بحث عن بستالوتزي وحياته واراؤه التربويه - بحث علمى عن بستالوتزي وحياته واراؤه التربويه
قضى بستالوتزي عمره وهو قانع بأن التربية هي أهم وسائط الاصلاح الاجتماعي، شأنه في ذلك شأن كثيرين من المعلمين الذين عرفهم التاريخ منذ فجر النهضة حتى ذلك الوقت. إلا انه صار لهذه الفكرة معنى خاص خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر حين عرضت مختلف العلاجات للشرور الاجتماعية. وانه لعلى جانب عظيم من الأهمية ان يرتفع صوت بستالوتزي في ذلك الوقت منادياً بالتربية الحديثة كعلاج حاسم لخلاص الإنسانية من آثام المجتمع.
ثم ان بستالوتزي كان واحداً من قلائل قالوا بضرورة التربية لجماهير الشعب وبقطع النظر عن الفكرة الدينية، حتى ان شخصاً مثل (كومينيوس) رغم قوله بوجوب تعليم الجماهير لغايات غير دينية لم يستطع بصره أن يمتد إلى ما امتد إليه بصر بستالوتزي الذي أصر على تنمية طبيعة الطفل عقلياً وأخلاقياً وجسدياً. وبكلمة اخرى فإن بستالوتزي طالب عملياً لكل طفل، مهما كان فقيراً متواضع المحيط والقابليات، بما طالب به روسو نظرياً لاميل. ومن هنا كين المعنى الخاص لمطالبة بستالوتزي بتربية عامة لكل الجماهير، معنى لا يمكن فهمه إلا إذا ادركنا الفرق بين مفهوم التربية القديمة ومفهوم التربية الذي قال بها بستالوتزي الذي قال بأن الترادف بين التربية والمفهوم الأدبي لا ينتج عنه إلا جعل التربية تمسكاً باشكاليات لا يفيد الجماهير ويزيد قوة الطبقات المحظوظة كما يزيد عدم مبالاتها بالجماهير. انه يقول في كتابه (كيف تعلم جرترود أطفالها) ما يلي:
" اخطأت اوروبا في نظامها التعليمي. بل انها ضلت السبيل. انها من جهة، ارتفعت بعلومها وفنونها إلى أعلى عليين، ولكنها من جهة اخرى قوضت اسس التثقيف الطبيعي لجماهير الشعب. ما من بقعة في الأرض ارتفعت هذا الارتفاع ولكن ما من بقعة هوت إلى هذا الحضيض... لقد اصبحت ثقافة الشعب في اوروبا ضرباً من العبث المضر بالايمان والمعرفة الصحيحة، ثقافة كلمات فقط... لا شك ان جنون الكلمات والكتب استغرق كل شيء في تعليمنا الشعبي قد وصل حداً لا يصح معه ان نبقى على ما نحن عليه، وكل ما حولي يقنعني بأن الواسطة الوحيدة لتخليصنا من الجمود المدني والاخلاقي والديني هو ان ندع جانباً تعليمنا السطحي المشتت الخاطئ والاعتراف بأن الحدس (أي النمو العقلي) هو الينبوع الحقيقي للمعرفة ".
اراؤه التربويه
بدأ بستالوتزي تعريفه للمفهوم التربوي الجديد. شأنه في ذلك شأن روسو، بذكر الفرق بين المفهوم التربوي الشائع في ذلك الزمان وبين النمو الطبيعي للطفل. وقد قال عن مفهوم التربية ما يلي:
" تشبه التربية الصحيحة شجرة مغروسة قرب مياه غزيرة وقد أودعت الأرض بذرة صغيرة تحتوي على خصائص الشجرة وشكلها، والشجرة بكاملها سلسلة متصلة من الاقسام العضوية وقد توفرت خصائصها في البذرة والجذور، الإنسان شبيه بالشجرة، وفي الطفل تكمن الملكات التي يجب ان تظهر في أثناء الحياة... لا يستطيع المربي وضع قوى وملكات جديدة في الإنسان كما انه لا يستطيع منحه التنفس والحياة. ان عمله منحصر في العناية بتجنيب النمو الطبيعي أي تأثير غير مناسب. يجب ان نربي قوى الإنسان الأخلاقية والعقلية والعملية في ذاته لا عن طريق الاصطناع. وهكذا فالايمان يغرس عن طريق إيماننا لا عن طريق التحدث عن الايمان، والحب يخلق عن طريق حبنا نحن لا بواسطة الكلمات المعسولة عن الحب، والفكر ينمى بطريق تفكيرنا نحن لا بواسطة أفكار الآخرين، والمعرفة تنال عن طريق أبحاثنا نحن لا بواسطة حديث لا نهاية له عن معارف الآخرين".
والتربية، عند بستالوتزي، ليست إلا النمو العضوي للطفل، نمواً عقلياً وأخلاقياً وجسدياً، ومصدر هذا النمو في كل من هذه الوجوه هو النشاط الصادر عن رغبة عفوية في العمل مما يقود إلى النمو الذي يتجه اتجاهات قضت بها طبيعة الطفل سلفاً، ومثل هذا النمو لا يصدر عن شكليات عينتها العادات والتقاليد. وهكذا فالتربية هي النمو الطبيعي التقدمي المتناسق لكل ملكات الإنسان وقواه.
وبما ان بستالوتزي أعطى التربية هدفاً جديداً هو تحرير أبناء الشعب من جهالتهم وبؤسهم، فقد اضطر إلى اعطائها معنى جديداً هو نمو الأفراد، وحصولهم على النضوج الأخلاقي والعقلي الذي هو من حقهم كما انه من حق الفئة المحظوظة. وبستالوتزي يجد في كل فرد بذور كل القوى والعواطف والقابليات اللازمة لمساهمتهم مساهمة مفيدة ناجحة في اسعاد ذواتهم وتلبية حاجات مجتمعهم، أما التربية القائمة فلا تستطيع ذلك لأنها تقصر اهتمامها على تعريف الطفل على الشكليات: شكليات الدين واللغة والعلم والثقافة. وأما عمل التربية الصحيحة فإنماء القوى الكامنة في الفرد بتهيئة الفرص لا لاستغلال كفاءاته.
لقد صاغ لامرك Lamarck هذه الفكرة العامة عن النمو العضوي من خلال النشاط في فلسفة أو فرضية علمية اهتم بها العلماء وطبقوها في حقول مختلفة، وقد كان من عمل بستالوتزي تطبيقها في غرفة الدرس ومحاولة تنظيم أنواع النشاط المناسبة للنمو الفكري والأخلاقي.
تاثيره على وسائط التربية وطرقها
لا يمكن تقدير معنى اصلاح بستالوتزي لطرق التربية إلا إذا تعرفنا على طبيعة العمل التربوي الذي كان شائعاً في زمانه والطرق المتبعة في ذلك الحين. لقد كان صانع الساعات أو البناء أو صانع الحبال أو الجندي المشوه أو الأرملة أو أي شخص آخر لا يستغرق عمله اليوم بكامله أو لا يقدم له عمله ما يكفيه هم الذين يقومون بالتعليم. أما طريقتهم في التعليم فهي التالية:
" كان كل طفل يقرأ لنفسه لأن طريقة التعليم المشترك كانت غير معروفة وكان الأطفال يقدمون الواحد تلو الآخر إلى حيث يجلس المعلم الذي كان يشير إلى حرف واحد ويسميه فيسميه الطفل بعده، ويستمر التدريب على هذا الشكل فيعرف المعلم الطفل على الحرف بعد الآخر مشكلاً منها كلمة وعلى هذه الصورة يتعلم التلميذ القراءة. قد كانت طريقة متناهية في الصعوبة وكثيراً ما كانت السنون تمر دون ان يتعلم الطفل شيئاً. وكثيرون هم الأطفال الذين لم يستطيعوا تعلم القراءة خلال أربع سنوات. لأن العمل كان تقليدياً وآلياً. اما فهم المقروء فأمر قلما فكر فيه أحد. ولقد كان الحفظ هو الواسطة والسؤال القصير والجواب الطويل هما الطريقة...".
ذلك كان حال التعليم في سويسرا والمانيا، وبديهي ان الحال في البلدان الأخرى لم يكن خيراً من ذلك. اما المدرسة التي اراد بستالوتزي احلالها محل المدرسة القديمة فهي تشبه البيت بعلاقاته وروحه وأهدافه، هدفها وعملها هما نمو عقل الطفل وأخلاقه وتامل جسده. ولبستالوتزي يعود الفضل في التقدم التربوي العظيم الذي نتج عن دلالته على الطريق العملي القويم لتحقيق هذه الأفكار.
والفكرة الاساسية في طريقة بستالوتزي بسيطة، تحليل الموضوع على اجزائه البسيطة على اعتبار ان هذه الأجزاء البسيطة تقدم نفسها للطفل بصورة طبيعية. والحصول على هذه الأجزاء البسيطة من المعرفة لا يكون عن طريق شكلها فقط بل بمعناها الحقيقي وعن طريق الملاحظة والانطباع الحسي (الحدس كما سمي في كثير من الأحيان) وهذه الاجزاء البسيطة تركب، بواسطة عملية متصلة، على شكل كل متماسك الاجزاء. ومثل هذه التمارين على دراسة الاشياء لا على دراسية الكلمات. وهكذا (فدرس الاشياء) هو نواة الطريقة. انما يجب ان نلاحظ بأن مفهوم بستالوتزي من درس الاشياء يختلف عن المفهوم الذي اعطيه هذا الدرس فيما بعد والذي انحصر في معرفة الشيء أو تنمية قوة الملاحظة. لقد قصد بستالوتزي استعمال هذه الدروس كقاعدة لكامل النمو العقلي عند الطفل، ولذلك فقد اشتملت الطريقة الجديدة على الحساب الذهني، والطريقة الصوتية والمقطعية في تعليم القراءة، ودراسة الجغرافية والطبيعة بالاتصال المباشر بالمحيط وغير ذلك.
ويمكننا القول بصورة عامة ان تنظيم الكتب المدرسية الحديثة نتاج مباشرة لجهود بستالوتزي في تحليل المواضيع إلى أجزائها البسيطة ثم تركيبها المتئد في مجموع مفهوم متناسق. اما الطريقة القديمة القائلة بوجوب الابتداء بحفظ القواعد والمبادئ والتعاريف فقد ألغيت بالتدريج.
وقد لخص (مورف Morf) أحد مريدي بستالوتزي المشهورين المبادئ العامة لطريقته بما يلي:
1 ـ أساس التعليم الملاحظة أو الادراك الحسي (الحدس).
2 ـ يجب الربط دوماً بين اللغة والملاحظة (أي ربط الكلمة بشيء).
3 ـ وقت التعليم ليس وقت المحاكمة والنقد.
4 ـ يجب ان يبدأ التعليم في كل فرع بأبسط العناصر ثم ينتقل وفق سير نمو الطفل أي وفق ترتيب سيكولوجي.
5 ـ يجب اعطاء كل نقطة من نقاط التعليم الوقت الكافي وذلك لضمان اتقان الطفل لها.
6 ـ يجب ان يستهدف التعليم النمو وليس عرض القواعد.
7 ـ يجب ان يحترم المعلم فردية الطالب.
8 ـ ليس الهدف الرئيسي للتعليم الابتدائي مشاركة الطفل بالمعرفة والمواهب بل تنمية قواه وذكائه وزيادتها.
9 ـ يجب الوصل بين القوة والمعرفة والمهارة والتعلم.
10 ـ يجب ان تكون العلاقة بين المعلم والطالب، ولا سيما ما كان منها متعلقاً بالانضباط، مبنية على المحبة.
11 ـ يجب ان يكون التعليم في خدمة الهدف الأسمى للتربية.
اثره في الروح العامة في غرفة الدرس
يقول بستالوتزي نفسه، في شيء من المبالغة، ان (نصف العالم) كان يقاسمه الاشتغال بالطريقة، كما أن كثيرين من المربين كانوا يقولون بهدف التربية الجديد. وبستالوتزي، بتعريفه المعنى الجديد للتربية، لم يقم بأكثر من شرح أفكار روسو وبيزدو وغيرهما وايضاحها. اما عمل بستالوتزي العظيم فهو مناداته بالروح الجديدة التي يجب أن تسود قاعة الدرس وقوله ان جو البيت هو الجو الذي يجب أن يسود المدرسة. ان كل قاعة من قاعات الدروس الحديثة مدينة لبستالوتزي مباشرة بجوها السعيد، ولذلك فلا نظننا نخطئ حين نسمي بستالوتزي (الأب بستالوتزي) مجاراة لمعلميه وأتباعه ومعاصريه ممن عرفوا فضله وقدروا أياديه البيضاء في اقامة أطيب العلاقة بين المعلم والتلميذ.
تربية الطفل عند باستالوتزى
أفاد بستالوتزي من خبرته الطويلة في التدريس، ومن رعاية المياتم التي أسسها، ومن تربيته ابنه. وقد أسند للطبيعة أثراً مهماً في تربية الطفل، ولذلك دعا إلى تركه يتفاعل معها، يلاحظها ويجرب عليها ويتعلم منها، بعيداً عن الوسطاء بينه وبينها. ورأى أن تكون التربية متمشية، في أهدافها ومناهجها وطرائقها، مع طبيعة الطفل وحاجاته وخصائص نموه، فهذا يعني أن التربية لا بد أن تتوافق مع طبيعة الطفل، هذا مع الإشارة إلى أن بستالوتزي لم يتقبل نظرة روسو المثالية لطبيعة الطفل، كما ألح على أن قدرات الطفل تتسم بنزعتها التلقائية للنمو. فالتربية عنده عملية نمو وتفتح طبيعي من الداخل، ويجب أن تكون شاملة متكاملة، تهتم بالجوانب الجسمية والعقلية والخلقية معاً، وإن كان الجانب الأخير منها هو الأهم لأنه الغاية القصوى، ذلك أنه يساعد في تنمية شخصية متكاملة ترضي خالقها وأبناء جلدتها.
أما التعليم فليست وظيفته حشو العقل بالمعرفة، وإنما تكوين هذا العقل، ليصير قادراً على صنع المعرفة بذاته، من هنا ينبغي أن يكون الطفل محور العملية التربوية، بدءاً من الروضة وانتقالاً إلى المدرسة الابتدائية، حيث يسهم دوماً في التعبير عن ذاته بحريةٍ وثقة، بإشراف مربٍ يرعاه بحنان وحب، ويعمل على إسعاده.
أما المناهج التي دعا إليها، فمن اللازم أن تكون ملائمة لخصائص نموّ الطفل، تُرتّب المواد فيها بما يتماشى مع قواه، ويراعى فيها الانتقال من المحسوس واليسير والخاص إلى المعقول والمعقد والعام، وتؤدي الخبرات الحسية فيها الدور الأعظم.
ألح بستالوتزي على أهمية الأم في تربية أبنائها، لأن علاقة الأطفال بها أساس التربية الأخلاقية والدينية التي هي الأهم والأبقى. كما دعا إلى ديمقراطية التعليم ليشمل الفقراء، وأوصى بمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
ألّف بستالوتزي عدداً من الكتب، من أشهرها «مذكرات أب»، و«هكذا تُعلِّم جيرترود أبناءها»، والكتاب الأخير ينطوي على جوهر ما ألح عليه بستالوتزي في مجال تربية الأطفال.
اشتهر بستالوتزي بتأسيسه رياض الأطفال، ووضع مناهجها، ونادى بمبادىء تربوية ما يزال معظمها يعد من خصائص المدرسة الحديثة والطرائق الفعالة التي تتبعها، ولذلك يعد من رواد هذه الحركة، وقد ترك بصماتٍ واضحة على طرائقها وفلسفتها، وإن لم يترك نظرية تربوية ونفسية متكاملة يعرف بها.
حركة هربارت
بنى هربارت عمله على عمل بستالوتزي، ولكنه لم يلبث أن وضع مبادئ تربوية أهم وأوسع. (1) لقد كان الاهتمام الأكبر في عمل بستالوتزي موجهاً إلى التدريب على الادراك الحسي ومع ان غاية التمرين على الملاحظة كانت انشاء (أفكار واضحة)، فإن بستالوتزي لم يبين كيفية حدوث التمثل والنمو العقليين ابتداء من هذه النقطة. أما هربارت فقد أظهر كيفية تحول الادراك الحسي االى أفكار عن طريق العملية التمثيلية Apperception وكيفية انشاء علاقة بين المعرفة والخلق بطريقة عملية التعليم. (2) جعل بستالوتزي دراسة العالم المادي عن طريق الادراك الحسي عمل المدرسة الرئيسي، أما هربارت فقد جعل من التصوير الأخلاقي للعالم غاية التعليم. (3) ونتج عن ذلك ان القيمة التي نسبها بستالوتزي للرياضيات والجغرافية والدراسات الطبيعية، نسبها هربارت إلى اللغات الكلاسيكية والآداب والتاريخ. (4) أعلن بستالوتزي رغبته في (جعل التربية سيكولوجية) ورفض السيكلوجيا القديمة، ولكنه لم يبن سيكولوجية جديدة وأغلب الظن انه لو اراد لما استطاع. أما هربارت فقد كانت أعماله في حقل السيكولوجية لا تقل أهمية عن عمله في الحقل التربوي. (5) كان عمل هربارت، بصورة عامة، منطقياً ذا صفة فلسفية، على عكس عمل بستالوتزي الذي لم تكن له صيغة فلسفية أو منطقية. لقد كان في عمل الأول نظرة الفيلسوف الشاملة ومنطقه الهادئ وتجلى في عمل الثاني حماس المصلح الذي يعمل لاصلاح عاجل رغم عدم دقة الفكرة ووضوح الهدف البعيد.
حياة جون فردريك هربارت (1776 ـ 1841) J.F.Herbart وكتبه:
ليس في حياة هربارت ما يلقي ضوءاً على نظرياته التربوية، فقد مر بمدرسة الجمنازيوم والجامعة التقليديين، وترك الجامعة في الحادية والعشرين من عمره ليكون معلماً خاصاً طيلة سنين ثلاث. وقد بنى على اختباره هذا كثيراً من نظرياته التربوية كما بنى عليه اعتقاده بأن المعرفة الحقيقية لسيكولوجية التربية إنما تكتسب، لا من دراسة الأطفال كجماعات، بل من دراسة طويلة وثقة للتطور العقلي عن بضعة أطفال. وقد عاد هربارت إلى الدراسة ثم عين معلماً للفلسفة والتربية في جامعة (كوتنكن Gotingen) وقد قضى بقية حياته في هذه الجامعة وفي جامعة (كونسبرغ Konigsberg) التي انشأ فيها درساً تربوياً ألحقت به مدرسة للتطبيقات لتعليم التربية والتجريب فيها. ومع أنه اشترك في الاصلاح التربوي بعض الاشتراك، فإنه قضى معظم حياته في البحث والتدريس والتأليف.
