تقرير عن توليد الكهرباء عن طريق الطاقة النووية ، توليد الكهرباء عن طريق الطاقة النووية
الكثير منا يعرف أن فكرة التربينات البخارية تعتمد على تحويل الطاقة الموجودة في البخار إلى طاقة تدير التوربين ومن تم تدير المولد و الاختلاف بين الانواع المختلفة لتوليد الكهرباء يكمن في كيفية الحصول على البخار حيث مند القدم و حتى الآن نستخدم الوقود الاحفوري (كالفحم او الغاز او السولار).
واليوم نضيف لهم استخدام الطاقة النووية في الحصول على الحرارة التي تنتج البخار الذي بدورة يدير التوربين. و قبل ذلك يجدر بنا فهم ما هي الطاقة النووية؟
الطاقة النووية تعرف على انها الطاقة الموجودة داخل الذرة أي في ( النواة ) حيت توجد البروتونات و النيترونات المرتبطة بقوة كبيرة مع بعض و عند انقسام نواة احدى الذرات التي تحتوي على جزئيات كثيرة مثل (U235 ) إلى أكثر من نواة لعناصر أخرى ينتج من هذا الانقسام طاقة هائلة و هي الطاقة النووية أو ردة الفعل النووي (Nuclear Reaction)، هذه الطاقة هي التي تستخدم في إنتاج البخار الذي يدير التوربين البخاري المرتبط بالمفاعل النووي.
تنقسم المحطات النووية إلى نوعان حسب نوع التفاعل النووي هما:
· محطات التفاعل الانشطاري ( Fission).
· محطات التفاعل الاندماجي (Fusion ).
المقصود بالتفاعل الانشطاري - هو انقسام نواة ذرة ثقيلة مثل (U235) إلى اكثر من نواة داخل المفاعل النووي تنتج عنه كمية كبيرة من الطاقة على هيئة حرارة تستخدم في إنتاج البخار الذي يدير التوربين ومن تم المولد .
المقصود بالاندماج النووي - هو عكس الانشطار النووي حيث تندمج نواتا عنصرين خفيفين كلا منهما مع الآخر ينتج عن هذا الاندماج فقد جزء من كتلتيهما الذي يتحول إلى طاقة تتحرر منهما.
من أهم واشهر العناصر القابلة للاندماج الهيدروجين الثقيل المعروف باسم ديتيريوم (Deuterium) المحتوي على هيدروجين عادي + نيوترون كذلك الهيدروجين الأثقل المسمى تريتيوم ( (Tritiumالمحتوي على الهيدروجين + 2 نيوترون. و تكمن المشكلة في توليد الطاقة الكهربائية عن طريق محطات أو مفاعلات الاندماج النووي في معضلة حصر الحرارة الناتجة عن الاندماجات المتتالية التي تصل إلى عشرة آلاف درجة مئوية و أكثر التي تسبب في صهر أي عنصر مستخدم للاندماج و تبخيره و ينتج عن هذه العملية سحابة ملتهبة من النوى و الإلكترونات يطلق عليها اسم البلازما (Plasma) و هي قادرة على صهر أي وعاء يحوي مادة التفاعل.
إنتاج الكهرباء عن طريق محطات الانشطار النووي:
كما هو معلوم عند علماء الصناعة النووية تنتج الطاقة اللازمة لتسخين الماء وتبخيره في المفاعلات الذرية الانشطارية باستخدام عناصر قابلة للانشطار لكي تطلق اشعاعات نووية تتحرك بسرعة عالية في الماء لتفقد طاقتها فيه و ترفع درجة حرارته، واليورانيوم يعتبر أفضل عنصر لتحقيق هذا الغرض باعتبار أنه ينشطر عندما يصدم بنواته نيوترون مخلفا عنصرين جديدين اصغر منه + 2 نيوترونات او ثلاثة اضافة إلى أشعة جاما ذات الطاقة العالية التي تنتشر في الماء فترفع حرارته حتى يتبخر و هو المقصود أو المطلوب، و النيوترونات الناتجة تعود إلى الاصطدام بنوى يورانيوم أخرى لتكرر نفس العملية عدة مرات بحيث يستمر تسخين الماء و تبخيره و يمرر بواسطة أنبوب عبر خزان آخر يحوي على ماء بارد فيتبخر الأخير عند امتصاصه لحرارة ماء الأنبوب الذي يعود ثانية إلى قلب المفاعل مع تكرار هذه العملية و بخصوص البخار الناتج من الخزان الثاني يمرر لزعانف مولد كهربائي حتى نحصل على الكهرباء و هو المطلوب. ويطلق على هذه العملية بالتفاعل المتسلسل (Chain reaction) ويتم ضبط كمية التفاعلات المتسلسلة بواسطة أعمدة مصنوعة من مادة تمتص النيوترونات المنطلقة من عملية الانشطار.
