بحث عن " ابن النفيس " مكتشف الدورة الدموية الصغرى.بحث حول العالم الطبيب ابن النفيس
ابن النفيس
مكتشف الدورة الدموية الصغرى
ابن النفيس
هو علاء الدين علي بن أبي الحزم القرْشي، الملقب بابن النفيس، أعلم أهل عصره بالطب، وأشهر أطباء الحقبة التى تلت ابن سينا، وُلد عام 607ه - 1210م، في قرية قَرْشية ببلاد الشام. أتم دراسته للفقه، والحديث، وعلوم اللغة العربية من نحو، وصرف، وبيان، ومعان، وبديع في مدينة "حمص" وهو ابنُ الستة عشر ربيعاً، ثم رحل إلى دمشق لكي يدرس الطب في مستشفاها الكبير، المعروف آنذاك بالبيمارستان النوري.
مضت على أبى العلاء في دمشق عشر سنوات، صار فيها إماماً في علم الطب، وفي العام 633ه - 1236م انتقل ابن النفيس مع مجموعة من أطباء دمشق - كان من بينهم: عبداللطيف المهندس، ويوسف السبتى، وابن أبي أُصَيْبِعة - إلى القاهرة (عاصمة الدولة الأيوبية في ذلك الوقت) للعمل في البيمارستان الناصري، الذي بناه صلاح الدين الأيوبي، وذلك بناء على دعوة من الملك الكامل.
وضع ابن النفيس أربعة عشر كتاباً في الطب، منها: (شرح قانون ابن سينا)، و (المختار من الأغذية)، و (المهذَّب في الكُحْل)، و (شرح فصول أبقراط في الطب)، و (بغية الطالبين وحجة المتطببين)، و (بغية الفطن في علم البدن) ... وغيرها، وطمح إلى تجميع كل ما وصل إليه الطب في زمانه، في موسوعة طبية تضاهي موسوعة الحاوي في الطب لأبي بكر الرازي. فشرع في كتابة موسوعة طبية بعنوان: (الشامل في الطب) في ثلاثمائة جزء، لم يُقدَر له أن يكتب منها سوى ثمانين جزءاً. لكنه وضع لهذا الكتاب - وقبل أن يتمَّه - موجزاً أسماه: (الموجز في الطب). لكن أهم كتبه كان (شرح تشريح ابن سينا)، والذي صار به مفخرة من مفاخر الطب العربي، وقد قدم في هذا الكتاب رأيه في الدورة الدموية، مخالفاً بذلك ما كان يعتقده الفراعنة، وآراء جالينوس Galen (c.130-c.200 A.D)وأبقراط Hippocrates (c.460- c.377 B.C.)، وكذلك أطباء مدرسة الأسكندرية؛ فقد قال إن عدد تجاويف القلب اثنان وليس ثلاثة - كما كان يقول ابن سينا ومن سبقه - وقال إن اتجاه الدم يمر من التجويف الأيمن إلى الرئة، ويخالط الهواء بها، ثم يعود من الرئة عن طريق الشريان الوريدي (الوريد الرئوي) إلى التجويف الأيسر بالقلب، ومنه يُوَّزعُ على سائر الجسم.
وبهذا الرأى قدم ابن النفيس لعلم الطب نظرية جديدة تقول بدورة للدم بين القلب والرئة، وبين الرئة والقلب، فوضع بذلك أساس "الدورة الدموية الصغرى" أو الدورة الرئوية، قبل (وليم هارفي) William Harvey (1578-1657) بأربعمائة سنة، الذي وصف الدورة الدموية الكاملة (الصغرى والكبرى) في كتابه: "دراسات تشريحية لحركة القلب والدم في الحيوان" Exercitatio anatomica de motu cordis et sanguinis in animalibus.
ومن مصنفاته الأخرى: في المنطق: (شرح الهداية لابن سينا)، وفي السيرة: (الرسالة الكاملية في السيرة النبوية)، كما ألف كتاباً أسماه: (فاضل بن ناطق) على طريقة قصة (حى بن يقظان) لابن طفيل.
عاش ابن النفيس في القاهرة ستاً وخمسين سنة شهد خلالها أواخر الدولة الأيوبية، ودولة المماليك البحرية من بدايتها إلى نهايتها، وقيام دولة المماليك البرجية التي أسسها السلطان قلاوون، الذي كلفه ببناء بيمارستان جديد بالقاهرة أطلق عليه اسم: "البيمارستان المنصوري"، بذل في هذه الفترة العلم والجهد والوقت في علاج مرضاه، كما قاد الحملة لمكافحة الوباء الذي نزل بأرض مصر عام 671ه -1272م.
وفي يوم الجمعة، الموافق الحادي والعشرين من شهر ذى القعدة في العام 687ه - 1288م، لقي ابن النفيس ربه عن عمر يناهز ثماني وسبعين سنة، وهب فيها نفسه وحياته للعلم وعلاج المرضى، فقد عاش أعزباً وكان دائم القول: العلم والزواج لايجتمعان