ما هي قصة المُساعدات الرقمية ضمن الهواتف الذكية؟ نعم أود أن أبدأ المقال بدون أي مُقدمات أو عباراتٍ تشويقية: أريد الدخول بصلب الموضوع مباشرةً وأن أشارككم ما أفكر به منذ فترةٍ ليست بقصيرة حول الهوس المُرافق للمساعدات الشخصية الذكية، أو بالأحرى الجدوى المُرتبطة بهذه التّقنية الصاعدة.
لو أردت التوضيح قليلًا، فإني أتحدث هنا عن برمجياتٍ مثل Google Assistant على هواتف أندرويد أو سيري على هواتف أيفون أو كورتانا على الأجهزة العاملة على نظام تشغيل ويندوز. طبعًا القائمة لا تقتصر على هذه الأمثلة، بل تطول جدًا لتضم الكثير من الشركات، ولكني لنبقي الأمثلة محصورة بما سبق، لأن الفكرة بالنتيجة واحدة. بالعودة قليلًا بالزمن للوراء، فإنه يمكن القول أن آبل هي أول من أطلق مساعد رقميّ ضمن الهواتف الذكية عبر “سيري” في هواتف أيفون عام 2011. لست مُتأكد تمامًا إن كان هنالك شركات أخرى قد سبقت آبل لهذه الفكرة، ولكن من المنصف القول أن الاهتمام بهذا المسار التقنيّ تنامى بشكلٍ كبير بعد الكشف عن سيري. ما بدأته آبل استمرت به جوجل عام 2012 عبر Google Now ومن ثم دخلت مايكروسوفت على الخط عبر كورتانا في 2014 وأخيرًا بدأنا نلحظ تطورًا من نوعٍ آخر عبر إطلاق مُساعداتٍ رقمية ذكية مُنفصلة مثل Amazon Alexa أو Google Home، وهي عبارة عن أجهزة تُنفذ مهام مختلفة تبعًا للأوامر الصوتية الخاصة بالمستخدمين (يتداخل هذا الموضوع مع مساراتٍ تقنية أخرى مثل إنترنت الأشياء Internet of Things، ومدى تطور أنظمة الاتصالات اللاسلكية). لست هنا بصدد مناقشة دقة التعرف على الأوامر الصوتية أو حتى مدى تطور خورازميات التعرف واتخاذ القرار بهذه البرمجيات، فهذا شأنٌ آخر خارج نطاق هدف هذا المقال.
جهاز Google Home هو أحدث شكل للمساعدات الشخصية الذكية، من حيث ربطه للعديد من الخدمات والأجهزة ضمن المنزل وإمكانية الوصول إليها والتحكم بها عبر الأوامر الصوتية فقط.
الفكرة الأساسية من المساعدات الشخصية الذكية IPA هي اختصار الوقت اللازم لتنفيذ المهام المُختلفة عبر التحكم الصوتيّ، فضلًا عن ربط الكثير من التطبيقات والأجهزة المختلفة وتحسين الوصول إليها من المُساعد الشخصيّ نفسه. بحالة الهواتف الذكية، فإنه يمكن عبر المساعدات الشخصية التحكم – تقريبًا – بكامل الهاتف الذكيّ وتطبيقاته، من إرسال الرسائل أو بدء مكالمة أو التقاط صورة أو البحث عن معلومة وغيرها الكثير. أبسط سيناريو هو معرفة الطقس: بدلًا من فتح تطبيق الطقس لمشاهدة حالة اليوم وتوقع الأيام المقبلة، يمكنك أن تسأل Google Assistant بشكلٍ مباشر، وستحصل على النتيجة على شكل بطاقاتٍ مرتبة تظهر حالة الطقس اليوم مع توقعات الأيام المقبلة. النتيجة الواحدة، ولكن ما اختلف هو طريقة الوصول إليها.
الآن لو أخذت نفسي كمثال، فإن تجربتي مع هذه المساعدات الشخصية ترتبط بكورتانا على حاسبيّ الشخصي، بالإضافة لـ Google Assistant على هاتفي الذكيّ (ومن قبله Google Now). يمكنني القول وبكل ثقة أني لم أستفد من هذه الخدمات إلا فيما ندر، والسبب ببساطة أني لم أجد بها أي فائدة مُضافة. هذه المساعدات ستقوم بمهام أستطيع نفسي القيام بها خلال وقتٍ قصير، والهامش الزمنيّ الذي ستوفره لا يتجاوز الثواني، فأين الفائدة إذًا؟ (لأكون صريح، غالبًا ما أستخدم مساعد جوجل الذكيّ بهدف التسلية، ومراقبة لأي حد سيتم فهم سياق الحديث والأسئلة التي أوجهها ومدى ذكاء المساعد نفسه).
أستطيع أن أفكر بسيناريو مُختلف، وهو إعاقة جسدية معينة تمنع الشخص من استخدام يديه، بهذه الحالة سيكون التحكم بالهاتف أو الحاسوب عبر الأوامر الصوتية أمرًا رائعًا لا بل إضافة مذهلة تساهم بتحقيق المزيد من التشارك بين البشر وتلغي الكثير من الحواجز. فعليًا، الأمر لا يتعلق بمثل هكذا سيناريوهات، فالشركات أصبحت تروج للمساعدات الشخصية على أنها أحد أقوى نقاط القوة في هواتفها وأجهزتها، والمساعد الشخصيّ Bixby المرافق لهواتف Galaxy S8 الأخيرة هو خير دليل على ذلك، من حيث الضخ الإعلاميّ والتسويقيّ الذي بذلته سامسونج لعرض مساعدها الجديد على أنه أحد أبرز مقومات الهاتف الجديد، الذي يمتلك بنفس الوقت Google Assistant من جوجل!
خلاصة كلامي هنا هو أني لم أجد أي فائدة حقيقية من المساعدات الشخصية الذكية، وعلى الرغم من محاولتي المستمرة الاعتماد عليها والبحث عن الفائدة، إلا أني بصراحة أعود وأجد أنها نوع من أنواع “الصرعات” التي لم تقدم أي شيء يحسن من إنتاجيتي على العمل، أو يوفر بالفعل وقتًا ثمينًا عبر استخدام الأوامر الصوتية بدلًا من الكتابة واللمس. شخصيًا، أجد أن تطوير تقنية تصنيع البطاريات – كمثال – بما يضمن تحسين كفائتها وجودتها وقدرتها على العمل لمدةٍ أطول، أهم وأفضل وأكثر فائدة من تطوير برمجياتٍ لم تقدم سوى شكل آخر – لا نحتاجه بالغالب – للتواصل مع الأجهزة الذكية من حولنا.
قد أبدو للبعض شخصًا تقليديًا، وقد أكون كذلك بالفعل! ولكني لست هنا للحديث عن نفسي، بل لطرح موضوع تقنيّ مُتطور ومتسارع بشكلٍ كبير مع مرور الوقت، وأود النقاش معكم ومعرفة رأيكم حوله، فقد أكون مخطئًا، أو لم أعرف كيف أستغل هذه البرمجيات بما يساعدني على إنجاز المهمات بشكلٍ أفضل من ذي قبل.
هل تجدون فائدة من المساعدات الشخصية الذكية؟ هل تستخدمونها بشكلٍ يوميّ ضمن هواتفكم الذكية؟ أم أنها مجرد صرعة تسويقية أخرى؟ شاركونا رأيكم وخبرتكم ضمن التعليقات.