الأساليب الإرشادية في تعديل السلوك غير المرغوب.بدائل العقاب البدني.فن التعامل مع مشكلات الاطفال والمراهقين
الأساليب الإرشادية في تعديل السلوك غير المرغوب0
( بدائل العقاب البدني )
التمهيد :
تتشكل شخصية الطفل خلال السنوات الخمس الأولى من حياته ، أي أن شخصية الطفل تتشكل قبل دخوله المدرسة بسنة واحدة تقريبا ، ، معنى ذلك أن تأثير الأسرة والمجتمع أقوى من تأثير المدرسة خلال هذه الفترة ، ولكن الطفل عندما يدخل المدرسة الابتدائية تواجهه صعوبات عديدة من أهمها الخوف من المدرسة ومن المجتمع الجديد الذي لم يعتد عليه وكيف سيترك أمه وينفصل عنها خلال ساعات المدرسة ؟، إنها صدمة كبيرة بالنسبة إليه ، ومن هنا فكر رجال التربية والتعليم بوضع برنامج هادف في المدرسة الابتدائية الهدف منه سرعة تكيف الطفل مع النظام المدرسي الجديد بالنسبة للطفل ولتسهيل عملية الانتقال من المنزل إلى المدرسة ،لاسيما للأطفال الذين لم يلتحقوا بالروضة والتمهيدي لذا فإن البيئة المدرسية بما فيها من مدير ومعلم ومرشد يستقبلون التلاميذ الجدد بالابتسامة وبالصدور الرحبة ، ويحاولون التعامل معهم كما لوكا نوا يتعاملون مع أبنائهم ، حتى يتأكدوا أن التلاميذ الجدد قد ألفوا الجو المدرسي واعتادوا عليه ، وتبدأ المدرسة حينها بإكمال ما بدأته الأسرة من تنشئة اجتماعية ، ولكن الطفل الصغير عندما يصدم بمشاهدة أحد المدرسين يضرب طفلا أو يزجره يكون هذا الموقف كافيا لهروب هذا الطفل من المدرسة ورفضه الذهاب لها 0
المرشد الطلابي الماهر والمرشدة الطلابية الماهرة هما اللذان يختاران الأساليب الإرشادية المناسبة مع كل الحالات التي يتعرضان لها في مدرستهما، وكلما أتقنا هذه الأساليب الإرشادية كان ذلك كافيا لممارسة وتطبيق الإرشاد الجيد في المدرسة ، ولا يعني ذلك أن هذه الأساليب خاصة بالمرشد أو المرشدة فممكن أن يطبقها الأب أو الأم في المنزل أو في مراكز التأهيل أووحدات الخدمات الإرشادية وهي بديلة عن العقاب البدني ( الضرب) والتوبيخ والاستهزاء والتحقير وبمعنى آخر هي لاتجرح مشاعر الطفل ولا تحط من قيمته أمام نفسه ولا تسسبب له الإحباط النفسي0
بعض الأساليب الإرشادية في التعامل مع مشكلات الأطفال والمراهقين :
إن تعامل الكبير مع الصغير مهم للغاية فبمقدار ما يأنس لنا الصغير ويرتاح معنا يكون في أيدينا التأثير عليه وتغيير سلوكه غير المرغوب فيه إلى الأفضل ،فهو كالعجينة في أيدينا كما قال بعض رجال التربية: أما إذا عاملناه بقسوة وشدة ، كما نعامل رجلا كبيرا يفهم ويعرف ماذا نريد منه؟ ، أو أنه أي الصغير يستطيع أن يفرق بين الخطأ من الصواب، فإن هذا الأسلوب مع الأسف الشديد لن يفيدنا شيئا في تغيير سلوك أطفالنا إلى الأفضل ، بل إن الأساليب القديمة والعقيمة لاتؤثر في سلوك الأطفال وتحسن من أوضاعهم لاسيما استخدام العقاب البدني ( الضرب) لأن هذا الأسلوب عفا عليه الزمن ولم يعد صالحا لتعديل سلوك الأطفال في ظل الأساليب الحديثة التي تراعي مشاعر الأطفال وتحترم شخصياتهم مع تحقيق الأهداف التي يريدها المربي، وإن أسلوب التربية بالحب وسعة صدر المربي والحكمة في التعامل مع مشكلات الأطفال هي أفضل الأساليب التربوية ، وبعد هذه المقدمة البسيطة يسرني أن أستعرض معكم أهم الأساليب الإرشادية في التعامل مع الأطفال والمراهقين كبدائل للعقاب البدني (الضرب)0
1*التصحيح الزائد ،
