تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

شاطر
 

 بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:50

نقدم لزوارنا الأعزاء ملف خاص عن الصومال لتتكشف الحقائق عنها ولنزيل الغموض، جمعت مادة الملف بمعرفة إدارة التحرير بموقع " الشرقية أون لاين " من عدد من مواقع الشبكة الدولية سائلين المولى عزوجل أن ينفع به الإسلام والمسلمين .
مقدمة
عادت الصومال إلى الأضواء مرة أخرى في الفترة الأخيرة .. فلا يكاد يمر يوم دونما خبر عن الصومال .. فضلا عن صفحات الجرائد التي يندر أن تخلُ من كلمة "الصومال" .. والتي ارتبطت هذه الأيام بالمحاكم الشرعية ..
المحاكم الشرعية قاتلت -ولا تزال- أمراء الحرب من جهة وأثيوبيا من جهة أخرى وكلاهما يلقون دعما أو تحريضا من الولايات المتحدة التي تخشى من التدخل المباشر نتيجة تجربتها المريرة هناك، ولكنها تطالب بالقضاء على الإرهابيين الذين تحميهم المحاكم وميليشياتها من خلال هؤلاء وهؤلاء ..
أما المحاكم الشرعية فقد ازداد نفوذها في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق .. والولايات المتحدة تتخوف من النفوذ الإسلامي، ومن أن تتحول المحاكم الشرعية وميليشياتها إلى طالبان أخرى .. فتكيل الاتهامات للمحاكم الشرعية بإيواء عناصر إرهابية من القاعدة .
ومن هناك أفضل من أمراء الحرب للقضاء على الإسلاميين .. أمراء الحرب الذين قتلوا المارينز في مقديشيو .. فليكون إذا أمراء الحرب تحالفا ضد الإرهاب .. ومن خلفهم أثيوبيا إن فشلوا لتكون اللاعب الاحتياطي لمهاجمة الإرهاب في صورة المحاكم الشرعية .. ومن يدعم الحرب ضد الإرهاب غير واشنطن .. تصطدم المحاكم الشرعية بميليشيات أمراء الحرب .. وتأتي الرياح بما لا يشتهي "الواشنطنيون"..
وينقلب السحر على الساحر وتسيطر المحاكم الشرعية على العاصمة مقديشيو .. يفر الجنرالات .. الولايات المتحدة لا تزال تتوعد وتتوجس خيفة .. الأمم المتحدة تتخوف من تجدد القتال .. وتشتعل الأمور بين الجارتين أثيوبيا والصومال إلى الحد الذي يتوقع معه المراقبون اندلاع الحرب بينهما 
ويظل الصومال بلد آخر يحترق بلظى الحرب التي تزكيها المصالح من هنا وهناك .. ولا يزال العرب لا يدرون شيئا مما يجري من حولهم أو قل إن شئت ينظرون من طرف خفي في انتظار ما ستسفر عنه هذه الجولة أو تلك .. أو في انتظار الآمر الناهي بالتدخل للعب دور ما .. تتدخل الأمم المتحدة .. والاتحاد الإفريقي والعالم أجمع .. والعرب كالعادة متأخرون بفارق زمني يساوي حياة نصف مليون صومالي حتى الآن ..
ويبقى الوضع في الصومال محاكم شرعية أو إسلامية يقودها رجل قوي يلاحق (تحالف إرساء السلام ومواجهة الإرهاب)، فيما يظل الصراع ماثلا في أرض الصومال وتاريخها حتى الآن "بداية" .. ولا يدري أحد كيف ستكون نهايتها .
وفي هذا الملف نتناول الملف الصومالي بسرد الحدث وإيضاح التطورات مع الرد على العديد من الالتباسات والإشكالات . الصومال أرض وتاريخ .. آمال وتحديات . 
والملف عبارة عن : 
معلومات أساسية
الصومال الأرض والتاريخ
الدور الأمريكي في الصومال
المحاكم الإسلامية .. النشأة والمسار
الصومال بين فكي أمريكا ودول الجوار
التيار الجهادي الصومالي هل يكون صاحب اليد الطولى ؟
صومال الأمل والتحدي
الصومال يوسع خرق الشرق الأوسط الأمريكي الجديد

معلومات أساسية
الموقع الجغرافي والسكان
الصومال دولة عربية إسلامية تقع في الشرق الإفريقي في المنطقة المعروفة بـ"إفريقيا الشرقية"، يحدها من الشرق خليج عدن والمحيط الهندي، ومن الغرب إثيوبيا ومن الغرب الشمالي جيبوتي، ومن الغرب الجنوبي كينيا.
وقد أغرى هذا الموقع المتميز الغرب الأوروبي فقد احتل البريطانيون جزءا من أراضيها وأنشأوا في الجزء الشمالي منها محمية عرفت باسم الصومال البريطاني. كما احتلها الإيطاليون وأنشأوا على ساحلها الشرقي محمية عرفت باسم الصومال الإيطالي. وفي عام 1941م احتل البريطانيون الصومال الإيطالي إلا أن الإيطاليين استعادوا سيطرتهم مرة أخرى على محميتهم عام 1950م.
مساحتها 637.000 كيلو متر مربع، وتعدادها السكاني يقارب العشرة ملايين نسمة، تبلغ نسبة الأمية بينهم حوالي 63 % . 
ولكي يتضح لنا معدل النمو السكاني بالصومال نعرض لبعض الإحصاءات: ففي تعداد فبراير لعام 1975م كان عدد السكان 3.253.024 نسمة، بينما بلغ في تعداد عام 1987م 7.114.431 نسمة. وقُدِّر عدد سكان الصومال سنة 1991م بنحو 7.734.000 نسمة، أما في عام 1996م، فقد تقلص عدد السكان إلى 6.872.000 نسمة، وتقلص أكثر عام 1998م فأصبح 6.842.000 نسمة. وقدِّرت الكثافة السكانية بنحو 107 شخصًا لكل كم². وتصل نسبة سكان الريف إلى 62.8% وسكان المدن إلى 37.2% .
أما عن الديانة، فإن غالب شعب الصومال من المسلمين السنة، مع وجود أقلية تكاد لا تذكر من المسيحيين،
ويتبع غالبية السكان المذهب الشافعي، ومن المعروف تاريخياً أن أول هجرة إسلامية اتجهت إلى الساحل الشرقي لإفريقيا كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حينما خرج جعفر بن أبي طالب وغيره من الصحابة من مكة إلى الحبشة. وكان ذلك قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بنحو ثماني سنوات. وتنتشر في الصومال عدة طرق صوفية منها القادرية والصالحية والإدريسية والدندرية والأحمدية. 
ويتحدث الصوماليون اللغة الصومالية وهي من اللغات الكوشية التي تضم بضعاً وثلاثين لغة ولهجة وتنتشر في شرقي إفريقيا. وتقدر نسبة الكلمات العربية في اللغة الصومالية بأكثر من 30%. وكان الصوماليون يكتبون لغتهم بالحروف العربية بصفة عامة حتى سنة 1972م ، حينما أعلن محمد سياد بري رئيس مجلس الثورة في 21 أكتوبر سنة 1972م، كتابة اللغة الصومالية بالحروف اللاتينية بضغط من بعض الجهات الأجنبية المعادية للغة العربية. وفي سنة 1974م انضمت الصومال إلى جامعة الدول العربية، واتخذت من اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد .


الخريطة السياسية للصومال
جمهورية الصومال تُعرف بالقرن الإفريقي، وهو أقصى امتداد لإفريقيا صوب الشرق. وتمتد أراضيها بين خطَّيْ عرض 12° شمالاً 3َ9 1° جنوباً، وبين خطَّيْ طول 41° و51° شرقاً. وتطلُّ على خليج عدن من جهة الشمال بساحل يزيد طوله على 1.000 كم، وعلى المحيط الهندي بساحل يزيد طوله على 2.100 كم. ويزيد طول الحدود البرية للصومال على 2.380 كم منها 61 كم مع جيبوتي في شمال غربي الصومال، 1.645 كم مع أثيوبيا في الغرب والشمال الغربي، و682 كم مع كينيا في الجنوب الغربي، وأقصى امتداد للصومال من الشمال إلى الجنوب 1.529 كم، وأقصى امتداد من الشرق إلى الغرب 1.175 كم .
تبلغ مساحة الصومال نحو 637.000 كم² على أن الصوماليين ينتشرون في مساحة لا تقل عن مليون كم² فيما يُطلق عليه الصوماليون الصومال الكبير . حيث تقع بعض أجزاء الصومال الكبير في غربي أثيوبيا وشمالي كينيا.
ويتميز سطح الصومال بأنه هضبي المظهر، بصفة عامة، مع وجود بعض السهول الساحلية وسهول نهري جوبا وشبيلي. ولا توجد منطقة جبلية بمعنى الكلمة إلا في الإقليم الشمالي الذي كان يُعرف فيما مضى بالصومال البريطاني، حيث تمتد المرتفعات بصفة عامة من الشرق إلى الغرب بمحاذاة خليج عدن حتى رأس غردافوي. وأعلى قمم الصومال سورود عد التي يصل ارتفاعها إلى 2.408 م، وتقع بالقرب من مدينة عيرغابو. وعموماً فإن النطاق الجبلي يمتد في الصومال شمالي درجة عرض 10° شمالاً. ويفصل النطاق الجبلي عن الساحل سهل غوبان (أي الأرض المحروقة) بسبب جفافه وارتفاع درجة حرارته معظم فصول السنة. ويتفاوت اتساع سهل غوبان الساحلي بين 3 كم إلى 60 كم. وأهم ما يميز سطح جنوبي الصومال وجود نهرين دائمين هما نهر جوبا وشبيلي، اللذان ينبعان من هضبة أثيوبيا في الغرب. ويصب نهر جوبا في المحيط الهندي بالقرب من كسْمايو، لكن نهر شبيلي لا يصل إلى المحيط بسبب وجود كثبان رملية تحول دون وصوله، ولذا ينتهي في بعض المستنقعات أو في منطقة رملية بالقرب من جِلِب على بعد 300 كم من المحيط جنوب غربي مقديشيو.
الوضع الاقتصادي
الصومال بلد غني بالثروات الطبيعية غير المستغلة مثل الحديد واليورانيوم والقصدير والملح، ومؤخرا تم اكتشاف الغاز الطبيعي والنفط بكميات كبيرة تسمح بتصديره إلى جانب النحاس والموز ..
وتعتمد الصومال اعتماداً كبيراً على الثروة الحيوانية حيث تُغطِّي المراعي الطبيعية نحو 50% من مساحة البلاد. وتصل نسبة الرعاة إلى 60% من مجموع السكان. وللدلالة على أهمية الرعي يكفي أن نشير إلى أن اسم الصومال اشتق من فعل سومال أي اذهب واحِلب.
وتعتبر تربية المواشي حرفة غالبية السكان، ويقول الخبراء أنه إذا تم تطوير هذا القطاع فمن الممكن أن تصبح الصومال من الدول الرئيسة في تصدير اللحوم ومشتقات الألبان . 
هذا إلى جانب أن شواطئ الصومال غنية بالثروة السمكية وتُمارس حرفة صيد الأسماك وخصوصًا في السواحل الشمالية. وتقدر نسبة العاملين بصيد الأسماك بنحو 1% من الأيدي العاملة، وأهم الأسماك على السواحل الصومالية التونا، والسردين، والروبيان. وتمثل الأسماك 4% من قيمة الصادرات. وبسبب الجفاف الذي تتعرض له البلاد يتحول بعض الرعاة إلى حرفة صيد الأسماك.
كما أن أغلب أراضي جنوب الصومال أراض زراعية وتُقدر نسبة الأراضي الصالحة للزراعة بنحو 12% من المساحة الكلية (نحو 8 ملايين هكتار). وهناك نوعان من الزراعة: زراعة تعتمد على مياه الأمطار، مثل زراعة الحبوب(الذرة، الذرة الرفيعة، واللوبيا). وكثيراً ما تتعرض الزراعة المطرية لموجات الجفاف كما حدث في النصف الثاني من عام 1983م. والنوع الثاني من الزراعة هو الزراعة التي تعتمد على مياه نهري شبيلي وجوبا (نحو 70.000 هكتار)، وغالباً ما يُسمى هذا النمط من الزراعة بالزراعة التجارية. وأهم حاصلاتها الموز والباباي وقصب السكر والقطن والجريب فروت والفول السوداني. ويأتي الموز في مقدمة صادرات الصومال الزراعية حيث صُدِّر منه سنة 1987م 80 ألف طن.
كذلك توجد بعض الصناعات الخفيفة مثل صناعة السكر في جوهر ومريري التي يصل إنتاجها إلى نحو 50 ألف طن وصناعة تعليب اللحوم في مقديشو وكسْمايو، وصناعة الإسمنت في بربرة (أنشئ المصنع عام 1985م) وتكرير النفط، وصناعة حلج القطن وغزله ونسجه في بلعد، وصناعة الزيوت وتعليب الأسماك في لاس قوري، ودبغ الجلود والصناعات الجلدية والحُصُر.
وبالنسبة للتعدين فقد أثبتت الدراسات وجود اليورانيوم والقصدير والمرو وخام الحديد، ولا يُستغل تجارياً إلا القصدير.
وتُعد الصومال إحدى الدول القليلة في العالم التي تنتج البخور والمُرِّ واللُّبان في الشمال الشرقي.
ولا ننسى وسط هذا سيطرتها على بوغاز باب المندب وطريق التجارة المارة منه فضلا عن ناقلات البترول وكون هذا الموقع المتحكم فيه له نفوذ استراتيجي مميز . 
العُمْلة هي الشلن الصومالي، وقد قُدِرت قيمته في ديسمبر 1991م بنحو 270 شلناً صومالياً للدولار الأمريكي. وكان سعر الدولار سنة 1985م 39.5 شلن تقريباً، ثم أصبح سنة 1986م 72 شلنًا. وفي مطلع عام 1999م بلغ 2.620 شلنًا.
الناتج الوطني الإجمالي بلغ هذا الناتج سنة 1989م 1.7 مليار دولار، وبلغ نصيب الفرد من الناتج القومي 221 دولاراً. بينما بلغ 706 مليون دولار عام 1996م، وانخفض نصيب الفرد إلى 110 دولارات.
وبلغت قيمة الصادرات عام 1995م 145.000.000 دولار أمريكي، وأهم الصادرات: الموز، والجلود، والماشية، والبخور، واللُّبان. وبلغت قيمة الواردات في عام 1995م 193.000.000 دولار أمريكي. وأهم الواردات: المواد الغذائية والمشروبات والسجاير والمنسوجات والنفط ومشتقاته (31% تقريباً من قيمة الواردات)، ومواد البناء والأجهزة والآلات ووسائل النقل.
وأهم الدول التي تستورد منها الصومال هي كينيا 28%، وجيبوتي 21%، والمملكة العربية السعودية 6%، والبرازيل 6%. وأهم الدول التي تُصَدِّر إليها الصومال سلعها هي المملكة العربية السعودية التي تستورد نحو 55% من صادرات الصومال، واليمن 19% وإيطاليا 11% ودولة الإمارات العربية المتحدة 9% .
يتسم مناخ الصومال بأنه مداري حار جاف وشبه جاف، والتغُّير في درجات الحرارة بين فصول السنة قليل. ففي الأراضي المنخفضة يتراوح المعدل الحراري ما بين 30° و40°م في شمالي الصومال، وما بين 18° و40°م في جنوبي الصومال. والمعدل السنوي العام للأمطار يصل إلى 28سم. ونادراً ما تزيد كمية الأمطار على50سم، في السنة. ويمكن تمييز أربعة فصول مناخية سنوياً بالصومال، اثنان منهما ممطران هما الربيع وهو فصل المطر المهم، ويستمر من شهر مارس إلى مايو وأحياناً يونيو، وفصل الخريف وهو أقل مطراً من الربيع ويستمر من سبتمبر إلى نوفمبر، وتُقدَّر نسبة أمطاره بنحو 30% من كمية المطر السنوية. وعلى الرغم من أن الصومال تتعرض لهبوب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية في فصل الشتاء، والموسمية الجنوبية الغربية في الصيف، إلا أن هذه الرياح تهب بموازة الساحل ولهذا يكون تأثيرها قليلاً وأمطارها قليلة كذلك.
الصومال الأرض والتاريخ
الخلفية التاريخية
كان مطلع القرن الثاني عشر الميلادي بداية صبغ هذه البقعة من شرق إفريقيا بالطابع العربي نتيجة قدوم التجار العرب إليها عبر خليج عدن حيث استوطنها العرب منذ ذلك الحين وأصبحت عاصمتها مجاديشو أو مقديشو مركزا تجاريا هاما على الساحل الشرقي لإفريقيا . 
وعند ظهور الإسلام اتجهت أول هجرة إسلامية إلى ساحل إفريقيا الشرقي. ومن أشهرها تلك التي حدثت في القرن الثاني الهجري، واستقر المهاجرون على ساحل المحيط الهندي، وأسسوا بعض المستوطنات. ومن أشهر البعثات التي جاءت تدعو إلى الإسلام في الصومال تلك التي وفدت من حضرموت في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وتألف من أكثر من أربعين داعية نزلوا في بربرة على ساحل خليج عدن. ومن هناك انتشروا في البلاد ليدعوا إلى الإسلام. 
الأطماع الأوروبية في الصومال
تُعَدُّ البرتغال أولى الدول الأوروبية التي وصلت إلى ساحل الصومال سنة 1515م بناء على استنجاد الأحباش بهم حينما طلبوا المدد من البرتغاليين بسبب انتصار المسلمين عليهم. وتمكَّن البرتغاليون من تدمير مدينتي بربرة وزيلع، واستولوا على بعض الموانئ.
وحاولت مصر بعد عدة قرون أن يكون لها دور في الإشراف على الملاحة في البحر الأحمر، ومنع السيطرة الأوروبية عليها، والقضاء على تجارة الرقيق، فاستطاعت الحصول على مصوع وسواكن سنة 1865م. ووصل الجيش المصري إلى بربرة وهرر سنة 1875م، وإلى براوة وكسْمايو التي أُطلق عليها بور إسماعيل، إلا أن وصول المصريين إلى هذه الجهات أزعج البريطانيين، فتدخلت الحكومة البريطانية وتم انسحاب المصريين.
بدأت بريطانيا تتطلع إلى ساحل إفريقيا الشرقي منذ أن احتلت عدن سنة 1839م. وعندما خرج المصريون من زيلع وبربرة استولى البريطانيون عليهما سنة 1883م.
أما بالنسبة لإيطاليا فقد اتجهت إلى الصومال، واشترت ميناء عصب سنة 1869م. وبدأت في سلسلة من معاهدات الحماية، نظير مبالغ من المال، مع شيوخ الساحل الصومالي وسلاطينه. وتم تأجير كسمايو سنة 1889م، ومقديشو سنة 1892م. وأعلنت إيطاليا حمايتها على الصومال الجنوبي عام 1896م.
ولم تقف فرنسا موقف المتفرج بالنسبة للصومال، فأسرعت إلى شراء ميناء أوبوك الواقع في جيبوتي سنة 1862م. وعندما نُفَّذ مشروع قناة السويس رأت فرنسا ضرورة وجود ميناء للوقود لها في هذا الطريق البحري، وتمكنت في سنة 21 سبتمبر 1884م من عقد اتفاق مع سلطان تاجورة، أعطى به هذا الأخير بلاده لفرنسا. ولئن كان هناك تنافس استعماري بين فرنسا وبريطانيا كانت ضحيته إفريقيا، إلا أنهما في سنة 1888م قد تلاقتا على أن تكون جيبوتي لفرنسا وزيلع لبريطانيا.
وقاوم الصوماليون قوات الاحتلال من بريطانيين وإيطاليين وأثيوبيين. وقاد الزعيم محمد عبدالله حسن الصومالي المقاومة الوطنية ابتداءً من عام 1899م حين أعلن الجهاد ضد المستعمرين. واستمر يقاتل حتى تُوفِّي سنة 1920م، بعد أن جاهد أكثر من عشرين سنة، وحقق بعض الانتصارات. 
وحينما قامت الحرب العالمية الثانية، استطاعت إيطاليا أن تحتل الصومال البريطاني عام 1940م، إلا أن بريطانيا استطاعت أن تُلْحِق هزيمة كبيرة بإيطاليا عام 1941م. وتمكنت من احتلال الصومال الإيطالي. ولكن الإيطاليين استعادوا سيطرتهم مرة أخرى على محميتهم عام 1950م. وفي عام 1948م، استطاعت أثيوبيا أن تُعيد سيطرتها على الأوجادين.
وفي عام 1950م وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء الوصاية على الصومال. وقبل أن تخرج بريطانيا من الصومال وضعت بذور المشكلات المتعلقة بالحدود بين الصومال وأثيوبيا في الغرب، وبين الصومال وكينيا في الجنوب، فبريطانيا هي التي سلَّمت الأُوجادين للحبشة، وهي التي سلَّمت إقليم إنفدي لكينيا. 
في 15 أكتوبر 1969، تم اغتيال الرئيس الصومالي شارماركي، بعدها بستة أيام قام القائد الأعلى للجيش محمد سياد بري بانقلاب عسكري تولى من خلاله الحكم، في عام 1977 خاض سياد بري بالصومال حرباً ضد إثيوبيا من أجل استعادة إقليم أوجادين، واستطاعت القوات الصومالية في عامي 1977م و 1978م السيطرة على معظم إقليم أوجادين، إلا أن القوات الصومالية أُجبرت على الانسحاب نتيجة لظروف دولية، ومساندة بعض القوى الكبرى لأثيوبيا، وقد تجاهلت الحكومة الصومالية بقيادة بري التنمية الداخلية خاصة في الإقليم الشمالي، وذلك ما كان له أكبر الأثر في التعجيل بانتفاضة الشمال العسكرية، ثم الانتفاضة العسكرية في الوسط والجنوب.
وفي عام 1988م تم توقيع اتفاقية سلام بين أثيوبيا والصومال، وفي نفس السنة بدأت عناصر الثوار عملها للإطاحة بالحكومة الصومالية واتَّحدت فصائل المعارضة الصومالية ونجحت في الإطاحة بالحكومة الصومالية سنة 1991م. أدى انقسام رفقاء السلام من فصائل المعارضة إلى اندلاع حرب أهلية مأساوية راح ضحيتها كثير من الصوماليين وأشاعت الخراب والدمار في البلاد.
وفي أكتوبر 2000م، اتفقت الفصائل الصومالية، في مدينة عرتة بجيبوتي، على اختيار عبده قاسم صلاة حسن رئيساً للبلاد، كما تم تعيين علي خليف جيلط رئيساً للوزراء.
وفي مساء الأحد 10-10-2004م انتخب رئيس أقليم بونت لاند عبدالله يوسف أحمد رئيسا للصومال في الانتخابات التي أجراها النواب الصوماليون في نيروبي..
العلم الصومالي: 
وعلم الصومال الحديث تتوسطه نجمة خماسية، يقول أهل الصومال أنها تعبر عن أقاليم الصومال الخمسة، منها ثلاثة أقاليم لا تخضع للحكم الصومالي بالفعل، فأراضي الصومال التي يرغب الصوماليون في العيش عليها، ويطلق عليها الصومال الكبير تتكون من خمس أقاليم ..
أول هذه الأقاليم، هو إقليم "العفر والعيسى" ويطلق عليه "أرض العفر والعيسى الفرنسية" وهو الآن يشكل دولة "جيبوتي" .
والإقليم الثاني هو الصومال الغربي؛ أو إقليم أوجادين، أو إقليم أوجادينيا؛ ضمه الاحتلال البريطاني إلى إثيوبيا عام 1954 وما زال تحت سيطرتها إلى الآن .
ثالث الأقاليم غير الخاضعة للعلم الصومالي هو إقليم جنوب غربي الصومال، وهو إقليم الحدود الشمالية الكينية؛ ضمته كينيا إلى كامل أراضيها عام 1963 .
رابع أضلاع النجمة يعد أول الأقاليم الصومالية حتى الآن وهو أرض الصومال البريطاني؛ أو صومالي لاند؛ يقع في الشمال الغربي للبلاد وحصل على استقلاله من البريطانيين في 26 يونيو 1960.
بعدها بستة أيام حصل على الاستقلال خامس الأقاليم، إقليم صومالي لاند، وتحديدا أرض الصومال الايطالي؛ صوماليا.. ويقع هذا الإقليم جنوب ووسط الصومال الحالي وصولا إلى شماله الشرقي. 
نظام الحكم: 
حينما استقل الصومال الإيطالي والصومال البريطاني تم اتحادهما في الأول من يوليو عام 1960م، وكَوَّنا جمهورية الصومال. وتم انتخاب آدم عبدالله عثمان رئيساً للجمهورية الجديدة. وتم تأسيس جمهورية الصومال الديمقراطية المبنية على التعددية الحزبية. وكانت الانتخابات البرلمانية للجمعية الوطنية والتي تألفت من 123 مقعدا تُعْقد كل أربع سنوات. وبلغ عدد الأحزاب المتنافسة 86 حزباً. وظل هذا الأمر سائداً حتى أكتوبر 1969م حينما اختير محمد سياد (زياد) بري رئيساً للمجلس الأعلى لقيادة الثورة بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالنظام السابق. ثم اختير فيما بعد رئيساً للجمهورية، فأوقف العمل بالدستور، وألغى الأحزاب السياسية، وغير اسم الدولة إلى جمهورية الصومال الديمقراطية، وأصبحت كل السلطات الحكومية في يده ويد مجلس الثورة .
وبالنسبة للقضاء، فحتى أكتوبر 1969م كانت المحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في البلاد. وكانت تمارس سلطاتها القضائية في الأمور المدنية والإدارية وفرض العقوبات في إطار الحقوق الدستورية، وكانت هناك محاكم للأقاليم والمقاطعات، إلا أن إعلان الصومال دولة اشتراكية صاحبه إصدار عدد من القوانين مثل قانون الحفاظ على أمن الدولة في 10/9/1970م، وقانون أمن المجتمع في 1/11/1970م.
كانت الصومال مقسمة إلى ثماني مناطق حتى 1973م. وكانت هذه المناطق مقسمة إلى 47 إقليماً. وضمت هذه الأقاليم 83 بلدية وبلدية فرعية. وكان من حق البلديات فرض الضرائب وتخطيط المدن والقيام بالخدمات العامة. وفي عام 1973م زاد عدد المناطق إلى 14 منطقة وأصبحت مقديشو محافظةً قائمة بذاتها. وكان مجلس الثورة هو الذي يختار المسؤولين عن إدارة هذه المناطق والأقاليم الفرعية.
هاجمت قوات محمد فارح عيديد قوة باكستانية تابعة لقوات الأمم المتحدة التي تدخلت لحفظ السلام بين الأطراف المتنازعة. ازداد الموقف تعقيدًا بعد أن شنت قوات الأمم المتحدة هجومًا على معقل عيديد في مقديشو. اضطرت قوات الأمم المتحدة إلى الانسحاب عام 1995م. 
توفي عيديد في أغسطس 1996م متأثراً بجراحه عقب واحدة من معارك الحرب الأهلية، وخلفه ابنه حسين عيديد. وفي عام 1997م اتفق الفرقاء على عقد اجتماع في القاهرة يهدف إلى إقامة حكومة انتقالية في البلاد. تنصلت بعض الفصائل من اتفاق القاهرة الذي أبرم نهاية عام 1997م. 
وفي نفس العام، 1997م، تسببت الأمطار الغزيرة في فيضانات في جنوب البلاد أدت إلى وفاة 1.300 شخص، وأجبرت 200.000 نسمة على هجر منازلهم.
الدور الأمريكي في الصومال
في يناير 1991 أُطيح بالرئيس الصومالي سياد برِّي، تنَّفس الصوماليون الصعداء إلا أن عيديد وعلي مهدي زجَّوا بالشعب الصومالي في أُتون حرب أهلية حصدت من الصوماليين أكثر مما حصده برِّي ثم جاءت المجاعة بعد ذلك لتكمل ما لم تحصده الحرب، مبعوث الأمم المتحدة للأزمة الصومالية الدبلوماسي الجزائري محمد سحنون انتقد الأمم المتحدة على موقفها من المجاعة وتسبُبها في هلاك مئات الصوماليين كل يوم، وأنها لا تقوم بالدور الذي ينبغي أن تقوم به؛ ونتيجة لهذا الانتقاد وللخلافات بينه وبين القيادات العسكرية –الأمريكية منها تحديدا- الموجودة على أرض الصومال فقد تمت إقالته من قبل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك الدكتور بطرس بطرس غالي حيث تم تعيين شخصا آخر بناءا على توصيات أمريكية هو الجنرال الأمريكي جوناثون هاو وقد برر الأمين العام للأمم المتحدة إقالته لسحنون لعدم تعاونه مع القوات الموجودة على أرض الصومال.
وقد كتبت العديد من التقارير في تلك الفترة أشارت جميعها إلى فشل الأمم المتحدة في إدارة أزمة المجاعة مما دفع الرئيس الأميركي بوش الأب قبل أسابيع من خروجه من البيت الأبيض إلى أن يعلن عن تدخل أميركا في الصومال بسبعة وعشرين ألف جندي وقيل ثمانية وعشرين تحت ستار إعادة الأمل في الصومال.
وقد اختلف المحللون حول الهدف الرئيس من التدخل الأمريكي في الصومال فمن قائل بأن الهدف من التدخل في الصومال هو إيجاد تبرير للرأي العام للقيادة الأميركية لكي لا تتدخل في يوغوسلافيا إذ من غير المنطقي التدخل في منطقتين وفي نفس التوقيت تقريبا ..
وقائل يقول إن أميركا تريد أن تشكل قوة لها في القرن الأفريقي تضمن من خلالها تنفيذ مصالحها؛ فوزيرة الخارجية الأمريكية أولبرايت ذهبت في تلك الفترة مرارا إلى القرن الأفريقي في محاولة منها لإيجاد نفوذ أميركي في المنطقة لأن كلا من فرنسا وإيطاليا كانتا تتمتعان بنفوذ كبير في تلك المنطقة من قبل، وكان الوجود الأميركي في القرن الأفريقي مهما جدا للسياسة الأميركية.
وقد أوصى الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بتوصيات لمجلس الأمن كانت وراء استصدار قرار 814 في 26 من مارس للتغطية على الوجود الأميركي في الصومال .. حيث نَصّ القرار على أنه يجوز لقوة الأمم المتحدة بدلا من مواصلة مهمة حفظ السلام التي قامت بها القيام بعمليات فرض السلام إذا اقتضى الأمر، وهذا يعني التفويض الدولي بشن الحرب على المليشيات الصومالية وبهذا تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن قد فوّضا القوات الأميركية الموجودة في الصومال لقمع المليشيات الصومالية.
وعندما دخلت هذه القوات في مواجهة مباشرة في خمسة يونيو عام 1993 حينما هوجمت وحدة باكستانية تابعة للأمم المتحدة وقُتل 26 جندي باكستاني وجُرح آخرين سرعان ما صدر قرار مجلس الأمن رقم 837 لتأديب عيديد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:50

وفي 12 يونيو من نفس العام تحولت قوات الأمم المتحدة إلى قوات محاربة بهدف إعادة الأمن والنظام إلى جنوب مقديشيو وكانت هذه أول مرة في تاريخ الأمم المتحدة منذ أحداث كوريا عام 1950 تتحول قوات الأمم المتحدة إلى قوى محاربة ويصدر لها قرار بالمواجهة والدخول في حرب. وعلامة التعجب التي لا تزال تطرح نفسها أنه في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تدلل كراديتش وملاديتش ومجرمي الحرب في البوسنة ليفعلوا ما شاؤوا في الصرب لم يتم استصدار أي قرار لردعهم، ولكن بمجرد ما ارتكب عيديد خطأ ضد قوات الأمم المتحدة تم استصدار القرار بتحويل القوات الأممية إلى قوات محاربة .
وقد أوضح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون –والذي خلف بوش الأب في السلطة-في مذكراته أن القوات الأميركية في الصومال كانت تنفذ أوامر بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة والأدميرال هاو قائد قواتها هناك، وهذا يعني أنه حمّل الأمم المتحدة مسؤولية ما حدث في الصومال بعد ذلك سواء للقوات الأميركية أو لقوات الأمم المتحدة نتيجة القرار الذي تحولت بموجبه من قوات جاءت للقضاء على المجاعة إلى قوات جاءت لتحارب.. وتحولت القضية كما قال عضو مجلس الشيوخ السيناتور روبرت بيرد إلى عمليات "عسكر وحراميّة" بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة في الصومال.
واستطاع عيديد أن يحقق العديد من الانتصارات على قوات الأمم المتحدة والقوات الأمريكة المدعومة بغطاء أممي وأصبحت الأمم المتحدة وكذا أمريكا أضحوكة أمام العالم وحدث انقسام خطير في المجتمع الدولي بعد رفض الجنرال الإيطالي لوي تنفيذ الأوامر الصادرة له من قائد القوات الأممية هناك بالقيام بعملية عسكرية ضد عيديد، وأنهى المشكلة بالتصالح مع الصوماليين وقال لقد كنا دولة محتلة للصومال ونعرف كيف نتعامل مع الصوماليين، وقد أَعلنت الأمم المتحدة إقالة الجنرال لوي، ولكن إيطاليا رفضت قرار الأمم المتحدة، وطلب وزير الدفاع الإيطالي آنذاك فابيو فابري من الأمم المتحدة وقف جميع العمليات العسكرية في الصومال وسرعان ما تخلخل الموقف الدولي نتيجة تضارب المصالح ودخلت الأمم المتحدة في أزمة مع إيطاليا.
في يوليو 1993 انتقد إيان إلياسون وهو الأمين العام المساعد للأمم المتحدة الطريق الذي سلكته الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة الصومالية فقال إنه قد تم رصد 166 مليون دولار فقط للمجاعة في حين تم رصد مليار ونصف مليار دولار خلال عام واحد للعمليات العسكرية وملاحقة عيديد. وقال إن المجتمع الدولي يُنفق على الجنود في الصومال عشرة أضعاف ما ينفقه على المساعدات المقدمة للصوماليين، وقد علق الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بعد أن ترك منصبه كأمين عام للأمم المتحدة بأنه إذا كانت هذه الأرقام صحيحة فهذا دليل على فشل الأمم المتحدة في هذه العملية .
العسكريين الكويتيين والسعوديين والمصريين والإماراتيين انضموا للموقف الإيطالي ورفضوا مواصلة القتال ضد عيديد، الأحزاب الألمانية طالبت باستدعاء القوات الألمانية، باريس أيدت روما في هذا الوضع وبالجملة فإنه بمجرد انسحاب القوات الأمريكية فإن التعليمات قد صدرت لكافة القوى الأخرى بالانسحاب من الصومال بينما كان عيديد يواصل خطاباته بالقتال ضد الفاشيين والمحتلين. 
كان هناك هدفا أساسيا للقوات الأميركية من وراء تواجدها هناك، فقد صرح روبرت أوكليل المبعوث الأميركي الخاص السابق للصومال، في تصريحات نُشرت في مجلة الوسط العربية في 21 يونيو 1993 قال إن الهدف من هذه الغارات ليس كما يبدو ردا على مقتل الباكستانيين لكنه خطوة أولى لاجتزاز العقبات الكبيرة التي تعترض الحل السياسي وتأليف حكومة وطنية، وهذا يظهر وجود مشروع أميركي كبير في الصومال أقرب ما يكون بالمشروع العراقي الحالي، وللتأكيد عليه قال جوناثان هاو لمجلة نيوزويك الأميركية في عدد أول يوليو 1993 إن هناك خطة إصلاح سياسي أميركية في الصومال من المفترض أن تنتهي قبل مارس 1995 ، يعني كان الهدف من وراء هذا أن تؤسس أمريكا حكومة في الصومال وعيديد كان يرفض هذه القضية ..
في 3 أكتوبر 1993 مُنيت القوات الأميركية بهزيمة فادحة، أُسقطت طائرتي هليكوبتر، وقُتل 18 جندي أميركي، أصيب 84 آخرين كما جاء في مذكرات كلينتون بعد هجوم فاشل على أحد مواقع عيديد وجَرّ الحُفاة العُراة الجوعى الصوماليون جثة أحد الطيارين الأميركان في شوارع مقديشيو، صوّرها الإعلام العالمي، قامت الدنيا ولم تقعد ولم يجد كلينتون مفرا من التوصل إلى حل سياسي لا يبدو استسلاما كما قال غالي في كتابه خمس سنوات في بيت من زجاج. والنتيجة هزيمة عسكرية لأميركا وسياسية للأمم المتحدة.
بعد هذه الهزيمة كان واضحا أن كلينتون وإدارته سوف يلقيان باللوم على الأمم المتحدة في الفشل الذريع الذي مُني به القنّاصون الأميركيون في جنوبي مقديشيو .
في 16 أكتوبر 1993 وجّه كلينتون بيان لمجلس الشيوخ قرر على إثره سحب القوات الأميركية من الصومال واتُهمت الأمم المتحدة أنها أسندت للقوات الأميركية مهمة ينبغي أن تقوم بها الشرطة.
ونشرت نيوزويك مقالا تحت عنوان انطفأ بريق الأمم المتحدة، جاء فيه أنه بعد أن دعم الرئيس كلينتون الأمم المتحدة باعتبارها صانعة السلام في العالم، وقع خلاف حاد بينهما بشأن الصومال كشف عن عدم الارتياح تجاه الأمين العام بطرس غالي ، وكان هذا بداية أزمة الثقة بين بطرس غالي الأمين العام وبين الولايات المتحدة.
وقد كُتبت دراسات أميركية ملخصها أنه كان هناك بالفعل خلاف بين القيادات الأميركية الموجودة في الصومال وبعضها البعض حيث أشارت التقارير النهائية إلى أن قوات دلتا قامت بهذه العملية دون أن تخبر أحدا وكانت العملية سرية .. وقد استطاعت القوات الماليزية في النهاية من إنقاذ القوات الأميركية من خسائر فادحة .. وكما يقول المؤرخ الأميركي المشهور كيندي فإن القوة الكبرى دائما ما تهزم من قوة صغرى لا تكون مكافئة لها مطلقا في القوة أو في وسائل الحرب؟
في النهاية استطاع عيديد أن يوجه عدة صفعات للولايات المتحدة وبقي إلى أن مات موتا طبيعيا على حد زعم البعض ومتأثرا بجراح لحقت به جراء إحدى المعارك في العام 1996 على قول آخرين.
وبعد مرور ستة عشر شهرا على الصَيحة التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب موفدا مع ثمانية وعشرين ألف جندي أميركي إلى الصومال تحت شعار إعادة الأمل وقف قائد القوة الأميركية الجنرال توماس مونتجمري في 25 مارس 1994 ليعلن عن رحيل آخر جندي أميركي من الصومال بحلول الحادي والثلاثين من مارس عام 1994 وهو التاريخ الذي حدده الرئيس الأميركي كلينتون .
الدور الأمريكي في الصومال
في يناير 1991 أُطيح بالرئيس الصومالي سياد برِّي، تنَّفس الصوماليون الصعداء إلا أن عيديد وعلي مهدي زجَّوا بالشعب الصومالي في أُتون حرب أهلية حصدت من الصوماليين أكثر مما حصده برِّي ثم جاءت المجاعة بعد ذلك لتكمل ما لم تحصده الحرب، مبعوث الأمم المتحدة للأزمة الصومالية الدبلوماسي الجزائري محمد سحنون انتقد الأمم المتحدة على موقفها من المجاعة وتسبُبها في هلاك مئات الصوماليين كل يوم، وأنها لا تقوم بالدور الذي ينبغي أن تقوم به؛ ونتيجة لهذا الانتقاد وللخلافات بينه وبين القيادات العسكرية –الأمريكية منها تحديدا- الموجودة على أرض الصومال فقد تمت إقالته من قبل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك الدكتور بطرس بطرس غالي حيث تم تعيين شخصا آخر بناءا على توصيات أمريكية هو الجنرال الأمريكي جوناثون هاو وقد برر الأمين العام للأمم المتحدة إقالته لسحنون لعدم تعاونه مع القوات الموجودة على أرض الصومال.
وقد كتبت العديد من التقارير في تلك الفترة أشارت جميعها إلى فشل الأمم المتحدة في إدارة أزمة المجاعة مما دفع الرئيس الأميركي بوش الأب قبل أسابيع من خروجه من البيت الأبيض إلى أن يعلن عن تدخل أميركا في الصومال بسبعة وعشرين ألف جندي وقيل ثمانية وعشرين تحت ستار إعادة الأمل في الصومال.
وقد اختلف المحللون حول الهدف الرئيس من التدخل الأمريكي في الصومال فمن قائل بأن الهدف من التدخل في الصومال هو إيجاد تبرير للرأي العام للقيادة الأميركية لكي لا تتدخل في يوغوسلافيا إذ من غير المنطقي التدخل في منطقتين وفي نفس التوقيت تقريبا ..
وقائل يقول إن أميركا تريد أن تشكل قوة لها في القرن الأفريقي تضمن من خلالها تنفيذ مصالحها؛ فوزيرة الخارجية الأمريكية أولبرايت ذهبت في تلك الفترة مرارا إلى القرن الأفريقي في محاولة منها لإيجاد نفوذ أميركي في المنطقة لأن كلا من فرنسا وإيطاليا كانتا تتمتعان بنفوذ كبير في تلك المنطقة من قبل، وكان الوجود الأميركي في القرن الأفريقي مهما جدا للسياسة الأميركية.
وقد أوصى الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بتوصيات لمجلس الأمن كانت وراء استصدار قرار 814 في 26 من مارس للتغطية على الوجود الأميركي في الصومال .. حيث نَصّ القرار على أنه يجوز لقوة الأمم المتحدة بدلا من مواصلة مهمة حفظ السلام التي قامت بها القيام بعمليات فرض السلام إذا اقتضى الأمر، وهذا يعني التفويض الدولي بشن الحرب على المليشيات الصومالية وبهذا تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن قد فوّضا القوات الأميركية الموجودة في الصومال لقمع المليشيات الصومالية.
وعندما دخلت هذه القوات في مواجهة مباشرة في خمسة يونيو عام 1993 حينما هوجمت وحدة باكستانية تابعة للأمم المتحدة وقُتل 26 جندي باكستاني وجُرح آخرين سرعان ما صدر قرار مجلس الأمن رقم 837 لتأديب عيديد.
وفي 12 يونيو من نفس العام تحولت قوات الأمم المتحدة إلى قوات محاربة بهدف إعادة الأمن والنظام إلى جنوب مقديشيو وكانت هذه أول مرة في تاريخ الأمم المتحدة منذ أحداث كوريا عام 1950 تتحول قوات الأمم المتحدة إلى قوى محاربة ويصدر لها قرار بالمواجهة والدخول في حرب. وعلامة التعجب التي لا تزال تطرح نفسها أنه في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تدلل كراديتش وملاديتش ومجرمي الحرب في البوسنة ليفعلوا ما شاؤوا في الصرب لم يتم استصدار أي قرار لردعهم، ولكن بمجرد ما ارتكب عيديد خطأ ضد قوات الأمم المتحدة تم استصدار القرار بتحويل القوات الأممية إلى قوات محاربة .
وقد أوضح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون –والذي خلف بوش الأب في السلطة-في مذكراته أن القوات الأميركية في الصومال كانت تنفذ أوامر بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة والأدميرال هاو قائد قواتها هناك، وهذا يعني أنه حمّل الأمم المتحدة مسؤولية ما حدث في الصومال بعد ذلك سواء للقوات الأميركية أو لقوات الأمم المتحدة نتيجة القرار الذي تحولت بموجبه من قوات جاءت للقضاء على المجاعة إلى قوات جاءت لتحارب.. وتحولت القضية كما قال عضو مجلس الشيوخ السيناتور روبرت بيرد إلى عمليات "عسكر وحراميّة" بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة في الصومال.
واستطاع عيديد أن يحقق العديد من الانتصارات على قوات الأمم المتحدة والقوات الأمريكة المدعومة بغطاء أممي وأصبحت الأمم المتحدة وكذا أمريكا أضحوكة أمام العالم وحدث انقسام خطير في المجتمع الدولي بعد رفض الجنرال الإيطالي لوي تنفيذ الأوامر الصادرة له من قائد القوات الأممية هناك بالقيام بعملية عسكرية ضد عيديد، وأنهى المشكلة بالتصالح مع الصوماليين وقال لقد كنا دولة محتلة للصومال ونعرف كيف نتعامل مع الصوماليين، وقد أَعلنت الأمم المتحدة إقالة الجنرال لوي، ولكن إيطاليا رفضت قرار الأمم المتحدة، وطلب وزير الدفاع الإيطالي آنذاك فابيو فابري من الأمم المتحدة وقف جميع العمليات العسكرية في الصومال وسرعان ما تخلخل الموقف الدولي نتيجة تضارب المصالح ودخلت الأمم المتحدة في أزمة مع إيطاليا.
في يوليو 1993 انتقد إيان إلياسون وهو الأمين العام المساعد للأمم المتحدة الطريق الذي سلكته الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة الصومالية فقال إنه قد تم رصد 166 مليون دولار فقط للمجاعة في حين تم رصد مليار ونصف مليار دولار خلال عام واحد للعمليات العسكرية وملاحقة عيديد. وقال إن المجتمع الدولي يُنفق على الجنود في الصومال عشرة أضعاف ما ينفقه على المساعدات المقدمة للصوماليين، وقد علق الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور غالي بعد أن ترك منصبه كأمين عام للأمم المتحدة بأنه إذا كانت هذه الأرقام صحيحة فهذا دليل على فشل الأمم المتحدة في هذه العملية .
العسكريين الكويتيين والسعوديين والمصريين والإماراتيين انضموا للموقف الإيطالي ورفضوا مواصلة القتال ضد عيديد، الأحزاب الألمانية طالبت باستدعاء القوات الألمانية، باريس أيدت روما في هذا الوضع وبالجملة فإنه بمجرد انسحاب القوات الأمريكية فإن التعليمات قد صدرت لكافة القوى الأخرى بالانسحاب من الصومال بينما كان عيديد يواصل خطاباته بالقتال ضد الفاشيين والمحتلين. 
كان هناك هدفا أساسيا للقوات الأميركية من وراء تواجدها هناك، فقد صرح روبرت أوكليل المبعوث الأميركي الخاص السابق للصومال، في تصريحات نُشرت في مجلة الوسط العربية في 21 يونيو 1993 قال إن الهدف من هذه الغارات ليس كما يبدو ردا على مقتل الباكستانيين لكنه خطوة أولى لاجتزاز العقبات الكبيرة التي تعترض الحل السياسي وتأليف حكومة وطنية، وهذا يظهر وجود مشروع أميركي كبير في الصومال أقرب ما يكون بالمشروع العراقي الحالي، وللتأكيد عليه قال جوناثان هاو لمجلة نيوزويك الأميركية في عدد أول يوليو 1993 إن هناك خطة إصلاح سياسي أميركية في الصومال من المفترض أن تنتهي قبل مارس 1995 ، يعني كان الهدف من وراء هذا أن تؤسس أمريكا حكومة في الصومال وعيديد كان يرفض هذه القضية ..
في 3 أكتوبر 1993 مُنيت القوات الأميركية بهزيمة فادحة، أُسقطت طائرتي هليكوبتر، وقُتل 18 جندي أميركي، أصيب 84 آخرين كما جاء في مذكرات كلينتون بعد هجوم فاشل على أحد مواقع عيديد وجَرّ الحُفاة العُراة الجوعى الصوماليون جثة أحد الطيارين الأميركان في شوارع مقديشيو، صوّرها الإعلام العالمي، قامت الدنيا ولم تقعد ولم يجد كلينتون مفرا من التوصل إلى حل سياسي لا يبدو استسلاما كما قال غالي في كتابه خمس سنوات في بيت من زجاج. والنتيجة هزيمة عسكرية لأميركا وسياسية للأمم المتحدة.
بعد هذه الهزيمة كان واضحا أن كلينتون وإدارته سوف يلقيان باللوم على الأمم المتحدة في الفشل الذريع الذي مُني به القنّاصون الأميركيون في جنوبي مقديشيو .
في 16 أكتوبر 1993 وجّه كلينتون بيان لمجلس الشيوخ قرر على إثره سحب القوات الأميركية من الصومال واتُهمت الأمم المتحدة أنها أسندت للقوات الأميركية مهمة ينبغي أن تقوم بها الشرطة.
ونشرت نيوزويك مقالا تحت عنوان انطفأ بريق الأمم المتحدة، جاء فيه أنه بعد أن دعم الرئيس كلينتون الأمم المتحدة باعتبارها صانعة السلام في العالم، وقع خلاف حاد بينهما بشأن الصومال كشف عن عدم الارتياح تجاه الأمين العام بطرس غالي ، وكان هذا بداية أزمة الثقة بين بطرس غالي الأمين العام وبين الولايات المتحدة.
وقد كُتبت دراسات أميركية ملخصها أنه كان هناك بالفعل خلاف بين القيادات الأميركية الموجودة في الصومال وبعضها البعض حيث أشارت التقارير النهائية إلى أن قوات دلتا قامت بهذه العملية دون أن تخبر أحدا وكانت العملية سرية .. وقد استطاعت القوات الماليزية في النهاية من إنقاذ القوات الأميركية من خسائر فادحة .. وكما يقول المؤرخ الأميركي المشهور كيندي فإن القوة الكبرى دائما ما تهزم من قوة صغرى لا تكون مكافئة لها مطلقا في القوة أو في وسائل الحرب؟
في النهاية استطاع عيديد أن يوجه عدة صفعات للولايات المتحدة وبقي إلى أن مات موتا طبيعيا على حد زعم البعض ومتأثرا بجراح لحقت به جراء إحدى المعارك في العام 1996 على قول آخرين.
وبعد مرور ستة عشر شهرا على الصَيحة التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب موفدا مع ثمانية وعشرين ألف جندي أميركي إلى الصومال تحت شعار إعادة الأمل وقف قائد القوة الأميركية الجنرال توماس مونتجمري في 25 مارس 1994 ليعلن عن رحيل آخر جندي أميركي من الصومال بحلول الحادي والثلاثين من مارس عام 1994 وهو التاريخ الذي حدده الرئيس الأميركي كلينتون .
المحاكم الإسلامية .. النشأة والمسار
لقد انقسم العالم حول فهم حقيقة المحاكم الإسلامية التي ظهرت على الخريطة السياسية للصومال إلى فصيلين؛ الإسلاميون على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم استحسنوا تلك المحاكم والمنتسبين لها ولهجت ألسنتهم بالدعاء لهم .
في حين وصف العلمانيون ومن على شاكلتهم المحاكم الإسلامية بأنها ليست فقط تستضيف أجانب أو تؤوي جماعة القاعدة، بل ادعت أن ذلك هو الضرر الأخف، وأن الأشد خطرا منه أن بالصومال تنتشر أفكار التكفير ومنهج الإرهاب بصورة أشد من تلك التي ينتهجها ابن لادن، كما زعموا بأن "السرورية" قد تمثلت في الاتحاد الإسلامي في الصومال والذي ضم العديد من الحركات التكفيرية بما فيها القاعدة، كذلك قالوا بأن جماعة القاعدة في الصومال تعمل تحت اسم آخر وهو "جماعة الجهاد والدعوة" وادعوا أيضا أن رموز القاعدة من الصوماليين قد فاق عددهم الثلاثة آلاف شخص، ولهم بين المحاكم في مقديشو رموزا قيادية تسيطر على المحاكم بحكم أنهم من أبرز الممولين وعملهم من داخل الاتحاد الإسلامي الصومالي. 
وإمعانا في ضرب "الإرهاب" روج العلمانيون لما قد تردد من أن الإخوان المسلمين قد راقت لهم المحاكم الإسلامية بالصومال فدعموهم من كل أنحاء العالم فنشطت رموزهم بين القبائل واتسعت الفكرة ثم قدموا الدعم المالي لشيوخ القبائل ليفسحوا لهم المجال، فأسست محاكم قبلية متفرقة توحدت فيما بعد لتصبح اتحاد المحاكم الإسلامية برئاسة العقيد حسن ضاهر، وهو قائد جيش الاتحاد الإسلامي والمشهور لدى أهل العلمنة بفكره المتطرف الثوري –كما يزعمون-، كما ادعوا أنه كان يذهب إلى باكستان مرارا للقاء ابن لادن . 
وخلاصة قولهم أن جميع التنظيمات المتطرفة في العالم قد اجتمعت في هذا الاتحاد الإرهابي للمحاكم وأن رموز القاعدة هي التي تقودهم على طريقة طالبان لذا يرى هؤلاء أن من يدعمون المحاكم المتطرفة في الصومال سيضطرون لتركها والتبرأ منها لأنها ستجرهم إلى ملاحقة من المجتمع الدولي . 
والحقيقة أن الحاجة –حاجة الشعب الصومالي- هي التي أدت لظهور المحاكم الإسلامية وعلو نجمها، فالحاجة إلى الشعور بالأمان من أهم الحاجات البيولوجية، حاجة تأتي بعد الحاجة إلى الطعام والشراب حسب ترتيب علماء الاجتماع، ولكن الكثيرين في الصومال فضلوها على الطعام والشراب غير الموجود أصلا، وكان الحل في ظل غياب حكومة عجزت عن فرض الأمن من عام 1991 هو البحث عن البديل، فكانت "المحاكم الشرعية" هي الحل الذي لجأ إليه الصوماليون لا كما صورهم أولئك على أنهم تكفيريين ارتكبوا في حق الشعب الصومالي الجرائم والفظائع فجلدوا الحامل وقطعوا الأيادي، متناسين ما فعله أمراء الحرب الرحماء بزعمهم والذين صهروا البلاد في بوتقة مشتعلة أكلت الأخضر واليابس، وأجرت دماء ما يربو على النصف مليون صومالي . 
لقد بدأت المحاكم الشرعية في الظهور على الساحة الصومالية في عام 1994 بعد أن هدأت حدة الحرب الأهلية، وبدأ متمردو الميليشيات في العودة إلى قبائلهم مرة أخرى يحملون السلاح، بدأت المشاكل في الظهور على السطح وفشل "أمراء الحرب" وقادة الميليشيات في السيطرة عليها . 
احتقنت الأوضاع الأمنية وتزايدت الانتهاكات وغابت العقوبات، ولاح الحل عندما اجتمع زعماء القبائل المتواجدة في شمال العاصمة الصومالية "مقديشيو" وقرروا إنشاء "المحاكم الإسلامية" من أجل محاولة فرض الأمن، ووافق على إنشائها أمراء الحرب؛ لأنهم لم يجدوا فيها تهديدا لقوتهم .و"المحاكم الإسلامية" لفظ تم إطلاقه على منظومة متكاملة لإقرار الأمن، تشمل بين أجنحتها قوات مسلحة مدربة، ومحكمة تقوم على فصل المنازعات والحكم في المخالفات حسب الشريعة الإسلامية، وسجون يحبس فيها من يتم الحكم عليه بالحبس، وكانت كل محكمة مختصة بالفصل في النزاعات وحل المشكلات التي تواجه القبيلة الواحدة وبين أبنائها . 
وتنامى نفوذ المحاكم الإسلامية في ظل الحاجة إلى من يفرض الأمن وغياب أمراء الحرب عن الساحة، وانشغالهم في المفاوضات على السلطة ومحاولة كل منهم للحصول على نصيب الأسد منها، وعندما أفاقوا على الواقع كان الحل هذه المرة هو "الحل"، فقد تم حل جميع المحاكم الإسلامية وإغلاق الأماكن التابعة لها. 
عادت هذه المحاكم للظهور مرة أخرى في عام 1999 وظلت في صعود مستمر حتى وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث انتشر الخوف العالمي من كل ما يحمل كلمة "إسلامي" بين جنباته، فانزوت هذه المحاكم بعض الشيء واستمرت في العمل الصامت .
وفي هذه المرحلة أوقفت المحاكم الإسلامية تطبيق الحدود، كقطع يد السارق والرجم والجلد العلني، التي كانت تطبقها في مرحلتها الأولى، وهو ما جلب عليها انتقادات واسعة من قبل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، فاكتسبت اسم "المحاكم الشرعية" .
وبداية من عام 2004 ظهرت المحاكم "الشرعية" على الساحة مرة أخرى، وبقوة وبدعم من رجال أعمال صوماليين، كانوا يرون المحاكم الإسلامية قوة قادرة على حماية الأمن وسلامة العملية التجارية من جهة ولكي يرفعوا عن أنفسهم تلك الإتاوات التي فرضها أمراء الحرب لتمويل حربهم من جهة أخرى .
كما شهد عام 2004 تطورا إيجابيا في مصلحة تلك المحاكم، عندما تحولت من محاكم قبلية تختص كل محكمة بقبيلتها فقط إلى شبكة من المحاكم يسيرها إسلاميون ينتمون إلى قبائل مختلفة تتعاون فيها بينها وتقوم بأعمال مشتركة، ثم اندمجت هذه المحاكم في كيان جديد تحت اسم "اتحاد المحاكم الإسلامية" تنضوي تحته حوالي 11 محكمة في العاصمة مقديشو، وتم اختيار الشيخ "شريف شيخ أحمد" رئيسا لها . 
في هذا الوقت كان أمراء الحرب مشغولون بالمفاوضات السياسية حول تشكيل الحكومة والبرلمان، وأصبحت المحاكم الشرعية ذات قوة أكبر وتمتلك المئات من المقاتلين المدربين ولها مقرات وتعقد الاجتماعات والمؤتمرات وتتشاور وتعد نفسها للأفضل .
وبالطبع كان التوتر موجودا بين أمراء الحرب والمحاكم الشرعية في تلك الفترة، رغم عدم حدوث مواجهات عسكرية كبيرة بين الجانبين لأسباب كثيرة منها اختطاف نشطاء إسلاميين صوماليين على يد زعماء الحرب وتسليمهم إلى الولايات المتحدة لاستجوابهم خارج الصومال. 
وكذلك تنفيذ مداهمات مشتركة بين قوات خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) وميليشيات زعماء الحرب قتل فيها إسلاميون واعتقل آخرون . كما كانت عمليات ترحيل الإسلاميين المختطفين تتم عبر مطارات خاصة تابعة لزعماء الحرب موجودة حول العاصمة مقديشو.
ولكن الأوضاع تغيرت إلى الأسوأ وتفجرت بين الطرفين في 18 مايو 2006، عندما أعلن 11 من زعماء الحرب الصوماليين، بينهم أربعة وزراء في الحكومة الانتقالية، عن تأسيس تحالف جديد يدعى "التحالف من أجل إعادة السلام ومكافحة الإرهاب". ومهمة هذا التحالف، كما جاء في بيانه التأسيسي، "القضاء على الإرهابيين الأجانب الذين تؤويهم المحاكم الإسلامية في الصومال" .
وكان النصر من نصيب المحاكم الشرعية حيث دحرت أمراء الحرب واحدا تلو الآخر واضطر بعضهم للتسليم وإلقاء السلاح وصارت القبائل الواحدة تلو الأخرى تنضوي تحت لواء المحاكم الشرعية حتى سيطرت على العاصمة مقديشو وأغلب بلدات الجنوب، مما حدا بالسلطة المؤقتة إلى فتح باب جديد تحت مسمى التفاوض من أجل صومال آمن .
الصومال بين فكي أمريكا ودول الجوار
لقد أعاد النزاع في الصومال بين الحكومة الانتقالية والمحاكم الإسلامية الى الأذهان مرة أخرى تجربة صراع المصالح الإقليمية في الصومال، وأبرز أطراف هذا الصراع هو الصراع بيبن إثيوبيا وإريتريا فمنذ انتهاء الحرب الطاحنة بين البلدين عام 2000 والبلدان يعززان علاقاتهما مع الأطراف المختلفة في الصومال لتهديد الآخر أو لكبح جماحه وإيقاف تطلعاته . 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:50

إثيوبيا وإريتريا
تحولت الصومال الى ساحة للحرب بين الطرفين عام 1999 عندما عبرت القوات الإثيوبية آنذاك الحدود الى الصومال لضرب معاقل حسين عيديد أحد قادة الحرب الصوماليين في ذلك الوقت (والذي صار وزيرا للداخلية في الحكومة الانتقالية) في بيداوا (مقر الحكومة الحالي 250 كم إلى الغرب من العاصمة مقديشو) وكانت الحجة الإثيوبية آنذاك وجود مقاتلين تابعين للجبهات الإثيوبية المعارضة في هذه المناطق . 
وكانت إريتريا قد دخلت في تحالف مع حسين عيديد لتسهيل دخول آلاف المقاتلين المعارضين للنظام في أديس أبابا إلى إثيوبيا عن طريق الصومال بأسلحتهم مما أدى الى قيام القوات الإثيوبية بمهاجمة مدينة بيداوا وإخراج مليشيات عيديد من المنطقة وتم ذلك بالفعل عام 1999 . 
وكانت القوات الإثيوبية قبل ذلك قد عبرت الحدود مرات عديدة لضرب مواقع مليشيات جماعة الاتحاد الإسلامي الصومالي بجنوب غربي الصومال وكان من الطبيعي أن تقوم إريتريا باستغلال العداء بين الجماعات الصومالية وإثيوبيا وتقوم بدعم كل من المعارضة الإثيوبية المسلحة وكذلك الفصائل الصومالية التي كانت تقوم بدور المسهل للعمليات العسكرية للمقاتلين الإثيوبيين المعارضين . 
ولقد هدأت الجبهة الصومالية الإثيوبية لبعض الوقت في الفترة ما بين 2000- 2005 لكن الخلاف الإثيوبي الإريتري حول الوضع في الصومال ظل مستمرا ودعمت إريتريا سياسيا وعسكريا بشكل محدود حكومة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن (2000- 2004) والتي اشتدت العداوة بينها وبين الحكومة الإثيوبية التي دعمت بدورها خليطا من أمراء الحرب الصوماليين لعرقلة حكومة عبد القاسم وقد نجحوا في ذلك حيث لم تتجاوز سلطته جيبا صغيرا في العاصمة مقديشو . 
وعندما صعد نجم المحاكم الإسلامية كقوة عسكرية في العاصمة مقديشو عاد الحديث عن دعم إريتري لها ردا على الدعم الذي تقدمه إثيوبيا للحكومة الانتقالية الضعيفة المعترف بها دوليا والتي اتخذت من بيداوا مقرا لها، لكن الأمور في العاصمة اتسمت بالسرعة المتلاحقة وبدأت المحاكم الإسلامية تحقق انتصارات عسكرية كبيرة في العاصمة ضد تحالف أمراء الحرب المسمى بـ"التحالف من أجل إعادة السلم ومكافحة الإرهاب" والذي فقد جميع المناطق التي كان يسيطر عليها داخل العاصمة وخارجها على يد المحاكم الإسلامية . 
وتفاقم الوضع عندما شعرت إثيوبيا بأن جبهتها الشرقية التي تحاذي الشريط الحدودي مع الصومال (نحو 2800 كم) مهددة من قبل المقاتلين الإسلاميين الذين أحسوا بالانفراج بسبب سيطرة المحاكم الإسلامية على الوضع في العاصمة مقديشو وجزء كبير من جنوب الصومال، حيث أن المعارضة الإثيوبية الموجودة داخل الصومال سواء الإسلامية أو غيرها كانت تعمل بشكل شبه سري بسبب خوفها من ملاحقة أمراء الحرب الصوماليين الموالين لإثيوبيا والذين قام بعضهم بتسليم قيادات منهم إلى الحكومة الإثيوبية مقابل الحصول على السلاح والذخيرة منها . 
وقد تغير الوضع الآن، فبعد سيطرة الإسلاميين على الوضع في جنوب الصومال أصبحت تحركات المعارضة الإثيوبية الإسلامية بوجه خاص قيادات وأفراد، أكثر سهولة من أي وقت مضى ولم يُخف بعض قيادات المحاكم الإسلامية تعاطفهم بل واستعدادهم لدعم المسلمين الصوماليين في إقليم "أوجادين" في الحصول على اسقلالهم من إثيوبيا؛ ومن هنا جاء الشعور الإثيوبي بالتهديد المباشر القادم من الصومال خاصة أن عددا من فصائل المعارضة الإثيوبية المسلحة في إقليم أوجادين لها أجنحة عسكرية مقاتلة في داخل الإقليم، وأبرزها "جبهة تحرير أوجادين" و"الاتحاد الإسلامي في أوجادين" و"جبهة تحرير الصومال الغربي" وكلها تقوم بحرب أشبه ما تكون بحرب العصابات داخل الإقليم الصومالي لكن كان ينقصها العمق الإستراتيجي خلال سني حربها الطويلة حيث كان أمراء الحرب الصوماليون المتحالفون مع إثيوبيا يمنعون ذلك . 
وهنا جاء الدور الإريتري في دعم المعارضة الإثيوبية المسلحة عبر المحاكم الإسلامية التي هي الأخرى ترى إثيوبيا عدوا للصومال على مر التاريخ وكانت سببا في إضعاف الصومال حتى لا يكون منافسا لها في منطقة القرن الإفريقي وقد تحدثت وسائل إعلام محلية وأجنبية عن دعم عسكري إريتري للمحاكم الإسلامية وكذلك عن زيارات سرية لضباط عسكريين إريتريين للصومال لتدريب مليشيات المحاكم الإسلامية . 
وكما كانت بيداوا مسرحا للحرب بالوكالة عام 1999 بين إريتريا وإثيوبيا فإن المؤشرات تتجه نحو عودة نفس السيناريو مرة أخرى بناءا على التحالف بين إثيوبيا والحكومة الانتقالية من جهة وبين إريتريا والمحاكم الإسلامية من جهة أخرى . 
وتعتبر منطقة بيداوا ذات أهمية إستراتيجية عسكرية واقتصادية في النزاع الصومالي؛ عسكريا فهي تربط بين الوسط والجنوب وكذلك الشرق حيث العاصمة مقديشو، كما أنها تضم عددا من القواعد العسكرية والمطارات التي كانت تتبع الجيش الصومالي المنهار . 
يضاف الى ذلك أن القبائل الساكنة في المنطقة رغم أنها تتمتع بقوة عددية ظاهرة إلا أنها دخلت الحرب الأهلية الصومالية متأخرة كما أن أمراء الحرب المنتمين للمنطقة ليسوا متحدين في الولاءات السياسية والقبلية ومن الطبيعي أن يبحث كل طرف عن حلفاء له خارج المنطقة سواء من الأطراف الصومالية الأخرى أو من إثيوبيا . 
واقتصاديا تعتبر منطقة باي وبكول (ومركزها بيداوا) سلة غذاء الصومال حيث تنتج هذه المنطقة أكثر من نصف المحصول الزراعي في الصومال وعليه فإن القبائل المسلحة كانت عينها على الأهمية الاقتصادية والسكانية في المنطقة ومن أجل هذه الميزات كانت هذه المنطقة بؤرة للتوتر المستمر منذ بداية النزاع الصومالي الداخلي عام 1991 عقب انهيار الحكم المركزي في الصومال. فالعداء بين إثيوبيا والصومال قائم منذ قرون، وناتج هذا العداء عن اختلاف في الدين والصراع على الأرض، ولا أحد يقبل التنازل عن واحدة منهما، والحرب بين إثيوبيا والصومال كانت سجالاًً، والحكومتان السابقتان في كل من البلدين نجحت في إسقاط الأخرى، وإن سبق سياد بري إلا أن منجستو لم يتأخر عن زميله شهورًا، فمنجستو هيل مريم قال يوم وداعه وفراره من أديس أبابا: "لو كان لشعب إثيوبيا بقية عقل وإدراك لعرفوا أن لي فضل عليهم، نجحت في إسقاط حكومة عدوهم، وهاهي الصومال اليوم لا دولة ولا نظام". وهناك خطبة أدهى من تلك قالها بالحرف الواحد الرئيس الإرتري الحالي أسياس أفورقي يوم سقطت الصومال "سلام على الصومال، وأبشركم أنها لن تعود إلى الساحة الدولية" .
وقد غزت إثيوبيا الصومال عسكريًا أواخر نفس السنة وسيطرت على ثلاث مناطق في جنوب الصومال؛ إلا أنها تراجعت عسكريًا بعد أن قدم رئيس الوزراء السابق في الحكومة الانتقالية الدكتور علي خليف جلير شكوى في الأم المتحدة بخصوص التدخلات الإثيوبية في بلاده، وحدث ما تنبأ به الباحثون من أن منظمة الوحدة الإفريقية قد ضلت الطريق حين كلفت إثيوبيا أن تكون المسؤولة عن المصالحة الصومالية، وعقدت لهذا الغرض مؤتمرات عدة، وتساءل الصوماليون يومها: كيف يمكن لإثيوبيا أن تكون الراعية للمصالحة وهي المشجعة السابقة لتدمير الصومال؟.
وكل الاجتماعات التي عقدت في أديس أبابا لم تثمر؛ لأنها بالأساس لم يكن القصد منها أن تثمر.
رئيس الوزراء الإثيوبي -ملس زيناوي- قال في أكثر من مقابلة إنه يريد للصومال أمنا ونظامًا وحكومة ذات قاعدة قوية تحكم البلاد كاملة. وقال: إن من مصلحة إثيوبيا إقامة شرطة بالصومال لكي تخرج من الفوضى التي فيها، وإن إثيوبيا خسرت اقتصاديًا بسبب الأزمة في الصومال، لكن الشعب يرى مثل هذه الخطب كما يرى العراقيون خطب بوش وحديثه عن الحرية للإنسان العراقي، لا أقل ولا أكثر، فإثيوبيا لديها أهداف وأجنده محددة من الصومال، يمكن تلخيصها في الآتي:
1- صياغة دستور جديد يتفق مع أهدافها تجاه هذا البلد، وتكون من أهم بنوده تقسيم الصومال إلى خمسة أقاليم، كل إقليم له سيادته وإدارته الخاصة، وذلك باسم -الجمهورية الفدرالية الصومالية- وأن يتنازلوا عن أطماعهم لإقليم أوجادين التابع حاليًا لإثيوبيا، وألا تكون هناك حكومة مركزية قوية، حيث يصعب عليهم تفكيك البلاد من جديد .
2- الحد من التحالف بين الصومال وجارتها السودان حتى لا يولد في القرن الإفريقي حكومتان إسلاميتان قويتان، وإن شئت أن تتيقن من ذلك فما عليك إلا أن تتساءل عن سبب طول صراع السودان والصومال.
3- أن يكون رأس الدولة الصومالية أحد عملائها القريبين حتى يتسنى لها تنفيذ مطامعها، وتسربت قريبا معلومات تشير إلى أنهم يفضلون للرئاسة الكولونيل عبد الله يوسف، الذي يعد أقرب الساسة الموجودين على الساحة إليهم .
4- الحد من جميع الأنشطة الإسلامية هناك، حتى قال ملس زيناوي: "لابد من تغيير مناهج التعليم في الصومال، وإلا ستصبح يومًا ما "طالبان" جديدة في القرن الإفريقي .
كينيا
علاقتها مع الصومال علاقة عادية بالمفهوم السياسي، ولم تقم بينها وبين الصومال أية حروب، لكن كانت هناك مشاجرات بسبب النزاع معها على الأراضي، إلا أن هذا الخلاف لم يصل حد المواجهة العسكرية، استضافت في فترات سابقة مؤتمرات لأجل الوفاق بين زعماء الحرب، لكن كلها لم تلد شيئًا، وآخرها مؤتمر نيروبي برئاستها هي، وعلى أية حال فإن كينيا وإثيوبيا متفقتان على الخوف من الصومال لأجل صراعهم على الأرض، لأن الكثير من الصوماليين يسكنون شمال شرقي كينيا .
الرئيس الكيني السابق " دانيال أرب موي" هو الذي افتتح أعمال مؤتمر نيروبي، وقد صرح وهو في زيارة لكلية عسكرية في واشنطن، حين سأله خبير عسكري أمريكي: لماذا لا يوجد في الصومال دولة؟ فأجاب (موي): "كينيا وإثيوبيا لن تكونا صادقتين في المصالحة الصومالية، لأنهما تخافا إذا وجدت دولة صومالية أن تعيد نزاعها معهما، وأن يكون هدفها أن تضم الصومال بعض المناطق التابعة حاليًا لكل من كينيا وإثيوبيا" .
هذا التصريح كان عين الحقيقة والرئيس "موي" يعلم أنها هي السياسية التي كان يتعامل بها مع الملف الصومالي، وأعتقد أنها هي الجواب الوافي لسؤال حير الكثيرين من الباحثين في القضية الصومالية. 
جيبوتي 
جيبوتي دولة مسلمة عربية، يرأسها الرئيس إسماعيل عمر جيلي، شاب عرف ما عليه من حقوق عن إخوانه في الصومال، قدّم عام 1999م في الأمم المتحدة مبادرة للمصالحة أخذت اسم (مبادرة جيلي) للمصالحة، ولبى الصوماليون نداء أخيهم إسماعيل، واجتمع في جيبوتي أكثر من 2000 شخص توافدوا من جميع مناطق الصومال، وشكل بعد مشاورات استغرقت شهورًا أول حكومة حظت باعتراف العالم، وترأسها عبد القاسم صلاد حسن -الوزير السابق في حكومة سياد برى-. 
وتعتبر جيبوتي دوله شقيقة للصومال ولديها نوايا طيبة تريد تحقيقها، لأنها تريد صومال قوية لكي تستأنس بها وتكون سندها الأساسي مادامت هي دولة صغيرة من حيث المساحة والسكان، فأراء جيبوتي للمصالحة الصومالية أفكار بنّاءة، لكن لا أحد يصغي لها، ولولا قلة حجمها السياسي في القرن الإفريقي لاستطاعت إنقاذ الصومال من محنتها بعون الله، وقد عينت سفيرًا للصومال وتحضر المؤتمر الكيني بمستوى السفير، وهي دائمًا مع الخط الوطني، وهمّها الأمن والاستقرار في الصومال . 
أمريكا
يؤكد الكثيرون أن أمريكا هي المسؤولة عما حدث في الصومال حيث كانت هي الممولة للمعارضة إبان حكم سياد برى، ولم تكن العلاقة بين أمريكا والصومال علاقة طيبة، فحكومة أمريكا استبشرت بسقوط نظام سياد برى، وظنت أن الأمور تتحسن بالنسبة لهم، لكن خاب ظنها . 
بعد سنة من انهيار الصومال قررت الأمم المتحدة إرسال قوات إلى الصومال باسم (إعادة الأمل)، حيث أراد بطرس غالي –الأمين العام وقتها- أن ينتهز هذه الفرصة ويأمر القوات بنزع الأسلحة من المليشيات؛ إلا أن هذا الطرح قوبل بالرفض من قبل الولايات المتحدة، ولحاجة في نفس أمريكا عارضت نزع الأسلحة من قطّاع الطرق، من هذه الفترة إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت أمريكا غير مهتمة بالشأن الصومالي، وكانت لا تتحدث عن الصومال في أي من تصريحاتها، وبدا أنها أخرجت الصومال من قاموسها، فالشعب الأمريكي وقتها لا يكاد يسمع اسم الصومال حتى يتذكر سحل جنوده في شوارع مقديشو، لكن أمريكا كانت تنفذ أغراضها سرًا عن طريق إثيوبيا، وبعد أحداث سبتمبر تغيرت شكليًا نظرتها عن الصومال، وبدأت تظهر اهتمامها، لكنها كانت تنظر من زاوية تبعات هذه الأحداث، ولم تقدم برنامجًا معينًا غير إرسال عملاء من المخابرات لها، يطوفون الجنوب والشمال في البلاد للتأكد إذا كانت هناك معسكرات للإرهابيين –حسب زعمهم-، وكذلك أرسلت رسميًا مسؤول شؤون القارة الإفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية وزار كلا من إثيوبيا، كينيا، وجيبوتي، ثم عقد مؤتمرًا صحفيًا في جنوب إفريقيا، حيث محطته الأخيرة في القارة، وأدلى بتصريح مفاده "لولا مخافة إزعاج بعض أصدقائنا من العرب لكلفنا إثيوبيا بملف الصومال"، لكن بعد أن استوطنوا بجيبوتي وفتحت حكومة جيبوتي مراكز عسكرية في مرافق حيوية بها؛ أكد قائد قواتها في زيارة له في أديس أبابا بالحرف الواحد "قررنا أن تكون إثيوبيا مندوبتنا لحماية الحدود الصومالية من تسلل الإرهابيين منها وإليها، والترصد لتحركاتهم"، وهذا التصريح أظهر بوضوح ما كان يقوله بعض المحللين (بأن إثيوبيا هي الوكيل المعتمد لدى أمريكا في القرن الإفريقي) .
وذكرت مصادر دبلوماسية قريبة للحكومة الانتقالية، أن اجتماعًا ضم مندوبا من السفارة الأمريكية في نيروبي والرئيس عبد القاسم صلاد، قال صلاد فيه للمندوب الأمريكي: "أخبروني بصراحة: إن كان لديكم شخص غيري تثقون به، وتحبون له الحكم فأخبروني وأنا أتنازل له عن الحكم بكل اطمئنان"؛ فأجاب المندوب الأمريكي "لا يوجد ذلك"، فقال صلاد: "إذاً أيدوني وساعدوا حكومتي لنكون على تعاون وتصبح الصومال دولة أمن ورخاء للعالم" .
هذه المعلومة أكدت بنظرية من يقول إن أمريكا لم تزرع كوادر لها في الصومال، لذلك آثرت مساندة الفوضى حتى لا يصل القمة أحد غير موثوق في ولائه بعد .
لقد ساهمت هذه الأطراف مجتمعة في إطلاق اسم "مدينة الموت" على بيداوا لأن الحروب المتكررة فيها أدت إلى نزوح المزارعين من قراهم وعدم تمكنهم من مزاولة وسائل عيشهم، الأمر الذي أدى لحدوث مجاعة واسعة النطاق أودت بحياة عشرات الآلاف وكانت سببا للتدخل الدولي الأول في الصومال الذي قادته الولايات المتحدة في الفترة ما بين ديسمبر 1992 – أبريل 1995 تحت اسم "إعادة الأمل" لوقف المجاعة في الصومال؛ هذه المجاعة التي لم تأت بسبب عوامل طبيعية وإنما بسبب تحولها إلى ساحة حرب بين المليشيات القبلية الصومالية . 
وبعد أكثر من 10 سنوات تنتاب السكان في منطقة بيداوا مخاوف جديدة من أن تتحول منطقتهم إلى ساحة حرب جديدة بين طرفي النزاع الصومالي (الحكومة الانتقالية التي تدعمها إثيوبيا عسكريا ومن ورائها أمريكا وبين المحاكم الإسلامية الذي قيل أنهم حصلوا مؤخرا على دعم عسكري من إريتريا) لتكون الحرب بين الطرفين مباشرة من جهة وبالوكالة عن الدولتين الإقليميتين من جهة أخرى. 
وكانت الحروب السابقة في بيداوا قد أدت إضافة الى المجاعة حركة نزوح جماعية من المنطقة إلى المناطق الأخرى من الصومال ويتحدر معظم النازحين الداخليين ويبلغ تعدادهم نحو 350 ألفا حسب أرقام الأمم المتحدة – من منطقة بيداوا ويعيشون في أوضاع مأساوية في مخيمات النازحين المنتشرة في العاصمة والمدن الرئيسية في الصومال والسبب هو استمرار النزاعات السياسية والقبلية . 
ومع تعثر المفاوضات التي ترعاها الجامعة العربية بين الحكومة والمحاكم الإسلامية حينا وانبعاث الأمل في المضي من خلالها قدما نحو وضع ملائم ومقبول من كلا الطرفين فإن المخاوف من حدوث مأساة إنسانية بالمحافظات الجنوبية الغربية من الصومال في حال اندلاع مواجهات مسلحة فيها تتزايد يوما بعد يوم. 
ومن المتوقع ان تشهد الساحة السياسية والعسكرية في الصومال تقلبات دراماتيكية خلال الشهور القليلة المقبلة مع تزايد نفوذ المحاكم الإسلامية من جهة واستمرار الحكومة في الاستعانة بالقوات الإثيوبية في صراعها مع المحاكم الإسلامية من جهة أخرى إضافة إلى محاولات جديدة من أمراء الحرب السابقين لاستعادة دورهم بعد هزيمتهم في الحرب ضد المحاكم الإسلامية . 
ومما يزيد العلاقة بين المحاكم الإسلامية والحكومة سوءا هو استضافة الأخيرة لعدد من أمراء الحرب الفارين من العاصمة وضم مليشيات بعضهم إلى القوات الحكومية وهو أمر تراه المحاكم الإسلامية تحالفا جديدا موجها ضدها. 
وفي هذه الأثناء التي اشتد فيها الصراع على الأرض بين الحكومة والمحاكم الإسلامية فإن المنظمات الإقليمية المهمة مثل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيجاد على الرغم من أنها تتحدث بصوت واحد من الناحية الرسمية إلا أن هناك انقساما كبيرا حول الوضع في الصومال وكيفية التعامل معها. فإثيوبيا تتعامل مع الوضع في الصومال من الناحية الأمنية واستقطبت دعم الولايات المتحدة في موضوع الحرب على الإرهاب، وعلى الرغم من الهواجس المشتركة بين إثيوبيا وواشنطن حول ما يسمى بالجماعات الإرهابية في الصومال إلا أن واشنطن ترى أن تدخل إثيوبيا عسكريا من شأنه أن يفاقم الوضع بدلا من أن يحله. 
أما الجامعة العربية فقد ركزت على التوسط بين الحكومة والمحاكم الإسلامية وأطلقت مبادرة في ذلك من الخرطوم وأسفرت الجولة الأولى عن توقيع لاتفاقية إعلان مبادئ بين الطرفين في 22 من الشهر الماضي ثم نجحت مؤخرا في عقد الجولة الثانية من المحادثات بعد تعثرها وظهور بارقة أمل في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف . 
أما الاتحاد الإفريقي فقد تبنى خطة إرسال قوات إفريقية إلى الصومال للقيام بمهام حفظ السلام ومساعدة الحكومة في بسط نفوذها على كامل التراب الوطني إلا أن تحقيق هذه الخطوة مرتبط بأمرين؛ الأول موافقة مجلس الأمن الدولي على رفع الحظر المفروض على توريد السلاح والمعدات العسكرية إلى الصومال، والأمر الثاني هو الحصول على ضمانات بتمويل عملية التدخل العسكري في الصومال وهو ما لم يتوفر حتى هذه اللحظة . 
وبعد كل ذلك تبقي مسألة مهمة وهي استعداد المنظمة الدولية لقبول أن تعمل القوات الإفريقية تحت مظلة الأمم المتحدة وإشراف مباشر منها وهو ما طلبه البرلمان الصومالي عند المصادقة على مشروع التدخل العسكري الإفريقي . 
وهناك مخاوف من انقسام البرلمان الصومالي في حال تم التدخل العسكري الإفريقي دون مظلة الأمم المتحدة وهو ما من شأنه أن يسحب الشرعية القانونية من التدخل أصلا مما سيعطي انطباعا بأن القوات الإفريقية تدخلت لصالح طرف صومالي ضد أطراف أخرى مما قد يمهد الطريق لتصادم بين القوات الإفريقية وبين الرافضين لها وبالتالي تصبح طرفا في الحرب في الصومال وهذه النقطة هي التي أدت إلى فشل التدخل الدولي الأول في الصومال بعد أن اندلعت الحرب بين القوات الدولية والميليشيات الصومالية في شوارع مقديشو تلاها انسحاب القوات الدولية من الصومال وعودة الصومال إلى مرحلة الفوضى الأمنية والسياسية .
التيار الجهادي الصومالي هل يكون صاحب اليد الطولى ؟
كانت هناك محاولات حثيثة من قبل الدبلوماسيين الغربيين وبعض المحللين لاستقراء التنظيمات المشكلة لاتحاد المحاكم الإسلامية بقيادة الشيخ شريف شيخ أحمد، لفهم ما يجري في مقديشو، وهو تحالف غير متجانس –على حد تعبيرهم - تشكل العناصر "الراديكالية" أقلية ضمنها، أبرزها "الاتحاد الإسلامي". 
يقول مدير برنامج إفريقيا في "المجموعة الدولية للأزمات" إن هذه المحاكم تشكل "حركة غير متجانسة، هناك اتجاهات معتدلة وأخرى متشددة، وهناك محاكم قدمت جملة خدمات (للسكان) وقامت بفرض النظام، وأخرى لديها برامج أكثر تطرفا..".. ونظرا لعدم تجانس المحاكم الإسلامية، فإنه "من المبكر تحديد أي اتجاه سيغلب بداخلها، المعتدل أو المتطرف"، إذ إن هناك "عدة اتجاهات مختلفة داخل هذه المجموعة"، مؤكدا أن رئيسها الشيخ شريف "المعتدل" على وشك مغادرة هذا الموقع، وأن خليفته سيقرر إن كانت المحاكم ستسلك اتجاها "راديكاليا" أم معتدلا ! 
ويجمع هؤلاء على أن "التيار الجهادي" أو "الاتحاد الإسلامي" ذو التوجهات السلفية، بزعامة الشيخ حسن ضاهر أويس، والذي وضعته الولايات المتحدة الأمريكية في قائمة المنظمات الإرهابية، يمثل "أقلية جيدة التسلح والتنظيم" داخل المحاكم الإسلامية، وأن بعض عناصر القاعدة قد تمكنت من تقوية وجودها داخل التيار الجهادي، تساعدهم عناصر داخل التركيبة العشائرية الصومالية المعقدة، ومنها عناصر مطلوبة من الولايات المتحدة بتهمة المشاركة في تفجير سفارتي نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) عام 1998، وفندق مومباسا في (كينيا). 
المحاكم "تلقت المال من رجال أعمال أرادوا التخلص من زعماء الحرب"، الذين كانوا يبتزونهم ويفرضون عليهم وعلى السكان غرامات وإتاوات، في الوقت ذاته فإن ممولي الميليشيات الإسلامية "لا يريدون فرض الشريعة"، غير أن المحاكم الشرعية تقدم نفسها "بديلاً عن الفوضى من خلال نشر الإسلام في المجتمع"، وهذه -حسب المحللين- نقطة الالتقاء بينها وبين حركة "طالبان" الأفغانية التي استولت على السلطة في أفغانستان عام 1996، بسبب الاقتتال بين المجاهدين والفوضى التي حلت بالبلاد، لكنها بخلافها لا تحمل رسالة واضحة "عقائدية" كما أنها تتحرك في بلد غير متعدد المذاهب والأديان . 
كما لا يستبعد ما يؤكده ثلة من الخبراء أن المحاكم قد تتجه إلى "التشدد"، ما إذا لم يفتح معها ـ أي المحاكم ـ قناة للتواصل والحوار والمفاوضات المباشرة مع الفصيل الأقوى حاليا في الصومال .. وجادل بعض أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، أنه على الرغم من المخاوف من أن يقيم الإسلاميون نظام حكم شبيه بطالبان في الصومال، إلا أنه لن يكون من الحكمة قطع كل الاتصالات معهم، حيث يمكنهم أن يحققوا بعض الاستقرار في البلاد. 
الباحث جون برندرجاست المتخصص في شؤون الصومال والخبير في منظمة مجموعة الأزمات الدولية، قال: "إنه من الأهمية بمكان أن تتحدث الولايات المتحدة مع كل القوى الفاعلة في الصومال سواء كانوا إسلاميين أو غيرهم"، وانتقد الولايات المتحدة بسبب ما وصفه بأنه "15 عاما من السياسات الفاشلة في الصومال ولتمويلها جماعة من أمراء الحروب لم يكن لها كثير من الشرعية" . 
وقد كذب الشيخ شريف شيخ أحمد في تصريحات صحفية أي علاقة للمحاكم الإسلامية بما يسمى الإرهاب, واصفا المخاوف الأميركية، بأن تتحول مقديشو إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة، بأنه "تطاول ووقاحة أمريكية"، وقال: "لماذا يشعر الأمريكيون بالقلق حيال التطورات الجديدة في مقديشو، هذا لأنهم غير مطلعين بصورة جيدة على الوضع أو أنهم قلقون لهزيمة أصدقائهم" .. وتابع: "لسنا معادين لأي بلد ولا نقاتل ضد مصالح أي طرف كان، لكننا نعطي الأولوية لشعب الصومال" . 
وتطرق الشيخ شريف شيخ أحمد إلى مسألة فرض الشريعة الإسلامية، فقال: "الشعب الصومالي هو الذي يقرر هذه المسألة"، مضيفا "لن نملي مستقبل الصومال وستجري استشارة المجتمع المدني والمثقفين والشتات والمجتمع برمته"، وقال: "الاشتراكية جربت كوسيلة لحكم العالم، ولكنها فشلت، والديمقراطية جربت وهي تفشل، والسبيل الوحيد الآن هو الإسلام. ولكن الشعب هو الذي يقرر ذلك". 
ونفى الشيخ شريف شيخ أحمد في رسالة إلى السلك الدبلوماسي أي صلة للمحاكم بالإرهاب. وقال: "لا نشاطر أهداف ووسائل المجموعات التي ترعى الإرهاب وتدعمه". وأضاف أن حركة المحاكم الإسلامية دينية وليست سياسية، وأن جناحها العسكري تشكل فقط لإنهاء التسيب الأمني المزمن . 
ومما لا شك فيه أن ما يحدث الآن في الصومال، يعتبر فوزا مدويا لـ"الجهاديين" الذين كانوا وراء تأسيس هذه المحاكم، التي أرجعت الأمن والهدوء في "مقديشو" وقضت على قطاع الطرق والعصابات في بعض الأماكن التي توجد بها المحاكم، في حين يرى دبلوماسيون أجانب أن هذه المحاكم استعملها التيار الجهادي للوصول إلى الحكم. 
ومن جانب آخر، عين الشيخ حسن ضاهر أويس، "عدن أشي أيرو" في يوليو 2005 على رأس الميليشيات، وهي شخصية تدربت في أفغانستان، وتعتبر الأعنف بين 400 عنصر من المجموعة الجهادية في الصومال، وقد نجا من محاولة اغتيال مدبرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. وفي المحصلة، فإنه لم يحن بعد الوقت لتحديد الاتجاه أو التيار الأقوى الذي يمكنه التأثير أو السيطرة على اتحاد المحاكم الإسلامية ، وإن كانت اللعبة التي دأبت أمريكا على استعمالها والمتمثلة في استخدام القوة وبلا رحمة أو هوادة، والتي تحاول الآن تحريكها من خلال أثيوبيا وتدخلاتها الخفية أولا ثم المعلنة حاليا ستجعل التيار الجهادي هو صاحب اليد الطولى على أرض الصومال .
صومال الأمل والتحدي
يعتبر المحللون سيطرة المحاكم الشرعية على العاصمة الصومالية مقديشو تحولا مهما في الساحة السياسية الصومالية وأنه قد يكون بداية طي مرحلة مؤلمة ومليئة بالألام والمصائب من التاريخ الحديث للأمة الصومالية، شريطة استغلال الأطراف المعنية هذا التغير لما فيه صلاح البلاد. ويرى آخرون بأنها ربما تكون بداية موجة جديدة من الصراعات والاقتتال الأهلي؛ وفي هذه الكرة قد يكون الصراع أقسى وأسوأ من سابقاتها بسبب دخول عنصر أيديولجي ديني جديد في الصراع القبلي الصومالى .
هذه هي المرة الأولى في تاريخ الصومال القديم والحديث التي يوظف فيها العامل الديني لحسم صراع أهلي بين القبائل بينماعادة كان يتم توظيف الدين لتوحيد صفوف القبائل وتعبئتهم لمواجهة عدو أجنبي خارجي. 
ويرى المراقبون أن قادة المحاكم يحتاجون إلى شخصية حكيمة تعرف متي تحارب ومتي تفاوض ومتي تلقي السلاح لبناء الوطن. لأن النصر العسكري للمحاكم في حاجة إلى تعزيزه من خلال انتصار سياسي بإعداد برنامج وطني شامل تشارك فيه جميع القوى الفاعلة في المجتمع ومن خلاله يتم إعادة الأمن والاستقرار إلى العاصمة التي أصبحت بؤرة التوتر والفوضى في البلاد . 
ويؤكد التاريخ أن جميع الثورات التي قام بها شعب الصومال منذ الكفاح الوطني من أجل الاستقلال كانت تنتصر عسكريا ولكنها تفشل سياسيا . وكان آخرها الانتفاضة الشعبية ضد الديكتاتور السابق سياد بري وما تلاه من فشل سياسي مريع ما زلنا نشهد تداعياته المرة حتي يومنا هذا . والخطأ التاريخي نفسه قد تعيده المحاكم إذا لم تنتبه إلى أهمية إعداد خطة مشروع سياسي يكون بمثابة بوصلة لجميع تصرفاتها. 
هناك إشكالية أخرى تتمثل في بنية اتحاد المحاكم الذي يتألف من تيارات شتي من شرائح المجتمع المتنوعة بما فيها جماعات إسلامية مختلفة التصور ورجال أعمال وفئات من المجتمع المدني إضافة إلى زعماء حرب بعضهم لا يزال يحتل مناطق من جنوب البلاد. جميع هذه التيارات تتفق على التخلص من نفوذ لوردات الحرب إلا أنهم يختلفون في الرؤى والأفكار والأهداف فيما سوى ذلك من استراتيجيات. والتحدي الحقيقي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة مشتركة بين جميع هذه التيارات للعمل معا من خلال خطة مشروع تتفق فيها جميع الأطراف .
وتعد المفاوضات التي بدأها الطرفان الحكومة الانتقالية واتحاد المحاكم تعتبر بداية طيبة وخطوة أولى في الاتجاه الصحيح. حيث يبدو واضحا أن الطرفان في حاجة إلى بعضهم البعض ولا يستغني أحدهما عن الأخر. فالحكومة رغم ما يبدو عليها من الهشاشة والضعف إلا أنها تحظى باعتراف المجتمع الدولي وتتمتع بقدر من الشرعية باعتبارها نتيجة مؤتمر مصالحة وطنية استمر عامين بدعم دولي وإقليمي. وكذلك المحاكم على الرغم من عضلاتها العسكرية التي لا تقهر ولا تبارى في الوقت الحالي في الساحة السياسية الصومالية إلا أنها فى حاجة إلى غطاء شرعي معترف به ومقبول من المجتمع الدولي. وهكذا الطرفان يتكاملان ولكن قبل ذلك كله لابد من بناء الثقة بين الطرفين وذلك من خلال خلق مناخ يسوده الإخلاص وحسن نية وتبديد الشكوك والمخاوف التي يتبادلها الطرفان عبر وسائل الإعلام .
إن المبادرة العربية الأخيرة مهمة جدا رغم أنها جاءت متأخرة وبعد غياب شبه كامل عن الأزمة الصومالية. فالوساطة العربية تكتسب أهميتها بكونها تحظى بثقة واحترام جميع الأطراف وهو ما لا تتمتع به أي جهة أخرى إقليمية أو دولية بحيث تتهم بعض الأطراف بانحيازها إلى طرف ضد الطرف الآخر.
ثم إن هناك تحديات خارجية أهمها إزالة المخاوف التي أبداها المجتمع الدولي تجاه الانتصارات العسكرية للمحاكم. وفي هذا السياق تعتبر الرسالة التصالحية التي بعث بها الشيخ شريف إلي مكاتب هيئات البعثات الدبلوماسية في نيروبي والمنظمات الإقليمية والدولية ومكتب العلاقات العامة لوزارة الخارجية الأمريكية ـ تعتبر خطوة مهمة تنبئ عن مرونة سياسية يتمتع بها الشيخ حيث شرح فيها سياسات وأهداف الاتحاد مؤكدا على كونها حركة محلية لأغراض وطنية لا علاقة لها بالإرهاب ودعا إلى فتح حوار مع جميع الأطراف. كان ذلك موقفا حضاريا وأخلاقيا لاقى ترحيبا دوليا واسعا لكن ما ينتظره العالم هو تطبيق هذه الوعود على أرض الواقع .
وأخيرا، فإن الصومال الآن في مفترق طرق ومنعطف مهم وخطير، وكل شيء يعتمد على السياسات التي تنتهجها الأطراف الصومالية. إذا غلب صوت العقل على العاطفة وعلت مصلحة الأمة على المصالح الأخرى الآنية عندها ستكون الأزمة الصومالية في طريقها إلى الحل، أما إذا أعيدت نفس الأخطاء التي ارتكبت خلال السنوات الستة عشر الماضية حيث غلبت الأنانانية والعشائرية فعندها تسير الأمور إلى مسارات أخرى يصعب التنبؤ بعواقبها الوخيمة.
الصومال يوسع خرق الشرق الأوسط الأمريكي الجديد
من عجائب السياسة أن كل محاولات المحافظين المسيحيين الجدد المتطرفين في إدارة أمريكا للسيطرة على مناطق العالم المختلفة تفشل بعوامل لا قبل لهم بها ولا توقع لمسارها .. ففي الوقت الذي كانوا يستعدون فيه لتغيير نظام حكم عدوهم اللدود في أمريكا الجنوبية (كوبا) ويتهيؤون لمرحلة ما بعد كاسترو، ظهر لهم زعيم جنوبي جديد معادي لخطط الهيمنة الأمريكية في فنزويلا هو هوجو شافيز الذي يتحول تدريجيا إلى كاسترو فنزويلا .
وفي الوقت الذي سعوا فيه لتفصيل ثوب جديد لشرق أوسط خال من المقاومة والإسلاميين، ظهر لهم المقاومون في العراق وحماس في فلسطين، وأصبحت خطط الشرق الأوسط الجديد المخصص ليتبوأ فيه الصهاينة مكانة القيادة نوع من الحلم في ذهن مريديه .
وضمن سلسلة الفشل الأمريكية هذه جاءت سيطرة الإسلاميين على مزيد من المناطق في الصومال وتحول البلاد إلى دول تديرها قوات المحاكم الإسلامية لتخرق ثوب الشرق الأوسط الأمريكي الجديد وتغير من خريطة المنطقة إستراتيجيا بما يضر بالمصالح الأمريكية . 
ففي غضون مدة قصيرة لا تتعدى شهرين وسع الإسلاميون من نطاق سيطرتهم علي الصومال وأصبحوا يستولون على المدن واحدة تلو الأخرى وبدون قتال في أحيان كثيرة، حيث يسلم لهم المسؤولون السابقون والقبائل أسلحتهم وعتادهم، وفي غضون مدة قصيرة أصبحوا هم الحاكم الفعلي في البلاد مقابل حكومة ورئيس دولة معزول قرب الحدود الإثيوبية .
ومع أن هذه السيطرة التي ارتضاها غالبية الصوماليين عن طيب خاطر جاءت لرغبة الجميع في نوع من الاستقرار والهدوء بعد فترات طويلة من الحروب التي تسبب فيها أمراء الحرب الذين تمولهم الولايات المتحدة لضمان أن يظل الصومال مواليا لها، فقد أغضبت هذه السيطرة للإسلاميين، الولايات المتحدة وأنصارها من دول الجوار خصوصا إثيوبيا التي تحارب الصومال منذ قرون بسبب الصراع التقليدي القديم بين الجارتين، بسبب الخشية من تأثير تصاعد نفوذ الإسلاميين في الصومال على الأقلية المسلمة في إثيوبيا .
ولهذا لم يكن مستغربا أن يحدث تنسيق أمريكي – إثيوبي عاجل من أجل التحرك لحصار هذه السيطرة الإسلامية في الصومال، أو تدخل قوات أثيوبية إلى الصومال وتحذر المحاكم الصومالية من التقدم نحو مدينة بيداوا التي يتحصن بها الرئيس الصومالي وحكومته، أو يجري على نطاق واسع تشويه صورة المحاكم الإسلامية وتصويرها علي أنها طالبان أخرى وأن زعيمها "إرهابي"، بهدف حشد المعارضين الصوماليين ضدها .
أيضا لم يكن مستغربا أن يقدم العشرات من أعضاء الحكومة الصومالية استقالتهم خلال الأسابيع الماضية إلى (رئيس الوزراء) علي محمد جيدي لأنه – حسب قولهم – "مدعوم من القوات الإثيوبية" المنتشرة في الصومال لحماية الحكومة من تقدم الميليشيات الإسلامية التي سيطرت على مقديشو وعدد من المناطق جنوب الصومال ، كما أن الحكومة الصومالية الانتقالية التي تشكلت عام 2004 عاجزة عن فرض النظام وهي لا تسيطر إلا على منطقة بيداوة حيث اتخذت مقرا لها .
وما يلفت الأنظار – وسيكون له دور حاسم في مواجهة المخطط الأمريكي لشرق أوسط وإفريقيا جديدة موالية للغرب – أن الإسلاميين وسعوا نطاق سيطرتهم في وسط الصومال بعد استسلام ميليشيات محلية لم تقاومهم بل تعهدت بمساعدتهم على فرض الشريعة في هذا البلد الذي يشهد حربا أهلية منذ العام 1991 .
حيث سلمت ميليشيات تابعة لقبيلة (هوية) وهي أبرز قبيلة صومالية 50 آلية على الأقل كلها مجهزة بأسلحة رشاشة إلى المجلس الإسلامي الأعلى في الصومال في مدينة أدادو بمنطقة جالجود (وسط)، وهو ما عده (زعيم المجلس الإسلامي الأعلى) الشيخ حسن ضاهر أويس تطورا هاما يعكس رغبة الصوماليين في عودة الهدوء والاستقرار، ورغبتهم في أن تحكمهم الشريعة الإسلامية .
وقد أدت سلسلة الانتصارات لأن يسيطر الإسلاميون على العاصمة الصومالية وعلى جزء كبير من جنوب البلاد وجزء من وسط البلاد، كما بسطت المحاكم سيطرتها على منطقة (موجود) شمال منطقة جالجود حيث وضعت حدا لأعمال القرصنة في مرفأ مدينة هراديري الواقعة على بعد 300 كلم شمال مقديشو.
وأزعج هذا بالطبع إثيوبيا التي أرسلت قواتها داخل حدود الصومال لتحمي الحكومة الصومالية الموالية لها في بيداوة، والتي تعهدت لاحقا "بسحق" مليشيا المحاكم الإسلامية الصومالية القوية بعدما هددت المحاكم الإسلامية بشن الجهاد ضد قوات أديس أبابا لاتهامها بإرسال قوات لحماية الحكومة الصومالية الانتقالية الضعيفة حيث كشف شهود عيان توغل للقوات الإثيوبية في مدينة صومالية ثانية قريبة من بيداوة مقر الحكومة الانتقالية لحمايتها من أي تقدم للإسلاميين نحو المدينة . 
وكان زعيم الإسلاميين الصوماليين الشيخ حسن ضاهر أويس قد دعا الصوماليين إلى "الجهاد" ضد إثيوبيا متهما جيشها "باجتياح" الصومال التي تشهد حربا أهلية منذ 1991، وخرج سكان مقديشو لدعم الشيخ أويس وإدانة التحرك الإثيوبي الذي وصفه بعضهم بأنه عمل استفزازي متعمد خصوصا أن هناك محاولات لإجراء محادثات سلام بين الإسلاميين والحكومة واتفاق هدنة واعتراف متبادل تم توقيعه في الخرطوم في 22 يونيو الماضي .
ويبدو أن التحرك الإثيوبي ونشر قوات في المنطقة الحدودية داخل الصومال (250 جندي وفق الصوماليين) جاء بغرض استعراض العضلات وترهيب المحاكم من الزحف تجاه بيدواة خاصة أن سيطرة قوات المحاكم تهدد قوة إثيوبيا الإقليمية في المنطقة من جهة وتهدد في الوقت نفسه الأمن الإثيوبي بسبب الخشية من أن يشجع هذا الأقلية الإسلامية علي زيادة مطالبها ، كما أن هذا يهدد بدوره المصالح الأمريكية في المنطقة المتوافقة مع المصالح الإثيوبية . 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:50