السيكولوجيا الهربارتية:
ان الحركة التي بدأها لوك والتي جعلت الطفل موضع الاهتمام التربوي والنظريات التربوية، تلك الحركة التي وضع روسو شكلها العام بنقده وتهديمه، تلك الحركة التي أدخلها بستالوتزي إلى غرفة الدرس، مدينة لهاربارت التي جعلها دائمة بإعطائها أساسا علمياً بدلاً من الأساس الخيالي الذي أعطاها روسو إياه وبدلاً من الأساس الجدي الذي منحها إياه بستالوتزي. ولسنا هنا في مقام شرح فلسفة هربارت ونظرياته السيكولوجية ولذلك فسنقتصر على ذكر تطبيقاتها التربوية الهامة، مع التذكير بأن كثيراً من هذه النظريات قد ثبت صلاحها فبقيت وان كثيراً قد ثبت بطلانه فألغي أو عدل.
أهم ما في عمل هربارت السيكولوجي انه بنى العمل التربوي على أساس من الحياة والنمو العقليين موحد. من المعلوم ان السيكولوجيا التي كانت سائدة في ذلك الحين هي سيكولوجيا الملكات التي كان أرسطو أول من قال بها، أما هربارت فقد اعتبر النفس وحدة غير مزودة بملكات موروثة، بل هي صحيفة بيضاء وقت الولادة. ولا تملك إلا قوة الاتصال بمحيطها بطريق الجملة العصبية. وعن طريق هذه الاتصالات تحصل النفس على ادراكاتها الحسية التي تتكون منها النفس فيما بعد وتنمو، والتأثير المتبادل بين هذه الادراكات الحسية يقود إلى المفاهيم عن طريق التعميم، وبعملية مماثلة من التأثير المتبادل تتوصل النفس إلى احكامها ومحاكماتها. والمادة الخام التي يشتغل بها المعلم هي مجموعة من هذه الادراكات الحسية التي تصدر عن مصدرين رئيسيين هما: الخبرة أو الاتصال بالطبيعة والتعامل أو الاتصال بالمجتمع. فعلى المعلم أن يولد المعرفة من الخبرات، والعطف من الاتصال وذلك عن طريق تنمية القوة الأصلية.
والنفس لا تبنى أو قل لا تحصل على محتواها، عن طريق نمو الملكات الكامنة بل عن طريق خبرتها الخاصة، وهي في الاصل ليست خيرة ولا شريرة ولكنها تأخذ وجهة الصلاح أو الطلاح بحسب التأثيرات الخارجية أي بحسب ما تتلقاه من الادراكات الحسية وبحسب طريقة تمازج هذه الادراكات. وينتج عن ذلك أمران هامان (1) قوة التمثل هي الصفة الأساسية للنفس (2) التربية ـ التي تحدد نوع الادراكات الحسية التي تتلقاها النفس وطريق تمازج هذه الادراكات الحسية التي تتلقاها النفس وطريق تمازج هذه الادراكات في تكوين العمليات النفسية العليا ـ هي العامل الأهم في تكوين نفس الطفل وخلقه.
وهكذا يبني هربارت نظرياته التربوية على قوة النفس التمثلية أي تمثل الأفكار الموجودة في علاقات خبرة جديدة مع الأفكار السابقة وبواسطتها. وليس من الأهمية في شيء أن يتفق العلم مع هربارت أو يخالفه في اعتقاده بعدم كمون القوى في النفس. وذلك لأن ضبط القوى الأصلية، إذا كانت موجودة، غير ممكن وخير ما يفعله المعلم هو توجيه نمو النفس عن طريق ضبط هذه العملية التمثلية.
مفهوم التربية وغايتها:
استخلص هربارت مفهومه عن التربية من الفلسفة كما اشتق هدفها من علم الأخلاق. ليست الأرادة، عند هربارت، ملكة مستقلة تستطيع خلق الأعمال المستقلة عن الأفكار أو عمليات التفكير، بل ان الارادة عمل نفسي يصدر عن الأفكار والادراكات ويتوقف عليها. ان هذا المفهوم عن الارادة أساسي هام ويجب وضعه نصب أعيننا في اثناء حديثنا عن نظريات هربارت، فالارادة يجب ان تعتبر نتاج الخبرة لا السبب الرئيسي في العمل كما كان يظن. والعملية التمثلية أساسية لأن الأفكار تقود إلى العمل، والعمل يحدد الطبع.
