بحث عن الانقسام الخلوي- الانقسام الخلوي
[b]الانقسام الخلوي Cellular Division ظاهرة تؤدي إلى تكوين خلايا جديدة متماثلة البنية والوظيفة انطلاقاً من خلية واحدة، فتحقق بذلك زيادة حجم الكائنات الوحيدة الخلية وكثرة عددها، ونمو المتعضيات الكثيرات الخلايا، وترمم ما تخرب من هذه المتعضيات. كما يُعدّ الآلية الوراثية التي من شأنها المحافظة على ثبات الصيغة الصبغية في المتعضية، وتوزيع الصِبْغِيات نواقل المُوَرِّثات ونقلها من الخلية الأم إلى الخلية البنت ومن جيل خلوي إلى آخر.[/b]
[b]ففي طليعيات النوى Prokaryotes (كالجراثيم مثلاً) الفردانية الصيغة الصبغية Haploid يتضاعف الدنا DNA أو صبغي الجرثوم الوحيد في أثناء كامل الدارة الخلوية الجرثومية، وتكبر الخلية وتبدأ بتركيب جدار الانقسام الذي يتوضع في المنطقة المركزية من الخلية. وبذلك يُفصَل الصبغيان الأخوان (الناتجان من التضاعف) إلى حجرتين خلويتين مختلفتين. وباكتمال الجدار الخلوي تنفصل الخلية الجرثومية الأم إلى خليتين بِنتيْن في كل منهما صبغي واحد مماثل لصبغي الخلية الأم. وتتكرر هذه الحادثة مدى الحياة ما دامت الجراثيم مستمرة في التكاثر.[/b]
[b]أما في المتعضيات الحقيقيات النوى Eukaryotes الضعفانية الصيغة الصبغية Diploid فإن الدارة الجنسية تتضمن تناوب نمطين من الانقسام الخلوي، هما الانقسام الخيطي أو المتساوي Mitosis الذي يقود التشكل الجنيني ونمو الخلايا الضعفانية والذي يعمل على توزيع الصبغيات والمورثات (الجينات) بالتساوي على الخليتين البنتيْن مادام النمو مستمراً. والنمط الآخر هو الانقسام المنصف Meiosis الذي يعمل على إرجاع العدد الصبغي إلى النصف وتشكيل الأعراس (الخلايا التناسلية) فتصير الأعراس فردانية، وإذا ما تحقق الإلقاح[ر] عادت الصيغة الصِبغيِة المضاعفة إلى البيضة الملقحة، وهكذا (الشكل ـ1). [/b]
[b]الانقسام الخيطي[/b]
[b]تمر الخلية الجسمية في دارتها الانقسامية في أربعة أطوار متميزة (الشكل ـ2)، هي: الطور G1 وفيه تتهيأ الخلية لتركيب الدنا، ثم الطور S synthesis) = التركيب) وفيه يتم فعلاً تركيب الدنا وتتضاعف الصبغيات (بتضاعف الدنا)، ثم الطور G2 وفيه تتهيأ الخلية للانقسام، ثم الطور 88 mitosis) = تفتل) إذ يتم الانقسام الخيطي. وتعرف الأطوار G1 وS وG2 باسم الطور البيني Interphase الذي يعد طور تركيب الدنا DNA synthesis، أي الطور S، من أهم مراحل هذا الطور البيني. وعند اقتراب الخلية من الانقسام تحصل تغيرات أساسية في السيتوبلازمة وفي النواة معاً.[/b]
[b]ففي السيتوبلازمة يبدأ المغزل بالتشكل اعتباراً من كرتي المُريكزين Centriol اللتين تتوضعان في القطبين المتقابلين للخلية، تشع منها ألياف في كل الاتجاهات. والألياف التي تتجه نحو مركز الخلية ليلاقي بعضها بعضاً وتشكل مغزلاً تؤدي دوراً مهماً في انقسام النواة.[/b]
[b]وفي الوقت نفسه تحصل تبدلات عميقة داخل النواة. ففي البداية تصبح النواة حبيبية المظهر. ولكن هذه الحبيبيات لا تلبث أن تنصهر في عدد من الخيوط الطويلة والدقيقة جداً هي الصبغيات. وهنا يبدأ الدور الأول من الانقسام الخيطي (الشكل ـ3).[/b]
[b]الدور الأول Prophase: يبدأ الدور الأول بتقاصر الصبغيات التي يوجد منها عدد مضاعف، يرمز إليه عادة بـ (2ن)، لتصير في نهاية هذا الدور بشكل عصي قصيرة. ثم تتقلص النوية وتذبل وتختفي مع اختفاء الغشاء النووي. ويكشف البحث الدقيق في هذه المرحلة أن كل صبغي يكون مؤلفاً من بنية مضاعفة ومن خيطين مثيلين identical وينطبق كل منهما على الآخر بشدة. ويسمى كل منهما الصُبَيْغي (الكروماتيد) Chromatid. ويحتوي كل منهما على المادة الوراثية نفسها والتناسق نفسه. والحقيقة أن أحد الصُبَيْغيين هو نسخة عن الآخر الذي نسخه. وهذا النسخ أو التضاعف يشكل العملية الأساسية للحياة، إذ إن كل مورثة تمتلك إمكانية نسخ مورثة أخرى مماثلة لها كل التماثل. وينفصل صُبَيْغياً كل صِبغِي أحدهما عن الآخر ولكنهما يبقيان متصلين معاً في نقطة واحدة هي القُسَيْم المركزي centriomere الذي يشغل مكاناً ثابتاً في كل صِبغِي. والقُسَيْم المركزي سيربط أيضاً الصِبغِي إلى المغزل الذي يقود القسيم، في مرحلة تالية، مع الصبغي إلى كل من قطبي الخلية. وهكذا تتوضع الصبغيات في المستوى الاستوائي للخلية، في منتصف المغزل. وهذه هي طليعة الدور التالي Pro,,,,phase. [/b]
[b]الدور التالي ,,,,phase: وتظهر فيه لُييْفات المغزل، التي ترتبط في الخلايا الحيوانية بالمريكزين المتوضعين في قطبي الخلية، على حين لا تكون هذه المريكزات موجودة في الخلايا النباتية.[/b]
[b]وعندما تصل الخلية إلى هذه المرحلة تصطف الصبغيات خطياً في مركز الخلية، وتكون قسيماتها المركزية موزعة على محيط اللوحة الاستوائية التي تسمى لوحة الانقسام. وعندما تصل الصبغيات في انكماشها إلى الحد الأقصى تكون الخلية قد وصلت في انقسامها إلى الدور الثالث الذي يسمى دور الصعود.[/b]
[b]دور الصعودAnaphase : وهو يبدأ حين ينشطر القسيم المركزي طولياً. وينفصل كل صبغي عن قرينه انفصالاً تاماً، ويدعى عندها بالصبغي. وتبدأ هذه الصبغيات بالحركة باتجاه قطبي الخلية بهدف فصل مجموعة كاملة من الصبغيات الأخوية لتتوضع في كل من قطبي الخلية. ويمثل كل من هاتين المجموعتين العدد الصبغي المضاعف (2ن) لكلٍ من النواتين البنتين. وعندها تباشر هذه الصبغيات بالاسترخاء والتطاول استعداداً للدور الانتهائي.[/b]
[b]الدور الانتهائي Telophase: وفيه يتم:[/b]
[b]ـ اكتمال هجرة الصبغيات إلى قطبي الخلية، وبذلك تتشكل مجموعة صبغية مضاعفة كاملة في كل من القطبين، كل منهما تماثل الأخرى وراثياً. [/b]
[b]ـ تشكل غشاء نووي جديد حول كل من المجموعتين الصبغيتين.[/b]
[b]ـ تشكل النوية أو النويات تشكلاً جديداً.[/b]
[b]ـ اختفاء لييفات المغزل.[/b]
[b]ـ استرخاء الصبغيات وتطاولها حتى تصير غير مرئية بالمجهر الضوئي. [/b]
[b]ـ حصول الانقسام السيتوبلازمي وتشكل خليتين بنتين متماثلتين وراثياً ومماثلتين أيضاً للخلية الأم، تحوي كل منهما (2ن) صبغياً، هو 46 عند الإنسان. [/b]
[b]الانقسام المنصِّف[/b]
[b]تحوي النوى المنقسمة الضعفانية عدداً معيناً ومميزاً من الصبغيات. أضف إلى ذلك أن الأساس في الإلقاح في كل من الحيوان والنبات هو انصهار نواتي العروسين الآتيين من أبوين مختلفين. ولهذا لابد من وجود آلية معينة تكون مسؤولة عن إرجاع العدد الصبغي الأصلي المضاعف في الخلية الأم إلى النصف في كل من الأعراس، ويمثل الانقسام المنِّصف هذه الآلية التي تُعَد نمطاً خاصاً من الانقسام الخلوي. [/b]
[b]ويتألف هذا الانقسام عادة من انقسامين متعاقبين.الانقسام الأول يفصل الصبغيات المتقابلة، التي تزاوجت كل منهما مع الأخرى في الدور الأول، إلى نواتين، ويفصل الانقسام الثاني الصبغيات الأخوية (الكروماتيدات) مكوناً أربع نوى في كل منها (ن) من الصبغيات. ويحدث الانقسام المنصف في خلايا المناسل (أمهات الأعراس) للحيوانات، فيؤدي إلى تشكل النطاف والبيوض.[/b]
[b]ويتضمن الانقسام المنصف انقسامين متتاليين للنواة، يكون الأول منهما إرجاعياً، ويكون الثاني انقساماً متساوياً (الشكل ـ4). وهكذا تعطي كل خلية ضعفانية من أمهات الأعراس أربع خلايا فردانية تشكل الأعراس في معظم المتعضيات الحقيقيات النوى.[/b]
[b]الانقسام الأول المنصف: وقد قسم إلى أدوار مختلفة:[/b]
[b]ـ الدور الأول: الذي يكون طويلاً، ويمكن تقسيمه إلى خمس مراحل مختلفة. ففي الانقسام المتساوي تكون الصبغيات منشطرة في البداية، أي بداية الدور الأول. أما في الدور الأول من الانقسام المنصف فإن الصبغيات تبدو في البداية غير مزدوجة، بل تكون مفردة وبشكل خيوط دقيقة وطويلة نسبياً. وهذه هي مرحلة الخيوط الرفيعة leptonema. وعلى طول كل صبغي يمكن رؤية سلسلة من القُسيمات الصبغية chromomeres التي تبدو ثابتة بالحجم والعدد والمكان وخاصة في نهاية المرحلة. وبفضل هذا الثبات يمكن استخدام هذه القُسيمات كعلامات لمعرفة صبغيات معينة.[/b]
[b]وفي المرحلة الثانية من الدور الأول تتزاوج الصبغيات المتقابلة مثنى مثنى لتشكل الثنائيات bivalents في النواة. وهذه هي مرحلة الخيوط المتزاوجة zygonema. وقد بينت الدراسة أن الصبغيين المتقابلين اللذين يقترنان على هذه الصورة يكون لهما الخواص والإمكانات نفسها، ويكون لأحدهما بالنسبة للآخر ميل واجتذاب انتقائيان، وعملياً يأتي أحدهما من الأب ويأتي الآخر من الأم، وذلك لأن كلاً من الأبوين قد أسهم في مجموعة صبغية أحادية ولأن الصبغيات التي تحملها النطفة مشابهة ومقابلة للصبغيات التي تحملها البيضة ما خلا الصبغيات الجنسية (س) و(ع) أو (X) و(Y). ويجري التماس في أول الأمر بين الصبغيين المتقابلين بالقُسَيْمين المركزيين غالباً.[/b]
[b]وفي المرحلة الثالثة تنشطر هذه الصبغيات فتصير ثنائية ذات بنية رباعية الخيوط أو رباعية tetrad، وهذه هي مرحلة الخيوط الثخينة أو مرحلة الثخانة pachynema وذلك لتقاصر الخيوط الصبغية وازدياد قطرها.[/b]
[b]إن الفحص الدقيق للرباعية في المرحلة الرابعة أو في مرحلة التضاعف diplonema، التي تلي مرحلة الثخانة، يُظهر أن كل رباعية مرتبطة في نقاط معينة على طول الصبغي، وأن نقاط الارتباط هذه تكون للعبور وتبادل المادة الوراثية، إذ يحصل العبور والتقاطع في مرحلة الثخانة. تسمى هذه العملية بالتصالبات chiasmata.[/b]
[b]ومن المهم التأكيد على أن العبور، وما يرافقه من تقطع صبغي ومن إعادة توحيد لهذه القطع ليس مع الصبغي نفسه بل مع قرينه، يمثل جزءاً من العمل السوي للانقسام المنصف في هذه المرحلة، حيث تستمر الصبغيات بتقاصرها. ويؤكد التحليل الوراثي أن حادثة العبور هذه مرتبطة بظاهرة الضم الوراثي الجديد التي تؤدي إلى تبادل صفات الأم والأب بين الأبناء.[/b]
[b]وفي الوقت نفسه تبدأ التصالبات بالتحرك باتجاه نهاية الصبغيات، وتسمى هذه العملية باسم سير التصالبات نحو النهاية terminalization، وهذه هي المرحلة النهائية أو مرحلة التباعد diakinesis.[/b]
[b]ـ الدور الثاني للانقسام المنصف: وفي بدايته يختفي الغشاء النووي، وكذلك تختفي النوية، وترتبط القسيمات المركزية (غير المنشطرة) على خيوط المغزل ارتباطاً خطياً. وتتوجه الرباعيات، التي وصلت إلى أعلى درجة من التقاصر على اللوحة الاستوائية للمغزل، توجهاً عشوائياً، بحيث يتوجه الصبغي الأبوي في رباعية ما نحو الأعلى وفي رباعية ثانية نحو الأسفل أو بالعكس لا على التعيين.[/b]