ولهذا قال الشيخ أحمد (زعيم المحاكم) من مقديشو التي بسطت المحاكم الشرعية سلطتها عليها الشهر الماضي ووسعت نفوذها إلى جزء من الصومال "سنقاتل ونموت دفاعا عن الصومال أمام العدوان الإثيوبي"، بعدما قالت إثيوبيا أنها ستدافع عن الحكومة الانتقالية إذا هاجمتها المحاكم الشرعية التي تتهمها مثل الولايات المتحدة بإيواء متطرفين بمن فيهم عناصر مطلوبين من تنظيم القاعدة .
ويبدو أن الخطر الأكبر الذي تشكله قوات المحاكم الإسلامية – بخلاف الميليشيات السابقة – هو أنها تعتبر بمثابة كيان سياسي قوي وليس مجرد قوات تحارب من الشباب خصوصا بعد اختيار الشيخ حسن ضاهر أويس- الذي تصفه أمريكا بأنه "إرهابي دولي" - رئيسا لمجلس المحاكم الشرعية في الصومال وتحول التنظيم الذي بات يسيطر على قسم من البلاد إلى كيان سياسي له برلمان خاص به ورئيس يحكم قسم كبير من أرض الصومال .
وربما لهذا بدأ الاهتمام الأمريكي ينصب علي الصومال ، ولكنه عاجز في ظل توتر الأوضاع في مناطق أخرى مثل العراق ولبنان عن التركيز علي مواجهة المحاكم الإسلامية هناك، فالولايات المتحدة تلاحق زعيم المحاكم (نحو 60 عاما) منذ نوفمبر عام 2001 وقد منعته من السفر إلى أراضيها وأخضعته لعقوبات مالية بسبب علاقاته المفترضة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن .
ويؤكد تقرير صدر في ديسمبر عام 2005 عن مجموعة الأزمات الدولية إن أويس كان من قادة الاتحاد الإسلامي الرئيسيين، حيث كان الاتحاد الإسلامي تنظيم جهادي تم إنشاؤه مطلع الثمانينات في الصومال لكن وجوده بات شبه معدوم منذ العام 2005. وقد شارك في الحرب الأهلية التي انطلقت عام 1991 ويعد برنامجه أن القران هو الأساس للحياة السياسية والاجتماعية .
ويشير تقرير مجموعة الأزمات إلى أن أويس هو من الوجوه الرئيسية التي أنشأت محكمة "ايفكا حلان" والتي يصفها التقرير بأنها إحدى أكثر المحاكم الإسلامية تشددا .
ويرى متخصص في شؤون الصومال بأن هذه المحاكم تحولت إلى "كيان سياسي" بإنشائها هيئتين على الأقل، حيث كانت المحاكم قبل ذلك منتظمة في (تحالف المحاكم الشرعية) الذي يرأسه الشيخ شريف شيخ أحمد المعروف باعتداله كما يصفه الغرب، ثم أنشأت المجلس الجديد للمحاكم الشرعية الذي يضم 88 عضوا من بينهم أويس ويعد بمثابة الهيئة التشريعية (البرلمان) فيما يرأس الشيخ شريف أحمد الهيئة التي تلعب دور المجلس التنفيذي .
صحيح أن المحاكم لم تتحدث عن "إقامة جمهورية إسلامية"، ولكنها تثبت أقدامها يوما بعد آخر، وهذا منبع الخطورة، خصوصا أنها تكتسب في نفس الوقت مصداقية واحترام الصوماليين وتسعى للسيطرة على المناطق وإنشاء محاكم إسلامية تعيد الاستقرار والهدوء في المدن التي تسيطر عليها .
أيضا تتعامل المحاكم الشرعية بطريقة معقولة مع الحكومة الصومالية حيث توصلت في 22 يونيو إلى اتفاق اعتراف متبادل مع الحكومة الانتقالية التي استلمت مهامها عام 2004 ولم تتوصل إلى فرض النظام، ولم تنازعها السلطة فعليا ولكنها تسعى لذلك عمليا باعتبارها القوة العسكرية الأولى الآن في الصومال وتسيطر على غالبية المدن والمواني .
فهل تنجح المحاكم – والولايات المتحدة غائبة في مستنقع العراق ولبنان – في أن تفرض نفسها على الساحة وتسيطر على الصومال كله وتفرض حكم إسلامي يهدم المخططات الأمريكية في الشرق الأوسط وإفريقيا معا، أم تتدخل واشنطن للمرة الثانية لإجهاض هذا النبت الوليد، أم تفوض الإثيوبيين لمحاربة المحاكم الإسلامية نيابة عنها ؟! وهو الأمر الذي بدا واضحا بعد بدء المفاوضات بين المحاكم الإسلامية وبين الحكومة الانتقالية والذي أتبعه انفجار سيارتان ملغومتان بالقرب من مبنى البرلمان في بيداوا، وراح ضحيته ثمانية صوماليين ادعت الحكومة الانتقالية أن تنظيم القاعدة يقف من خلفه، في حين يجمع الإسلاميون على أن الدمى الحبشية التي تحركها الأيدي الأمريكية من وراءه، فهل سينجح إسلاميو الصومال في المرور بالبلاد خلل هذا الدخن وتلك المؤامرات إلى بر الأمان، هذا ما ستنجلي عنه الأيام المقبلة .
______________________________________________ 

