مقال اجتماعي لمادة التعبير بعنوان وفاء الاصدقاء,مقال اجتماعي
الصداقة علاقة من أسمى العلاقات الإنسانية والاجتماعية تنفع الأصدقاء في الدنيا قبل الآخرة وقد ينتج عنها رباط قوي بين الأصدقاء وإن تباعدت أنسابهم يفوق رباط النسب والقرابة.وما أجمل الصداقة إذا بنيت على الحب الخالص المبرأ من المنافع الشخصية القائم على أساس من التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان وهذا النوع من الصداقة يجلب للأصدقاء رضى الله تعالى ورحمته.أما الصداقة التي تبنى على حب المنافع الشخصية أو على عامل إفساد مشترك فهي نوع من التعاون على الإثم والعدوان التي تجلب المضرة والحسرة في الدنيا والآخرة قال تعالى "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين"{67: الزخرف}وبعد هذه العداوة الظاهرة يأتي الندم غير النافع والحسرة غير المفيدة في هذا المقام "يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا"{28:الفرقان}.
وأمر سيدنا رسول الله واضح في هذا المجال حيث قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :"المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وقال عدي بن زيد :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن مقتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
والصديق المخلص في صداقته نادر جداً في هذا الزمان فعلى من ظفر به أن يتمسك به ولا يفرط فيه .ومن الحكم المنسوبة للإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه "ابذل لصديقك كل المودة ولا تبذل له كل الطمأنينة وأعطه من نفسك كل المواساة ولا تفض له بكل الأسرار" ومن حكمه الشعرية أيضاً:
هموم أناس من أمور كثيرة وهمي من الدنيا صديق مساعد
نكون كروح بين جسمين قسمت فجسماهما جسمان والروح واحد
وقال ابن المقفع:الأخ نسيب الجسم والصديق نسيب الروح.
وقال أفلاطون عندما سئل عن معنى الصديق: هو أنت إلا أنه غيرك.
وقال أرسطاطاليس:الصديق قلب تضمن جسمين.
وعلى العاقل إذا كثر أصدقاؤه أن يكون له منهم صفوة من ذوي العقول الراجحة والأخلاق الحميدة وليحذر أهل اللؤم والخسة إذا تأكد من لؤمهم وخستهم ولا يندم على ما فات من صحبتهم ويكفيه حسن النية في مدة صحبتهم وليسرع بالفرار منهم فرار السليم من الأجرب
يقول الشاعر: احذر مصاحبة اللئيم فإنه يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً إن الكذوب يشين حراً يصحب
يلقاك يقسم أنه بك واثق وإذا توارى عنك فهو العقرب
يسقيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما ويروغ الثعلب
ولغيره:
مالي أرى الشمع يضوي في مزاويه من صحبة النار أم من فرقة العسل
ما لم تجانسه فاحذر أن تجالسه ما ضر بالشمع إلا صحبة الفتل
كما أن عليه أن يصبر على هفوات من اصطفاهم لأن الإنسان مهما كان يعتريه النقص ولكن سرعان ما يعود إلى طبعه الأصيل أما إذا صار النقص له حالاً صارت صحبته محالاً.
وهناك فرق بين الصداقة والمعاملة العامة للناس والمطلوب من المرء أن يحسن الظن بالجميع ويعامل الناس بما عنده من خير لا بما يظهرونه من شر ومن جيد الشعر في هذا المجال
ارض من المرء في مودته بما يؤدي إليك ظاهره
من يكشف الناس لم يجد أحداً تصح منهم له سرائره
وقال آخر:
يكفيك من قوم شواهد أمرهم فخذ عفوهم قبل امتحان السرائر
فإن امتحان القوم يوحش بينهم وما لك إلا ما ترى في الظواهر
وإنك إن كشفت لم تر طائلا وأبدى لك التكشيف خبث الضمائر
وأخيراً:
من عاشر الأشراف عاش مشرفاً ومعاشر الأنذال غير مشرف
أو ما ترى الجلد الخسيس مقبلا بالثغر لما صار جلد المصحف.