ، فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِالنَّصِّ فِي كُلِّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، وَخَصَّ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ بَعْضَ الْأَعْدَادِ مِنْهُمَا وَبَعْضَ الْأَزْمَانِ ، فَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهِمَا إلَّا فِي عَدَدٍ أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ وَفِي زَمَانٍ أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ ، وَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْهُمَا ؛ إذْ قَدْ عَمَّهُمَا النَّصُّ ؛ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ أَحْوَالِ الذَّهَبِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ ، وَصَحَّ يَقِينًا - بِلَا خِلَافٍ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كُلَّ عَامٍ ، وَالْحُلِيِّ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ " إلَّا الْحُلِيَّ " بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ وَلَا إجْمَاعٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّ مَالِكًا ، وَأَبَا يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، قَالُوا : مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَا إذَا حَسِبَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ دِينَارٍ بِإِزَاءِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَاجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ - زَكَّى الْجَمِيعَ زَكَاةً وَاحِدَةً ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ دِينَارٌ وَمِائَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا ، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَلَى هَذَا الْحُكْمِ أَبَدًا . فَإِنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى غَلَاءِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ ، أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ رُخْصِهَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ ؟ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ ، فَإِذَا بَلَغَ قِيمَةُ مَا عِنْدَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، وَإِلَّا فَلَا ، فَيَرَى عَلَى مَنْ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَاحِدٌ يُسَاوِي - لِغَلَاءِ الذَّهَبِ - مِائَتَيْ دِرْهَمٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ وَعِنْدَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ - : أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ - لَا تُسَاوِي دِينَارًا - زَكَاةً وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ؛ وَشَرِيكٌ ؛ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ : لَا يُضَمُّ ذَهَبٌ إلَى وَرِقٍ أَصْلًا ؛ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا عَلَى الْأَجْزَاءِ ، فَمَنْ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ غَيْرُ حَبَّةٍ وَعِشْرُونَ دِينَارًا غَيْرُ حَبَّةٍ - : فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا ، فَإِنْ كَمُلَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا زَكَّاهُ وَلَمْ يُزَكِّ الْآخَرَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا أَثْمَانُ الْأَشْيَاءِ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : فَيُقَالُ لَهُ : وَالْفُلُوسُ قَدْ تَكُونُ أَثْمَانًا أَيْضًا ، فَزَكِّهَا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ الْفَاسِدِ . وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا قَدْ يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، فَتَكُونُ أَثْمَانًا ، فَزَكِّ الْعُرُوضَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَأَيْضًا : فَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا أَثْمَانًا لِلْأَشْيَاءِ وَجَبَ ضَمُّهُمَا فِي الزَّكَاةِ ؟ فَهَذِهِ عِلَّةٌ لَمْ يُصَحِّحْهَا قُرْآنٌ ، وَلَا سُنَّةٌ ، وَلَا رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ ، وَلَا إجْمَاعٌ ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ ، وَلَا قِيَاسٌ يُعْقَلُ ، وَلَا رَأْيٌ سَدِيدٌ وَإِنَّمَا هِيَ دَعْوَى فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ؟ وَأَيْضًا : فَإِذْ صَحَّحْتُمُوهَا فَاجْمَعُوا بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الزَّكَاةِ ، لِأَنَّهُمَا يُؤْكَلَانِ وَتُشْرَبُ أَلْبَانُهُمَا ، وَيُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْهَدْيِ نَعَمْ ، وَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَنَمِ فِي الزَّكَاةِ ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيّ وَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَإِنْ قِيلَ : النَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ؟ قُلْنَا : وَالنَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَ الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ ، لَا يَخْلُو الذَّهَبُ ، وَالْفِضَّةُ مِنْ أَنْ يَكُونَا جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ ، فَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا فَحَرَّمُوا بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا ، وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ لَا يَجُوزُ ، إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّمْرِ ، وَالزَّبِيبِ فِي الزَّكَاةِ ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا ، لِأَنَّهُمَا قُوتَانِ حُلْوَانِ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ بِيَقِينٍ ؟ وَأَيْضًا : فَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ أَنْ يُزَكِّيَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَقَدْ شَاهَدْنَا الدِّينَارَ يَبْلُغُ بِالْأَنْدَلُسِ أَزْيَدَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَهَذَا بَاطِلٌ شَنِيعٌ جِدًّا وَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الذَّهَبُ رَخِيصًا أَوْ غَالِيًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الذَّهَبَ عَنْ الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةَ بِالْقِيمَةِ . أَوْ تُخْرَجُ الْفِضَّةُ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا ضِدُّ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَهُمَا ، فَمَرَّةً رَاعَى الْقِيمَةَ لَا الْأَجْزَاءَ ، وَمَرَّةً رَاعَى الْأَجْزَاءَ لَا الْقِيمَةَ ، فِي زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا خَطَأٌ بِيَقِينٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ : بَلْ أَجْمَعُ الذَّهَبَ مَعَ الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَأُخْرِجُ عَنْهُمَا أَحَدَهُمَا بِمُرَاعَاةِ الْأَجْزَاءِ ؛ وَكِلَاهُمَا تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ ؟ وَأَيْضًا : فَيَلْزَمُهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ تَجِبُ فِيهِمَا عِنْدَهُ الزَّكَاةُ - وَكَانَ الدِّينَارُ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ - فَإِنَّهُ إنْ أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ كِلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبْعَ دِينَارٍ وَأَقَلَّ عَنْ زَكَاةِ عِشْرِينَ دِينَارًا ، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ ، وَإِنْ أَخْرَجَ دَرَاهِمَ عَنْ كِلَيْهِمَا - وَكَانَ الدِّينَارُ لَا يُسَاوِي إلَّا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ - وَجَبَ أَنْ يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ ؟ فَإِنْ قَالُوا : إنَّكُمْ تَجْمَعُونَ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ فِي الزَّكَاةِ ، وَهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ ؟ قُلْنَا نَعَمْ ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ جَاءَتْ فِيهِمَا بِاسْمٍ يَجْمَعُهُمَا ، وَهُوَ لَفْظُ " الْغَنَمِ " " وَالشَّاءِ " وَلَمْ تَأْتِ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ بِلَفْظٍ يَجْمَعُهُمَا وَلَوْ لَمْ تَأْتِ الزَّكَاةُ فِي الضَّأْنِ إلَّا بِاسْمِ " الضَّأْنِ " وَلَا فِي الْمَاعِزِ إلَّا بِاسْمِ " الْمَاعِزِ " لَمَا جَمَعْنَا بَيْنَهُمَا ، كَمَا لَمْ نَجْمَعْ بَيْنَ الْبَقَرِ ، وَالْإِبِلِ وَلَوْ جَاءَتْ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ بِلَفْظٍ وَاسْمٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ غَيْرُ الْفِضَّةِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِائَةٍ مِنْ الْآخَرِ ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَالٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ ، وَالْآخَرَ حَلَالٌ لِلنِّسَاءِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ ، وَهُمْ مُقِرُّونَ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ يُوجِبُونَهَا فِي عَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهَذَا تَنَاقُضٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَحُجَّتُنَا فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الزَّكَاةِ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ } فَكَانَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ قَدْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ وَهَذَا خِلَافٌ مُجَرَّدٌ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ؛ وَهُمْ يُصَحِّحُونَ الْخَبَرَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ يُوجِبُونَهَا فِي أَقَلَّ . وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعُمَرَ ، وَابْنِ عُمَرَ : إسْقَاطُ الزَّكَاةِ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا إخْرَاجُ الذَّهَبِ عَنْ الْوَرِقِ ، وَالْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ ، فَإِنَّ مَالِكًا ، وَأَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَاهُ وَمَنَعَ مِنْهُ الشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ ، وَبِهِ نَأْخُذُ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ ، وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ } فَمَنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِ فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ . { وَمَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } . { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } . وَلَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ فَلَمْ يُزَكِّ ؟ ( وَأَمَّا الذَّهَبُ فَالْأُمَّةُ كُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ فِي زَكَاتِهَا الذَّهَبَ ) فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ ، وَوَافَقَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَخْرَجَ فِضَّةً عَنْ ذَهَبٍ ، أَوْ عَرْضًا عَنْ أَحَدِهِمَا ، أَوْ غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ ( عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِيمَا عَدَاهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمًا بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ

مسألة هل تدفع الزكاة للوالى الجائر

هل تدفع الزكاة للإمام الجائر؟: هذه مسألة اختلف فيها السلف الصالح، على أربعة أقوال، غير أن علماء السلطان يفتون مباشرة بوجوب دفعها للإمام الجائر متجاهلين الخلاف الحاصل في هذه المسألة، حتى يخيّل للعامة ومن ليس له إلمام بأحكام الشريعة الإسلامية أن المسألة ليس فيها إلا قولا واحدا، وهذا تضليل للعامة، فالواجب على الفقيه أن يعرض ما قيل في المسألة من خلاف، وله أن يرجح بعد ذلك ما يراه راجحا بقوة الدليل، ويقول بعد ذلك قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب من دون جزم بأن قوله هو الحق الذي لا مراء فيه لأن المسألة خلافية، وقد نص علماء السلف الصالح أن من شروط المفتي أن يكون عارفا باختلاف العلماء، قال قتادة رحمه الله "من لم يعرف الاختلاف لم يشم رائحة الفقه بأنفه" وقال سحنون المالكي رحمه الله "إني لأحفظ مسائل، منها ما فيه ثمانية أقوال من ثمانية أئمة من العلماء، فكيف ينبغي أن أعجل الجواب؟!!" وقال سعيد بن عروبة رحمه الله "من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما"، وأهل الأهواء والبدع عندما يؤلفون في مسألة من المسائل يعرضون القول الذي يميلون إليه، ويخفون القول الآخر، وهذا من عدم الإنصاف في البحث، وبعضهم لا يختار من الأقوال إلا إذا أخذ بها إمامه أو قدوته في العلم، وما لم يكن كذلك فهو مردود، قال الإمام الشاطبي رحمه الله "إن تحكيم الرجال، من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وإن الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لا غيره" وهذا عين ما وقع فيه غلاة الصوفية، من تقليد مذموم، حيث قال "رأى المقلدة، لمذهب إمام، يزعمون أن إمامهم هو الشريعة بحيث يأنفون أن تنسب إلى أحد من العلماء فضيلة دون إمامهم...." وقد نبتت نابتة في العالم الإسلامي تريد أن تحصر المرجعية في العلم والفتوى في ثلة من العلماء يعدون على أطراف الأصابع الواحدة، فما جاء من طريقهم فهو الصواب الذي لا مراء فيه، وما جاء من غيرهم من أهل العلم فهو الخطأ أو الضلال الذي لا شك فيه، وهذا تحجير لما وسّعه الله تبارك وتعالى، ونحن نقدر أهل العلم ونحترمهم من أي بلاد كانوا، ولكن لا نرضى أن يحصر التقليد أو الإتباع في ثلة من أهل العلم دون غيرهم مهما بلغ صلاحهم وتقواهم، ومن بلد واحد دون غيره من البلدان، فالنصوص الشرعية معصومة أما اجتهادات أهل العلم في سائر العالم الإسلامي فهي مترددة بين الصواب والخطأ، قال الشاطبي رحمه الله عن مثل هؤلاء المقلدة "الأقوال الصادرة عنهم يتخذونها دينا وشريعة لأهل الطريقة وإن كانت مخالفة للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة أو مخالفة لما جاء عن السلف الصالح، فتراهم تحسون الظن بتلك الأقوال والأفعال، ولا يحسنون الظن بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وهو عين إتباع الرجال وترك الحق....."، وحتى لا أقع فيما حذرت منه، أعرض المسألة الخلافية كما هي، ليعرف العام والخاص أصل المسألة المتنازع فيها، فأقول: 

أ- بالنسبة للإمام العادل الشرعي: لا خلاف بين فقهاء الأمة في وجوب بذل الزكاة إلى الحاكم المسلم العادل، لأن الحاكم العادل يصرفها في مصارفها الشرعية.

ب-بالنسبة للحاكم الجائر: 
القول الأول: نص بعض الفقهاء على جواز دون ايجاب دفع زكاة المال إلى الإمام الجائر وتجزئ صاحبها، شريطة أن لا يخرجه ظلمه وفسقه من دائرة الإسلام، وبهذا قال مالك وبعض أصحابه والشافعية والحنابلة ودليلهم في ذلك حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه "أنه كانت له أموال بالطائف، فقال لمولاه عليها: كيف تصنع في صدقة أموالي؟، قال منها ما أدفعه إلى السلطان، ومنها ما أتصدق بها، فقال:ما لك وما لذلك؟، قال، إنهم يشترون بها البزوز، ويتزوجون بها النساء، ويشترون بها الأراضين، قال ادفعها إليهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم، وعليهم حسابهم" وفي الحديث الآخر، قال عليه الصلاة والسلام "تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم" وهذا الذي ذهب إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال "ادفعوها إلى الأمراء وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم"، وفي رواية "ادفعوها إليهم وإن شربوا بها الخمور" وقد رويت عنه روايات كثيرة في هذا الصدد، منها قول ابن مطيع له، "لا أدفع صدقة أموالي إلى ابن الزبير يعلفها خيله، ويطعمها عبيده، فأرسل إليه ابن عمر: إنك لم تصب، إن لم تؤدها إليه، فإن لم تؤمر أن تدفعها إلا إليهم، برّ أو أثم"، وهذا ما ذهب إليه سعد بن أبي وقاص وأبا سعيد الخذري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

 بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق     بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Emptyالجمعة 24 مارس - 18:18

القول الثاني: وذهب بعض الفقهاء، أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الجائر ولا تجزئ صاحبها، إن دفعها إليه ما لم يصرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها، وهذا القول ذهب إليه بعض الصحابة والتابعين والفقهاء، وبه قال بعض المالكة كابن القاسم وهو وجه عند الشافعية ذهب إليه الماوردي والعز بن عبد السلام، بل يروى أن عبد الله بن عمر تراجع عن رأيه الأول، فقال عندما سئل ذات مرة "ادفعها إليها" وفي مرة قال "لا تدفعها إليهم، فقد أضاعوا الصلاة" وفي رواية إن صديقا لابن عمر قال لإبن عمر "ما ترى في الزكاة؟، فإن هؤلاء لا يضعونها مواضعها؟، فقال، ادفعها إليهم، فقال، فقلت أرأيت لو أخروا الصلاة عن وقتها، أكنت تصلي معهم؟ قال لا، قال فقلت، هل الصلاة إلا مثل الزكاة؟، فقال: لبسوا علينا لبس الله عليهم. ومن هنا، نرى أن ابن عمر لم يلبث أن رجع عن رأيه الأول في دفع الزكاة إلى الولاة إلا إذا وضعوها مواضيعها، ولقد استبعد حمّاد بن أبي سليمان رحمه الله، شيخ أبي حنيفة أن يقول بن عمر "ادفعوا الزكاة إلى الأمراء وإن تمزعوا لحوم الكلاب على موائدهم" وقال حمّاد "معاذ الله أن يقول ابن عمر ذلك"، قال عطاء بن رباح رحمه الله "إعطهم إذا وضعوها مواضعها"، وقال الشعبي رحمه الله "إذا رأيت الولاة لا يعدلون، فضعها في أهل الحاجة"، وقال ابراهيم النخعي رحمه الله "ضعوها في مواضعها، فإن أخذها السلطان، أجزأك" وقول "لا تؤدوا الزكاة لمن يجور فيها"، ولأنصار هذا القول أدلة أخرى لا يتسع المقام لسردها، فلتنظر في مضانّها. 