المحاكم الإسلامية.. إشكاليات الواقع السياسي
عبد القادر محمد عثمان 
المحاكم الإسلامية ظاهرة اعتبرها البعض أنها ظهرت فجأة وبدون مقدمات، ورآها البعض نوعا من الإسلام الجهادي أو الإسلام السياسي، حيرت انتصاراتها المتتالية والسريعة زعماء الفصائل الصومالية ورؤساء دول المنطقة، وأربكت سياسات ومخططات الدول الكبرى وأبرزها الولايات المتحدة تجاه الصومال، حيث أعلنت الخارجية الأمريكية بادئ الأمر أنها لم تُكوّن فكرة عن المحاكم الإسلامية، كما اعتبر الكثيرون هزيمة أمراء الحرب على يد المحاكم الإسلامية ضربة تلقتها الولايات المتحدة؛ لأنهم كانوا يحظون برعايتها ودعمها المباشرين.
أسئلة كثيرة ما زالت تطرح نفسها بعد بروز نجم المحاكم الإسلامية حتى من قِبل المتابعين للشأن الصومالي حول المحاكم الإسلامية في الصومال وماهيتها ومستقبلها السياسي، ومن تلك الأسئلة التي طُرحت، علاقتها بتنظيم القاعدة، ومن يقف وراء القوة الكاسحة للمحاكم الإسلامية ماديا وعسكريا؟ وهل المحاكم الإسلامية ستكرر التجربة الطالبانية في أفغانستان؟.
ولعل الحديث عن خلفية المحاكم الإسلامية وظروف صعودها يكشف جانبا من حقيقة ما يدور في الصومال في الفترة الأخيرة.
خلفية تاريخية
ظهرت المحاكم الإسلامية بعد انهيار الحكومة الصومالية كتعبير عن طموح الإسلاميين في السياسة والسعي إلى السلطة عن طريق إعادة الأمن والاستقرار. ففي عام 1991 أسس الإسلاميون معسكرات للتدريب العسكري في العاصمة الصومالية وثلاث محافظات أخرى، وبعدها بدءوا يطلبون من علي مهدي (الرئيس الصومالي آنذاك) تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكن هذه المحاولة فشلت بسبب وقوف الجنرال عيديد -خصم علي مهدي- ضدها.
وفي عام 1994 أنشئت محاكم إسلامية قوية في شمال العاصمة الصومالية مقديشو بقيادة مجموعة من العلماء ذوي اتجاه صوفي أشهرهم الشيخ علي طيري، وطبقت الحدود على بعض الأشخاص مثل حد السرقة والرجم وأحكام "التعزير" المختلفة.
لكنْ نشب خلاف بين رئيس المحكمة الإسلامية الشيخ علي طيري وبين الرئيس علي مهدي ويقال إن وكالة الاستخبارات الأمريكية طرحت في اجتماع عقد في نيروبي فكرة تصفية مشروع المحاكم الإسلامية، وقد تم ذلك فعلا عام 1996 عندما استولت مليشيات قبلية لعلي مهدي على مقر قيادة المحاكم الإسلامية، وأتلفت محتويات مكاتبها وحاصرت المقر لفترة طويلة حتى انهار المشروع بأكمله.
في نهاية التسعينيات أنشئت محاكم إسلامية على أسس قبلية حيث تتفق القبيلة على إنشاء محكمة خاصة بها لإلقاء القبض على المجرمين من القبيلة وحبسهم وتذنيبهم وتأهيلهم دينيا وأخلاقيا، يقوم على إدارتها العلماء من تلك القبيلة وتكون لها قوة عسكرية من القبيلة تقوم بمهمة الهجوم والقبض على المجرمين من القبيلة الذين يقومون بأعمال النهب المسلح. وقد وقف الإسلاميون وراء إنشاء تلك المحاكم ولكن الواجهة كانت قبلية، فتسمع المحكمة الإسلامية لقبيلة كذا وفي المنطقة المجاورة نفس الاسم ولكن باختلاف اسم القبيلة.
وتم استيعاب قادة المحاكم الإسلامية في الحكومة الانتقالية التي رأسها عبد القاسم صلاد حسن 2000-2004 بسبب الضغوط التي تعرض لها الرئيس صلاد الذي اتهم بأن حكومته ترعى المتطرفين الإسلاميين وتتغاضى عن سلطتهم المتنامية.
بعد ضعف حكومة صلاد بدأت المحاكم الإسلامية ترجع بقوة وفي مناطق جديدة مع تردي الأحوال الأمنية في العاصمة الصومالية، فأنشئت في العاصمة الصومالية وحدها 10 محاكم إسلامية، كل محكمة تعرف باسم القبيلة التي كانت وراء إنشائها. وظهر في قيادة تلك المحاكم إسلاميون ينتمون إلى التنظيمات الإسلامية، الإخوان والسلفيون والمستقلون وجزء كبير من علماء الطرق الصوفية، لكن أغلب القيادات كانت تنتمي إلى التيار السلفي من الإسلاميين الصوماليين.
وفي عام 2004 تم توحيد هذه المحاكم وظهر "اتحاد المحاكم الإسلامية" حيث انضمت كل المحاكم إلى ذلك الكيان الجديد، وتم انتخاب الشيخ شريف شيخ أحمد -الذي كان يرأس إحدى المحاكم- رئيسا لعموم اتحاد المحاكم، وأصبحت أجهزتها الأمنية والقضائية موحدة في إطار هذا الكيان. وبعد إنشاء اتحاد المحاكم الإسلامية انخفضت نسبة الجرائم وحوادث الاختطاف بشكل ملحوظ، لكن التطور الجديد أثار حفيظة أمراء الحرب في العاصمة؛ لأن المحاكم نجحت في تحقيق الأمن الذي فشل فيه أمراء الحرب.
صعود نجم المحاكم
لفت ظهور اتحاد المحاكم الإسلامية أنظار العالم إلى الصومال من جديد ونظرت إليه الولايات المتحدة على أنه يهدد مصالحها في المنطقة بسبب ما تعتقده من علاقة للمحاكم بتنظيم القاعدة وأنها في مرحلة من المراحل كانت تؤوي عناصر متهمة بتفجيرات السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998. وإلى جانب ذلك كان نشاط الإسلاميين العسكري والسياسي محط اهتمام الولايات المتحدة منذ تدخلها العسكري في الصومال عام 1992 وما تلاه من معارك دامية بين الجنود الأمريكيين والمليشيات الصومالية التي كان الإسلاميون جزءا منها في ذلك الوقت.
وكرد على ظهور المحاكم تحالفت الولايات المتحدة مع عدد من أمراء الحرب الصوماليين لاغتيال عناصر من الإسلاميين أو اصطيادهم -وقد حدث فعلا- وهو ما أدى إلى نشوب صراع علني بين أمراء الحرب والمحاكم الإسلامية بلغ ذروته في فبراير 2006 بعد الإعلان عن تشكيل "تحالف مكافحة الإرهاب" بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية، ويضم 10 من أمراء الحرب الأقوياء في العاصمة والمناطق المجاورة لها، وهي المناطق التي كانت قوة المحاكم الإسلامية تزداد فيها.
ومن هنا تحول الصراع بين الإسلاميين وأمراء الحرب إلى اشتباكات دامية في شوارع مقديشو في نفس الوقت الذي شوهد فيه بالعاصمة مئات المقاتلين الإسلاميين الذين كانوا غير معروفين في شوارع العاصمة. ومن الواضح أن المحاكم الإسلامية كانت تعد لمواجهة مع أمراء الحرب لفترة طويلة وقد تمكنت من تجنيد مقاتلين في مناطق نائية غير لافتة، تحسبا للحظة الحاسمة مع أمراء الحرب.
وتمكنت المحاكم الإسلامية من هزيمة أمراء الحرب في وقت قصير لم يتجاوز أربعة أشهر، سيطروا خلالها على العاصمة مقديشو بعد فرار أمراء الحرب واستسلام مليشياتهم مع أسلحتها المختلفة.
انتصارات سريعة وجوانب ضعيفة
وللمرة الأولى أصبحت المحاكم الإسلامية القوة الحاكمة للعاصمة وأعادت الأمن والاستقرار وحدّت من معدلات القتل والجرائم وكسبت تعاطف القبائل والشارع العادي ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، وقاموا بتوظيف تصريحات أمراء الحرب بأنها ضد الإسلام وضد مكتسبات المجتمع الصومالي كله، وهو ما زاد من شعبية المحاكم الإسلامية على حساب أمراء الحرب حتى إن طلاب الجامعات والمدارس الثانوية قاتلوا إلى جانب مليشيات المحاكم لإلحاق الهزيمة بأمراء الحرب.
وبعد العاصمة مقديشو سقطت مدن وأقاليم عديدة في يد المحاكم الإسلامية معظمها دون معارك كبيرة، وتولت الخلايا النائمة في هذه المناطق ترتيب الأمور لصالح المحاكم الإسلامية وتم تكوين سلطات إدارية بسيطة فيها. وتبلغ المساحة الجغرافية التي تسيطر عليها المحاكم الإسلامية أكثر من نصف الصومال حاليا مما يجعل المحاكم الإسلامية أقوى طرف في ميزان القوى -السياسي والعسكري- في الصومال كله.
ولكن المحاكم الإسلامية على الرغم من ظهورها العسكري الكاسح في الصومال منذ فبراير 2006 فإنها تعاني من ضعف في جوانب عديدة، أهمها:
- أن أهدافها السياسية غير واضحة حتى بالنسبة لقادة المحاكم، وتصريحاتهم في هذا الشأن متضاربة، بعضهم يريد حكومة إسلامية على حدود الجمهورية تكون مقبولة ومتعايشة مع الجيران والعالم، وبعض منهم يصرح بحكومة تمتد ما وراء الحدود تضم إقليم أوجادين وأورميا والمناطق الإسلامية وإقليم الشمال الشرقي الذي تسكنه القومية الصومالية في كينيا والمناطق الساحلية ذات الأغلبية المسلمة في كينيا.. بمعنى آخر إقامة دولة للمسلمين في منطقة القرن الأفريقي.
- قلة الخبرة السياسية والإدارية سمة بارزة في سجل المحاكم حيث إن المحاكم الإسلامية على سبيل المثال لم تعمل إدارة للعاصمة الصومالية إلى الآن ولا زال الهاجس الأمني والمواجهة تسيطر على ذهنية القائمين على المحاكم، فقد عينوا رئيسا لأمن العاصمة فقط، ولم يعين إلى الآن عمدة العاصمة ورؤساء البلديات، والعاصمة تحت تأثير هيبة المحاكم والخوف من بطشها وليست تحت تأثير نظام إداري متسلسل ومعروف لدى الناس.
- يوجد في قمة الهرم القيادي للمحاكم الإسلامية شخصيات بارزة في العمل السياسي سواء في الحكومات أو الأحزاب السابقة، ولكن الظروف الداخلية وحاجة الصوماليين إلى الأمن والاستقرار ونزاهتهم ورفعهم لشعار يوحد الصوماليين وهو "الإسلام"، كل ذلك ساعدهم وعزز رصيدهم السياسي والعسكري.
- عدم وحدة الرؤية السياسية والفكرية لدى أجنحة المحاكم الإسلامية الذين -وإن أتوا من مرجعية إسلامية- ينتمون إلى ألوان طيف فكري وسياسي كانت متصارعة منذ عهد قريب. وتضم المحاكم الإسلامية حسب التشكيلة الأخيرة 12 مجموعة لكل منها توجهاتها ورؤاها وتصوراتها وتضم أقصى اليسار وأقصى اليمين الإسلامي، إلى جانب صنف معتدل نسبيا، لكنه غير قوي في الوقت الحالي، ويشكل السلفيون أغلب قادتها، يليهم الإسلاميون ذوو الخلفيات الصوفية، ثم الإخوان المسلمون.
- يراهن كثير من المتابعين على أن التناقضات الفكرية والتصريحات المتشددة والمتناقضة التي تصدر من قادة المحاكم -وكلها تعبر عن توجه ما داخل أجنحة المحاكم- ربما تفضي إلى شرخ داخلي يشبه ما حدث في أفغانستان بين المجاهدين، ولكن الظاهر حتى الآن أن هناك تماسكا لا بأس به داخل هذه الأجنحة في المحاكم الإسلامية ربما مبعثه انشغالهم بصراعات كبيرة مع الحكومة الصومالية وكذلك الأثيوبية التي تدعمها.
تحديات أمام المحاكم
وإضافة إلى جوانب الضعف السابقة، تواجه المحاكم الإسلامية تحديا كبيرا في التعامل مع الأطراف الصومالية الأخرى الموجودة في الساحة وهم الحكومة الانتقالية المعترف بها وإقليما "بونت" و"أرض الصومال" اللذان يتمتعان بما يشبه الحكم الذاتي رغم أن الأخيرة أعلنت انفصالها من طرف واحد منذ عام 1991.
وفيما يتعلق بالحكومة الانتقالية، فإن المحاكم وافقت على التفاوض معها في إطار مبادرة أطلقتها الجامعة العربية وقد تم عقد 3 جولات من المفاوضات حتى الآن في الخرطوم أسفرت الأوليان عن نجاح محدود في تبادل الاعتراف بين الحكومة والمحاكم ووقف الحملات العسكرية بين الطرفين، لكن الجولة الثالثة بداية شهر نوفمبر انتهت بالفشل بسبب المواقف المتشددة والشروط المسبقة التي تمسك بها الطرفان.
لكن الخلاف بين الحكومة والمحاكم الإسلامية يزداد تصاعدا كل يوم ووصل إلى حد اتهام الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد للمحاكم بأنها كانت وراء محاولة الاغتيال التي استهدفته في بيداوا في 18 سبتمبر 2006، الأمر الذي نفته المحاكم الإسلامية.
ومن الناحية الميدانية لا تزال مليشيات المحاكم الإسلامية تحاصر مدينة بيداوا حيث مقر الحكومة الانتقالية، وعلى الرغم من عدم حدوث اشتباكات بينها وبين القوات الحكومية التي تدعمها وحدات عسكرية أثيوبية، لكن احتمال اندلاع مواجهات بينهما وارد في أية لحظة.
أما فيما يتعلق بإقليم "بونت" بشرق البلاد و"أرض الصومال" بالشمال فإن قادة المحاكم صرحوا بعدم وجود نية لمهاجمتهما لأنهما "مناطق مستقرة"، وبسبب أن التعاطف مع المحاكم الإسلامية يتنامى فيهما، كما أن عشرات من القيادات الإسلامية في هذه المناطق متواجدون في مقديشو، فيما يؤشر على أن خطوة ما تعد للتعامل مع هذه المناطق.
وفي تطور مفاجئ تم الإعلان عن إنشاء محاكم إسلامية في هاتين المنطقتين من قبل متعاطفين مع المحاكم الإسلامية في العاصمة، وهو تطور قد يؤدي إلى تعجيل تصادم بينها وبين السلطات المحلية، وقد تتدخل المحاكم الإسلامية في مقديشو لصالح الإسلاميين هناك، خاصة أن المحاكم الإسلامية تضم آلافا من المقاتلين ينتمون قبليا إلى إقليمي بونت وأرض الصومال وقد يشكلون دعما خلفيا للإسلاميين في الإقليمين في حالة نشوب مواجهات مسلحة بينهم وبين السلطات المحلية.
التدخلات الأجنبية
يتزايد القلق من أن تصبح الصومال ساحة حرب إقليمية بين إثيوبيا التي تدعم الحكومة الانتقالية وبين إرتريا التي تدعم المحاكم الإسلامية. وتصفية الحسابات بين اللاعبين الإقليميين لا تقتصر على إثيوبيا وإرتريا فهناك نحو 12 دولة ضالعة في الصراع داخل الصومال بأشكال مختلفة حسب آخر تقرير للأمم المتحدة، وأهم هذه الدول الولايات المتحدة وإيطاليا ومصر والسودان وأثيوبيا وأوغندا وإرتريا وليبيا واليمن وإيران ودول أخرى.
وقد أكد تقرير جديد للأمم المتحدة أن الأسلحة تتدفق على الصومال من أطراف كثيرة، ويشير إلى أن الصومال ربما سيكون -إذا توتر الوضع- ملاذا آمنا لقادة تنظيم القاعدة، ومن التوصيات التي وردت في التقرير فرض حصار بري وجوي وبحري محكم بحيث لا يدخل إلى الصومال أي سلاح، وضمنيا أي شخص غير مرغوب فيه.
ويتضح من هذه المعطيات أن الصومال سيكون محطة لاهتمام المجتمع الدولي خلال الفترة القادمة، والمحاكم الإسلامية ستكون محور هذا الاهتمام على الرغم من عدم تكون ملامح هذا الكيان الذي خرق أدبيات الصراع القبلي في الصومال وسيطر على نحو نصف البلاد واجتذب تأييد الشارع الصومالي بقدر ما اجتذب شكوك وعداء أطراف أخرى خارجية وداخلية، وسيكون للإسلاميين قصة أخرى تختلف أو تقترب من قصصهم في أفغانستان والعراق، وتشغل العالم خلال الفترة القادمة.
وليس معروفا بعد إذا كان الإسلاميون في الصومال سيقبلون بالواقع السياسي الذي وجدوا أنفسهم فيه أم سيكونون إضافة أخرى إلى الصراع الدموي المستمر في الصومال منذ 16 عاما. 
-----------------
* صحفي صومالي، ومدير المركز الصومالي للإعلام – مقديشو.
______________________________________________ 

فشل أمريكا في القرن الإفريقي.. الصومال نموذجا
د. الخضر عبد الباقي محمد 
برزت منطقة شرق إفريقيا مجددا على أجندة الاهتمام وأولويات الإدارة الأمريكية هذه المرة لأسباب ودوافع أكثر أهمية لدى إستراتيجية البيت الأبيض، حيث باتت دوائر الاشتباه والاتهام تتسع يوما بعد يوم منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية لحربها ضد ما تصفه "الإرهاب". وتأتي منطقة القرن الإفريقي من أبرز الجهات المرشحة للسجال الأمريكي ضد عناصر المجموعات الأصولية الإرهابية التي تهدد المصالح الأمريكية، وتزايدت المخاوف الأمريكية من الصومال بعد حادث تفجير السفارة الأمريكية في كل من دار السلام بتنزانيا ونيروبي بكينيا عام 1998، والذي اتهمت واشنطن حركة الاتحاد الإسلامي في الصومال بأنها العقل واليد الخفية وراء تلك العمليات. ومنذ تلك الفترة ظلت واشنطن تعمل على مراقبة الصومال عبر عدة إستراتيجيات وآليات وفق متغيرات المواقف وتطور الأحداث لمطاردة القوى الإسلامية في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام.
وعلى ضوء مؤشرات الأحداث وتطورها في الصومال تصاعد النفوذ القوي للقوى الإسلامية مجددا (اتحاد المحاكم الإسلامية) خلال الأشهر القليلة الماضية، وانعكاسات تفاعلاتها مع القوى الوطنية الأخرى ذات المرجعية الغربية (زعماء الحرب) في تحديد مسار الأحداث ومجريات الأوضاع الداخلية خاصة على الساحة السياسية، بالإضافة للتعامل وردود الأطراف والدول الكبرى معها، كلها تطورات أكدت من جديد أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب تستهدف في المقام الأول حركات المد الإسلامي وتطويق مظاهر الصحوة والعودة نحو الأصالة الإسلامية.
الصومال والمد الإسلامي
يشكل المسلمون السنة من الشعب الصومالي الغالبية العظمى من السكان، وهم ينتمون إلى مذهب الإمام الشافعي، ويتسم المجتمع الصومالي بأنه خاضع للخطوط والقواسم القبلية، لذا؛ يغلب عليه طابع مجتمع متدين محافظ، ويتجذر الإسلام في عمق الحياة في الشارع الصومالي بقوة، منذ قديم الزمان ولا يزال حاضرا حتى الآن بنسب ومستويات عالية من خلال التعليم التقليدي الذي يقام في المساجد والزوايا ومدارس تحفيظ القرآن الكريم.
وقد تنامت مظاهر الصحوة الإسلامية والعودة إلى الالتزام الديني في الصومال في الآونة الأخيرة، حيث انتشرت ممارسة الشعائر الإسلامية وتعلم مبادئ الدين لدى فئات المجتمع المختلفة لا سيما الشباب، والموظفين والتجار ورجال الأعمال، وقد ساهمت الأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد في تزايد الاحتماء والالتزام الديني خصوصا مع تدهور الأوضاع الأمنية وتصدي المجموعات الوطنية من ذوي الاتجاهات الإسلامية للقيام بأعمال رجال الأمن والتي استطاعت فرض سيطرتها وقوتها لضبط الوضع الأمني ولو بدرجات نسبية، علاوة على ذلك تنتشر في الصومال المحاكم الإسلامية الشرعية التي أصبحت هي الأخرى تمثل المرجعية الوطنية الدينية الوحيدة على الساحة بعد غياب الدولة المركزية وباتت تقوم بمهام فض النزاعات وتسوية الخلافات، وإجراء عقود الزواج والطلاق وغيرها. وتشهد الشوارع الصومالية العديد من مظاهر التفاعل الإيجابي مع قضايا العالم الإسلامي وفي مقدمتها القضايا العربية، فقد شهدت العاصمة مقديشو عددًا من المظاهرات الشعبية ولعدة أيام متتالية وفي كبريات المدن الصومالية الأخرى للاحتجاج على الحرب الأمريكية على العراق، وقام الصوماليون بصيام 7 أيام وقراءة صحيح الإمام البخاري لنصرة العراقيين حسب تقليد قديم معروف في الساحة الصومالية.
ويضاف إلى ذلك أنه في الوقت الذي تتزايد فيه حالة المد الإسلامي هناك محاولات صومالية جادة وحثيثة لمقاومة الضغوط والمخططات الأجنبية الغربية والأمريكية على وجه التحديد؛ فهناك حملات وطنية معلنة ضد المساعدات الأمريكية والغربية في مجال الخدمات الإنسانية والتي يصفها الصوماليون بأنها "غطاء لتنصير اللاجئين الصوماليين"، ويمثل السجال الطائفي أحد المحكات والاتهامات الموجهة ضد المجموعات والقوى الإسلامية الوطنية بوصفها حركة أصولية راديكالية متشددة تستخدم إرهاب الناس وإرغامهم وفرض اتجاه معين عليهم، خصوصا بشأن موقف رابطة علماء الصومال الرافض لقبول الأقلية المسيحية كجزء من نسيج المجتمع بوصفهم مرتدون يجب تطبيق أحكام الشريعة عليهم بإنزال عقوبة الإعدام فيهم حسب بيان الرابطة 17-2-2003.
هذه الأمور وغيرها من العوامل زادت من مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية إزاء تنامي قوة ونفوذ الجماعات الإسلامية واتحاد المحاكم الإسلامية، وتصعد من لهجاتها ضدها.
القرن الإفريقي وأجندة الحرب على الإرهاب
هناك حيثيات كثيرة واعتبارات عدة أدرجت منطقة القرن الإفريقي ضمن أولويات القوى الدولية الكبرى؛ نظرًا لارتباطها بالمصالح الحيوية لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتكتسب هذه المنطقة التي تقع فيها الصومال أهمية إستراتيجية كون دولها تطل على المحيط الهندي من ناحية وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية، ومن ثم فإن دولها تتحكم في طريق التجارة العالمي خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى أنها تعد ممرًا مهمًّا لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه منطقة الخليج العربي، كما تضيف هذه المنطقة لأهميتها اعتبارات أخرى في مجال الموارد الطبيعية، مثل البترول الذي اكتشف في بعض دولها.
وقد ازداد الاهتمام الأمريكي بالقارة الإفريقية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وإعلان الحرب وبرنامج مكافحة الإرهاب. واستقطبت الإدارة الأمريكية الحكومات والنظم الحاكمة في عدد من البلاد الإفريقية للوقوف معها في حملتها ضد ما أسمته "الإرهاب والأصولية الإسلامية". وقد كان التركيز الأمريكي كبيرًا جدًّا على دول منطقة شرق أفريقيا والقرن الإفريقي تحديدا؛ نظرا لما ذهبت إليه بعض التقارير الإستخباراتية من "أنه توجد في منطقة شرق أفريقيا خلايا مرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تشكل مصدر تهديد للمصالح الأمريكية وأن حكومات تلك المنطقة على الرغم من تعاونها في تضييق الخناق على تلك الخلايا والتقليل من حجم مخاطرها، فإنها لا تزال نشطة وقادرة".
وقد اجتمعت الإدارة الأمريكية برؤساء معظم دول القرن الإفريقي الموالين لواشنطن لتضييق الخناق على الحركات الإسلامية والمد الأصولي، واستقبل بوش كلا من الرئيس الكيني (أرب موي) ورئيس الوزراء الأثيوبي (ملس زيناوي) والرئيس الجيبوتي (إسماعيل عمر غيلة) ثم الرئيس الإريتري (أسياسي أفورقي)، وأسفرت تلك اللقاءات عن تدشين إدارة الرئيس بوش لبرنامج عسكري جديد للعمل في المنطقة تحت مسمى "قوة العمل في القرن الإفريقي" تشارك فيها إحدى عشرة دولة إفريقية هي: مصر، وإثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، وبورندي، والكونغو، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وسيشل، علاوة على ذلك فهناك قواعد عسكرية أمريكية أخرى في المنطقة مثل جيبوتي؛ فالقاعدة الموجودة هناك تتألف من جميع أفرع القوات المسلحة الأمريكية والمستخدمين المدنيين، فضلا عن ممثلين لجيوش الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة في حملتها ضد الإرهاب الدولي، وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أعلن في زيارته لجيبوتي أن "الولايات المتحدة ستبقي انتشارها في جيبوتي لعدة أعوام؛ لأنها منطقة يوجد فيها الكثير من العمل". وقد تعرضت المنطقة لاعتداءات عدة حيث شنت مقاتلات أمريكية غارات جوية على جزر صومالية في يوليو من العام 2003 بزعم وجود إرهابيين فيها على الرغم من استنكار الحكومة الانتقالية الصومالية لهذا الهجوم، وكان رد قائد القوات الأمريكية في القرن الإفريقي هو: "إن القيام بأي عمليات لمكافحة الإرهاب في الصومال لا تستدعي الرجوع للمسئولين بالصومال، وإنه يتم الاكتفاء بالأوامر الصادرة من القيادة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية"!.
وقد تزايدت مخاوف أمريكا من الحركات الإسلامية في الصومال وضاعفت تركيزها على الجانب الأمني لحفظ مصالحها الإستراتيجية حيث تجوب سفنها في المحيط الهندي والبحر الأحمر لمراقبة السفن التجارية المتجهة إلى الصومال والقادمة منها، كما تحوم طائراتها الحربية فوق سمائها لاكتشاف ما يسمونه معسكرات تنظيم القاعدة المتسللين إلى القرن الإفريقي لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية، كما تعمل عناصر المخابرات الأمريكية لكشف معسكرات التدريب والمعاقل التابعة للجماعات الإسلامية. وقد تحددت مساعي الولايات المتحدة لمواجهة خطر الجماعات الإسلامية في الصومال في الآتي:
أولا: قطع أوصال وقنوات المساعدات الخارجية بطرد المنظمات والهيئات الإسلامية الخيرية العاملة في الصومال، مثل مؤسسة الحرمين الخيرية ومؤسسات خيرية إسلامية أخرى، بدعوى رعايتها وصلتها بتنظيمات إرهابية مشبوهة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:50

ثانيا: تكثيف المكاتب الأمنية في طول البلاد وعرضها ونشر عناصر المخابرات وتجنيد عشرات من المواطنين كجواسيس ومخبرين لتتبع أي تحركات ذات طابع إسلامي معاد لأمريكا، بالتعاون مع زعماء الميليشيات أصحاب المطارات الخاصة، كما تلجأ تلك المكاتب إلى استخدام وسيلة الاغتيال والتنكيل والمضايقة لعناصر الشباب.
ثالثا: تعزيز الخطة الأمنية مع دول الجوار المعادية للحركات الإسلامية (إريتريا وأثيوبيا وكينيا) بتنسيق أمني ومخابراتي مع كل من إريتريا وأثيوبيا، وقد عمل النظامان على توظيف هذا التطور والعرض الأمريكي المجاني لصالحهما ضد القوى المعارضة لا سيما الإسلامية منها؛ حيث إن القوى الإسلامية تمثل عمقا ثقافيا وتاريخيا في المجتمع الإريتري وكذلك المجتمع الإثيوبي. وقد حاول كلا النظامين ضرب الطوق عليها -أي الحركات الإسلامية- إقليميا ودوليا من خلال وسمها بتهمة الإرهاب، كما تشير تقارير أخرى إلى أن الساحل الكيني يخضع لمراقبة ثلاثية مشتركة من عناصر الاستخبارات الأمريكية والكينية والإسرائيلية!.
رابعا: فرض الحظر على حركة تحويل الأموال إلى الصومال وتجميد نشاطات المؤسسات المالية العاملة في الصومال ذات التوجه الإسلامي أو التي تتعاطف مع الجماعات الإسلامية مثل "مؤسسة التقوى" و"مؤسسة البركة الاقتصادية" التي جمد الغرب جميع أرصدتهما بتهمة مساندة الإرهاب، وكلاهما مؤسسة اقتصادية صومالية تُعنى بشئون تحويلات الصوماليين في الخارج إلى ذويهم.
خامسا: السعي الحثيث لنظام واشنطن بكل المحاولات والطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة الحصول على ضمانات كافية من رؤساء الفصائل والقوى المشاركة في المداولات والمناقشات الخاصة بمسألة المصالحة الصومالية تطمئنها على ضرب والقضاء على الجماعات الإسلامية في الصومال على الرغم من المجازفات والمخاطر التي تنطوي على القبول بتلك الضمانات.
وعلى الرغم من تلك المحاولات والإجراءات المعقدة التي فرضت على النشاطات ذات التوجه الإسلامي فقد شهدت الساحة الصومالية تزايدا كبيرا في نفوذ تلك الحركات؛ الأمر الذي فرض على الأمريكيين وحلفائهم الأمر الواقع، كما أثبتت التطورات الأخيرة وسيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية على بعض المدن والمقاطعات، وباتت تمثل الرقم الصعب الذي يفرض وجوده على المعادلة الصومالية وعلى بقية الأطراف الإقليمية والدولية التي عليها القبول بهذا الواقع الجديد.
إن ما حدث بالصومال من صعود للقوى الإسلامية هو رد فعل طبيعي لفشل الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، ولسياساتها الجائرة في القرن الإفريقي والساحل، وبكل تأكيد فإن تحالفها مع بعض دول إفريقيا والساحل لم ولن يمنع ظهور تيارات إسلامية إن في الصومال أو في غيرها. 
-----------------
* كاتب وباحث أكاديمي نيجيري.
______________________________________________ 

بعد سيطرة المحاكم.. الحذر يحيط بالصومال*
هارون حسان - ترجمة: مروة صبري 
نجح اتحاد المحاكم الإسلامية في أن يثبت وجوده على الساحة الصومالية كواحد من القوى الكبرى في الصراع السياسي الدائر داخل الصومال منذ ما يزيد عن 15 عاما؛ إذ إن هذه هي المرة الأولى منذ سقوط الحكومة السابقة عام 1991 التي تصبح فيها العاصمة مقديشو بأكملها تحت سيطرة فرقة واحدة خاصة، وأن قوات المحاكم الإسلامية مستمرة في القضاء على ما تبقى من جيوب صغيرة موالية للوردات الحرب، ليبدأ العمل في إرساء قواعد حكومة جديدة.
ولم يكن يلقي غالبية المراقبين بالا للمحاكم عندما بدأت جولات القتال في فبراير 2006، باعتبار أنها تواجه مجموعة من لوردات الحرب أطلقوا على أنفسهم "التحالف من أجل إرساء السلم ومكافحة الإرهاب"، ويتلقون دعما ماليا من الولايات المتحدة، لكن اتحاد المحاكم الذي يحظى بتأييد الكثير من المواطنين الصوماليين العاديين سيطروا على المناطق واحدة تلو الأخرى بصورة تجاوزت حتى توقعاتهم الذاتية، وتمثلت ذروة إنجازاتهم في الاستيلاء على المبنى الذي شهد تشكيل "تحالف مكافحة الإرهاب"، وإقامة محكمة إسلامية هناك.
وفي إطار ذلك، ألحقت قوات المحاكم الإسلامية الهزيمة ببعض أبرز لوردات الحرب الصوماليين، ومنهم "محمد قنيار عفره" الذي كان يعد فيما مضى أقوى ثاني قائد بين لوردات الحرب داخل العاصمة، وقد فر إلى مدينة "جوهر" الواقعة على بعد 90 كيلومترا شمال العاصمة.
انتصار المحاكم والرد الأمريكي الحذر
أثار انتصار الحركة الإسلامية بالصومال على مدار الأسابيع الماضية ردود أفعال قوية داخل وخارج البلاد، ورغم أن المحاكم حظيت بتأييد شعبي واسع النطاق من جانب الصوماليين، فإن الحكومة الأمريكية لديها تحفظات شديدة، فبعد أيام قلائل من التقدم الذي أحرزته قوات المحاكم، أعلنت إدارة "بوش" أنها ستعقد اجتماعا دوليا لمناقشة التطورات السياسية بالصومال.
وصرح "سيان مكورماك"، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن الوقت أصبح ملائما لتشكيل ما أسماه "مجموعة اتصال دولية" لتعزيز وتنسيق العمل الرامي لدعم المؤسسات الفيدرالية بالصومال (مشيرا بذلك إلى الحكومة التي يترأسها الرئيس المؤقت عبد الله يوسف أحمد).
وقد أعلنت الولايات المتحدة أن مجموعة الاتصال هذه ستكون مفتوحة أمام جميع الأطراف المعنية من حكومات ومنظمات دولية، وربما الأمم المتحدة إن رغبت في ذلك. وبالفعل فقد عقد أول اجتماع لهذه المجموعة يوم 15 يونيو 2006 -بعد كتابة هذا المقال- وشاركت فيه خمس دول هي: بريطانيا والنرويج والسويد وإيطاليا وتنزانيا، وبرئاسة "جنداي فريزر" مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية.
والملاحظ هنا أن هذا المقترح الأمريكي يعد مؤشرا على أن القلق والاضطراب الذي أصاب المحللين الأمريكيين فور سيطرة المحاكم على مقاليد الحكم بالصومال قد حل محله الآن رد فعل أكثر اتزانا؛ فالولايات المتحدة وعملاؤها من لوردات الحرب في الصومال قد سبق وأن اتهموا المحاكم الإسلامية بإيواء إرهابيين أجانب، دون تقديم المزيد من التفاصيل أو الأدلة حول هذا الأمر، بينما نفت المحاكم من جانبها هذا الادعاء. والولايات المتحدة كانت ولا تزال تشعر بالقلق حيال إمكانية ظهور حركة إسلامية قوية داخل الصومال، ففي أعقاب المكاسب التي حققتها قوات المحاكم في مقديشو، أعلن الرئيس بوش "أنه لا يود أن يرى تحول الصومال إلى ملاذ آمن للإرهابيين".
وفي الوقت ذاته، مد "اتحاد المحاكم الإسلامية" يد الصداقة سريعا إلى الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة؛ حيث أشار خطاب موقع باسم الشيخ "شريف شيخ محمد" رئيس المحاكم الإسلامية إلى رغبة المحاكم في وضع نهاية لإراقة الدماء بالعاصمة والشروع في إعادة بناء البلاد، كما رفض زعيم المحاكم أي ادعاءات بإيواء الحركة الإسلامية الجديدة بالبلاد للإرهابيين سواء من الصوماليين أو الأجانب، وأعلن أنه لن يرفض قيام صحفيين أو أي أطراف معنية أخرى بزيارة مقديشو لمعاينة الأوضاع بأنفسهم.
المحاكم الإسلامية والداخل الصومالي
تواجه القوة الجديدة الصاعدة بالصومال تحديين هائلين: أولهما إمكانية أن تنشأ عقبة رئيسية من حقيقة أن التقدم الكبير الذي أحرزته المحاكم الإسلامية جاء في فترة زمنية قصيرة للغاية، وربما لم يكن قادتها أنفسهم على استعداد للتكيف مع السرعة التي أحرز بها هذا التقدم. وثانيهما أن نظام المحاكم يتداخل مع نظام العشائر المعقد بالصومال؛ الأمر الذي يعني أن العلماء الذين يقودون المحاكم توجد خلافات بينهم حول التوجه السياسي الذي ينبغي على البلاد أن تنتهجه.
ومن المعتقد أن رئيس المحاكم "شيخ شريف شيخ أحمد" أكثر إنصافا من زملائه، وأنه يحبذ فكرة ضرورة أن تعمل المحاكم الجديدة جنبا إلى جنب مع الحكومة القائمة في الصومال في "بيداوا". وبالفعل فقد عرض "شيخ أحمد" التفاوض مع الحكومة المؤقتة، وبدأ حوارا بين الحكومة والمحاكم، لكنه سرعان ما توقف بعد إعلان نية الحكومة عزمها على تمرير قانون يسمح بدخول قوات أجنبية للصومال؛ لينتقل الحوار إلى جدل وسجال عنيف بين الطرفين.
ومن المعروف كذلك أن واحدا من زملاء "شيخ أحمد" على الأقل يختلف معه في الرأي بشأن كيفية التعامل مع الحكومة المؤقتة؛ حيث يعارض أحد الزعماء البارزين للمحاكم الإسلامية وهو "حسن ظاهر أويس" بشدة الحكومة المؤقتة، ويضمر كراهية شديدة للرئيس المؤقت "عبد الله يوسف". وتعود جذور هذه الكراهية إلى عام 1992 عندما نجح "يوسف" في هزيمة حملة مسلحة ضد "حركة الاتحاد" الذي شغل فيها حسن ظاهر منصب قائد الجناح العسكري، وتعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
ويحمل العقيد حسن ظاهر دائما خطة أكثر طموحا للصومال تتضمن تطبيق الشريعة الإسلامية بصورة مباشرة وبدرجة أكبر؛ ففي لقاء أجري معه في أغسطس 2005 قال ظاهر: "إنه يرغب في إقامة حكومة إسلامية بالصومال وأي مكان آخر سيكون من الملائم إقامة الحكم الإسلامي به، لكن الغرب يعادي الإسلام، ويحاول منعنا من أن نحكم أنفسنا استنادا إلى الإسلام.. وفيما وراء الصومال نود أن نرى الإسلام يقود ليس فقط أفريقيا وإنما مختلف أنحاء العالم.. سوف ندرس احتمالات ذلك، ولكن ليس أمامنا نموذج بعينه سواء الخاص بـ"حسن الترابي" (الزعيم الروحي الإسلامي السوداني) أو غيره... نحن فقط نود أن يحكم الإسلام بلادنا وشعبنا، ونرغب من الدول الأخرى والعالم دعمنا لتحقيق ذلك".
وفي سؤال له حول إذا ما كان رجل سلام، أجاب: إذا كان طريق السلام يخدم تحقيق هذا الهدف بصورة كبرى فسوف نتخذه، أما إذا كان طريق القتال سيخدم الهدف أكثر فسوف ننتهجه.
لكن "شيخ أحمد" أعلن في أعقاب التقدم الأخير الذي أحرزته المحاكم أن اتحاد المحاكم لن يجبر أي شخص على الخضوع للشريعة، وأن الصوماليين لهم الحق في تقرير هذا الأمر، وحث العالم على تفهم أن ما حدث في مقديشو هو انتفاضة شعبية يجب احترامها على هذا الأساس.
حذر بالداخل والمحيط الإقليمي
يواجه اتحاد المحاكم داخل الصومال العديد من العقبات التي ينبغي أن يتغلب عليها خاصة كبار زعماء العشائر والسياسات القائمة على العشائرية..
أولا: لا يزال هناك عدد من زعماء العشائر يقفون بين قادة المحاكم ولوردات الحرب. ويعتقد قادة المحاكم أنه كان في إمكانهم اكتساح لوردات الحرب وطردهم من مقديشو سريعا لولا تدخل زعماء العشائر الذين أعاقوا ذلك من خلال إقناعهم المحاكم بوقف إطلاق النار، بينما جرى التفاوض حول استسلام اثنين من لوردات الحرب، ويرى قادة المحاكم أن هذا الإجراء تسبب في فقدانهم الزخم الذي كانوا يتمتعون به، وأنه كلما زاد أمد استمرار تواجد لوردات الحرب المتبقيين بالمناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها، كلما زادت فرصة أن يعيدوا توحيد وتدعيم صفوفهم.
ثانيا: ربما تتحول السياسات القائمة على العشائرية إلى عقبة كبرى. جدير بالذكر أن الميليشيات التابعة للمحاكم تنتمي لأكثر من عشيرة، في الوقت ذاته فإن زعماء العشائر لا يعنيهم سوى أبناء عشيرتهم ويخشون من أنه في حالة تسليم لوردات الحرب لأسلحتهم، فإنها ستسقط حينئذ في يد عشائر معادية. وليس بمقدور المحاكم تقديم ضمانات بعدم حدوث ذلك؛ لأنها هي نفسها ما تزال تعتمد على نظام العشائر.
ورغم تلك العقبات لا يزال من الممكن أن تنجح المحاكم في إيجاد حلول لمشكلات مقديشو؛ لأن أي فشل من جانبها في إحداث تغييرات مهمة داخل العاصمة مثل إزالة نقاط التفتيش وفتح المواني الجوية والبحرية سيكون من شأنه إثارة الشكوك داخل نفوس باقي أبناء المجتمع الصومالي حول أن المحاكم في طريقها للتحول إلى مجرد "فرقة أخرى" من بين الفرق الكثيرة داخل البلاد.
من ناحية أخرى، تلقت المحاكم بالفعل دعما غير مباشر وكبيرا من كينيا المجاورة بعد منعها للوردات الحرب الفارين من الصومال الدخول إلى أراضيها. ومن المعروف أن كينيا شكلت ملاذا للسياسيين الصوماليين على مدار سنوات عديدة إلى جانب عشرات الآلاف من اللاجئين الصوماليين.
وقد قامت السلطات الكينية بإلقاء القبض على وترحيل رجل أعمال ثري يدعى "عبد الرشيد القيطي" كان يدعم لوردات الحرب المتورطين في القتال الأخير الذي شهدته مقديشو. وقد توجه "القيطي" إلى دولة الإمارات؛ حيث توجد مصالح تجارية له، ولم تكتف كينيا بذلك بل دعت الدول الأخرى لوقف إيوائها للوردات الحرب الصوماليين الذين فشلوا في التعاون مع الحكومة الصومالية الحالية.
لكن عدم توافر جبهة موحدة على صعيد المجتمع الدولي ما زال عائقا كبيرا أمام العملية السياسية بالصومال؛ إذ من المعتقد أن كلا من إيطاليا واليمن ومصر وإريتريا وجيبوتي تدعم فرق صومالية متنوعة، كما شكلت الحكومة الإثيوبية دوما عاملا مهما بتأييدها "عبد الله يوسف" كبير لوردات الحرب بالصومال، وتعد الصلات الوثيقة التي تربط "يوسف" بإثيوبيا أحد الأسباب وراء فشله في نقل الحكومة إلى العاصمة، وهو ما كلفه فقدان قدر كبير من الدعم في منطقة الجنوب.
هل تحاور أمريكا المحاكم؟
وخلاصة الأمر، إن النجاح غير المتوقع، ولو من الناحية الزمنية، للقوات التابعة للمحاكم الإسلامية بالصومال قد جعل الحذر في اتخاذ ردود أفعال على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية هو سيد الموقف حتى بالنسبة للولايات المتحدة ذاتها.
رد الفعل الأمريكي الحذر إزاء التطورات في مقديشو كان بالتالي مصدرا للشعور بالارتياح على المدى القصير على الأقل بالنسبة للمحاكم الإسلامية، فالولايات المتحدة التي لا تزال تطاردها أشباح فشل تدخلها في البلاد في أوائل عقد التسعينيات، ولا يوجد تمثيل رسمي لها بالصومال منذ عام 1994، أعلنت أنها ستدرس ما جاء في خطاب قائد المحاكم الإسلامية أولا قبل اتخاذ استجابة رسمية حيال التطورات الأخيرة بالبلاد. ويعتبر هذا مؤشرا آخر على حدوث تقدم ينبئ بأن واشنطن من المحتمل أن تتحلى بقدر بالغ من الحرص بشأن اختيارها للجانب الذي ستدعمه داخل الصومال خلال الشهور القادمة. 
------------------
*مقال نشر على موقع OpenDemocracy يوم 13 يونيو 2006 تحت عنوان "القيادة الإسلامية الجديدة للصومال". 
**صحفي صومالي عمل بوكالة أسوشيتدبرس، ومراسل بي بي سي بالصومال. 
______________________________________________ 

الصومال.. العملية السياسية رهن للقبائل
عبدي يوسف *
فاجأت المحاكم الإسلامية في الصومال الكثيرين في الداخل والخارج بنجاحها السريع وتواصل انتصارها على التحالف من أجل إرساء السلام ومكافحة الإرهاب، وتمكنها من كسب تأييد شعبي عريض في غضون فترة وجيزة بعد أن وقعت معظم أحياء العاصمة تحت سيطرتها، وتنامى دورها بشكل ديناميكي في أقاليم صومالية أخرى؛ وهو الأمر الذي فسره المراقبون بأنه عملية تخلق أجواء جديدة ربما تأخذ إثرها التطورات منحى آخر في المراحل المقبلة.
ورغم ثبوت حقيقة هامة وهي أن الخارج وخاصة الغرب والولايات المتحدة لن يدع الأمر يمر مرور الكرام أمام سيطرة الميليشيات الإسلامية على البلاد، فإن نظرةً إلى الداخل الصومالي تؤكد أن مسألة سيطرة الميليشيات التابعة للمحاكم الإسلامية تخضع لاعتبارات ترتبط بطبيعة التركيبة القبلية في الصومال، وما قد تفرزه هذه التركيبة من تأييد أو معارضة للمحاكم الإسلامية.
القبيلة تشكل السياسة بالصومال
فالعامل القبلي هو الحاضر الغائب في أداء المحاكم ووجودها وتشكيلاتها، وهو الذي يشكل المنهجية التي تسير عليها كل المعادلات السياسية الصومالية التي تعيش منذ 15 عاما خلت في عصر أطلق عليه "ما بعد الدولة". وتتكون المحاكم الإسلامية الإحدى عشرة في الصومال، عدا واحدة فقط، من تجمعات عشائرية تنحدر من بطون قبيلة "الهويي" كبرى القبائل في البلاد، والتي يقطن أبناؤها في العاصمة وأجزاء أخرى من الوسط والجنوب.
والحقيقة الهامة التي لا يختلف عليها اثنان هي أن من يتحكم في حركة العملية السياسية في البلاد هي القبيلة بما لها من علاقات معقدة تتداخل وتتشابك فيها المصالح والمشاكل، ويمكن أن ترتفع أو تهبط بكل مبادرة أو فعل يحدث في ذلك البلد. وحتى الحكومة والبرلمان وموظفو الدولة يتم تقسيمهم وتصنيفهم بشكل دقيق وفق هذه التوازنات القبلية المعقدة، وعلى هذا الأساس يتوقف نجاح أي طرف كان، وهو ذات الاختبار الذي يسري ويمر اليوم على المحاكم الإسلامية إن أرادت أن تتمكن من تحويل سيطرتها إلى واقع حقيقي ملموس في المستقبل المنظور.
من هنا فقد أظهرت عملية بروز المحاكم في المسرح الصومالي مؤخرا تساؤلات عديدة تتمحور حول مدى التأييد الذي تتمتع به وسط القبائل، وما هو موقف القبائل من المحاكم، على الأقل تلك القبائل التي تقطن المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات المحاكم حاليا، وخاصة أن إحدى العشائر في شمال مقديشو احتضنت بعض أعضاء تحالف "مكافحة الإرهاب" المهزوم؛ لأنهم من أبناء قبيلتهم، بل وأكثر من ذلك أصدرت تحذيرات صارمة تجاه زحف المحاكم إلى مدينة جوهر، معتبرة أي محاولات للمحاكم في بسط سيطرتها على ما تبقى من شمال العاصمة إنما هو عدوان سافر على قبيلتهم؛ وهو ما سيكون سببا في قيام حرب قبلية طاحنة لا تحمد عقباها.
وكي نقترب من المسألة أكثر لا بد من الإشارة السريعة إلى التركيبة القبلية في الصومال وتقسيماتها العشائرية؛ فالصوماليون ينقسمون إلى خمسة تجمعات قبلية كبيرة وهي: (الهوية، الإسحاق، الدارود، دير، والرحنوين)، إضافة إلى العديد من المجموعات الأخرى الأصغر.
وحاليا لا تمثل المحاكم الإسلامية القائمة إلا قبيلة واحدة هي قبيلة "الهوية" التي تشكلت أساسا المحاكم من عشائرها المختلفة، والتي كانت يتصارع زعماؤها الحربيون غالبا في السيطرة على العاصمة منذ إسقاط حكومة محمد زياد بري عام 1991.
اللعب على وتر التعصب القبلي
ولا يعني ذلك أن معظم القبائل الصومالية تجد غضاضة في بروز المحاكم الإسلامية وإحكام سيطرتها على الأقاليم التي ينتشر فيها أبناء هذه قبيلة "الهويي"، وعلى رأسها العاصمة مقديشو، أم المشاكل في الصومال، لذا فإن القبائل الأخرى التي لا تخصها الحرب الدائرة بين المحاكم والتحالف، قد ترى في سيطرة المحاكم على العاصمة تحركا مهما حتى يتمكن أهالي مقديشو من ترتيب بيتهم الداخلي، تمهيدا لفتح الطريق للتوصل إلى وصول وفاق وطني حقيقي وقيام حكومة وحدة وطنية مركزها العاصمة، تستطيع لملمة الأطراف.
ومع ذلك لا يستبعد أن تثير التحركات الرامية إلى تأليب بعض القبائل على المحاكم الإسلامية من خلال اللعب على وتر التعصب القبلي بعض المشكلات أمام بسط نفوذ المحاكم وسط القبائل، فثمة تحركات لبعض السياسيين السابقين وعدد من الشخصيات التي لا تتمتع بنفوذ حقيقي في المرحلة الحالية، تتم وفق الأوامر الأمريكية خاصة بعد تردد أنباء حول قيام مسئولين من السفارة الأمريكية في نيروبي بالاتصال بهم للتعاون من أجل إنهاء نفوذ المحاكم وسط قبائلهم، مستخدمين العامل القبلي الخطير بعد فشل التحالف وتلاشي قوته أمام المحاكم.
أما داخل قبيلة "الهويي" في مقديشو، فعلي الرغم من أن السواد الأعظم من سكان العاصمة أبدوا ارتياحهم لانتصارات المحاكم، وعبروا عن تأييدهم لها عدة مرات من خلال مظاهرات صاخبة خرجت للشوارع، فإن المشهد الأخير الذي تكرر في بعض أحياء مقديشو كان لافتا؛ حيث شهدت أكثر من مرة قيام مظاهرتين متعارضتين في حي واحد في شمال العاصمة؛ إحداهما تؤيد المحاكم، والثانية تندد بها؛ وهو الأمر الذي يؤشر إلى ظهور بوادر لتمرد بعض القبائل في العاصمة على المحاكم، وإن اتسمت حركتها بالبطء ومحدودية التأثير حتى الآن؛ نظرا لأسباب كثيرة، منها: أن القبيلة التي تقود هذا التمرد هي نفس القبيلة التي ينتمي إليها رئيس اتحاد المحاكم الشيخ شريف شيخ أحمد، وأن عددا كبيرا من رجال أعمالها يؤيدون المحاكم ويمدونها بالمال والسلاح، كما انضم مئات من أبنائها إلى صفوف المحاكم، ثم إن معظم أفراد القبيلة يشعرون بالمرارة والأسف لاحتضان قبيلتهم شخصيات متهمة بأنها "تتعاون مع أمريكا" وتتلقى الأموال بهدف تسليم مسلمين إلى جهات يرون أنها "معادية للإسلام والمسلمين".
وأمام هذه المشكلات بدأ اتحاد المحاكم الإسلامية يرمي بأوراقه للصمود أمام الطغيان القبلي الذي يحاول معارضوه، وبتواطؤ أمريكي، أن يشعلوه؛ حيث تعد التصريحات الأخيرة لرئيس المحاكم شريف أحمد، بمثابة قطع الطريق أم هذه التحركات، وذلك حين أعطى مهلة للقبائل التي تحتضن بعضا من أعضاء التحالف؛ إما لإجبار هذه الشخصيات على إلقاء أسلحتهم ومغادرة العاصمة بشكل فوري، وإلا فسوف تتحرك المحاكم عسكريا لحسم الموقف بالقوة، إضافة لذلك فتح شريف الباب أمام ما وصفه بتوبة أمراء الحرب الذين بدءوا في التخلي عن عضوية مجلس التحالف لمكافحة الإرهاب.
وبين الفعل ورد الفعل السابقين، فإن المناقشات التي ربما سيجريها البرلمان الصومالي الانتقالي في مقره المؤقت في مدينة "بيداوا" حول استدعاء قوات أجنبية وفق خطة أعلنها رئيس وزراء الحكومة الانتقالية علي محمد جيدي يوم 14 يونيو 2006، وتقضي الاستعانة بقوات حفظ سلام من أوغندا والسودان، ستحدث تطورا جديدا حول الموقف القبلي تجاه المحاكم الإسلامية في المراحل المقبلة، فرغم أن الموافقة على استقدام هذه القوات سيضيف كثيرا من التأييد للمحاكم الإسلامية، وسط تحذيرات يطلقها رجال المحاكم بأن مثل هذا الإجراء يعد بمثابة خيانة عظمى، كما يمثل أي تدخل عسكري أجنبي على الأراضي الصومالية استعمارا جديدا يجب مقاومته، فإن المواجهة بين المحاكم والحكومة إذا حدثت فعلا، فسيكون لرجال القبائل موقف متأرجح بين هذا وذاك؛ نظرا لانعكاسات التكوين الطائفي القبلي على تشكيلة الحكومة الانتقالية ذاتها، وهو ما يجعل قادة المحاكم الإسلامية تصر على استمرار الحوار مع الحكومة، وتصرح بأنها تعمل معها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال.
ومن ثم يبقى السؤال الذي يطرح نفسه على مستوى الداخل الصومالي هو: هل يتجاوز الصوماليون روح القبيلة وثقافتها وقوة تنظيمها وعصبيتها بحثا عن الصالح الصومالي العام، دون استثناء للنمط القبلي ذاته؟. بمعنى آخر: كيف يمكن لقادة القبائل أن يقدموا طرحا يحافظ على خصائص القبيلة الذاتية دون أن يمس ذلك فكرة الصالح العام والاستقرار المنشود بالصومال؟. 
------------------------
*كاتب صومالي مقيم بمصر. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:51

تقرير أممي يوصي بحصار شامل للصومال
عواصم- وكالات- إسلام أون لاين.نت 
زعم تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن مئات المقاتلين الإسلاميين من الصومال قاتلوا بجانب حزب الله في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان مقابل تزويد مقاتلي اتحاد المحاكم الإسلامية بالأسلحة والتدريبات.
وأوصى التقرير مجلس الأمن -الذي ستناقش لجنة تابعة له التقرير الجمعة المقبلة- بإقرار حصار بري وبحري وجوي للصومال، وتجميد أصول الأنشطة التجارية الصومالية المرتبطة بانتهاك حظر السلاح، لمنع اندلاع حرب في منطقة القرن الإفريقي.
وجاء في التقرير الذي سيقدم إلى مجلس الأمن، وحصلت رويترز على نسخة منه، أن "أدن هاشي فارح" المعروف بـ "أيرو" القائد الإسلامي الصومالي الذي تدرب في أفغانستان أرسل حوالي 720 مقاتلا إسلاميا صوماليا من ذوي الخبرة إلى لبنان ليقاتلوا إسرائيل إلى جانب حزب الله في أواسط يوليو الماضي".
وأضاف التقرير، الذي جاء في 80 صفحة، أن هؤلاء المقاتلين تلقوا ألفي دولار مع وعد بإعطاء عائلاتهم نحو 30 ألف دولار إذا قتلوا. وعاد 100 مقاتل صومالي على الأقل منهم ومعهم خمسة من أعضاء حزب الله بينما بقي عدد غير معروف منهم في لبنان لتلقي تدريبات عسكرية متقدمة. وفي مقابل مساهمة القوة العسكرية الصومالية، حسبما زعم التقرير، فإن حزب الله أعد ترتيبات لتقديم دعم إضافي لاتحاد المحاكم من حكومتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية وتم تقديمه بعد ذلك.
وشمل ذلك صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف وقذائف صاروخية ومدافع رشاشة وذخيرة ومواد طبية وملابس عسكرية وإمدادات أخرى، فضلا عن قيام سوريا باستضافة حوالي 200 مقاتل إسلامي لتدريبهم على حرب العصابات.
وألمح التقرير أيضا إلى احتمال أن تكون إيران قد سعت للحصول على المساعدة في العثور على اليورانيوم في موطن الزعيم الصومالي الشيخ حسن ضاهر عويس.
ونفت سوريا أي ضلوع في ذلك، في حين نفت إيران إرسال أسلحة قبل شهر يوليو الماضي، لكنها لم ترد على خطاب يستفسر منها عن ضلوعها بعد ذلك التاريخ.
واستبعد مراقبون للشأن الصومالي أن تقاتل عناصر من اتحاد المحاكم الإسلامية بجوار حزب الله؛ حيث إن التيارات الإسلامية الموجودة في الصومال يغلب عليها السلفية، وهو ما يتعارض مع توجهات حزب الله الشيعي. كما ينفي الإسلاميون دوما وجود مقاتلين أجانب في صفوف قواتهم.
"تقرير مضحك"
وتطرق التقرير الذي أعده اثنان من خبراء السلاح من بلجيكا والولايات المتحدة وخبير بحري من كينيا وآخر مالي من كولومبيا، لانتهاكات حظر السلاح للصومال منذ يونيو 2006.
جيبوتي ومصر وليبيا والسعودية كان لها حظ من الاتهامات في التقرير، حيث أفاد بأنها تقوم بتقديم دعم يتراوح بين الأسلحة والأموال والإمدادات العسكرية بما في ذلك الأدوية للإسلاميين. غير أن مسئول مصري، لم تكشف رويترز عن هويته، وصف التقرير في تصريح لرويترز بأنه "مضحك".
ويقول التقرير: إن إثيوبيا التي تساند الحكومة الصومالية المؤقتة، وإريتريا التي تدعم الإسلاميين، هما أكبر منتهكي حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال عام 1992، مضيفا أنهما أرسلتا كميات ضخمة من الأسلحة والمعدات كما وفرتا التدريب لحلفائهما.
وأوضح: أن "هناك إمكانية واضحة لأن تنتشر القوة الدافعة نحو حل عسكري داخل الصومال، وتتحول إلى صراع مباشر بين إثيوبيا وإريتريا كدولتين، بالإضافة إلى وقوع أعمال إرهابية في دول أخرى معرضة للخطر في المنطقة".
هذا الاتهام نفاه علي عبده وزير الإعلام الإريتري قائلا: "نعرف أن هذه الاتهامات تأتي من واشنطن، الأمم المتحدة تعمل فحسب كستار. هذا عمل من أعمال تشويه السمعة".
وتتهم إريتريا الأمم المتحدة بأنها تعمل كوكيل للولايات المتحدة لكي تخلق "ذريعة" لإثيوبيا من أجل غزوها. ولم تعلق وزارة الخارجية الإثيوبية على التقرير.
كاذب
التقرير أيضا اتهم أوغندا التي تساند الحكومة الصومالية، بإرسال قطع غيار لمدافع مضادة للطائرات وإمدادات لبناء معسكر حربي إلى جانب عدد غير محدد من الجنود قال خبراء أمن لرويترز إن عددهم يصل إلى 100.
ونفت أوغندا هذا الاتهام، وقالت روث نانكبيروا وزيرة الدولة لشئون الدفاع في أوغندا: "هذا كاذب تماما. نحن على وعي بالحظر المفروض من الأمم المتحدة على الصومال ونحن نلتزم به. وهذا هو السبب في أننا حتى لم ننشر قوات حفظ سلام في الصومال".
حصار شامل
ولمنع هذه التعبئة من التحول إلى حرب في منطقة القرن الإفريقي، أوصى التقرير مجلس الأمن بإقرار حصار بري وبحري وجوي للصومال وتجميد أصول الأنشطة التجارية الصومالية المرتبطة بانتهاك حظر السلاح.
كما دعا إلى ممارسة ضغوط دبلوماسية على مستوى عال لمنع الدول الضالعة من إرسال المزيد من الأسلحة.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة تابعة لمجلس الأمن الجمعة المقبل 17-11-2006 لمناقشة التقرير في حضور هؤلاء الخبراء الذين يحذرون من احتمال نشوب حرب بين التحالفات المنقسمة على أسس دينية إسلامية ومسيحية، وليس فقط بين الحكومة الصومالية الضعيفة وقوات المحاكم الإسلامية. ومنذ يونيو الماضي تسيطر قوات المحاكم على العاصمة مقديشو ومناطق في الجنوب بعد مواجهات مع أمراء الحرب المدعومين من قبل الولايات المتحدة.
وبعد سيطرته على مقديشو دشن الاتحاد خطة أمنية نجحت في إعادة الأمن إلى العاصمة بعد سنوات طويلة من عدم الاستقرار. 

