بحث عن ابراهيم بن علي الاحدب ، بحث كامل عن ابراهيم بن علي الاحدب جاهز بالتنسيق
إبراهيم بن علي الأَحْدب
(1242 - 1308هـ/1826 - 1891م)
عالم لغوي وأديب صحافي من رواد النهضة العربية. ولد في طرابلس الشام، وتلقى علومه في مدارسها، ودرس على الشيخ عبد الغني الرافعي، وأحاط بعلوم الشريعة واللغة، يعينه على ذلك ذاكرة قوية، وبديهة حاضرة، ولسان طيعٌ، وقدرة على ارتجال الشعر.
زار الآستانة ومكث فيها أربع سنوات والتقى بمثقفيها وجمعياتها فوجد كل إكرام، ولاسيما من السلطان عبد الحميد الذي خصه إبراهيم ببعض قصائده. عاد إلى لبنان، فاتخذه سعيد جنبلاط مستشاراً له في الأمور الشرعية، وعهد إليه في تدريس أولاده. وفي أثناء إقامته في المختارة تزوج فتاة من أسرة الخطيب ورزق منها خمسة أبناء، ثم انتقل إبراهيم إلى بيروت وعمل في المحكمة الشرعية وارتقى حتى أصبح رئيس كتابها وتولى تحرير صحيفة «ثمرات الفنون» واستمر في عمله ما يزيد على ثلاثين سنة.
وفي سنة 1289هـ/1872م زار إبراهيم مصر واتصل بعلمائها وأدبائها وتوثقت معرفته بالشيخ عبد الهادي الأبياري [ر] وأنتجت صلتهما صفحات من الإخوانيات جمعت في كتاب «الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية». وكانت مجالس الشيخ إبراهيم ندوات يتلاقى فيها الأدباء من الكتاب والشعراء.
كان إبراهيم غزير الإنتاج إذ ترك ما يناهز خمسة وعشرين مؤلَّفاً وعشرين رواية استقاها من تاريخ الأدب العربي من بينها «جميل بثينة» و«كُثيّر عزة»، أو من التاريخ العام مثل «مَزْدَك» و«الاسكندر المقدوني» وقد مثلت هذه الرواية في دمشق أمام واليها راشد باشا. وله كذلك ثلاثة دواوين شعرية يقدر ما نظمه فيها بثمانين ألف بيت، من بينها ديوان «النفح المسكي في الشعر البيروتي» ومما كتب «ذيل ثمرات الأوراق» لابن حجَّة الحموي (طبع على هامش المستطرف)، و«كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان»، و«كشف الأرب عن سر الأدب» (وهو شعر) و«فرائد اللآل في مجمع الأمثال» نظم فيه الأمثال التي جمعها الميداني في نحو ستة آلاف بيت، وعني ولداه بطبعه و«فرائد الأطواق في أجياد محاسن الأخلاق» جارى فيه الزَمَخْشريّ في كتابه «أطواق الذهب».
سار إبراهيم الأحدب في أدبه على نهج القدماء، فهو في الشعر من المحافظين، وأكثر قصائده في المديح. أما في النثر فقد درج على كتابة الافتتاحيات والمقالات التي يتناول فيها القضايا الخلقية والدينية، وكان يبدؤها بعنوان ثابت (يا فتّاح) وكان يرى في الصحافة وسيلة لنشر أفكاره. وأما في رواياته فقد كان أقرب إلى التجديد، وكان بعضها مدرسياً تعليمياً، وبعضها الآخر مقتبساً عن الفرنسية التي كانت تترجم له ثم يصوغها بأسلوبه.
كما ترسّم خُطا بديع الزمان الهمداني والحريري فكتب مقامات أثبت فيها مقدرته اللغوية وحفظه أشعار العرب وخطبهم وأمثالهم. وقد بلغت ثمانياً وثمانين مقامة منها المقامة الدمشقية ومقامة العزلة، وليس في مقاماته حبكة، وقد يكرر الحادث الواحد فيها، وفي معظمها حديث عن المرأة وشؤونها.
لم يكن للأحدب مشاركة في أحداث عصره السياسية، فقد كان هدفه الأول خدمة اللغة والأدب، واستمر على ذلك حتى وفاته.