Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| موضوع: الذكاء الجمالي . القيم والذكاء الجمالي . أ. حنافي جواد الثلاثاء 2 يناير - 19:18 | |
| الذكاء الجمالي . القيم والذكاء الجمالي . أ. حنافي جواد
لماذا اخترت موضوع القِيَم؟ انصبَّ اهتمامي على مسألة القيم؛ لأهميتِها، ثم إنَّ حاجتنا إليها اليومَ أكثرُ من حاجتنا إليها البارحة؛ نظرًا إلى تفاقم فساد منظومة القِيَم.
ولقد أسفر فسادُها عن فساد منظوماتٍ كثيرات؛ اقتصاديَّة واجتماعيَّة، وبيئية وعِلمية...
إنَّ ما نشاهده اليوم من الفساد بداية شريرة لا نتوقَّع مآلاتِها ولا نهاياتها، أقل ما يُقال عنها: إنَّها بشارة الكارثة العظمى، والمصيبة الكبرى، هي أزمة قِيميَّة أخلاقيَّة.
هدفي في هذا المقام: • الإشعار بخطورة فساد منظومة القيم والأخلاق.
• إبراز أنَّ الوعي بالخطورة غيرُ كافٍ، فالواجب الانطلاق نحو الفعل الصَّالح.
• بيان الترابط بين المنظومة القيميَّة الأخلاقية والحقول الاجتماعيَّة والاقتصادية والفكرية.
• الوقوف على أهمية تنمية الذَّكاء الجمالي.
• تحديد المسؤولياتِ، وبيانُ الأطراف المتدخِّلة لإصلاح المنظومة الفاسدة.
• التأكيد على أهمية التعزيز الإيجابي والسَّلبي لإصلاح ما أُفسدَ، وبناء ما هُدم.
• إقامة البرهان على أن الرقابة الذاتيَّة غير كافية في النظريَّة الإصلاحية.
لا أدَّعي أني أحَطْتُ بالموضُوعِ إحاطةً شاملة؛ ولكنِّي ركزتُ على ما بدا لي مُهمًّا، وقد غابت عنِّي أمور كثيرة أكثرُ أهمية؛ فالكمال لله، حاولتُ قدْرَ المستطاع معالجةَ الموضوعِ بناءً على تصوُّرٍ يكاد يكون شاملاً، يَمْتحُ من حقولٍ كثيرة: حقل الشريعة الإسلامية - حَقْل النفس البشرية - حقل علم الاجتماع - حقل علم النَّفْس الاجتماعي - حقل البيئة - حقل الإعلام - حقل التَّنمية البشرية... نَسْجت خيوطها نسجًا، ونظمتها نظمًا؛ عسى أن تروق القارئ فيتخذها زينةً.
• • • • تُعَدُّ مسألة القيم الجمالية موضوعًا حريًّا بالمناقشة والدراسة والتحليل، ومما يقتضي ذلك ما نلحظه من تشوُّهات سلوك الإنسان المُعاصر[1]، وغلبة القيم الفرديَّة والمادِّية، واضمحلال القيم الرُّوحية والجمالية.
فانعكس ذلك بشكل مباشر وغيرِ مباشر على منظومة المجتمع، ونظام الكون بِأَسْره؛ فاختلَّ التوازن، وساد اضطرابٌ غير مشهود مثله سلفًا، ويحدث ذلك كله باسم الحَدَاثة[2] والتَّجديد والتقدُّم!
لقد أصبح تعليم القيم الجَميلة[3]، وترسيخُها في النفوس والعقول - فريضةً وأولويَّة من أعظم الأولويات[4]، فينبغي الاهتمام بها؛ لأنَّها مسؤولية يتحمَّلها جميع البشر بدون استثناء؛ وإن كانت الحظوظ والمسؤوليَّات تختلف من طرفٍ لآخر.
ويُعَدُّ سنُّ الطفولة والحداثة أعظم وأهمَّ مرحلة عمريَّة لتغرس فيها القيم الجميلة والأخلاق الفاضلة: وَيَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْدَاثَ فِي صِغَرٍ وَلَيْسَ يَنْفَعُ عِنْدَ الشَّيْبَةِ الأَدَبُ
إِنَّ الغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ وَلَنْ تَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهَا الْخُشُبُ
صعوبة موضوع القيم: أرَانِي أجدُ صعوبةً كبيرةً في الحديثِ عن القيمِ، ولا ترجع الصُّعوبة إلى الموضوعِ في ذاتِه، وإنَّما لاختلافِ التصوراتِ والمنطلقات، وتمثُّلات الأذهان[5] في مقاربته.