أما هدف التربية بالنسبة إلى هربارت فاخلاقي يقول في الجملة الاولى من كتابه (التقديم الاستيتيكي) ما ترجمه: " يمكن تلخيص عمل التربية كلها في كلمة واحدة هي الأخلاق " . والفضيلة عنده هي " فكرة الحرية الداخلية التي صارت حقيقة دائمة في فرد ما " أي انها محصول تطوري في كل فرد ناتج عن مجموعة متراكمة من الخبرات لأن كل علاقة نتعرف عليها ينتج عنها حكم مستقل موافق أو غير موافق. وهدف التربية الرئيسي هو مساعدة الفرد على تفضيل ما يكون (الحرية الداخلية) أو الطبع الأخلاقي وإلى تحويل كل ذلك إلى حقيقة دائمة في الفرد. وتنحصر طريقة عمل ذلك (بتقديم الكون تقديماً بديعياً) عن طريق (الخبرة والمناقشة والتثقيف).
ولم يترك هربارت تحليله للفضيلة في ألفاظ شكلية، بل حصره في خمس صلات أو أفكار أخلاقية، فالفكرة الأساسية هي (الحرية الداخلية) أي التناسق بين الارادة أو الرغبات من جهة والبصيرة والقناعة من جهة أخرى. وقد اضاف إلى هذه الفكرة الأساسية فكرة الكفاءة أو الكمال (التناسق أو التوازن عند اليونان). حب الخير او الارادة الطيبة، العدالة وعدم التحيز.
وبعد ان حددنا طبيعة الهدف التربوي لا نرى بداً من معالجة نقطة اخرى في نظرية هربارت عن طبيعة التربية. ان العمل المحسوس للتربية هو (1) تزويد النفس بخبرات وادراكات حسية (2) وعلى أساس هذه الخبرات (تكمل دائرة الفكر) عن طريق الأفكار والتشويق للعمل. وقد قال بستالوتزي بأن الادراك الحسي هو الذي يقدم العناصر التي تتكون منها النفس. اما هربارت فهو الذي قال بالنقطة الثانية وبين كيفية حدوثها. لقد قال بأن الأخلاق تتوقف على الارادة الحسنة والمعرفة اللتين تتوقفان بدورهما على ثقافة الإنسان، أو قل انهما تتوقفان على الأفكار الناتجة عن التعامل بين الادراكات الحسية الابتدائية، فلا يوجد عمل مستقل للارادة في الفرد، بل ان العمل نتيجة لتشويق أو الرغبة الناجمة عن الادراك الحسي المتأثرة بالارادة الطيبة النامية بدورها من المنبع نفسه. ومن هنا كانت الأهمية الكبرى لتعليم المعلم.
ثم تتبع النقطة الثالثة ـ أي تكوين الخلق ـ الذي يتوقف على الشكل الذي تأخذه الارادة ـ والذي يحدد التثقيف التربوي ـ وهذا ناتج عن مبداين: (1) كون الادراكات الحسية التي تكوّن محتوى النفس قابلة للتغير (عن طريق عملية التمثل التي اشرنا إليها) (2) وان هذه الادراكات وهذا التمثل هو الذي يحدد السلوك. وهكذا يكون السلوك والطبع متوقفان بالدرجة الأولى على نوع الخبرات التي تصل النفس وعلى طريقة تقديمها للنفس.
اما قيمة التثقيف الأخلاقي والعقلي فتتوقف على اتباع العملية السيكولوجية الصحيحة في بناء الخبرات الأكثر تعقيداً وبكلمات اخرى، انه من عمل المعلم ان يحدد نوع الخبرات التي تكون فحوى نفس الطفل والصلات بينها. فإذا استوعب الطفل هذه الخبرات وإذا قامت بينها الصلاة الصحيحة المتناسقة، وإذا اعتني بأن تنتج الخبرات الناشئة عن الاتصال الاجتماعي التعاطف اللازم أو الارادة الطيبة، فإن الخلق الطيب يكون النتاج لهذه العمليات. ويجد الطفل نفسه الحقيقية واخلاقه في عملية اطراح كل ما هو خطأ وشر، انه تكوين يكتشفه الطفل نفسه حين يختار الخير ويترك الشر. اما مدى استطاعة المعلم خلق مثل هذه النتائج فيقول هربارت عنه ما يلي: " ان قدرة التربية، اذن لا تحددها العلاقة القائمة بين ملكات عقلية منفصلة، بل تحددها الصلات القائمة بين الأفكار السابقة من جهة، وبين هذه والعضوية من جهة أخرى. ولذلك فالتعليم بالمعنى القديم وحتى بالمعنى الذي اشار إليه بستالوتزي غير كاف " .
" ليس في التعليم الذي يعني مجرد الاطلاع أي ضمان في ان يحارب الشر وان يؤثر في الأفكار التي لا يمسها هذا الاطلاع. يجب ان تصل التربية إلى هذه الأفكار لأن نوع المساعدة التي يقدمها التعليم للسلوك ومداها متوقفان على أثر التعليم في هذه الأفكار ".