المقصود بالتصحيح الزائد أن المربي يلزم الطفل بإصلاح ما أفسده أو خربه ، فإذا كسر مثلا مزهرية فتلزمه والدته بإحضار مكنسة و من ثم يقوم بكنس الزجاج ويرميه في الزبالة وهذا هو التصحيح البسيط أما إذا كلفته والدته بعمل شيء آخر مثل مسح السيارة أو تنظيف الحديقة فهذا هو التصحيح الزائد ، فهو زائد على ما كلف يه الطفل سابقا ولهذا سمي بهذا الاسم ، وكتكليف الأم لابنتها بجمع لعبها المبعثرة ومن ثم تكليفها بغسل الصحون وهكذا أو عندما يكتب التلميذ على جدار الصف بعض الكلمات فعليه أن ينظف الجدار ، كذلك عندما يسي ء أحد التلاميذ لغيره فيطلب منه المعلم الاعتذار للتلميذ المعتدى عليه وإذا طلب المعلم من المعتدي الاعتذار لجميع طلاب الصف فيكون التصحيح حينئذ زائدا 0
أهداف التصحيح الزائد 0 ( عن كتاب / تعديل السلوك ، د(قحطان الظاهر ص191)
1. تقليل أو إطفاء السلوك غير المرغوب 0
2. تربية الفرد على تحمل المسئولية عن أفعاله 0
3. تدريب عملي لتعليم الاستجابة الصحيحة في المواطن التي يسيء الفرد التصرف فيها 0
4. تعريف الطفل بالصح من الخطأ0
ولكن لتطبيق التصحيح الزائد شرط أساسي فمثلا من غير المعقول أن المعلم يكلف طالبا قد شوه مكتبه بالكتابة عليه أن يقوم بتنظيف جميع مكاتب الطلاب في الحصة ، إذ لايمكن إصلاح الخطأ بالخطأ 0، إذ ربما عندما يمر الطالب وهو ينظف بقية المكاتب أن يستهزيء به أحد الطلاب مما يحدث أثرا سيئا في نفس الطفل 0
2-تكلفة الاستجابة :
• المقصود بتكلفة الاستجابة أن الطفل عندما يخطئ يفقد شيئا من المعززات التي حصل عليها ، فإذا كان الطفل مثلا ضرب أخته يؤخذ منه ريالين من مصروفه اليومي ، وأوضح مثال على تكلفة الاستجابة ، عندما يقطع السائق الإشارة يغرم مبلغا من المال يساوي حجم الخطأ أووقوف السائق في مكان ممنوع الوقوف فيه ، فإنه يغرم أيضا مبلغا من المال يساوي حجم هذه المخالفة 0
ومن فوائد هذا الإجراء انه سهل وبسيط التطبيق يمكن أن يمارسه المعلم في الفصل والأم والأب في الأسرة والاختصاصي النفسي في مراكز التأهيل والوحدات الإرشادية وهذا الأسلوب ليس عقابيا يجرح شعور الطفل ويسبب له خللا في شخصيته 0
3-الاشباع :
• المقصود بالإشباع هو : أن تشبع حاجة الفرد في ممارسة السلوك غير المرغوب فيه حتي يمل ويكره الشيء الذي أحبه ، مثال ذ\لك أن مريضة كانت منومة في مستشفى الصحة النفسية لاحظ عليها الخدم أنها تسرق الفوط (المناشف) وتضعهن في أدراج غرفتها ، وكلما سرقت قام الخدم بإعادتها إلى مكانها ، فقام أحد الأطباء بعلاج هذه الحالة عن طريق الإشباع بأن قال هذا الطبيب: اتركوها تأخذ ما تشاء ، وأدخلوا كمية أخرى لغرفتها من المناشف ففي بداية الأمر كانت مسرورة جد ا لأنها حصلت على هذه الكمية الكبيرة من المناشف ، ولكنها بعد مدة ضاقت ذرعا بها ، وطلبت من الخادمات إخراجها من غرفتها ، بعد ذلك لم تعد للسرقة مرة أخرى ومثال آخر عندما يزعج الطفل والدته بالكرة داخل المنزل فتقوم بمحاولة إيقافه عن لعب الكرة ولم تجد محاولاتها شيئا وأخيرا طلبت منه أن يستمر في ضرب الكرة لمدة ساعة على الحائط ، الطفل استمتع في البداية حتى مضت عشر دقائق ، ثم بدأ يشعر بالملل والتعب في بداية العشر الدقائق الثانية ، ثم بدأ يتوسل لوالدته بأن يتوقف عن ضرب الكرة في العشر الدقائق الثالثة ، ولكن أمه رفضت توسلاته وأصرت أن يستمر في ضرب الكرة ، ولكنها لاحظت بعد مضي نصف ساعة أن قواه بدأت بالانهيار، فسمحت له بالتوقف ، وبعدها لم يكرر هذا السلوك مرة أخرى 0 ، وهناك موقف آخر اشتكت الزوجة أن زوجها يطالبها بكثرة الطعام الذي تقدمه له ، مع أن الطعام المقدم عاديا وكافيا ولكن الزوج يراه قليلا ، فقامت الزوجة بتكثير الأكل وتنوعه وصارت تطالبه بإلحاح أن يأكل وتصر على ذلك وهي تلاحظه في بداية الأمر كان سعيدا إذ صار يأكل بشراهة ولكن بعد فترة مل من كثرة الأكل ، وصار يطالب الزوجة بتقليل الأكل فصارت تقلل الأكل شيئا فشيئا حتى ، حتى صار ماتقدمه شيئا عاديا ، ولم يطالبها زوجها بعد ذلك بزيادة تقديم الطعام ، واستطاعت زوجته أن تعالج شراهته للأكل بهذا الأسلوب الجميل
4-التعاقد السلوكي :
• وهو عبارة عن عقد بين المربي والطالب أو الأب والأم والطفل بموجبه يتفق الاثنان على ممارسة عمل ما نافع ومفيد كأداء الواجب المنزلي فإذا أخل الطفل بالشرط يفقد الميزة والمعزز ، يستخدم هذا الأسلوب مع الحالات التالية ( التأخر الصباحي ، السمنة ، التخريب ، العدوانية ، عدم أداء الواجب المنزلي ) مثال ذلك يطلب المرشد الطلابي من والد الطفل مبلغا وقدره 50 ريالا ، ثم يجتمع المرشد بالطالب ويقول له معي الآن 50 ريالا فإذا جئت في كل يوم وقد أديت واجبك المنزلي أعطيك 10ريالات وإذا لم تود واجبك لن تحصل على هذه ال10ويستمر المرشد مع الطالب حتى يتعود الطالب على أداء واجباته ويشرح لولي أمره السبب الذي دعاه لأخذ هذا المبلغ منه0
5-التعزيز الإيجابي :
• ويستخدم بعد حصول أوحدوث السلوك المرغوب فيه مباشرة كهدية رمزية أو ابتسامة أوحضن الطفل بعد إحضاره شهادة التفوق والنجاح أو أخذ الطالب في رحلة ترفيهية أو أي نشاط يحبه الطالب والمقصود بالتعزيز الإيجابي رغبة المربي في تكرار السلوك المرغوب فيه مستقبلا ، مع ملاحظة أن ألمعزز الذي يقدم للطفل ينبغي أن لا يسبق السلوك المطلوب ولا يفصل بينه وبين السلوك المرغوب فاصل ، مثال: عندما تريد أن تكافئ طفلا لأنه جلس مؤدبا في حضرة الكبار وأخرت هذه المكافأة حتى وضع الطفل إصبعه في أنفه ثم كافأته بعد ذلك فإن السلوك المعزز هو هذا السلوك غير المرغوب فيه ( وضع الإصبع في الأنف) كما أنه يشترط في المعزز أن يكون محبوبا للطفل غير مفروض عليه مما لايرغبه الطفل ، كما أن تقديم المعزز على السلوك المرغوب يفقد المعزز قيمته بدفع الطفل إلى عمل المطلوب 0
6-تعزيز السلوك المضاد،ويسمى أيضا بالبديل المتأخرأو المتضارب0 :
• يستخدم في هذه الحالة أسلوبان، الأسلوب الأول التجاهل ، الأسلوب الثاني التعزيز مثال ذلك الطفل العدواني الذي يضرب زملاءه ، يقوم المربي بتجاهل عدوانية الطفل فلا يعاقبه عليها ويركز على تعزيز السلوك المضاد وهو التعاون ويشجع الطفل على تعاونه ، ويمدح الطفل ويثنى عليه في كل موقف أظهر فيه الطفل تعاونه وانسجامه مع زملائه أو يعين الطفل العدواني عريفا للفصل أو حكما لكرة القدم 0 كما أنه يستخدم هذا الأسلوب في تعزيز مبدأ الصدق لدى الأطفال الذين يتعاملون بالكذب والخداع ، وتعزيز مبدأ الأمانة للطلاب الذين يمارسون الغش في الاختبارات أو يسرقون من حقائب زملائهم ، لقد ذكر لي أحد المرشدين اللامعين أنه استخدم هذا الأسلوب في مدرسته بمهارة فائقة بعدما كسب ثقة الطالب بأن كلفه بجمع أغطية علب البيبسي في الفسحة وقال له إذا جمعت 10أغطية أعطيك هدية ففعل الطالب ما كلف به فنفذ المرشد وعده ، فانشغل التلميذ عن أذى غيره من الطلاب ولاحظ مدرسوه تحسنه 0
يتبع