الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته - بحث علمى عن مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته
كاتب الموضوع
رسالة
Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته - بحث علمى عن مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته الخميس 16 مارس - 20:16
مقدمه : الحمد لله وكفى وسلاما على عباده الذين اصطفى يكفى اللغة العربية واللسان العربى فخرا ان الله سبحانه وتعالى ا نزل القرآن المعجزة الخالده بهذه اللغة وهذا اللسان ، وقد ذكر ذلك فى عدة مواضع من كتابه الكريم فقال جل من قائل : (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) ( الشعراء 195) (وكذلك اوحينا اليك قرانا عربيا لتنذر ام القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) (الشورى 7 ) (انا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون ) (الزخرف 3) (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) ( النحل 103) ورسول الله صلوات ربى وسلامه عليه المرسل للناس كافة ، اتاه الله جوامع الكلم بهذا اللسان ، وهومعدن الفصاحة ، وابلغ وافصح من نطق لغة الضاد ، يقول القاضى عياض فى الشفا(واما فصاحةاللسان وبلاغة القول فقد كان صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الافضل ، والموضع الذى لايجهل ، سلاسة طبع ، وبراعة منزع ، وايجاز مقطع ، ونصاعة لفظ ، وجزالة قول وصحة معان ، وقلة تكلف اوتى جوامع الكلم ، وخص ببدائع الحكم ، وعلم السنة العرب ، فكان يخاطب كل امة منها بلسانها ، ويحاورها بلغتها ، ويباريها فى منزع بلاغتها ) (1) وقد تحدث صلى الله عليه وسلم عن نفسه فى هذا الميدان فقال : انا محمد النبى الامى – قالها ثلاثا - ولانبى بعدى ، اوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه ، الحديث (2) وقال له اصحابه : ماراينا افصح منك ، فقال : ان الله لم يجعلنى لحانا ، اختار لى خير الكلام كتابه القرآن ، وكان يمدح الفصاحه ويكره اللحن ولذلك لما ساله العباس ما الجمال ؟ قال اللسان . وفى روايه انه ساله ما الجمال فى الرجل فقال فصاحة لسانه ، وقال : رحم الله امرءا اصلح لسانه . (3) قال الإمام الشافعي: «لس انُ العربِ أوسعُ الألسنة مَذْهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسانٌ غير نبي» اهمية علم النحو : لاشك ان النحو سلاح اللغوى وعماد البلاغى ، واداة المشرع والمجتهد ، والمدخل الى العلوم العربيه والاسلاميه جميعا وليس عجيبا ان يصفه السابقون بانه ميزان العربية ، والقانون الذى تحكم به فى كل صوره من صورها (4) وهذا القلقشندى يبرز لنا هذه الاهمية فيقول : لانزاع أن النحو هو قانون اللغة العربية وميزان تقويمها وقد تقدم في النوع الأول أن اللغة العربية هي رأس مال الكاتب وأس مقاله وكنز إنفاقه وحينئذ فيحتاج إلى المعرفة بالنحو وطرق الإعراب والأخذ في تعاطي ذلك حتى يجعله دأبه ويصيره ديدنه ليرتسم الإعراب في فكره ويدور على لسانه وينطلق به مقال قلمه وكلمه ويزول به الوهم عن سجيته ويكون على بصيرة من عبارته فإنه إذا أتى من البلاغة بأعلى رتبة ولحن في كلامه ذهبت محاسن ما أتى به وآنهدمت طبقة كلامه وألغي جميع ما حسنه ، ولله در ابى سعيد البصري حيث يقول: النحو يبسط من لسان الألكن ## والمرء تكرمه إذا لم يلحن وإذا طلبت من العلوم أجلها ## فأجلها عندي مقيم الألسن قال صاحب الريحان والريعان واللحن قبيح في كبراء الناس وسراتهم كما أن الإعراب جمال لهم وهو يرفع الساقط من السفلة ويرتقي به إلى مرتبة تلحقه بمن كان فوق نمطه وصنفه قال وإذا لم يتجه الإعراب فسد المعنى فإن اللحن يغير المعنىواللفظ ويقلبه عن المراد به إلى ضده حتى يفهم السامع خلاف المقصود منه(5) واما صاحب ابجد العلوم فان علم النحو لديه اهم علوم اللسان العربى واشرفها اذ يقول : (المنظر الثالث في علوم اللسان العربي أركانه أربعة وهي اللغة والنحو والبيان والأدب ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة وهي بلغة العرب ونقلتها من الصحابة والتابعين عرب وشرح مشكلاتها من لغاتهم فلا بد من معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان لمن أراد علم الشريعة وتتفاوت في التأكيد بتفاوت مراتبها في التوفية بمقصود الكلام حسبما يتبين في الكلام عليها فنا فنا والذي يتحصل أن الأهم المقدم منها هو النحو إذ به يتبين أصول المقاصد بالدلالة فيعرف الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة وكان من حق علم اللغة التقدم لولا أن أكثر الأوضاع باقية في موضوعاتها لم تتغير بخلاف الإعراب الدال على الإسناد والمسند والمسند إليه فإنه تغير بالجملة ولم يبق له أثر فلذلك كان علم النحو أهم من اللغة إذ في جهله الإخلال بالتفاهم جملة وليست كذلك اللغة والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق وقد قدمنا أن العلم من جملة الصنائع لكنه أشرفها فلا نعيد الكلام على ذلك حذرا من الإطالة (6) يتبع انشاء الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 17/06/2003 - 07:52 pm تكملة مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته تعريف النحو: جاء فى لسان العرب : النحو إعراب الكلام العربي و النحو القصد والطريق يكون ظرفا ويكون اسما نحاه ينحوه و ينحاه نحوا وانتحاه ونحو العربية منه إنما هو انتحاء (7) وفى مختار الصحاح : و النَّحْوُ القصد والطريق يقال نَحَا نَحْوَهُ أي قصد قصده ونَحَا بصره إليه من باب صرف وبابهما عدا و أنْحَى بصره عنه عدله و نَحَّاهُ عن موضعه فتَنَحَّى و النَّحْوُ إعراب الكلام العربي و النِّحْيُ بالكسر زِقٌّ للسمن والجمع أَنْحاءٌ و النَّاحِيَةُ واحدة النَّواحِي ( وفى الخصائص باب القول على النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من اعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكسيروالإضافة والنسب والتركيب وغير ذلك ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها وإن لم يكن منهم وإن شذ بعضهم عنها رد به إليها وهو في الأصل مصدر شائع أى نحوت نحوا كقولك قصدت قصدا ثم خص به انتحاء هذا القبيل من العلم) (9) وفى اللباب: اعلم أن النحو في الأصل مصدر نحا ينحو إذا قصد ويقال نحا له وأنحى له وإنما سمي العلم بكيفية كلام العرب في أعرابه وبنائه نحوا لأن الغرض به أن يتحرى الإنسان في كلامه إعرابا وبناء طريقة العرب في ذلك (10) ومن تعريفات المحدثين : النحو فى الاصطلاح : علم يعرف به اواخر الكلم اعرابا وبناء والنحوى : العالم بالنحو وجمعه نحويون ويقال له الناحي ايضا وجمعه نحاة (11) وعلم النحو عند د. الفضلى : هوعلم يبحث فيه عن اصول تكوين الجملة وقواعد الاعراب . ويشرح لنا تعريفه هذا بقوله : يبحث علم النحو العربى فى موضوع تاليف الجملة فيقدم لنا مختلف القواعد والضوابط التى تحدد لنا اساليب الجمل فى اللغه العربيه ، وتضع بين ايدينا الاصول العامه لتكوين الجملة ، وكذلك يبحث فى الاثار والظواهر التى تكتسبها الكلمه من موقعها فى الجملة ووظيفتها فيها ، سواء كانت معانى نحويه كالابتداء والفاعليه اوالمفعوليه او احكاما نحويه كالتقديم والتاخير والذكر والحذف والاعراب والبناء وما اليها (12) ويعطينا ابن جنى فى الخصائص مثالا تطبيقيا عن الإعراب فيقول: هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ ألا ترى إنك إذا سمعت أكرم سعيد أباه وشكر سعيدا أبوه علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول ولو كان الكلام سرجا واحدا لاستبهم أحدهما من صاحبه . (13) نبذه عن الحالة الاجتماعيه و حالة اللغه وآدابها فى العصر الجاهلى: الجزيرة العربيه موطن العرب يقسمها جغرافيوهم الى خمسة اقسام هى : تهامه والحجاز ونجد والعروض واليمن ، وتهامه هى المنطقه الساحليه الضيقه المطله على بحر القلزم اوالبحر الاحمر وتسمى فى الجنوب تهامة اليمن (14). ولم يكن العرب يعيشون فى الجاهليه معيشه واحده ، فقد عرفت الزراعه فى الجنوب والشرق وواحات الحجاز مثل يثرب وخيبر وفى الطائف ووادى القرى ، وعاش اهل مكه على التجاره ، اذاكانوا يحملون عروضها وسلعها بين حوضى المحيط الهندى والمتوسط ، وكانت قوافلهم تجوب الصحراء شمالا وجنوبا فى طرق معلومه ، كما كانت تجوبها شرقا فى طريقين معروفين ) (15) ووراء المجتمع المكى كان يعيش العرب فى تهامه ونجد وصحراء النفوذ وبوادى الشام والدهناء والبحرين معيشة بدويه تعتمد على رعى الاغنام والانعام ، وكانوا لايفضلون شيئا على حياتهم الرعويه والبدويه ) (16) ويرى الاستاذ محمد حسين هيكل : انه نتيجة لاسلوب الحياه هذا( نجمت فى كثير من هذه القبائل خلال الكرم والشجاعه والنجده وحماية الجار والعفو عند المقدره ، وما الى هذه من خلال تقوى فى النفس كلما قربت حياة الباديه ، وتضعف وتضمحل فيها كلما اوغلت فى اسباب الحضاره ، ولذلك ولما قدمنا من اسباب اقتصاديه ، لم تطمع بزنطه ، ولاطمعت فارس ، فيما سوى اليمن من بلاد شبه الجزيره التى لم تكن لتخضع ، لانها تؤثر على الخضوع هجرة الوطن ، ولان افرادها وقبائلها لايدينون بالطاعه لنظام قائم ولا لهيئه حاكمه تتسلط عليهم ) (17). وهذا التاصيل هام لمن يؤرخ للعربيه وعلومها ، ( فقد نشأت اللغه العربيه قبل الاسلام فى احضان الجزيره العربيه خالصة لابنائها نقية سليمه مما يخدش كرامتها ، ومايشينها من ادران اللغات الاخرى . وهذه العزله جعلت اللغه العربيه تحتفظ بخصائصها وصفاتها التركيبيه والتصريفيه ، فسلمت العربيه من داء اللحن كما حدث بعد ظهور الاسلام حين اختلط العرب بغيرهم ، وقد اتفق جمهور العلماء ان العربى لايخطئ ، وانه حجه فى كل مايقول ، لانه صاحب اللغه يصرفها كيف يشاء ) (18) . ويقول الهاشمى فى جواهره عن اللغه فى ذلك العصر: لغة العرب من اغنى اللغات كلما واعرقها قدما ، واوسعها لكل ما يقع تحت الحس اويجول فى الخاطر ، وهى على هندمة وضعها وتناسق اجزائها لغة قوم اميين . (19) ، ولايغفل دور دور هجرة القحطانيين بعد سيل العرم واختلاطهم بالعدنايين فى امتزاج اللهجات ، كما لايغفل دور الحج والاسواق التى كانت تقيمها العرب واهمها عكاظ فى تهذيب هذا الامتزاج والمنافسه الادبيه شعرا وخطابة ، وكذا حسبا ونسبا ، وكرما وشجاعه ، (20) ، ويستطرد الى بيان الى تقسيم كلام العرب الى منثور ومنظوم ويورد امثلة على ذلك من الخطباء والشعراء الجاهليين ، (21) . وقد شاعت الامثال والحكم كذلك على السنة عرب الجاهليه ، فكثر فيهم العقلاء والحلماء . ولئن حرموا من ميزة الكتابة والتدوين بحكم البداوة، فقد نمى ذلك قوة الذاكرة والحفظ لديهم . ولقد ساعد هذا فى وصول الكثير من التراث الادبى من جيل الى جيل حتى شاعت الكتابة فى العصر الاسلامى ودونت هذه المرويات . يتبع انشاء الله
أبوالحسن الشافعي تاريخ الرسالة: 17/06/2003 - 09:24 pm جزاكم الله خيراً أخي الحفيد واصل نشر هذه الدرر....ننتظر المزيد. والله يرعاكم.
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 18/06/2003 - 02:45 pm بوركتم سيدى ، سمعا وطاعه ساكمل بحول الله وقوته ، وجزاكم الله خيرا على حسن ظنكم بالعبد الفقير .
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 18/06/2003 - 02:48 pm تكملة مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته اسباب نشأة علم النحو : تتلخص اسباب نشأ ة علم النحو فى سبب واحد وهو انتشار اللحن والخطأ ، ومجانبة الصواب فى النطق عامة ، ونطق القرآن الكريم خاصة وقراءاته ، وخاصة بعد دخول غير العرب فى الاسلام ورغبتهم فى تعلم اللغه العربية لتادية الصلاة وقراءة القرآن . ولم يكن العرب قبل الاسلام اوبعده فى حاجه اليه لانهم كانوا ينطقون النطق الصحيح بالفطره السليمه والسليقه النقيه . (22) على ان بعض الباحثين قد قصر اسباب نشأة هذا العلم على المحافظة على كتاب الله والسنة المطهرة ، لان العلوم الاسلاميه كلها نشأت لخدمة القرآن الكريم (23) واضع الاسس الاولى لعلم النحو وبعض الروايات فى ذلك : تتفق الروايات ان الذى وضع علم النحو او وضع اسسه الاولى ابو الاسود الدؤلى ، ثم تختلف على من اوصى اليه بذلك ، فروايه تقول سيدنا عمر ابن الخطاب ، واخرى تقول سيدنا على بن ابى طالب وثالثه تقول امير البصره زياد بن ابيه . (24) . ومن كتاب( سبب وضع علم العربية) للامام السيوطى سادرج بعض الروايات فى هذا السياق : الروايه الاولى : عزاها السيوطى الى ابى بكر الانبارى فى اماليه: قدم أعرابي في زمان عمر فقال : من يقرئني مما انزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم فأقرأه رجل سورة براءة فقال أن الله بريء من المشركين ورُسوِله) ( بكسر لام رسوله) فقال الأعرابي : أو قد برىء الله من رسوله؟؟ إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه، فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال: يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينه ولا علم لي بالقرآن فسألت من يقرئني فأقرأني هذا سورة براءة فقال أن الله بريء من المشركين ورسُولِه) فقلت : أو قد برىء الله من رسوله ؟؟ إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه ، فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي قال فكيف هي يا أمير المؤمنين ؟؟ فقال: ( أن الله بريء من المشركين ورُسولُه) ( برفع لام رسوله) ، فقال الأعرابي : وأنا والله أبرأ مما برىء الله ورسوله منه ، فأمر عمر بن الخطاب ألا يقرىء القرآن الا عالم باللغة ، وأمر أبا الأسود فوضع النحو أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق . (25) الروايه الثانيه :وعزاها السيوطى الى ابىالقاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي في أماليه: عن ابى الاسود الدؤلي رضي الله عنه قال دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرأيته مطرقا متفكرا فقلت فيم تفكر يا أمير المؤمنين قال إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في أصول العربية فقلت إن فعلت هذا أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ثم أتيته بعد ثلاث فألقى إلي صحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام كله اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ثم قال سبب لي تتبعه وزد فيه ما وقع لك واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر ، قال أبو الأسود فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها إن وأن وليت ولعل وكأن ولم أذكر لكن فقال لي لم تركتها فقلت لم أحسبها منها فقال بل هي منها فزدها فيها .(26) الرواية الثالثه : وعزاها السيوطى الى ابى الفرج الاصبهانى من كتاب الاغانى : أن ابا الأسود الدؤلي رضي الله عنه دخل إلى ابنته بالبصرة فقالت له يا أبت ما أشدُ الحر (رفعت أشد) فظنها تسأله وتستفهم منه أي زمان الحر أشد؟؟ فقال لها: شهر ناجر يريد شهر صفر الجاهلية كانت تسمي شهور السنة بهذه الأسماء فقالت :يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك ، فأتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال : يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم ، وأوشك إن تطاول عليها زمان أن تضمحل فقال له : وما ذلك فأخبره خبر ابنته ، فأمره فاشترى صحفا بدرهم وأملى عليه الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى وهذا القول أول كتاب سيبويه ثم رسم أصول النحو كلها فنقلها النحويون وفرعوها .(27) الرواية الرابعة : وقال أبو الفرج الأصبهاني رحمه الله أخبرني عيسى بن الحسين قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني قال أمر زياد أبا الأسود الدؤلي رحمه الله أن ينقط المصاحف فنقطها ورسم من النحو رسوما ثم جاء بعده ميمون الأقرن رحمه الله فزاد عليه في حدود العربية ثم زاد فيها بعده عنبسة بن معدان المهري رحمه الله ثم جاء عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء رحمهما الله فزادا فيه ثم جاء الخليل بن أحمد الأزدي رحمه الله فلحب الطريق سبب وضع علم العربية ج1/ص46 ونجم علي بن حمزة الكسائي رحمه الله مولى بني كاهل من أسد فرسم للكوفيين رسوما والآن يعملون عليها . (28) الروايه الخامسه : قال ابن عساكر في تاريخه ويقال إن ابنته قالت له يوما يا أبت ما أحسنُ السماء فقال : أي بنية نجومها قالت : إني لم أرد أي شيء منها أحسن إنما تعجبت من حسنها ، قال إذن فقولي ما أحسنَ السماء ، فحينئذ وضع كتابا(29) انتهى النقل من السيوطى. على ان صاحب كتاب تطور مراحل الدرس النحوى اشار: الى ان بعض الروايات اقتصرت على نسبة النحو الى على بن ابى طالب وحده ، وذكر ابو الحسن القفطى (ت624) ان ذلك رأى الجمهور من اهل الروايه ، ومن المصادر التى نسبت وضع النحو الى على بن ابى طالب وحده ، الفاضل للمبرد ، والزينه للرازى ، والايضاح فى علل النحو للزجاجى ، ومعجم الادباء ، ووفيات الاعيان .(30) ويقول الاستاذ محمد حسن درويش فى كتابه تاريخ الادب العربى فى الجاهليه وصدر الاسلام فى معرض ترجمته للامام امير المؤمنين سيدنا على بن طالب كرم الله وجهه (وهو اول من فتح باب الكلام فى علم النحو فقد تواتر عنه انه صاحب التسمية ، وذلك عندما شكا اليه ابو الاسود الدؤلى من شيوع اللحن فى السنة العرب الى اخر الروايه ثم قال لابى الاسود : انح هذا النحو ياابا الاسود ) (31) ويقول الكاتب الاسلامى الكبير عباس محمود العقاد فى كتابه عبقرية الامام على ( واذا قيل فى قضائه (اى الامام على ) انه لم يكن اقضى منه بين اهل زمانه ، صح ان يقال فى علم النحو انه لم يكن احد اوفر سهما فى انشاء هذا العلم من سهمه ، وقد تواتر ان ابا الاسود الدؤلى شكا اليه شيوع اللحن على السنة العرب الى اخر الروايه ثم قال لابى الاسود : انح هذا النحو ... فعرف العلم باسم النحو من يومها ) (32) . يتبع انشا الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 21/06/2003 - 02:51 pm استكمال مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته وهنا رأيان متميزان ايضا فى مسألة واضع النحو : الاول منهما: نورده من بحث قيم للدكتوره صباح بافضل بعنوان رؤية جديدة فى نشأة النحو العربى حيث تقول بعد مناقشة مستفيضة للروايات والاراء المختلفة للمستشرقين والنحويين المحدثين المتحاملين على عربية علم النحو مانصه: (الرأى الذى نميل الي ترجيحه هو التوفيق بين الروايات المختلفة حيث وضع ابو الاسود مبادئ علم النحو بعد ان لقف حدوده من سيدنا على بن ابى طالب ، وهى ابواب بسيطة تتناسب مع الاخطاء البسيطة التى وقع فيها الناس ولم يسلم منها اقرب اقربائه (ابنته). (33) والثاني منهما : للدكتور عصام نور الدين من كتابه تاريخ النحو العربي حيث يقول فى الفصل الاول مانصه : (فعلى ابن ابي طالب اذا هو اول من نهج انتحاء سمت كلام العرب بوضعه التعليقة، وبشرحه المبادئ الاول لعلم النحو ، وبقوله لأبي الاسود الدؤلي " انح هذا النحو" ... وابو الاسود هو اول من حاول تنفيذ هذا المنهج تحت اشراف استاذه الملهم ، الذى وصفه الرسول الكريم بانه باب مدينته العلمية ، عندما قال : ( انا مدينة العلم وعلى بابها ) . (34) وهذا مايذهب اليه العبد الفقير الى الله كاتب هذا البحث كذلك غفر الله له ولوالديه . ما هو اللــــحن فى اللغه العربية ؟؟؟ كان لابد ونحن نستعرض تاريخ نشأة علم النحو ان نورد تفصيلا للمعانى المتعدده لمصطلح ( اللحن ) نقتطفه من كتاب رؤى جدبده الآنف الذكر ، فماذا يعنى هذا المصطلح على وجه التحديد ؟؟؟: معنى اللحن : كلمة (لحن) من الالفاظ الموضوعة فى اللغة العربية اذ هو من الكلام المولد ، لان اللحن محدث لم يكن فى العرب العاربة الذين تكلموا بطباعهم السليمة ، وياتى اللحن لمعان متعددة منها : (1)اللَّحْن : بسكون الحاء يستعمل فى الخطأ فى النطق ، وصرف الكلام عن سننه الجارى عليه ، اما بازالة الاعراب ، واما بالخطأ فى ضبط حروف الكلمات وبنيتها . يقال : لَحَن الرجل يَلحَن لَحْناً ، من باب قطع فهو لاحن اذا اخطأ ، ويقال : فلان لحَّان ولحَّانة : اى كثير الخطأ ، ولحنَّه : خطأه والتلحين : التخطئة . (2)واللحْن : بسكون الحاء معناه واحد الحان واللحون ، يقال : لَحَن فى قرائته من باب قطع اذا طرَّبَ بها وغرَّد ، وهو الحن الناس اذا كان احسنهم قراءة وغناء . ويقال : لحن يلحن لَحْناً ولُحوناً واللِّحانة واللِّحانية . (3)واللحَِن : بكسر الحاء وفتحها الفطنة والفهم ، يقال لحِن من باب طرب : فطن لحجته ، ورجل لحِن : اى فطن ، ومن ذلك : ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم ان رجلين اختصما اليه في مواريث واشياء قد درست ، فقال عليه السلام : لعل احدكم ان يكون الحن بحجته من الاخر ، فمن قضيت له بشئ من حق اخيه فانما اقطع له قطعة من النار ، فقال كل واحد من الرجلين : يارسول الله حقى هذا لصاحبي ، فقال ولكن اذهبا فتوخيا ، ثم استهما ثم ليحلل كل واح منكما صاحبه . (4)اللحْن : من لَحَن له يَلْحَن لحناً : ان تريد الشئ فتورِّى عنه بقول اخر ، قال الفزارى : منطق صائب وتلحن احيانا## وخير الحديث ماكان لحنا اى ان هذه المرأة فطنة فهى تلحن بكلامها ، وتصرفه عن المعنى الظاهر ، وتهدف الى التعريض والتورية . ومن امثلة ذلك قول رجل من بنى تميم كان اسيراً فكتب الى قومه : حلواعن الناقة الحمراء ارجلكم ## والبازل الاصهب المعقول فاصطنعوا ان الذئاب قد اخضرت براثنها## والناس كلهم بكر اذا شبعوا يريد ان الناس اذا اخصبوا فانهم اعداء لكم كبكر بن وائال . (5)اللّحْن : اللغة ، روى شريك عن ابى اسحاق عن ميسره انه قال فى قوله عز وجل (فاعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل ) العرم :المسناة بلحن اليمن أي بلغة اليمن . ومنه قول عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ، : (تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلمون القرآن ) فاللحن اللغة . (6)واللحن : معنى القول ومذهبه وفحواه كقوله تعالى ( ولتعرفنهم فى لحن القول ) اى : معناه ومذهبه ومما سبق يتضح لنا ان للحن معاني متعددة منها : الخطأ فى الاعراب ، والتطريب والغناء ، والفطنة ، والتورية ، واللغة ، والمعنى والمذهب . ومايهمنا هنا هو اللحن بمعنى الخطأ فى النطق وصرف الكلام عن سننه الجارى عليه فى العربية اما بازالة الأعراب ، واما بالتحريف فى القراءة . ( 35) يتبع انشاء الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 22/06/2003 - 08:34 pm استكمال مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته لمحة عن المدارس النحويه وسماتها و اشهر رجالاتها : لعله من المفيد ان نبدأ هذا المبحث عن المدارس النحويه، بنظره مجملة ومؤديه للغرض ، رايتها مناسبة فى هذا المقام للدكتور على فاخر من جامعة الازهر حيث يقول : روى لنا التاريخ ان البصريين بعد ابى الاسود الدؤلى ، هم الذين اسسوا قواعد النحو الاولى وتعهدوه وراعوه وهونبت صغير ، وظل فى البصره وحدها مايقارب من مائة سنه من الزمان ، كان فيها الكوفيين منصرفين الى الاشعار وحفظها و رواية الاخبار وتناقلها ونوادرها . ثم تكاتف الفريقان من البصره والكوفة على استكمال قواعده. ونشا بينهما التنافس والصراع لمن تكون الغلبة والسبق وتكميل ما نقص منه ومافات المتقدمين . وظل كذلك مايزيد على مئة سنه اخرى ، ظهر فى اثنائها المذهب الكوفي الذى اخذ يناهض المذهب البصرى وحبب الى اعلامه الاختلاف والمخالفه لاعلام النحو فى البصره ، فوجد للنحو مذهبان البصرى ومقره مدينة البصرة فى جنوب العراق وفى اقصى الشمال الشرقى من اطراف شبه الجزيره العربية ، والذهب الكوفى ومقره مدينة الكوفةالتى تقع فى الجنوب من بلاد العراق وفى الشمال من الجزيرة العربية . وبعد موت اعلام المذهبين ورجالهما الاول ، ورؤسائهما السابقين هاجر الفريقان الى بغداد والتئم عقدهما فيها فنشأ المذهب البغدادى الذى كان عماده الترجيح بين الفريقين وقد عاش المذهب البصرى الاول فى كنف الدوله الاموية اواخر القرن الاول الهجرى والنصف الاول من القرن الثانى ، كما عاش المذهبان البصرى والكوفى المتنافسان فى ظل الدوله العباسيه الاولى فى النصف الثانى من القرن الثانى الهجرى وامتد طوال القرن الثالث الهجرى والتئم عقد الفريقين فى بغداد اوائل القرن الرابع والدوله العباسية مازالت فى اوج عصرها ، ولما ضعفت الدولة العباسية ونشأت ممالك اسلامية مختلفة تفرق النحاة البغداديون فى كل مكان ، الى ان كان احتلال المغول لبغداد ورميهم بالحضارة الاسلامية وكتبها فى نهردجلة والفرات ، ثم رحل العلماء الى البلاد الاسلامية الآمنة واولها مصر والشام وبلاد المغرب والاندلس قبل سقوطها فى يد الاعجام من المسيحيين ، فاستقر العلم هناك ونشأت المذاهب المختلفة ايضا فى مصر والشام والاندلس ، تختار وترجح احد المذاهب السابقه اوتختار لنفسها مذهبا ورأيا مخالفا . اما بلاد الحجاز وبخاصه مكه والمدينة فلم يكن فيها نحو ولا اشتغل به عالم فمازالت تلك البلاد محتفظه بالسليقة العربية الفصحى ، لم يدخلها الاعجام ولا طرقها اجانب كثيرون يلحنون فى قرائة القرآن ، او الحديث النبوى الشريف او كلام العرب ، وركن العلماء فى تلك البلاد الى رواية الحديث وتفسير القرآن الكريم والفقه والشريعة . (36) ويذكر الدكتور فاخر ان المؤرخين قسموا تاريخ تطور علم النحو الى اربعة اطوار: (1)طور الوضع والتكوين ، وهذا اختصت به البصرة وحدها. (2)طور النشؤ والنمو ، وكان مزيجا من البصريين والكوفيين . (3)طور النضوج والكمال ، وكان مزيجا ايضا من اعلام المدرستين السابقتين . (4)طور الترجيح والبسط فى التصنيف ، واشترك فيه اعلام المدارس التى ظهرت بعد البصرة والكوفة وهى مدارس بغداد والاندلس ومصر والشام . (37) على ان بعض الباحثين ومنهم الدكتور السامرائى يعترض على استخدام مصطلح (مدرسه) حيث يرى ان الناظر فى التراث النحوى لايجد ان جمهور النحاه بصريين وكوفيين وغيرهم قد اختلفوا فى اصول العلم ، وانهم لم ينطلقوا من افكار متعارضة ، ولكنهم اختلفوا فى مسائل فرعية تتصل بالتعليل والتاويل هذا علىالرغم من اشارته الى ان كلمة مذهب وردت فى الكلام على الخلاف النحوى فقالوا : مذهب البصريين كما قالوا مذهب الكوفيين ومذهب غيره . (38) ولكن فئة من الباحثين ساروا على نهج القدامى من جعل تعدد البيئةالنحوية مدخلا الى تعدد مدارس النحو ومن هولاء الاستاذ الدكتور شوقى ضيف ( 39) مصادر المدارس النحوية : من الممكن حصر المصادر التى استقى منها اللغويون العرب مادتهم فيما ياتى : (1)القرآن الكريم (2)القراءات القرآنية (3)الحديث النبوي (4)الشعر (5)الشواهد النثرية وان وجد بينهم خلاف حول بعضها . (40)
يتبع انشاء الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 23/06/2003 - 06:51 am استكمال مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته المدرسه البصرية ودورها الرائد : كان تواجد ابى الاسود الدؤلي بالبصرة ، وهو رجلها الاول مدعاة لهذه المدينة ومن ثم لهذه المدرسة فى حيازة قصب السبق على كل الامصار الاسلامية من حيث الانفراد بشرف الوضع والتكوين لعلم النحو ، وكما سبق ، فان منجزات ابى الاسود الدؤلي وتلاميذه فى هذه المرحلة تجاوزت اختراع النقط المدوره الحمراء للقرآن ، ونقط الاعجام السوداء الى وضع بعض الابواب النحويه بتوجيه من الامام على عليه السلام ، (41) ولايهمنا راى بعض المسشرقين فى ذهابهم الى ان العرب قد اقتبسوا علم النحو من اليونان اوالسريان (42) ، لانه لايمكن اثبات شئ من ذلك علميا ، وخاصة ان النحو العربى يدور على نظرية العامل وهى لاتوجد فى اى نحو اجنبي (43) ، ولكن المهم هو التنبيه الى ان تشكيك هولاء المستشرقين ومن لف لفهم يهدف الى التوصل ان النحو العربي ليس من وضع العرب ، مما يلغى اثر القراءة القرآنية الاساسى فى وضع علم النحو (44) . وكان القدماء يعرفون للبصرة والبصريين دورهم الرائد هذا فنصوا عليه بعبارات مختلفه من ذلك قول ابن سلام وكان لاهل البصره فى العربية قدمة ، وبالنحو ولغات العرب والغريب عناية ) ، ويصرح ابن النديم فى هذا المجال تصريحا اكثر وضوحا اذ يقول فى حديثه عن نحاة الكوفة والبصرة : ( انما قدمنا البصريين اولا ، لان علم العربية اخذ عنهم ) . (45) نبذه عن اسس المدرستين البصرية والكوفية : يقول د. شوقى ضيف فى كتابه المدارس النحوية : ومعروف انه لكى يصاغ علم صياغة دقيقه لابد له من اطراد قواعده وان تقوم على الاستقراء الدقيق ، وان يكفل لها التعليل وان تصبح كل قاعدة اصلا مضبوطا يقاس عليه الجزئيات قياسا دقيقا . وكل ذلك نهض به ابن ابى اسحاق وتلاميذه البصريون .اما من حيث الاطراد فى القواعد فقد تشددوا فيه تشددا جعلهم يطرحون الشاذ ولايعولون عليه فى قليل اوكثير ، وكلما اصطدموا به خطأوه او اولوه . واما من حيث الاستقراء فقد اشترطوا صحة المادة التى يشتقون منها قواعدهم ، ومن اجل ذلك رحلوا الى اعماق نجد وبوادى الحجاز وتهامة يجمعون تلك المادة من ينابيعها الصافية التى لم تفسدها الحضارة ، وبعبارة اخرى رحلوا الى القبائل المتبدية المحتفظة بملكة اللغة وسليقتها الصحيحة ، وهى قبائل تميم وقيس واسد وطئ وهذيل وبعض عشائر كنانة . واضافوا الى هذا الينبوع الاساسي ينبوعا بدويا زحف الى بلدتهم من بوادى نجد. وهو نفر من الاعراب الكاتبين قدم الى البصرة واحترف تعليم شبابها الفصحى السليمة واشعارها واخبار اهلها . وفى الفهرست لابن النديم ثبت طويل باسماء هولاء المعلمين من الاعراب الذين وثقهم علماء البصرة واخذوا عنهم كثيرا من المادة اللغوية والنحوية سجلوها فى مصنفاتهم . وكان القرآن الكريم وقرائته مددا لاينضب لقواعدهم . (46) ويضيف د. شوقى فى نفس الكتاب عن قواعد المدرسة الكوفية قائلا : واذا اخذنا نحقق هذه القواعد والاركان وجدنا ثلاثة طوابع كبيرة تشيع فيها هى : طابع الاتساع فى الرواية بحيث تفتح جميع الدروب والمسالك للاشعار واللغات الشاذة ، وطابع الاتساع فى القياس بحيث يقاس على الشاذ والنادر دون تقييد بندرته وشذوه ، ثم طابع المخالفة فى بعض المصطلحات النحوية وما يتصل بها من العوامل . وينبغى ان يستقر فى الاذهان ان المدرسة الكوفية لاتباين البصرية فى الاركان العامة للنحو ، فقد بنت نحوها على ما احكمته البصرة من تلك الاركان ، التى ظلت الى اليوم راسخة فى النحو العربي ، غير انها مع اعتمادها لتلك الاركان استطاعت ان تشق لنفسها مذهبا نحويا جديدا ، له طوابعه وله اسسه ومبادؤه . (47) واما عن الاحتجاج بالحديث النبوى يقول د.شوقى : ( فكانوا(اى البصريين) لايحتجون بالحديث النبوى ولا يتخذونه اماما لشواهدهم وامثلتهم لانه روى بالمعنى اذلم يكتب ولم يدون الا فى المائة الثانية للهجرة ، ودخلت فى روايته كثرة من الاعاجم ، فكان طبيعيا ان لايحتجوا بلفظه ومايجرى فيه من اعراب وتبعهم نحاة الكوفة .(48) غير ان د.احمد مختار عمر لايسلم بهذا الراى ولا بتعليل المتاخرين لهذا الرفض المزعوم ، ويرى ان هناك اسباب كثيرة تحمل على الشك فيمانسب الى الاقدمين من رفضهم الاستشهاد بالحديث ، بل هناك من الدلائل مايكاد يقطع ان لم يكن يقطع فعلا انهم كانوا يستشهدون به ويبنون عليه قواعدهم سواء منهم من اشتغل باللغة او بالنحو اوبهما معا واورد الادلة على استشهاد قدامى اللغويين و النحويين كابى عمرو بن العلاء والخليل والكسائي وسيبويه والفراء والمبرد والزجاجى وغيرهم بالحديث . (49)
يتبع انشاء الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 23/06/2003 - 08:24 pm استكمال مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته موازنة بين المذهبين : اورد الشيخ محمد الطنطاوى فى كتابه نشأة النحو وتاريخ النحاة موازنة بين المذهبين البصري والكوفي رجح فيها كفة مذهب البصريين . يقول الشيخ : فنقول ان مذهب البصريين انما رجح لانه نشأ على ملاحظة امور ثلاثة لايراها الكوفيون : (1)انهم يؤثرون السماع على القياس فلا يصيرون اليه الا اذا اعوزتهم الحاجة تحملهم على هذا سهولة اتصالهم بجمهرة العرب ، ولكثرتهم حولهم قد تعصبوا رواياتهم فلا يحملونها الاعن موثوق بفطرته . اما الكوفيون فعلى عكسهم فضلوا القياس على السماع فى كثير من مسائلهم لتنائيهم عن خلص العرب ، ولذا تساهلوا فى رواياتهم فتلقوها عن اعراب لايرى البصريون سلامتهم . (2) انهم احتاطوا فى اقيستهم فلم يدونوها الا بعد توافر اسباب الاطمئنان عليها بخلاف الكوفيين الذين تفككوا من قيودهم ولذا يقول السيوطى اتفقوا على ان البصريين اصح قياسا لانهم لايلتفتون الى كل مسموع ولايقيسون على الشاذ) (3) انهم لايعولون على القياس النظري عند انعدام الشاهد الا فيما ندر جدا . اما الكوفيون فطالما جنحوا اليه . ويمضى الشيخ الطنطاوي قائلا : فهذه الامور الثلاثة التى تولد عنها الاختلاف بين الفريقين فى المسائل الجمة تضافرت فى النهوض بمذهب البصريين على الكوفيين اذلاريب ان السماع فىاللغة ركن اول ، لانها ليست فلسفة يتحكم فيها ميزان العقل والدراية ، والتشدد فى القياس الذى يؤذن بحة نظائره حتم لازم ، والغاء القياس النظرى فى اللغة مستقيم معالواقع ، هذا حال المذهبين فى مجملهما ، وان ظفرالكوفيين فى بعض المسائل. ( 50 ) على ان د. احمد مختار عمر فى كتابه البحث اللغوى عند العرب اورد الفروقات بين المدرستين بنحو من هذا ولكنه اعتبر كثرة التاويل والتقدير عند البصريين بطريقة لافته للنظر تبعا لرفضهم كثيرا من الامثلة العربية الصحيحة ونتيجة لمحاولاتهم المتكرره اخضاع الامثلة العربية الصحيحة لامثلتهم النظرية البحته اعتبره فرقا بين المدرستين ، وقد ناقش هذه الفروقات وخلص الى القول (ان المذهب الكوفى فى – نظرنا – اقرب الى الحق والواقع حين اجاز القياس على المثال الواحد ولم يعتبر القلة اوالكثرة . (51) وقال عن مسالة كثرة التاويل لدى البصريين : ان تاويلات النحاة ادت الى افساد النحو العربى وملئه بمسائل ومشاكل لانحتاج اليها ، وضرب مثالا بنواصب المضارع ، حيث ذهب معظم الكوفيين الى ان النواصب عشرة وهى تنصب المضارع بنفسها وذلك مذهب لاالتواء فيه ولاتعقيد ، ولايحمل هذه النواصب مالا تحتمله من المعاني ، ولايوقعنا فى تكلفات تشوه النحو وتنفر الدارسين منه ، اما البصريون فقد قسموا النواصب الى قسمين : قسم ينصب بنفسه وهو أن ، ولن ، واذن ، وكى(الاخيرة فى بعض حالاتها ) ، وقسم ينصب بان مضمره بعده وهو الستة نواصب الباقية ، ثم تحدثوا بعد هذا عن"أن " المضمرة جوازا و "أن " المضمرة وجوبا ........... وقد وقعوا بذلك فى تكلفات لم يقع فيها نحاة الكوفة ، واخترعوا لنا مايسمى بالمصدر المتصيد . (52) وخلص كذلك : الى ان من الخير ان نتبع طريق البصريين فى وضع القواعد رفعا للفوضى والاضطراب ، ولكن بدون لجؤ الى تأويل وتقدير ، وبدون تحكيم للمنطق والقياس النظرى ، ومع الاقتصار على اللغة النموذجية الادبية المشتركة . اما فى متن الكلمات ، وفى الجموع ، والمصادر والمشتقات وامثالها مما يتعلق بصوغ الالفاظ وبناء هياكلها ومادتها الاصلية وتقديمها وتاخيرها وذكرها وحذفها فنتبع طريق الكوفيين .(53) ونختم الموازنة بين المذهبين برأى د. عبده الراجحى فى كتابه دروس فى المذاهب النحوية الذى اشار فيه : الى ان التعصب ظل شديدا للبصرة منذ القديم بل ظل موجودا عند عدد من الدارسين المعاصرين وبخاصة فى مواجهة النحو الكوفى ، ويخلص الى القول : والحق أن الدراسة الموضوعية لكلتا المدرستين تبين ان كثيرا من المسائل التى ذهب اليها الكوفيون اقرب الى الواقع اللغوى والى المنهج النحوى الصحيح من تلك التى ذهب اليها البصريون . (54) امثلة لمسائل الخلاف بين المدرستين : فمن اختلافهم فى اسماء ابواب النحو : يقول البصري النعت ، ويقول الكوفي الصفة يقول البصري البدل، ويقول الكوفي الترجمة يقول البصري الظرف ، ويقول الكوفي الصفة او المحل يقول البصري حروف الجر ، ويقول الكوفي الاضافة يقول البصري الجر ، ويقول ا الكوفي الخفض يقول البصري ضمير الشأن ، ويقول الكوفي ضمير المجهول (55) ومن امثلة الخلافات فى المسائل العلمية : - قسم البصريون الفعل الى ثلاثةاقسام : ماض ، ومضارع ، وامر ولكن الكوفيين جعلوه قسمين فقط ماض ، ومضارع ، واما الامر فهو مقتطع من المضارع وان اصل قم (لتقم) حذفت لام الامر وتبعها حرف المضارعة وعلى ذلك فالامر عندهم مضارع مجزوم باللام المقدرة . - ذهب البصريون الى ان : نِعْمَ وبِئْسَ فعلان ماضيان ومابعدهما فاعل كقوله تعالى ( نعم العبد ايوب) ، وذهب الكوفيون الى انهما اسمان مبتدآن ، ومابعدهما خبر لهما . - ذهب البصريون الى ان المنادى المفرد العلم مبنى على الضم فى محل نصب كقوله تعالى (يوسفُ اعرضْ عن هذا ) ، وذهب الكوفيون الى انه مرفوع بالضمة فهو معرب وليس مبنيا . - ذهب البصريون الى انه لايجوز العطف على الضمير المجرور الا بعد اعادة حرف الجر كقوله تعالى) وَعَلَيْها وَعَلى الفُلْكِ تُحْمَلُون ) ، وذهب الكوفيون الى جواز العطف دون اعادة الجار تقول ( مررت بك وزيد ) . وقد الفت كتب فى مسائل الخلا ف من ابرزها كتاب (الانصاف فى مسائل الاختلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ) لابى البركات كمال الدين عبدالرحمن بن ابى سعيد الانباري(توفى 577هـ) . (56)
يتبع انشاء الله
الحفيد القرشى تاريخ الرسالة: 24/06/2003 - 03:00 am استكمال مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته تراجم بعض من اعلام المدرسه البصرية : أبوالأسود الدؤلي : هوظالم بن عمرو ، من الدئل بطن من كنانة ، كان من سادات التابعين ورد البصرة من عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ولبث بها الى ان تولى بعض العمل فيها لابن عباس رضى الله عنه ، عامل على كرم الله وجهه ايام خلافته ، ولم يبرحها مع الايذاء الذى كان يلقاه من عمال بنى امية ، واصهاره الذين كانو يرجمونه ليلا لماعرف عنه من من تشيعه لعلى كرم الله وجهه ، يقول من مقطوعة له فى زياد: رأيت زيادا صد عني بوجهه ## ولم يك مردودا عن الخير سائله ومن مقطوعة اخرى فى ابنه عبيد الله : دعاني اميري كي افوه بحاجتي ## فقلت فمارد الجواب ولا استمع ويقول فى مطلع قصيدة له فى اصهاره : يقول الارذلون بنو قشير ## طوال الدهر ماتنسى عليا احب محمدا حبا شديدا ## وعباسا وحمزة والوصيا فان يك حبهم رشدا اصبه ## ولست بمخطئ ان كان غيا كان اعلم عصره بكلام العرب ، وتقدم انه واضع النحو بتعليم الامام علي كرم الله وجهه ، واول من دون فيه ، كما انه اول من ضبط المصحف بالشكل (57) وجاء فى الوافى للوفيات للصفدى : انه روى عن عمر وعلي والزبير وأبي ذرّ وأبي موسى وابن عباس، وروى عنه يحيى بن يعمر وعبد الله بن بريدة وأبو حرب بن أبي الأَسود. وجاء كذلك انه قاتل مع علي يوم الجمل، وكان يستخلفه بعد ذلك ابن عباس على البصرة، وكان من المتحققين بمحبة عليَ وأولاده، وكان رجلَ أهل البصرة. قال مالك: بلغني أن أبا الأَسود الدؤلي باع داراً له، فقيل له: بعتَ دارك؟ قال: لا، ولكني بعتُ جيراني، وكان ينزل في بني قُشير، وكانوا عثمانية، وأبو الأَسود علوي الرأي، فكان بنو قشير يسيئون جواره ويرجمونه بالليل، فعاتبهم على ذلك فقالوا: ما رجمناك ولكن الله رجمك، فقال: كذبتم لأنكم إذا رجمتموني أخطأتموني ولو رجمني الله ما أخطأني؛ ثم انتقل عنهم إلى هذيل وقال فيهم: شتموا عليّاً ثم لم أزجرهمُ ## عنه فقلتُ مقالةَ المتردِّدِ اللَّهُ يعلم أنّ حبّيَ صادقٌ ## لبني النبيِّ وللإِمامِ المُهْتَدي (58) وقد تتلمذ على يد ابى الاسود رجال الطبقه الاولى (من النحويين ) جميعا . توفي ابو الاسود سنة 69هـ بعد عمر مديد بلغ خمسا وثمانين سنة (60) نصر بن عاصم الليثى : ( ت 89 هـ) يحى بن يعمر العدواني : (ت 129هـ) واليه والى نصر بن عاصم يعزى وضع نقط الاعجام للحروف ، وهما من رجال الطبقه البصرية الاولى ، ومن تلاميذ ابى الاسود الدؤلى (61) ابن ابى اسحاق الحضرمى ت 117هـ ) هو ابو بحر عبدالله بن ابي اسحاق الحضرمي البصرى ، اشتهر بكنية والده وكان مولى آل الحضرمي ، اخذ عن نصر بن عاصم وجد فى هذا العلم حتى بلغ الغاية فيه (62) وفيه يقول ابن سلام ):كان اول من بعج (فتق) النحو ومد القياس وشرح العلل ) ، وبذلك يجعله اول الواضع الاول لعمل النحو ، اذ يجعله اول من اشتق قواعده واول من طرد فيها القياس ، بحيث يحمل مالم يسمع عن العرب علىماسمع منهم ، ... وجعله تمسكه الشديد بتلك القواعد المعلله والقياس عليها قياسا دقيقا بحيث لايصح الخروج عليها ، يخطئ كل من ينحرف فى تعبيره عنها ، وكان لذلك كثير التعرض للفرزدق لما كان يورده فى اشعاره من بعض الشواذ النحوية ... ولم يؤثر عنه كتاب فى النحو وكانه يكتفى بخاضراته واملاءاته على تلاميذه ، وكل ما اثرعنه كتاب فى الهمز . (63) عيسى بن عمر الثقفي : (توفى 149هـ) بصرى من موالي آل خالد بن الوليد ، نزل فى ثقيف فنسب اليها ، وهو اهم تلاميذ ابن ابي اسحاق ، وقد مضى على هديه يطرد القياس ويعممه ، كما خطا بعلم النحو خطوة كبيرة اذ انه الف فيه رسائل ومصنفات مختلفة اشتهر منها لعصره مصنفان " الجامع " و" الاكمال " ، ويقال انسيبويه لما احضره (اى الجامع) ليقرأه على الخليل انشد تنويها به وبالاكمال : بطل النحو جميعا كله ## غير مااحدث عيس بن عمر ذاك اكمال وهذا جامع ## فيهما للناس شمس وقمر .(64) الخليل بن احمد الفراهيدى : (توفى 175هـ) هو ابو عبد الرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي الازدي ، ولد بالبصرة وشب على حب العلم فتلقى عن ابي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي نبغفى العربية نبوغا لم يسبق اليه وبلغ الغاية فى تصحصح القياس واستخراج مسائل النحو ... وللخليل فضل النهوض به كما لابي الاسود فضل تكوينه ، نعم فقد اتفقت كلمة العلماء على ان الخليل واضع فن الموسيقى العربية وواضع علم العروض والقافية ، واول من دون معجما فى اللغة بتاليفه "كتاب العين " وله بعدئذ مأثرة الشكل العربى المستعمل الان(من ضمه وفتحه وكسرة وسكون) ، وله مؤلفات اخرى فى غير اللغة ايضا ، وكان رحمه الله فى فاقه وزهد لايبالي بالدنيا .(65) وكان عقل الخليل من العقول الخصبة النادره فهو لايلم بعلم حتى يلتهمه التهاما ، بل حتى يستوعبه ويتمثله وينفذ الى مايفتح به ابوابه الموصدة وحقا ما قاله ابن المقفع فيه ان عقله كان اكثر من علمه .(66)
مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته - بحث علمى عن مدخل الى تاريخ علم النحو ونشأته