مراحل تقليل الحساسية التقليدي:
1- بناء هرم القلق: و هو عبارة عن المواقف أو المشاهد التي تبعث على القلق لدى المسترشد و الذي سيقوم بتخيلها و هو في حالة من الاسترخاء التام.
كما أن مسؤولية إعداد هرم القلق تقع على عاتق المسترشد فهو الذي يعاني من القلق أو الخوف و لكن المعالج أو المرشد يساعده في تحديدها، و بعد ذلك يتم ترتيب المواقف بالتسلسل بدءاً بأقلها و انتهاء بأشدها إثارة.
و قد يكلف المعالج أو المرشد المسترشد بوضع هرم القلق بنفسه كواجب بيتي، بحيث يطلب منه كتابه الموقف أو الأحداث التي تثير القلق عنده على بطاقات و أن يقوم بالخطوات التالية:
1- إحضار مجموعة من البطاقات و الكتابة على كل بطاقة منها مواقف تثير القلق عند الفرد.
2- إعطاء درجات تتراوح من( 0 إلى 100) لكل بطاقة من البطاقات بحيث تشير (100) إلى موقف يثير أقصى درجات القلق و علامة صفر تشير أن الموقف لا يثير أي مشاعر خوف أو قلق.
3- ترتيب البطاقات بشكل تصاعدي من أقلها إثارة إلى أكثرها إثارة.
4- التأكد من أن الفروق بين الفقرات بسيطة و لا تزيد عن (5) درجات.
5- إعطاء أرقام متسلسلة للبطاقات.
و أعرض هنا مثال على هرم القلق الذي وضعه وولبي لطالبة جامعية كانت تعاني من قلق شديد من الامتحانات.
1- أربعة أيام قبل الامتحان.
2- ثلاثة أيام قبل الامتحان.
3- يومان قبل الامتحان.
4- يوم واحد قبل الامتحان.
5- ليلة الامتحان.
6- الطالبة في طريقها للجامعة يوم الامتحان.
7- الطالبة تقف أمام باب قاعة الامتحان.
8-الطالبة بانتظار توزيع أوراق الامتحان.
9- ورقة الامتحان بين يدي الطالبة.
10- أثناء الإجابة عن أسئلة الامتحان.
و التسلسل المنطقي للفقرات يقتضي أن تتبع الفقرة رقم(10)، الفقرة رقم(5)، إلا أن هرم القلق لا يعتمد على المنطق و إنما على ما تعنيه المواقف المختلفة بالنسبة للمسترشد نفسه.
2- الاسترخاء العضلي:
يستخدم أسلوب الاسترخاء عادة إما كأسلوب علاجي مستقل أو مصاحب للعلاج بطريقة الكف بالنقيض، وذلك عندما يحتاج إلى خلق استجابة مضادة للقلق و التوتر.
و إن طريقة الاسترخاء العضلي اقترحها جيكوبسون عام 1938 و تشتمل على إحداث توتر واسترخاء في مجموعات عضلية معينة على نحو متعاقب، ومساعدة المسترشد على التمييز بين حالة الاسترخاء و حالة التوتر، على افتراض أن ذلك يسعده في الوصول إلى أقصى درجة ممكنه من الاسترخاء، كما أن الاسترخاء يعامل بوصفه مهارة بحاجة إلى التدريب المنظم و المكثف.
و يقترح مارتن ويبر 1982 أن يتم التدريب على الاسترخاء في مكان هادئ لا مشتتات فيه ومعتم نوعاً ما، و قبل البدء بإعطاء التعليمات للمسترشد، يطلب منه الاستلقاء في سرير أو مقعد مريح وفيما يلي وصف لعملية الاسترخاء العضلي:
يتم التدريب في غرفة هادئة ذات إضاءة خافتة، بعيدة عن الضوضاء الخارجية وتحتوي على أثاث بسيط ومن المفضل أن تشتمل الغرفة على سرير حيث يمكن تسهيل عملية الاسترخاء عن طريق استلقاء المسترشد عليها، فإذا لم يتوفر السرير فيمكن استخدام كرسي كبير ومريح.
وتبدأ الخطوة الأولى من الاسترخاء بأن يجلس المسترشد على السرير أو الكرسي ويسند ظهره إليه، ( أو يستلقي على السرير ) ثم يغمض عينيه.
ويبدأ المعالج أو المرشد بأن يقول
سوف أقوم بتدريبك على كيفية الاسترخاء، وسوف أطلب منك أثناء التدريب أن تقوم بشد العضلات في جسمك ثم إرخائها، وهكذا في بقية عضلات الجسم، هل تتابعني ؟ ثم يبدأ المعالج أو المرشد بعد ذلك في خطوات الاسترخاء خطوة خطوة، ومن المفضل أن يتم توجيه تعليمات الاسترخاء بصوت هاديء ومريح، وتستغرق كل خطوة حوالي عشر ثوان يتخللها فترة راحة بين 10 إلى 15 ثانية بين كل خطوة والخطوة التي تليها، ويتسغرق التدريب كله حوالي نصف ساعة.
ويفضل في الجلسة الأولى للاسترخاء أن يقوم المرشد أو المعالج أيضاً باستخدام خطوات الاسترخاء مع المسترشد حتى يتمكن المسترشد أن يلاحظ إذا لزم الأمر كيف يقوم المرشد بذلك.
كما ننصح المرشد بأن يجعل مدة الفواصل بين الخطوات مناسبة للمسترشد الذي يعمل معه كما يشجعه على أن يمارس الاسترخاء بنفسه في المنزل ويفضل أن يكون تسجيل الخطوات على شريط كاسيت يستخدمه المسترشد بعد ذلك في المنزل، وقد يحدث في بعض الأحيان أن يشعر بعض الأفراد بعدم الارتياح أثناء الجلسة الأولى للتدريب على الاسترخاء، وبالتالي فإنهم قد لا يصلون إلى الاسترخاء العميق على الوجه المطلوب، وفي مثل هذه الحالات فان التدريبات المنزلية قد تساعدهم على إتمام ذلك.
وفي المعتاد فان التدريب على الاسترخاء يستغرق جلستين أو ثلاث جلسات ويمكن للمرشد أو المعالج أثناء التدريب على الاسترخاء أن يستخدم بعض العبارات المشجعة أو المساعدة مثل " خذ نفسك بشكل طبيعي " " احتفظ بعضلاتك مسترخية " ... لاحظ كيف تحس الآن أن عضلاتك دافئة وثقيلة ومسترخية ...الخ.
وفي بعض الحالات قد يصبح من الصعب على بعض الأفراد أن يتموا الاسترخاء، حيث يصبح من الصعب على البعض أن يسترخي في وجود الآخرين، أو أن يغمض عينيه لفترة تزيد على بضع ثوان، بل إن البعض وهم قلة يخافون من الاسترخاء.
3- إقران المثيرات التي تبعث على القلق لدى المتعالج بالاستجابة البديلة للقلق(الاسترخاء).
و يتم ذلك بالطلب من المسترشد أن يتخيل تلك المواقف أو المثيرات تدريجياً بدءاً بأقلها و انتهاءاً بأكثرها إثارة و هو في حالة الاسترخاء.
4- اختبار أثر التعلم في الحياة الواقعية:
ويتم ذلك بنقل المسترشد إلى واقع الحياة وتعريضه للمثيرات المثيرة للقلق لديه، للتأكد من أنها تعد مثيرة لذلك القدر من القلق الذي كان يستشار في السابق، وتعد هذه المرحلة مرحلة تقسيم ضرورية في العلاج كما تلعب دوراً هاماً في تزوير شعور المسترشد بقدرته على مواجهة الموقف فعلاً.
فتقليل الحساسية التدريجي يبدأ عادة بالتخيل و في المراحل الأخيرة من عملية العلاج يطلب من المسترشد مواجهة المثيرات و الأحداث بالواقع و هذا ما يسمى" بالمواجهة العلاجية المباشرة أو بالمشاركة الفاعلة".
وفي هذه المرحلة ينتقل المسترشد إلى الموقف التالي في هرم القلق بعد مروره بالموقف السابق بنجاح، أما إذا انتقل المسترشد إلى مستوى عال من المثيرات المخيفة، وتبين أنه لم يعد في حالة استرخاء، أصبح من الضروري العودة إلى المستويات السابقة.
ولقد أوضحت العديد من الدراسات فاعلية تقليل الحساسية التدريجي في إزالة أشكال مختلفة من الاضطرابات السلوكية مثل الخوف من ( المدرسة، الامتحان، الحيوانات...الخ) و مشكلات الكلام و الاضطرابات الجنسية والإدمان........).
و ينبغي الإشارة إلى تقليل الحساسية التدريجي ليس بالإجراء المناسب لمعالجة كل الاضطرابات ذات العلاقة بالقلق بل هو الإجراء المناسب عندما تكون هذه الاستجابة الانفعالية هي المشكلة الرئيسية التي يواجهها المسترشد التي تكون وراء فاعلية هذا الإجراء.
و لقد اقترح مارتن وبير 1983 إتباع الخطوات التالية عند استخدام تقليل الحساسية التدريجي:
1- قبل البدء بتنفيذ الإجراء تأكد مما يلي:
أ- أن المسترشد قد تدرب جيداً على الاسترخاء العضلي.
ب- ان كل المثيرات الباعثة على القلق لدى المسترشد قد تم تحديدها و ترتيبها بالشكل المناسب في هرم القلق.
2- قدم المسترشد أثناء جلسات تقليل الحساسية التدريجي على نحو يؤدي إلى حدوث الحد الأدنى من القلق، فالانتقال بالمسترشد من خطوة إلى أخرى بسرعة أو إذا لم يكن في حالة استرخاء تام قد لا يحقق الأهداف المتوخاة، بل قد تزداد شدة الخوف و القلق لديه.
3- بعد أن يكون المسترشد قد انتقل بنجاح من موقف إلى آخر في هرم القلق، يجب تعزيزه بشكل فعال على تفاعله مع المثيرات التي يهدف الإجراء إلى محو الخوف الناتج عنها.
4- يجب متابعة أثر العلاج للتأكد من استمراريته لفترة زمنية طويلة، وإذا عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً أصبحت جلسات التقوية ضرورية.
صور أخرى للتخلص من الحساسية بشكل تدريجي:
اقترح بعض الباحثين صوراً أخرى للتخلص من الحساسية بشكل تدريجي، فاقترح شيرمان عام 1972م استخدام هذا الأسلوب بشكل واقعي بدلاً من الاعتماد على التخيل حيث يعرض المسترشد للمواقف التي يشتمل عليها مدرج القلق في موقف حقيقي وفي هذه الحالة لا يستخدم الاسترخاء كاستجابة مضادة للقلق وإنما يستخدم الشعور بالأمن في وجود المرشد والعلاقة الإرشادية كاستجابة مضادة للقلق، ويمكن على سبيل المثال أن يصطحب المرشد المسترشد في الموقف الذي يخاف منه وذلك بالتدريج.
11. التنفير: Aversion
التنفير هو ربط الاستجابة بشيء منفر بهدف كف الاستجابة وإطفائها، وتقوم على ممارسة الطالب لادوار اجتماعية تساعده على الاستبصار بمشكلته، وذلك بأن يحمّل الطالب ويغرم شيئاً مادياً أو معنوياً إذا قام بالسلوك غير المرغوب وهذا يؤدي إلى تقليل ذلك السلوك مستقبلاً.
كما يمكن استخدام هذا الأسلوب أثناء ممارسة الطالب للعادة السرية أو عندما تراود خياله تجربة مكروهة تعافها النفس ويستخدم بفعالية في علاج النشاط الحركي الزائد والسلوك العدواني ومع حالات الانحراف الجنسي واللزمات العصبية والتدخين والإدمان والجنوح وحالات السمنة الناتجة عن الشراهة في الطعام.
وهناك خطوات عامة متبعة في تطبيق إجراءات المعالجة بالتنفير تتمثل في:
1.خلال جلسات المعالجة يتبع المثير المنفر المعزز غير المقبول والذي يراد التخلص منه مباشرة ويستمر اقترانهما لمدة زمنية قصيرة وبعد ذلك يختفي كل من المثير والمعزز في الوقت نفسه.
2.يقترن زوال المثير عادة بظهور مثير يريد المسترشد أن يحصل عليه كمعزز بديل للمعزز غير المقبول.
3.يقوم المُعدِل بتنظيم الظروف البيئية وبالتالي يحصل المسترشد على التعزيز في حال اختياره للمعزز البديل وعزوفه عن المعزز غير المقبول.
12. المعالجة بالإفاضة:
إن أول من فكر بالعلاج بالإفاضة جرافتس، ولكن بدأ العمل بهذه الطريقة على يد ماليسون سنة 1959، وتشتمل طريقة المعالجة بالإفاضة على إرغام المتعالج على مواجهة المثيرات أو المواقف التي تخيفه، أو التي تسبب له القلق، كما يشتمل العلاج على رفع مستوى القلق لدى المتعالج إلى أقصى حد ممكن في ظروف تجريبية منظمة بهدف مساعدته على تجاوز الخوف، ويتمثل الإطار النظري في التعامل مع الخوف بوصفه سلوكاً متعلماً يكتسبه الإنسان وفق قوانين التعلم التجنبي.
فالافتراض الذي تقوم عليه الأساليب العلاجية هو تجنب الشخص للمثيرات و الاستجابات التي تسبب له القلق أو الخوف، و هذا ما يسمى "بالسلوكات التجنبية" و هي سلوكيات متعلمة لأنها تخلصه من معاناة القلق أو الشعور بالخوف فالشخص يتجنب الموقف الذي يقلقه، وفي ذلك تعزيز سلبي.
ويهدف العلاج بالإفاضة إلى تمكين المسترشد من مواجهة مخاوفه وجهاً لوجه، إما بالواقع وإما بالخيال عن طريق تعريضه لمثيرات القلق إلى أقصى حد ممكن.
و هذه الطريقة مخالفة لطريقة العلاج عند وولبي (تقليل الحساسية التدريجي).
أساليب المعالجة بالإفاضة:
1.الإفاضة بالتخيل: ظهرت هذه الطريقة في أواخر الستينات و كان أول من وضعها هو توماس ستامبفل 1971 و اعتمد في تطوير هذا الإجراء على نظرية العاملين (لمور) و التي تقوم على افتراضين هما:
أ-يكتسب القلق وفق قوانين الاشتراط الكلاسيكي.
ب-يولد القلق السلوك التجنبي و الذي يتعزز بدوره عن طريق تقليل مستوى القلق.
و اعتماداً على هذا الأسلوب يطلب من المتعالج تخيل المواقف التي تبعث على الخوف لديه و ذلك بالبدء بالموقف الذي يبعث على الحد الأقصى للقلق لفترة زمنية طويلة وذلك بعكس أسلوب تقليل الحساسية التدريجي الذي ينادي بالانتقال بالمسترشد تدريجياً من المواقف الأقل إثارة إلى المواقف الأكثر إثارة.
ويأتي هنا دور المرشد أو المعالج في تقديم المثير المخيف في المستوى التخيلي والهدف من المعالجة بالإفاضة عن طريق التخيل عند المرشد أو المعالج هو إعادة الموقف المخيف بغياب أي عقاب أو حرمان أو الم جسمي.
وهناك ست طرق للمعالجة بطريقة الإفاضة بالتخيل Janet T Spence وهي :
1.مقابلات التشخيص: وفيها يقوم المعالج بتحديد الظروف التي تثير العصبية و القلق عند المسترشد.
2.التدريب على الأفكار المحايدة:وفيها يطلب من المسترشد بأن يغلق عينه و يتصور مناظر محايدة مثل مشاهدة التلفاز، تناول وجبات الطعام، و مناسبات تتعلق بالبيت و المدرسة و الألعاب، و يطلب المعالج من المسترشد من وقت لآخر بأن يركز على تفاصيل هذه المناظر مثل مراقبة تفاصيل وجه الشخص الذي يتحدث معه، او مراقبة الانعكاس على سطح أملس يتخيله المسترشد و غيره، و يجب أن لا تكون هذه الأفكار من النوع الذي يثير ردة فعل عاطفية لدى المسترشد، و إن حدث و ظهرت ردة فعل عاطفية على المسترشد يجب تغيير المنظر أو الفكرة ، ويجب أن يأخذ المعالج دائما بعين الاعتبار أنه يمكن تخيل أي شيء سواء حدث أو لم يحدث أو حتى لو كان مستحيلاً.
3.جلسات معالجة الكبت: يلجأ المعالج إلى جعل المسترشد يعيد الأفكار المحايدة التي تم تطبيقها في المرحلة الثانية، ثم يتحول إلى جعله يتخيل أفكاراً تثير ردة فعل لديه مثل الخوف، القلق ، أو الشعور بالذنب ، و هذه الأفكار هي التي تقف وراء أعراض المرض ، أو مشاكله و يقوم المعالج هنا بإثارة المسترشد لتفادي التفكير بمثل هذه الأمور ، فروح المعالجة في هذه المرحلة هي أن يرغم المسترشد على التفكير بالأشياء التي تثيره و التي تخفي وراءها مشاكل المسترشد.
4.وضع افتراضات تقريبية: بما أنه من الصعب تحديد كل الأشياء التي تثير المسترشد بدقة، بسبب أن هناك أمور في ماضي المسترشد لا يرغب في الحديث عنها، فيمكن للمعالج أن يتوقع من هذه الأمور أو أي أشياء أخرى، أن تثير المسترشد حتى يصل إلى درجة من التشابه بين ما يتوقعه و بين الحقيقة.
5.الواجبات البيتية: في نهاية أول جلسة معالجة، يجب على المعالج أن يطلب من المسترشد أن يمارس في البيت تمارين لتخيل أمور تثيره كواجب بيتي، و أن يتابع ذلك في نهاية كل جلسة لتعويد المسترشد على الأمور التي تثيره، وبعد أن يتعلم المسترشد هذا الأسلوب يمكنه استخدامه في أي مشكله تواجهه في حياته اليومية دون أي مساعدة من المسترشد.
6.خلال مدة العلاج: يعاد التفكير في كل جلسة جديدة في المثيرات القديمة، و يطلب من المسترشد مثيرات أخرى، ويعطى المزيد من الواجبات البيتية حتى يعتاد على التفكير فيها دون أن تثير فيه أية ردة فعل عصبية، وفي هذه المرحلة يوقف العلاج و لكن يجب عقد جلسات متتابعة للتأكد من الشفاء الكامل للمسترشد.
2.الإفاضة بالواقع: و يشتمل على إرغام المتعالج على مواجهة المواقف المخيفة بشكل مباشر و حرمانه من فرص تجنبها، و قد أوضحت الدراسات إمكانية معالجة الكثير من الاضطرابات السلوكية باستخدام هذه الطريقة كالخوف و القلق و الانطواء الاجتماعي.
وتأخذ هذه المعالجة الشكلين التاليين:
أ-التلوث: فإذا كان التلوث هو السلوك المستهدف فالإفاضة بالواقع تشتمل على أن يلوث الشخص نفسه بالمادة التي يحاول تجنبها و منعه من القيام بالاستجابات التي تهدف إلى تحقيق مستوى القلق ( كما هو الحال في تنظيف اليدين ).
ب-التأكد: يقوم المعالج بدور النموذج لمواجهة الخوف و القلق ليوضح للمتعالج أن مثير الخوف أو القلق لا تترتب عليه نتائج خطرة.
مثال على العلاج بالإفاضة بالواقع: (ماير و زملائه)
كانت هناك امرأة تعاني من القلق من كل ما هو ذي علاقة بالموت فعلى سبيل المثال كانت الصحيفة التي تشتمل على صفحة الأموات تبعث على قلق شديد لديها، و عندما طلبت المعالجة كان خطيبها قد أصبح مصدر قلق شديد بالنسبة لها، لأن زوجته كانت قد ماتت فبدأت تقرنه بالموت، و كانت المرأة تنظف يديها و تبدل ملابسها في حالة مواجهتها لأي شيء له علاقة بالموت.
وابتدأ العلاج بإعداد قائمة بالمثيرات و المواقف التي تخيف المرأة، و كانت الجثث على رأس تلك القائمة.
وبما أن الإثارة القصوى هي أول ما نبدأ به أثناء علاج الإفاضة بالواقع فقد ذهب المعالج برفقة المرأة إلى مشرحة أحد المستشفيات حيث قامت بلمس جثة ومنعت من تنظيف يديها، و بعد ذلك قامت بمواجهة مصادر القلق الأخرى بشكل مباشر.
و مثال على ذلك أنها حملت صورة لرجل قتل رمياً بالرصاص بعد أن طلب منها ذلك، و على الرغم من أن العلاج لم يستمر أكثر من أسبوعين إلا أنه أدى إلى إيقاف السلوكات المستهدفة بنجاح.
و من الأمثلة الأخرى على هذه الطريقة، إذا كان الطفل يخاف من النملة، حيث يمكن وضع النملة في يده أو وضعها على ملابسه، انه سيخاف في البداية إلا أنه سيدرك في النهاية بأنها غير مؤذية أو مؤلمه له.
وهكذا يتضح أن طرق المواجهة الإجبارية تقدم أدلة مناقضة لفرضية ولبي و المتمثلة في الاعتقاد بأن محو الاستجابة الانفعالية يتطلب خفض مستوى القلق.
13. أسلوب توكيد الذات: Self-Assertiveness
إن أسلوب توكيد الذات مستمد من وولبي وسالتر و هو إحدى الوسائل السلوكية الإجرائية المستخدمة في معالجة عدم الثقة عند الأفراد بأنفسهم، و شعورهم بعدم اللياقة و الخجل و الانسحاب من المواقف الاجتماعية،وعدم القدرة على تعبير الفرد عن مشاعره و أفكاره و اتجاهاته أمام الآخرين .
إن الاستجابات التوكيدية و غير التوكيدية و العدوانية عند الفرد هي استجابات متعلمة عن طريق مشاهدة الفرد و تقليده لنماذج يتصرفون بتلك الاستجابات و عن طريق التعزيز و العقاب و اختيار مثل هذه الاستجابات بقصد معين.
الأهداف التي يسعى إلها أسلوب توكيد الذات:
1- مساعدة الأفراد الذين يعانون من مشكلة عدم توكيد الذات على التعبير عن أفكارهم و مشاعرهم و المطالبة بحقوقهم، بحيث لا يلحقوا الأذى بالآخرين.
2- أن يقوم هؤلاء الأفراد بسلوكات مقبولة اجتماعيا و أن يقولوا "لا" إذا كانت المواقف تتطلب ذلك.
3- مساعدتهم على الاختيار من بين أشياء كثيرة و تعلمهم مهارات الاتصال و التفاعل الاجتماعي.
4- زيادة مقدرة الفرد في المشاركة في السلوكات التوكيدية المختلفة.
5- خلق شعور عظيم لدى الفرد بأنه موجود و مقبول اجتماعياً.
فوائد توكيد الذات:
1.يمنع تراكم المشاعر السلبية ويولد الشعور بالراحة النفسية.
2.يحافظ الشخص من خلالها على حقوقه ومصالحه ويحقق أهدافه.
3.تعزز الثقة بالنفس.
4.تعطي انطلاقاً في ميادين الحياة فكراً وسلوكاً بعد التخلص من المشاعر السلبية المكبوتة.
خصائص توكيد الذات السليم:
- الوسطية بين الإذعان للآخرين والتسلط والاعتداء عليهم.
- الوسطية في مراعاة الفرد لمشاعر الناس وحقوق الذات.
- يتوافق فيها السلوك الظاهري من أقوال وأفعال مع السلوك الباطني من مشاعر ورغبات وأفكار.
أعراض وعلامات ضعف توكيد الذات:
مجاملة الآخرين ومسايرتهم والاستجابة لرغباتهم وسعي الشخص لإرضائهم ولو على حساب نفسه ووقته وماله وسمعته... الخ وهذا يتضح من خلال عدة جوانب هي:
- الإكثار من الموافقة الظاهرية:مثل نعم، حاضر، أبشر.... الخ
- ضعف القدرة على الرفض المناسب في الوقت المناسب.
- تقديم مشاعر الآخرين على مشاعره وحقوقه.
- كثرة الاعتذار للآخرين عن أمور لا تدعو للاعتذار.
- ضعف القدرة على التعبير عن المشاعر والرغبات والانفعالات.
- ضعف القدرة على إظهار وجهة نظر تخالف أراء الآخرين ورغباتهم.
- ضعف الحزم في اتخاذ القرارات والمضي فيها وتحمل تبعاتها.
- ضعف التواصل البصري بدرجة كبيرة.
عواقب ضعف توكيد الذات:
تختلف عواقب ضعف توكيد الذات من شخص لأخر باختلاف الظروف، ولكن كثيرا ما يصاب هؤلاء بالاكتئاب والقلق والرهاب الاجتماعي، إضافة إلى المضاعفات الاجتماعية والوظيفية والتعليمية.
مفاهيم خاطئة حول ضعف توكيد الذات:
- إن هذا من التواضع والتسامح والليونة في التعامل.
- إن هذا من الحياء المقبول شرعاً وعرفاً.
- إن هذا من الإيثار المطلوب والمحمود في الشرع والعرف.
- السعي إلى إرضاء جميع الناس والقبول لديهم جميعاً.
فنيات التدريب على توكيد الذات:
1. وضع مدرج للسلوك التوكيدي المراد تطبيقه طبقاً لواقع المسترشد وما يعانيه، بحيث يبدأ بالأهون ثم الأشد منه وليس بالعكس.
2. ممارسة أسلوب التكرار والإعادة "تطبيق عملي بمثابرة " بإعادة السلوك والتدرب عليه مراراً حتى إتقانه.
3. استخدام أسلوب الاستجابة الفعالة:استعمال السلوك التوكيدي الذي يحقق المطلوب الأدنى بأدنى ثمن نفسي،والبدء بذلك قبل البدء بما هو أشد منه.