القول الثالث: وذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين الأموال الظاهرة والباطنة، فتجزئ في الظاهرة إذا صرفها في محلها، وإلا فعلى رب المال إعادة إخراجها فيما بينه وبين الله، وبهذا القول قال الحنفية، فانظر تفصيل ذلك في كتب الأحناف. 

القول الرابع: وذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين أن يدفعها إليهم مختارا، فلا يجوز ولا يجزئ وبين أن يدفعها إليها مكرها، فيجوز ويجزئ صرفا في مصارفها، وإلا ففي الإجزاء قولان، وهذا قول بعض المالكية، كاللّخمي، وابن الحاجب والدسوقي وعليه سار خليل في مختصره ودليلهم في ذلك قوله تعالى "وتعاونوا عل البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، فإعطاء الزكاة لحاكم الجائر الذي لا يصرفها في مصارفها الشرعية يدخل في التعاون على الإثم والعدوان. 

ج- بالنسبة للحاكم الكافر: لا خلاف بين أهل العلم أن الكافر لا يجوز بل يحرم دفع الزكاة إليه، لاسيما إذا ظهر منه الكفر البواح، أو بدل أو غيّر أو استبدل أحكام الشريعة بغيرها، والكفر البواح كما فشره أهل العلم هو المعصية، قال الإمام النووي رحمه الله "المراد بالكفر البواح هنا المعصية، ومعنى الحديث،لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليه، إلا أن ترو منهم منكرا محققا، تعلمونه من قواعد الإسلام" ، وقال الخطابي رحمه الله "بواحا، إذا أذاعه وأظهره " فمثل هذا الحاكم يجب عزله أو خلعه إن أمكن ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي "أجمع العلماء، على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لم طرأ عليه كفر، وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه، ونصب إمام عادل، إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة، وجب عليهم القيام بخلع الكافر" وقال السفاقسي رحمه الله "أجمعوا على أن الخليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة يثار عليه"، ولا يشترط أن يعلن الحاكم الردة أو الكفر، وإنما يكفي إظهار المظاهر الموجبة للكفر، قال الكشميري رحمه الله "ودلّ على أن هذا الحديث (حديث عبادة بن الصامت) أيضا على أن أهل القبلة يجوز تكفيرهم وإن لم يخرجوا عن القبلة، وإنه قد يلزم الكفر بلا التزام، وبدون أن يريد تبديل الملة، وإلا لم يحتج الرائي إلى برهان". وهذا مسألة تحتاج إلى شرح وإيضاح لسنا الآن بصدده، جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن زكاة ماله، فقال ادفعها للسلطان، قال الرجل:إن أمراءنا الدهّاقين، قال ابن عمر: وما الدهاقين؟، قال: من المشركين، قال "فلا تدفعها إلى المشركين"، وفي رواية "لا تدفعوا صدقاتكم إلى الكفار"، وأمّا إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة، قال محمد رشيد رضا رحمه الله "...ولكن أكثر المسلمين لم يبق لهم في هذا العصر حكومات إسلامية تقيم الإسلام بالدعوة إليه، والدفاع عنه، والجهاد الذي يوجبه وجوبا عينيا أو كفائيا وتقيم حدوده وتأخذ الصدقات المفروضة، كما فرضها الله وتضعها في مصاريفها التي حددها، بل سقط أكثرهم تحت سلطة دول الإفرنج وبغضهم تحت سلطة حكومات مرتدة عنه، أو ملحدة فيه"، وقال ابن مقصد في "حسم الخلافات الفقهية" "لا يجوز دفع الزكاة إلى حكام وملوك وأمراء عصرنا لأنهم خرجوا عن دائرة الإسلام ودخلوا في الردة للأسباب التالية: 
1- لا يحكّمون القرآن، 2- إلغاء شريعة الله عز وجل، 3-تبديل أحكام الإسلام بقوانين وضعية، 
4-إجبار الناس بالقوة والترهيب على العمل بهذه القوانين، 5-محاربة وقتل كل من يطالبهم بتحكيم الله تعالى، 6-لا يهدون ولا يقتدون بسنة الرسول على الله عليه وسلم، 7-ولاؤهم لليهود والنصارى والكفار، 8-تعذيب الصالحين لاعتقادهم ولدينهم، 9-خيانتهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، 10-إباحة المحرمات ونشر الرذيلة والفجور، 11-الاستهزاء بدين الله أو السماح لمن يريد ذلك، تحت مسمى حرية الرأي، 12-لم تكن ولايتهم عن بيعة شرعية ولا رضا من المسلمين، 
13-ومن أسباب كفرهم فتح بلاد المسلمين للغزاة المعتدين ونصرهم على الموحدين








مَسْأَلَةٌ : مَنْ اجْتَمَعَ فِي مَالِهِ زَكَاتَانِ فَصَاعِدًا هُوَ حَيٌّ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : تُؤَدَّى كُلُّهَا لِكُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ ؛ وَسَوَاءٌ كُلُّ ذَلِكَ لِهُرُوبِهِ بِمَالِهِ ؛ أَوْ لِتَأْخِيرِ السَّاعِي ؛ أَوْ لِجَهْلِهِ ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ؛ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ ، وَالْحَرْثُ ، وَالْمَاشِيَةُ ، وَسَوَاءٌ أَتَتْ الزَّكَاةُ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ لَمْ تَأْتِ ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ مَالُهُ بَعْدَ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ ، وَلَا يَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ شَيْئًا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الزَّكَاةُ وَقَالَ مَالِكٌ : إنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْنًا - ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً - فَإِنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ كُلِّ سَنَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْوَزْنُ إلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَالذَّهَبُ إلَى عِشْرِينَ دِينَارًا ، فَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ السِّنِينَ ؟ وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ زَرْعٍ فَرَّطَ فِيهَا سِنِينَ أُخِذَتْ كُلُّهَا وَإِنْ اصْطَلَمَتْ جَمِيعَ مَالِهِ ؟ وَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةً . فَإِنْ كَانَ هُوَ هَرَبَ أَمَامَ السَّاعِي فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى حَسْبِ مَا كَانَ عِنْدَهُ فِي كُلِّ عَامٍ ؛ فَإِذَا رَجَعَ مَالُهُ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ إلَّا مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لِسَائِرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْوَامِ ، وَإِنْ كَانَ السَّاعِي هُوَ الَّذِي تَأَخَّرَ عَنْهُ فَإِنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ مَا وُجِدَ بِيَدِهِ لِكُلِّ عَامٍ خَلَا - سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ فِيمَا خَلَا أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ ؛ فَإِذَا رَجَعَ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ عَامَيْنِ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا : إنَّهُ يُزَكِّي لِلْعَامِ الْأَوَّلِ شَاتَيْنِ . وَلِلْعَامِ الثَّانِي شَاةً وَاحِدَةً وَقَالَ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ - لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا - فَلَمْ يُزَكِّهَا سَنَتَيْنِ فَصَاعِدًا : إنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا فِيهَا هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : عَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ فَقَطْ ؟ وَقَالَ زُفَرُ : عَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِكُلِّ عَامٍ أَبَدًا . وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ ، وَأَصْحَابُنَا ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ التَّنَاقُضِ ، وَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ ، لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ . وَمَا الْعَجَبُ إلَّا مِنْ رِفْقِهِمْ بِالْهَارِبِ أَمَامَ الْمُصَدِّقِ وَتَحَرِّيهِمْ الْعَدْلَ فِيهِ وَشِدَّةِ حَمْلِهِمْ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي ، فَيُوجِبُونَ عَلَيْهِ زَكَاةً أَلْفَ نَاقَةٍ لِعَشْرِ سِنِينَ ؛ وَلَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً ، وَإِنَّمَا مَلَكَ فِي سَائِرِ الْأَعْوَامِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَقَطْ . وَاحْتَجُّوا فِي هَذَا بِأَنَّ هَكَذَا زَكَّى النَّاسُ إذْ أَجْمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا مُعَاوِيَةَ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَعْطِيَةِ وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ؛ وَقَلَّدُوا هَاهُنَا سُعَاةَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ ، كَمَرْوَانَ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، وَمَا هُنَالِكَ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تُؤْخَذَ الزَّكَاةُ مِنْ إبِلٍ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمُسْلِمُ وَتُعَطَّلَ زَكَاةً قَدْ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى ؟ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ - فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهِ - فِي الْمَالِ نَفْسِهِ ، وَلَا فِي الذِّمَّةِ /97 ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ قَبْلُ /97 ؛ وَأَوْضَحْنَا أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْعَيْنِ لَمَا أَجْزَأَهُ أَنْ يُعْطِيَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَالِ نَفْسِهِ ؛ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَى خِلَافِهِ ؛ وَعَلَى أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ حَيْثُ شَاءَ ؛ فَإِذَا صَحَّ أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ ذَهَابُ مَالِهِ ، وَلَا رُجُوعُهُ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ ؟ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ امْرَأً لَوْ بَاعَ مَاشِيَتَهُ بَعْدَ حُلُولِ الزَّكَاةِ فِيهَا أَنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ تِلْكَ الْمَاشِيَةِ الْمَبِيعَةِ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا بَاطِلٌ ؛ وَمَا لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مَالًا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي ؛ وَلَا يَحِلُّ أَنْ تُؤْخَذَ زَكَاةٌ مِنْ عُمَرَ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى زَيْدٍ ؛ وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْبَائِعُ بِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .















مَسْأَلَةٌ : فَلَوْ مَاتَ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، أَقَرَّ بِهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ، وَرِثَهُ وَلَدُهُ أَوْ كَلَالَةً ، لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا لِلْوَصِيَّةِ وَلَا لِلْوَرَثَةِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ كُلُّهَا ؛ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ وَالْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ . وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ ، وَأَصْحَابِهِمَا . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : مَنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ، لَا تُؤْخَذُ أَصْلًا ، سَوَاءٌ مَاتَ إثْرَ الْحَوْلِ بِيَسِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ ، أَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لِسِنِينَ . وَأَمَّا زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ فَإِنَّهُ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ : أَنَّهُ يَأْخُذُهَا الْمُصَدَّقُ مِنْهَا ، وَإِنْ وَجَدَهَا بِأَيْدِي وَرَثَتِهِ . وَرَوَى عَنْهُ أَبُو يُوسُفَ : أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ : فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ، وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّهَا تُؤْخَذُ بَعْدِ مَوْتِهِ ، وَيَرَى أَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ فِي الْمَاشِيَةِ ، وَالزَّرْعِ إنَّمَا هُوَ فِي زَكَاةِ تِلْكَ السَّنَةِ فَقَطْ ؛ فَأَمَّا زَكَاةٌ فَرَّطَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَقُولُ : بِأَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ . وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ أَيِّ مَالٍ كَانَ حَاشَا الْمَوَاشِيَ - : فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ فَرَّطَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهَا ، فَتَكُونُ مِنْ ثُلُثِهِ مُبْدَاةً عَلَى سَائِرِ وَصَايَاهُ كُلِّهَا ، حَاشَا التَّدْبِيرِ فِي الصِّحَّةِ ، وَهِيَ مُبْدَاةٌ عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ قَالَ : وَأَمَّا الْمَوَاشِي فَإِنَّهُ إنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي ثُمَّ جَاءَ السَّاعِي فَلَا سَبِيلَ لِلسَّاعِي عَلَيْهَا ، وَقَدْ بَطَلَتْ ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهَا ، فَتَكُونُ فِي الثُّلُثِ غَيْرُ مُبْدَاةٍ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا . وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي ذَلِكَ : فَمَرَّةٌ رَآهَا مِنْ الثُّلُثِ ، وَمَرَّةً رَآهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٍ ؛ فَفِي غَايَةِ الْخَطَأِ ؛ لِأَنَّهُمَا أَسْقَطَا بِمَوْتِ الْمَرْءِ دَيْنًا لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ ، بِلَا بُرْهَانٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالُوا : لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا شَاءَ إنْسَانٌ أَنْ لَا يُوَرِّثَ وَرَثَتَهُ شَيْئًا إلَّا أَمْكَنَهُ فَقُلْنَا : فَمَا تَقُولُونَ فِي إنْسَانٍ أَكْثَرَ مِنْ إتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَرَثَتُهُ شَيْئًا ، وَلَوْ أَنَّهَا دُيُونُ يَهُودِيٍّ ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ لَا فِي خُمُورٍ أَهْرَقَهَا لَهُمْ . فَمِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّهَا كُلَّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، سَوَاءٌ وَرِثَ وَرَثَتُهُ أَوْ لَمْ يَرِثُوا ، فَنَقَضُوا عِلَّتَهُمْ بِأَوْحَشِ نَقْضٍ وَأَسْقَطُوا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى - الَّذِي جَعَلَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْغَارِمِينَ مِنْهُمْ ، وَفِي الرِّقَابِ مِنْهُمْ ، وَفِي سَبِيلِهِ تَعَالَى ، وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى - : وَأَوْجَبُوا دُيُونَ الْآدَمِيِّينَ وَأَطْعَمُوا الْوَرَثَةَ الْحَرَامَ . وَالْعَجَبُ أَنَّهُ مِنْ إيجَابِهِمْ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا عَلَى الْعَامِدِ لِتَرْكِهَا ، وَإِسْقَاطِهِمْ الزَّكَاةَ وَوَقْتُهَا قَائِمٌ عَنْ الْمُتَعَمِّدِ لِتَرْكِهَا . ثُمَّ تَقْسِيمُ مَالِكٍ بَيْنَ الْمَوَاشِي وَغَيْرِ الْمَوَاشِي ، وَبَيْنَ زَكَاةِ عَامِهِ ذَلِكَ وَسَائِرِ الْأَعْوَامِ ، فَرَأَى زَكَاةَ عَامِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ يَعِيشُونَ مِنْهُ ، وَلَمْ يَرَ زَكَاةَ سَائِرِ الْأَعْوَامِ إلَّا سَاقِطَةً . ثُمَّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ زَكَاةِ النَّاضِّ يُوصِي بِهَا فَتَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا إلَّا عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الصِّحَّةِ وَتُبَدَّى عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ - : وَبَيْنَ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ يُوصِي بِهَا فَتَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَلَا تُبَدَّى الْوَصَايَا ، وَهَذِهِ أَشْيَاءُ غَلِطَ فِيهَا مَنْ غَلِطَ وَقَصَدَ الْخَيْرَ ، وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ انْشَرَحَ صَدْرُهُ لِتَقْلِيدِ قَائِلِهَا . ثُمَّ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي إبْطَالِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ نَصْرًا لَهَا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَبَيْنَ صِحَّةِ قَوْلِنَا وَبُطْلَانِ قَوْلِ الْمُخَالِفِينَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( فِي الْمَوَارِيثِ ) { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } فَعَمَّ - عَزَّ وَجَلَّ - الدُّيُونَ كُلَّهَا ، وَالزَّكَاةُ دَيْنٌ قَائِمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَسَاكِينِ ، وَالْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ وَسَائِرِ مَنْ فَرَضَهَا تَعَالَى لَهُمْ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ - : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ . قَالَ الْوَكِيعِيُّ : ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ ؛ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ثُمَّ اتَّفَقَ زَائِدَةُ ، وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ الْبُطَيْنِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، قَالَ مُسْلِمُ الْبُطَيْنُ : عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ الْحَكَمُ ، وَسَلَمَةُ : سَمِعْنَا مُجَاهِدًا ثُمَّ اتَّفَقَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيهِ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى } . قَالَ أَبُو خَالِدٍ : فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ الْبُطَيْنِ ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَذَكَرَ زَائِدَةُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ الْأَعْمَشَ سَمِعَهُ مِنْ الْحَكَمِ ، وَسَلَمَةَ وَمُسْلِمٍ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ قَالَ : سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ، وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { : فَاقْضُوا اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ } فَهَؤُلَاءِ : عَطَاءٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرِ ، وَمُجَاهِدٌ يَرْوُونَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : هَؤُلَاءِ بِآرَائِهِمْ ، بَلْ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى سَاقِطٌ وَدَيْنُ النَّاسِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى وَالنَّاسُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَيَسْأَلُونَ عَنْ الزَّكَاةِ أَفِي الذِّمَّةِ هِيَ أَمْ فِي عَيْنِ الْمَالِ . ؟ وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ . فَإِنْ قَالُوا : فِي عَيْنِ الْمَالِ ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَهْلَ الصَّدَقَاتِ شُرَكَاءُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ ، فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ حَقُّهُمْ وَتَبْقَى دَيْنُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؟ وَإِنْ قَالُوا : فِي الذِّمَّةِ فَمِنْ أَيْنَ أَسْقَطُوهَا بِمَوْتِهِ ؟ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ لَازِمٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ إبْطَالُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ ، كَذَبُوا وَتَنَاقَضُوا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إنْ كَانَ وَصِيَّةً فَهُوَ مِنْ الصَّحِيحِ أَيْضًا فِي الثُّلُثِ ، وَإِلَّا فَهَاتُوا فَرْقًا بَيْنَ الْمَرِيضِ ، وَالصَّحِيحِ . وَإِنْ قَالُوا : لِأَنَّنَا نَتَّهِمُهُ . قُلْنَا : فَهَلَّا اتَّهَمْتُمْ الصَّحِيحَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالتُّهْمَةِ ؟ لَا سِيَّمَا الْمَالِكِيِّينَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ قَوْلَ الْمَرِيضِ فِي دَعْوَاهُ : إنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ، وَيُبْطِلُونَ إقْرَارَهُ فِي مَالِهِ ، وَهَذِهِ أُمُورٌ كَمَا تَرَى وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ . رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ : أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ . وَقَالَ رَبِيعَةُ : لَا تُؤْخَذُ وَعَلَيْهِ مَا تَحَمَّلَ - : وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ : ثنا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَسَنِ ، وَطَاوُسٍ : أَنَّهُمَا قَالَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَالزَّكَاةِ : هُمَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ قَالَ عَلِيٌّ : وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ : إنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَتَحَاصُّ مَعَ دُيُونِ النَّاسِ . قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذَا خَطَأٌ ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى . } قَالَ عَلِيٌّ : هَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ الثَّابِتَةَ - الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا - وَالْقِيَاسَ ، وَلَمْ يَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِ صَاحِبٍ نَعْلَمُهُ .

