بحث علمى كامل فى نظام الدستور القطرى جاهز
مقدمة
قامت دعائم بناء دولة القانون في قطر، كثمرة لمسيرة طويلة من العمل الجاد بشكل متدرج ومتأن على جميع المستويات، منذ تولي الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للسلطة سنة 1995، وضمن إطار وجدول زمني محدد سلفا([1]). حيث دخلت البلاد في مرحلة خاصة ومتميزة من تاريخها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وبدأت تقدم كل يوم نموذجا رائدا في الديمقراطية والعدالة والحريات. لذلك عملت على تحديث منظومتها القانونية حتى تتفق مع الأهداف التي حددها أمير البلاد.
وبدأت هذه المسيرة الديمقراطية بتشيع المشاركة الشعبية كوسيلة لتحقيق التنمية الشاملة، وإلغاء الرقابة على الصحافة، وإلغاء وزارة الإعلام سنة 1996، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لغرفة تجارة وصناعة قطر في العام 1998. ثم تبعتها انتخابات المجلس البلدي المركزي في 8 مارس 1999.
وتوج هذا المسار بوضع دستور دائم للبلاد سنة 2004 ضم 150 مادة. وشكل هذا الدستور بديلاً للنظام الأساسي المؤقت للحكم لسنة 1970 والمعدل سنة 1972، وبداية لدسترة وتطوير نظام الحكم في قطر، ودليلا للمستقبل
ومرجعا لضمان الحقوق والحريات، وفتح الطريق لإحداث تغييرات ايجابية شكلت الأرضية الصلبة لبناء دولة القانون...
فما هو دور الدستور في الانتقال إلى دولة عصرية ديمقراطية؟
وهل يمكن اعتبار هذا الدستور قاعدة لبناء دولة قانون([2]).
وما هي المقومات التي نص عليها، والتي من شأن العمل بها أن يؤدي إلى بناء دولة المؤسسات والقانون؟
سنحاول الإطلاع على أهمية الدستور ودوره في النقلة النوعية والحضارية التي أدخلت قطر مرحلة الإمارة الدستورية، ثم تناول المواد الجريئة الموجودة في الدستور والتي من شأن وضعها موضع التطبيق أن يكرس بناء دولة القانون.
أولاً: الدستور الدائم قاعدة أساسية لبناء دولة القانون
يعتبر الدستور قمة البناء الحقوقي للدولة المعاصرة، والمقوم الأول لبناء دولة القانون، لأنه يرسم الإطار القانوني لجميع تصرفات السلطات القائمة في الدولة (التشريعية والتنفيذية والإدارية والقضائية)، ويحدد العلاقات بين أجهزتها المختلفة، ويؤسس وجودها القانوني.
لذلك يعد الدستور في الدول الديمقراطية وثيقة مقدسة غير قابلة للمس، حيث تضع إطارا ثابتاً تدور فيه الحياة السياسية.
وانطلقت فكرة الدستور من سياقها الغربي الذي أفرزها إلى أن أصبحت فكرة عالمية، إذ أصبح الدستور من مقومات دولة القانون وعنوانا للمصداقية والشرعية في شقيها الوطني والدولي([3]).
وفكرة الدستور في قطر فكرة حديثة نسبيا ترجع إلى سنة 1970 حين أصدر حاكم قطر ما سمي ب"النظام الأساسي المؤقت للحكم"، والذي استبدل سنة 1972 بما سمي ب"النظام الأساسي المؤقت المعدل للحكم"([4]).
لكن السؤال الذي يطرح اليوم هو: هل الدستور الدائم، يؤسس لبناء مؤسسات حقيقية وفاعلة وقادرة على بناء دولة القانون؟ وبالتالي يمكن اعتباره مقوما أساسيا لبناء دولة القانون؟
تقاس شرعية أي دستور بمدى تعبيره عن الإرادة الشعبية. فمشاركة الشعب ضرورية في كل عملية ديمقراطية. وفي هذا الإطار جاء القرار الأميري رقم (11) بتاريخ 12 يوليو 1999، والداعي إلى تشكيل لجنة على مستوى عال لإعداد دستور دائم للبلاد.
وحرص أمير البلاد أن يكون أعضاؤها من أهل الفكر والرأي والخبرة. وبدأت اللجنة أعمالها بتاريخ 12 غشت 1999. وبعد ثلاث سنوات من العمل، رفعت اللجنة مشروع الدستور إلى أمير البلاد بتاريخ 2 يوليو2002.