* ملاحظة هامة جداً (ما يعطيه انشطار نوى جرام واحد من اليورانيوم يعادل سقوط 100 الف كيلوجرام من الماء من على ارتفاع 400 كليومتر أو احتراق حوالي 4 آلاف كيلوجرام من الفحم).
إنتاج الكهرباء عن طريق الاندماج النووي:
كما ذكرنا في تعريف الاندماج النووي سابقاً فإن الطاقة الناتجة من الاندماج النووي طاقة هائلة فالكيلوجرام الواحد من اكسيد الديوتيريوم ( D2O) المتكون من ذرتين من الديوتيريوم و ذرة واحدة من الأكسجين وهو ما يطلق علية اسم الماء الثقيل يعطي طاقة تعادل الطاقة الناتجة من ألفي طن من الفحم أو ما يعادل الطاقة الناتجة من مليوني لتر من الجازولين.
بالتالي الصعوبة الرئيسية التي تقابل العلماء في هذا المجال هي كيفية السيطرة على تفاعل الاندماج و نوعية الاناء أو الوعاء الذي نستطيع أن نضع فيه غاز الهيدروجين و يتحمل هذه الحرارة العالية. و قد توصل العلماء إلى طريقتين لحصر البلازما في مكانها، الاولى عن طريق استخدام أشعة الليزر و الثانية عن طريق المجال المغنطيسي و تتلخص طريقة الليزر في وضع خليط من غازي الديوتيريوم و التريتيوم في إناء صغير من الزجاج على هيئة قرص ويحاط هذا القرص الزجاجي من جميع الجهات بمصادر لأشعة الليزر على ان يكون القرص في مركز هذه المصادر و مع بدء التشغيل تخرج من مصادر الليزر كميات قوية من الطاقة تتركز كلها داخل القرص الزجاجي و تضغط على ما فيه من ديوتيريوم و تريتيوم بقوة هائلة تحفظه في مكانه و ترفع درجة حرارته إلى عدة ملايين من الدرجات المئوية في جزء من الثانية.
أما بخصوص طريقة المجال المغنطيسي تعتمد على استخدام مجال مغنطيسي فائق القوة يحيط بالبلازما و يثبتها في مكانها، و قد اطلق على النظام اسم القارورة المغنطيسية و يمكن صنع هذه القارورة على شكلين إما انبوبية او على هيئة حلقة مجوفة.
و رغم هذا كله لم تنجح كافة تجارب الاندماج النووي في إنتاج الطاقة الكهربائية، و لقد صعد نجم مفاعل التوكاماك (Tokamak) الروسي و هناك العديد من المحاولات من جانب الولايات المتحدة الامريكية في معامل لوس الاموس بنيومكسيكو، و لدى دول الاتحاد الأوروبي خطط لإنتاج الطاقة الكهربائية من التفاعل الاندماجي النووي.
و في ختام هذا المقال الطاقة النووية على الرغم ما تحتوي من مخاطر فقد تكون هي الملاذ الوحيد الذي يلوح في الأفق و يسهم في حل أزمة الطاقة الكهربائية في هذا العالم الذي استغل محطات الانشطار النووي فقط حتى الآن و لم تستغل محطات الاندماج حتى اليوم، بالتالي ان تطور أجهزة التوكامات أقصد مفاعلات الاندماج النووي و استغلالها في توليد الطاقة الكهربائية يعنى أن الإنسان قد نجح في استخدام الطاقة الكونية و هي طاقة الكواكب في تشغيل مصانعة و في تكيف و تدفئة منازلة و تغلب على مشكلة الطاقة إلى الابد.
أ.د. مفتاح محمود الزعيليك
باحث أول بمركز البحوث النووية/ تاجوراء-ليبيا