الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: هل الذاكرة ظاهرة اجتماعية أم بيولوجية الأحد 26 نوفمبر - 0:22
هل الذاكرة ظاهرة اجتماعية أم بيولوجية الطريقة : جدلية المقدمة : طرح المشكل :تمهيد:الذاكرة هي وضيفة نفسية تتمثل في إستعادة حالة شعورية ماضية مع تعرف الذات لها بأنها كذلك ، فاختلفت الطروحات والتفسيرات فيما يتعلق بطبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات . فاعتقد البعض أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية ،أي تعتمد على إطارات تقدمها لنا الجماعة التي تنتمي إليها من الأدلة والأحداث والوقائع وأن الذكريات مجرد خبرات مشتركة بين افراد الجماعة الواحدة . واعتقد آخرون ان الذاكرة مجرد وظيفة مادية من وظائف الدماغ ؛أي أن الذاكرة ولو كنا نعيشها كظاهرة نفسية فهي في الحقيقة ظاهرة فزيولوجية جسمية تماما مع بعض الفرق هذا الأمر الذي يدعونا الى طرح المشكلة التالية : طرح الإشكالية: هل الذاكرة ذات طابع اجتماعي أم مادي بيولوجي ؟ التوسيع : عرض منطق الاطروحة(عرض القضية) :يرى أنصار النظرية الإجتماعية أن الغير هو الذي يدفعنا إلى تذكر الحوادث أي التي إشترك معنا فيها في الأسرة أو الشارع أو المدرسة ، وأن الذاكرة تعتمد على ذاكرة الغير،كما يرون أن الذاكرة ترجع إلى المجتمع فالفرد مهما اتسم شعوره بالفردية المتميزة إلى أبعد الحدود فإن جميع أانواع السلوك التي هي مواد ذكرياته تبقى وتضل إجتماعية ،فالذاكرة هي وضيفة إجتماعية تعتمد على إطارات تقدمها لنا الجماعة التي تنتمي إليها من أدلة. الحجة : إن أصل كل ذكرى الإدراك الحسي ، والإانسان حتى ولو كان منعزلا فإنه عندما يدرك أمرا ويثبته في ذهنه فإنه يعطيه إسما ليميزه عن المدركات السابقة ،وأن الفرد لا يعود الى الذاكرة ليسترجع ما فيها من صور ، إلا اذا دفعه الغير الى ذلك أو وجه اليه سؤالا ، فأنت مثلا لا تتذكر مرحلة الإبتدائي أو المتوسط إلا اذا رأيت زميلا لك شاركك تلك المرحلة ، أو اذا وجه إليك سؤالا حولها ، لذلك فإن معظم خبراتنا من طبيعة إجتماعية ، وهي تتعلق بالغير ، ونسبة ماهو فردي فيها ضئيل ، وفي هذا يقول هالفاكس ــــ (إنني في أغلب الأحيان حينما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر ... لأن ذاكرتي تساعد ذاكرته ، كما أن ذاكرته تساعد ذاكرتي) وقال أيضا :ــ ( إذا كان الفرد يتذكر ما لا يتذكره الآخرون فكأنه يرى ما لا يراه الآخرون فكأنه يعيش في وهم) ، ويقول أيضا ــ( ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من الخارج .). ، يقول : ب . جاني : ــ لو كان الإنسان وحيدا لما كانت له ذاكرة ولما كان بحاجة إليهاــ فالزمرة الإجتماعية التي أنتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها واللإنسان لكي يتعرف على ذكرياته ويحدد إاطارها الزماني والمكاني ، فإنه في الغالب يلجأ الى أحداث إجتماعية ، فيقول مثلا ( حدث ذلك أثناء ....... أو قبل ....... و في المكان ....... وعليه فالذكريات بدون أطر إجتماعية تبقى صور غير محددة وكأنها تخيلات. إذا رأي أصحاب هذه النظرية الإجتماعية بكونها أن الذكرى إدراك لا يخلو من إدراك الجميع من المجتمع فهو أي المجتمع هو الذي يعود لنا بالذاكرة لما نسترجعها من مكان الحفظ ،فكل الحوادث المشتركة تعتمد عليها ذاكرتنا وحججهم صحيحة في ذلك النقد : لو كانت الذاكرة ظاهرة إجتماعية بالأساس ، فيلزم عن ذلك أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين داخل المجتمع الواحد متماثلة ، وهذا غير واقع . ثم إن الفرد حينما يتذكر ، لا يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الغير ، فقد يتذكر حوادث شخصية لا علاقة للغير بها ولم يطلب منه أحد تذكرها ، كما هو الحال في حالات العزلة عندما نتذكر بدافع مؤثر شخصي ، مما يعني وجود ذكريات فردية خالصة، فصحيح أن الذاكرة تنظم داخل أطر إجتماعية ولكن ليس العامل الإجتماعي عاملاً أساسيا وكافيا لوحده لأنه بإمكان الفرد أن يتذكر شيئا ذا قيمة بالنسبة له وحده بالإضافة إلى أنه إذا كان تذكر الفرد يكون دائما من خلال ماضيه المشترك مع الجماعة فيكون ذلك معناه أن شعور الفرد جزء من شعور الجماعة وهذا أمر مستحيل. عرض نقيض الأطروحة : إن الذاكرة هي ظاهرة نفسية بيولوجية سيكولوجية ، فيرى أنصار النظرية المادية بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم ، أي الإنطباعات التي تحدثها الأشياء الخارجية في الدماغ وتبقي بقاءها على لوحة التصوير، أي أن الذكريات تترك لها آثاراً في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانة الإلكتروفون وبمعنى أصح أن المخ كالوعاء يستقبل ويخزن مختلف