تـعـريف التشريع , مزايا التشريع وعيوبه ,أنواع التشريع,اتجاهات التفسير,طرق التفسير
الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفصح من نطق بالضاد وعلى آله وصحبه الأمجاد ، وعلى من سار على طريقهم واقتفى أثرهم إلى يوم المعاد.أما بعد:ــ
يسعدني أن أقدم هذا الملخص البسيط عن تفســــير التشريع بين يدي أستـــاذي الدكتور/كمال رحيم بناء على رغبته ، عليه فقد اتجهت إلى الله سبحانه بأن يلهمني الصواب في هذا التلخيص و المتضمن النقاط التالية :-
× تـعـريف التشريع , مزايا التشريع وعيوبه ,أنواع التشريع,اتجاهات التفسير,طرق التفسـير .
r تمهيد:-
للقانون مصادر عدة فقد تكون مصادر رسمية مثل التشريع أو العرف أو الشريعة الإسلامية أو مبادئ القانون الطبيعي ، وقد تكون مصادر تفسيرية مثل القضاء والفقه ولكن في هذا الملخص لن نتطرق سوى إلى التشريع .
والتشريع / هو مجموعة القواعد العامة المجردة التي تصدر عن السلطة التشريعية ، كما تطلق كلمة التشريع على نفس القواعد التي وضعت عن طريق هذه السلطة مثلا يقال تشريع الضرائب والتشريع المدني والقواعد التي تنظم التجارة تسمى تشريعاً ، وعلى ذلك ، والقواعد التي تنظم المرور تسمى تشريع وهكذا … .
و التفسير هو تحديد معنى القواعد التشريعية التي تطبق على العلاقات الإجتماعية وبيان المراد منها توطئة للاستدلال على الحكم القانوني الواجب التطبيق
وللتشريع مزايا منها أنه يصدر في صورة مكتوبة وبعبارات وألفاظ محددة ، ويتميز أيضاً بسرعة إصداره وإلغائه وتعديله ، كما يؤدي إلى توحيد القانون داخل البلاد ، غير أنه يعاب لأنه لا يصدر من احتياجات الجماعة وكما يتسم بالجمود والتخلف عن مسايرة التطور .
هناك ثلاثة أنوع للتشريع ، الدستور والتشريع العادي والتشريع الفرعي ولكن بما أن هذه القواعد التشريعية تطبق على العلاقات الاجتماعية فمن الضروري أن يتم تحديد معناه من خلال ما يسمى بتفسير التشريع الذي سوف أتطرق إليه في هذا الملخص .
تفسير التشريع
تفسير التشريع هي عملية تهدف إلى تحديد مضمون القواعد القانونية تحديداً واضحاً والوقوف على ما تتضمنه من فروض وأحكام .
فهو عمل من أعمال القضاء يقوم به بمناسبة ما يعرض عليه من خصومات ، وهو من عمل الفقهاء حيث يقومون به في بحوثهم ، وهو أيضاً من أعمال المشرع من خلال ما يقوم به بتفسير بعض النصوص القانونية ، فالتفسير بطبيعة الحال لا يقع إلا عبارات وألفاظ غير واضحة لمعاني حيث يراد تحديد مدلولها .
أنواع التفاسير :
1-التفسير التشريعي
هو التفسير الذي يضعه المشرع بنفسه فقد يقدر المشرع عند وضع التشريع أن مقصده قد لا يكون واضحاً وأن ذلك قد يؤدي خلافاً في الرأي ، ولكن يمكن توضيح ذلك من خلال إصدار المشرع تفسير لهذا التشريع يبين حقيقة ما يقصده ، وقد يصدره لاحقاً ويسمى بالتشريع التفسيري ويتم تطبيقه من تاريخ صدور التشريع الأول بشرط أن لا يتضمن أحكام جديده .
والأصل في التفسير التشريعي أن يصدر من نفس الهيئة التشريعية التي أصدرت التشريع ولكن يجوز لهذا الهيئة تفويض غيرها للقيام بهذه المهمة ، ومن ميزات التفسير التشريعي أنه له أثر رجعي وانه ملزم ، والمشرع العماني أقر مبدأ الرجعية في هذا التفسير من خلال صدوره القانون رقم 3 لسنة 1973م لتفسير بعض التعبيرات والنصوص القانونية العامة .
