الطّبيعة والإنسان... !
السند:
كان يومُ الأحد أَوَّلَ يوم من فصلِ الرّبيعِ، وكانت جميعُ هذه المخلوقاتِ التي تعمر هذه الأرياف من جبال ووديان وأشجار وأزهار وحيوانات من حوش وطيور، كلّها تنتظر بفارغ صبرها طلوعَ الشّمس من مخبئها، عندما بزغَتِ الشمسُ وظَهَرَ لأولِ مرَّةٍ منذ
أشهر طوال، أَوَّلُ شُعَاعِها يلمع كأنَّه قضيبٌ ذهبيٌّ مرصَّعٌ بلآلِئ دُرِّيةٍ، فازدهرت الأزهار وأخذتِ العصافير تغني أجمل ألحانها وخرجت الوحوش من أدغالها لتشاهد هذا المنظر الفَذّ البديعَ، ولم تكن هذه الحيواناتُ وهذه النباتاتُ وحدها محتفِلةً بهذا اليوم الجميل،
بل كان بينهم من النّوع الإنسانيّ من يشاركُهم في أفراحهِم، وهو «عليّ » الشابّ الرّيفيّ الّذي كان جالسا على هَضَبَةٍ يشاهد من بعيد غَنَمَهُ تَرْعى، وهو يعزف بكلّ قواه على مزماره، وفي تلك اللّحظة، ظهرت امرأة تحمل بين يديها طفلا صغيرا، تمشي بخُطوات سريعةٍ قاصدة البحيرة وهي مُصْفَرَّةُ الوَجْهِ مضطربة الفكر باكيّةُ العين.
وضع عليّ مزماره، وطَفَقَ يلاحظها من دون أن تراه، وهو يتعجّب من الباعث الّذي أتى بها في هذا الصَّباحِ الباكرِ، وما هي إلاّ بُرْهةٌ قصيرة حتى وصلت المرأة إلى ضفاف البحيرة ووضعت حِمْلَها على الرَّمْلَةِ النّاعمةِ، وهو ولدٌ صغيرٌ ) لا يتجاوز عمْرُهُ بضعةَ
أشهر(. وأخذت هذه الأمّ العجيبة تتأمّله آنا، والبحيرة أخرى، ثم انحنَتْ على الطّفل وطبعت على خدَّيْه قُبلتينِ حارّتينِ وعيناها تَسُحَّان العَبَراتِ ثم انتصبت قائمة، وبعدما ألقت عليه نظرة أخيرة كلّها عطف وحنان خاطبته قائلة:
- الوداع يا عزيزي ! أنت في كنف الله يا بني ورعايته ! ثم قَفَلَتْ راجِعةً من حيث أتَتْ، وقلبها يَقْطُرُ دما، ولكنّ عليا الّذي كان يشاهد من أعلى الهضبة هذا الحادث المؤلم، قفز من مكانه منطلقا كالبرقِ يريد إدراك هذه المرأة، وبمجرّد ما أحسّت به خرجت عن شعورها والتفتت نحوه صارخة في وجهه:
- دعني ! ، اتركني ! ، خذوه إن شئتم، واعطفوا عليه إنه بَرِيءٌ لا ذنب له.
أحمد رضا حوحو (بتصرف)
دليل الأستاذ للسنة الأولى من التعليم المتوسط ص139
أفهم النّصّ:
بمَ افتتح الكاتب نصّه ؟
اِستخرج من النّصّ: الزّمان والمكان والشّخصيات.
لماذا كانت المرأة مصفرّة الوجه مضطربة الفكر باكية العينين ؟
من الّذي كان يراقبها من أعلى الهضبة متعجبا من حالها ؟
ما سرُّ مجيء المرأة في هذا الوقت إلى البُحيرة ؟
ماذا قالت لِعَلِّ ؟
أعودُ إلى قاموسي:
أفهمُ كلماتي:
بَزَغت: طلعت وظهرت. طَفَقَ: أخذ. الباعث: الدافع، السّبب، تسُحّان: تسيلان.
كنف الله: رعايته وحفظه.
أَ شْرحُ كَلِمَاتِي:
انتصبت. قفلت راجعة.