المصالحة وتقاسم السلطة في الصومال
د‏.‏ عبد الملك عودة ** 
نجحت جهود الجامعة العربية في عقد الاجتماع الثاني بالخرطوم بين وفدي الحكومة الانتقالية الصومالية والمجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية، وكانت المناسبة فرصة لدعوة وفود من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ومنظمة إيجاد ومجموعة الدول شركاء إيجاد والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة ومجموعة الاتصال التي شكلتها الولايات المتحدة الأمريكية‏..‏. إلخ‏،‏ ولكنْ الوفدان الصوماليان أعلنا تفاهمهما على عقد جلسات تفاوض مباشر في جلسات مغلقة لا يحضرها وسطاء أو مراقبون‏.
تطورات الأحداث
وفي مساء يوم ‏4‏ سبتمبر 2006 وقَّع الوفدان على بيان مشترك يسجل ما اتفقا عليه وأن اجتماعهما المقبل سيكون يوم ‏30‏ أكتوبر بعد شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، وقد قوبل البيان المشترك بتصريحات وتعليقات متفائلة في الصحافة والإعلام العربي، وأعتقد أن هذا التفاؤل هو نتيجة الرؤية الأحادية لخط التفاعلات المباشرة بين الوفدين الصوماليين‏، ولكنني لا أشعر بهذا التفاؤل نتيجة لرؤية كلية لخطوط التفاعلات بين الأطراف الداخلية والإقليمية في القرن الإفريقي‏،‏ لقد أخذت هذه التفاعلات والتقاطعات عشرة أيام منها خمسة في أواخر أغسطس وخمسة في أوائل سبتمبر،‏ وتفصيل القول هو التالي‏:‏
ـ يوم 27/8 سافر شريف شيخ أحمد إلى الخرطوم وتحادث مع الرئيس البشير‏، وبعد أن عاد إلى مقديشو سافر إلى نيروبي وتحادث مع الرئيس كيباكي‏،‏ ومع أن مضمون هاتين المقابلتين لم يُعلن عنه شيء إلا أن وسائل الإعلام تقول إنهما كانتا لتأكيد موقف المحاكم الإسلامية المعارض لقرار إرسال قوات حفظ السلام الإفريقية للصومال طبقا لمطلب الحكومة الانتقالية‏.‏
ـ يوم 30/8 سافر رئيس وزراء إثيوبيا إلى نيروبي وعقد لقاء قمة مع رئيس كينيا وأصدرا بيانا مشتركا يدعمان فيه قرار إيجاد لإرسال قوات حفظ السلام للصومال، ويؤكدان دعمهما لحكومة الرئيس عبد الله يوسف الانتقالية‏،‏ كما أكدا بوضوح محورية دور منظمة إيجاد لرعاية ودعم مسيرة المصالحة الصومالية‏.‏
ـ يوم 2/9 وحتى 4/9 تفاوض الوفدان الصوماليان بالخرطوم وأصدرا بيانا يدعوان فيه لبناء قوات مسلحة وشرطة صومالية بأسلوب اندماج قوات المحاكم والحكومة والميليشيات الأخرى طبقا لخطة وبرنامج سوف يتفق عليه بينهما بعد أن يتوصلا في الاجتماع المقبل إلى اتفاق سياسي وأمني وتقاسم السلطة‏.‏
ـ يوم 5/9 عقدت منظمة إيجاد اجتماع قمة في نيروبي حضره عبد الله يوسف ووزير الدولة السوداني للشئون الخارجية ووزيرا خارجية أوغندا وكينيا وحضر سعيد جينيت ممثلا لمجلس السلم والأمن الإفريقي، وغاب وفدا إريتريا وجيبوتي لأنهما يرفضان أصلا مبدأ إرسال قوات حفظ سلام إفريقية إلى الصومال ويدعوان إلى تفاوض سياسي بين الأطراف الصومالية، وفي هذا الاجتماع تم تأكيد ضرورة إرسال قوات حفظ السلام الإفريقية ودعوة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي إلى الموافقة على إلغاء حظر توريد السلاح للصومال،‏ ودفع نفقات قوات حفظ السلام التي تقدر شهريا بمبلغ‏ 34‏ مليون دولار‏،‏ على أن تدفع دفعة عاجلة مقدما مقدارها‏ 18.5‏ مليون دولار لتجهيز القوات وإعدادها في كينيا ثم تعبر الحدود لتصل إلى بيدوا لحماية الحكومة الانتقالية‏.‏
وخلال هذه الأيام العشرة حشدت كينيا قواتها على طول الحدود المشتركة مع الصومال،‏ وأرسلت أوغندا فريقا عسكريا بالطائرات إلى بيدوا لدراسة مواقع تمركز قواتها التي سوف تشارك في حفظ السلام بالصومال، علما بأن القوات الأثيوبية موجودة في منطقة بيدوا منذ وقت سابق‏.‏
هذه التفاعلات والتقاطعات على خطوط الاتصال بين الأطراف الصومالية والأطراف الإقليمية في القرن الإفريقي تجعلني أسأل كيف سيتوصل الصوماليون إلى اتفاق تقاسم السلطة في الاجتماع المقبل؟ وهل توجد أرضية مشتركة أو تفاهم وقواسم مشتركة لبناء حكومة مصالحة وتقاسم السلطة كما حدث في حالات إفريقية سابقة؟ والأمثلة من قراءة اتفاقات المصالحة والتقاسم في حالات جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية وسيراليون وبوروندي‏..‏. إلخ
لقد كان التفاوض أساسا للتوصل إلى مبدأ المصالحة وتقاسم السلطة ثم يجري التطبيق بأسلوب اللجان الفنية العسكرية لتكوين جيش وشرطة من بين أفراد الميليشيات والقوات التي تتبع كل جانب،‏ ولكن الحالة الصومالية تريد أن تبدأ بالخواتيم والنهايات قبل أن يتوصل الطرفان إلى إقرار المبدأ وقواعده وتفصيلاته‏،‏ مع ملاحظة أن الطرفين المتفاوضين يتكلمان في البيان المشترك عن ميليشيات أخرى وهي غير ممثلة في الاجتماع ولم نسمع أن هذه الميليشيات الأخرى قد منحت تفويضا أو أعلنت اتفاقا مع هذا الجانب أو ذاك؟.
تباين في الموقف الدولي
إن الأخبار المعلنة عن موقف واتجاهات مجلس الأمن تشير إلى أن الأعضاء ‏(الدائمين وغير الدائمين‏)‏ لا يوجد بينهم اتفاق حول استحسان أو قبول مطلب رفع الحظر عن السلاح؛ لأن من بينهم من يعرف أن إلغاء حظر توريد السلاح معناه اندلاع الحرب الأهلية من جديد وأنها سوف تشهد مشاركة من دول الجوار الإفريقي تأييدا لهذا الطرف أو ذاك.
ولكن الملاحظة المهمة أن دول أثيوبيا وأوغندا وكينيا هي التي تؤيد وتدفع نحو إقناع مجلس الأمن لإصدار القرار وإرسال قوات حفظ السلام الإفريقية‏،‏ وهذه الدول الثلاث هي دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة وهي تشارك في الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب التي يتبناها التحالف الأمريكي ـ الأوروبي‏،‏ وهو تحالف له قواعده العسكرية البرية وأساطيله البحرية بالمنطقة. ولكن في تقديري أن السير في هذا الطريق قد يؤدي إلي حرب إقليمية تقف خلفها قوى عالمية، خاصة بعد تبادل الاتهامات بالدعم العسكري الخارجي من أثيوبيا وإريتريا‏..‏. إلخ لهذا الطرف أو ذاك‏.‏
التفاعلات والمواقف المعروضة في المقال تكشف بوضوح عن وجود فجوة بين موقفي الجامعة العربية ومنظمة إيجاد‏،‏ وأن هذه الفجوة تتجه للاتساع‏؛‏ نظرا لأن منظمة إيجاد لا تريد دور الجامعة بل تراه دورًا منافسًا،‏ وأن الرئيس عبد الله يوسف وعددا من قيادات حكومته الانتقالية لا يريدون بقاء الملف الصومالي في الجامعة العربية ويطلبون الاقتصار على دور إيجاد في موضوع المصالحة،‏ ولكن المحاكم الإسلامية وعددا آخر من قيادات الحكومة الانتقالية يصرون على بقاء دور الجامعة العربية، إذ يرونه سندا ودعما لهم تجاه مشروعات وخطط إيجاد والتحالف الأمريكي ـ الأوروبي‏.‏
لقد قرأت في إحدى المجلات المتخصصة في الشئون الإفريقية خبرا يقول إن شركة أمن خاص أمريكية الجنسية تعاقدت مع الرئيس عبد الله يوسف على تدريب وتسليح جيشه‏، وإن الشركة حصلت على موافقة من الأجهزة والإدارات الأمريكية المختصة للقيام بهذه المهمة وأنها سوف تحصل على التمويل اللازم من الجانب الأمريكي‏.‏
نتيجة هذه الرؤية الكلية للموقف في داخل الصومال وفي منطقة القرن الإفريقي أعتقد أن المصالحة الوطنية وتقاسم السلطة لا بد لهما من اتفاق داخلي صومالي تسانده وتؤيده الأطراف والدول في منطقة القرن الإفريقي‏.‏
وتتداول وسائل الإعلام أنباء مبادرة ليبية تجمع بين كل القيادات الصومالية ورئيس وزراء أثيوبيا هدفها التفاهم حتى تتم المصالحة الوطنية وتقاسم السلطة وتمنع نشوب حرب أهلية صومالية‏.‏ 
---------------------
*نقلا عن جريدة الأهرام بتاريخ 13-9-2006. 
** أستاذ متفرغ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وخبير في الشئون الإفريقية. 
______________________________________________ 

أكاذيب الأمم المتحدة في الصومال! موقع الاسلام اليوم
عبد الرحمن سهل 
رفع المجتمع الدولي سقف اهتماماته بالشأن الصومالي، بعد أن فرضت المحاكم الإسلامية نفسها كقوة جديدة في الساحتين: المحلية، والإقليمية، وحققت نتائج إستراتيجية،وأمنية، وسياسية، للشعب الصومالي، أهمها طي صفحات الحروب الأهلية الدامية، وكانت الأمم المتحدة من بين المؤسسات الدولية التي تحاول أن تفعل شيئاً ما حيال الوضع الجديد في الصومال.
وعلى الرغم من أن سقف اهتمام الأمم المتحدة بالقضية الصومالية لا يرقي إلى المستوى المطلوب، مقارنة بالقضايا المشابهة، إلاّ أنها بدأت تولي اهتماماً لقضايا ذات صلة بالصومال وخاصة الملف الأمني، بعد تعيين (فرانسيس فول) مندوباً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في الصومال، وتشكيل لجنة خبراء مكلفة بإعداد تقرير شامل عن الأوضاع الراهنة في الصومال، وتناقضاته المحلية، والإقليمية، ولكن هذه الجهود المذكورة في رأي الكثيرين لم تحقق الحد الأدنى المرتجى من الأمم المتحدة، ولاغرو أن قلنا إنها مجرد جهود ضائعة، وتبديد للأموال عبر الجولات المكوكية التي يقوم بها (فرانسيس فول) إلى مدينة بيدوا حيث مقر الحكومة الانتقالية مرة، ومقر المحاكم الإسلامية مرة أخرى بدون تحقيق شيء. 
ومما يسيء لسمعة الأمم المتحدة عدم مقدرتها على محاسبة الحكومة الإثيوبية المتورطة في المشكلة الصومالية، حيث تتدفق الآن قواتها إلى عمق الأراضي الصومالية، كما أنها المنفذ الوحيد المفتوح للأمم المتحدة أو غيرها للوصول إلى الصومال لحلحلة أزمته.
ومما يكشف اختراق منظمة الإيغاد ملفات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصومال التقرير الأخير الذي أعدته لجنة مكلفة حول الأوضاع الراهنة في الصومال؛ إذ رفعت اللجنة تقريرها إلى مجلس الأمن في 17/11/2006م، ويلقي التقرير الضوء على الدول التي خرقت قرار مجلس الأمن القاضي بحظر توريد السلاح إلى الصومال منذ عام 1992م.
ويورد التقرير أسماء الدول التي تورّطت في الصراع الدائر الآن في الساحة الصومالية من تقديم الدعم العسكري والمالي المباشر وغير المباشر للحكومة الانتقالية الضعيفة، والمحاكم الإسلامية معاً، ومن الدول التي ذكرها التقرير ليبيا، ومصر، والسعودية، وإيران، وسوريا، وجيبوتي، واليمن، وأثيوبيا، ويوغندا، كما ذكر التقرير وجود (15000) جندي من القوات الإثيوبية في الصومال.
يحمل التقرير في طياته أخطاء فادحة، ومغالطات لا يمكن تصديقها بحال من الأحوال على الرغم من أن معدي التقرير يُقال عنهم إنهم خبراء دوليون، ولكن الحقيقة شيء والتقارير المسيسة الفاقدة للنزاهة شيء آخر، ومن سلبيات التقرير ما يلي:- 
1. ذكر التقرير أن (1500) من قوات المحاكم الإسلامية في الصومال حاربت مع قوات حزب الله اللبناني ضد إسرائيل في الحرب الأخيرة التي دارت رحاها في جنوب لبنان، وتلك كذبة جديدة تُضاف إلى أكاذيب وتلفيقات ما يُسمّى المجتمع الدولي، هذا الجزء من التقرير هو من أضعف أجزائه التي تؤكد أن الأمم المتحدة فقدت المصداقية أمام شعوب العالم وخاصة العالم الإسلامي، ومعروف لدى الجميع أن قراراتها ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي أصبحت حبراً على الورق، ولكن المبكي والمضحك في نفس الوقت أن تفقد تقاريرها المصداقية أيضاً.
2. نقل ملف إيران النووي إلى الصومال؛ إذ ذكر التقرير وصول رجلين إيرانيين إلى الصومال بعد سيطرة المحاكم الإسلامية على معظم جنوب البلاد، بهدف البحث عن اليورانيوم في الصومال واستخدامه لتصنيع قنبلة نووية، وتلك كذبة ثانية مباحة للأمم المتحدة، وأمريكا، وعندما أكدت المخابرات الأمريكية لرئيس الولايات المتحدة بعدم وجود برنامج نووي إيراني، استخف بوش هذا التقرير؛ لأنه رجل يستخف قومه، وأن القضية المحورية لديه هي إسقاط إيران مثل العراق، وبالتالي أليس من المباح أن نقول: ما فائدة مثل هذه التقارير السخيفة التي لا تحترم حتى العقول البشرية؟ القضية ببساطة هي محاصرة العالم الإسلامي من كل حدب وصوب. 
3. ذكر التقرير الدول التي تقدم الدعم الشامل للمحاكم الإسلامية، بدون تقديم أدلة واضحة ومقنعة، وكان الردّ الفعلي من الدول التي وردت أسماؤها في التقرير قوياً؛ إذ نفت كل من مصر، وإيران، وليبيا، وأرتيريا ما ورد في التقرير، مما يؤكد أن معدي التقرير لم يعتمدوا على المصادر الأساسية المطلوبة في إعداد التقارير، ومن المفارقات العجيبة أن التقرير سكت عن الجهات التي تقدم الدعم العسكري والمادي، إلى الحكومة الانتقالية، عدا الحكومة الإثيوبية الحليف الإستراتيجي للحكومة الصومالية.
4.ضخم التقرير الأوضاع الراهنة في الصومال؛ إذ وضع المحاكم الإسلامية في خانة الاتهام ، وكأنها مجموعات غريبة في النسيج الاجتماعي الصومالي، وقال أحد الخبراء المشارك في إعداد هذا التقرير "إن تبادل الخطط والخبرة مع الجماعات الإسلامية المسلحة أصبح أكثر تنظيماً إلى حد بعيد.
5.ذكّر التقرير بوجود نحو ألف من المجاهدين الأجانب في صفوف المحاكم الإسلامية، وهم متمرسون في العمليات القتالية، والاغتيالات، والتفجيرات الانتحارية، والقنص. من أين حصلوا على تلك المعلومات ذات الطابع الاستخباراتي والبيئة الصومالية مكشوفة إلى أبعد الحدود؟ الجواب بسيط، لقد قدمت المخابرات الأمريكية تلك المعلومات الخاطئة إلى اللجنة المسكينة التي اعتادت أن تحطب في الليل، إضافة إلى ذلك فإن التنسيق الأمريكي الإثيوبي في منطقة القرن الإفريقي أثر على مجريات إعداد التقرير، والشيء الذي يستحق الذكر هنا هو نفي المحاكم الإسلامية؛ إذ وصفت التقرير بأنه تقرير ملفّق لا يستند على حقائق، ولكن إذا تعوّد الناس إنكار الحقائق، واحتاج النهار إلى دليل فنحن في شريعة الغابات التي تبشر بها الأمم المتحدة.
إذا كانت هناك نقاط سلبية ألقينا الضوء عليها، فإن هناك أيضاً أشياء أخرى يبدو أنها إيجابية، وتستحق الذكر ومنها:- 
1.حذّر التقرير من حروب دينية دامية قد تندلع في القرن الإفريقي، والتي تبدأ شراراتها الأولى من الصومال، وهذا إشارة واضحة إلى الصراع المسلح ما بين المحاكم الإسلامية، والحكومة الانتقالية الضعيفة التي تستقوي بالحكومة الإثيوبية، ويغيب عن الكثيرين طبيعة الصراع بين الصومال وإثيوبيا؛ إذ إنه صراع حضاري وثقافي في المقام الأول، صراع بين المسجد والكنيسة، والتاريخ يشهد على ذلك، ولم تنته فصول هذا الصراع حتى الآن. 
2.يتوقع التقرير إمكانية انفجار الوضع الصومالي على الطريقة العراقية، من تفجيرات ، وحروب مستمرة، وفعلاً فقد بدأت شراراتها الأولى؛ إذ دمّرت المقاومة الشعبية الصومالية الموالية للمحاكم الإسلامية عربات عسكرية إثيوبية داخل الأراضي الصومالية. 
3.أوضح التقرير حجم التورط الإثيوبي في الشأن الصومالي عسكرياً؛ فقد ذكر التقرير وجود ما يُقدّر بخمسة عشر ألف جندي إثيوبي في الصومال، وهناك دول أخرى أرسلت قواتها العسكرية إلى الصومال حسبما يشير التقرير مثل اريتريا، ولكن الأخيرة نفت ذلك جملة وتفصيلاً. 
لكن... هل الحل الناجع للمشكلة الصومالية يكمن في إعداد مثل هذه التقارير التي تفتقر إلى المصداقية في كل ستة أشهر، ثم رفعها إلى مجلس الأمن الدولي، ليصدر بيانات مقتضبة لا تقدم ولا تأخر، يُشمّ منها رائحة التعديلات الأمريكية، ثم يُرمى التقرير في الأرشيف، وكأنه جزء من التاريخ؟ أم أن الأمر يتطلب خطوات عملية أكثر من ذلك، تدفع القضايا الصومالية الشائكة بالاتجاه الصحيح، نحو التهدئة، والتصحيح، بدلاً من إلقاء اللوم على المحاكم الإسلامية التي حققت للشعب الصومالي قاطبة إنجازات إستراتيجية، وسياسية، وأمنية في وقت قياسي..!! 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات    بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات  Emptyالخميس 20 أبريل - 9:51

انقسام الحكومة الصومالية هل هو بداية لانهيارها؟ 
عبد الرحمن يوسف 
يُعدّ وصول رئيس البرلمان الصومالي الانتقالي شريف حسن شيخ آدم إلى مقديشو في 5/11/2006م قادماً من كينيا حدثاً مهماً يستحق الاهتمام، فالحكومة الانتقالية لم يخطر في بالها ذهاب رجلها الثاني فجأة إلى العاصمة مقديشو مقر المحاكم الإسلامية بدون مقدمات، وبدون إشراكها في الأمر، ولا المجتمع الدولي أيضاً كان يظن أن رجلاً من هذا الوزن الثقيل، قد تحط طائرته في مطار مقديشو الدولي بعد إخفاق محادثات السلام الصومالية مباشرة في الخرطوم. 
في وقت كان الجانبان المحاكم والحكومة يستعدان لخوض معارك عنيفة وفاصلة في مدينة بيدوا مقر الحكومة الانتقالية، وسط حيرة المجتمع الدولي حيال هذا التصعيد العسكري الخطير الذي بلغ ذروته بين الجانبين، وإمكانية دخول قوى إقليمية في الصراع الدائر في الصومال، وكان المراقبون يتوقعون أيضاً انزلاق منطقة القرن الإفريقي إلى حافة الهاوية نتيجة التهديدات الإثيوبية غير المسوّغة ضد المحاكم الإسلامية، والأخيرة استثمرت الأحداث لصالحها؛ إذ نجحت في تعبئة الرأي العام الصومالي، وشكلت جبهة إسلامية وطنية قوية للدفاع عن الدين والوطن من التهديد الأجنبي الغازي مهما كان لونه.
وباختصار قبل وصول رئيس البرلمان الصومالي إلى مقديشو كان الوضع الراهن في الصومال يمر بمنعطف خطير للغاية، والكل كان يخاف اندلاع الحرب الأهلية من جديد في الصومال البلد الذي عانى شعبه ولا يزال يعاني من ويلات الحروب الأهلية منذ عام 1991م. 
ضربة موجعة للحكومة الانتقالية
وصول رئيس البرلمان الصومالي شريف حسن إلى مقديشو يحمل دلالات سياسية وإستراتيجية حساسة للغاية، وهي ضربة موجعة للحكومة الانتقالية تلقتها في الزمن القاتل، وقد بذلت الأخيرة ما بوسعها إيقاف زيارة رئيس البرلمان إلى مقديشو حيث وجهت إليه خطاباً استعطافياً تطلب منه العدول عن قراره الانفرادي، ولكنه رفض ذلك جملة وتفصيلاً معتبراً زيارته هي مثل الزيارات الأخرى العادية التي قام بها إلى داخل البلاد وخارجه، نافياً وجود أجندة سرية في زيارته الحالية إلى مقديشو، كما أكد أنها تأتي في سياق استكمال المصالحة الصومالية التي انطلقت من الخرطوم، ووقف الانفلات الأمني الجديد بين المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية. 
زيارة رئيس البرلمان الصومالي إلى مقديشو كشفت الحقائق التالية:- 
1. أكد رئيس البرلمان -ولأول مرة- وجود القوات الأثيوبية في مدينة بيدوا مقر الحكومة، مشيراً إلى أن الوضع في مدينة بيدوا لم يعد صالحا لتمارس الحكومة أعمالها، وتقوم بواجباتها الوطنية، نتيجة لتواجد القوات الإثيوبية فيها، مما يعني أن الإدارة الفعلية التي تدير شؤون الحكومة الانتقالية الصومالية هي الحكومة الإثيوبية. 
2. كسرت الحاجز الوهمي بين المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية، ومستوى إعداد المحاكم الإسلامية لاستقبال رئيس البرلمان الصومالي، شريف حسن شيخ آدم كان رائعاً؛ إذ شارك في استقباله رئيس اللجنة التنفيذية للمحاكم الإسلامية شيخ شريف شيخ أحمد ونائبه، وأعضاء مجلس إدارته، بصفته رجلاً وطنياً يحب شعبه، ووطنه، ويرفض العيش تحت الاحتلال الإثيوبي لمدينة بيدوا الصومالية، وهذه كانت رسالة قوية تدحض مزاعم قيادات الحكومة الانتقالية القائلة بأن المحاكم الإسلامية جاءت فقط لتتسبب في مشاكل جديدة في الصومال بدون مسوّغ، وأن حياة المسؤولين الكبار ستكون على خطر في حال ذهابهم إلى مقديشو.
3. بددت زيارة رئيس البرلمان الصومالي الشكوك والمخاوف الدولية حيال الصومال من اللجوء إلى القوة العسكرية من جديد بدلاً من الحوار لإنهاء المشكلة الصومالية، ومبادرة شريف حسن شيخ آدم أوجدت في رأي الكثيرين مناخاً جديداً، قد يؤدي إلى إضعاف الأجندة الخارجية في الشأن الصومالي.
4. بروز الخلافات الحادة من جديد بين المسؤولين الكبار للحكومة الانتقالية، نتيجة تباين الأفكار والأطروحات حول المصالحة الوطنية بصورة عامة، ومحادثات السلام الصومالية في الخرطوم على وجه الخصوص، الأمر الذي أدى إلى استبعاد رئيس البرلمان شريف حسن من قبل رئيس الجمهورية عبد الله يوسف كرئيس لوفد الحكومة المفاوض مع المحاكم، واستبدل مكانه النائب الثاني لرئيس الوزراء، ووزير الدستور والشؤون الفدرالية، السيد عبد الله شيخ إسماعيل، وتلك كانت خطوة غير موفقة من قبل رئيس الجمهورية، ومما زاد الطين بلة، أن رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي وجه خطاباً رسمياً إلى سفراء الدول الغربية المعتمدين لدى كينيا قبيل وصول وفد الحكومة المفاوض مع المحاكم الإسلامية في الخرطوم، يؤكد فيه أن رئيس البرلمان لا يمثل الحكومة الانتقالية في مفاوضاتها مع المحاكم الإسلامية في وقت كان شريف حسن يواصل لقاءاته مع الدبلوماسيين الأجانب في نيروبي لشرح موقف الحكومة الانتقالية حيال المصالحة الصومالية، ومجمل قضايا المنطقة، وأدت هاتان الخطوتان من قبل رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء ضد رئيس البرلمان إلى زيادة التوتر بين المسؤولين الكبار داخل الحكومة الانتقالية.
5. المحاكم الإسلامية هي الأخرى نجحت في كسب شريحة كبيرة من أعضاء الحكومة الانتقالية، وأهمهم هو رئيس البرلمان الانتقالي شريف حسن شيخ آدم، ويبدو أنها مصممة في تقليم أظافر الحكومة الانتقالية الضعيفة التي سلمت نفسها إلى عدو الصومال التاريخي، ويتوقع المحللون السياسيون من أن الفترة القادمة ستشهد مزيداً من الاستقطاب الحاد لصالح المحاكم الإسلامية؛ إذ من الممكن تدفق أعضاء البرلمان الانتقالي إلى مقديشو ليمارس دوره الرقابي الحقيقي على الحكومة بعيداً عن مراقبة الحكومة الضعيفة، وضغوطات العواصم الإفريقية المجاورة ، كأديس أبابا، وكمبالا، ونيروبي . 

تحديات أمام المبادرة الجديدة
هناك عدة صعوبات قد تعرقل جهود رئيس البرلمان الصومالي الرامية إلى تفويت فرصة الحرب الأهلية في الصومال، نتيجة الدور الإفريقي المشبوه في المشكلة الصومالية باستخدامه وسائل عدة لتدمير الشعب الصومالي، وأهم تلك الجهات تتلخص فيما يلي:- 
1. أكدت الحكومة الانتقالية أن رئيس البرلمان الصومالي الانتقالي لا يمثلها في زيارته الحالية إلى مقديشو، بل يمثل نفسه فقط، وقد اتصلت الحكومة بسفراء الدول الأوروبية وأمريكا، وسفراء الاتحاد الأوروبي ومندوبي الأمم المتحدة، والهيئات والمنظمات الدولية ذات الطابع الإنساني وغيرها، ومجموعة الاتصال الدولية بخصوص الصومال، وقيادات الحكومة الكينية صاحبة مبادرة تشكيل الحكومة الانتقالية الصومالية الحالية، لحشد تأييد موقفها حيال مبادرة شريف حسن شيخ آدم رئيس البرلمان، وتأكيد دور منظمة الإيغاد في أي مبادرة محلية وإقليمية ودولية ترمي إلى حلحلة الأزمة الصومالية، ويبدو أن الفرصة مواتية الآن لرئيس الوزراء الصومالي على محمد جيدي الحليف الإستراتيجي لإثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي مقابل الدفاع عن حكومته وسلطته، ولو على حساب شعبه، ووطنه، وسيادة دولته. 
2. الدول الإفريقية الأعضاء في منظمة الإيغاد ( كينيا، أثيوبيا، يوغندا) غير راضية على الإطلاق عن زيارة رئيس البرلمان الصومالي إلى مقديشو، خوفاً من أن تُخلط جميع الأوراق ذات الصلة بالحكومة الحالية التي تستقوي دائماً بالدول المذكورة، وفي محاولة لإقناع رئيس البرلمان العدول عن قراره كثّفت القيادة الكينية ضغوطها على رئيس البرلمان، بيد أنها لم تُكلّل بالنجاح، ويعتقد البعض أن منظمة الإيغاد جزء من المشكلة الصومالية؛ إذ عُرفت بتأجيج الساحة الصومالية بدلاً من تهدئتها وإفشالها محادثات السلام الصومالية الأخيرة في الخرطوم خير شاهد على ذلك.
3. القوات الإثيوبية المرابطة في الصومال وخاصة مقر الحكومة الانتقالية، قد لا تساعد في إيجاد مناخ مناسب لبدء محادثات صومالية جادة، نتيجة الحساسية العالية لدى المحاكم الإسلامية من تلك القوات الأجنبية المرابطة في الصومال، مما قد يعقد مهمة رئيس البرلمان لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، والوصول إلى حل نهائي يرضي أطراف النزاع الصومالية.
السيناريوهات المتوقعة
مهما يكن من أمر فإن المرحلة القامة حبلى بالمفاجآت، وفي اعتقادنا فإن السناريوهات المتوقع حدوثها بعد وصول رئيس البرلمان إلى مقديشو مقر المحاكم الإسلامية تتجلى في النقاط التالية:- 
1. التوصل إلى نتائج عملية بين رئيس البرلمان الصومالي والمحاكم الإسلامية، ومنها ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من جميع الأراضي الصومالية شريطة وقف زحف قوات المحاكم الإسلامية إلى مدينة بيدوا مقر الحكومة الانتقالية، على أن ترحب الحكومة بتلك النتائج، ليشكل الطرفان بعد ذلك حكومة وحدة وطنية، وعلى ضوئها تنتقل الحكومة إلى العاصمة مقديشو. 
2. إصرار الحكومة على رفضها لأي نتائج قد تتمخض من المحادثات الجارية الآن بين قيادات المحاكم الإسلامية، ورئيس البرلمان الصومالي، ومن ثم فإن الخطوة العملية ستكون استقطاب حاد داخل مؤسسات الحكومة الانتقالية بين رئيس البرلمان شريف حسن من جانب ورئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء من جانب آخر.
3. أسوأ سيناريو متوقع حدوثه هو اندلاع مواجهات عنيفة بين المحاكم والحكومة من جانب، والمحاكم وحكومة بونتلاند المحلية الموالية للحكومة الانتقالية من جهة أخرى، والتحركات الميدانية في الوقت الراهن تدعم هذا الاتجاه، ومن الصعب في الوقت الحالي التكهن حول من ينتصر في الحرب القادمة، أومن يهزم، ولكن المعطيات الراهنة تؤكد سرعة انتشار المحاكم الإسلامية.
وفي اعتقادنا فإن قادة المحاكم الإسلامية تملك رصيداً شرعياً، وتاريخياً، وسياسياً، وإستراتيجياً لصالح الشعب الصومالي، تستطيع توظيفه لصالح الأمة الإسلامية والعربية. 
______________________________________________ 

يشهد الصومال حرباً إقليمية؟ 
عبد الرحمن سهل 
تشهد الساحة الصومالية هذه الأيام تصعيداً عسكرياً وسياسياً وإعلامياً غير مسبوق بين المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية؛ إذ يلوح في الأفق إمكانية اندلاع مواجهات عسكرية دامية بينهما قد تمثل بداية فصل جديد من فصول الصراع العسكري في المنطقة. 
ويرى البعض أن سيطرة المحاكم على مدينة كسمايو الساحلية الإستراتيجية كانت بمثابة ضربة البداية الحقيقية التي حركت المياه الراكدة، كما خلطت جميع الأوراق السياسية والأمنية، لدى الحكومة الانتقالية الضعيفة، بيد أن المحاكم سوّغت خطوتها العسكرية هذه بحصولها على معلومات سرية تؤكد تصميم هيئة الإيغاد إرسال قوات افريقية إلى الصومال، عبر عدة مدن أهمها مدينة كسمايو، وبونت لاند، والمحافظات الوسطى من البلاد.
ومنذ بروز المحاكم الإسلامية كقوة جديدة في الساحة الصومالية، تنظر الحكومة إلى المحاكم نظرة شك، مخافة أن تطرح المحاكم الإسلامية نفسها كبديل للحكومة الانتقالية، وعلى الرغم من النفي المتكرر الذي كان يصدر من المحاكم لتلك التهمة الموجهة، إلاّ أن الخطاب الإعلامي الرسمي للحكومة الانتقالية لا يزال يراوح مكانه، كما يدعو دوماً إلى وقف زحف قوات المحاكم إلى مناطق جديدة، وذلك قبل سيطرتها على كسمايو وبعد الاستيلاء عليها. 
المحاكم الإسلامية غضّت الطرف عن دعوات الحكومة المتكررة الداعية إلى وقف انتشار نفوذها إلى البلاد، وذلك للأسباب سالفة الذكر، أضف إلى ذلك ترحيب سكان مدينة كسمايو بقدوم المحاكم إلى منطقتهم، مما يؤكد أن الشعب الصومالي هو الذي يمد يده إلى القوة الجديدة الصاعدة. 
ومهما يكن من أمر فإن الحكومة الانتقالية تخوض هذه الأيام معركة سياسة وإعلامية حامية الوطيس ضد المحاكم الإسلامية لاعتقادها أن فرصة تحرك قوات المحاكم إلى بيدوا استجابة لنداء أهلها بات وشيكاً، وخاصة بعد استيلاء المحاكم على بلدة بورهكبو ومحافظتي جوبا السفلي ( كسمايو ) وجوبا الوسطى (بؤآلي)، ويتمثل تحرك الحكومة الانتقالية في النقاط التالية:- 
الأولى:- معركة سياسية ذات أبعاد أمنية وإعلامية في نفس الوقت تهدف إلى كسب تعاطف المجتمع الدولي عبر هيئة الإيغاد ومروراً بمجموعة الاتصال الدولي في الشأن الصومالي، وانتهاء بما يسمى مجلس الأمن الدولي لرفع حظر السلاح المفروض على الصومال منذ عام 1991م.
وقد أثار خطاب الرئيس الانتقالي الذي ألقاه أثناء الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال الذي عُقد في نيروبي يوم 19/9/2006م زوبعة سياسية أجّجت الكراهية بين المحاكم والحكومة؛ إذ أكد في خطابه أن المحاكم الإسلامية قررت تصفية ستة عشر من كبار مسؤولي الحكومة الانتقالية ومن بينهم رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، وقيادات عسكرية رفيعة المستوى، كما أنزلت المحاكم العلم الصومالي، ورفعت علما أسود بدلاً منه، بعد سيطرتها على مدينة كسمايو، وتلقيها مساعدات عسكرية من جهات خارجية.
وكان الرد الفعلي الذي صدر من المحاكم قوياً إزاء اتهامات الرئيس لها؛ إذ نفت جميع الاتهامات الموجهة إليها التي جاءت على لسان الرئيس، وقال شيخ شريف شيخ أحمد زعيم المحاكم الإسلامية "لا توجد عناصر أجنبية في صفوف قواتنا المسلحة، ولم نتلق أي مساعدات مالية ولا عسكرية أثناء سيطرتنا على مدينة كسمايو الساحلية"، ووصفت المحاكم، اتهامات الحكومة بأنها عارية عن الصحة ولا تستند على حقائق، وأشارت إلى الوجود العسكري- الاستخباراتي الإثيوبي في الصومال وخاصة في مدينة بيدو مقر الحكومة الانتقالية، باعتراف من أديس أبابا نفسها.
رئيس الجمهورية عبد الله يوسف أحمد فتح النار في خطابه أيضاً على جامعة الدول العربية التي وصفها بأنها تجهل المشكلة الصومالية، مؤكداً محورية هيئة الإيغاد في حلحلة الأزمة الصومالية، وضرورة وقف الدور العربي حيال الصومال بصورة نهائية، واصفاً الجامعة العربية بأنها منحازة إلى المحاكم الإسلامية.
وقد اعتبر البعض خطاب رئيس الجمهورية للحكومة الانتقالية بأنها نكسة جديدة للسياسة الصومالية في القرن الجديد، بتبنيها توجهات وسياسات عرجاء، تضر مستقبل الشعب الصومالي، وتجعله هو الضحية في كل الأوقات بدون مسوّغ في غياب ميزان القوى الإستراتيجي في المنطقة، كما يُعدّ ذلك درساً قاسياً لبعض الدول العربية التي تقف مع الحكومة الانتقالية المفلسة، وأعتقد أنها سوف لن تستوعب تلك الدروس التي يقدمها قادة الحكومة الانتقالية الصومالية، ولكن الحقيقة التي ينبغي أن يدركها الجميع أن لا خوف على الشعب الصومالي بعد اليوم، ولا يستطيع أحد قطع العلاقات التاريخية بين الشعب الصومالي والعالم العربي والإسلامي، وما يطلب من أشقائنا العرب ليس هو المستحيل، وهو دعم خيار الشعب الصومالي الذي قد حسم قراره، وعرف مشكلته، وهو التدخل الأثيوبي المستمر في شأنه.
ثانياً: سيطرة الحكومة على بلدة بورهكبا الإستراتيجية في 21-10-2006م كان يهدف فيما يبدو إبراز عضلات القوات المسلحة الإثيوبية، وإرسال رسائل عسكرية وأمنية إلى المحاكم الإسلامية مفادها أن الحكومة الانتقالية لم تعد حكومة ضعيفة كما تظنها، بل إنها قادرة على الرد في الوقت المناسب على خصمها، بشن هجمات عدة على عدة جبهات مختلفة في آن واحد.
بيد أن المعركة العنيفة التي دارت بين قوات المحاكم الإسلامية ومليشيات وزير الدفاع بري آدم شرى هيرالي في ضواحي مدينة بؤآلي والتي انتهت لصالح المحاكم، أوجدت معادلة جديدة كانت من أكبر نتائجها العسكرية انسحاب القوات الإثيوبية من بلدة بورهكبا مخافة أن يصيبها ما أصاب مليشيات هيرالي، إضافة إلى تدفق قوات المحاكم من مقديشو العاصمة إلى بلدة بورهكبو لخوض معركة دامية مع القوات الإثيوبية لتحريرها وطردها من البلدة، ونقطة أخرى تستحق الذكر وهي ضعف المستوى القتالي، لدى مليشيات الحكومة الانتقالية؛ إذ كانت مليشيات وزير الدفاع أفضل ما لدى الحكومة.
ثالثاً:- دور إثيوبيا كان بارزاً في الحملة الإعلامية والسياسية التي تخوضها الحكومة ضد المحاكم، حيث نجحت أديس أبابا في رفع معنويات الحكومة الانتقالية، عبر بياناتها الصحفية المقتضبة التي تصدر من وزارة الخارجية الإثيوبية، إضافة إلى إرسال مزيد من قواتها المسلحة إلى مدينة بيدوا مقر الحكومة الانتقالية، وتكثيف جهودها الدبلوماسية الرامية إلى عرقلة جهود الجامعة العربية في حل المشكلة الصومالية. 
وفي الجانب الآخر وإن لم تنضم المحاكم الإسلامية رسمياً إلى ما يسمى المؤسسات الإقليمية والدولية، إلا أن العالم اعترف بها عمليا لتحقيقها انتصارات إستراتيجية خلال مدة وجيزة ومنذ انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات بين الجانبين في الخرطوم تحت رعاية الجامعة العربية والسودان في بداية شهر سبتمبر الماضي، حققت انتصارات ميدانية، تتمثل في سيطرتها على مدينة كسمايو الساحلية الواقعة في أقصى جنوب الصومال، وبالتالي نجحت في إيصال نفوذها الإداري إلى ثماني محافظات.
أما في المجال السياسي فقد شاركت المحاكم الإسلامية ولأول مرة في الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال الدولي الذي عقد في نيروبي 19/9/2006م بعد تلقيها دعوة رسمية من مجموعة الاتصال الدولية، بغية طرح رؤيتها في هذا الاجتماع المهم.
أما دولياً فقد اعترف العالم بوجود المحاكم الإسلامية كقوة سياسية وأمنية وعسكرية صومالية، تسيطر على أكبر مساحة من الأراضي منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991م.
المعطيات الراهنة تؤكد زيادة سرعة انتشار المحاكم الإسلامية في الصومال، وإمكانية توسيع نفوذها إلى محافظات أخرى، فيما فقدت الحكومة الانتقالية ثقتها، ومصداقيتها، أمام المواطن الصومالي المسكين الذي لا يهمه من يحكمه سوى من يوفر له الأمن والسلام.
صعوبة المهمة في الجولة الثالثة!
اتجه وفد المحاكم الإسلامية إلى الخرطوم للمشاركة في الجولة الثالثة من المفاوضات المقررة عقدها في نهاية هذا الشهر، بمعنويات عالية، وأوراق قوية سياسية، وعسكرية، فمن جانب نجحت في توسيع رقعتها الجغرافية التي تسيطر عليها، ومن جانب آخر تجاوزت المرحلة الأولى من التشويش والدعاية الرخيصة التي كانت تروجها الولايات المتحدة الأمريكية ضد المحاكم الإسلامية؛ إذ تستخدم وزارة الخارجية الأمريكية لغة مجازية تحتمل عدة تفسيرات على خلاف العادة، كما دعت دول جوار الصومال، وبالذات أديس أبابا، ودول أخرى وقف تدخلها العسكري في الصومال تفادياً لاندلاع حرب إقليمية في المنطقة، وأمر آخر وهو خروج الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي تنتهي ولايته الأخيرة عن صمته المريب؛ إذ دعا دول الجوار إلى عدم تأجيج الساحة الصومالية من جديد، في إشارة إلى الحشد العسكري الإثيوبي داخل الأراضي الصومالية. وأكد مندوب الجامعة العربية في الصومال سمير حسن بوجود قوات إفريقية من دول جوار الصومال داخل الأراضي الصومالية، في وقت يستعد الطرفان الصوماليان إلى بدء الجولة الثالثة من المفاوضات بينهما في الخرطوم.
وتصر المحاكم الإسلامية على انسحاب القوات الإثيوبية من كافة الأراضي الصومالية كشرط لبدء جلسات المحادثات المرتقبة في نهاية هذا الشهر، غير أن الحكومة تبدو وكأن نبرتها قد تراخت، بعد دخول قوات المحاكم الإسلامية إلى آخر معقلها ومقر إقامتها؛ إذ تُقدّر المسافة بين قوات المحاكم ومدينة بيدوا أقل من عشرة كيلو مترات، وفي حال تلقي قوات المحاكم الأوامر من القيادة العسكرية، فإن واقعاً جديداً قد يتجدد في سماء محافظة باي. 
وفي حال تعثر المفاوضات بين الجانبين فإن السيناريو المطروح إذاً سيكون المواجهة العسكرية بينهما، بين القوات الإثيوبية وقوات المحاكم الإسلامية، ويستعد الطرفان الآن لخوض معركة قد تطول وتستمر عدة شهور، وقد تنتهي في أسابيع.
تمتلك المحاكم الإسلامية قوة عسكرية جيدة التسليح والتدريب، ولديها روح قتالية، ومعنويات عالية، وقيادة عسكرية، وسياسية، وعلماء يوجهون الأمة، ويقودون الاستنفار والتعبئة في ظل تبادل الأدوار بصورة متناغمة، ولا يوجد طابور خامس فاعل في المناطق التي تسيطر عليها المحاكم الإسلامية، وفوق هذا وذاك فإن المحاكم الإسلامية فتحت عدة مراكز لتسجيل الآلاف من المتطوعين الصوماليين لمشاركتهم في الحرب القادمة التي قد تندلع في أي لحظة بين المحاكم والقوات الإثيوبية. وأهم من كل ذلك أن أكثر من ستة ملايين نسمة من الشعب الصومالي الذين يعيشون في المحافظات التي تسيطر عليها المحاكم الإسلامية يقفون مع المحاكم الإسلامية، ومستعدون لبذل ما لديهم دفاعاً عن المكتسبات الإستراتيجية التي تحققت بفضل الله، ثم بفضل المحاكم الإسلامية.
وفي سياق متصل انسحب من الحكومة الانتقالية أبرز الشخصيات ( آدن محمد نور، وغيره) الذي ينحدر من محافظة باي مقر الحكومة، مع مليشياتها المسلحة باتجاه محافظة بكول الواقعة جنوب غرب الصومال، على خلفية خلافات سياسية معها، وقد تستثمر المحاكم الإسلامية انسحاب تلك القيادات، وترسل قواتها الخاصة جيدة التدريب والتسليح إلى محافظة بكول المجاورة لمحافظة باي ( بيدوا) مقر الحكومة الانتقالية الواقعة جنوب غرب الصومال، وبالتالي فإن القوات الإثيوبية ستكون محاصرة حيث ستصبح صيداً سهلا لاصطياده في الوقت المناسب، وقد تضطر القوات الإثيوبية لاستخدام طائراتها الحربية لمحاولة إنقاذ جيشها قبل فوات الأوان، وهو ما قد يزيد الأوضاع تعقيداً؛ إذ ستدخل ربما أطراف إقليمية في المعركة لصالح المحاكم الإسلامية. 
ونشير هنا إلى أن الأمم المتحدة كشفت تقارير سرية تؤكد إمكانية اندلاع حرب إقليمية في منطقة القرن الإفريقي تبدأ شرارتها الأولى في الصومال.
أما الحكومة الانتقالية فلديها مليشيات مسلحة، وإن لم تكن جيدة التدريب، وأغلبها مليشيات قبلية، ولكن القوة العسكرية التي تعتمد عليها هي القوات الإثيوبية المرابطة في أكثر من منطقة داخل الأراضي الصومالية، وخاصة مدينة بيدوا مقر الحكومة الانتقالية.
خطة الحكومة الانتقالية الضعيفة تقوم على استخدام الطائرات الحربية الإثيوبية لتدمير القوة العسكرية للمحاكم الإسلامية في الوهلة الأولى، وفتح أكثر من جبهة في وقت واحد معتمدة على القوة العسكرية الإثيوبية البالغة خمسة عشر ألف جندي، قابلة للزيادة إذا اقتضت الحاجة. 
ومهما يكن من أمر فإن أديس أبابا يبدو أنها متحمسة إلى حد بعيد لمواجهة المحاكم الإسلامية عسكرياً داخل الصومال، كما أن المحاكم مصممة أيضاً على إفشال خطط الحكومة الإثيوبية، وقد تلجأ المحاكم إلى تعبئة وتجهيز المسلمين الإثيوبيين، وإرسالهم إلى عمق الأراضي الإثيوبية ما لم تسحب الأخيرة قواتها المسلحة من جميع الأراضي الصومالية، وهو ما تخشاه أصلاً الحكومة الإثيوبية.
وعلى الرغم من أن المحاكم الإسلامية أكدت أنها ليست مصدر قلق لأي جهة كانت سواء دول الجوار أو غيرها، غير أن أديس أبابا تدق طبول الحرب لتأمين حصتها من المساعدات المالية التي تقدمها واشنطن إليها مقابل محاربة ما يسمى الإرهاب وهو الشعب الصومالي البريء، ولكن هذه المرة سوف لن يكون الشعب الصومالي وحده هو الضحية.
وضع حقوق الانسان في الصومال
المواثيق الدولية
انضم الصومال إلى أربع من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع لحقوق الإنسان، وهي: "العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية، و الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"(1990)، و "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" (1975)، و "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (1990)، كما وقع على "اتفاقية حقوق الطفل" (2002) ولم يصادق عليها. كما انضم إلى "البرتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" بشأن تقديم شكاوى من قبل الأفراد (1990)، ووقع على "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل"، بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2005) ولم يصادق عليه. 
انضم الصومال أيضاً إلى ثلاث من اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثمان المعنية بحقوق الإنسان، وهي: "الاتفاقيتان (29) و (105) المعنيتان بالسخرة والعمل الإجباري" (1990 –1961 على التوالي)، و "الاتفاقية(100) الخاصة بمنع التميز في العمل وشغل الوظائف" (1961). 
المواثيق الإقليمية
وبالنسبة للمواثيق الإقليمية، فقد انضم الصومال إلى "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (الصادر عام 1983). كما أنضم إلى "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام" الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990، وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى مصادقة. كما وافق على "الميثاق العربي لحقوق الإنسان/ المعدل" الذي اعتمدته القمة العربية في تونس عام 2004، ولكنه لم يصدق عليه شأن معظم الدول العربية. 
مؤسسات حقوق الإنسان
يوجد في الصومال عدة أنماط من مؤسسات حقوق الإنسان، فعلى المستوى الرسمي تأسست وزارة لشئون الجنسين والأسرة بهدف النهوض لأوضاع النساء في التشكيل الوزاري الأخير عام 2004 كما تأسست مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان في جمهورية "أرض الصومال" بمساعدة برنامج سيادة القانون والأمن التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة برلمانية لحقوق الإنسان في مجلس الأعيان في جمهورية "أرض الصومال" أيضاً. كذلك يوجد بعض المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان مثل: "شبكة حقوق الإنسان في أرض الصومال". ويعمل بعضها في شراكة مع منظمات الإغاثة الدولية ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في الصومال مثل: "الاتحاد الصومالي النسائي لجمع الشمل"، وهى منظمة غير حكومية تعمل بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين منذ العام 1992، و "عيادة حقوق الإنسان"، التابعة لجامعة هرجيسا، التي تأسست عام 2001 بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتقوم بتدريب الطلاب وتقديم خدمات قانونية مجانية للمعوزين. 
إنجازات على طريق الحكم الرشيد
1- نجاح مفاوضات السلام في أكتوبر/تشرين أول 2004، وانتخاب برلمان اتحادي من (275) عضواً يمثل قاعدة عريضة من القبائل والتكوينات الاجتماعية وإن لم يمثلها جميعاً. وانتخاب رئيس للحكومة الانتقالية في 14/10/2004. 
2- تحقق بعض التقدم في وضع المرأة الصومالية ودعم حقوقها في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك توسيع نطاق مشاركة النساء في البرلمان، وتعيين سيدة وزير لشئون الجنسين والأسرة. 
3- إحراز تقدم في برامج إعادة، وتأهيل اللاجئين. 
الصعوبات والمعيقات
1- يعاني الصومال منذ انهيار نظام الرئيس سياد برى عام 1991 حالة من التفكك والاحتراب الأهلي، وانهيار الحكومة المركزية وسيادة حكم القانون، وشهد (14) مبادرة إقليمية ودولية لتجاوز ذلك الواقع تعرضت جميعها للإخفاق. إلا مبادرة أخيرة تبنتها جماعة الإيجاد منذ منتصف أكتوبر/تشرين أول 2002، واستغرقت عامين في الوصول إلى اتفاق جديد للمصالحة الوطنية صدر بشأنه إعلان مبادئ في يناير/كانون ثان 2004 تضمن عناصر عديدة، يمكن إبراز أهمها فيما يلي: 
أ- تعديل مشروع الميثاق الاتحادي المؤقت الذي كان قد جرى الاتفاق عليه في فترة سابقة شمل تعديل اسم الحكومة الانتقالية، وأن تكون مدة ولايتها خمس سنوات، والدعوة لإعداد تعداد سكاني وطني، وصياغة دستور جديد يتم إقراره باستفتاء وطني يجري الإشراف عليه دولياً. 
ب- الاتفاق على القضايا المختلف عليها بشأن النظام الفيدرالي للدولة، وعدد نواب البرلمان الانتقالي، ونظام تقاسم السلطة، ومدة الفترة الانتقالية؛ حيث تم الاتفاق على أن يكون عدد نواب البرلمان 275 عضواً يتم اختيارهم وفق معايير قبلية بحتة، إذ جرى تصنيف القبائل الصومالية إلى خمس مجموعات (أربعة كبرى لكل منهم 61 نائباً، وواحدة صغيرة لها 31 نائباً). 
ج- تحصل المرأة على نسبة 12% من مجمل أعضاء البرلمان، ويُطلب من كل قبيلة أن تخصص هذه النسبة من حصتها. وذلك بعد أن استطاعت الحركات النسائية الصومالية إدراج النص على هذا الحق في الميثاق الانتقالي، لكن ظل ترشيح النساء للبرلمان خاضعاً لسلطة زعماء الفصائل وسلطات القبيلة التي تنتمي إليها المرأة. 
2- ورغم نشوب خلافات عديدة بشأن هذا الاتفاق، فقد نجحت الجهود التي قامت بها جماعة الإيجاد في استئناف المفاوضات في 21/5/2004 وجرى خلالها التركيز على قضايا تقاسم السلطة في إطار النظام السياسي الانتقالي، لاسيما فيما يتعلق باختيار أعضاء البرلمان الانتقالي، وانتخاب رئيس الدولة من قبل أعضاء البرلمان؛ على أن يقوم بدوره بتعيين رئيس الحكومة الانتقالية خلال 30 يوماً، والذي يقوم بدوره بتشكيل الحكومة. وتكون حقائبها موزعة وفق التوازنات القبلية التي جرى اعتمادها في اقتسام عضوية البرلمان. 
3- نجحت القبائل خلال شهر أغسطس/آب ، سبتمبر/أيلول 2004 في تقديم ممثليها للبرلمان، وأدوا اليمين الدستورية في منتصف سبتمبر/أيلول 2004 فى "نيروبي". 
4- انتخب البرلمان الانتقالي في 10/10/2004 - بعد منافسة شديدة بين أربعة أشخاص حكمتها التوازنات القبلية- السيد/ "عبد الله يوسف أحمد" بأغلبية (189) صوتاً من إجمالي أصوات البرلمان، وتم تنصيبه في كينيا في احتفال دولي، كما تم تعيين رئيس الوزارة وتشكيل الحكومة. 5- ورغم أهمية هذا الاتفاق فلا يزال يواجه العديد من التحديات وأهمها: فرض الأمن والنظام ونزع سلاح الفصائل، والنزعات القبلية والعشائرية، وإعادة الإعمار، ومواجهة عدة أقاليم صومالية. ولا تشير التقارير الصادرة عن الصومال إلى إحراز تقدم في أي من هذه القضايا الجوهرية، حيث استمر تردي الأوضاع الأمنية التي حالت دون دخول الحكومة إلى العاصمة "مقديشيو"، فعادت من كينيا إلى مدينة "جوهر". واستمرت ممارسات العنف ضد المدنيين والتي راح ضحيتها مئات من الأفراد خلال العام 2005. 
6- كذلك كان سياق مكافحة الإرهاب أحد بواعث القلق الشديد التي عبر عنها مبعوث الأمم المتحدة للصومال د. "غانم النجار" في أواخر سبتمبر/أيلول 2005، حيث رصد انتهاكات عديدة من جانب أجهزة الأمن الأجنبية الموجودة على الأراضي الصومالية شملت خطف ومضايقة وتهديد واعتقال كل من اشتبه في تورطه في تنظيمات إرهابية، كما شكل بعض الفصائل المسلحة تحالفاً باسم "تحالف مكافحة الإرهاب" شن هجمات واسعة على "المحاكم الإسلامية" التي تسيطر على معظم مقديشيو في شهر إبريل/نيسان ومايو/أيار 2006 بزعم ضلوعها في الإرهاب والتعاون مع المنظمات الإرهابية أسفرت عن مقتل وأصابت مئات من المقاتلين والمدنيين. 
إصدارات حقوق الإنسان
لم يُرصد على المواقع المتخصصة إصدارات حديثة ذات طابع منتظم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
 
بحث مفصل عن الصومال أرض وتاريخ آمال وتحديات
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: القسم الدراسي والتعليمي :: التوظيف والمسابقات دروس و البحوث :: البحـوث والكتب الجـامعية والمـدرسيـة الشـاملة-
انتقل الى: