بحث عن طرق التدريس فى الإمارات - بحث علمى عن طرق التدريس فى الإمارات كامل
• الإلقاء والإستقراء والقياس والإستنباط
• مدارس فى طرق التدريس وتيارات يغلب عليها الإرتجال
(1)
بقلم : اسامة فوزي
نشر في جريدة البيان - دبي عام 1983
تعتبر مهنة التدريس أو التعليم فى العالم العربى مهنة لا مهنة له ، وغالباً ما يتوجه ألاف الأشخاص لممارسة هذه المهنة بعد تخرجهم من المدارس الثانوية أو الجامعات دون أن يكون لديهم الإستعداد الكافى لممارسة هذه المهنة وفى أكثر الأحيان يتخذ هؤلاء مهنة التدريس وسيلة لتحقيق مصالح شخصية سريعة بسبب توفر العمل فيها فضلاً عن دخلها الشهرى الثابت الذى يقع وسطاً بين " دخول " قطاعات الموظفين وغالباً ما يترك المدرس مهنة إلى مهنة أخرى أكثر إستقراراً وأكثر إيراداً وبهذا تكون المهنة بالنسبة للكثيرين محطة مؤقتة يغادرها الواحد منهم فى أول قطار جديد يحملهم إلى عالم المستقبل.
مهنة وتخصص
بسبب هذه النظرة المتخلفة لمهنة التدريس أو التعليم وبسبب قصور أجهزة التعليم والتربية فى الوطن العربى وعجزها عن الرقى بالمهنة إجتماعياً وفنياً ، ظل المدرس أو المعلم بعيداً عن نظريات التعليم التى تشكل أساساً ومحوراً لهذه المهنة فى الدول المتحضرة ، وقلة قليلة تطلع عليها بحكم الدراسات فى معاهد المعلمين أو بحكم بعض الدورات التدريبية السريعة التى غالباً ما تكون نظرية فى طروحاتها وتطبيقاتها ونسخيته فى مسافاتها وتعييناتها.
طرق التدريس
التدريس مهنة وفن ، ولطرق التدريس مدارس وتيارات ونظريات يحيط بها المدرس فى الدول المتقدمة قبل أن يسمح له بالنزول إلى الميدان , وهى طرق كثيرة قد نجد بعضها لدى مدرسى الإمارات ، لكن هذا الإستثناء يظل محدوداً وقاصراً على نوعية معينة ومؤهلة تربوياً وعلمياً بينما يجهل الكثيرون طرق التدريس ويمارسون المهنة بعفوية مطلقة تتداخل فيها الطرق وتتلاطم وتتقولب وفقاً لأهواء الموجهين أو النظار أو اللوائح
الطريقة الإلقائية
وعلى العموم فإن الطريقة الإلقائية هى الغالبة فى الوسط التعليمى ويكاد المدرسون لا يعرفون غيرها وهى تقوم على أسلوب المحاضرة حيث يلزم التلاميذ الصمت طوال الحصة بينما يطغى صوت المدرس على أصوات الجميع ، محللاً وعارضاً ومناقشاً ومفسراً بتلقائية وبصوت عال يهدف إلى إجتذاب الإنتباه وربما إدخال الروع فى القلوب.
والطريقة الإلقائية فى التعليم تحتاج إلى مواصفات خاصة يجب أن تتوفر فى المدرس ، ومنها طلاقة اللسان والصوت الواضح الجذاب وملكة الخطابة بما تشترطه من حركات بالأيدى والرأس تشكل فى مجموعها أداة التوصيل والتأثير على التلميذ المتلقى ، وغنى عن الذكر أن هذه الطريقة تشترط أيضاً الإلمام بالمادة ولكن هذا الشرط ليس رئيساً لأن الكثيرين يتغلبون على ضعفهم العلمى بالصوت الجمهورى وطلاقة اللسان والقدرة على جذب الإنتباه وقتل الوقت فى الحركات المسرحية والنكات والمداعبات التى تجد قبولاً عند التلاميذ. وعندما تسود هذه الطريقة فى المدارس والفصول تصاب معايير تقييم المدرسين بالخلل ، لأن المدرس القوى فى مادته الضعيف فى صوته لا ينال بالضرورة درجة متقدمة كتلك التى ينالها صاحب الصوت المجلجل والحركات المثيرة المحببة للأطفال.
لكن للطريقة الإلقائية من جانب آخر فوائدها فيما لو أحسن إستغلالها ونوظيفها فى الفصل بخاصة عند الأطفال الذين لا يحسنون القراءة ومن ثم ليس أمامهم إلا الإستماع أو المشاهدة. وكلما كان المحاضر متبسطاً ومثيراً لأحاسيسهم كان المردود التربوى والعلمى متقدماً وثرياً.
شريطة أن ينوع المحاضر أو المدرس فى أساليب الإلقاء وفى نبرات الصوت فلا يقصر الحصة كلها على خطبة مملة وإنما يوظف القصة أو الحكاية الطريفة فى البناء الدرامى للحصة والتعليم بالحكابات أو القصص فن يحتاج إلى مهارات متعددة تشمل القدرة على الإلقاء الجميل والوصف الساحر والتبسيط فى الأداء وتلوين الصوت وتوظيف معلومات التلاميذ التى اكتسبوها من قبل فى توصيل معلومات جديدة اليهم ، فضلاً عن القدرة على إستحضار الحكايات المناسبة لخدمة الموقف التعليمى ، وهذا يتطلب بالتأكيد تحضيراً مسبقاً للحصة أو الدرس مع رسم خطة للإستهلال والذروة والختام وهى ـ كلها ـ مهارات تؤكد أن الطريقة الإلقائية فى التدريس ليست سهلة كما يظن الكثيرون وليست قصراً على أسلوب المحاضرة الذى يكاد الأسلوب الطاغى على أساليب التدريس فى الإمارات.
الطريقة القياسية
قلة قليلة من المدرسين فى الإمارات تعتمد " الطريقة القياسية " فى التدريس ، وهى طريقة صعبة وتتطلب من المدرس إلماماً واسعاً فى المادة العلمية ثم إحاطة بإمكانيات تلاميذه ومحفوظاتهم ومعارفهم السابقة ، لأن الطريقة تعتمد أساساً على تراكمات المادة عند التلاميذ التى توظف وتنمى وتزاد من خلال القياس على القوانين العامة التى درسوها من قبل أو المعارف التى جندوها فى دروس سابقة 00 ويلجأ مدرسو اللغة العربية إلى هذه الطريقة فى موضوعات النحو العربى لأنهم ينطلقون فى الغالب من قاعدة أخذها التلاميذ من قبل وعلى ضوء معطياتها يبنى المدرسون حقائق جديدة تنمو بشكل هرمى ، وهذه الطريقة الصعبة فى مداخيلها أو مدخلاتها تتسم بالسهولة فى تعاطيها شربطة أن يدرك المدرس أسسها ويحسن الربط بين المعلومة القديمة والمعلومات الجديدة التى يراد إدخالها فى عقول التلاميذ ، ومن ثم تعتبر " الطريقة القياسية " أخف عبئاً على المدرس من الطريقة الإلقائية لأنها لا تحتاج إلى جهد أضافى فى الحديث والصراخ والوصف طوال الحصة وإنما تعتمد على المشاركة العقلية والوجدانية بين التلاميذ ومدرسهم ، وهى بهذا لا تتطلب مجهوداً جسدياً أو عقلياً عظيماً من المدرس لأن الجهد التعليمى يتوزع على الجميع والقسط الذى يناله المدرس لا يزيد كثيراً عما يناله تلامذته بخاصة إذا نجح المدرس فى إشراك التلاميذ إشراكاً فعلياً فى الدرس إعداداً وتقديماً وتطبيقاً ولا يحبذ ـ فى هذه الطريقة ـ أن يترك التلميذ وحده لإستنباط القاعدة أو المعلومة دون مراجعة أو رقابة أو متابعة من المدرس لأن هذا يحتمل الوقوع فى الخطأ والقياس عليه وهو من عيوب هذه الطريقة فى التدريس والتى تسمى ب" الطريقة الإستنباطية " وهى تقوم فى بدايتها على الأسس ذاتها التى تقوم عليها الطريقة القياسية لكنها تختلف فى " مخرجات التعلم " لأنها تترك التلميذ يتعامل مع القاعدة أو المعلومة المحورية المعطاة له ، ليستنبط منها القواعد الجديدة دون أن تخضع عملية الإستنباط للإشراف المباشر من قبل الدرس.
لماذا الخلط
بقى أن نشير فى هذا المجال إلى أن الكثيرون يخلطون بين الطريقة القياسية والطريقة الإستقرائية فى التعليم ، رغم ما بينهما من تعارض ، ففى الطريقة القياسية كما ذكرنا ينتقل المدرس من المعلومة العامة إلى الخاصة ، من الكل إلى الجزء ، من القاعدة إلى الفرع ، من القانون إلى الحيثية أما فى الطريقة الإستقرائية يكون الإنتقال من المعلومة الخاصة إلى العامة ، من الجزء إلى الكل ، من الفرع إلى القاعدة ، من الحيثيات إلى القانون ، وبكلمة أخرى نبسط فى الطريقة القياسية القاعدة ثم نشرح الأمثلة .
أما فى الإستقرائية فيكون الشرح للأمثلة سابقاً لأستخلاص القانون.
هذه بعض أشهر طرق التدريس فى العالم ، إستعرضنا الأكثر تعاطياً فى مدارس الإمارات ، على أمل أن نتوقف فى الحلقة المقبلة عند طريقتين فى التدريس أكثر تعقيداً هما الطريقة الجمعية والطريقة الحوارية.
من طرق التدريس فى الإمارات
(2)
الطريقة الحوارية تقوم على مبدأ التعليم بالمحاورة
الطريقة الجمعية ، مزاوجة بين الإستقراء والقياس
بقلم : أسامة فوزى
نشر في جريدة البيان - دبي عام 1983
توقفنا فى المقالة السابقة عند أشهر طرق التدريس المتبعة فى الإمارات ، وقلنا أن الطريقة الإلقائية تكاد تكون الغالبة على بقية الطرق ، لسهولتها ولأن الأكثرية المطلقة من المدرسين هم من غير المؤهلين تربوياً بخاصة فى المراحل الإبتدائية الدنيا ومن ثم لا يحيطون بطرق التدريس الأخرى التى تتطلب قدراً من الوعى والإطلاع والخبرة والتجريب.
أما فى حلقة اليوم فنتناول من طرق التدريس ، أكثر تعقيداً من سابقاتها ـ القياسية والإستقرائية والإستنباطية ـ ولكن أنفذ إلى عقول التلاميذ لأنها من النوع التركيبى الذى يفيد من عناصر الطرق الثلاثة المذكورة ويضيف إليها عناصر جديدة جداً أيضاً.
الطريقة الحوارية
أولى هذه الطرق تعرف عند التربويين بالطريقة الحوارية ومن تسميتها ندرك أنها تقوم على مبدأ التعليم بالحوار وهى بهذا طريقة تركيبية تجمع بين الإستقراء والقياس والإستنباط والمحادثة وتترك للتلاميذ فرصة المشاركة الفعالة فى الحصة من خلال الإجابة عن الأسئلة الإختيارية الشفوية التى يطرحها المعلم كمدخل للموضوع ، وكلما كان المعلم ناجحاً فى إختيار الأسئلة وأسلوب طرحها إزداد تشوق الدارسين للموضوع ، بخاصة عندما يشتركون فى الإجابة عن بعض الأسئلة من واقع معلوماتهم العامة ، وهذا يمنح الدارس ثقة كبيرة بنفسه ويدعوه بالتالى إلى التجويد والإنتباه مما يؤدى إلى حركة تنافسية فى الحصة يعود مردودها العام على مستوى الإستيعاب عند الجميع.
مهارات مطلوبة
وهذه الطريقة تتطلب مهارة خاصة عند المدرس ، سواء فى إدارة دفة الحوار أو فى تثوير دافعية التعلم عند تلامذته وتحفيز حب المعرفة لديهم ، شريطة أن يتم كل ذلك فى إطار الموضوع الرئيسى للدرس ، حتى لا ينصرف إنتباه التلاميذ إلى موضوعات فرعية ، وحتى لا تغيب الأهداف الخاصة للدرس.
ويرى الخبراء أن طريقة التدريس بالحوار تتسم بالبساطة رغم أنها طريقة تركيبية ، ومن ثم يعول عليها كثيراً فى معاهد التعليم الإبتدائى والمتوسط لأنها تفى بالغرض التربوى وتلبى الحاجات النفسية لدى الدارسين ، وعلى ضوء ذلك يفضل خبراء التربية الدنيا ، لأن الطفل فى هذه المرحلة يكتسب من الحوار عادات كثيرة ، ليس أقلها التعلم والجرأة والشجاعة والثقة بالنفس.
الطريقة الجمعية
أما الطريقة الثانية فى هذه الحلقة ـ والخامسة فى الدراسة كلها ـ فهى التى تعرف بالطريقة الجمعية فى التدريس ، وهى أيضاً طريقة تركيبية فيها تمازج بين القياس والإستقراء من خلال الإنتقال بين الخاص والعام ، الكل والجزء ، وفق ما يتطلبه الموضوع ويراه المدرس إستناداً إلى الخبرات والمعارف السابقة عند تلاميذه ، وتفضل هذه الطريقة على غيرها فى دروس النحو العربى والبلاغة حيث تكثر القواعد وتتعدد الشواهد والأمثلة ويكون المدرس حراً فى إنتقاله بين القاعدة والتطبيق ، ففى هذا الموقع يستنبط القاعدة من الشاهد وفى ذاك يرى أن الأفضل أن يبدأ بتعريف القاعدة ثم يضرب أمثلة عليها ، مما يعنى أن المدرس الذى يتبع الطريقة الجمعية أو الثنائية ـ القياسية الإستقرائية ـ مكلف بإمتلاك حاسة خاصة مكتسبة تساعده على الإنتقال بين الإستقراء والقياس حسب حاجة الموقف التعليمى وبالقدر الذى يمكن أن يستوعبه التلاميذ ومثل هذه الحاسة المكتسبة لا تتوفر لدى المدرس الا بالدراسة فى المعاهد المختصة والتجربة الميدانية والممارسة التطبيقية والإلمام بالمادة العلمية إلماماً واسعاً يؤهله التجول فى مضامنها المختلفة.