2- التفسير القضائي :
هو التفسير الذي تتولاه المحاكم حينما تدعي إلى تطبيق القانون على المنازعات المعروضة عليها .
وأصل التفسير القضائي ليس ملزماً للمحكمة التي نطقت به ولمن يجوز لها أن تعدله مستقبلاً حتى لو كانت الوقائع متماثلة مع الوقائع المفسرة ، كما أن تفسير المحكمة الأعلى درجة لا يلزم المحكمة الأدنى درجة .
وقد خرج عن ذلك المشرع المصري عندما قرر في المادة ( 178 ) من الدستور الحالي أن تفسير المحكمة الدستورية العليا للتشريع ملزماً للمحاكم على اختلاف درجاتها .
3- التفسير الفقهي :
هو التفسير الذي يقوم على به الفقهاء في دراساتهم للقانون ، وليس له صفة إلزامية لأن الفقه ليس من المصادر الرسمية للقانون .
وهو له تأثير كبير على القضاة أو من المشتغلين بالقانون لتعديلاته المتواصلة والكثيرة نتيجة لتفسير وتحليل الفقهاء .
يتصف بالطابع النظري بعكس التفسير القضائي الذي يتسم بالطابع العلمي من خلال عملية نظر القضاة للدعاوى ، غير أن التعاون بين الفقه والقضاء يتيح لكل منهما الاستفادة والجمع بين الفوائد النظرية والعملية .
ثالثاً : طرق التفسير
يقصد بطرق تفسير الوسائل التي يهتدي بها المفسر لمعرفة حكم النصوص ، وهي تختلف فيما إذا كان النص محل تفسير سليماً أما كان النص معيباً .
1- تفسير النص السليم :
عند وجود النص السليم يجب على المفسر أن يقتصر على استخلاص المعنى من ألفاظ النص وعباراته أو ما يشير إليه من فحوى النص وألفاظه .
أ- المعنى المستفاد من عبارة النص وألفاظه :
هو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن عند قراءة النص وهو ما يسمى بالمعنى الحرفي للنص أو منطوق النص ، وإذا كان له معنيان لغوي واصطلاحي ، يأخذ على المعنى الاصطلاحي ما لم تظهر نية المشرع بالأخذ بالمعنى اللغوي .
ب- المعنى المستفاد من روح النص أو فحواه :
هو الذي لا يستفاد من عبارة النص ذاتها وإنما روح النص وفحواه ، ولا يلجأ إلى هذه الطريقة إلا في حالة التفسير الضيق ، وهي الحالة التي يكون فيها النص استثناء على قاعدة عامة ، وكذلك الحال بالنسبة للنصوص الجزائية .
ويتحدد المعنى المستفاد من روح النص وفحواه بأمرين هما إشارة النص ثم دلالته أو مفهومه .
إشارة النص :
هو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن من ألفاظه ، أي يشير إليه النص دون أن يصرح به .
مثال:
تنص المادة ( 1033 ) من التقنين المدني المصري على أن إذا كان الراهن غير المالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحاً إذا أقره المالك الحقيقي بورقة رسمية .
المعنى المستفاد من عبارة النص هنا: أن رهن ملك الغير يمكن تصحيحه إذا أقره المالك الحقيقي.
المعنى المستفاد من إشارة النص هنا : هو أن رهن الملك الغير ليس باطل بطلانا مطلقاً ، وإنما قابل للإبطال .
دلالة النص أو مفهومه :
هو المعنى الذي لا يظهر من عبارة النص ولكنه يظهر من روح النص أو فحواه ، فهو يستبدل عليه بالاستنتاج وهذا الاستنتاج يكون على طريقتين هما عن طريق مفهوم الموافقة أو عن طريق مفهوم المخالفة .
أولا ً : مفهوم الموافقة :
يكون في حالة وجود نص تدل عباراته على وجوب تطبيق حكم معين في حالة خاصة لوجود علة تقتضي هذا التطبيق ، فيستفاد من روح النص أو فحواه إمكانية انطباقه في حالة أخرى تتساو في العلة أو أن العلة تكةن أكثر ظهور من النص المقاس عليه .
فالقياس هو إعطاء حكم منصوص عليه لفرض آخر ، إما لإتحاد العلة بينهما فيسمى عندئذ القياس العادي ، أو أن الفرض الآخر أقوى درجة فيسمى القياس من باب أولى .
1- القياس العادي :
هو عبارة عن إعطاء حكم منصوص عليه لفرض آخر لاتحاد العلة في الفرضين .