مسألة فى زكاة عسل النحل
معلوم أن عسل النّحل من نِعَم الله على عباده، وجاء في ذلك قوله تعالى( فِيهِ شِفاءٌ للنّاسِ ) [ سورة النحل: 69 ] وتحدّث العلماء قديمًا وحديثًا في معنى الشّفاء الموجود فيه، ويراجع في ذلك كتاب " الطّب النبوي" لابن القيم أو " زاد المعاد " له. أما الزكاة فيه فقد جاء في تفسير القرطبي " ج10 ص 140 " أن الإمام مالكًا وأصحابه ذهبوا إلى أنّه لا زكاة فيه وإن كان مطعومًا مُقتاتًا، واختلف فيه قول الشافعي، ففي القديم أن فيه زكاةً، وفي الجديد قطع بأنّه لا زكاة فيه، وقال أبو حنيفة بوجوب الزكاة فيه قليله وكثيره؛ لأنّ النصاب عنده ليس بشرط، وقال محمد بن الحسن: لا شئ فيه حتى يبلغ ثمانية أَفْراق، والفرق سِتّة وثلاثون رطلاً عراقيًّا، وقال أبو يوسف: في كل عشرة أزْقاق زِقٌّ، متمسكا بما رواه الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلّى الله عليه وسلّم - " في العسل في كل عشرة أزْقاق زِقّ " قال أبو عيسى: في إسناده مقال، ولا يصحّ عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - في هذا الباب الكبير شيء، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: ليس في العسل شئ. انتهى. 
فالخُلاصة: أن جمهور العلماء لا يُوجِبون الزّكاة في عسل النحل، لعدم وجود الدليل الصحيح، قال ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يَثبت ولا إجماعٌ، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور. والذي قال بالزكاة فيه أحمد وأهل الرأي، وهم أبو حنيفة وأصحابه. على خِلاف في نصابه، ومقدار الزكاة. وإذا لم تجب الزكاة فصدقة التطوّع مندوبة. 
المحرر: اختلف العلماء في زكاة العسل هل يجب فيه شيء أم لا، فالذين قالوا بوجوبها قد تمسكوا ببعض الآثار الواردة في ذلك، أما الذين قالوا بعدم الوجوب فحجتهم أنه لا دليل في المسألة يعتبر صحيحاً، والراجح أن العسل مال، ويبتغى من ورائه الفضل والكسب، فهو مال تجب فيه الزكاة على أن يؤخذ العشر من صافى إيراده، أي بعد رفع النفقات والتكاليف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

 بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق     بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق  Emptyالجمعة 24 مارس - 18:19

مسألة فى زكاة العنب والبرتقال
فقد حَصَرَ الإمام مالك الزكاة فيما يبقى وييبس ويستنبته الآدميون، ولم يوجب الزكاة في الخضروات والفواكه الطرية كالتين والرُّمَّان والمَوْز، وقال الشافعي كقول مالك في عدم الزكاة في هذه الأصناف، وأحمد بن حنبل لا يوجب الزكاة فيما لا يبقى ولا ييبس، فلا زكاة في الخُضَر والفواكه الطرية. وأوجبها أبو حنيفة في كلِّ ما تنبته الأرض ما دام قد قُصد بزراعته استغلالها: ولم يَسْتَثْن من ذلك إلا أنواعًا قليلة كالحطب والشجر الذي لا ثمر له. وعلى رأيه تجب الزكاة، فيما ذُكر في السؤال، ويرى الدكتور حسام الدين عفانة أن رأي أبو حنيفة أهدى سبيلاً وأصح دليلاً. 
وإليك تفصيل ذلك في فتوى الدكتور حسام الدين عفانة :
ينبغي أن يعلم أولاً أن الزكاة واجبة في كل ما أخرجت الأرض مما يقصد بزراعته نماء الأرض وتستغل به الأرض عادة مثل القمح والشعير والعنب والتين والزيتون والورود والرياحين والزعتر والأعشاب الطبية التي يستنبتها الإنسان بقصد تنمية الأرض واستغلالها ، وهذا قول الإمام أبي حنيفة في زكاة المزروعات، وهو أقوى المذاهب الفقهية في هذه المسألة، ولم يحصر الزكاة في الأقوات الأربعة التي كانت معروفة قديماً وهي القمح والشعير والتمر والزبيب ولم يحصرها في ما يقتات ويدخر كما هو قول المالكية والشافعية، ولم يحصرها في ما ييبس ويبقى ويكال كما هو قول الحنابلة .
وقول أبي حنيفة رحمه الله أهدى سبيلاً وأصح دليلاً واعتمد في ذلك على عموم قوله تعالى Sad أنفقوا من طيبات ) سورة البقرة الآية 267 ، وعلى قوله تعالى Sad وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ) سورة الأنعام الآية 141 . والمراد بالحق في الآية الزكاة المفروضة كما نقل القرطبي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين . واحتج أبو حنيفة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم Sad فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر ) رواه مسلم في صحيحه .
قال الإمام ابن العربي المالكي ناصراً قول أبي حنيفة في المسألة :[ وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق وقال : إن الله أوجب الزكاة في المأكول قوتاً كان أو غيره وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في عموم Sad فيما سقت السماء العشر )] أحكام القرآن لابن العربي 2/759 .
إذا ثبت هذا فإن الواجب إخراج زكاة الزروع والثمار عند الحصاد أو القطاف لقوله تعالى Sad آتوا حقه يوم حصاده ) ، ولا تجب الزكاة إلا إذا بلغ المحصول نصاباً والنصاب خمسة أوسق وتساوي في وقتنا الحضار 653 كيلو غرام تقريباً. فإذا بلغ المحصول نصاباً فتجب فيه الزكاة ومقدار الواجب يكون 10% من الإنتاج إذا كانت المزروعات تسقى بما المطر أو مياه العيون بدون كلفة يتحملها المزارع أو 5% إذا كانت المزروعات تسقى بجهد من المزارع كمن يشتري المياه أو نحو ذلك أو 7.5% إذا كانت المزروعات تسقى بكل من الطريقتين السابقتين .
وعند تقدير الواجب على المزارع فإنه يحسب الناتج من المزروعات والثمار، ويحسب ما أنفقه على الأرض من أجرة العمال أو أجرة معدات أو شراء أسمدة أو أدوية ونحوها ويخصمها ،ويزكي الباقي ، ويجب أن يعلم أن المزارع إذا باع إنتاج أرضه قبل الجفاف كما هو الحال فيمن يبيع العنب قبل أن يصير زبيباً أو المزارع الذي يبيع إنتاجه من الخضار ونحوها. فإن الزكاة واجبة في أثمانها إذا كانت تلك الخضار أو العنب قد بلغت نصاباً . فالمزارع الذي باع إنتاج بساتينه من الفواكة مثلا، وكانت قد بلغت نصاباً، وكانت تسقى بماء المطر فالواجب عليه أن يخرج عشر الثمن زكاة لله تعالى .

