بحث عن القتل شبه العمد - بحث تعليمى عن القتل شبه العمد كامل
* قتل شبه العمد: هو أن يقصد بجناية لا تقتل غالباً إنساناً معصوم الدم ولم يجرحه بها فيموت بها المجني عليه، كمن ضربه في غير مقتل بسوط، أو عصا صغيرة، أو لكزه ونحو ذلك.
فالضرب مقصود، والقتل غير مقصود، فسمي شبه عمد، ولا قصاص فيه.
* حكم قتل شبه العمد: محرم؛ لأنه اعتداء على آدمي معصوم.
* تجب الدية في قتل شبه العمد والخطأ مع الكفارة، أما قتل العمد العدوان فلا كفارة فيه؛ لأن إثمه لا يرتفع بالكفارة لعظمه وشدته.
* يجب في قتل شبه العمد: الدية المغلظة والكفارة، كما يلي:
1- الدية المغلظة: مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((.. ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل: منها أربعون في بطونها أولادُها)). أخرجه أبو داود وابن ماجه .
* تتحمل العاقلة هذه الدية أو قيمتها كما سبق، وتكون هذه الدية مؤجلة على ثلاث سنين.
2- الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، وتجب الكفارة من مال الجاني خاصة؛ لمحو الإثم الذي ارتكبه.
* لم يجب القصاص في شبه العمد؛ لأن الجاني لم يقصد القتل، ووجبت الدية؛ لضمان النفس المتلفة، وجُعلت مغلظة؛ لوجود قصد الاعتداء، وجعلت الدية على العاقلة؛ لأنهم أهل الرحمة والنصرة، ولزمت الكفارة الجاني عتقاً أو صياماً؛ لمحو الإثم.
* يستحب لأولياء القتيل العفو عن الدية، فإن عفوا سقطت، أما الكفارة فهي لازمة للجاني.
* يجوز تشريح الميت عند الضرورة لكشف الجريمة، ومعرفة سبب الوفاة باعتداء؛ صيانة لحق الميت، وصيانة لحق الجماعة من داء الاعتداء.
كما يجوز عند الضرورة تشريح جثث الموتى من الكفار لكشف المرض، والتعلم والتعليم في مجال الطب.
* قتل الغِيْلة: هو ما كان عمداً وعدواناً على وجه الحيلة والخداع، أو على وجه يأمن معه المقتول من غائلة القاتل، كمن يخدع إنساناً ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد ثم يقتله، أو يأخذ ماله قهراً ثم يقتله؛ لئلا يطالبه أو يفضحه ونحو ذلك، فهذا القتل غيلة يُقتل فيه القاتل مسلماً كان أو كافراً حداً لا قصاصاً، ولا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد، ولا خِيرة فيه لأولياء الدم.
* من خلص نفسه من يد ظالم له فتلفت نفس الظالم أو شيء من أطرافه بذلك فلا دية له.
- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ، وَلا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ، فَتَكُونَ دِمَاءٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ وَلا حَمْلِ سِلاحٍ)). أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وضَعَّفَهُ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ حَسَنٌ.
أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَضَعَّفَهُ، وأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ.
وَرَوَى الْحَدِيثَ الإمامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ فِي (بُلُوغِ الأَمَانِي): فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَفِيهِ مَقَالٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ القَطَّانِ، وَالسُّيُوطِيُّ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- شِبْه الْعَمْدِ: هُوَ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً بِمَا لا يَقْتُلُ غَالِباً، فَيَمُوتُ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ.
- مُغَلَّظَة: الْغِلْظَةُ خِلافُ الرِّقَّةِ، وَالدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ، فَتُؤْخَذُ أَرْبَاعاً مِنْ أسنانِ الإِبِلِ: بِنَاتِ المَخَاضِ، واللَّبُونِ،وَالْحِقَاقِ، وَالْجِذَاعِ.
- يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ: نَزَا الفَحْلُ نَزْواً: وَثَبَ، وَنَزَا بِهِ الشَّرُّ: تَحَرَّكَ، قَالَ فِي (النهايةِ): يُقَالُ: نَزَوْتُ عَلَى الشَّيْءِ. إِذَا وَثَبْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الأَجْسَامِ والمَعَانِي، وَالْمُرَادُ ضَغِينَتُهُ: هِيَ الحقدُ والعداوةُ والبغضاءُ،جَمْعُهَا ضَغَائِنُ، مِنْ نَزْوِ الشَّيْطَانِ؛ وَساوسِهِ وَإِغْوَائِهِ بِالإفسادِ بَيْنَ النَّاسِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- تَقَدَّمَ تعريفُ قَتْلِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ العمدِ مِنْ حَيْثُ قَصْدُ الْجِنَايَةِ، وَشَائِبَةَ الْخَطَأِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ قَصْدِ الْقَتْلِ، وَضَعْفِ الدلالةِ.
2- وَلِعَدَمِ ثبوتِ القِصَاصِ فِيهِ وَأَخْذِهِ صِفَةَ العَمْدِيَّةِ مِنْ حَيْثُ قَصْدُ الجنايةِ، فَإِنَّ الديةَ فِيهِ مُغَلَّظَةٌ.
3- التَّغْلِيظُ فِي الديةِ فِيهِ قَوْلانِ للعُلَمَاءِ:
أحدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الديةُ تَجِبُ أَرْبَاعاً: خمسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَهَذَا هُوَ المشهورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْقُوفاً، وَعَنْ غَيْرِهِ مَرْفُوعاً، وَتَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّ تغليظَ الديةِ هُوَ: ثَلاثُونَ حِقَّةً، وَثلاثونَ جَذَعَةً، وأربعونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ والشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ.
قَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ يَأْتِي مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ وَلا ضَغِينَةٍ وَلا حَمْلِ سِلاحٍ، وَإِنَّمَا يَنْزُو الشَّيْطَانُ بِسَبَبِ مُزَاحٍ أَوْ لَعِبٍ، فَيَحْصُلُ القتلُ الَّذِي لَمْ يُقْصَدْ، فَتَتَكَوَّنُ الدماءُ بَيْنَ النَّاسِ، وَاللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ.