بحث عن البلطجية فى مصر وتوظيفها سياسيا - بحث مفصل عن البلطجية فى مصر وتوظيفها سياسيا
ترافق مع المد الثورى العربى الذى تشهده البلدان العربية, ظواهر كثيرة, منها, ظاهرة تشابه ردود افعال النظم الاستبدادية , على مستوى الخطاب الرسمى, الذى عادة يبدا بالتهديد, ثم بتقديم الوعود بالاصلاح, ثم يعود فى النهاية لتنفيذ التهديدات وممارسة القمع والقتل للثوار بشتى الطرق ومنها العسكرية, مهما كانت سلمية شعارات وممارسات هذه الثورات.
إلا ان الظاهرة اللافتة للنظر هى ظاهرة استخدام العصابات الاجرامية , والتى تتخذ مسميات مختلفة فى البلدان العربية المختلفة, حيث تسمى فى مصر(البلطجية), وفى اليمن(البلاطجة), وفى سوريه وبلاد الشام(الشبيحة).
وقد استخدمت هذه العصابات من قبل الانظمة , حيث تم تجنيدهم لمقاومة الاحتجاجات والثورات بشكل غير اخلاقى, ولازالت تستخدم من قبل القوى المضادة للثورات لافشال هذه الثورات والقضاء على مكتسباتها بعمل خلل وانفلات امنى وربما يكون ذلك بشكل انتقامى, بعد فقدان الامل فى عودة النظم المخلوعة.
والبلطجه لغة, هى نوع من التنمر يفرض فيها البعض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم, وهي لفظ دارج يعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين:
"بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح.
البلطجية فى مصر:
كانت الألقاب في الدولة العثمانية كثيرة، منها على سبيل المثال السلحدار أغا وهو يوازي تقريبا قائد فرقة الحرس السلطاني، وعربه جي باشي وهو مسؤول «عرباين» السلطان، وبلطه جي باشي، وهو الذي يحمل البلطه في حضرة السلطان اذا أراد السلطان ان يؤدب له أحد العصاة.
وليس بالضرورة ان يتحلى بلطجي باشي بالذكاء والحكمة والنزاهة، ولكن من أهم مواصفات وظيفته ان يكون طويلا عريضا حتى يستطيع ان يحمل بلطة السلطان الثقيلة، وبعد ان سيطر العثمانيون على الوطن العربي ودخلوا مصر في 1517م بعد معركة الريدانية هاب عامة المصريين البلطجي باشي هيبة عظيمة، وتطور الأمر في الحواري والأزقة فكان بعض الأشقياء يحمل بيده بلطة أو ساطورا أو هراوة غليظة يرهب بها البسطاء ويفرض عليهم الاتاوات فاقترن اسم «بلطجي» بهذا النوع من البشر الأشقياء.
وكلمة بلطجية شاعت في مصر فى القرن ال19, 20 وكانوا عباره عن فقراء لاعمل لديهم وكانوا اما متسولين او من مجهولي النسب او المجرمين فيكونون مجاميع تنتشر في مصر ،وغير مقتصر انتشارهم على احياء معينه ولهم اشكال تميزهم واي شخص مصري ينظر لهم يعرف انهم بلطجيه حتى السياح يعرفون اشكالهم بما فيها من تشويه وخدوش.
توظيف البلطجية سياسيا:
يظهر البلطجية على الساحة بشكل بارز مع مناسبات سياسية مصرية مختلفة, وارتبطوا بشكل لافت بالانتخابات, حيث يظهر البلطجيه مدفوعين من قبل السلطه الحاكمه كي تحصل على ما تريد من تزييف الحقائق عن طريق هولاء البلطجيه ويرى المراقبون أن ظهور البلطجية على مسرح الأحداث في الثورة المصرية قد أساء إلى صورة الحزب الحاكم ووصمه بعار تشويه النضال السلمي لشباب مصر الذين رفعوا شعار التغيير.
وقد كشف دبلوماسي بريطاني أمام دوائر قصر الاليزيه الفرنسي، عن سبب إصرار إنجلترا على المطالبة برحيل الرئيس المصري وفريقه، وخصوصاً أجهزة وزارة الداخلية التي كان يديرها الوزير حبيب العادلي، والسبب هو أن المخابرات البريطانية تأكدت، ومن المستندات الرسمية المصرية الصوتية والورقية، أن وزير الداخلية المصري المقال حبيب العدلي كان قد شكل منذ ست سنوات جهازاً خاصاً يديره 22 ضابطاً، وعداده من بعض الأفراد التي قضت سنوات في سجون الداخلية، وعدد من تجار المخدرات وفرق الشركات الأمنية، وأعداد من المسجلين خطراً من أصحاب السوابق، الذين قُسموا إلى مجموعات حسب المناطق الجغرافية والانتماء السياسي، وهذا الجهاز قادر على أن يكون جهاز تخريب شامل في جميع أنحاء مصر في حال تعرض النظام لأي اهتزاز.