4. استخدام أسلوب التصاعد في السلوك التوكيدي.
طرق تعديل سلوكات الأفراد الذين يعانون من عدم توكيد ذواتهم:
أ-عن طريق الوقاية منها وذلك من خلال:
1- تشجيع الوالدين و المربون هؤلاء الأفراد على أن يكونوا اجتماعيين.
2- تشجيع ثقة الأفراد بأنفسهم.
3- أن يقدم الوالدان والمربون لهؤلاء الأفراد الجو الدافئ والمريح و إشعارهم بأهميتهم.
ب- عن طريق العلاج و ذلك بإتباع الإجراءات العلاجية السلوكية التالية:
1- تقديم التعليمات للمسترشد.
2- النمذجة:
يعرض المرشد او المعالج استجابات سلوكية أمام المسترشد حيث يقوم المسترشد بتقليدها أو بتعريضه لنماذج مصورة تشتمل على استجابات مؤكدة.
3-التعزيز الاجتماعي:
يتم تقديم المديح و الثناء للمسترشد في حال إتقانه لاستعمال الاستجابات المؤكدة المراد تعلمها.
4-تقليل الحساسية للخجل:
وذلك من خلال تدريب المسترشد على الاسترخاء العضلي و إشراكه في المناسبات الاجتماعية.
5-الحديث الايجابي عن الذات.
6-استخدام الهرم: و ذلك عن طريق قيام المعالج او المرشد بإعداد هرماً يشتمل على مشكلات المسترشد غير المؤكدة و التي تثير الخوف و القلق لديه.
7-التغذية الراجعة: و ذلك بتقديم المعالج تغذية راجعة للمسترشد عن السلوكات الايجابية أو السلبية و عن استخدامه للسلوكات المؤكدة و غير المؤكدة لكي يبتعد عن السلبيات و يستمر في الايجابيات.
8-التعبير الطليق عن المشاعر:
و يهدف هذا الأسلوب إلى:
- تعليم الأطفال الاستجابات الاجتماعية المناسبة بما فيها نبرات التحكم في الصوت.
- تدريب الأطفال على استخدام حقوقهم و الدفاع عنها.
- تدريب الأطفال على التمييز بين العدوان و توكيد الذات و التفريق بين الانصياع و توكيد الذات.
- مشاهدة نماذج فيها استجابات توكيدية و مساعدته على تشكيل هذه الاستجابات بشكل تدريجي.
- معالجة المخاوف الاجتماعية لدى الأطفال.
- ممارسة أسلوب لعب الدور لتعليم الطفل المهارات الاجتماعية المناسبة.
- تدريبه على احترام الآخرين.
- المحافظة على مستوى صوت معتدل، و أن يلفظ الكلمات دون لجلجة و دون الكثير من الوقفات.
- أن يحافظ على وضع جسمه متسماً بالثقة و عدم الاهتزاز و الابتعاد عن الحركات اللاإرادية و الابتسام غير المناسب.
9.لعب الدور:
أن يقوم المرشد أو المعالج بدور الأهل أو المعلم أو الصديق أو أي دور يشعر فيه المسترشد بالضيق في التعامل معه، ويلعب المسترشد دوره كطفل ويمكن عكس الدور بحيث يلعب المعالج أو المرشد دور الطفل ويلعب المسترشد دور المعالج أو المرشد والهدف من ذلك هو تدريب المسترشد على اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين.
10.الواجبات البيتية:
وذلك بتكليف المسترشد بواجبات بيتية محددة يطلب منه القيام بها مع مواقف حياتية حقيقية يتضايق منها، ومن ثم يطلب منه تمثيلها في المرة القادمة وبعد ذلك يقدم له التغذية الراجعة والتعزيز المناسب.
14. الغمر: Flooding
تعتمد طريقة الغمر على تعريض الفرد الذي يعاني من القلق أو الخوف بشكل مباشر إلى المثير الذي يبعث فيه القلق أو الخوف، والفكرة الرئيسية التي يقوم عليها أسلوب الغمر هي التعريض السريع للمسترشد لذلك المثير المشروط الذي يخاف منه بدلاً من تعريضه على فترات أو بالتدريج.
