قواعد في فن المحادثة مع الآخرين .سرحان بن غزاي العتيبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى أما بعد :
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه أبو يعلى والبزار وحسنه الألباني
وهناك قواعد لمن أراد أن يكون قوله مقبولاً لخصتها من كتاب ( ماذا تقول كي تحصل على ما تريد ) لمؤلفه ديب سوسمان وهي نافعةٌ بإذن الله للدعاة إلى الله حتى يستجاب لهم ويجدوا آذاناً صاغية وقلوباً واعية تقبل قولهم أو على الأقل تخفف من معارضتهم وتقلل من شرها ضدهم ، لأن إرضاء كل الناس غايةٌ لا تدرك لكن تحصيل أعلى المصلحتين ودفع أدنى المفسدتين مطلبٌ شرعي وقاعدةٌ عظيمة وهذه القواعد التي سأذكرها لعلها تكون محققةً لهذه القاعدة بإذن الله ولا يضر كون مصدرها من مجهول الديانة فإني قد جعلت لها طابعاً إسلامياً والحكمة ضالة المؤمن أنَّا وجدها فهو أحق بها ، ولعل الله عز وجل ييسر لهذه القواعد من يشرحها ويدعِّمها بأدلةٍ وقصص حتى تؤتي ثمارها بإذن ربها متكاملة .
وإليكم هذه القواعد /
1- إنك تبدأ بتغيير الآخرين حالما تنظر إلى المشكلة بأعينهم وتسمعها بآذانهم .
2- استمع جيداً وليلاحظ فيك اهتماماً لما يقول وتفاعلاً لما يبدي واحذر الغضب .
3- إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع .
4- أخبر الشخص بالعيب الذي تراه فيه فالمؤمن مرآة أخيه دون أن تبدي تفاخراً عليه أو تنقصاً له وليكن ذلك على انفرادٍ به .
5- ضرب الأمثال وذكر القصص القصيرة ونحوها مطلوب ليتقبل الآخر ويفهم ما تريد .
6- ادعم أقوالك بالبينات والمؤيدات حتى يقبل قولك .
7- شاور أهل الرأي والحكمة قبل أن تُقدِم ومن باب أولى أن تبدأ باستخارة الخالق .
8- لا تقل أنت تفعل أو أنتم تفعلون ولكن قل ما بال أقوامٍ يفعلون أو يقولون .
9- لا تمارس دوراً تأديبيا للشخص ولكن أخبره عن شعورك وتضايقك مما حدث أو سيحدث جراء عمله أو رأيه .
10- إذا كان لابد من التوبيخ فلا يكن على ملأ وإنما بانفراد .
11- البراعة أن تكسب هدفاً دون أن تحرز عدواً .
12- اعلم أن العصبية والحدَّة لا تحل المشكلة بل ربما تزيد في تفاقمها .
13- لا تجعل هجومك على الشخص نفسه وإنما على السلوك .
14- لا تحاول المصادمة مع الشخص وآرائه لكن بالتعريض والتؤدة وعدم استعجال النتائج بل اجعل لها أمداً غير قصير .
15- اشجب الأفعال لا الفاعل وقل مثلاً هذا الفعل لا يصلح منك ولا ينبغي لعاقلٍ مثلك أن يفعله أو يقوله وتجنب قول أنت .
16- اختر الوقت المناسب بحيث يكون الشخص الآخر مستعداً للتلقي غير غاضب ولا مشغول ولا خائف ولا مضطرب .
17- امنح الشخص الآخر الفرصة على الإجابة واطلب منه ذلك .
18- تحاش البت والقطع مثل ( لن أثق بك بعد الآن ) .
19- أعرب عن رغبتك في تقديم المساعدة ( لكن بشرط أن يغلب على ظنك أنك تستطيع فعلاً أن تساعده في تلك المشكلة ) .
20- كن متفائلاً دائماً بأنه سيستجاب لك ولو بعد حين .
21- أكثر من قولك ما رأيك لو فعلت كذا وكذا خاصةً إذا تعقدت الأمور .
22- إياك من قول الشيوخ أبخص ونحوها ( وهذه يستعملها بعضهم كحلٍّ نهائي مع من هو دونه في القوة وليس كذلك وإنما يزيد الأمر تعقيداً ، ولو استجاب ظاهراً فإن الباطن يغلي ) .
23- احذر من التناقض بين أقوالك وأفعالك (فلا تقل شيئاً وتفعل خلافه فإن هذا لا يجعل لقولك مصداقيةً لدى الناس ) ومثله التالي :
24- احذر من قول ما لا تستطيع فعله فإنه يعدُّ كذبا ، أوفِ بما قلت أو بيّن للناس سبب عدم إيفائك به .
25- لا تبرر تصرفات خاطئة سواءً منك أو من الآخرين اعترف بالخطأ واجزم بالتصحيح .
26- حاول أن ترتب ما حصل من فوضى واضطراب للآخرين مقرونةً بالنصيحة ولا تفصل إحداهما عن الأخرى (أي النصيحة والعمل ) فلو أصلحت دون تعليم تعودوا هذا العمل منك فتركوه لك ، وإن نصحتهم دون عمل شكوا في أنك لا تعني ما تقول .
27- إذا بان لك خلل في أقوالك التي تعمل بها وأردت التغيير فلابد من إخبار الناس قبل العمل لئلا يقال : انظروا إليه يعمل بخلاف ما يقول ، وإذا رسخت هذه النظرية عنك في رؤوس الناس فيصعب إخراجها .
28- قبل أن تنظر إلى القذاة التي في أعين الناس حاول إخراج الجذع الذي في عينك .
29- كن مرناً مع الآخرين ولا يكن همك رأيك لوحدك ( بمعنى لا تكن أنانياً ) .
30- عامل الناس بلطف مهما كان إيذائهم لك واعلم أنه ما أوتي رجل مثل حسن الخلق ، ولك في سيرة خير الخليقة النبي صلى الله عليه وسلم خير المثل وخير قدوة 0( انظر كتابي أخلاق الأنبياء )
31- لا تجرح المشاعر ولا تعنف واعلم ( أن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه وما نزع من شيءٍ إلا شانه ) .
32- إذا أردت أن تصحح خطأً ما فقل لصاحبه أولاً ( أنت على حق ، أو كلامك صحيح ، أو كلما قلته صحيح ) غير أنه يوجد بعض الأخطاء البسيطة ثم أوردها مع ذكر الحل مع كلِّ واحدة .
33- إذا كان الرجل من النوع الهجومي فاستمع له حتى تخمد ثورته فإذا انتهى وشرعت في الكلام فلا تأذن له بمقاطعتك .
34- إذا كان الرجل من النوع الأفعى ( المنافقون ) فجابهه مباشرة بقول ( أنا أعلم ماذا فعلت أو قلت )وعندما ينكر لا تجادله ولكن وجه إليه الكثير من الأسئلة لتجبره على الظهور على حقيقته فإذا ظهر على حقيقته فحاول أن تصلحه في المستقبل فتقول له : أتوقع منك في المستقبل أن لا تقول أو أن لا تفعل كذا .
35- إذا كان الرجل من النوع المتذمر الذين يشيرون إلى السلبيات ويهملون الإيجابيات ويتذمرون من أنَّ نصف الكأس فارغ ( ونسوا أن نصفها الآخر ممتلئ ) فهؤلاء لأجل أن يقبلوا قولك ( استمع إليهم باهتمام ثم اجعلهم يقترحون الحل وذكرهم بالحلول فإذا أُعجِبتَ بحل فقل فلنعمل به الآن ولننسى الماضي السيئ تماماً فنحن أبناء اليوم ولن نذكر إلا الحاضر ولنعمل للمستقبل ) .
36- الأشخاص (العرقوبيين ) الذين يوعدون ويخلفون ، فمثل هؤلاء لا تجعل لهم فرصةً في الوعود المستقبلية وإنما اجعل الوقت حالياً ومحدداً ومراقباً ووجه لهم المدائح حال إنجاز العمل وإن استطعت أن تكافئهم ليعتادوا على العمل الفوري فافعل .
37- لا تنس هذه القاعدة ( عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ) .
38- خاطب الناس بكلمات وألفاظ يعرفونها ويفهمونها ( حدثوا الناس بما يعقلون ) 0
39- حاول أن تتذكر المواقف الإيجابية للخصم واذكرها له ليطمئنَّ قلبه .
40- حاول أن تجعل كلامك أو أكثره في مصلحة الخصم الذاتية فتقول له ذلك خيرٌ لك لو عملت به فإنك ستحصل على كذا أو نحو ذلك .
41- اجعل التهديد والوعيد هو الملجأ الأخير حين تقفل الأبواب عن قبول قولك .
42- احفظ هذه القاعدة ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ) لأنه إنما منعه عن ذلك الكبر والخيلاء .
43- احذر من تقييد المدح بعد انجاز العمل فلا تقل : لقد أنجزت عملاً رائعاً لكن لو كان هذا الإنجاز بالأمس لكان أحسن
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلامٌ على المرسلين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
مع تحيات أبو عبد الملك
سرحان بن غزاي العتيبي