سيكون عام 2017 الحاليّ مثيرًا بلا أدنى شك على الصعيد التقنيّ عمومًا والهواتف الذكية خصوصًا، وحتى الآن، ومع انقضاء أول أسبوعين من العام الجديد، حصل العديد من الأحداث والإعلانات التقنية الهامة، بدءًا من معرض التقنيات الاستهلاكية CES 2017 مرورًا ببعض الإعلانات والأخبار الأخرى. في هذا الجدول المزدحم، يبرز إعلان نوكيا عودتها لسوق الهواتف الذكية عبر هاتف Nokia 6 كواحدٍ من أبرز الأحداث التقنية التي حازت على اهتمام المتابعين، أكثر من أيّ حدثٍ آخر. هل البدء بهاتفٍ من الفئة المتوسطة هو أفضل خيار بالنسبة لنوكيا؟
بدايةً يجب القول أن الاهتمام الكبير الذي حصلت عليه نوكيا له الكثير من المبررات، أهمها الاسم الكبير والعملاق للشركة الفنلندية التي لعبت دورًا كبيرًا في وصول الهواتف الذكية للشكل الذي نعرفه اليوم، فضلًا عن هيمنتها على سوق الهواتف لفترةٍ طويلة حتى ظهور هواتف آبل ومن ثم هواتف أندرويد. من ناحيةٍ أخرى، يجد الكثير من الأشخاص أن نوكيا كانت ضحية “مؤامرة” من مايكروسوفت، حيث قامت الأخيرة بالاستحواذ على منشآت تصنيع الهواتف الذكية الخاصة بنوكيا ومنعها من استخدام علامتها التجارية حتى عام 2016. هذه الأمور جعلت الكثير من الأشخاص يتعاطفون مع الشركة الفنلندية، ويتمنون وجودها مع الأخذ بعين الاعتبار دورها البارز في طرح العديد من التقنيات الرائدة، مثل طرح تقنية الشحن اللاسلكيّ للهواتف الذكية قبل أي شركةٍ أخرى.
هاتف Lumia 820 – أول هاتف ذكي يدعم تقنية الشحن اللاسلكيّ
الآن ما تمناه الكثيرون أصبح حقيقة، وعادت الشركة لتنافس في سوق الهواتف الذكية، وأصبح النقاش مختلفًا تمامًا، حيث سيكون التركيز على قدرة الشركة على اكتساح سوقٍ تحتدم فيه المنافسة الآن بشكلٍ أشرس من أيّ وقتٍ مضى، فما بين سامسونج وآبل وهواوي، والشركات الصينية المنافسة، بالإضافة لشركات إل جي وسوني وإتش تي سي، لا يبدو أن المنافسة ستكون سهلة على الإطلاق.
على افتراض أن هواتف الجديدة نوكيا ستتضمن جودة التصنيع الممتازة التي لطالما تميزت بها، أعتقد أن الشركة تمتلك فرصة كبيرة لتحقيق عودةٍ قوية، وذلك اعتمادًا على اسم العلامة التجارية الخاص بها (بالإضافة لجودة الهواتف نفسها بالطبع). سيكون هذا العامل مقنعًا أكثر من أي شيءٍ آخر، وبنظرةٍ سريعة على قائمة موقع GSMarena لأكثر الهواتف بحثًا في الوقت الحاليّ، سنجد أن هاتف Nokia 6 قد اعتلى صدارة التصنيف منذ أن تم إطلاقه، على الرّغم من أنه ليس هاتف رائد، أو حتى من أعلى الفئة المتوسطة. بالإضافة إلى ذلك، احتل هاتف Nokia 8 المركز الخامس، رغم أن الهاتف لم يصدر بعد، وكل الأخبار المتعلقة به هي إشاعات وتسريبات! من ناحيةٍ أخرى أجد أن البدء بالسوق الصينية خيارٌ ممتاز، وذلك عندما نأخذ بعين الاعتبار أن الهدف هو اكتساب شريحة مُستخدمين كبيرة مع تحقيق مدخول سريع للشركة، وهذا يجب أن يتم عبر عاملين: هاتف بمواصفاتٍ جيدة وسعرٍ مقبول، بالإضافة لاسم وشهرة نوكيا نفسها. لو قامت نوكيا بإطلاق هاتفٍ رائد، لكانت ستحرق كل أوراقها منذ البداية، فضلًا عن أن طرح هاتفٍ رائد مرتفع الثمن في ظل المنافسة الحالية قد يكون انتحارًا مبكرًا إن لم يتمكن الهاتف من تحقيق النّجاح المطلوب، بينما تقديم هاتف يناسب شريحة كبيرة من المستخدمين – وهي أحد استراتيجيات نوكيا سابقًا – سيؤمن انتشارًا أكبر لاسم الشركة، وستكون الخسائر مقبولة في حال فشل الهاتف.
هنالك نقطة هامة يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي مدى تطور الهواتف الذكية وقدرة الشركات على تطويرها، فنوكيا كانت خارج اللعبة لحوالي 3 سنوات، وخلال هذا الوقت تطورت الشركات الأخرى بشكلٍ كبير وطورت الكثير من التقنيات والخبرات. ما أقصده بهذه النقطة هو عدم اقتناعي بقدرة نوكيا في الوقت الحاليّ على تقديم هاتفٍ رائد بأعلى مواصفات وأفضل أداء وأفضل جودة تصنيع، بحيث يقدم أداءً مماثلًا – أو أفضل كما يأمل البعض – للهواتف الرائدة الأخرى من سامسونج وآبل وهواوي وغيرها. أعتقد أن الشركة قادرة على تقديم شيءٍ مميز، ولكن من ناحية الأداء قد يتطلب الأمر بعض الوقت حتى “تنضج” الشركة من جديد وتتمكن من تقديم الأقوى في السوق.
بالنسبة لكم، هل تعتقدون أن نوكيا ستكون قادرة على المنافسة في ظل المنافسة الحالية بسوق الهواتف الذكية عمومًا وسوق أندرويد خصوصًا؟ هل البدء بهواتفٍ للفئة المتوسطة هو أفضل خيار، أم أن العودة يجب أن تبدأ بشكلٍ قويّ مع هاتفٍ رائد بأقوى عتادٍ ومواصفاتٍ متوفرين؟ شاركونا رأيكم ضمن التعليقات.