فمثل هذا التعليم ـ الذي يحور مجموع الأفكار التي تملكها النفس ويجبرها على تكوين وحدة جديدة أو مجموعة من الوحدات المتناسقة والذي يحدد السلوك ـ هو وحدة التعليم التربوي. ليست الارادة إلا فكرة نمت نمواً كاملاً كملت فيها دائرة الفكرة التي تبدأ بالاهتمام وتنتهي بالعمل. ان عمل المدرسة الصحيح هو التثقيف التربوي الذي يصل إلى الارادة ويكونها ويحددها ويكون الخلق. ان الوسيلة المباشرة لهذا التثقيف التربوي هو استثارة اهتمام منوع في نفس الطفل.
الوسائط والطريقة الهربارتية:
(كيفية جعل التعليم تربوياً) ـ جماع عمل هربارت التربوي هو: (نظرية الاهتمام) التي قال بها والتي شرحها في كتبه (علم التربية) و(مختصر النظرية التربوية) والتي تتلخص فيما يلي:
" هدف التعليم الأقصى موجود في فكرة الفضيلة. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الأقصى يجب استهداف غاية اقرب هي (الاهتمام المتعدد النواحي) وتعني كلمة (اهتمام) بصورة عامة النشاط الفكري الذي يجب ان يثيره التعليم فمجرد الأخبار غير كاف، لأن المعلومات مخزن من حقائق قد يملكها الشخص أولا يملكها ولكنه يبقى على ما هو عليه لأنه لا ينتفع بها. اما ذلك الذي يحصل على هذه المعلومات ويحاول الوصول إلى غيرها فهو إنسان مهتم وبما ان هذا النشاط الفكري متنوع فإنه لابد من القول بتعدد النواحي ".
وبما ان الارادة نتيجة الأفكار، فإن من الأهمية بمكان ان يهتم الطلاب اهتماماً أصيلاً بمواضيع الدرس، وعلى هذا الشكل فقط يصير للأفكار صلة عضوية بالادراكات الموجودة في النفس، ولا بد للتأثير الدائم على السلوك من جعل هذه الاهتمامات دائمة. ان استثارة الاهتمام ليس مجرد واسطة لضمان الانتباه للدرس، انه واسطة لضمان التناسق الكامل للأفكار الجديدة أو الادراكات الحسية عن طريق التمثل لكي تدخل في تشكيل وحدات جديدة في نفس الطفل وبذلك تكوّن قاعدة جديدة للسلوك اكثر سعة وضمانة. ومثل هذه الاهتمام بالنشاط يبقى بعد ان تكمل عملية التعلم أو التمثل، ويمكننا جعل هذا الاهتمام متناسقاً واسعاً بجعله متعدد النواحي ومتناسباً. ومن عمل المعلم ان يجعل نفسه الطفل متعددة الجوانب باستثارة اهتمامات كثيرة وفاعليات جمة عن طريق التعليم. وكلما ازداد عمق هذه العملية ازدادت سهولة تحكم الخلق بالفرد.
ولابد للمعلم من الاهتمام بشيئين لكي يحقق ما سبق: أولاً انتخاب مواد التعليم التي تسهل الخبرة والاتصال. وثانياً اتباع طريقة تتناسب مع نمو الطفل النفسي وتنتج عنده اهتماماً متعدد النواحي محتوماً.
تناسب الدراسات:
يثير الأمر المهم الأول الذي تقدمت الاشارة إليه فكرة تناسب الدراسات أو وحدتها. كان هربارت، يعتقد ان قصائد هوميروس هي خير مادة لتربية الأطفال، وذلك لأن الصبي الناشيء يجد اهتمامه في حب الجنس البشري، ويتبع هذا دراسات في آداب اليونان والرومان ممزوجة بدراسة بعض العصور التاريخية، وكل ذلك ينتخب على أساس تعقد اهتمام الطفل المتزايد وبالتالي تعقد المواد الموضوعية.
ولقد وسعت هذه الفكرة وطبقت في التربية تطبيقاً أوسع تحت اسم (نظرية الدور الثقافي) التي صاغها (زيلز Ziller) أحد تلامذة هربارت. وتتلخص الفكرة بأن مراحل الثقافة في نمو الجنس توازيها مراحل النمو الفكري عند الفرد، ولذلك فمواد التعليم يجب أن تنتخب وترتب بحسب مراحل نمو العرق إذا أردنا اتباع الترتيب الصحيح في نمو الطفل السيكولوجي. إلا أن نظرية الدور الثقافي عارضة بالنسبة لفكرة تناسب الدراسات وذلك لأنها واحدة فقط من وسائط تحديد المواد وانتخابها. وهذه الفرضية العلمية لم تثبت صحتها ولذلك فلا قيمة علمية لها وإن كان من الممكن ان تكون لها بعض القيمة التربوية.
أما فكرة التناسب نفسها فلا تتطلب أكثر من تنظيم مواد التعليم بشكل تستطيع معه ان تحافظ على الوحدة الهامة في نمو الفرد ووعيه الموحد. وبتعبير آخر يجب التوحيد بين المواد بشكل يستطيع معه الطفل تمثلها، كوحدة وبذلك نقوي تعدد نواحي الاهتمام الذي أشرنا إليه عوضاً عن اضعافه وتشويشه اللذين يضعفان خلق الطفل.
وقد وضع هربارت وأتباعه الأقربون خطة لتركيز الدراسات أو توحيد مواضيع الدرس كلها في دراسة مركزية واحدة في الأدب أو الأدب الممزوج بالتاريخ. وقد توسع بعض اتباعه في وضع خطط لتنسيق الدراسات. وهذا التنسيق لا يشترط موضوعاً واحداً ولكنه يقبل عدداً محدوداً من المواضيع التي تنظم بترتيب المواد ترتيباً سيكولوجياً يحفظ وحدة الموضوعات ويظهرها. وقد كان الاهتمام بتطبيق هذه الفكرة في الصفوف الدنيا أكثر منه في الصفوف العليا.
الطريقة العامة:
لقد جرب المربون منذ أيام الواقعيين الحسيين أن يضعوا طريقة عامة، إلا أن هربارت كان الأول الذي وضع خطة مفصلة عملية يستعملها المعلم. وتنحصر هذه الطريقة في سلسلة من الخطوات التي لا تحددها طبيعة المواد بل طريقة عمل النفس البشرية وتوسع الشعور الإنساني وتتبع هذه الخطوات في كل وحدة تعليمية، وليس لهذه الخطوات ميزة خاصة ولا يحرص هربارت على تطبيقها الشكلي، فهذه الطريقة ليست إلا مجرد شكل يستعان به على تحقيق غاية التعليم المثلى، وقد يجهل المعلم هذه الطريقة بل انه من الواجب في كثير من الأحيان أن لا يشعر بها.
العمل المباشر للتعليم هو تزويد النفس بالأفكار واقامة العلاقات الصحيحة وصبغها بالارادة الحسنة أو العطف، الأمور التي تقود إلى الاعمال الأخلاقية. وفكرة الاهتمام. التي تعني النشاط الذي تتسع النفس بواسطته فتتعدد نواحيها، فكرة يمكن تقسيمها إلى خطوات هي: الملاحظة والتوقع والطلب والعمل.
وتتناسب هذه الخطوات مع الخطوات الشكلية للتعليم التي هي: الوضوح، الربط، التعميم والطريقة، وهذه الخطوات يمكن اعتبارها خطوات أساسية في عملية التعليم. أما الوضوح فيقوم مقام الملاحظة عند بستالوتزي. وقد قسم (زيلر) ـ الذي وسع خطة هربارت هذه وطبقها على التعليم الابتدائي ـ هذه الخطوة إلى خطوتين هما: التهيئة أو استدعاء النفس للأفكار القديمة ذات الصلة الوثيقة بالأفكار الجديدة، وترتيب هذه الأفكار القديمة بشكل يوضح معنى الجديدة ويديم أثرها. ثم عملية العرض أي عرض الأفكار الجديدة واعطاؤها مكانها الحقيقي، وعلى هذا الشكل يوفق بين المواد المحسوسة في تأسيس فكرة عامة. والخطوة الثالثة هي الربط أي ربط الجديد بالقديم ربطا فعلياً. هذه هي المرحلة الابتدائية في عملية التمثل، وهذا المزج هو من عمل التخيل بالدرجة الأولى. أما الخطوة الرابعة فهي التعميم أي الفصل الكامل بين العنصر العام وظرفه المحسوس في الشيء الخاص. ثم يربط بين المفاهيم العامة الحديثة والقديمة ويكون منها كل عضوي، وهذا من عمل التأمل وهو يتطلب اعادة وتعبيراً لغوياً. أما الخطوة الخامسة فهي الطريقة أو التطبيق الذي هو تأمل تقدمي عند الطالب يقوم به في أثناء تحققه من الفكرة العامة التي حصل عليها عن طريقة العمل: فالطالب يجب أن يطبق عملياً ما اختزنه من أفكار حالما يحصل عليها وعلى قدر ما يمكن في نشاطه المحدود. وهكذا تنمو افكار الطفل وتجتمع في حياة عقلية متناسقة تصدر عنها حياته العملية بواسطة التوجيه والاقتراح.
ويظهر تأثر هربارت في تشديده على أهمية التعليم وطريقته لا في الروح العامة كما كان الحال مع بستالوتزي. ولقد أحسن هربارت تلخيص عمله وتأثيره حين قال: " يكون التعليم حلقة الفكرة، وتكون التربية الخلق، وليس الثاني ممكناً إلا بالأول. هذه هي زبدة التربية "