بحث عن مواجهة الإدمان في برامج التنمية البشرية - بحث علمى عن مواجهة الإدمان في برامج التنمية البشرية
بقلم: د. سهير لطفي
رئيسة مجلس إدارة صندوق
مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي
علي الرغم من كثرة المؤتمرات والندوات والحوار والحديث حول قضايا التنمية البشرية إلا أننا في حاجة إلي العديد من اللقاءات بين الشركاء والأطراف المعنية بهذه القضية المهمة ذات الأبعاد الاستراتيجية وذلك في ظل تأكيد الصندوق علي تفعيل دور شركاء المواجهة في المشاركة في صنع القرار والسياسات الاجتماعية والبرامج الملائمة لتنمية المجتمع.
وإذا كنا اليوم في حاجة إلي قراءة تقرير التنمية البشرية لعام2003 لنؤكد أهمية دور المشاركة الشعبية في برامج التنمية علي مستوي محافظات مصر.. فإننا في حاجة لأن نقرأ تقرير التنمية البشرية2003 في إطار أهم التحديات الاجتماعية التي يأتي في مقدمتها تحدي جرائم المخدرات ومشكلة الإدمان والتعاطي وذلك إيمانا من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي برئاسة مجلس الوزراء.. الذي أتشرف برئاسته بالمشاركة في مواجهة التحديات والمشكلات الاجتماعية التي تعرقل جهود التنمية وعلي رأسها تحدي جرائم المخدرات ومشكلة التعاطي والإدمان.
وتشجيع الفكر الابداعي الذي يجب توظيفه بقوة في هذه المواجهة.
والاهتمام بدراسة الظواهر التي تمثل مرصدا أو إنذارا مبكرا لمشاكل المجتمع.
مع رسم رؤية مستقبلية لتنمية المجتمع من خلال مواجهة هذه التحديات التي تعوق مسيرة تنميته.
وفي هذا الإطار نؤكد أن مكانة الدولة لاتقاس بمواردها الطبيعية فقط وإنما تقاس بأنظمتها الاجتماعية والسياسية وبرامج التنمية البشرية بها.
كما تقاس بالوعي الخاص بضرورة مواجهة التحديات والأنماط السلبية التي تواجه السياسات الخاصة ببرامج التنمية.
وبأهمية وضع صياغة لأولويات مواجهة هذه التحديات مع الأخذ في الاعتبار أن احتياجات الفرد والمجتمع قد تمتد إلي ما وراء الخطط والبرامج المعتمدة علي المستوي المحلي والدولي.
واسمحوا لي من خلال سطور هذا المقال أن نناقش اليوم معا احدي الظواهر الملحة, التي تعرقل مسيرة التنمية في المجتمع المصري, وتستوجب تضافر الجهود لمواجهتها, ألا وهي جريمة المخدرات بروافدها الأخري من الجرائم المنظمة كغسل الأموال والإرهاب وظاهرة: تجريب وتعاطي وإدمان المخدرات بمشاكلها ومثالبها الاجتماعية والنفسية والطبية والاقتصادية.
فقد فرضت ظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات نفسها علي العالم, كواحدة من أخطر التحديات المعاصرة, التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات, وتقضي علي كيانها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي. وإذا كانت مشكلة التعاطي والإدمان في حقيقتها مشكلة عالمية متعددة الجوانب, فإن مظاهر خطرها قد تختلف من دولة إلي أخري, حيث تعاني بعض الدول مشكلة زراعة النباتات غير المشروعة, وتعاني مجموعة أخري الاتجار غير المشروع في المخدرات, وتواجه مجموعة ثالثة مخاطر التعاطي, وعبء معالجة المدمنين وإعادة تأهيلهم. ولكن تبقي حقيقة وهي أن الدول, متقدمة أو نامية, تواجه عدوا شرسا, يتعين عليها تعبئة الجهود, وشن حرب فعالة وحقيقية لمواجهته, سواء علي المستوي المحلي أو العالمي.
لقد شهدت ظاهرة المخدرات في الآونة الأخيرة العديد من المستجدات في مقدمتها ارتفاع معدلات انتشارها, مع اتساع تنوعها ما بين الأنواع المخلقة كيميائيا والمركبة صناعيا وما بين سوء استخدام الأدوية وخاصة أدوية الأمراض النفسية والعصبية, بحيث باتت ظاهرة علي جانب كبير من التعقيد والخطورة وبرزت معها الحاجة, دوليا ومحليا إلي بناء سياسات المواجهة بصورة أكثر حسما وفاعلية.. ولقد كانت مصر من أوائل الدول التي اصدرت سنة1928 تشريعا متكاملا لمواجهة المشكلة, وأنشأت سنة1929 أول إدارة لمكافحة المخدرات, ليمثل ذلك نقطة انطلاق لموجة من الاهتمام المصري بمواجهة هذا التحدي لم تتوقف بل استمر تدفقها حتي الآن.
وتكاد تجمع نتائج البحوث المعنية بظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات, والتي أجراها خبراء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان, علي أن الشباب من أكثر الفئات المستهدفة بظاهرة تعاطي المخدرات وذلك علي تنوع مستوياتهم التعليمية والاجتماعية والمهنية, وهو ما ترافق مع ظاهرة أخري أكثر خطرا وهي الانخفاض المستمر في بدء سن تعاطي واستخدام المواد المخدرة بين النشء والشباب والتي قد تصل في بعض الحالات إلي( تسع) سنوات لتمثل بداية السن التي يتعاطي فيها النشء المخدر.. وهو الأمر الذي ألهب حماس المواجهة لدي خبراء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي الذين استشعروا خطورة المشكلة فقاموا بإعداد خطة علمية للبحوث والمسوح والدراسات التطبيقية من أجل طرح حلول أكثر حسما للمشكلة, من خلال رسم صورة واضحة المعالم لأبعاد الظاهرة المختلفة ولقد تنوعت هذه البحوث, ما بين الدراسات التوثيقية حول الأبعاد الاجتماعية والصحية الخاصة بالمشكلة,
وإجراء مسوح اجتماعية وصحية حول ظاهرة التعاطي والإدمان, بهدف استطلاع حجم التعاطي, وانتشاره بين فئات المجتمع, والعوامل المؤثرة علي التعاطي, وإجراء دراسة حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع منشأ النباتات غير المشروعة, وطرح برنامج تنموي بديل لتنمية تلك المناطق.. ومن بين البحوث العلمية المتميزة بحث عن تاجر المخدرات والمجتمعات المستهدفة للتعاطي, وهو بحث يركز علي دور التاجر, في نشر خطر الإدمان ارتبط به بحث آخر حول أثر البانجو علي الصحة العامة, إضافة إلي بحوث أخري حول التعاطي والإدمان بين الشباب والعمال, بوصفهم قوي الانتاج الرئيسية.. وفي نفس الإطار اصدر الصندوق مجموعة من الأدلة الإرشادية المتنوعة ما بين دليل رجل القضاء ودليل للداعية الديني الإسلامي والمسيحي ودليل للاخصائي النفسي وآخر للطبيب البشري ومازالت الاصدارات تتوالي..
وكان للصندوق دور مهم في هذا المجال حيث تم وضع استراتيجية مستقبلية للصندوق بمشاركة جميع الأطراف المعنية
Stakeholders
في ضوء منظومة متكاملة للوقاية وعلاج الإدمان والتعاطي تبلور الرؤية المستقبلية ورسالة الصندوق
VisionandMission
حتي سنة2004
كما قام الصندوق بوضع برنامج عمل استراتيجي
StrategicActionPlansAP
يحدد الاهداف والبرامج ويحدد اولويات الصندوق ويوجه موارده نحو الاستخدام الامثل لتحقيق هذه الاستراتيجية.. كما تبني الصندوق سياسات فعالة لتوفير التناسق والتناغمSynergy بين مجهودات الاطراف المختلفة لتعظيم ناتج مجهودات هذه الاطراف.
وفي نفس الوقت حرص الصندوق علي برامج الوقاية المبكرة باعتبارها حجر الاساس في استراتيجية الصندوق, من خلال تنظيم مجموعة متكاملةPackage من البرامج الثقافية والرياضية والتربوية لتوعية فئات الشباب المستهدفة للإدمان بمشاركة المحافظات والجهات المختلفة.
واستحدث الصندوق مفهوم الخدمة المتكاملة
CallCenter
من خلال الخط الساخن
Hot-Line
كبرنامج متكامل للعلاج والارشاد الاسري تحت اشراف الصندوق وبالتنسيق مع مركز الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ووزارة الصحة متجسدة في مستشفي الصحة النفسية بمصر الجديدة من نوفمبر99 وحتي الان.. اضافة الي تقديم الدعم المالي ـ بناء علي توصيات اللجان الفنية المختصة ـ لبعض مؤسسات ومراكز ووحدات العلاج من الادمان.. والي جانب توفير الادوية والعقاقير اللازمة لبرامج العلاج لمركز الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ومستشفي الصحة النفسية بمصرالجديدة.