مَسْأَلَةٌ : وَلَا زَكَاةَ فِي تَمْرٍ ، وَلَا بُرٍّ ، وَلَا شَعِيرٍ : حَتَّى يَبْلُغَ مَا يُصِيبُهُ الْمَرْءُ الْوَاحِدُ مِنْ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ؛ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا ؛ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْمُدُّ مِنْ رَطْلٍ وَنِصْفٍ إلَى رَطْلٍ وَرُبْعٍ عَلَى قَدْرِ رَزَانَةِ الْمُدِّ وَخِفَّتِهِ ، وَسَوَاءٌ زَرَعَهُ فِي أَرْضٍ لَهُ أَوْ فِي أَرْضٍ لِغَيْرِهِ بِغَصْبِ أَوْ بِمُعَامَلَةٍ جَائِزَةٍ ، أَوْ غَيْرِ جَائِزَةٍ ، إذَا كَانَ النَّذْرُ غَيْرَ مَغْصُوبٍ ، سَوَاءٌ أَرْضَ خَرَاجٍ كَانَتْ أَوْ أَرْضَ عُشْرٍ . وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ ، وَبِهِ يَقُولُ : مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يُزَكَّى مَا قَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَمَا كَثُرَ ، فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا أُصِيبَ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً فَالزَّكَاةُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا عَلَى الزَّارِعِ ، فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ، فَإِنْ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَا نَقَصَهَا الزَّرْعَ فَالزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِشَيْءٍ فَالزَّكَاةُ عَلَى الزَّارِعِ - قَالَ : وَالْمُدُّ رَطْلَانِ . فَهَذِهِ خَمْسَةُ مَوَاضِعَ خَالَفَ فِيهَا الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ صَدَقَةٌ } . وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ } . وَأَخْطَأَ فِي هَذَا ، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْخَبَرَ وَعَصَى الْآخَرَ وَهَذَا لَا يَحِلُّ ، وَنَحْنُ أَطَعْنَا مَا فِي الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا ، وَهُوَ قَدْ خَالَفَ هَذَا الْخَبَرَ أَيْضًا ، إذْ خَصَّ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ كَثِيرًا بِرَأْيِهِ ، كَالْقَصَبِ ، وَالْحَطَبِ ، وَالْحَشِيشِ ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَمَا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ ، وَلَمْ يَرَ أَنْ يَخُصَّهُ بِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَلِفَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُطَاقُ كَمَا قَدَّمْنَا وَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ مَا أُصِيبَ فِي عَرَصَاتِ الدُّورِ ، وَهَذِهِ تَخَالِيطُ لَا نَظِيرَ لَهَا . وَأَمَّا أَبُو سُلَيْمَانَ فَقَالَ : مَا كَانَ يَحْتَمِلُ التَّوْسِيقَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ، وَمَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْسِيقَ فَالزَّكَاةُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ قَبْلُ . وَالْعَجَبُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ صَاحِبُ قِيَاسٍ ، وَهُوَ لَمْ يَرَ فِيمَا يُزَكَّى شَيْئًا قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فَهَلَّا قَاسَ الزَّرْعَ عَلَى الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ . فَلَا النَّصَّ اتَّبَعَ ، وَلَا الْقِيَاسَ طَرَدَ . وَأَمَّا الْمُدُّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَيُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رَطْلَانِ } ، مَعَ الْأَثَرِ الصَّحِيحِ فِي { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ } . وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّ شَرِيكًا مُطَّرِحٌ ، مَشْهُورٌ بِتَدْلِيسِ الْمُنْكَرَاتِ إلَى الثِّقَاتِ ، وَقَدْ أَسْقَطَ حَدِيثَهُ الْإِمَامَانِ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ؛ وَتَاللَّهِ لَا أَفْلَحَ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالْجُرْحَةِ . ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّ رَطْلَانِ ، وَقَدْ صَحَّ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ الْمُدِّ } ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ يُعَيِّرُ لَهُ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ بِكَيْلٍ كَكَيْلِ الزَّيْتِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ . أَيْضًا - فَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رَطْلَانِ } مَانِعٌ مِنْ أَنْ يُجْزِئَ أَقَلُّ ، وَهُمْ أَوَّلُ مُوَافِقٍ لَنَا فِي هَذَا ، فَمَنْ تَوَضَّأَ عِنْدَهُمْ بِنِصْفِ رِطْلٍ أَجْزَأَهُ ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْأَثَرِ . وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى الْجُهَنِيِّ : كُنْت عِنْدَ مُجَاهِدٍ فَأَتَى بِإِنَاءٍ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ تِسْعَةَ أَرْطَالٍ ، عَشَرَةَ أَرْطَالٍ ، فَقَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا } مَعَ الْأَثَرِ الثَّابِتِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ . } قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّ مُوسَى قَدْ شَكَّ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ إلَى عَشَرَةٍ ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ : إنَّ الصَّاعَ يَزِيدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ وَلَا فَلْسًا . وَأَيْضًا - فَقَدْ صَحَّ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اغْتَسَلَ هُوَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ } ؛ وَأَيْضًا مِنْ إنَاءٍ هُوَ الْفَرْقُ ، وَالْفَرْقُ : اثْنَا عَشَرَ مُدًّا ، وَأَيْضًا - بِخَمْسَةِ أَمْدَادٍ ، وَأَيْضًا - بِخَمْسَةِ مَكَاكِيَّ . وَكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ ، وَالْإِسْنَادِ الْوَثِيقِ الثَّابِتِ الْمُتَّصِلِ ، وَالْخَمْسَةُ مَكَاكِيَّ : خَمْسُونَ مُدًّا . وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُعَيِّرْ لَهُ الْمَاءَ لِلْغُسْلِ بِكَيْلٍ كَكَيْلِ الزَّيْتِ ، وَلَا تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِإِنَاءَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ بَلْ قَدْ تَوَضَّأَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَر بِلَا مُرَاعَاةٍ لِمِقْدَارِ الْمَاءِ . هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا التَّحْدِيدِ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ امْرَأً لَوْ اغْتَسَلَ نِصْفَ صَاعٍ لَأَجْزَأهُ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآثَارِ الْوَاهِيَةِ . وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَتَيْنِ وَاهِيَتَيْنِ - : إحْدَاهُمَا - مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ : أَنَّ الْقَفِيزَ الْحَجَّاجِيَّ قَفِيزُ عُمَرَ ، أَوْ صَاعُ عُمَرَ . وَالْأُخْرَى - مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : الْقَفِيزُ الْحَجَّاجِيُّ - صَاعُ عُمَرَ . وَبِرِوَايَةٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ : عَيَّرْنَا صَاعَ عُمَرَ فَوَجَدْنَاهُ حَجَّاجِيًّا . وَبِرِوَايَةٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ { كَانَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ ، وَمُدُّهُ رَطْلَيْنِ } . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : هَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ ، وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ . أَمَّا حَدِيثُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ فَبَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَبَيْنَهُ مَنْ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ ؛ وَمُجَالِدٌ ضَعِيفٌ ، أَوَّلُ مَنْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ . ثُمَّ لَوْ صَحَّ كُلُّ ذَلِكَ لَمَا انْتَفَعُوا بِهِ ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نُنَازِعْهُمْ فِي صَاعِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا فِي قَفِيزِهِ ، إنَّمَا نَازَعْنَاهُمْ فِي صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَسْنَا نَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ لِعُمَرَ : صَاعٌ ، وَقَفِيزٌ ، وَمُدٌّ . رَتَّبَهُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ لِنَفَقَاتِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ ؛ كَمَا بِمِصْرَ الْوَيْبَةُ وَالْإِرْدَبُّ ؛ وَبِالشَّامِ الْمُدُّ وَكَمَا كَانَ لِمَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ مُدٌّ اخْتَرَعَهُ ، وَلِهِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ مُدٌّ اخْتَرَعَهُ ، وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ فِي صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِ : فَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ فِي الرَّغْبَةِ عَنْهُمَا إذَا خَالَفَا الصَّوَابَ . وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ : ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيّ ثنا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ { كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمْ الْيَوْمَ ، فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ } وَرُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِالْمُدِّ الْأَصْغَرِ مُدُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْهُ أَيْضًا فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَالزَّيْتُونِ بِالصَّاعِ الْأَوَّلِ صَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدِّ الْأَوَّلِ فَصَحَّ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ صَاعًا ، وَمُدًّا غَيْرَ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلَوْ كَانَ صَاعُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هُوَ صَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا نُسِبَ إلَى عُمَرَ أَصْلًا دُونَ أَنْ يُنْسَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَا إلَى أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا دُونَ أَنْ يُضَافَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَحَّ بِلَا شَكٍّ أَنَّ مُدَّ هِشَامٍ إنَّمَا رَتَّبَهُ هِشَامٌ ، وَأَنَّ صَاعَ عُمَرَ إنَّمَا رَتَّبَهُ عُمَرُ . هَذَا إنْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ هُنَالِكَ صَاعٌ يُقَالُ لَهُ " صَاعُ عُمَرَ " فَإِنَّ صَاعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّهُ مَنْسُوبَانِ إلَيْهِ لَا إلَى غَيْرِهِ ، بَاقِيَانِ بِحَسَبِهِمَا . وَأَمَّا حَقِيقَةُ الصَّاعِ الْحَجَّاجِيِّ الَّذِي عَوَّلُوا عَلَيْهِ فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ : صَاعِي هَذَا صَاعُ عُمَرَ أَعْطَتْنِيهِ عَجُوزٌ بِالْمَدِينَةِ . فَإِنْ احْتَجُّوا بِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فَرِوَايَتُهُ هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا أَصْلُ صَاعِ الْحَجَّاجِ ، فَلَا كَثُرَ وَلَا طِيبَ وَلَا بُورِكَ فِي الْحَجَّاجِ وَلَا فِي صَاعِهِ . وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ : ثنا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحُمَيْدِ - عَنْ يَزِيدَ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : الصَّاعُ يَزِيدُ عَلَى الْحَجَّاجِيِّ مِكْيَالًا . فَبَطَلَ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ الْبَاطِلِ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ ، قَالَ إِسْحَاقُ عَنْ الْمُلَائِيِّ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ - كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيِّ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ } . فَلَمْ يَسَعْ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْ مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِقْدَارِهِ عِنْدَهُمْ ، وَلَا عَنْ مَوَازِينِ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ " لَا يَخْتَلِفُ مِنْهُمْ اثْنَانِ فِي أَنَّ مُدَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بِهِ تُؤَدَّى الصَّدَقَاتُ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ رَطْلٍ وَنِصْفٍ ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ رَطْلٍ وَرُبْعٍ " . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : رَطْلٌ وَثُلُثٌ ، وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا ؛ لَكِنَّهُ عَلَى حَسَبِ رَزَانَةِ الْمَكِيلِ مِنْ الْبُرِّ ، وَالتَّمْرِ ، وَالشَّعِيرِ - : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ { أَنَّ مُدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ بِهِ الصَّدَقَاتِ : رَطْلٌ وَنِصْفٌ } . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : صَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ . قَالَ أَبُو دَاوُد : وَهُوَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : ذَكَرَ أَبِي أَنَّهُ عَيَّرَ مُدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِنْطَةِ فَوَجَدَهَا رَطْلًا وَثُلُثًا فِي الْبُرِّ ، قَالَ : وَلَا يَبْلُغُ مِنْ التَّمْرِ هَذَا الْمِقْدَارُ - : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : دَفَعَ إلَيْنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ الْمُدَّ ، وَقَالَ هَذَا مُدُّ مَالِكٍ ، وَهُوَ عَلَى مِثَالِ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبْت بِهِ إلَى السُّوقِ ، وَخُرِطَ لِي عَلَيْهِ مُدٌّ وَحَمَلْته مَعِي إلَى الْبَصْرَةِ ، فَوَجَدْته نِصْفَ كَيْلَجَةٍ بِكَيْلَجَةِ الْبَصْرَةِ ، يَزِيدُ عَلَى كَيْلَجَةِ الْبَصْرَةِ شَيْئًا يَسِيرًا خَفِيفًا ، إنَّمَا هُوَ شَبِيهٌ بِالرُّجْحَانِ الَّذِي لَا يَقَعُ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ الْأَجْزَاءِ ، وَنِصْفُ كَيْلَجَةِ الْبَصْرَةِ هُوَ رُبْعُ كَيْلَجَةِ بَغْدَادَ - فَالْمُدُّ : رُبْعُ الصَّاعِ ، وَالصَّاعُ مِقْدَارُ كَيْلَجَةٍ بَغْدَادِيَّةٍ يَزِيدُ الصَّاعُ عَلَيْهَا شَيْئًا يَسِيرًا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَخُرِطَ لِي مُدٌّ عَلَى تَحْقِيقِ الْمُدِّ الْمُتَوَارَثِ عِنْدَ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ ، وَهُوَ عِنْدَ أَكْبَرِهِمْ لَا يُفَارِقُ دَارِهِ ، أُخْرِجُهُ إلَى ثِقَتِي الَّذِي كَلَّفْته ذَلِكَ : عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مُدُّ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَبِي جَدِّهِ أَخَذَهُ وَخَرَطَهُ عَلَى مُدِّ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ ، وَأَخْبَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّهُ خَرَطَهُ عَلَى مُدِّ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَخَرَطَهُ يَحْيَى عَلَى مُدِّ مَالِكٍ ، وَلَا أَشُكُّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ خَالِدٍ صَحَّحَهُ أَيْضًا عَلَى مُدِّ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ بِالْمَدِينَةِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : ثُمَّ كِلْته بِالْقَمْحِ الطَّيِّبِ ، ثُمَّ وَزَنْته فَوَجَدَتْهُ رَطْلًا وَاحِدًا وَنِصْفَ رَطْلٍ بِالْفُلْفُلِيِّ ، لَا يَزِيدُ حَبَّةً ، وَكِلْته بِالشَّعِيرِ ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالطَّيِّبِ ؛ فَوَجَدْتُهُ رَطْلًا وَاحِدًا وَنِصْفَ أُوقِيَّةً . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ بِالْمَدِينَةِ مَنْقُولٌ نَقْلَ الْكَافَّةِ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ ، وَصَالِحِهِمْ وَطَالِحِهِمْ ، وَعَالِمِهِمْ وَجَاهِلِهِمْ ، وَحَرَائِرِهِمْ وَإِمَائِهِمْ ، كَمَا نَقَلَ أَهْلُ مَكَّةَ مَوْضِعَ الصَّفَا ، وَالْمَرْوَةِ ، وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ كَالْمُعْتَرِضِ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ فِي مَوْضِعِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا فَرْقَ ، وَكَمَنْ يَعْتَرِضُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ وَالْبَقِيعِ ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ الدِّيَانَةِ وَالْمَعْقُولِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَبَحَثْت أَنَا غَايَةَ الْبَحْثِ عِنْدَ كُلِّ مَنْ وَثِقْت بِتَمْيِيزِهِ ، فَكُلٌّ اتَّفَقَ لِي عَلَى أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ : اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ بِالْحَبِّ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ ، وَالدِّرْهَمَ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ ؛ فَوَزْنُ الدِّرْهَمِ الْمَكِّيِّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ حَبَّةٍ ، فَالرَّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَاحِدَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا بِالدِّرْهَمِ الْمَذْكُورِ . وَقَدْ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَوَقَفَ عَلَى أَمْدَادِ أَهْلِهَا . وَقَدْ مَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ الْوَسْقُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَسْقِ الْبَعِيرِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا طَرِيفٌ فِي الْهُوجِ جِدًّا وَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ لَهُ بِذَلِكَ وَهَلَّا قَالَ : لِأَنَّهُ وَسْقُ الْحِمَارِ ، ثُمَّ أَيْضًا - فَإِنَّ الْوِسْقَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ عِنْدَهُمْ : سِتَّةَ عَشَرَ رُبْعًا بِالْقُرْطُبِيِّ ، وَحِمْلُ الْبَعِيرِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ بِنَحْوِ نِصْفِهِ . وَأَمَّا إسْقَاطُهُمْ الزَّكَاةَ عَمَّا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنْ بُرٍّ ، وَتَمْرٍ ، وَشَعِيرٍ ؛ فَفَاحِشٌ جِدًّا ، وَعَظِيمٌ مِنْ الْقَوْلِ . وَإِسْقَاطٌ لِلزَّكَاةِ الْمُفْتَرَضَةِ . وَمَوَّهُوا فِي هَذَا بِطَوَامَّ ، مِنْهَا : أَنْ قَالَ قَائِلُهُمْ : - إنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا تَمْوِيهٌ بَارِدٌ ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا ضَرَبَ الْخَرَاجَ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ ، وَلَا زَكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ . فَإِنْ ادَّعَى : أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَقَدْ كَذَبَ جِدًّا ، وَلَا يَجِدُ هَذَا أَبَدًا ؛ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ - عُمَرَ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُمْ كَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَسْقَطَ الصَّلَاةَ عَنْهُمْ وَلَا فَرْقَ . وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذِكْرَ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : { مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا ، وَمَنَعَتْ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا ، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ } شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ ، قَالُوا : فَأَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَرَضِينَ ، وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّ فِيهَا زَكَاةً ؛ وَلَوْ كَانَ فِيهَا زَكَاةٌ لَأَخْبَرَ بِهَا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : مِثْلُ هَذَا لَيْسَ لِإِيرَادِهِ وَجْهٌ ؛ إلَّا لِيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى مَنْ سَمِعَهُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ عَظِيمِ مَا اُبْتُلُوا بِهِ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ ، وَمُعَارَضَةِ الْحَقِّ بِأَغَثِّ مَا يَكُونُ مِنْ الْكَلَامِ . وَلَيْتَ شِعْرِي فِي أَيِّ مَعْقُولٍ وَجَدُوا أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ . وَهَلْ يَقُولُ هَذَا مَنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ التَّمْيِيزِ . وَهَلْ بَيْنَ مَنْ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ - لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْخَبَرِ - فَرْقٌ ، وَبَيْنَ مَنْ أَسْقَطَ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُذْكَرَا فِي هَذَا الْخَبَرِ . وَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِهَذَا الْخَبَرِ ذِكْرَ مَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَرَضِينَ - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَصِحَّ هَذَا فَهُوَ الْكَذِبُ الْبَحْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا كَانَ فِي ذَلِكَ إسْقَاطُ سَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَهْلِهَا . وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا حَدِيثٌ انْتَظَمَ ذِكْرَ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ أَوَّلِهَا عَنْ آخِرِهَا ، نَعَمْ ، وَلَا سُورَةٌ أَيْضًا . وَإِنَّمَا قَصَدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِنْذَارَ بِخَلَاءِ أَيْدِي الْمُفْتَتِحِينَ لِهَذِهِ الْبِلَادِ مِنْ أَخْذِ طَعَامِهَا وَدَرَاهِمِهَا وَدَنَانِيرِهَا فَقَطْ ؛ وَقَدْ ظَهَرَ مَا أَنْذَرَ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يُرِيدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَعَمُوا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ ، وَكَانَ أَرْبَابُ أَرَاضِي الشَّامِ ، وَمِصْرَ ، وَالْعِرَاقِ مُسْلِمِينَ ؛ فَمَنْ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِأَنَّهُمْ يَعُودُونَ كَمَا بَدَءُوا وَمِنْ الْمَانِعِ مَا ذَكَرَ مَنْعَهُ . هَذَا تَخْصِيصٌ مِنْهُمْ بِالْبَاطِلِ وَبِمَا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مِنْهُ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ ، وَلَوْ قِيلَ لَهُمْ : بَلْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ } دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ الْخَرَاجِ وَبُطْلَانِهِ ، إذْ لَوْ كَانَ فِيهَا خَرَاجٌ لَذَكَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَالْعَجَبُ أَيْضًا إسْقَاطُهُمْ الْجِزْيَةَ بِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ فَأَسْقَطُوا فَرْضَيْنِ مِنْ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ بِرَأْيِ صَاحِبٍ ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا . وَخَالَفُوا ذَلِكَ الصَّاحِبَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ إيجَابُ الْجِزْيَةِ مَعَ الْخَرَاجِ ؛ فَمَرَّةً يَكُونُ فِعْلُهُ حُجَّةً يُخَالِفُ بِهَا الْقُرْآنَ ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ كَاذِبُونَ عَلَيْهِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
 
بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث عن مسألة فى زكاة الحلى - بحث علمى عن مسألة فى زكاة الحلى كامل بالتنسيق
» بحث عن زكاة الفطر - بحث علمى عن زكاة الفطر كامل بالتنسيق
» بحث عن زكاة الفطر - بحث علمى عن زكاة الفطر كامل بالتنسيق
» بحث عن مسألة تولية المرأة القضاء - بحث علمى عن مسألة تولية المرأة القضاء كامل بالتنسيق
» بحث عن مسألة تولية المرأة القضاء - بحث علمى عن مسألة تولية المرأة القضاء كامل بالتنسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: القسم الدراسي والتعليمي :: التوظيف والمسابقات دروس و البحوث :: البحـوث والكتب الجـامعية والمـدرسيـة الشـاملة-
انتقل الى: