بحث عن الجوده الشامله وأسواق العمل - بحث تعليمى فى الجودة الشاملة
مقدمة
إن التحديات العالمية المعاصرة تحتم على المنظمات الاقتصادية انتهاج الأسلوب العلمي الواعي في مواجهة هذه التحديات واستثمار الطاقات الإنسانية الفاعلة في ترصين الأداء التشغيلي والبيعي بمرونة أكثر كفاءة وفاعلية، ومن أكثر الجوانب الإدارية الهادفة إدارة الجودة الشاملة ، التي أصبحت الآن وبفضل الكم الهائل في المعلومات وتقنيات الاتصال سمة مميزة لمعطيات الفكر الإنساني الحديث وهذا ما يمكن ملاحظته في المؤسسات الصناعية والهيئات والمنظمات بشكل عام .
أما في المجال التربوي فإن القائمين عليه يسعون من خلال تطبيق إدارة الجودة الشاملة إلى إحداث تطوير نوعي لدورة العمل في المدارس بما يتلاءم مع والمستجدات التربوية والتعليمية والإدارية ، ويواكب التطورات الساعية لتحقيق التميز في كافة العمليات التي تقوم بها المؤسسة التربوية .
مفهوم الجودة
أولا ـ المفهوم من منظور إسلامي : قال تعالى ( الذي خلق الموت والحياة أيكم أحسن عملا ) 2 تبارك .
وقال تعالى في سورة يوسف عليه السلام عندما اصطفاه طلب الملك منه أن يوليه خزائن مصر لأنه أدرى وأقدر على إجادة عمله ، وعبر عن ذلك بصفتي الحفظ والعلم كأساس لنجاح عمله وسبب جودته وإتقانه ( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) 55 يوسف . كما أورد سبحانه وتعالى في آية أخرى أهمية التحلي بصفتي القوة والأمانة فقال تعالى ( قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) . ويلاحظ أن مفهوم هاتين الصفتين يدور حول محاسن العمل وإتقانه . وقال عليه الصلاة وأتم التسليم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " والإتقان يعنى الجودة في أكمل صورها .
المفهوم الاصطلاحي لإدارة الجودة الشاملة :
لم يكن ثمة تعريف محدد لمفهوم إدارة الجودة الشاملة ، ودلالات الكلمات المكونة لهذا المفهوم تعني الآتي : ـ
الإدارة : هي القدرة على التأثير في الآخرين لبلوغ الأهداف المرغوبة .
الجودة : تعني الوفاء بمتطلبات المستفيد وتجاوزها .
الشاملة : تعني البحث عن الجودة في كل جانب من جوانب العمل ، ابتداء من التعرف على احتياجات المستفيد وانتهاء بتقويم رضا المستفيد .
وإدارة الجود الشاملة تعني في مجملها " أنها نظام يتضمن مجموعة من الفلسفات الفكرية المتكاملة والأدوات الإحصائية والعمليات الإدارية المستخدمة لتحقيق الأهداف ، ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء ، وذلك من خلال التحسين المستمر للمؤسسة وبمشاركة فعَّالة من الجميع من أجل منفعة الشركة والتطوير الذاتي لموظفيها، وبالتالي تحسين نوعية الحياة في المجتمع .
ويشير جابلونسكي إلى أن مفهوم إدارة الجودة الشاملة كغيره من المفاهيم الإدارية التي تتباين بشأنه المفاهيم والأفكار وفقاً لزاوية النظر من قبل هذا الباحث أو ذاك إلا أن هذا التباين الشكلي في المفاهيم يكاد يكون متماثلاً في المضامين الهادفة إذ إنه يتمحور حول الهدف الذي تسعى لتحقيقه المنظمة والذي يتمثل بالمستهلك من خلال تفاعل كافة الأطراف الفاعلة فيها .
الثقافة التنظيمية المدرسية :إن الثقافة التنظيمية المدرسية تخضع أساساً لعاملين أساسيين وهما :
1 ـ الثقافة العامة للمجتمع .
2 ـالفلسفة التربوية التي ينبع عنها الأهداف التربوية المقررة من قبل السلطات العليا .
وقد أكد باول هكمان أن الثقافة المدرسية تكمن في المعتقدات التي يحملها المعلمون والطلاب والمديرون .
وعرفها العالمان ديل وبيترسون بأنها نماذج عميقة من القيم والمعتقدات والتقاليد التي تشكلت خلال تاريخ المدرسة .
ويمكن تلخيص مفهوم إدارة الجودة الشاملة من وجهة نظر ريتشارد وليامز كما يلي:
أنها أسلوب قيادي ينشئ فلسفة تنظيمية تساعد على تحقيق أعلى درجة ممكنة لجودة السلع والخدمات وتسعى إلى إدماج فلسفتها ببنية المنظمة، وأن نجاحها يتوقف على قناعة أفراد المنظمة بمبادئها. وإن مبادئها تضيف بالفعل قيمة وجودة للمنظمة وقد أثبتت مبادئها نجاحاً مستمراً لأنها تسعى وبصورة مستمرة إلى تحقيق رضا العميل الداخلي والخارجي من خلال دمج الأدوات والتقنيات والتدريب الذي يؤدي إلى خدمات ومنتجات عالية الجودة.
ويشير جابلونسكي إلى أن مفهوم إدارة الجودة الشاملة كغيره من المفاهيم الإدارية التي تتباين بشأنه المفاهيم والأفكار وفقاً لزاوية النظر من قبل هذا الباحث أو ذاك إلا أن هذا التباين الشكلي في المفاهيم يكاد يكون متماثلاً في المضامين الهادفة إذا أنه يتمحور حول الهدف الذي تسعى لتحقيقه المنظمة والذي يتمثل بالمستهلك من خلال تفاعل كافة الأطراف الفاعلة في المنظمة. إن إدارة الجودة الشاملة تعني الإسهام الفعال للنظام الإداري والتنظيمي بكافة عناصره في تحقيق الكفاءة الاستثمارية للموارد المتاحة من مادة أولية ومعدات وقوى بشرية ومعلوماتية وإدارة وإستراتيجية ومعايير ومواصفات .. ألخ، بحيث تسهم جميعاً في السعي لتحقيق هدف المنظمة الذي يتركز في تحقيق الإشباع الأمثل للمستهلك الأخير من خلال تقديم السلع والخدمات بالمواصفات القياسية ذات النوعية الجيدة والسعر الذي يتلائم مع قدراته الشرائية.
ويمكن التعبير عن هذه النظرة الشمولية بالشكل التالي كما يقترحه جابلونسكي:
النظرة الشمولية لكل الأطراف في تحقيق أهداف المنظمة
حقيقة الجودة الشاملة
إن تحويل فلسفة الجودة الشاملة إلى حقيقة في مؤسسة ما ، يجب ألا تبقى هذه الفلسفة مجرد نظرية دون تطبيق عملي ، ولذلك بمجرد استيعاب المفهوم ، يجب أن يصبح جزءا وحلقة في عملية الإدارة التنفيذية من أسفل الهرم إلى القمة ، وهذا ما يعرف بإدارة الجودة الشاملة ، وهي عملية مكونة من مراحل محددة بشكل جيد ، وتحتاج إلي متسع من الزمن لتحقيقها ، حتى تصبح مألوفة للمؤسسة التي تتبناها ، ويتم تنفيذها باستمرار .
الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية التعليمية :
يقصد بإدارة الجود الشاملة في المجال التربوي التعليمي : أداء العمل بأسلوب صحيح متقن وفق مجموعة من المعايير التربوية الضرورية لرفع مستوى جودة المنتج التعليمي بأقل جهد وكلفة محققا الأهداف التربوية التعليمية ، وأهداف المجتمع وسد حاجة سوق العمل من الكوادر المؤهلة علميا .
ويعرف ( رودز ) الجودة الشاملة في التربية بأنها عملية إدارية ترتكز على مجموعة من القيم وتستمد طاقة حركتها من المعلومات التي توظف مواهب العاملين وتستثمر قدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي لضمان تحقيق التحسن المستمر للمؤسسة .
ويعرفها أحمد درياس بأنها " أسلوب تطوير شامل ومستمر في الأداء يشمل كافة مجالات العمل التعليمي، فهي عملية إدارية تحقق أهداف كل من سوق العمل والطلاب ، أي أنها تشمل جميع وظائف ونشاطات المؤسسة التعليمية ليس فقط في إنتاج الخدمة ولكن في توصيلها ، الأمر الذي ينطوي حتما على تحقيق رضا الطلاب وزيادة ثقتهم ،وتحسين مركز المؤسسة التعليمية محليا وعالميا .
ويعرفها رودس : أنها عملية إستراتيجية إدارية ترتكز على مجموعة من القيم وتستمد طاقة حركتها من المعلومات التي نتمكن في إطارها من توظيف مواهب العاملين واستثمار قدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي لتحقيق التحسن المستمر للمنظمة.
ومن التعاريف السابقة نستنتج أنه من الضروري بمكان تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية ، ومشاركة جميع الجهات والإدارات والأفراد في العمل كفريق واحد ، والعمل في اتجاه واحد وهو تطبيق معايير إدارة الجودة الشاملة في النظام التربوي التعليمي ، وتقويم مدى تحقيق الأهداف ، ومراجعة الخطوات التنفيذية التي يتم توظيفها .
ويعتبر إدوارد ديمنج رائد فكرة الجودة الشاملة حيث طور أربعة عشر نقطة توضح ما يلزم لإيجاد وتطوير ثقافة الجودة ، وتسمى هذه النقاط " جوهر الجودة في التعليم " وتتلخص فيما يلي:
1 ـ إيجاد التناسق بين الأهداف .
2 ـ تبني فلسفة الجودة الشاملة .
3 ـ تقليل الحاجة للتفتيش .
4 ـ أنجاز الأعمال المدرسية بطرق جديدة .
5 ـ تحسين الجودة ، الإنتاجية ، خفض التكاليف .
6 ـ التعليم مدى الحياة .
7 ـ القيادة في التعليم .
8 ـ التخلص من الخوف .
9 ـ إزالة معوقات النجاح .
10 ـ خلق ثقافة الجودة .
11 ـ تحسين العمليات .
12 ـ مساعدة الطلاب على النجاح .
13 ـ الالتزام .
14 ـ المسئولية .
وحتى يكون للجودة الشاملة وجود في مجال التطبيق الفعلي لا بد من توافر خمسة ملامح أو صفات للتنظيم الناجح لإدارة الجودة الشاملة :
1 ـ حشد جميع العاملين داخل المؤسسة بحيث يدفع كل منهم بجهده تجاه الأهداف الاستراتيجية كل فيما يخصه.
2 ـ الفهم المتطور والمتكامل للصورة العامة ، وخاصة بالنسبة لأسس الجودة الموجهة لإرضاء متطلبات "العميل" والمنصبة على جودة العمليات والإجراءات .
3 ـ قيام المؤسسة على فهم العمل الجماعي .
4 ـ التخطيط لأهداف لها صفة التحدي القوي ، والتي تلزم المؤسسة وأفرادها بارتقاء ملحوظ في نتائج جودة الأداء .
5 ـ الإدارة اليومية المنظمة للمؤسسة من خلال استخدام أدوات مؤثرة وفعالة لقياس القدرة على استرجاع المعلومات والبيانات ( التغذية الراجعة )
متطلبات الجودة
إن النظام التعليمي بحاجة إلى ثورة عميقة تزود المدارس بالإمكانات والأساليب والمناهج ، وطرق التقويم المناسبة لإعداد الطالب لكي يعيش بشكل صحيح في المجتمع العالمي ، لذا فإن إصلاح التعليم يتطلب المشاركة المجتمعية بتكاتف مؤسسات الدولة ، ومؤسسات المجتمع المدني ليكون لديهم دور أساسي في الإصلاح المنشود لصالح العملية التعليمية .
ولتحقيق الجودة الشاملة في التعليم ، لا بد من تطوير جميع العناصر المتضمنة في العملية التعليمية ، والتي من أهدافها تحقيق النمو الشامل للطالب ، وتمتعه بشخصية متوازنة ، ،وظهور حركة تنموية وسط التيار الثقافي السريع ، ويرجع مفهوم الجودة الشاملة إلى تحسين مدخلات العملية التعليمية بوجه عام بما تتضمنه من معلم ومتعلم وإدارة مدرسية ، ومبنى مدرسي ، ومناخ عام داخل المدرسة ، وتحسين العمليات التعليمية بتطبيق الأسس العلمية في تخطيط وتنفيذ المنظومة التعليمية على ضوء أهداف تربوية محددة يمكن قياسها .
وعند استعراض مبادئ الجودة الشاملة وجدت الباحثة تداخلها بصورة واضحة مع متطلباتها ذلك أن كل مبدأ له متطلب أو أكثر من متطلب،لذى استقرت الباحثة على أكثرها تكرراً في أدبيات الدراسة وهي كالتالي .
1-الاقتناع بتطبيق الجودة:
بأن يكون لدى إدارة التعليم والعاملين فيها قناعة بتطبيق الجودة ليكون هناك حافز داخلي يساعد على تحقيق ممارسات الجودة داخل المؤسسة.والموافقة على التحول من النمط التقليدي إلى تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مدارس التعليم العام في المملكة العربية السعودية وتوفير كافة متطلباتها سواء كانت تنظيمية أم مادية أم بشرية. بدون هذه القناعة لن يكون هناك جودة بل ستكون الإدارة أول عائق لتحقيق الجودة؛ فالاعتقاد بصلاحية الجودة يورث الإيمان بها ،والإيمان هو الركيزة لأداء العمل فقد قال تعالى : • (العصر 1-3)
2-نشر ثقافة الجودة :
وهي تزويد العاملين في المدرسة بمعلومات إيجابية وصريحة عن الجودة ، بهدف إشعارهم بأنهم ينتمون ويتبنون الاتجاه الجديد في المدرسة ؛ والتخطيط للجودة ، ووضع سجلات الجودة، والمراجعة الداخلية للجودة .وذلك من منطلق أن الجودة وتحسين العمل مسؤولية الجميع لقوله : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيتهم) (103) .
فتطبيق الجودة على الوجه السليم يتطلب تهيئة العاملين نفسياً بمختلف مستوياتهم الوظيفية لقبول إدارة الجودة ؛من خلال نشر ثقافة الجودة عن طريق إعداد دليل نظام الجودة الذي يتضمن وصف مبادئ الجودة ، ومعايير الجودة وكيفية تطبيقها ، ويتم توزيعه على العملين في المدرسة ، وتنظيم ندوات ومؤتمرات بصفة دورية لزيادة وعي العاملين بأهمية الجودة في العملية التعليمية وإعداد النشرات التعريفية بإدارة الجودة الشاملة وعمل ورش عمل تعتمد على المناقشة والإجابة على الأسئلة الخاصة بموضوع الجودة وكيفية تطبيقه.وإعلامهم بأن الاهتمام بالجودة مسئولية الجميع لكي يقلل من مقاومة العاملين لتطبيق الجودة الشاملة في المدارس.
3-التركيز على العمل الجماعي وتشكيل فرق العمل :
وهي تشكيل فرق عمل في المدرسة تضم كل واحدة منها مابين 4-8 من العاملين الذين تتوافر لديهم الرغبة في العمل الجماعي والتفاعل والاستعداد لبذل جهود لتحسين الجودة في المدرسة من خلال تحليل عمليات العمل ، والتعرف على المشكلات والتعاون في إيجاد الحلول المناسبة لها ، وتحديد الأولويات الخاصة بتحسين الجودة في المدرسة . لقوله تعالى :â ¢ (#qçRur$yès?ur ’n?tã ÎhŽÉ9ø9$# 3“uqø)*G9$#ur ( Ÿwur (#qçRur$yès? ’n?tã ÉOøOM}$# Èb¨urô‰ãèø9$#ur 4 (#qà)¨?$#ur ©!$# ( ¨bÎ) ©!$# ߉ƒÏ‰x© É>$s)Ïèø9$# ÇËÈ á (المائدة ، 2) ،وفي الحديث حث الرسول على التعاون والعمل الجماعي : عن أبي موسى الأشعري t قال : قال رسول الله r : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ثم شبك بين أصابعه )
وقد تنوعت أنواع فرق العمل في المؤسسات منها فرق العمل ذات المهمات الخاصة، وحلقات الجودة ، وفرق تحسين الجودة، وفرق العمل الإداري . ويعود العمل الجماعي وفرق العمل على العمل بفوائد عديدة أهمها أنه يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات التعليمية ، ويزيد من فعالية المشاركة ، والحد من التنافس والصراع غير الإيجابي بين العاملين ، ويؤدي إلى زيادة فاعلية القرارات والارتقاء بنوعيتها ،ويعمل على إشباع احتياجات العملين ورفع روحهم المعنوية .ولكي تحقق فرق العمل الجودة الشاملة لا بد أن يكون عملها موجه بالأهداف والاستراتيجيات العامة للمدرسة ، وأن يتم اختيار أعضائها من العاملين الذين يتوفر لديهم إحساس مشترك وواضح الاتجاه والهدف سورة (القصص 26) .