[b]ـ الدور الثالث للانقسام المنصف: ينفصل فيه كل صبغي عن قرينه الذي اقترن معه في مرحلة التزاوج، وتهاجر القسيمات المركزية للصبغيات المتقابلة بحيث توجهها نحو أحد قطبي الخلية بفعل الجهاز المغزلي في عملية شبيهة بنظيرتها في الانقسام المتساوي.[/b]
[b]ـ الدور الرابع للانقسام المنصف: وهنا يحدث الانقسام ليعطي خليتين بنتين في كل منهما مجموعة أحادية من الصبغيات التي ما تزال مؤلفة من صبغيين مرتبطين بالقسيم المركزي. وبذلك تحتوي على نصف العدد الأصلي من الصبغيات، وهنا يوجد الاحتمال نفسه لأن يكون أي من الصبغيات المعنية إما من منشأ أبوي أو أمي.[/b]
[b]الطور البيني للانقسام التالي في التنصيف: وهو قصير جداً تتطاول فيه الصبغيات قليلاً ويتشكل غشاء نووي جديد.[/b]
[b]الانقسام الثاني في التنصيف: وهو يلي الانقسام الأول المنصف مباشرة، أو ينفصل عنه بطور بيني قصير. وهو يماثل الانقسام الخيطي تقريباً، ويتناول كلاً من الخليتين الحاويتين على (ن) من الصبغيات بنتيجة الانقسام الأول المنصف. وتكون الصبغيات هذه ما تزال منشطرة طولياً إلى صبغيات ولكنها ما تزال مرتبطة بالقسيم المركزي.[/b]
[b]ويمر هذا الانقسام بأربعة أدوار:[/b]
[b]في الدور الأول: تتقاصر الصبغيات حلزونياً وتصير أكثر وضوحاً.[/b]
[b]في الدور الثاني: تتوضع الصبغيات في اللوحة الاستوائية للمغزل وتتوجه عشوائياً نحو القطبين.[/b]
[b]وفي الدور الثالث: تنشطر القسيمات المركزية طولياً، وتهاجر هذه القسيمات إلى القطبين المتقابلين من المغزل ساحبة معها الصبغيات التي يمكن تسميتها الآن الصبغيات.[/b]
[b]وفي الدور الرابع: يتشكل الغشاء النووي، وتنقسم كل من خليتيْ الانقسام الأول المنصف إلى خليتين جديدتين، وتصير الصبغيات أقل حلزونية وأقل وضوحاً. وبذلك تتشكل أربع خلايا فردانية في كل منها نصف العدد الصبغي للخلية الضعفانية الأم، وهذا يعني أنها تحتوي على صبغي واحد من كل من الأزواج الصبغية المتقابلة، وإن وجود هذه الصبغيات فيها وجود عشوائي بالنسبة لمنشأ الصبغيات، فيما إذا كانت أبوية المنشأ أو أمية المنشأ.[/b]
[b]وإذا ما أخذ العبور بالحسبان فإن كل نواة من هذه النوى الأربع تحتوي على ذخيرة معينة من مجموع المورثات genome تتميز بها من النوى الأخرى مع أنها ناتجة من خلية أصلية واحدة (الشكل ـ5).[/b]
[b]الأهمية الوراثية للانقسام المنصف: يعد الانقسام المنصف المسؤول الرئيسي عن توزيع مورثات الذخيرة المختلفة على طيف كبير من التغير داخل الأعراس. ويجعل احتمالات لقاءاتها بعيدة جداً على النحو التالي:[/b]
[b]ـ تتوزع المورثات في أعراس الإنسان على 222 تركيباً وراثياً مختلفاً، أي 4194304. [/b]
[b]ـ إذا ما تزاوجت الأعراس المختلفة فان احتمالات التراكيب الجديدة هي 442، وهذا يجعل احتمال مجيء تركيب وراثي مماثل لتركيب سابق (أو مجيء طفل مماثل لأخيه) هو إحتمال 1 22/2×1 22/2 ، وهذا أمر بعيد التحقيق إذا لم يكن مستحيلاً. وإذا ما أضفنا إلى هذين العاملين من التغير عامل العبور، أدركنا أن هذا المدى من التغير الكبير للمورثات يجعل لكل فرد شخصية معينة وفريدة لا تتكرر إطلاقاً. ولهذا لا نجد إنساناً يماثل انساناً آخر (ما خلا التوائم الحقيقية)، ولا بصمة إبهام تماثل بصمة إبهام شخص آخر.[/b]