ومن الأمثلة على القياس قوله تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا } .
حيث يدل هذا النص على حرمة أكل مال اليتيم والعلة في هذا التحريم هي الإعتداء على مال اليتيم ، فإذا تحققت هذه العلة في أفعالاً أخرى مثل تبديد مال اليتيم أو إغراقه أو إحراقه فيسري نفس الحكم .
2- القياس الجلي أو من باب أولى :
ويقصد به إعطاء حالة حكم غير منصوص عليها حكم حالة منصوص عليها ، لأن علة الحكم في الحالة الأولى أكثر قوة من الحالة الثانية .
ومن الأمثلة على ذلك :
حضر الاعتداء على الوالدين أو ضربهما مثلا ، وهذا قياس من باب أولى على قوله تعالى ( ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما ) فالنص يحرم التأفف من الوالدين على اعتبار إنه إيذاء لهما ، فمن باب أولى يثبت تحريم ضرب الوالدين أو ما يشابهها من حالات الإيذاء ، لأن الإيذاء هنا علة التحريم أقوى وأوفر .
ثانياً : مفهوم المخالفة :
ويقصد بها إعطاء حالة غير منصوص عليها عكس حكم حالة منصوص عليها ، إما لاختلاف العلة في الحالتين أو لاقتصار النص على هذه الحالة يفيد تخصيصها وحدها بالحكم الوارد ونفيه عن الحالات الأخرى .
مثال :
تنص المادة ( 93 ) فقرة أولى من التقنين المدني المصري ، من أنه إذا عين معاد للقبول التزم الموجب بالإبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد .
الحكم المستفاد من عبارة هذا النص ، هو أنه لا يجوز للموجب أن يعدل عن إيجابه طالما عين موعداً للقبول .
أما الحكم المستفاد من النص ، هو أنه إذا لم يعين ميعاداً للقبول أمكن للمعدل أن يعدل عن إيجابه .
2- تفسير النص المعيب :
يكون النص معيباً إذا ما وقع فيه خطأ مادي كزيادة أو نقصان حرف من الحروف أو نقص لفظ من ألفاظه أو شابه غموض ومن ثم أحتمل اكثر من معنى ، أو كانت أحكامه متعارضة مع نصوص أخرى .
وفي حالة وجود عيب من العيوب السابقة ، فإن المفسر يلجأ إلى تفسيره إلى عناصر خارجة عن التشريع ، حتى يعرف نية المشرع ويرفع ما في النص من عيب .
من أهم هذه العناصر هي الأعمال التحضيرية ، ويقصد بها المذكرات التحضيرية والمناقشات وأعمال اللجان وكل ما دار حول القانون حين إعداده حيث يستطيع المفسر معرفة نية المشرع والغرض من النص ، ولكن كثيراً ما تتضمن الأعمال التحضيرية آراء فردية لا تعبر عن نية المشرع .
ويمكــن أن يلجأ المفسر إلى المصدر التاريخي للنص القانوني ، لكي يتضح قصد المشرع ، فإذا كان مأخوذاً من قانون دولة أخرى فإن تفسير الفقه والقضاء في هذه الدولة سوف يساعده في معرفة القصد من النص ، وفي حالة أخذه من الفقه الإسلامي ، فإنه المفسرين يعتمدون على أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية .
كما أن المفسر قد يستعين لتحديد معنى النص بالبحث عن الحكمة من التشريع ، أي الهدف الذي قصد المشرع تحقيقه من وراء النص .
مثال :
في قانون الجزاء العماني المادة ( 280 ) نجد أن القانون شدد على جريمة السرقة إذا ما وقعت ليلاً ، فإذا أعتبر الليل ظرفاً مشدداً ، فهل يقصد الليل الفلكي وهو من بداية غروب الشمس حتى شروقها أما يقصد الظلام ، فإذا عرفنا الحكمة التي يصبو إليها المشرع من العقاب هنا أن الذي يرتكب جريمة السرقة بالليل يستطيع أن يستتر بالظلام من ناحية وترويع الناس من ناحية أخرى ، لتبين أن المقصود من الليل في النص القانوني هي الفترة التي تسود فيها الظلمة ويستطيع المفسر أن يفهم معنى النص بتقريب الألفاظ الغامضة الأخرى الموجودة بالنص .
أنتهى بحمد الله ،،،