كما كشفت المخابرات البريطانية أن الرائد فتحي عبد الواحد المقرب من الوزير السابق حبيب العدلي، يقوم بتحضير البلطجيةً في سجون الداخلية المصرية.
ومؤخرا, قال المستشار محمد عبد العزيز الجندى، وزير العدل المصرى, خلال اجتماع المجالس القومية المتخصصة لمناقشه تقرير بعنوان "تفعيل تنمية وتعمير سيناء إن هناك حوالى نصف مليون بلطجى محترف، يتم تأجيرهم لليوم الواحد بـ5000 جنيه، ليتفرغوا إلى تخريب البلاد وزعزعة استقراره، مؤكدا أن المجلس العسكرى يتخذ قرارات حاسمة للضرب بأيد من حديد على هؤلاء البلطجية وذلك من خلال محاكمتهم بسرعة وحزم.
الشبيحة في سوريا:
كتعريف مفردها الشبيح و هو شخص ذو بنية ضخمة يكون تحصيله العلمي الابتدائية كحد أقصى لا يفقه إلا بمنطق القوة و الجبروت و يستمد قوته من سلاحه و رفقائه و طقوسه الحياتية تنحصر في شرب المسكرات و التدرب على السلاح و ممارسة أعمال التشبيح حسب ما يطلب منهم معلمهم .
وأصل التسمية ليس معروفاً بدقة، فهناك أقاويل تذكر أن التسمية تعود إلى أن ممتهن التشبيح الذى يظهر كالشبح لضحاياه.
و جمع الشبيح (شبيحة) وهو مصطلح تم إطلاقه على جماعات صغيرة تتبع لشخص ذو نفوذ يجمعها من حوله و يغدق عليها الأموال و السلاح و يصبح عملهم الرئيس هو حمايته , و عندما لا يجدون شيئا يحمونه منه فقد أدى جلوسهم طوال اليوم إلى أنهم بدؤوا رويداً رويداً في اقتحام مجال الأعمال الدنسة و الحقيرة.
وأحيانا يلجأ إليهم بعض الأشخاص الذي لهم ديون بذمة الأخرين و لم يستطيعوا تحصيلها بعد , كما يعتبر التهريب من أهم أعمال الشبيحة حيث يقومون بتهريب جميع ما يمكن أن يخطر على البال, وكذلك القتل و الضرب المأجور, حيث يمكن لأي شخص أن يستفيد من خدماتهم بدفع الأموال لهم من أجل قتل شخص أخر أو إشباعه ضربا و على الرغم من ندرة القتل في الأحوال العادية إلا أن الاعتداء على الأخرين هو عمل شبه يومي يمارسونه بانتظام.
توظيفهم سياسيا:
خلال التظاهرات الأخيرة فى سوريه, كان للشبّيحة دور بارز في إسكات المعارضين، بحسب شهود العِيان الذين قالوا إن السلطات الأمنية استعانت بهم لضرب المتظاهرين والاعتداء عليهم وقتل بعضهم ، ويستخدم الشبيحة العصي والسكاكين وآلات حادة كثيرة وأحياناً السلاح الخفيف.
وهذه العصابات ليس لها هيكل مؤسساتي معروف أو تنظيم تسير عليه ، لذا لا يمكن تحديد أعداد أفرادها، لكن التقديرات تشير إلى أنهم ما بين خمسة إلى 10 آلاف شخص ، يتركزون في مدن الساحل السوري غالباً، لاسيما القرداحة وطرطوس واللاذقية, و يستمد عناصرها قوتهم هذه من الدعم المطلق الذي يلقونه من شخصيات نافذة لاسيما تلك التي لا تظهر في الواجهة السياسية للبلاد.
البلاطجة فى اليمن:
برز مصطلح “البلاطجة” فى اليمن, كاختصار لمجاميع مسلحة ترتدي زياً مدنياً وتمارس العنف بشكل مفرط كوسيلة لقمع المتظاهرين والمعتصمين المطالبين بإسقاط النظام، وتحولوا إلى جزء من مشهد التصعيد القائم في اليمن، لكن جرائمهم عادة ما تقيد ضد مجهول، ويستخدمون فى اليمن الرصاص الحي والحجارة والهروات والسكاكين متفاوتة الأحجام والجنابي، وهي السلاح الأبيض الذي يتمنطق به اليمنيون.
توظيفهم سياسيا:
كشفت مصادر وثيقة الصلة أن عمليات "البلطجة" والقمع التي تمارس من قبل "بلاطجة" ضد المحتجين، لاسيما في العاصمة صنعاء، يتم إدارتها من خلال غرفة عمليات كان تم إنشاؤها مؤخراً لإدارة الأزمات التي تمر بها البلاد.
وتفيد المصادر أن تلك الوحدة تتبع جهاز الأمن القومي، إداريا، وتقوم برفع تقاريرها، بشكل يومي، إلى رئاسة الجمهورية مباشرة، ولم تستبعد علم ودارية مجلس الدفاع الوطني, والذي رجحت المصادر أن الوحدة ربما أنشئت أولاً ثم عرضت فكرتها لاحقاً على مجلس الدفاع الوطني للموافقة عليها.
وتفيد المعلومات أن الوحدة، شكلت من عدة قيادات وشخصيات عليا، تنوعت ما بين قيادات أمنية، واستخباراتية، وأعضاء قياديون في الحزب الحاكم، إلى جانب وزراء وشخصيات إدارية تدير مؤسسات اقتصادية، وأخرى تدير منظمات توعوية، كانت أنشئت مؤخراً بغرض إحداث توعية وطنية، وقيادات إعلامية موثوقة لدى النظام.
ولم يتم التأكد بشكل دقيق ما إذا كانت تلك الوحدة أنشئت مع انطلاق الاحتجاجات والمظاهرات الأخيرة التي شهدتها ومازالت تشهدها البلاد، أم قبلها، لكن المصادر تعتقد أحد أمرين:
فإما أن وحدة "إدارة الأزمات" التابعة لجهاز الأمن القومي، تم تحديثها مؤخراً، بإضافة وجوه جديدة إليها، شملت قيادات أمنية وشخصيات حزبية وحكومية، بهدف تفعيلها ليتناسب دورها مع المتغيرات الجديدة، وبشكل أكثر تحديداً من أجل مواجهة الاحتجاجات.
أو ربما – وهذا احتمال أكثر ترجيحاً – تم استحداث إدارة جديدة في إطار وحدة "إدارة الأزمات" مهمتها الرئيسية مواجهة الاحتجاجات، وإدارة ومعالجة ما ينجم عنها من تأثيرات سلبية.
إلا انه وفي كلا الاحتماليين، فإن فكرة التحديث أو الاستحداث، من المؤكد أنها استلهمت من الأحداث التي شهدتها دولة مصر فيما يتعلق بمواجهة المعتصمين عبر من يسمون بـ"البلطجية".
وتفيد المصادر، أن من تم إطلاقهم في اليمن لمواجهة المحتجين بالهراوات والعصي، ثم تطور الأمر لاستخدام الرصاص الحي، الجزء الأكبر منهم يتبعون الأمن المركزي، ووحدات مكافحة الشغب تحت قيادة ضباط من وحدة مكافحة الإرهاب، وآخرين يعتقد أنهم يتبعون الحرس الجمهوري.
كما تكشف المصادر أن هذه الوحدة تمكنت من جمع أموال لا بأس بها من رجال أعمال موالين للنظام، ولا تستبعد المصادر، أن وحدة "إدارة الأزمات" ربما تكون قد رصدت، أيضاً، مبالغ مالية لمواجهة احتياجات التغذية والمصاريف اليومية لقوات الأمن المتواجدين أثناء خدمتهم في الشوارع العامة, حيث تأكدت من وجود تنسيق بهذا الشأن بين وزارة الداخلية المكلفة بالتواصل والتنسيق مع مدراء أقسام الشرطة، وقيادات المناطق والمديريات بشكل يومي، لتوزيعهم وانتشارهم في الأماكن الهامة، لحفظ الأمن، إلى جانب مهمتهم، أيضاً، في حماية من يقومون بعمليات "البلطجة". بحسب ما تؤكده المصادر وتعززه الملاحظات اليومية على أرض الواقع.
وبحسب شهود عيان، فإن رجال الأمن باللباس المدني من يطلقون عليهم وصف "البلاطجة"، فرضوا طوقاً أمنياً، وما زالوا – حتى الساعة - يحاصرون كافة مداخل ساحة الحرية (جوار بوابة الجامعة الجديدة)، ويُشاهدون بعصيهم وهراواتهم، وبعضهم يحمل مسدسه الشخصي، وهم إلى جوار رجال الأمن المتواجدين جوار الجامعة الجديدة على مدار الساعة.
خاتمة:
تبقى الثورات وارادتها السياسية اقوى من هذه العصابات الاجرامية التى لاهدف لها الا الارتزاق, اما الايمان بمبادئ الحرية والكرامة والاستعداد للتضحية من اجلها بالارواح, فقد اثبت فاعلية فى هزيمة هذه التجمعات التى لاتنشط الا فى ظل هدوء ثورى وضعف فى التنسيق والحشد, ويبقى المرتزقه اضعف من الانظمة التى تستخدمهم بالمال, وبيبقى الايمان الثورى اقوى من اسلحة البلطجية وعتاد الجيوش.