ومثال على ذلك: -
" كان هناك سيدة تعاني من خوف شديد من الركوب في المصاعد الكهربائية استمر معها لأكثر من عشر سنوات وقد استخدم أحد المعالجين لها بأن قام باصطحابها معه إلى المصعد لمرة واحدة ثم تركها بعد ذلك بمفردها وبعد نصف ساعة من المعالجة تناقصت مخاوفها بشكل كبير.
وفي الوقت الحاضر يستخدم أسلوب الغمر مع المواقف المثيرة للقلق أو الخوف، ومن إيجابيات هذا الأسلوب سرعته في التأثير أما سلبياته فتتمثل في أنه قد تكون نتيجته عكسية فتزيد من الاستجابة المشروطة ( القلق أو الخوف) بدلاً من إطفاءها.
مثال على ذلك: -
إجبار طفل يخاف من الكلاب من مشاهدة مجموعة من الكلاب مما يزيد من خوفه بدلاً من إطفاء الخوف لديه.
وكثيراً من المرشدين والمعالجين يفضلون استخدام أسلوب التخلص التدريجي من الحساسية بدلاً من استخدام أسلوب الغمر.
15. الممارسة السالبة: Negative Practice
استخدم هذا الأسلوب فولب 1962م للتخلص من اللازمات الحركية، فقد تمكن من التخلص من لازمة " جرش الأسنان " لدى امرأة حيث طلب منها ممارسة هذه اللازمة بشكل متكرر لبضع دقائق تتخللها دقيقة واحدة للراحة طوال الجلسات، وبهذا الأسلوب اختفت اللازمة الحركية غير المقبولة بشكل كامل بعد أسبوعين.
وفي هذا الأسلوب يطلب المرشد من المسترشد أن يمارس السلوك غير المرغوب فيه بشكل متكرر مما يؤدي إلى نتائج سالبة كالتعب والملل حتى يصل إلى درجة الإشباع وبالتالي لا يستطيع عندها ممارسته مما يقلل من احتمال تكرار السلوك غير المرغوب فيه.
16. الكف المتبادل: Reciprocal Inhibition
هو كف كل من نمطين سلوكيين مترابطين بسبب تداخلهما وإحلال استجابة متوافقة محل الاستجابة غير المتوافقة بمعنى أن يتم استبدال عادة سلوكية بعادة أخرى فمثلاً تزال عادة الإهمال بعادة القراءة والاستذكار.
ومن أكثر المخاوف المرضية التي يمكن علاجها بالكف المتبادل هي:-
" الخوف من الحيوانات، الخوف من الامتحانات أو من المدرسة، أو من الموت، الوحدة، المخاوف الاجتماعية كالخجل الشديد، التبول الليلي، اضطرابات الكلام " كما يمكن إزالة هذه المخاوف بتعريض الفرد لمصدر الخوف بشكل تدريجي.
17. النمذجة: Modeling
هي عملية موجهة تهدف إلى تعليم الفرد كيف يسلك، و ذلك من خلال الإيضاح، أو هي التغيير الذي يحدث في سلوك الفرد نتيجة لملاحظته لسلوك الآخرين.
و غالباً ما يتأثر سلوك الفرد بملاحظة سلوك الآخرين، فالإنسان يتعلم العديد من الأنماط السلوكية مرغوبة كانت أو غير مرغوبة من خلال ملاحظة الآخرين و تقليدهم، و تسمى عملية التعلم هذه بمسميات مختلفة منها: التعلم بالملاحظة، التعلم الاجتماعي، التقليد، التعلم المتبادل.
و يوضح باندورا أهمية النمذجة في كتابه، "قوانين تعديل السلوك " قائلاً :" إن باستطاعة الفرد اكتساب الأنماط السلوكية المعقدة من خلال ملاحظة أداء النماذج المناسبة ، فالاستجابات الانفعالية يمكن اشراطها بالملاحظة و ذلك من خلال مشاهدة ردود الأفعال الانفعالية لأشخاص آخرين يمرون بخبرات مؤلمة أو غير سارة ن و يمكن التغلب على الخوف أو السلوك التجنبي من خلال مشاهدة نماذج تتعامل مع الشيء الذي يبعث الخوف من دون التعرض لعواقب سلبية ، و يمكن خفض السلوك من خلال مشاهدة آخرين يعاقبون على تأديته، و أخيراً يمكن المحافظة على استمرارية أداء الفرد للاستجابات المتعلمة و تنظيمها و ضبطها اجتماعياً من خلال الأفعال التي تصدر عن النماذج المؤثرة"
(باندورا، 1969،ص118).
يتبع