بحث عن التنمية الحضارية - بحث علمى عن التنمية الحضارية كامل بالتنسيق
مقدمة:
تعزيز فرص العمل والارتقاء بالأحياء الفقيرة وإيجاد بدائل عن إقامة أحياء فقيرة جديدة
يلزم للأعداد الكبيرة والمتنامية من فقراء الحضر توفير خدمات الهياكل الأساسية الأولية، من قبيل الطاقة والنقل ومكافحة التلوث والتخلص من النفايات، إلى جانب النهوض بضمانات الملكية وبالجهود المجتمعية الرامية إلى إقامة مساكن لائقة ودعم التخطيط الحضري. ووصولا إلى هذه الغاية، يلزم تعزيز السلطات المحلية والعمل على نحو وثيق مع المنظمات المعنية بالفقراء في المناطق الحضرية.
البيئة: الاستثمار في الارتقاء بإدارة الموارد
ينبغي للبلدان أن تعتمد غايات بيئية محددة بأطر زمنية، لا سيما فيما يتعلق بأولويات من قبيل إعادة غرس الغابات، والإدارة المتكاملة لموارد المياه، وحفظ النظم الإيكولوجية، والحد من التلوث. وتحقيقا لهذه الغايات، يلزم أن تقترن الزيادة في الاستثمارات الموجهة للإدارة البيئية بإصلاحات واسعة في السياسات. ويعتمد التقدم أيضا على الاستراتيجيات القطاعية -بما فيها استراتيجيات الزراعة والهياكل الأساسية والحراجة ومصائد الأسماك والطاقة والنقل- التي تتطلب جميعها ضمانات بيئية. وفضلا عن ذلك، فثمة أهمية بالغة لتحسين سبل الحصول على خدمات الطاقة الحديثة، سواء فيما يتعلق بالحد من الفقر أو بحماية البيئة. وهناك أيضا حاجة إلى ضمان أن يشكل تحسين فرص الحصول على مياه الشرب المأمونة والمرافق الصحية جزءا من الاستراتيجيات الإنمائية.
بناء القدرات كأحد ركائز التنمية الحضرية
من منطلق الاتجاهات المعاصرة لتطور فكر التنمية نحو الاستدامة والتواصل والاهتمام بمواجهة التدهور العمراني. يعتبر مفهوم التنمية المستدامة الهدف الأول الذي تنبثق منه السياسات الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية... وهو ما أكده مؤتمر قمة الأرض بريودى جانيرو عام 1992 وأشار إلى أهمية استحداث آليات تنفيذه بجوهانسبرج عام 2002، وأن دول العالم والنامية منها على وجه الخصوص في حاجه إلى تفعيل مفاهيم الاستدامة من أجل تنمية مجتمعاتها.من هذا المنطلق فإن انتهاج مبدأ التنمية المستدامة واستيعاب مفاهيمها يتطلب تفعيل دور المجتمع للنهوض بالبيئة المعيشية والقضاء على التدهور العمراني، و يتطلب هذا تقنين مفاهيم ومبادئ بناء القدرات كأحد ركائز التنمية المستدامة. وفى هذا الإطار يهدف البحث إلى التعرف على مفاهيم بناء القدرات والتركيز على تفعيل وتوفيق العلاقة بين الاستدامة العمرانية وبناء القدرات والتعرف على متطلبات عملية بناء القدرات من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
مفهوم بناء القدرات:
يعنى مفهوم بناء القدرات " زيادة قدرة المجتمع على إنجاز الأعمال بنفسه، بمعنى أن يكون أكثر مهارة وأكثر ثقة في نفسه، وأكثر فاعلية في التنظيم". ويمكن تعريف عملية بناء القدرات " بأنها تنظيم الاستفادة من الموارد المجتمعية من خلال التدريب لتنمية المهارات وتنمية القدرات المؤسسية وذلك لتمكينهم من تحديد مشكلات البيئة العمرانية وتقييمها، وزيادة القدرة على تفهم وتحليل المشكلات".(1)
ويمكن القول أن بناء القدرات هي " سياسة تمكين المجتمع تهدف إلى تقوية كافة أطراف عملية التنمية لكي تمكنهم من لعب دور فعال في إدارة وتخطيط مستوطناتهم البشرية". "( شكل رقم 1) وبالتالي فهي عملية تدخل خارجي مخطط ومنظم له يبتغى تحقيق أهداف معينة لتحسين وتطوير أداء المنظمات في علاقتها بالإطار العمراني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي توجد فيه وفى توظيف مواردها بما يحقق لها الاستدامة". ويعرفها البعض بأنها إعداد كافة الأطراف المختلفة المشتركة في عملية التخطيط والإدارة العمرانية ليؤدوا أدوارهم المنوطة بكفاءة في مجالاتهم ومستويات أعمالهم من خلال التدريب والتعليم المستمر". وبالتالي فإن هذا الفكر يحمل معاني مختلفة، تعتمد على التقوية المؤسسية، التنمية المؤسسية، والتنمية التنظيمية".(2)
التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن التنمية الحضرية المستدامة في المناطق الريفية
9 - من المهم إيجاز التدفقات الاقتصادية التي تربط بين المناطق الحضرية والريفية قبل بحث التأثيرات الاقتصادية للحضر على الريف. فمن الناحية الاقتصادية، ترتبط المناطق الحضرية والريفية بتبادل المنتجات المُصنعة وغير المُصنعة، حيث يقوم كل جانب مقام السوق للجانب الآخر. فتقدم المناطق الريفية الكثير من المواد الخام اللازمة للإنتاج الصناعي في المناطق الريفية، في شكل سلع زراعية ومعدنية، وبصورة رئيسية يضاف إلى ذلك أن المناطق الريفية تقدم معظم الأغذية التي تستهلكها المدن الكبيرة والصغيرة باستثناء نسبة ضئيلة جداً تزرع داخل المناطق الحضرية ذاتها. أما المدن، فعلى النقيض من ذلك، تقدم المدخلات المُصنعة الضرورية للإنتاج الزراعي في المناطق الريفية والسلع الاستهلاكية الأخرى الضرورية للحياة اليومية، ومن هنا تنشأ بينهما علاقة تكافل المختلفين.
10 - وفي هذه العلاقة التبادلية، تقدم الأسواق الحضرية حافزاً قوياً لزيادة الإنتاج الريفي، بينما توفر الأسواق الريفية الآخذة في الاتساع حافزاً لا يقل قوة لزيادة إنتاج السلع المُصنعة داخل المناطق الحضرية. وفي المدى الطويل، تقدم المراكز الحضرية المساحات اللازمة للاستثمارات الثانوية والخدمية برؤوس أموال مستمدة من الإنتاج الأولي في المناطق الريفية. وبهذه الطريقة يمكن للمدن أن يُنظر إليها كمراكز لتراكم رأس المال. وفيما يتعلق بالخدمات، فإن المراكز الحضرية تقدم مكاناً مركزياً للخدمات القطاعية والتجارية والإدارية والخاصة بالنقل، اللازمة لكل من سكانها المقيمين وللمنتجين الزراعيين الريفيين والسكان. وهذا الربط بين الخدمات هو أساس نظرية الاستيطان البشري، وقد أثر على سياسات الاستيطان البشري الوطنية واستراتيجياتها إلى مدى بعيد جداً.
11 - ولتيسير التدفقات وجوانب الارتباط سابقة الذكر، فإنه يتم ربط المناطق الريفية والمدن ببنية أساسية نذكر منها شبكات النقل والكهرباء والاتصالات اللاسلكية. كما أن تيسير التدفقات بين الريف والحضر عن طريق توفير البنية الأساسية هي لب النمو الريفي واستراتيجيات مركز الخدمات التي تعد واحدة من استراتيجيات التخطيط التنموي الإقليمية الأكثر شعبية لدى البلدان النامية.
