لقد كان في قصصهِم عِبْرة لأُولِي الأَلباب.الساعات الاخيرة.وقفات مع الساعات الاخيرة
لنتوقف عند لحظة لا ككل اللحظات , عند ساعة لا ككل الساعات
عند اللحظة التي يكون بعدها الإنسان في عداد الأموات ..
عند الساعة التي يداهمك فيها هادم اللذات
"وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ"
وفي تلك اللحظة تلك الساعة عبر وعظات وقصص ووقفات .
فهل تسمح لي أن أحدثك ببعض هذه القصص
علها تحرك القلوب إلى علام الغيوب وتزيد همم النفوس إلى جنات الفردوس
"لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ "
وأذكرك قبل هذه القصص بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم:
"يبعث كل عبد على ما مات عليه"
ساعة الرحيل .. قصص وعبر ..
القصة الأولى:
كان هناك رجل وكان عابداً صالحاً فاضلا ..
نزل إلى مكة محرماً هو وبعض أصحابه فجاءوا وقد انتهت صلاة العشاء فتقدم يصلي بهم وهو محرم في الحرم وهو في سبيل الخير وخارج لله عز وجل فقرأ سورة الضحى ولماا بلغ قوله عز وجل: "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى "
شهق ..
فلما قرأ: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"
سقط فمات عليه رحمة الله
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) "
القصة الثانية:
كان أحدهم مؤذنا منذ شبابه فكف بصره فبقي مؤذنا
ثم انتقل أهله وأقاربه إلى حي بعيد عن الحي الذي يؤذن فيه
فاشترط عليهم أن يأتوا به قبل الظهر ليؤذن ويبقى في المسجد حتى ما بعد صلاة العشاء
واستمر على هذه الحالة سنوات عدة حتى أصابه المرض وأقعده
وفي يوم من الأيام وكان مريضا إذا هو يطلب من أولاده الذهاب إلى دورة المياه وأحس بنشاط ملحوظ
ثم ذهب وتوضأ وبعد أن رجع أذن وأقام وفي منتصف الإقامة سقط ميتاً رحمه الله
وحيث كان قلبه معلقاً بالأذان سنوات طويلة ختم الله له بهذه الخاتمة الطيبة
إذا ما الليل أظلم كابدوه * * * فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا * * * وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهـم سجود * * * أنين منه تنفرج الضلوع
يقول صلى الله عليه وسلم
"ثلاثة على كثبان من المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون ....."
وذكر منهم رجل ينادي للصلوات الخمس
واعلم رعاك الله أن من الناس من يموت بالقرآن أي بسبب القرآن
وإليكم هذه القصة:
علي ابن الفضيل ابن عياض شاب رقيق القلب كثير الدمع
لا تذكر عنده جنة أو نار أو موت أو قبر أو غير ذلك من أمور الآخرة إلا ويبكي
وكان والده إماماً لأحد المساجد كان إذا علم أن ابنه خلفه قرأولم يفوه ولم يحزّن
وإذا علم أنه ليس خلفه قرأ القرآن بصوت محرك للقلوب مبكٍ للمصلين
وذات يوم ظن الفضيل أن ابنه ليس خلفه فقرأ من سورة المؤمنون .. حتى بلغ قوله تعالى في وصف أهل النار:
"قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) "
فخر علي مغشياً عليه .. فعلم أبوه أنه خلفه .. فخفف الصلاة
وبعد الصلاة رُش ابنه بالماء فأفاق ومرت الأيام وفي إحدى الصلوات ظن الفضيل أن ابنه ليس خلفه أيضا
فقرأ من سورة الزمر حتى بلغ قول الله تعالى:
"وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"
فخر الابن مرة أخرى ولكنها لم تكن كالأولى ..
رشوه بالماء بعد الصلاة فلم يفق حاولوا إفاقته بشتى الطرق فلم يفق
أتدري أخي ماذا حدث ؟ له لقد مات ،، نعم مات وهو يصلي
أما الموقف الأخير فهو مع شباب أخيار -ولا نزكيهم على الله- خرجوا من بلدهم قاصدين بيت الله الحرام لأداء العمرة وبعد ما يقارب العشرة أيام من التضرع والخشوع والدموع في الصلوات والتلذذ بالطاعات وتفطير الصائمين والقيام مع القائمين وفي طريق عودتهم وبينما كان شيخهم يقرأ عليهم في أحد كتب التفسير تفسير قوله تعالى:
"وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً"
إذ بسيارة في الاتجاه المعاكس للطريق تصتدم بسيارة الشباب
وكانت النتيجة وفاة ستة من الشباب من ضمنهم الشيخ واثنان منهم من حفظة كتاب الله .
نسأل الله أن يجمعنا وإياهم ...
"مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً "
أسال الله العلي القدير ان يحسن خواتم أعمالنا ..