ولترسيخ أسس الديمقراطية وبناء دولة القانون، ومنح المزيد من الحصانة للدستور، حرص أمير البلاد على اللجوء إلى الاستفتاء لإقرار الدستور الدائم للبلاد. جاء في كلمة أمير البلاد عشية الاستفتاء على الدستور يوم 28 ابريل 2003: «إن عز هذا الوطن وازدهاره، أمنه وسلامته، حاضره ومستقبله، مسؤولية مشتركة علينا جميعا وهذا يتطلب وبالضرورة خلق مناخ صحي قوامه حرية التعبير المسئول، وإقرار مبدأ المشاركة الشعبية في صنع القرار... إننا وامتثالا لقول الله سبحانه ]وشاورهم في الأمر[ و]أمرهم شورى بينهم[ وإيمانا منا بأهمية رأيكم، وسعيا لحاضر ومستقبل أفضل للوطن والمواطنين والأجيال القادمة، أصدرنا مرسوما بدعوتكم للاستفتاء على مشروع هذا الدستور وأحثكم على التصويت عليه يوم غد بما ترون...»([5]).
وعبرت نتائج الاستفتاء على صدق التوجه الديمقراطي، حيث وافق 64,96 في المئة من مجموع الناخبين وعددهم 68987 على الدستور، فيما صوت 2145 بلا. وأصبح هذا الدستور ساري المفعول منذ يونيو 2005.
وأعطت هذه النسبة مصداقية للنتائج، ووضعت الأسس للعهد الجديد، ذلك أن الدستور الدائم فتح آفاقا رحبة لتطور البلاد نحو بناء دولة القانون. وشكل وجوده الأساس والمقوم الأول لخضوع الدولة للقانون، لما حدده من قواعد أساسية بينت شكل الدولة ونظام الحكم فيها. ونظم كل السلطات من حيث التكوين والاختصاصات والعلاقات فيما بينها، وكذا حقوق وحريات الشعب القطري، وحدد ضمانات ممارسة تلك الحقوق والحريات.
فما هي هذه المرتكزات والمقومات التي كرسها هذا الدستور؟
ثانياً: تعزيز النظام القانوني للحقوق والحريات
بما أن الهدف الأساسي لدولة القانون هو حماية الأفراد من تعسفات السلطة، فان الاعتراف بالحقوق والحريات وحمايتها يعد مقوما أساسيا من مقومات دولة القانون.
حيث لم تعد أية دولة تتجرأ الإعلان عن رفضها أو معارضتها وجود حقوق وحريات الإنسان، ذلك أن هذه الأخيرة أصبحت تستفيد من اعتراف مزدوج، وطني (الدستور والقانون) وعالمي (الإعلانات والاتفاقيات والمواثيق الدولية). ومن حماية مزدوجة أيضا على الصعيد الوطني والعالمي.
فأين يتموقع هذا المقوم داخل النظام الدستوري والسياسي القطري؟
يتطلب تعزيز النظام القانوني للحقوق والحريات ثلاث مسائل مترابطة فيما بينها، وهي:
1- مسألة الاعتراف
وتطرح هذه المسألة السؤال التالي: ما هي أشكال الاعتراف القانوني بالحقوق والحريات؟
تم حل هذه المسالة في فرنسا عن طريق الإعلانات ثم مقدمات الدساتير، وفي نصوص الدساتير ذاتها. ومن تم تكرس هذا التقليد في معظم دول العالم، حيث يتم إيراد المبادئ العامة للحقوق والحريات في الدساتير، ويتم ترك أمر التنظيم والتفصيل إلى السلطة التشريعية.
وهذا التقليد تم إتباعه من طرف المشرع القطري. فبالرجوع إلى الدستور الدائم نجد أن الاعتراف بالحقوق والحريات قد حظي بقدر كبير من الاهتمام. ويتشابه مع الأسلوب الذي أخذت به دساتير العديد من الدول الديمقراطية، حيث تم التأكيد في المادة السادسة بعبارات عامة على: «تحترم الدولة المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي تكون طرفاً فيها». وبالرغم من أن الالتزامات الدولية تعد خيارات طوعية للدول، إلا أنها تصبح جزءً أساسيا من مقومات دولة القانون. ومن هذا المنطلق تعمل معظم الدول الحديثة على ملائمة قوانينها مع مقتضيات الاتفاقيات والمعاهدات التي تصادق عليها.
