شرح حديث . اتق اللـه . شرح احاديث رياض الصالحين . الحديث الصحيح .ابن عثيمين
بـــــــــاب المراقبــــــــة
رواية رياض الصالحين
عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد
الرحمن معاذ بن جبل، رضي الله عنهما،
عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
(( اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة
الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))
رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
الحديث في غير البخاري ومسلم لذا يحتاج تحقيق
رواية الحديث من سنن الترمذي :
*قال الترمذي في سننه
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ،قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ،
عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ،عَنْ مَيْمُونِ بْنِ
أَبِي شَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا
وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"
سنن الترمذي /تحقيق الشيخ الألباني / كتاب البر والصلة / باب ما
جاء في معاشرة الناس / حديث رقم: 1987 / التحقيق : حسن
شرح الحديث
من كتاب رياض الصالحين شرح الشيخ
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله /ج1/
باب المراقبة / الطبعة الإلكترونية / حديث رقم : 61
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله
هذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية
للمؤلف رحمه الله، وفيه إن النبي
صلي الله عليه وسلم أوصى بثلاث وصايا عظيمة
الوصية الأولى:
قال: (( اتق الله حيثما كنت))
وتقوي الله هي اجتناب المحارم وفعل الأوامر،
هذه هي التقوى! إن تفعل ما أمرك الله به
إخلاصًا لله، واتباعًا لرسول الله صلي الله
عليه وسلم وأن تترك ما نهي الله عنه
امتثالاً لنهي الله_ عز وجل_ وتنزهها عن
محارم الله، فتقوم بما أوجب الله عليك
في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين
وهي الصلاة، فتاتي بها كاملة بشروطها
وأركانها وواجباتها وتكملها بالمكملات،
فمن أخل بشيء من شروط الصلاة أو
واجباتها أوأركانها فإنه لم يتق الله، بل نقص
من تقواه بقدر ما ترك ما أمر الله به في صلاته،
وفي الزكاة تقوى الله فيها إن تحصي
جميع أموالك التي فيها الزكاة وتخرج زكاتك
طيبو بها نفسك من غير بخل ولا تقتير ولا تأخير،
فمن لم يفعل فانه لم يتقي الله.
وفي الصيام تأتى بالصوم كما أمرت،
مجتنبًا فيه اللغو والرفث والصخب والغيبة
والنميمة، وغير ذلك مما ينقص الصوم
ويزيل روح الصوم ومعناه الحقيقي، وهو الصوم
عما حرم الله عز وجل.
وهكذا بقية الواجبات تقوم بها طاعة لله،
وامتثالاً لأمره، وإخلاصًا له، واتباعًا لرسوله،
وكذلك في المنهيات تترك ما نهي الله عنه،
امتثالاً لنهي الله_ عز وجل_ حيث نهاك فانته.
الوصية الثانية:
(( اتبع السيئة الحسنة تمحها))
أي: إذا عملت سيئة فاتبعها بحسنة، فإن
الحسنات يذهبن السيئات، ومن الحسنات بعد
السيئات أن تتوب إلى الله من السيئات
فإن التوبة من أفضل الحسنات، كما قال الله عز وجل:
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)
(البقرة: من الآية222)،
وقال الله تعالى:
( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
(النور: من الآية31).
وكذلك الأعمال الصالحة تكفر السيئات،
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة،
ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن
إذا اجتنب الكبائر))1
هنا
وقال:
(( الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ))2
هنا
فالحسنات يذهبن السيئات.
الوصية الثالثة:
(( خالق الناس بخلق حسن))!
الوصيتان الأوليتان في معاملة الخالق،
والثالثة في معاملة الخلق،
إن تعاملهم بخلق حسن تحمد عليه ولا تذم فيه،
وذلك بطلاقة الوجه، وصدق القول، وحسن
المخاطبة، وغير ذلك من الأخلاق الحسنة.
وقد جاءت النصوص الكثيرة في فضل الخلق الحسن،
حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( أكمل المؤمنين إيمانـًا أحسنهم خلقـًا))3
، وأخبر أن أولى الناس به صلي الله عليه وسلم
و أقربهم منه منزلة يوم القيامة أحسنهم أخلاقا4
فالأخلاق الحسنة مع كونها مسلكا حسنا في المجتمع ويكون صاحبها محبوبا إلى الناس فيها اجر عظيم يناله الإنسان يوم القيامة. فاحفظ هذه الوصايا الثلاثة من النبي صلي الله عليه وسلم لتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. والله الموفق.
ا.هـ
****************