طرق تعليم القراءة
طرق التدريس التى أشرت إليها عامة ، تصلح لكل المواد الدراسية لكن هناك إتفاقاً حول خصوصية تعليم القراءة العربية للأطفال ، وبسبب هذه الخصوصية ، أتفق علماء التربية على طريقتين رئيسيتين لتدريس القراءة ، لا تنضويان تحت أية طريقة للتدريس سابقة ، من تلك التى عرجنا عليها ، وإن كانت توظف بعض عناصرها فى بعض الجوانب ، بخاصة فيما يتعلق بالإستيعاب وإستنباط القاعدة.
الطريقة الأولى الأكثر شهرة فى تعليم القراءة العربية للأطفال تعرف باسم " الطريقة التركيبية " ، وهى ليست قصراً على اللغة العربية وإنما يستعان بها فى تعليم القراءة والنطق لجميع الأمم وفلسفة هذه الطريقة تقوم على تعليم الحرف ثم الكلمة ثم الجملة ، صوتاً ورسماً 00 بينما تبدأ الطريقة الثانية المسماة بالطريقة التحليلية بتعليم الكلمات قبل الحروف 00 وبهذا تنهج الطريقتان نهج الإستقراء والقياس ، ولكن مجالهما يقتصر على اللغة ومفرداتها وأصواتها ، ويمكن بطبيعة الحال المزج بين الطريقتين الكلية والتحليلية كما فعل المؤلفون فى كتاب القراءة العربية للصف الأول الإبتدائى وإن كان عملهم قد خرج فى شكله النهائى بصورة مشوهة ، فيها الكثير من الشطط وسوء الإختيار والتنفيذ فضلاً عن سوء التقدير بالنسبة لحجم الكتاب وصوره وحروفه ونوع ورقه وطباعته.
ولأهمية هذه الطريقة وتلك ، ولأنهما بوابة التعليم ونافذة المستقبل لأطفالنا ، سوف أتوقف فى حلقة مقبلة عند مواصفات كل طريقة على حدة من واقع تجربة خاصة وعامة ، هما زادنا فيما نحتكم اليه دائماً من قضايا التربية ومشاكلها.
طرق التدريس متعددة محورها المدرس والمنهج !!
الطريقة " التوليفية " بين النظرية والتطبيق فى كتاب اللغة العربية للصف الأول الإبتدائى!!
أشرت اعلاه إلى أشهر طرق التدريس المتبعة فى الإمارات وبينت أن هذه الطرق فى تنويعها وتعددها لا تخضع لمعايير ثابتة ولا ينص عليها فى الأنظمة التربوية وإنما يجتهد بها وفقاً لمؤهلات كل مدرس على حدة ، أو تبعاً لما يراه الموجهون على إختلاف مشاربهم وخبراتهم ، وقد قصرنا حديثنا على طرق التدريس العامة لكل المواد ووعدنا أن نعود إلى طريقتين خاصتين بتعليم القراءة للأطفال فى المدارس الإبتدائية ، هما الطريقة التركيبية والطريقة التحليلية.
كتاب لغتنا العربية
قبل أن نخوض فى هاتين الطريقتين علينا أن نشير إلى كتاب لغتنا العربية ـ القراءة العربية ـ المؤلف محلياً بإشراف الدكتور فتحى على يونس قد تبنى طريقة توليفية تجمع بين الطريقتين السابقتين فهى ـ كما ورد فى المقدمة ـ " تبدأ بإدراك التلميذ الجمل والتراكيب بطريقة كليلة ، إدراكاً يقوم على الربط بين صورها المكتوبة وأصواتها المسموعة ، ثم ينتقل إلى إدراك مكونات الجمل من الكلمات ، وتأتى الخطوة التالية وهى خطوة التحليل والتجريد ، وفيها تفرد الكلمة المراد تجريد حرف من أحرفها وتقرأ مفردة بعد قراءتها فى سياقها تعزيزاً للإدراك ثم يجرد الحرف منها وتأتى خطوة التركيب بعد أن يكون التلميذ قد أدرك مجموعة من الحروف ، فتركب كلمات وتراكيب جديدة من الحروف التى سبق تجريدها ".
نظرياً لا غبار على هذه الطريقة ، شريطة أن يوظف المدرس العناصر الإيجابية فى كل واحدة منها لخلق طريقة ثالثة يمكن له ـ فى إطارها ـ أن يتحرك بفاعلية وفقاً للفروق الفردية بين الطلاب ، وطبيعة المناهج والأنظمة التربوية السائدة ، لكن الذين ترجموا الطريقة التوليفية إلى مفردات فى الكتاب المتداول بين طلبة الأول الإبتدائى إبتعدوا كثيراً بالكتاب ليس فقط عن الطريقة التوليفية المذكورة وإنما ـ أيضاً ـ على الأهداف العامة والخاصة لتدريس القراءة العربية فى هذه المرحلة وقد عرجنا فى مقالة سابقة على هذه المسألة ففصلناها بنقاط محددة ورددنا كل مأخذ أو غلط أو تجاوز غير تربوى إلى صفحته فى الكتاب الضخم الذى يحافظ للسنة الثالثة على التوالى على ضخامته !!
الطريقة الأولى
تعرف هذه الطريقة باسم الطريقة الجزئية أو التركيبية ، وهى فى جوهرها تنطلق من قاعدة فلسفية فى المعرفة تقول : أن المعلم ـ أياً كان ـ يستوعب ـ أكثر عندما ينتقل من الجزء إلى الكل ، وفى القراءة العربية يكون الجزء هو الحرف والكل هو الكلمة ثم الجملة ثم العبارة وبهذا تشترط هذه الطريقة على المعلم أن يبدأ بتدريس الحروف الأبجدية للتلاميذ ، وتترك له حرية أن يعلمهم هذه الحروف بأسمائها المعروفة فى الأبجدية ، أو أن يعلمهم أياها بأصواتها المنطوقة وليس بأسمائها 00 ويتدرج التلميذ فى الحالتين من الحرف إلى مجموعة الحروف التى تشكل كلمة إلى مجموعة الكلمات التى تشكل جملة وبسبب هذا البناءالهرمى للكلام يقال : أن الطريقة تركيبية.
والطريقة الجزئية هذه ليست ـ كما قلنا ـ قصراً على اللغة العربية ، وإنما هى من طرق التعليم المعروفة فى كل بقاع الأرض ولكل اللغات ذات الأبجدية التى تقوم على الحروف المفردة ـ وليس على الصور أو الرسومات كما هو الحال بالنسبة للغة الصينية ـ وما زالت هذه الطريقة تطغى على المدرسة العربية التقليدية ، لأنها لا تتطلب خبرة واسعة ، غير ما عرفه المدرس فى أثناء دراسته الثانوية ، بخاصة لمن يلجأ إلى تدريس الحروف بأسمائها وليس بأصواتها ـ وهو ما تلقناه فى مدارسنا ـ ونكمن الخطورة فى أن المدرس غير الخبير أو غير المؤهل تربوياً قد يقع فى محذور التكرار الممل ، المزعج ، المنفر للأطفال ، الذين ـ فى خطواتهم الأولى ـ لا يدركون معانى هذه الحروف أو دلالاتها وإنما يتلقونها كطلاسم وأشكال يتوجب عليهم حفظها ، ورسمها ونطقها عن ظهر قلب.
الطريقة الثانية
لعل هذه المحاذير هى التى دفعت بخبراء التعليم فى الوطن العربى ـ وهم بالمناسبة قلة ـ إلى محاولة إدراج الطريقة الكلية فى التعليم الأساسى ، بخاصة فى مجال تعليم القراءة والكتابة ، وهذه الطريقة تقوم على " تحليل " الكل إلى أجزاء ، حيث يبدأ الطفل بتعرف الكلمات ثم ينتقل إلى الحروف بأسمائها أو أصواتها وتتطلب هذه الطريقة تعاوناً فعالاً بين المدرسة والبيت والحارة لأنها تقوم أساساً على معجم الطفل اللغوى الذى يتكون ويتشكل قبل سن السادسة ، وعلى ضوء ذلك يقوم المدرس بتنمية هذا المعجم من خلال مفرداته وتحليلها.
طرق أخرى
لا نريد أن نختم الحديث عن طرق التدريس العامة ـ وطرق تدريس القراءة العربية للأطفال ـ دون أن نشير إلى أن الطرق الخمسة التى أشرنا إليها فى المقالين السابقين ليست هى الوحيدة ، وأن كانت الأكثر تداولاً فى مدارس الإمارات ، ولأن التعليم علم وفن فإن طرق التدريس تتجدد وتتعدد بإضطراد ، وبعض هذه الطرق تحمل أسماء فلاسفة ورجال تربية ، أكتشفوها أو تبنوها أو " أنضجوها " ومن ثم قرنت بهم ، إكراماً لهم أو تمييزاً لها عن غيرها00 ونذكر منها ـ على سبيل المثال ـ طريقة " المشروع " أى الخروج بالطفل من الفصل والمدرسة إلى الحارة والمجتمع ، وهى طريقة أرتبطت باسم جون ديوى أول من رفع شعار التعليم بالعمل.
طريقة الوحدات
هذه طريقة أخرى فى التدريس لم نتوقف عندها من قبل رغم أن الكثير من الكتب المدرسية المؤلفة محلياً تقوم على أساس منهج الوحدات ، أى المواضيع الكلية التى تندرج تحتها مواضيع متفرعة منها وقد أرتبطت هذه الطريقة باسم العالم موريسن ، وهى طريقة معقدة ، تحتاج إلى مناهج خاصة ، ومدرسين بكفاءات تربوية وعلمية عالية ، خاصة أن شخصية المدرس هى المحور الذى تقوم عليه الطريقة ، فضلاً عن الكتاب المدرسى المتقن.
جون ديوى والمشكلة !!
يعود الفضل لجون ديوى فى الكثير من النظريات التربوية المطروحة الآن فى الساحة ، ومن بينها طريقة مبتكرة فى التدريس سماها ديوى بطريقة " إثارة المشكلة " ، وهى طريقة تقوم على أساس تشويق المتلقين لموضوع الدرس بإثارة مشكلة ما أو لغز معقد يرتبط بالبيئة المحيطة ، الطبيعية والإجتماعية ، ثم تتدرج الحصة تلقائياً ووفق منهج علمى مدروس ومحدد إلى الذروة ، بتعاون ومشاركة فعالة من التلاميذ ، الساعين إلى حل المشكلة إعتماداً على تراكم الخبرات والمعلومات السابقة عندهم ، ويتطلب الحل جهداً ذهنياً ليس بالقليل ، مثل وضع الفروض والقياس والمشاهدة أو الملاحظة والبرهنة إلى ما هناك من تسلسل منطقى يجعل النهاية مقنعة وذات حيثيات علمية ، وهذه الطريقة تناسب طلبة المرحلة الإعدادية والثانوية ، وتحبذ فى موضوعات العلوم العامة القائمة على المعادلات والإختبارات والتجريب.
بقى أن نشير إلى أن هذه الطرق مجتمعة تفقد فعاليتها اذا لم تقم على أسس علمية وتربوية مدروسة واذا لم ترفد بعناصر أساسية لا غنى عنها فى عملية التعليم مثل وسائل الإيضاح وطرق الإعداد وتدريب المعلمين فضلاً عن المناهج والكتب المدرسية ويظل المدرس هو الأساس ، وهو المحور ، وهو أداة التوصيل الوحيدة الناجحة ، بغض النظر عن الطريقة ، أو الخطة أو النظرية المعتمدة فى التعليم والتربية.
تحليل الاتجاه القيمي في كتب اللغة العربية المدرسية
بقلم : اسامة فوزي
نشر المقال في جريدة الخليج عام 1983
تناولت فى المقالات السابقة أهداف تدريس اللغة العربية فى المراحل الرئيسة الثلاث ؛ الإبتدائية والإعدادية والثانوية ، وتضمنت المقالات إشارات بعيدة إلى بعض ما ورد فى الكتب المؤلفة محلياً في الامارات ؛ ولم أزد عن تلك الإشارات لأنّ الدراسة كانت تستهدف إعطاء تصوّر عام لما يجب أن تكون عليه أهداف تدريس العربيّة على الصعيدين الخاص والعام.
واليوم نستكمل الجزء الثانى من تلك الدراسة بتحليل المحتوى,,,,,,, Analysis لبعض الكتب المؤلفة محلياً ، كى نصل إلى تحديد الإتجاه " القيمى " لهذه الكتب
وغنى عن الذكر أنّ الكتاب المدرسى ــ أياً كان ــ لا يهدف فقط إلى تقديم المعلومة للتلميذ ، وإنّما يرمى ــ فى توجهاته العامة ــ إلى غرس أو تكريس بعض القيم المجتمعية ، بخاصة فى مواد العلوم الإنسانية ، وسنرى إلى أى مدى تعارضت القيم المدرسية مع قيم المجتمع وسياساته ، أو إتفقت معها ، ولنبدأ بكتاب القراءة العربية للصفين الأول الإبتدائى والثالث الإبتدائى.
وصف الكتب
يقع كتاب القراءة العربية للصف الأبتدائى ( لغتنا العربية ) فى حجم كبير وثقيل الوزن (26×5,20) ، وغلافه من الكرتون القابل للكسر أما ورقه فمن النوع الجيد ، الثمين ، والطباعة أنيقة وملوّنة ، ولكل صفحة برواز ملون يختلف عن سابقه لكن نادراً ما تجد كتاباً بين يدى التلاميذ حافظ على غلافه ، لأنّ حجم الكتاب الكبير ، الذى يقع فى 228صفحة لا يتناسب وطريقة ربط الملازم بالدبابيس أو المسامير ، وغالباً ما تستخدم طريقة التخييط لربط الملازم فى مثل هذه النوعية من الكتب ، وهى طريقة أغلى سعراً لكنها أحفظ للكتاب ، وتساعد الطالب على فتح الصفحات وفرد جزئى الكتاب على المقعد دون جهد بينما يتعذّر ذلك فى الكتاب الحالى ويحتاج التلميذ ــ حالياً ــ إلى الإبقاء على يده فوق الصفحات المفتوحة طوال الحصّة حتى لا ترتد الصفحات.
أمّا كتاب القراءة العربية للصف الثالث الإبتدائى فأكبر مساحة ( 27× 21 ) لكنه أقل حجماً ( عدد صفحاته 166صفحة فقط ) ، وغلافه الخارجى لين ومرن وهذا أفضل طبعاً ، وقد أُدخل اللون إلى صفحاته ، فى الصور والرسومات أو فى الوحدات الجزئية للكتاب أو فى الجمل الرئيسة فيه كما كانت الخطوط التى توضع تحت كلمات بعينها من لون مغاير وهذا إتجاه حسن ولافت للنظر وبينما نجد إنّ معجم الألفاظ الواردة فى كتاب الأول الإبتدائى قد أدرجت فى دليل المعلم وليس فى الكتاب نفسه ، نجد فى كتاب الثالث الإبتدائى إن المعجم موجود فى الصفحات الأخيرة ( 158ــ 164 ) ، وقد إشترك الكتابان فى إستخدام كمية كبيرة من الرسومات وعدد اقل من الصور ويلاحظ إنّ فرز الصور والرسومات لم يكن جيداً حيث إختلطت الألوان ببعضها فأنت لا تميز بين لون الشارع والسماء فى صورة الدرس الحادى والعشرين أو بين ساحة المدرسة والسماء فى الصفحة السابعة ( من كتاب الثالث الإبتدائى ) ، ثم إنّ إختيار صور الغلافين الخارجيين لا يخضع لأية إعتبارات ، فالرسمة على غلاف الثالث الإبتدائى تمثل وضعاً مستهجناً للقراءة ( تلميذ يستلقى على بطنه ) كما أن الرسمة مقلوبة حيث يبدو الكتاب وكأنه لمادة أجنبية يقرأ من اليسار إلى اليمين.
ويلاحظ أيضاً إنّ مساحة الصور بالنسبة للمساحة المكتوبة لم تخضع لتخطيط تربوى وإنما تحكم بها الشكل الفنى فقط ( الإخراج ) وهذا يلغى دور الصورة الوظيفى التكميلى للكلام ويجعلها تقدم بدور جمالى فقط والنماذج كثيرة جداً فهدف الدرس الخامس من كتاب الإول الإبتدائى ( صفحة 46 ) هو تعرّف التلميذ على وصف أحمد وصف سعيد ، ونشرت فى مقابل كل جملة صورتين للصفوف تحمل على المدخل اسم الصف ورقمه ، وتكاد تكون الصورة الأولى غير مقرؤة ، الثالثة غير مقرؤة فعلاً وكذلك الحال فى صفحة 93 حيث لافتة عن موقف الباص غير مقرؤة ( لرداءة فرز الصور ) فى الدرس 28 من الكتاب نفسه فضل عن صيد السمك بالشص ، لكن الصورة لا تؤدى المعنى المطلوب وتكاد تكون الصورة فى صفحة 188 غير مفهومة قياساً إلى العنوان ( الشبكة والشص ) فنحن لا نرى شبكة ولا شصاً أما رسمة الدرس ( 32 ) فلا ترتبط بموضوعه ( عربة الإطفاء )
أمّا الصور والرسومات التوضيحية فتكاد لا تذكر ، باستثناء بعض الرسومات حول الزراعة ( ص144 الأول الإبتدائى ) والصلاة ــ فى نفس الكتاب ــ فإنك لن تجد رسماً توضيحياً واحداً يؤدى مثل هذه الخدمة ، لا بل إن هناك أخطاء فى توصيف الأشياء ففى صفحة 137 من الكتاب المذكور صورة لمجرفة كتب فوقها ( فأس ) وشتّان بينهما.
أمّا الصور ــ فى مجملها ــ فتعبّر عن مجتمع رعوى زراعى ، إنسجاماً مع موضوعات ومفردات الكتابين ، وهذا أمر يدعو للعجب ، فالإمارات مجتمع صناعى ( إستخراجى نفطى ) وتجارى ( سوق للإستيراد والتصدير والإستهلاك ) ويشكل هذان المحوران مصدر الدخل القومى ويعمل فيهما ثلاثة أرباع السكان تقريباً ومع ذلك لا تجد فى الكتابين ذكراً أو إشارة إلى ذلك ؛ باستثناء إشارة إلى جبل على فى كتاب الثالث الإبتدائى ( صفحة 112 ) ففى كتاب الأوّل الإبتدائى نقرأ فى صفحة 144 ( أبى يزرع الخضر ، الفجل ، والجزر والخس !! )
وفى صفحة 149 نقرأ ( فى مزرعتنا شجر سدر نأكل منه النبق ) وفى صفحة 154 نقرأ ( أبى مزارع ) وفى صفحة 161 نقرأ ( عند حسن مزرعة فيها بقر وجمال وغنم ودجاج وبيض ) وفى صفحة 160 نقرأ ( يحرث أبى ويزرع ) كما نقرأ ( يوماً فى مزرعة حديثة ) و ( فى سوق الخضر والفاكهة ــ ص 63 ) وتكاد الصور كلها تكون فى المزارع وعن المزارعين بينما لا نجد فى الكتابين صورة واحدة أو موضوعاً واحداً عن النفط وعمليات إستخراحه وأجهزة الحفر والضخ والتصدير والتقطير الخ
ولا تعبّر الصور والرسومات والمواضع عن مجتمع رعوى أو زراعى حديث ، يستخدم الآلات والجرارات ، وإنما تعبر عن مجتمع زراعى رعوى بدائى ما زال يلعب فيه ( الفأس ) دوراً أساسياً 000 وحتى الإشارة الوحيدة إلى صيد السمك ــ فى صفحة 182ــ تعانى من مثل ذلك الخلل ، حيث نرى صورة لثلاثة أشخاص فى قارب بدائى جداً بالكاد يتسع لهم.
ثم نحن لا نجد فى الكتابين أى تكريس لمفهوم المجتمع الصناعى ، بل تكاد تكون الصناعة غير مذكورة على الإطلاق ، ونجد بدلاً من ذلك تركيزاً على وسائل مواصلات غير مستخدمة فى الإمارات مثل القطار ( انظر صفحة 155 ) ــ كتاب الأول الإبتدائى ــ كما لا نجد تكريساً يذكر لقيم التعاون أو القيم ( الخدماتية ) التى تربط بين الناس ، فمّا يشير إلى أنّ الكتابين ــ أساساً ــ وصفاً لطلبة الأريان !!
أمّا مفهوم ( المواطنة ) فلا تظهر الاّ مظهرياً ــ شكلياً ــ ويرمز لها بالحشداشة ، أمّا المواطنة أو الواضية بالمفهوم النضالى ، القومى ، فلا نجدها فى كتاب الثالث الإبتدائى الاّ فى ثلاثة دروس من أصل 34 درساً وهناك تركيز لافت للنظر على القيم الدينية تتمثل فى آيات من سورة البقرة صفحة 55 ، من مكارم الأخلاق صفحة 68 ، من أخلاق الإمام على ص 90 ، آيات من سورة يونس صفحة 95 اللّه خالق كل شىء صفحة 102 ، اللّه صفحة 107 ، أمّا القيم المستمدة من ( التراث ) فقليلة ، وبعضها لا مسئول مثل نوادر جحا فى صفحة 85 حيث تحمل النادرة الأولى قيمة السعادة للتفريط بالحق الضائع تقول النادرة " ضاع حمار جحا فأخذ يبحث عنه وهو يقول : الحمد للّه ، الحمد للّه فسأله أحد الناس لماذا تحمد اللّه يا جحا ؟ فقال : لأننى لم أكن راكباً الحمار وإلا ضعت معه "
وقد إلتفت إلى هذا أحد رسّامى الكاريكاتير فى الدولة فاستبدل ــ فى الرسمة ــ الحمار بالأرض وكتب تعليقاً ساخراً أشار فيه إلى الكتاب المذكور ( كتاب الثالث الإبتدائى ) ــ الفنان محمد العكش من جريدة الفجر كما أشار إلى الموضوع نفسه أبو محمود فى الخليج ــ.
كذلك نحن لا نجد فى كتاب الثالث الإبتدائى أية إشارة إلى القيم الصحية ( التربية الصحية ) مثل النظافة وآدابها الخ رغم أهمية هذا الموضوع لطلبة فى مثل هذا السن ونجد بدلاً من ذلك تضارباً فى القيم الإجتماعية ، لا يخضع فى الغالب لتخطيط تربوى ، فبعض الموضوعات تدعوا إلى التكامل الإجتماعى بينما يستدل التلميذ من القصة المنشورة فى الصفحة السادسة عشر من النمّلة والصّرار ــ والتى ترفض فيها النملة مساعدة الصّرار ــ على قيمة تناقض ذلك تماماً وكذلك الحال بالنسبة لموضوع الغداء والتضحية فبعض الموضوعات تدعو إلى هذه القيم ( أعداؤنا إلى الأبد ص 133 وفتية من بلادى صفحة 166 ) بينما نجد قيمة ( التفريط ) بالحق من أجل السلامة الشخصية فى نادرة جحا ( صفحة 85 ).
ولو أردنا ترتيب القيم التى تحكم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، وفقاً لتكرارها لوجدنا ــ مثلاً ــ أن قيمة ( الظرف ) تسبق قيم العدالة والتواضع والشهامة وغيرها وكأن الكتاب يقول للتلاميذ أن يكونوا ( ظروفاً ) أولاً !!
أنّ مجمل القيم المجتمعية التى يتضمنها الكتابان ــ وبقدر أكبر كتاب الثالث الإبتدائى ــ تعكس القيم المعروفة للمجتمع الزراعى الرعوى ، وهذا مخالف للواقع ، ومن المؤكد أن التلميذ فى الإمارات سيشعر بالغربة فى هذا المجتمع الذى تصوّره الكتب ؛ والتى يظن المؤلفون فيها أنّ لكل تلميذ ( مزرعة ) وأن بإمكان كل تلميذ أن يشترى حقيبة مدرسية فاخرة ( سامسونايت ) وغير ذلك من أمور نجدها فى المواضع والصور.
ثم أنّ هذه القيم لا تخاطب التلميذ بما يساعده على رسم مستقبل جديد لوطنه ، يساير الركب ، بل عكست تصوّر المؤلفين للمجتمع الذى يخاطبونه ، وهو تصوّر خاطىء على أى حال.