وفي النهاية نعرض ملامح برنامج المواجهة لعام2003 م الذي يتجسد في:
تكوين منتدي للأسرة للوقاية من الادمان في كل محافظات مصر علي مستوي امانة المرأة بالحزب الوطني, لجان المرأة بمراكز الشباب وقصور الثقافة والجمعيات الاهلية المهتمة بقضايا المرأة وفروع المجلس القومي للمرأة.
تشكيل مجموعات عمل من قصور الثقافة ومراكز الشباب والقيادات الطلابية في كل المحافظات من اجل اقامة مهرجانات(ثقافية ـ رياضية ـ فنية) تحت رعاية السادة المحافظين علي مدار الاجازة الصيفية.
اعداد برامج تدريبية للجمعيات الاهلية من اجل صقل مهارات العمل التطوعي ومهارات مواجهة الادمان والتعاطي علي مستوي محافظات مصر.
اعداد ورش عمل لدعم التواصل بين الداعية الاسلامي والمسيحي والقيادات الشبابية في تحديث الخطاب الديني وتوظيفه في مواجهة الادمان تحت رعاية الاستاذ الدكتور محمود زقزوق وزير الاوقاف.
استمرار البرامج التدريبية للسادة اعضاء النيابة في قضايا غسل الاموال وعلاقتها بالمخدرات والارهاب.
تنظيم دورات تدريبية نوعية للاطباء والصيادلة وهيئة التمريض في مجال الوقاية المبكرة والاكتشاف المبكر والعلاج.
تنظيم برنامج لندوات نوعية لمناقشة القضايا المهمة المطروحة في الساحة ذات الصلة القومية والعالمية بجريمة المخدرات ومشكلة الادمان مثل:
نحو ثقافة بديلة لمواجهة ثقافة المخدرات الزائفة قضايا الامن القومي والمخدرات كقضايا ذات ابعاد استراتيجية.
تكلفة جرائم المخدرات وتأثيرها علي تنمية القدرات البشرية. كما نسعي الي تأسيس منتدي للمتعافين من مرض الادمان وهو احد البرامج العلاجية الفاعلة التي تستخدم في استمرارية التعافي لتحقيق العديد من الاهداف التي تدفع العلاج خطوات نحو الامام وهي:
وضع استراتيجيات لتعديل سلوكيات واتجاهات المرضي نحو التعاطي والادمان.
برنامج عمل لدمج المرضي في المجتمع بطريقة تدريبية.
إكساب المرضي روح العمل التطوعي في مساعدة المرضي الجدد تحت اشراف المعالجين.
مساعدة المرضي في البعد عن المثيرات المحيطة في البيئة التي يعيشون فيها والتي تؤدي لانتكاساتهم من خلال قضاء معظم الوقت بين افراد اسوياء متعافين.
اكساب المرضي مهارات العمل الجماعي والتفاعل الاجتماعي من خلال العلاقات التي تتم
كما تسعي الي دعم المصحات علي مستوي محافظات مصر طبقا لاولويات الصندوق في التوجهات الاستراتيجية للدولة.
البدء في المرحلة الثانية لفروع الخط الساخن بمحافظات( الدقهلية ـ دمياط ـ قنا ـ السويس)
وفي الختام.. وفي اطار قراءة تقرير التنمية البشرية اطرح السؤال التالي:
هل هناك امكانية ان يتضمن تقرير التنمية البشرية لعام2004 م عرضا نقديا لتحدي المخدرات علي مستوي المحافظات لتقدير تكلفة جريمة المخدرات وكيفية المواجهة وتكلفة الوقاية والعلاج وكيفية المواجهة؟
وفي هذا الاطار بالنيابة عن الصندوق اقول ان الصندوق سيكون آلية لهذا الاقتراح حالة قبوله وخاصة ان برامج الصندوق الخاصة بالوقاية والعلاج علي مستوي المحافظات وتحت رعاية السادة المحافظين متواصلة ومتنوعة ومتجددة في اطار التنسيق بين الاطراف الحكومية وغير الحكومية في هذا الشأن.
42605 السنة 127-العدد 2003 يوليو 31 2 من جمادى الآخرة 1424 هـ الخميس
جريدة الاهرام
والاعتماد الذى تسببه يمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين هما : الاعتماد النفسي ، والاعتماد الجسدي أو العضوي.