12 - ونستخلص من تحليلات مساهمة الحضرنة الاقتصادية في التنمية الريفية والتنمية الوطنية بصفة عامة ثلاث نتائج رئيسية:
(أ) الدلائل العملية العالمية تدل بوضوح أن هنالك علاقة توازٍِ إيجابية بين نصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي (gnp) ودرجة الحضرنة مقيسةً بالنسبة المئوية الإجمالية للسكان الوطنيين القاطنين داخل مناطق حضرية. وهذا يعكس حقيقة أن المدن الصغيرة والكبيرة هي محركات النمو الاقتصادي الوطني؛
(ب) إن التأثير الصافي للحضرنة على مستوى الأسرة هو حدوث زيادة في متوسط الدخل الحقيقي. وبالنسبة للأسر الفقيرة، تقدم المناطق الحضرية فرصاً لتوليد الدخل سواء عن طريق العمالة الرسمية أو عن طريق أنشطة القطاع غير النظامي. ومن الواضح أن توقع الحصول على دخل أعلى سواءٌ كان متصوراً أو حقيقياً هو العامل الرئيسي الذي تقف وراءه الهجرة من الريف إلى المدينة في جميع البلدان؛
(ج) تشير الدلائل من البلدان النامية إلى أنه عن طريق العديد من الارتباطات الحضرية – الريفية حققت المراكز الحضرية تأثيرات إيجابية كثيرة على مناطقها الريفية الخلفية النائية. ومن بين هذه الروابط التحويلات النقدية التي يرسلها قاطنو المدن إلى أقاربهم في الريف. ونَقْل المعارف والمهارات عن طريق النازحين العائدين من المناطق المدنية إلى المناطق الريفية، وتقديم الخدمات القطاعية والاجتماعية والإدارية والنقل لسكان المناطق النائية الريفية.
العلم والتكنولوجيا والابتكار: بناء القدرات الوطنية:
في سبيل زيادة القدرة المحلية للبلدان في مجال العلم والتكنولوجيا، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ينبغي للحكومات أن تنشئ هيئات استشارية علمية، وأن تعزز الهياكل الأساسية التي تهيئ الفرصة لتعلم التكنولوجيا، وتتوسع في كليات العلوم والهندسة، وتشدد على التطبيقات الإنمائية والتجارية في مناهج العلوم والتكنولوجيا
التعليم: كفالة التعليم الابتدائي للجميع، وتوسيع نطاق التعليم الثانوي والتعليم العالي
للارتقاء بالتعليم على جميع المستويات، ينبغي أن يكون في وسع الآباء والمجتمعات المحلية مساءلة المدارس التي تخدمهم، وأن تقوم الحكومات في الوقت نفسه بتحسين المناهج ونوعية التعليم وطريقة الإيصال؛ وبناء القدرات المتعلقة بالموارد البشرية والهياكل الأساسية، حيثما يلزم ذلك؛ وإيجاد الحوافز التي تجتذب أطفال الفئات الضعيفة إلى المدارس، بما في ذلك إلغاء رسوم المستعملين. للفقر المدقع أسباب كثيرة، تتراوح مابين الوضع الجغرافي المناوئ وسوء الحكم أو فساده (بما في ذلك إهمال الطوائف المهمشة) وما تخلفه الصراعات والفترات التي تعقبها من دمار. ومن أخطر الأمور الوقوع في شرك دوامة الفقر التي تصيب بالوهن كثيرا من أشد البلدان فقرا وتدفع بها إلى دائرة مفرغة من العوز، حتى ولو كانت تنعم بحكومات نزيهة وملتزمة. وبسبب انعدام الهياكل الأساسية الأولية ورأس المال البشري والعجز في الإدارة العامة وأعباء المرض وتدهور البيئة ومحدودية الموارد الطبيعية، يتعذر على هذه البلدان توفير الاستثمارات الأساسية التي تلزمها للدخول في مسار جديد يعد بالرخاء، ما لم تتلق دعما خارجيا مستمرا وموجها.