قد تَتَّحِدُ التصورات في أمور معيَّنة؛ لكنها سرعان ما تختفي في أخرى.
وهل هو اختلاف تنوُّع، أو اختلاف تضاد؟
يكون اختلافَ تنوعٍ في أحيان، واختلافَ تضادٍّ في الأغلب الأعمِّ من الأوقات.
قد تكون القيم إيجابيَّة، وقد تكون سلبية، فما الفرق؟ وما هي الحدود والمنطلقات؟
وتتوقَّف الإجابة عن هذين السُّؤالين على حلِّ الإشكالية السابقة؛ إشكاليَّة تعدُّد واختلاف وجهات النَّظر في موضوع القيم بين التنوُّع والتضاد.
بِعَودِنا إلى الساحة والميدان؛ نكشف صعوبة التَّعامل مع مفهوم القيم، وصعوبَة تصنيف تصورات الناس وتمثلاتهم للموضوع.
• إنَّهم يُجْمِعون علَى أهمية القيم الإيجابيَّة؛ الاقتصادية، والفكريَّة، والتربوية، والنفسية...
• يُجمعون بشكل صريحٍ على ضرورة القضاء على القيم السلبيَّة؛ لمفاسدها وأخطارها الاجتماعية والاقتصادية...
• ورغم إجماعهم؛ فإنَّهم يختلفون اختلافَ تبايُنٍ في التعريف والضوابط والحدود...
• ولا يَفوتُنا أنْ نُذكِّر بتيَّار متمرِّد ينفي القيم نفيًا قطعيًّا، داعيًا علانية إلى تجاوزها، بل يعتبرها عائقًا تنمويًّا، أو خرافةً أكَل عليها الدهر وشرب.
• إشكالية القيم:
إشكاليَّة القيم من أعوص الإشكاليَّات على الإطلاق؛ وهي أخطر من الإشكالية البيئيَّة؛ لسببٍ وجيه: "هو أنَّ فساد القيم يؤدِّي إلى تخريب البيئة وتدمير الكون، فإذا التزم الناسُ القيمَ الجمالية وقيم المسؤولية، ستكون البيئةُ بخير، وإذا فسدَت التصوُّرات، واختلطت القيم السلبيَّة بالأخلاق الفاضلة، وهيمنَت المادَّة على قيم الفِكْر وجماله، فانتظِر الكارثة على المستويات جميعها".
• فما أحوجَنا إلى عقد قمَّة عالمية عملية جدية في موضوع القيم؛ لِتُجيب عن سؤالٍ مركزي هو: قِيَمُنا إلى أين؟
وهذه القمَّة - في نظري - أهمُّ من قمة عالميَّة في المناخ.
وما فساد المناخ، وتلوُّث البيئة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، واتِّساعُ ثقب الأوزون، وذوبانُ الثُّلوج في القطبين... إلاَّ نتيجةٌ مباشرة - أو غير مباشرة - لفساد تصوُّرات الناس، وتلوُّث قيمهم بملوِّثات مادية ومعنوية.
تلوث الأفكار = تلوث المناخ وزيادة.
تقسيم القيم: تزخر الساحة بتصوُّرات متعددة لمفهوم القيم، يمكن تصنيفها كما يلي:
تقسيمٌ باعتبار الدِّين: قِيَم من منظور إسلامي/ ديني قيم من منظور غير إسلامي، بعيدًا عن الدِّين تقسيم باعتبار الاتِّفاق والاختلاف: قيم متفق عليها إجمالاً قيم مختلف فيها تفصيلاً تقسيم باعتبار الإثبات والنَّفي: فريق يثبت القيم ويعترف بها فريق ينفيها، ولا يعترف بها تقسيم باعتبار الظاهر والباطن: قيم سلوكية ظاهرة قيم باطنة قلبيَّة - عقلية تقسيم باعتبار الإطلاق والنسبية: قيم مطلقة قيم نسبيَّة تقسيم باعتبار الحقول المعرفية: قيم اقتصادية قيم اجتماعية قيم فكرية...
تداخلات وتشابكات في حقل القيم:
يتبع... [1] وتظهر تلك التشوُّهات في علاقة الإنسان بربِّه ونفسه والناس والمحيط.
[2] الحداثة: مشروعٌ فكري تقدُّمي، يُفسِّر الكون تفسيرًا متجرّدًا عن سلطة الماضي وكل أشكال السُّلطة، وأساس الحداثة الفصل بين الدِّين والدولة، فالدين في نظر الحداثيِّين تراثٌ قديم لا يليق بعصرٍ متطوِّر.
[3] من القيم الجميلة: العدل - المساواة - الإيثار - التواضع - الأخوَّة - المودة - الرحمة - الحياء - الكرم - حسن الضِّيافة - الأدب مع الله والناس - العفَّة - الشجاعة - الوفاء - الصِّدق - حسن الجوار - الإحسان...
[4] نحن في حاجة ماسَّة إلى فقه أولويات التغيير الاجتماعي؛ حتى لا نتيه في أجزاء قليلة الأهميَّة؛ فتضيع الجهود، ويستفحل الضرر، ويفوت الأوان.
[5] تُبنى التصوُّرات والمنطلقات والتمثلاتُ عبرَ مساراتِ التنشئةِ الاجتماعية، واختلافُ المحيط والبيئة يؤدِّي إلى تباين طرائق النَّاس في التفكير والبناء وتصوُّر الأشياء، وتكاد تتَّحِد تصوُّرات الناس ومواقفهم في بعض الأمور المرتبطة بالمصلحة الفرديَّة؛ كأساليب تحصيل المال، والسكن، وإشباع بعض الغرائز...
يتبع
|
|
Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| |
Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| موضوع: رد: الذكاء الجمالي . القيم والذكاء الجمالي . أ. حنافي جواد الثلاثاء 2 يناير - 19:21 | |
| ملاحظات في البناء الفلسفيِّ للذكاء الجمالي:
• العقل البشريُّ ينتج بقدر ما يَستهلك.
• يولدُ الإنسان صفحةً مسطَّرة؛ توجِّهكَ السطور لتكتب ما شئت؛ خيرًا أو شرًّا.
• المَوْروثُ الثقافي أهم من الموروث الجينيِّ في الأغلب الأعم.
• وقد يلتبس الموروثُ الثَّقافي على بعض الباحثين، فيُفسِّرون السُّلوكيَّات بناء على النَّظرة الوراثية الجينيَّة.
• الذَّكاء مكتسب لا موروث: نتعلَّم الذَّكاء كما نتعلَّم الحِرَفَ.
• فالذكاء ناتجٌ عن الممارسة والدُّرْبة والرياضة المُمَنهجة.
• السُّلوك الإنساني مرتبطٌ بالتَّنشئة الاجتماعيَّة.
• يؤثِّر المُحيط الاجتماعيُّ والاقتصادي والسياسي تأثيرًا بالغَ الأهميَّة في سلوكيات ومواقف وتصرُّفات وتصوُّرات الناس.
• الفكر المصلحيُّ[1]: تتجسَّد أهمُّ محركات غالبيَّة البشر في شهوة البَطْن، وشهوة الفَرْج، وشهوة المال.
• الضُّعفاء مُولَعون بتقليد الأغنياء الأقوياء.
• نموذج الفكر السَّائد في مجتمع الحداثة وما بعدها هو: "الغاية تعلِّل الوسيلة".
• بعض مؤسَّسات التنشئة الاجتماعية - كالمدرسة والإعلام - يُمكن أن ترسِّخ الذَّكاء الجمالي، والأخلاق الفاضلة إذا تضافرَت الجهود، وتكتَّلَت المواقف.
• الأسرة هي المدرسة العُظمى والأهمُّ لزراعة بذور القِيَم الجميلة والذكاء الجمالي.
• يمكن للمدرسة أن تُسْهِم بحظِّها الوافر في ترسيخ الذَّكاء الجمالي؛ إذا أُعيدت للمدارس هيبتُها، ورُدُّ لها الاعتبار.
• يمكن للمسجد أن يَزرع بذور القيم الجميلة.
• يمكن للإعلام أن يُكرِّس القيَم الجميلة والأخلاق الفاضلة.
• يَميل الإنسانُ إلى اتِّباع هواه وشهواته ميلاً؛ لذا فالتَّعزيز والردعُ ضروريَّان.
• يُمكن للإعلام أن يكرِّس القيم الجميلةَ والأخلاق الفاضلة.
• يُمكن للنُّخبة أن تُجسِّد القيم الجميلة، فتكون نموذجًا.
• وبكلمةٍ أخرى: إنَّ الرقابة الذاتيَّة غيرُ كافيةٍ رغم أهميتها.
(أساس الإصلاح = الرَّقابة الذاتية + الرقابة الخارجيَّة): [b]•الرقابة الذاتيَّة: تُكرَّس عبر قنوات التربية المختلفة.
•الرقابة الخارجية: مجسَّدة في مؤسساتٍ تُعاقب المخالفين وتَزْجرهم، وتمدح الصالحين والمصلحين، وتُشيد بأعمالهم.
• [b]ملاحظة: إنَّ الرِّقابة الخارجيَّة مدعِّمة للرقابة الذاتيَّة تدعيمًا غير مباشر؛ فالخوف من العقاب عند المخالفة يجعل الإنسان يتحكَّم في تصرُّفاته، ويُقنِّن اندفاعاته. • لن يتحقَّق المقصود إذا لم تُسنَّ قوانينُ صارمة ضابطة مُحكَمة، تمنع المخالفين وتَزْجرهم، إنَّما تُسنَّ القوانين لِتُطبَّق؛ لا لتبقى مكدَّسة على الرُّفوف، يعمل بها في حالات معيَّنة فقط، والصَّرامة في تطبيق القوانين ضروريَّة.
• إن تطبيق مبدأ الصرامة خطوةٌ جريئة.
[b]وضعية عمَلية: الشارع ملوَّث بالأزبال والقاذورات، فمَن يتحمَّل المسؤولية؟ • يجب على المواطن أن يتحمل المسؤوليَّة. • يجب على المسؤولين أن يتحمَّلوا المسؤولية. • يجب على السُّكان أن يَعُوا خطورةَ تلوُّث الشارع. • وتبعًا لِوَعيهم؛ يجب أن يتحرَّكوا لإيقاف الخطَر. • يجب على الجمعيات البيئيَّة أن تتحرك سريعًا للحفاظ على البيئة.
[b]• فرضية: إذا تحرَّكَت الجهات المسؤولة، فبحثَتْ واكتشفت الفاعل، أو الفاعلين، فالواجب أن يُعاقَبوا عقابًا يتوافق والقوانينَ المرسومة.
وماذا بعد العقاب؟ إذا كان العقاب مناسبًا فلن يتجرَّأ الفاعل أو الفاعلون على الفعل مرَّة أخرى، ولئن ثبتَ أنه فعل مرَّة أخرى، فالواجب أن يكونَ العقابُ أقسى، كما يمكن للعقاب أن يمتدَّ إلى حرمان المُلَوِّثِ من بعض الامتيازات، والأساس في تطبيق القوانين هو العدل؛ إذِ الواجب أن يطبَّق القانون على القويِّ والضعيف، الغني والفقير، المعلوم والمجهول.
كما يجب أن يهتمَّ بإعادة الإدماج والتأهيل، فالمقاربة العقابيَّة غير فعَّالة بمفردها.
الجدير بالملاحَظة: أنَّ فساد المنظومة القيميَّة يَرْجع في جزءٍ كبيرٍ منه إلى فساد منظومة التَّعزيز والعقاب؛ بحيث لا نمتلك من الشَّجاعة ما يكفي لتطبيق القوانين، والضرب على أيدي المخالفين.
ثم إنَّ على الفاعلين السياسيِّين والمسؤولين الغَيُورين أن يتحلَّوْا بلغة الصَّراحة والوضوح، ويتخلَّوا عن أنماط اللفِّ والدوران تحت ذريعة السِّياسة والحِكْمة؛ فأساس الحكمة والسياسة: الوضوح والشَّفافية.
يجب أن نتكلم بلغةِ: يُمكن/ لا يمكن، مسموح/ غير مسموح، أسود/ أبيض... مع تقديم الأدلَّة القوية؛ حجَّةً للموقف، أو السلوك/ التصرُّف.
أما إذا بقي الأمر كما هو عليه الآن، فسيترسَّخ في الأذهان أنَّ السياسية ضربٌ من ضروب الكذب.
كل الناس يتحملون المسؤولية: ولكن المسؤوليَّات متفاوتةٌ من شخصٍ لآخر؛ فمُصطلَح المسؤوليَّة نظريٌّ تحدِّد معناه وتقيِّده وتَضْبطه التشريعات والقوانين.
إنَّ قولنا: "كل الناس يتحمَّلون المسؤولية" يعني - فيما يعنيه - أنْ لا أحدَ يتحمَّل المسؤولية!
فالواجب إذًا تحديد المسؤوليَّات، وضبطُها، ومحاسبة المخالفين؛ كلٌّ حسب موقعه وقوَّتِه. القيم والفطرة: [b]وما الفطرة؟ الفطرة استعدادٌ طبيعي وإمكانيَّات كامنة قابلة للتَّطوير، أو هي هياكل وقوالب مجهَّزة تؤثِّر فيها المكتسباتُ والمتعلَّمات، ومختلِفُ الموارد.
• فالتنشئة على القيم الإيجابيَّة = إنسانًا خيِّرًا/ صالحًا - إن شاء الله. • التنشئة على القِيَم السلبية = إنسانًا شريرًا/ طالحًا - إن شاء الله.
تتأثر الفطرة بـ: • المحيط الأُسَري. • المحيط الإعلامي. • المحيط المَدْرسي. • المحيط المجتمعي. • المحيط النُّخبوي[2]. • ....
برهان ما أقول: إذا عزلت طفلاً عن المُحيط الاجتماعي، والحياة الأسريَّة، فلن تقوده فطرتُه إلى شيء؛ فالمُحيط والتنشئة الاجتماعيَّة والأسرية، واللُّغة والتواصل والتعلُّم، هي التي تعطي للإنسان الوجودَ الفعلي؛ أي: الوجود بالفعل في مقابل الوجود بالقوَّة. فما هي علاقة الفطرة بالقِيَم؟
• الفطرة استعدادٌ وقوَّة باطنيَّة وإمكانيات: قوة مجانِبة (مُحايِدة). • توجِّه القيم الجميلةُ الفطرةَ وتغذِّيها. • وتنتج الفطرة السليمة القيم الجميلة. • فالعمليَّة - إذًا - تبادليَّة؛ بحيث تتغذَّى الفطرة من القيم؛ لتنتج قيمًا.
[/b][/b][/b][/b][/b] [b][b][b][b][b]حال الفطرة عند الولادة: • كصفحة مسطَّرة توجه الكتابة؛ يمكن أن تكتب عليها الخير والشَّر.
ولماذا هي صفحة مسطَّرة، وليست صفحة بيضاء؟ لأنَّنا مهمًّا غيرنا فطرة الإنسان، إنَّما نغيِّرها وفقًا للقوالب الفطريَّة الجاهزة؛ إمَّا في اتِّجاه الخير أو في اتِّجاه الشر، فالسُّطور هي المَعالِم والمحدَّدات الهادية، وهي بعبارةٍ أخرى: مصادر القُوَى الكامنة في الإنسان.
• أمَّا كونها صفحةً مسطَّرة؛ فلأنَّ الإنسان لن يَفقد إنسانيته إلاَّ بالموت؛ فالطِّفل إنسان، والشابُّ إنسان، والكهل والشيخ إنسان.
• أما الذين يقولون: إن الطِّفل لا يولد صفحةً بيضاء، فيقصدون أنَّ للطفل مؤهِّلاتٍ وقدرات وملَكات، فتِلْكم المؤهِّلات والقدرات وأنواع الذكاء مكتسبةٌ لا موروثة؛ يَكْتسبها الطِّفل من البيئة التي يترعرَع فيها.
• إنَّ تلك الطاقات موجودةٌ بالقوَّة والاستعداد الفطري، ولا تظهر إلاَّ من خلال العوامل البيئيَّة، والتنشئة الأسريَّة، والتَّواصل والتَّقاسم والاحتِكاك.
• صحيح: إنَّ الكسل يورث، والجهل يورث، والفقر يورث... يورث ثقافيًّا، لا جينيًّا.
يتبع...
[1] لقدْ أصبح الإنسان المعاصر برغماتيًّا إلى النُّخاعِ، تحرِّكُه المصلحة والغاية الماديَّة، بصرف النظر عن مقاصد الدار الآخرة؛ فإذا تحدَّث أو عَمِل، أو أقبلَ أو أدْبر... لا يفعل إلاَّ لمصلحة عاجلة؛ مادِّية أو معنوية، فلا يهُم أن يُتْلِفَ البيئةَ، ويُدمِّرَ الحياةَ؛ ما دامَ يبحثُ عن المصلحة العاجلة، ويشكِّل هذا السلوك خطرًا على المنظومة القيميَّة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].
[2] للنُّخبة في المجتمع تأثيرٌ كبير، ووَقْع عظيم؛ لا سيَّما إذا أُبرزَتْ هذه النخبةُ في وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، والإعلام هو الذي يؤثِّر على النخبة؛ إما بالقبول، أو بالرفض. النخبة بسلوكها، وطريقة تفكيرها، وعاداتها، ومَلابسها، وطريقة حديثها، وهواياتها، واهتماماتها، قدوةٌ يَقتدي بها عامَّة الناس وخاصتهم، وهي "مؤلَّفةٌ" من العلماء والسياسيِّين، والأدباء والمثقفين، والفنانين ونجوم الرياضة، وقد تكون من المنْحرِفين الشاذِّين.
[/b][/b][/b][/b][/b] |
|