أ- الاعتماد النفسي :
يتعلق الاعتماد النفسي بالشعور والأحاسيس ولا علاقة له بالجسد ، وهو تعود الشخص على الاستمرار فى تعاطي عقار ما ، لما يسببه من الشعور بالارتياح والإشباع دون أن يعتمد عليه فى استمرار حياته . وبتعبير آخر هو ظاهرة نفسية اعتاد فيها عقل الشخص وتكيف على تكرار أخذ الجرعة من العقار بصورة متصلة، لتحقيق الراحة واللذة والنشوة ولتجنيب الشعور بالقلق والتوتر . فالاعتياد على شيء يجعل الترابط متيناً مع هذا الشيء ، ويجعل الابتعاد عنه من الأمور الصعبة بل شبه مستحيلة أحياناً .
ويتصف الاعتماد النفسي ( أو التعود ) بشكل عام بالصفات الشاملة التالية :
1-وجود رغبة مستمرة فى أخذ جرعات دائمة من العقار لما يحدثه من راحة .
2- عدم وجود ظاهرة التحمل ، أى عدم وجود حاجة لزيادة الجرعة .
3- يحدث التعود على عقار معين اعتماداً نفسياً فقط ولا يحدث اعتماداً جسدياً .
ونذكر كمثال على ذلك المخدرات التى تسبب اعتماداً نفسياً : التبغ – الحشيش – القات – الكافئين – الكوكايين وهو أشدها تأثيراً .
ب- الاعتماد الجسدي :
هو ظاهرة اضطربت فيها الأعمال الوظيفية الطبيعية لجسم المدمن بسبب استمراره فى أخذ عقار مخدر ، بحيث أصبح تناول هذا العقار ، بشكل طبيعي دائم ضرورة ملحة لاستمرار حياة الإنسان المدمن وتوازنه بشكل طبيعي ، ويصبح العقار المخدر ضرورياً له كالطعام والشراب والماء ، بل أهم من ذلك ، بحيث يحدث منعه عنه مصاعب كبيرة جداً وأعراضاً خطيرة قد تدفعه إلى ارتكاب أية جريمة للحصول على العقار المخدر المنشود ، أو ربما يسبب له الوفاة المفاجئة أحياناً . ونذكر كمثال على المخدرات التى تسبب اعتماداً جسدياً : المنومات – الخمور – الهيروين وهو أشدها تأثيراً .
*****
ويظن بعض الأشخاص أن الاعتماد النفسي أمر قليل الأهمية ، أو أنه أقل أهمية من الاعتماد الجسدي . وربما يرجع ذلك الاعتقاد إلى ما يحدثه الاعتماد الجسدي من آلام وتشنجات وهياج وظواهر غير مألوفة ومضاعفات أخرى ( قد تؤدى إلى الموت أو الانتحار أحياناً ) عند المدمن إذا توقف فجأة ، ولسبب من الأسباب ، عن تناول جرعة المخدر المعتادة . ولكن رغم كل ذلك فإن ظاهرة الامتناع ، التى يسببها الاعتماد الجسدي ، ينتهي تأثيرها خلال أيام قليلة ، ويعود الجسم إلى طبيعته الأولى ، وينتهي الأمر كله خلال فترة زمنية محدودة ، ويمكن أن تمر المرحلة بسلام وهدوء إذا تم العلاج تحت إشراف أطباء متخصصين وبطرق فعالة.
أما الاعتماد النفسي فهو أمر آخر نستطيع أن نشبهه بمغناطيس قوي المفعول يجذب له الإنسان بشكل مستمر ولفترات زمنية طويلة قد تدوم مدى الحياة ، ولا يستطيع عادة أن يسيطر على تلك العوامل النفسية القوية إلا رجال قليلون يتمتعون بإرادة قوية . وحسبنا مثالاً على ذلك أن مدمن المخدرات ، سواء أكان منها الحشيش أو الهيروين أو غيرها ، عندما يخرج من السجن أو المستشفى بعد فترة طويلة ، غالباً ما يتجه مباشرة إلى تاجر المخدرات قبل ذهابه إلى منزله ، أو أنه يعود إلى تعاطي المخدر بعد عدة أيام ، أو بمجرد مجالسته لأصدقائه القدامى.
من مجلة النفس المطمئنة .. الجمعية العالمية الاسلامية للصحة النفسية .. د.جمال ماضى أبو