أنواع الذكريات ولكل ذكرى ما يقابلها من خلايا عصبية. الحجة : الذاكرة ترتبط بالدماغ ، وإصابته في منطقة ما تؤدي إلى تلف الذكريات من ذلك الفقدان الكلي أو الجزئي للذكريات في بعض الحوادث بعض أمراض الذاكرة لها علاقة بالإضطرابات التي تصيب الجملة العصبية عموما والدماغ على وجه الخصوص ، فالحبسة أو الأفازيا ( التي هي من مظاهر فقدان الذاكرة ) سببها إصابة منطقة بروكا في قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية للدماغ ، أو بسبب نزيف دموي في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، مثال ذلك الفتاة التي أصيبت برصاصة أدت الى نزيف في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، فكانت لا تتعرف على الأشياء الموضوعة في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها ، فهي تحوم حولها وتصفها دون أن تذكرها بالإسم ، وتتعرف عليها مباشرة بعد وضعها في يدها اليمنى، إن الدماغ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ويقول ريبو : " الذاكرة وظيفة بيولوجية بالماهية ونفسية بالعرض،ولقد استند ريبو إلى المشاهدات الباثولوجية ـ المرضية ـ( مثل الأمنيزيا وبعض حالات الأفازيا الحركية) ، وحسبه أن زوال الذكريات يكون عندما تحدث إصابات على مستوى الخلايا التي تحملها مثل الحبسة ، وبهذا تصبح الذاكرة مجرد خاصية لدى الأنسجة العصبية ، ويستدل ريبو أيضا بقوله أنه عندما تحدث إصابة لأحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم فإنه كثيراً ما تعود إليه الذاكرة بنفس الصدمة وهذا من أكبر الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها،فاذاكرة هي ظاهرة فزيولوجية جسمية تماما مثل عملية الهظم مع فرق وحيد أن الهظم وضيفة لا شعوريةــمثال:ــ المقطع الموسيقي تدركه عند السماع فالمنبهات الحسية، تنقله إلى الأعضاء أي الحواس من العصاب إلى الدماغ ثم تحدث إستجابة (معنى الإستجابة الإدراك)ومعنى هذا ان الإدراك يترك الآثار فيزيولوجيا ، على مستوى الدماغ ــ وعندما يحدث إدراكا مماثلا للعملية تشابه الأولى مباشرة ينبعث ذلك الإدراك السابق من سباته وتقع إستجابة أخرى وهو التذكر وبذلك فقد حاول أصحاب النظرية المادية أن يصور لنا علاقة الذاكرة أنهاعلاقة بيولوجية ومرتبطة بالدماغ كما يرونها علاقة صحيحة ومدعمة بحجج صريحة لا يوجد من يخالفهم على ذلك. النقد : إن ما يفند مزاعم أنصار النظرية المادية هو أن فقدان الذاكرة لا يعود دائما الى أسباب عضوية (إصابات في الدماغ) فقد يكون لأسباب نفسية ( صدمات نفسية ) ... ثم إن الذاكرة قائمة على عنصر الإنتقاء سواء في مرحلة التحصيل والتثبيت أو في مرحلة الإاسترجاع ، وهذا الإنتقاء لا يمكن تفسيره إلا بالميل والإهتمام والرغبة والوعي والشعور بالموقف الذي يتطلب التذكر .. وهذه كلها أمور نفسية لا مادية،و على الرغم من كل هذه الأدلة والحجج إلاّ أن هذه النظرية لم تصمد للنقد لأن التفسير المادي الذي ظهر في القرن 19م لا يمكنه أن يصمد أمام التجربة ولا أمام النظر الدقيق،ولأن المريض الذي أصيب بالصدمة والذي ذهب عنه التذكر إحتمال رجوع له القدرة على التذكر في حالة وقوع صدمات معينة،فهذه النظرية المادية مشكلة تبقى عالقة أمام كثير من النظريات الأخرى. تجاوز الموقفين أو التركيب) ومنه يتبين أن الذاكرة رغم أنها تشترط أطر إجتماعية نسترجع فيها صور الذكريات ونحدد من خلالها إطارها الزماني والمكاني ، بلإضافة إلى سلامة الجملة العصبية والدماغ على وجه التحديد ، إلا أنها تبقى أحوال نفسية خالصة ، إنها ديمومة نفسية أي روح ، وتتحكم فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات والميول والدوافع والشعور. ومن أمثلة ذلك قدرة الشاعر على حفظ الشعرأكبر من قدرة الرياضي . ومقدرة الرياضي في حفظ الأرقام والمسائل الرياضية أكبر من مقدرة الفيلسوف ... وهكذا , والفرد في حالة القلق والتعب يكون أقل قدرة على الحفظ , وهذا بالإضافة إلى السمات الشخصية التي تؤثر إيجابا أو سلبا على القدرة على التعلم والتذكر كعامل السن ومستوى الذكاء والخبرات السابقة ، وعامل الأثر و عامل الإهتمام وعامل الإنتباه . حل المشكل: (تجاوز) إن التذكر يتطلب جهد نفسي لإعتماده على طاقة نفسية وعضوية و التذكر في حقيقته ظاهرة فزيولوجية مادية جسمية تماما، كما لا يخلو من التذكر هي وضيفة إجتماعية تعتمد على إيطارات تقدمها لنا الجماعة التي تنتمي إليها من أدلة ، وهكذا يتضح أن الذاكرة ذات طبيعة معقدة ،ومهما كانت الكيفية التي يتم بها تحديد الذكرى فهي يتداخل ويتشابك فيها ماهو مادي مع نفسي مع ماهو إجتماعي ، بحيث لا يمكن أن نهمل أو نغلّب فيها عنصرا من هذه العناصر الثلاث.