وهذا ما اتبعه المشرع الدستوري القطري، فبعد التأكيد على احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية، أدرج مجموع الحقوق والحريات في قائمة شبه مفصلة في الباب الثالث المخصص للحقوق والحريات المواد من 34 إلى 58. ومن بين أهم اعتراف نجد التنصيص في المادة 34 على مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، والتنصيص في المادة 35 على أن الناس متساوون أمام القانون. وإذا اعتبرنا أن كلمة "المواطنون" الواردة في المادة 34، وكلمة "الناس" الواردة في المادة 35، تشملان الرجال والنساء يكون هذا الدستور قد أنصف المرأة القطرية واعترف بحقوقها.
2- مسألة تنظيم الحقوق والحريات
تدفع هذه المسألة إلى التساؤل عمن هي الجهة أو الجهات التي تملك حق الاعتراف بالحقوق والحريات وتنظيمها؟
في فرنسا تم حل هذا الإشكال، بعد تكريس الاعتراف بالحقوق والحريات الواردة في الإعلانات وفي الدساتير، بإحالة التنظيم إلى السلطة التشريعية، وبالتالي منح الدستور معظم الصلاحيات في مجال صياغة نظام الحقوق والحريات إلى المشرع([6]).
وقد صار الدستور القطري على نفس التوجه، حيث أشارت العديد من المواد إلى اختصاص القانون في تنظيم الحقوق والحريات([7]).
ومن بين أهم المواد في الدستور التي يعتز بها، ويجب الحرص على تنظيمها بدقة، نجد المادة 36 التي تنص على أن: «الحرية الشخصية مكفولة. ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون. ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطّة بالكرامة، ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون». والمادة 38 التي تمنع «إبعاد أي مواطن عن البلاد، أو منعه من العودة إليها». ومضمون هاتين المادتين مهم بالنظر إلى أن ما جاءتا به أصبح معيارا لضمان حقوق الإنسان وكرامته وتكريسها في متن الدستور.
وتدفع حرية الرأي المنصوص عليها في الدستور (المادة 47) أفراد الشعب للقيام بدور أساسي في الرقابة على المسؤولين وتقييم تصرفاتهم، ولذلك تعد حرية الرأي والتعبير معيارا للحكم على مدى وحدود ديمقراطية أي نظام سياسي، وبالتالي فحرية الرأي والتعبير تعد من مرتكزات دولة القانون، بل من مستلزماته.
ويلاحظ أن الدستور لم يحدد ما إذا كان مفهوم الجمعيات، المنصوص عليه في المادة 45، يشمل الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية..!
وبالرغم من هذا التنصيص، يظهر أن الحياة السياسية القطرية ستبقى على المدى المنظور تشتغل بدون أحزاب وبدون نقابات. وبرر السفير محمد جهام الكواري، المتحدث الرسمي باسم لجنة الاستفتاء على الدستور، هذا الغياب بقوله: «إن الأحزاب السياسية غير موجودة تاريخيا في المجتمع القطري ولا في المجتمع الخليجي بشكل عام»([8]).
ولا يرى الكواري في هذا الغياب نقصا، «لأن طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع تخضع لخصوصيات كثيرة ولم تكن في حاجة في الماضي أو الحاضر إلى فرز سياسي أو اجتماعي يبرر ظهور الأحزاب على أساس المصالح كما يحدث في مجتمعات أخرى»([9]).
ويقول الدكتور محمد المسفر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر: إن «المجتمع القطري متجانس وأحادي التكوين، فضلا عن ندرة الكثافة السكانية التي لا تتحمل وجود أحزاب سياسية»، وان «الحزبية في مجتمع صغير قد تدفع إلى التمحور مرة أخرى حول القبيلة في ثوب سياسي»([10]).
لكن أمام وثيرة الانفتاح والتحديث لا يستبعد تماما ظهور جمعيات سياسية مستقبلا([11])..!
3- مسألة حماية الحقوق والحريات
تبقى كل قاعدة قانونية لا ينتج عن مخالفتها جزاء بحق المخالف ناقصة وغير مجدية. من هنا تظهر أهمية حماية الحقوق والحريات. ويعد القضاء هو الجهة المؤهلة لتأمين احترام الحقوق والحريات ومعاقبة المخالفين للقانون. وهذه المسألة تتضمن تفاصيل تقنية تبعا لطبيعة القاعدة القانونية أو الحقوق والحريات المنتهكة: دستورية، تشريعية، تنظيمية.. وتبعا للجهة التي قامت بالانتهاك: السلطة التشريعية أم السلطة التنفيذية أم الأفراد؟
وبخصوص حماية الحقوق والحريات سواء من تطاول السلطة التشريعية أو من تطاول السلطة التنفيذية أو الأفراد فهو موضوع يحيل على مبدإ الرقابة على دستورية القوانين والرقابة القضائية. وتعد هذه الأخيرة ضمانة أساسية لتحقيق دولة القانون.
من هذا المنطلق أفرد الدستور الباب الرابع للسلطة القضائية ( المواد من 129 إلى 140). ومن شأن تحديد اختصاصات القضاء أن يعطي ضمانات إضافية لحقوق وحريات الأفراد والجماعات، خصوصا إذا تم تعزيز ذلك بقوانين أخرى تضمن استقلال ونزاهة القضاة.
ولضمان هذه الاستقلالية لكفالة الحقوق والحريات، نصت المادة 129 على أن: «سيادة القانون أساس الحكم في الدولة. وشرف القضاة ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات». كما نصت المادة 131 على أن: «القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة».
ولتعزيز هذه الحماية أكثر، نصت المادة 146 على أن: «الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات العامة لا يجوز طلب تعديلها إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن». وبالإضافة إلى هذه المادة توجد ضمانة أساسية أخرى، وتتمثل في اليمين الذي يؤده الأمير قبل مباشرة صلاحياته في جلسة خاصة أمام مجلس الشورى، حيث يقسم بالذود عن حريات الشعب ومصالحه([12]).
وحرصاً على المزيد من الحماية للحقوق والحريات، وحتى قبل إقرار الدستور، تم إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان منذ العام 2002 (المرسوم بقانون رقم 38). وتعتبر هذه اللجنة أهم آلية وطنية رسمية مستقلة إداريا وماليا لحماية الحقوق والحريات، وتتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة. ولها «طبيعة خاصة ومرجعيتها مبادئ باريس وقانون إنشائها» ([13]).
وحتى تتمكن هذه اللجنة من تحقيق هدفها، المتمثل في تعزيز وحماية جميع الحقوق والحريات، تم توسيع اختصاصاتها لتشمل:
- «العمل على تحقيق الأهداف الواردة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تصبح الدولة طرفا فيها.
- تقديم المشورة للجهات المعنية في الدولة في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته.
- النظر في التجاوزات والشكاوى في مجال حقوق الإنسان والتحقيق فيها وإصدار الآراء القانونية والتوصيات لمعالجتها وتفادي وقوعها.
- رصد ما قد تثيره المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية من ملاحظات في مجال حقوق الإنسان في الدولة والتنسيق مع الجهات المعنية للرد عليها.
- المساهمة في إعداد التقارير التي تعدها الدولة في شأن حقوق الإنسان وحرياته.
- التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحماية حقوق الإنسان وحرياته.
- تعزيز الوعي والتثقيف بحقوق الإنسان وحرياته"([14]).
ومن القرارات الجريئة في دعم وضمان ممارسة الحريات، تأسيس قناة الجزيرة الفضائية في الدوحة عام 1996، هذه القناة التي أصبحت ظاهرة في مجال تغطية ونقل الأخبار والأحداث الوطنية والدولية بحرية وجرأة لم تكن معهودة في المنطقة. وأصبحت اسما إعلاميا عالميا ومرجعا للأخبار والمعلومات. وتكرس هذا التوجه في الدستور بالنص على حماية حرية الرأي والبحث العلمي ( المادة 47)، وحرية الصحافة والطباعة والنشر ( المادة 48).
ثالثاً: التنصيص على المشاركة السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة
الشعبية
يرتبط بناء دولة القانون أشد الارتباط بشكل وطريقة ممارسة السلطة في الدولة، فإذا كانت السلطة تشتغل بطريقة ديمقراطية، فان مقومات دولة القانون تتقوى وتتطور، لهذا يعد تطبيق الديمقراطية ضمانة أساسية لتكريس بناء دولة القانون. ذلك أن الديمقراطية هي «نظام حكم يهدف إلى إدخال الحرية في العلاقات السياسية، أي في علاقة الأمر والطاعة اللصيقة بكل مجتمع منظم سياسيا»([15]).
لهذا شكل تطبيق الديمقراطية ضمانة أساسية لبناء دولة القانون، ذلك أن الديمقراطية في مفهومها الليبرالي تعني مشاركة المواطنين في اختيار نظامهم السياسي. ويعد الاقتراع العام وسيلة أساسية لتطبيق الديمقراطية. والاقتراع هو الحق المعترف به لكل المواطنين للتعبير عن اختياراتهم السياسية. وهو من الحقوق السياسية الأساسية المنصوص عليها في اغلب الدساتير، والوسيلة التي تبرر بواسطتها الديمقراطيات الغربية شرعيتها([16]).
وتعتمد الديمقراطية كذلك على الاستفتاء، وهو طريقة أساسية للإطلاع على موقف الرأي العام من القضايا العامة التي تهمه...
وتطبيق الانتخابات والاستفتاء، يوفر مبدئيا الأرضية الضرورية لبناء دولة القانون لأنهما يؤديان إلى إقامة حوار بين الحكام والمحكومين لخدمة متطلبات النظام والحرية معا. مما يوفر المشاركة في إدارة ومراقبة الشؤون العامة للدولة لجميع المواطنين من خلال آليات الانتخابات والاستفتاء.
وتعرف الانتخابات بأنها: «السلطة الممنوحة بالقانون إلى عدد من أعضاء الأمة يؤلفون الهيئة الانتخابية من أجل الاشتراك في الحياة العامة، إما بصورة مباشرة أو عن طريق التمثيل، ومن أجل التعبير عن إرادتهم حيال شؤونهم الحكم»([17]).
وتعتبر قضية المشاركة السياسية من أهم القضايا التي شغلت كل المجتمعات الطامحة إلى التقدم والازدهار، ذلك أن المشاركة مسالة ترتبط بكل جوانب الحياة، فالعمل السياسي لا يقتصر على العملية الانتخابية، وإنما يهم كل مناحي الحياة، لان المشاركة في معناها العام هي المشاركة والمساهمة في عملية التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية. وقد أدركت القيادة القطرية هذه الحقيقة حتى قبل وضع الدستور. ففي خطاب توجيهي بتاريخ 30 نوفمبر 1997، قال أمير البلاد في الدورة السادسة لمجلس الشورى: «إن طريق المستقبل يحتاج إلى رؤيتنا جميعا لرسم أهدافه وتحديد خطواته والاتفاق على أولوياته كما يتطلب منا العمل معا بحيث يؤدي كل منا دوره في تنفيذ مراحله ولن يتأت ذلك إلا بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وتنفيذه ولا شك أن تشكيل المجلس البلدي بالانتخاب المباشر وإعطاء المرأة حق العضوية والانتخاب يعد خطوة كبيرة نحو تعزيز دور المشاركة الشعبية في ممارسة العمل التنفيذي والتشريعي على حد سواء».
كما أكد هذا التوجه عند افتتاحه ل"مؤتمر قطر الثالث للديمقراطية والتجارة الحرة" في 14 أبريل 2003، قائلاً: «نحن نعتبر أن الديمقراطية والمشاركة الشعبية المسؤولة في اتخاذ القرار وإدارة شؤون الدولة شرط أساسي لا بد منه لتطوير بلادنا ومجتمعاتنا وإرساء دور المؤسسات الدستورية والسياسية والقانونية اللازمة لبناء الدولة المؤهلة لمواجهة متطلبات العصر وتحديات المستقبل».
وجاء الدستور وأكد على هذا التوجه، فاعتبرت المادة 59 منه أن الشعب هو مصدرٌ للسلطات، ويمارسها إما عن طريق انتخاب ثلاثين عضواً من بين الخمسة والأربعين لتمثيله في مجلس الشورى عن طريق الاقتراع العام السري المباشر( المادة 77). وإما عن طريق الاستفتاء (المادة 75).
وبخصوص المجلس البلدي القطري، فقد جرت انتخاباته السنة الماضية (2007 م) لاختيار 27 عضوا من أصل 29 عضو المكونين للمجلس، بعد أن تمت تزكية عضوين. وحافظت عضو المجلس المنتهية ولايته شيخة يوسف حسن الجفيري على مقعدها عن دائرة المطار بعد حصولها على 800 صوت، بينما لم تتمكن مرشحتان من الفوز. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات نحو 51 في المئة، بينما لم تتجاوز النسبة 35 في المئة في انتخابات الدورة الثانية عام 2003.
رابعاً: التأكيد على الفصل المرن للسلط: التعاون والتوازن
بين السلطات
تتمثل أهمية مبدإ فصل السلطات، كضمانة من ضمانات بناء دولة القانون، في كونه يقيم رقابة متبادلة بين الأجهزة والسلطات في الدولة.
ويتفق اغلب الفقهاء على أهمية هذا المبدإ لضمان بناء دولة القانون لاعتبارين، هما:
- الاعتبار الأول: يتمثل بالأساس في منع الاستبداد بمنع تجميع السلطات في يد واحدة، يقول مونتسكيو بهذا الخصوص: «إذا جمع شخص واحد أو هيئة واحدة السلطتين التشريعية والتنفيذية انعدمت الحرية.. وكذلك الشأن إذا اجتمعت السلطات الثلاث.. في يد واحدة ولو كانت يد الشعب ذاته»([18]).
إن تركيز السلطات يغري بالاستبداد، ذلك أن الإنسان ميال بطبعه إلى المبالغة في استعمال سلطاته ما لم يعترض طريقه رادع يوقفه عند حده ويلزمه بالاكتفاء باختصاصاته. وهذا ما توصل إليه مونتسكيو، فقال: «إن التجربة المستمرة تظهر لنا أن كل شخص لديه سلطة يميل إلى إساءة استعمالها والذهاب بها إلى حيث توقفها حدود معينة»([19]).
- الاعتبار الثاني: ويتجلى في كون اعتماد مبدأ فصل السلطات يعد الوسيلة الوحيدة التي تكفل احترام القوانين وتطبيقها التطبيق السليم.
وبناءً عليه اعتمد الفقه الدستوري مبدأ فصل السلط والتقسيم الذي وضحه مونتسكيو، حيث ميز بين ثلاث سلط (تشريعية وتنفيذية وقضائية). ولازمت هذه النظرية الأنظمة الديمقراطية، واعتبرت من المبادئ الأساسية لكل ديمقراطية، وضمانة أساسية لبناء دولة القانون.
ونظرا لأهمية هذا المبدإ في حماية المجتمع من تعسفات السلطة، وحفظ التوازن بين السلطات، نجد المشرع القطري يشدد على إقرار هذا المبدإ، فنصت المادة 60 من الدستور على قيام نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها.
ويتجلى فصل السلط في علاقة الأمير بباقي السلطات (تنفيذية، وتشريعية، وقضائية)، ثم في علاقة الحكومة بمجلس الشورى.
فرضت طبيعة النظام السياسي القطري "فصلاً للسلطات" مبني على التعاون والتوازن بين السلطات في بعض المسائل المحددة. وتبقى النصوص الأكثر وضوحا هي تلك الخاصة بصلاحيات السلطة التنفيذية، وخصوصا سلطات الأمير، حيث أعطاه المشرع سلطات خاصة ومتميزة تتناسب مع مكانته داخل المجتمع، حيث تم ربط إعلان الأحكام العرفية والاستفتاء حصراً بالأمير ( المادتان 69 و75). وأناط المشرع به إبرام المعاهدات والاتفاقيات بمرسوم، وتبليغها لمجلس الشورى مشفوعة بما يناسب من البيان ( المادة 68). ويمارس الأمير سلطات أخرى متعددة إما بالتعاون مع مجلس الوزراء، وإما بالتعاون مع مجلس الشورى([20]).
وحظيت السلطة التشريعية ببالغ الاهتمام، حيث نص الدستور على إنشاء مجلس شورى يتكون من 45 عضوا، يتم انتخاب 30 منهم من طرف الشعب، ويعين الأمير 15 الباقين. ويختص هذا المجلس بالتشريع، وإقرار الموازنة العامة للدولة، ومراقبة العمل الحكومي (المادة 76)، ومساءلة الوزراء (المادتان 109 و110)، وسحب الثقة عنهم عند الضرورة ( المادة 111). وينص الدستور
على انتخاب مجلس الشورى بالاقتراع المباشر وبمشاركة كافة المواطنين رجالا ونساء على قدم المساواة من حيث الترشيح والانتخاب([21]).
ولتعزيز فصل السلطات أكثر والحد من تجاوز بعض المسؤولين لاختصاصاتهم، صدر القانون رقم 21 للعام 2004 الخاص بمحاسبة الوزراء ومساءلتهم ومحاكمتهم عند الإخلال بواجباتهم. ويمنع الفصل الرابع منه الوزراء من التدخل في شؤون العدالة بأي شكل من الأشكال. كما يمنعهم هذا القانون من التدخل في سير الانتخابات بهدف التأثير في نتائجها، كما يرسم الإطار الذي يشتغلون فيه([22]).
ويعتبر هذا القانون خطوة تشريعية بينت حرص السلطة في قطر على الانتقال الفعلي نحو بناء دولة القانون وما تتطلبه من حكامة في التدبير والمراقبة والمحاسبة.
خامساً: الضمانات الواقعية لبناء دولة القانون: العدالة الاجتماعية
والتنمية المستدامة
لا تبنى دولة القانون بالمؤسسات السياسية والدستورية وحدها. كما لا تتحقق أيضا بما تضعه المنظومة القانونية في الدولة من أجهزة وآليات.
فكل المؤسسات والقوانين تظل قيمتها محدودة أو معدومة الفائدة ما لم يتحقق للفرد مستوى معيشي كريم في ظل مجتمع آمن ومستقر. ومن تم فان بناء دولة القانون يتطلب إيجاد ضمانات ملموسة وواقعية، وتتمثل هذه الضمانات بالأساس في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
وقد شدد أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على هذا التلازم عند افتتاحه ل"مؤتمر قطر للديمقراطية والتجارة الحرة" في 14 ابريل 2003، قائلا: «الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية هما في نظرنا توأمان لا ينفصلان، بل إنهما الوسيلة التي لا غنى عنها للمضي قدما في مسيرة التقدم والازدهار التي ننشدها ونعمل من أجلها»([23]).
وفي نفس التوجه، تنبه المشرع القطري لهذا الجانب الأساسي لبناء دولة القانون فنص في المادة 18 من الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع)، على: «يقوم المجتمع القطري على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق». ونصت المادة 19 على: «تصون الدولة دعامات المجتمع، وتكفل الأمن والاستقرار، وتكافؤ الفرص للمواطنين».
وذكر مصطلح العدالة الاجتماعية في ثلاث مناسبات أساسية، في المادة 28 التي تؤكد على: «حرية النشاط الاقتصادي على أساس العدالة الاجتماعية والتعاون المتوازن بين النشاط العام والخاص، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة الإنتاج، وتحقيق الرخاء للمواطنين، ورفع مستوى معيشتهم وتوفير فرص العمل لهم، وفقا لأحكام القانون». وورد أيضا في المادة 30 التي تنص على قيام العلاقة بين العمال وأرباب العمل على أساس العدالة الاجتماعية، كما نصت المادة 43 على فرض الضرائب على أساس العدالة الاجتماعية أيضا.
وتلزم المادة 33 الدولة بالعمل على حماية البيئة وتوازنها الطبيعي، بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لكل الأجيال.
وعلى مستوى التنزيل العملي للنصوص الدستورية، يلاحظ أن قطر قد حققت، منذ تولي الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة، نموا وتطورا اقتصاديا ملحوظا بفضل السياسة الجريئة التي تتبناها الدولة، والتي تشجع المبادرة الفردية والانفتاح على الخارج وتعتمد على جيل الشباب. بالإضافة إلى الحكامة في تدبير القدرات الذاتية الهائلة المتوفرة، إذ أن قطر تمتلك ثالث
احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، والذي يستثمر في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وهي الضمانة الواقعية لبناء دولة القانون...
خاتمة
دخلت قطر منذ إقرار العمل بالدستور الدائم مرحلة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية خاصة ومتميزة من تاريخها، فأصبحت بفعل مسيرتها الديمقراطية المتدرجة والهادفة، وبفعل جرأة قياداتها تقدم نموذجا رائداً في التنمية والحرية والديمقراطية.
فالطريقة التي تمت بها مناقشة الدستور، وعرضه على الاستفتاء بينت الأرضية الصلبة للتوافق والحوار بين أبناء قطر، ودفعهم إلى الاهتمام بالشأن العام وتكريس انتمائهم للوطن وتجديد روح المواطنة فيهم، وهي سمة أساسية للمجتمعات المتحضرة.
ومن شأن إدراك القيادة القطرية لأهمية وخطورة المرحلة التاريخية التي تمر منها المنطقة، أن يوسع أفق نظرها ويدفعها إلى ترسيخ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وإعطاء المزيد من الحقوق والحريات. فالوعي السياسي يعد عنصرا دافعا وضمانة أكيدة لبناء دولة قوية وقادرة على الحفاظ على استمراريتها وتوابثها في ظل مجتمع دولي لا يكف عن التحولات والتغييرات المتسارعة.
فبفعل الحكم الصالح أو الحكامة في تدبير الشأن العام الوطني، تمكنت قطر من أن تصبح لاعبا بارزا على المستويين الإقليمي والدولي بالرغم من صغر حجمها.. وبرهنت بذلك على أن أهمية الدول لا تقاس بحجمها ولكن بحكمة وعزيمة وإرادة قياداتها وأبنائها...
([1])لم تأت الإصلاحات في قطر استجابة لضغوط خارجية، بل نتيجة إرادة ذاتية وطنية، ذلك أن اللجنة التي تولت وضع الدستور تم تشكيلها في غشت 1999، أي قبل فترة طويلة من الدعوات الخارجية بالإصلاح في المنطقة.
([2])مصطلح دولة القانون هو ترجمة ل"Etat de Droit" باللغة الفرنسية، وهو بدوره ترجمة للمصطلح الألماني "Rechtsstaat"... وبالرغم من تعدد التعريفات والمضامين والأبعاد التي يشير إليها هذا المفهوم، تبقى دولة القانون هي تلك الدولة التي تكون فيها جميع نشاطات وأعمال السلطات العامة سواء تعلق الأمر بالإدارة أو القضاء أو غيرهما تخضع لقواعد قانونية موضوعة مسبقا، تتقيد بها وتمتثل لأحكامها بقصد تحقيق الصالح العام وحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية. للتوسع أكثر انظر:
Chevallier J. Jacques ; L’Etat de Droit; 2eme; éd. Montchrestien; Paris, 1994.
([3])أنظر: د. امحمد مالكي، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، ج 1: المفاهيم الأساسية، تنمل للطباعة والنشر، ط. 2، 1993-1994، ص. 95.
([4])انظر: الدكتور حسين محمد البحارنة، التطورات السياسية والدستورية في دول الخليج العربية (1820-2004)، دار الكنوز الأدبية، ط. 1، 2005، بيروت، ص.57.
([5])انظر نص كلمة أمير البلاد في: مسيرة التنمية الشاملة في عهد أمير الحرية، إعداد الصحفيان: علاء البحار وطارق خطاب، دار الكتب القطرية، 2005، ص. 156 وص. 166.
([6]) محمد سعيد مجذوب، الحريات العامة وحقوق الإنسان، جروس برس، بيروت، 1986، صص. 130-132.
([7])انظر المواد: 26 و27 و28 و29 و30.
([8])انظر: فيصل البعطوط، "دستور قطر يتوج مسيرة الإصلاح"، على الموقع الالكتروني:
swissinfo - Swiss news and information platform about Switzerland, business, culture, sport, weather.
([9])المرجع نفسه.
([10])المرجع نفسه.
([11])من الملاحظ أن دساتير دول الخليج لا تضمن حرية تكوين الأحزاب أو النقابات، بالرغم من وجود تنظيمات في شكل جمعيات سياسية في كل من الكويت والبحرين.
([12])تنص المادة 74 على: «يؤدي الأمير قبل مباشرة صلاحياته في جلسة خاصة لمجلس الشورى اليمين التالية: (أقسم بالله أن أحترم الشريعة الإسلامية والدستور والقانون، وأن أصون استقلال البلاد وأحافظ على سلامة إقليمها، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه)».
([13])انظر: مسيرة التنمية الشاملة في عهد أمير الحرية، مرجع سابق.
([14])انظر: مسيرة التنمية الشاملة في عهد أمير الحرية، مرجع سابق.
([15])Burdeau Georges; la démocratie, éd. Seuil, Paris, 1956, P. 15.
([16])Cadart Jacques, Institions Politiques et droit constitutionnel; T I, 2ème éd. L.G.D.L. Paris, 1979, P. 222 et s.
([17])امحمد مالكي، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، مرجع سابق، ص.220.
([18]) Ory Pascal (sous la direction de); Nouvelle histoire des idées politiques, Postface de René Rémond, Collection Pluriel, éd. Hachette. 1987, P. 103.
([19])op.cit,.p.103.
([20]) انظر الفصل الثاني من الباب الرابع الخاص بتنظيم السلطات. وانظر أيضاً: "مقابلة حول الدستور الدائم في قطر"، التي أجرتها مراسلة "الراية القطرية" مع الدكتور هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمنشورة في عدد يوم 26 أبريل 2003.
([21])بخصوص مشاركة المرأة القطرية في الانتخابات، انظر: وضحى على السويدي: "المرأة القطرية والتجربة الديمقراطية- دراسة حالة"، الحوار المتمدن، على الموقع الالكتروني: الحوار المتمدن.
([22])انظر قانون محاسبة الوزراء على الموقع الالكتروني ليومية الراية القطرية: .
([23]) انظر: "الأمير: المشاركة الشعبية شرط أساسي لتطوير بلادنا"، موقع الجزيرة: الجزيرة.نت.